إعداد القادة العسكريين وتطوير مهاراتهم

ابو حامد

عضو مميز
إنضم
14 مارس 2008
المشاركات
1,109
التفاعل
15 0 0
إعداد القادة العسكريين وتطوير مهاراتهم

القائد في منظور الإسلام صاحب مدرسة ورسالة يضع على رأس اهتماماته إعداد معاونيه ومرؤوسيه وتأهليهم ليكونوا قادة في المستقبل ويتعهدهم بالرعاية والتوجيه والتدريب بكل أمانة وإخلاص، وتقوم نظرية الاسلام في إعداد القادة وتأهيلهم على أساليب عديدة وهي أن يكتسب القائد صفات المقاتل وأن يتحلى بصفات القيادة وأن يشارك في التخطيط للمعارك ويتولى القيادة الفعلية لبعض المهام المحددة كما لو كان في ميدان معركة حقيقي، وأن يكون ملماً بجميع أعمال مرؤوسيه ومن تحت قيادته حتى يستطيع أن يناقشهم في خططهم التخصصية لأن المعركة هي معركة أسلحة مشتركة وليست معركة سلاح بعينه، واذا لم يتحقق التزامن والتوافق بين جميع أنظمة المعركة في ميدان القتال فستكون النتيجة الفشل.

القائد في منظور الإسلام صاحب مدرسة ورسالة يضع على رأس اهتماماته إعداد معاونيه ومرؤوسيه وتأهليهم ليكونوا قادة في المستقبل ويتعهدهم بالرعاية والتوجيه والتدريب بكل أمانة وإخلاص، وتقوم نظرية الاسلام في إعداد القادة وتأهيلهم على أساليب عديدة وهي أن يكتسب القائد صفات المقاتل وأن يتحلى بصفات القيادة وأن يشارك في التخطيط للمعارك ويتولى القيادة الفعلية لبعض المهام المحددة كما لو كان في ميدان معركة حقيقي، وأن يكون ملماً بجميع أعمال مرؤوسيه ومن تحت قيادته حتى يستطيع أن يناقشهم في خططهم التخصصية لأن المعركة هي معركة أسلحة مشتركة وليست معركة سلاح بعينه، واذا لم يتحقق التزامن والتوافق بين جميع أنظمة المعركة في ميدان القتال فستكون النتيجة الفشل.
إن الإعداد السليم للقائد يستلزم تدريبه لإنجاز كافة المهام وان مذهبنا العسكري الاسلامي قد حدد عناصر هذا الإعداد وهو ما سنشرحه في العناصر التالية. ووفق العقيدة العسكرية الإسلامية فإن إعداد القادة العسكريين يتم باتباع عدد من الإجراءات والخطط على النحو التالي:


أولاً - مجالات التدريب


إن من أهم نشاطات التدريب: الحفاظ على لياقة الفرد وصحته وبنيته لأن الفرد بدون صحة وقوة لن يستطيع إنجاز مهامه وخاصة في ظروف القتال وبالتالي يجب على الوحدات الاهتمام بعنصر اللياقة البدنية وبناء الأجسام. ثم يأتي دور التدريب على الاسلحة المختلفة وتقنيتها واسلوب الرماية بها وخاصة بعد ان تطورت انظمة الرماية والأجهزة البصرية واحتاجت الى عقول ناضجة متفتحة تستطيع التعامل مع التكنولوجيا المعاصرة. ثم التدريب على فنون الحرب في ظروف المعركة المختلفة وخاصة في بيئة قد يستخدم فيها أسلحة الدمار الشامل وخاصة المواد الكيماوية، وكيف أقاتل وأرتدي اللباس الكيماوي وكيف أطهر نفسي وسلاحي ومركبتي، ثم دراسة العدو دراسة وافية وتعلم لغته ومعرفة اساليب قتاله حتى تتعامل معها بالمثل وبخطط لها دون اي مفاجأة.


ثانياً: مبادئ التدريب


من اهم مبادئ التدريب: الاستمرارية في اعمال التدريب ليلاً ونهاراً وفي مختلف الظروف الجوية وعلى الأراضي التي تشابه ارض المعركة الحقيقية مع ملاحقة مستويات الكفاءة المعاصرة وما يستجد في ساحة القتال من اساليب قتال حديثة او تطور في اسلحة القتال وعدم السير على نمط واحد، بل يجب ان يتنوع التدريب وان تتغير الخطط مع خلق مواقف معركة مفاجئة وغير متوقعة حتى تتعامل مع اسوأ المواقف التي يمكن ان تتعرض لها في ميدان القتال، وهذا يتطلب تغيير المناهج وكراسات القتال بما يحدث من تطور على مستوى العالم، وان نشجع روح الابتكار وتبادل الرأي، وأن نخرج بدروس مستفادة من عمل تدريبي ونقاط قوة وضعف حتى نعالج كل ذلك في التدريب القادم وحتى نصل بمستوى القادة والافراد الى التلقائية في اتخاذ القرارات الصائبة.
كما يجب ان نبثّ روح التنافس الشريف بين الجميع حتى يبرز لنا العناصر ذات الكفاءة التي يعتمد عليها كأساس لتدريب الآخرين.
هذا وان استخدام مساعدات التدريب المختلفة والعمل على تطويرها بصفة مستمرة عامل هام لرفع مستوى التدريب ونركز على استخدام المشبهات بأنواعها المختلفة وخاصة في رماية الاسلحة واستخدام الاجهزة البصرية واجهزة قياس المدى والحسابات الإلكترونية المعقدة التي تستخدم في الاسلحة او في مراكز القيادة والتي تساعد على سرعة اتخاذ القرار.


ثالثاً: صفات القائد والمدرب


يجب ان تتوفر في القائد والقائم بالتدريب صفات وقدرات معينة حتى يحقق التدريب نتائجه ولا يضيع الوقت هباءً منثوراً ومن أهم هذه الصفات العلم فيجب ان تكون لديه الخلفية الكاملة عن موضوع التدريب ويكون جاهزاً للاجابة عن اي سؤال حول موضوع التدريب كما يجب ان يكون قدوة ومثالاً يُقتدى به ولديه القدرة على الحجة والبيان وان يراعي ظروف من تحت التدريب من حيث قدراتهم الجسمانية او العقلية حتى ينزل الى المستوى الذي يصل بالجميع الى مستوى التدريب المطلوب.
وينبغي ان يكون بعيداً عن الغرور والتكبر لأن ذلك من مفاسد القلب و سوء الخلق بل يجب ان يتوفر التواضع والحلم وسعة الصدر والرجوع الى الحق اذا أخطأ كما يجب توفر صفات اساسية في القائد واهمها الإيمان لان قوة الايمان هي اساس كل عمل وبدون ايمان يفشل كل عمل مهما كان مستواه. وان يتوفر فيه القدرة البدنية والعصبية بحيث يتمالك نفسه عند الغضب وان يكون لديه الحماس والشغف بالعمل ولديه القدرة على البت في الامور بحكمة ودون تردد وان يكون عادلاً في معاملته لافراده ولا يجعل العلاقات الشخصية هي اساس التميز بل العمل فقط حتى لا ينشر الحقد والغيرة بين الافراد مما يسبب الفرقة والعداوة داخل وحدته وهي من اكبر العوامل التي تؤدي الى الانهزامية والاحباط. وان يكون ماهراً وخبيراً في عمله وملماً بكل صغيرة وكبيرة في وحدته وان يتأكد بنفسه من كل امر ولا يكتفي فقط بالسماع من الآخرين وان يشرف بنفسه على العمل، وان يكون لديه الفطنة والذكاء.
ان من اهم صفات القائد الاعتقاد بالقيم والمثل الدينية والاخلاقية التي تمده بالطاقة وتحدد له الهدف والاغراض التي يعيش من اجلها وان اكثر القادة الذين انتخبهم التاريخ كانوا يمتازون بالاعتقاد العميق بهدف معين ومحدد يعيشون من اجله، فمثلاً لقد جعل الإيمان من عمر بن الخطاب رجلا من اعظم رجالات القيادة والادارة وكان موضع احترام وحب العرب ومع ذلك كان زاهداً في الدنيا.
كذلك الامر مع خالد بن الوليد الذي كان لا يعدو مجرد فتى من فتيان قبيلة قريش حوله الإيمان الى قائد من اعظم قادة التاريخ.
والقائد الذي يدخل معركة دون الاقتناع والإيمان المطلق بعدالة الاهداف التي يحارب من أجلها فإن فرصته في النصر تكون ضعيفة مهما كان لديه من رجال ومعدات.
كما يجب ان يتوفر في القائد الجيد القدرة على البت في الامور بعد ان يكون قد وصل الى الحل الذي يعتقد انه الحل الأفضل.
ويمكن حصر بعض القدرات اللازمة للقائد الكفء في الآتي:
1- القدرة على ادارة المناقشات الجماعية.
2- الحكمة في اصدار الاوامر واتخاذ القرارات.
3- المهارة في معاملة الناس.
4- القدرة على توقع المشكلات قبل وقوعها حتى لاتفاجئه وهو غير مستعد لها.
5- التأكد من ان الجميع يتبعونه وأنهم يعملون معه لا من اجله.
6- ان يكون سلوكه ودوداً طبيعياً مع من تحت قيادته دون ان يرفع الكلفة بينه وبينهم.
7- القائد القدير هو الذي يستطيع ان يخفض قلقه وخوفه من نتائج اي ظرف طارئ او قرار اتخذه او موقف غير متوقع حتى لا يسيء افراد الجماعة تفسير هذا القلق.


رابعاً: مسئولية بناء القادة


1- القيادة أمانة ورسالة:
ومن المبادئ التي تستخلص من سنة الرسول صلى الله عليه وسلم في القيادة وإعداد القادة ان القيادة امانة ورسالة وان إعداد الرجال ليكونوا قادة من اسمى مهام القيادة وان قيمة اية قيادة تقاس بمقدار ما صنعت وقدمت لأمتها من رجال صالحين لتولي القيادة.
يقرر عليه الصلاة والسلام ان القائد الذي يريده الاسلام هو القائد المعلم الذي يدرك مسئوليته نحو رجاله فيجعل على رأس اهتماماته إعدادهم للقيادة، وتعهدهم بالتدريب والتوجيه، ومن ذلك أن يفوض إليهم بعض الصلاحيات، ويعهد اليهم ببعض المهام، ويسند اليهم القيادة تحت رعايته واشرافه.
2- الأسوة الحسنة:
القائد المسلم صاحب مدرسة ورسالة ويدرك تمام الادراك ان قيامه ببناء القادة من رجاله من أسمى واجباته وأمانة في عنقه فنراه يقبل أداء الوجب وعلى الوفاء بالامانة بكل حماسة واخلاص وحيوية دافقة، وذلك بعض ما ينطوي عليه قول الرسول صلى الله عليه وسلم "كلكم راعٍ وكلكم مسؤول عن رعيته " ولقد كان الرسول صلى الله عليه وسلم هو المعلم الذي ينزل عليه الوحي برسالة الاسلام ليبلغها للناس، وصاحب المدرسة التي تخرج منها قادة وعباقرة حروب ورجال إصلاح وعلماء ورواد حضارة حملوا مشاعل الحرية والنور والعلم للإنسانية جمعاء.
وقد بلغ عدد قادة الفتح الاسلامي مئتين وستة وخمسين قائداً، منهم مئتان وستة عشر قائداً من صحابة الرسول القائد صلى الله عليه وسلم واربعون من التابعين بإحسان -رضوان الله عليهم اجمعين- وهؤلاء الذين حملوا رايات المسلمين شرقاً وغرباً، فامتدت فتوحاتهم في اقل من مئة عام من حدود الصين شرقاً الى شاطئ الاطلسي غرباً.



خامساً: منهج إعداد القادة


ويقوم منهج إعداد القادة الذي قرره الرسول القائد صلى الله عليه وسلم على الاسس التالية:
1- اكتساب القائد للقدرات القتالية:
يقرر الرسول عليه الصلاة والسلام ان بناء المقاتل أساس لبناء "القائد" فلا يقود المقاتلين في المعركة إلا مقاتل، من أجل ذلك حرص عليه الصلاة والسلام على تدريب أصحابه على القتال بالأسلحة المعروفة في عصره كالرماية بالسهام والطعن بالرمح والحربة والضرب بالسيف، وعلى الفروسية والقتال على الخيل، عن عقبة بن عمر رضي الله عنه قال "صعد رسول الله صلى عليه وسلم المنبر يوما، فقرأ قوله تعالى "وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة" ثم قال: الا إن القوة الرمي، إن القوة الرمي، إن القوة الرمي" "رواه مسلم".
وبلغ من تشجيعه صلى الله عليه وسلم على التدرب على الاسلحة أنه سمح باتخاذ المسجد ميدانا للتدريب كما رغّب المسلمين في اقتناء الخيل والعناية بها وإعددها للحرب" وقد ضرب الرسول القائد صلى الله عليه وسلم بنفسه المثل في مجال التدريب على فنون القتال، فكان يشارك رجاله في التدريب وكان يصرع الرجل القوي ويركب الفرس عارية فيروضها على السير، وكان يداعب من يخيب بالمسابقة في العَدْو.
2- المشاركة في التخطيط للمعارك:
وشجع الرسول صلى الله عليه وسلم أصحابه ليشتركوا في التخطيط الحربي بالتفكير والمناقشة وإبداء الرأي، وهو في ذلك يطبق مبدأ الشورى الذي امره الله تعالى به في قوله: "فبما رحمة من الله لنت لهم ولو كنت فظا غليظ القلب لانفضوا من حولك فاعف عنهم واستغفر لهم وشاورهم في الامر فإذا عزمت فتوكل على الله إن الله يحب المتوكلين"(آل عمران 159).
وكان عليه الصلاة والسلام شديد الحرص على مشورة اصحابه حتى قال عنه ابو هريرة رضي الله عنه: "ما رأيت احداً قط كان اكثر مشورة لأصحابه من رسول الله صلى الله عليه وسلم".
وتعود المشاركة في التخطيط على قادة المستقبل بعدة فوائد، نذكر منها مايلي:
- التدرب على فن التفكير والتعبير عن الرأي.
- التدرب على حل المشكلات بالطريقة العلمية التي تعد المدخل الصحيح للوصول الى القرار والخطة السليمين.
- التدرب على الميادين وعلى التصرف السليم في المواقف الطارئة دون العودة للقائد الأعلى.
- التدرب على قاعدة "اشتراك المنفذين في التخطيط" والاقتناع بما تحققه من نتائج طيبة في التنفيذ وتحقيق الاهداف فسوف يتعلم القادة ان هناك فرقاً كبيراً بين ان تكتفي القيادة بإصدار القرارات التي "يتعين" على المرؤوسين تنفيذها، وبين ان تحرص على اشتراك هؤلاء المرؤوسين في عملية التخطيط قبل أن تصدر قرارات التنفيذ.
- وتتيح المشاركة في التخطيط للقائد فرصة اكتشاف أصحاب المواهب بين رجاله.


سادساً: طرق التدريب على القيادة


1- الملاحظة والخبرة الشخصية العارضة:
تعلم معظم من يشتغلون في مراكز القيادة اليوم ما تعلموه عن القيادة من ملاحظة قادتهم ومن خبراتهم الشخصية في الجماعات. ومما لا شك ان التعلم بالملاحظة والعلم كان وسوف يظل دائماً الطريقة الاولى في تدريب القادة. ولكن هنا خطر في هذا النوع من التدريب وهو انه سيعطينا قادة تعلموا المهارات والمعلومات اللازمة لاعمال معينة، وربما بعض الحيل والوسائل، دون ان يكتسبوا الفهم والتبصر بالسلوك الجماعي الذي ينطبق على كل الجماعات، في كل المواقف، ودون ان يكتسبوا المهارة والرغبة في إنماء إمكانيات القيادة عند الآخرين. وهي أبعاد جديدة هامة تفرضها علينا الاتجاهات الحديثة في نظريات القيادة.
2- الطرق الشكلية لنقل المعلومات وتعليم المهارات:
وتتمثل هذه الطرق في المحاضرات والمناقشات ودراسة الحالات، والتدريب العملي على القيادة مثل التدريب على إدارة مناقشات معينة او رئاسة لجان معينة، وإدارة عمليات معينة وذلك ليكتسب المتعلم المهارات اللازمة لأعمال معينة.
3- تغيير الاتجاهات عن طريق اكتساب المتعلم خبرة مباشرة منظمة، وتبصّره بنتائج الطرق القيادة المختلفة حتى يجد دافعا لتغيير اجراءاته الى ما هو أحسن.
4- تكوين الفرص المناسبة للتغيير عن طريق التشجيع المستمر على تجريب الطرق القيادة المحسنة بصورة يمكن معها تطبيق المعرفة والمهارات واستغلال الدافع الي العمل.


سابعاً: دور المعاهد العسكرية


في صنع القادة
إن أخطر ما تتعرض له الجيوش المعاصرة يكمنُ في أن تخوض معركة جديدة بمفاهيم قديمة، بل إن هذا هو ما ينصبّ عليه اهتمام عناصر تحليل المعارك والعمليات الحربية التي تنشط مع كل قتال لتستخلص منه الدروس المستفادة الواجبة التطبيق فيما قد يتلو من معارك حتى لا يتكرر الخطأ نفسه مرتين.
وبالمثل فإن المعاهد والكليات العسكرية تبذل قصارى الجهد لتمكين طلبتها من الاحاطة بالمحتوى الصحيح لمعركة الغد، والتفكير المنطقي في عناصرها القتالية والادارية والفنية، وركائز النجاح والفشل الدقيقة، وسائر العوامل الإيجابية الاخرى التي تضمن لهم النصر.
وفوق كل ذلك فإن هذه المعاهد والكليات العسكرية لا تغفل عن دورها الأهم في تدريب هؤلاء الطلبة على العمل المشترك والتعاون بروح الفريق حتى تتضافر جهودهم وتوجه نحو تحقيق الهدف المنشود بأكمل صورة وأقل تكلفة وأسرع وقت مستطاع.
وكما تهتم المعاهد والكليات العسكرية بتزويد طلبتها بالعلوم والفنون والثقافات والمهارات التخصصية، تهتم ايضاً بصقل ملكاتهم القيادية الموروثة والمكتسبة، والكشف عما في جوهر كل طالب وداخل وجدانه من قدرات، مع غرس روح الانضباط التلقائي في ضميره والاصرار على اداء الواجب بالغة ما بلغت العراقيل والمعوقات التي قد تعترض طريقه.
ومن الطبيعي ان تبرز الحاجة الماسة الى تطوير مناهج تعليم وتثقيف وتدريب هؤلاء القادة بما يتناسب مع تنامي تلك القدرات القتالية للوصول بهم الى مستويات قيادية أفضل، خاصة وقد صارت الجيوش تستقبل كل عام الكثير من العتاد الجديد، الذي يحتاج أغلبه الى دورات تدريب خاصة لإحاطة القادة والقوات بخصائصه وقدراته ودوره في المعركة المشتركة حتى يتقنوا استخدامه في المهام المناسبة والاماكن الصحيحة.
كما ان من المهام الرئيسية لتعليم الطلاب الضباط في الكليات العسكرية والضباط القادة في المنشآت التعليمية: التدريب على القيادة العسكرية من خلال تطوير القدرات الإبداعية لقادة المستقبل وتحسين عمليات نشاطهم الذهني. ويجب ان يعتمد هذا النشاط على الفهم العميق للهدف والمهام القتالية المسندة، وعلى التحليل والتقدير الدقيقين للموقف، وتوقع تطور الاعمال القتالية المقبلة.


ثامناً: جوهر النشاط الذهني للقائد وطرق زيادة فعاليته


يرتبط اتخاذ القرار في الموقف القتالي بالعملية المستمرة لفهم هذا الموقف حيث ينشط العمل الذهني للقائد أثناء عملية تفهم المهمة وتقدير الموقف واتخاذ القرار وإعطاء أمر القتال. ويستمر هذا النشاط اثناء سير المعركة حيث ينبغي على القائد ان يفهم عمق ما يجري حوله، وينفذ الاجراءات الفعالة لتحقيق المهمة القتالية.
وتتصف فعالية النشاط الذهني بمدى كمال او نقصان المعلومات التي ترد اليه اثناء سير المعركة وبمدى حفظها في ذاكرته واستخدامها في شروط المعركة الحديثة.
ويجب على القادة والاركانات ألا يقتصروا فقط على إعداد القرارات الصحيحة، بل يجب اتخاذها في الوقت المناسب ايضاً، وان القرارات الجيدة تبقى عديمة الفائدة اذا اتُّخذت بعد فوات وقتها، أو أعطي وقت ضئيل جداً للقوات من اجل تنفيدها.
ان ضرورة زيادة فعالية النشاط الذهني للقائد في الشروط المعاصرة تستوجب تحقيق المسائل الآتية:
1- اختصار الزمن اللازم لاتخاذ القرار من قبل القائد عند التحضير للمعركة.
2- اختصار الزمن اللازم لاتخاذ القرار في مجرى المعركة.
3- زيادة حجم المعلومات الواردة الى القائد مع تحليلها بصفة مستمرة والخروج بالنتائج.
4- ازدياد تعقيد المعلومات الواردة للقائد، لأنه يجب عليه ان يراعي، لدى اتخاذ القرار، عددا كبيرا من العوامل المعقدة والمتنوعة، وذلك بالإضافة الى عوامل التنبؤ المعقدة وتلك التي يمكن ان تنشأ نتيجة الاعمال القتالية للعدو.
ونرى مما سبق انه ليس ثمة قائد ناجح الا وهو يسعى الى اكتساب المزيد من المعارف والعلوم والفنون العسكرية التي تزيد من سعة أفقه، وترفع من مهاراته الميدانية، وهذا يتطلب تحديث وتحسين مناهج التعليم والتدريب حتى تساير معدلات التغيير السريعة في أدوات القتال ومسارح العمليات واساليب القتال والمذاهب العسكرية، وهذا يتطلب ان يتوفر في قادة المستقبل القدرة على التكيف السريع والقدرة على الاستيعاب وهذا يتطلب التزود بالعلوم والتقانات والاطلاع المستمر والعمل على زيادة مهارتهم في مختلف المجالات.


تاسعاً: مسئولية القيادة المباشرة


في عملية التنشئة
ان مهمة إعداد وتنشئة الضباط ليصبحوا قادة المستقبل الاكفاء تعتبر التحدي الاول الذي يواجه الجيوش العصرية. ثم إنه يتعين على مثل هؤلاء الضباط الصغار ان يبذلوا كل غال ورخيص حتى يستكملوا أسباب الاهلية لمناصب القيادة.
ويجب على كل ضابط حديث العهد بالخدمة الميدانية ألا يتوانى عن بذل الجهد في تنمية ما حباه به الخالق من ملكات الابتكار والإبداع والسعي الى تنظيم انطلاقات فكره بأسلوب منطقي مرن بما يستجيب لظروف الواقع الميداني بوتيرته السريعة وإجهاده الشديد وتبدله المفاجئ.
وعلى الجانب المقابل يتعين على قادتهم ورؤسائهم المباشرين ان يكفلوا لهم الرعاية ويسدوا لهم النصائح والارشادات لضمان توجيه انشطتهم الذهنية والعضلية والمعنوية، بما يرفع ملكات القيادة التخصصية فيهم الى المستوى الذي تفرضه ظروف المعركة الحديثة.
ويمكن تلخيص مسؤولية هؤلاء القادة المباشرين في حسن تنشئة قادة المستقبل فيما يلي:
1- استمرارية تذكيرهم بالأهداف السامية للحياة العسكرية، وإقناعهم بصعوبة تحقيقها بغير التحصيل الجاد للعلوم والمعارف والثقافات والمهارات التي لا غنى عنها لأي قائد يحرص على سمعته ويرغب في فرض سيطرته الميدانية على ما ائتمن عليه من أفراد وأسلحة ومعدات وتجهيزات، كما هو مطلوب منه أن يحسن استخدامها على افضل الوجوه. ولنا في الحديث الشريف "إن الله يحب إذا عمل أحدكم عملاً أن يتقنه"، أسوة حسنة لمن كان يرجو بلوغ مرتبة التميز والإتقان في دروب القيادة والسيطرة الميدانية المتشعبة.
2- استمرار حثهم على كسب ثقة مرؤوسيهم واحترامهم عن طريق إبداء القدوة الحسنة والتصدي للتحديات الكبيرة وتحمل المسؤولية برجولة وشهامة مع التمسك بأهداب الدين الحنيف وبمكارم الاخلاق.
3- مداومة إحاطتهم بمحتوى السلطة المخولة للقادة وقيودها وحدودها، مع تبصيرهم بحتمية استخدامها بحرص وحذر مشوبين بوضوح الرؤية وصفاء السريرة وضبط النفس دون تمييز أو محاباة.
4- بذل الاهتمام بمشكلات المرؤوسين وآمالهم وآلامهم مع مشاركتهم الافراح وكثرة الاختلاط بهم في ساعات العمل والراحة، مع انتهاز كل فرصة لغرس المفاهيم والقيم والمبادئ المعتمدة في وجدانهم، وحثهم على مداومة بذل الجهد في رفع قدراتهم القتالية والإدارية الى المستوى الذي يضمن التفوق على الخصوم.
5- وضع خطة عملية طويلة الأمد للتبديل في مناصب الضباط الصغار، وتهدف تلك الخطة الى تنقلهم بين مختلف القيادات التعليمية والقتالية والإدارية والفنية فضلاً عن ممارسة أعمال جمع وتمحيص وتحليل المعلومات ورسم خطط العمليات الحربية وحضور الدورات واجتياز الاختبارات الجبرية والاختيارية والاشتراك في التمارين والمناورات... كل ذلك بهدف اكتساب الخبرة التراكمية المتجددة في مختلف مناحي الخدمة العسكرية وشتى مجالاتها.
6- إتاحة الفرصة للنابهين من الضباط الصغار لتولي المناصب القيادية المناسبة لرتبهم طبقا لخطة متدرجة تهدف في نهايتها الى تأهيلهم لمناصب القيادة العليا والمشاركة في التخطيط على مستوى الامن الوطني وإدارة المصالح العليا للدولة.
7- تشجيع الضباط الصغار على حضور الدراسات العليا في المعاهد والكليات الجامعية في مجالات السياسة والاقتصاد والمعنويات بما يخدم الاستراتيجية العسكرية ويجعل من الضابط قائداً واسع الثقافة كامل الاهلية للمشاركة في دفع دولاب الحكم على مستوى الدولة لتحقيق الامن الوطني ورعاية المصالح العليا.
8- حث الضباط الصغار على الاهتمام باللياقة البدنية لاكتساب الكفاءة العضلية والذهنية بما يرفع كفاءتهم القتالية ويزيد قدرتهم على بذل الجهد ومواصلة العمل تحت أقصى ظروف الارهاق العضلي والذهني والتنفسي .
9- تطبيق قواعد المثوبة والعقوبة ومنح الاوسمة والجوائز للمجيدين من الضباط الصغار. وتوقيع الجزاء الرادع نظير الاخطاء والهفوات حتى يصبح الانضباطُ أمراً غريزياً، فيهم، والالتزامُ مذهبَهم، والرغبةُ في الإبداع منهجَ عملهم.
10- الحذر من أن يفرض القائد المباشر وصاية متسلطة على الضباط الصغار الذين يقوم بتنشئتهم، او تقييد افكارهم، حتى لا يسلبهم حق التفكير المستقل ويحرمهم من مَلَكَة المبادرة والتصرف.


بقلم: محمد محمود نصيري
مجلة الحرس الوطني
 
شكرا اخوي ابو حامد
بارك الله فيك
موضوع مميز من عضو رائع
شكرا لك
 
يجب ان نعيد النظر في طريقة اختيار القاده
لان القاعده في الجيوش العربيه
الاسم وليس الكفاه
 
عودة
أعلى