التدريب على الحرب المقاومة للتمرد
بقلم: تيم ريبلي
صياغة العقيدة
يجب ان تكون في صميم عمليات مقاومة التمرد عقيدة جديدة تهيىء الاطار العملي لكيفية مقاربة الجيش لمحاربة التمرد. فالجيش الاميركي جدد كليا بقيادة الجنرال المشهور دافيد بيترايوس في عام ٢٠٠٦ مقاربته لمواجهة عمليات التمرد. وصاغها في الكتيب الميداني ٣ - ٢٤ (Field Manual 3 - 24) الجديد انذاك مقاومة التمرد للجيش. وهذا الكتيب شكل اتجاها جديدا لكيفية ادارة الجيش الاميركي عمليات لمقاومة التمرد. وقد نسختها على نطاق واسع جيوش اخرى حول العالم واجهت تحديات مماثلة. وقد رمم الجيش الاميركي بدوره وجيوش اخرى انذاك كيفية تدريب واعداد قادتهم وجنودهم لمواجهة عمليات التمرد. فالجنود الاميركيون وجنود التحالف الذين يتوجهون حاليا الى افغانستان ومسارح عمليات اخرى يواجهون فيها تهديد تمرد، يخضعون الى مجموعة كاملة من تمارين التدريب لمنحهم مفهوما عن اسلحة العدو وتكتيكاته وثقافته المحلية واعتماد تكتيكات جديدة لمقاومة التمرد واحدث المعدات لمواجهة اسلحة العدو. وينفذ هذا التدريب عادة في سلسلة تصاعدية من اعمال التدريب التي تبدأ مباشرة بالتعامل مع مهارات محددة، وتتراكم من ثم الى تدريب جماعي لاعداد الوحدات كلها للعمل معا.
التدريب ضد ادوات التفجير الارتجالية (IED)
ان اكثر موضوع تدريب ضاغط بالنسبة للجيوش المتوجهة الى افغانستان هو كيفية اعداد جنودهم للتعامل مع ادوات التفجير الارتجالية (IEDs)، التي تشكل الاسلحة الرئيسية التي تستعمل ضد القوات الدولية في هذا البلد الواقع في وسط آسيا.
ان التدريب على مقاومة ادوات التفجير الارتجالية يشكل حاليا عملية معقدة تهدف الى تلقين القادة والجنود في كيفية معالجة عملية ادوات التفجير الارتجالية للعدو بكاملها. وهذا يشمل ليس فقط معرفة كيفية اكتشاف وتفكيك ادوات التفجير الارتجالية، بل كيفية مهاجمة شبكة التمرد كلها التي تبني وتنظم وتزرع الاسلحة. ان مهاجمة الشبكة والقضاء على الاداة وتدريب القوة هي من مهمة منظمة القضاء على ادوات التفجير الارتجالية المشتركة (JIEDDO) في وزارة الدفاع الاميركية.
كان الجنود الذين ينشرون سابقا في عمليات لا يتلقون الا تدريبا اساسيا على مواجهة ادوات التفجير الارتجالية، بالمحافظة على التدريب المعقد للاختصاصيين في التخلص من معدات التفجير (EOD). اما حاليا، فان القوات التي تستعد للقيام بدوريات اعتيادية تعمل مع ذلك، بادوات تشويش الكترونية ضد ادوات التفجير الارتجالية (IEDs) وبمعدات تكشف العتاد وبنظم اخرى مثيلة. لانه من المهم الا تكون موجودة اية بيئة تمثل تهديدا بادوات التفجير الارتجالية مطلقا. وان مجموعة من ادوات التدريب على معدات محددة وعلى مشبهات تستعمل تكنولوجيات عالية الدقة متاحة، تندرج من ادوات صاروخية بسيطة واجهزة تدريب على اكتشاف الالغام ومشبهات الية تامة. بالمقابل، ان التدريب الاجرائي والادراكي، مثل تكتيكات الدورية الراجلة والمهارات الدقيقة المطلوبة ومراقبة سلوك السكان المحليين والتجاوب معهم، لا تعتمد اقله على التكنولوجيا. ويمكن بلوغها من خلال التعليم في الصفوف البسيطة والبرمجية المتفاعلة.
ان عمليات القوافل هي بين اكثر العمليات خطرا. وهي، اذن، جهود عالية التنسيق تعمل فيها المؤن ومركبات الدورية بانسجام مع العناصر المقاومة لادوات التفجير الارتجالية وتنظيف الطرق منها. وفي هذه العمليات يستخدم الجيش الاميركي جهاز تدريب(Raydon) لتنظيف الطرق. ويؤمن الجهاز (VRCT)، الذي يتضمن مشبهات للمركبات والنظم المستعملة لتنظيف الطرق، تدريبا فرديا وجماعيا. وتتألف الرزمة بكاملها من مشبهات مركبة على مقطورة من نوع (Buffalo)، وهي مركبة تنظيف محمية من الالغام (MPCV) ونظام يكشف الالغام مركبا على مركبة (Husky) ومن مركبات اخرى سريعة التجاوب (JERRV) ومركبات متوسطة محمية من الالغام ومن روبوت (Talon EOD).
يمكن ربط نحو ١٢ مركبة روبوت معا تمكّن نحو ٢٦ جنديا من التدرب في وقت واحد. ويمكن ايضا ربط جهاز التدريب على تنظيف الممرات (VRCT) باجهزة تدريب اخرى على عمليات القوافل. ويجري التدريب بجهاز التنظيف (VRCT) في قاعة الدراسة وبالمشبهات. وتغطي اماكن القتال المفترضة العراق وافغانستان ومجموعة من الاحوال البيئية. ويمكن توليد التهديدات، بما فيها ادوات التفجير الارتجالية والقوات المعارضة، كما يمكن زج نحو ٧٠ نوع من ادوات التفجير الارتجالية المختلفة في السيناريو، بما في ذلك ادوات تحملها المركبات. وقد صمم التدريب ليعرض كيفية اكتشاف وتحديد واستجواب والافادة عن اخطار المتفجرات. وتمارس ايضا مهارات مقاومة لادوات التفجير الارتجالية على ممرات تمرّن على التدريب الظرفي في مواقع تدريب عسكرية اميركية قبل الانتشار. ويستعمل المدربون قوات مقاومة صاروخية معقدة وفعلية لجعل الاحداث حية بتفجير ادوات التفجير الارتجالية التي تشكل غالبا نذيرا لكمين.
في حين يمنح جهاز التدريب على تنظيف الممرات (VRCT) تدريبا عمليا على استخدام النظم المقاومة لادوات التفجير الارتجالية، طورت منظمة القضاء على ادوات التفجير الارتجالية المشتركة (JIEDDO) جهاز تدريب بواسطة معهد التكنولوجيات المبتكرة في جامعة جنوب كاليفورنيا (ICT) صمم لتزويد القوات بمفهوم وادراك كبيرين للتهديدات التي سوف يواجهونها. وبدأ تطوير جهاز التدريب المتفاعل الجوال على مقاومة ادوات التفجير الارتجالية (MCIT) في كانون الثاني/يناير عام ٢٠٠٩. ويغطي منهج التعليم على الجهاز (MCIT) مواضيع مثل المكونات الاساسية لاداة التفجير الارتجالية ووظائفها ونظم الشروع بها. واما بالنسبة للادراك الوضعي، فيمنح الجهاز فهما لكيفية تلاعب المتمردين بالبيئة. ويهدف ايضا الى اعطاء نظرة ثاقبة في الوضع الذهني للمتمرد. ويجري التدريب كرواية ويستخدم فيه الفيديو والتكنولوجيات الافتراضية وعروض واغراض متفاعلة. ويحصل التدريب في اربعة صناديق (Conex boxes) طول الصندوق ٤٠ قدما، يعالج كل صندوق ناحية مختلفة من عمليات مقاومة ادوات التفجير الارتجالية.
يحتوي صندوق (Conex box1) على شاشات عرض استاتية تعرض ادوات التفجير الارتجالية وفئاتها ومكوناتها ومؤشراتها، بما فيها الادوات الانتحارية. ويكشف الفيديو عن الوضع الذهني النموذجي للمتمرد الى جانب تكتيكاته ومكونات وادوات التفجير الارتجالية.
يركز الصندوق الثاني (Conex box2) على موطن صانع القنبلة مع شاشات العرض الاستاتية التي تعرض عناصر من المتفجرات المصنوعة محليا - المستعملة كمكونات لاداة التفجير الارتجالية وصناعتها.
يركز الصندوق الثالث (Conex box3) على مفهوم مهاجمة الشبكة مع ايديولوجيا اعرف نفسك واعرف فريقك - وكيف تكسب. ويغطي المفهوم ٩ مبادئ قتال بأدوات التفجير الارتجالية: التأكيد والتوضيح والنطاق والتحكم والفحص وادوات الطاقم والفريق الخاص بمقاومة ادوات التفجير الارتجالية واخلاء الاصابات وكيفية وضع تقارير عن سلسلة ادوات التفجير الارتجالية التسعة.
تستعمل اجهزة التدريب (MCITs) في عدد من المواقع الاميركية. وقد نشر في كانون الثاني/يناير عام ٢٠١٠ نظام لمركز التدريب المتعدد الجنسيات المشتركة (JMTC) في المانيا، حيث أعدّ ليمنح تدريبا للبلغاريين والبولنديين والرومانيين ودعما لنشر القوات في افغانستان من تلك البلدان.
التدريب الجماعي
طور الجيش البريطاني بمساعدة من شركة (Saab) للتدريب والتشبيه مرفقا متخصصا لاعداد كتائب المشاة لعمليات مقاومة التمرد في افغانستان، يهدف الى وضع كل كتائب المشاة في رزمة تدريب جماعي تجمع معا كل مهاراتهم الفردية التي تعلموها في تدريب على مهمة محددة في وحدة كاملة منسجمة.
تجرى تمارين التدريب الجماعي قبل النشر (PDT) هذه في مرفق في كينيا يحتوي على نظام اشتباك تكتيكي قائم على الليزر قدمته شركة (Saab) بموجب عقد بمبلغ ٢٥ مليون جنيه استرليني.
تكون شركة (Saab) للتدريب والتشبيه هي المسؤولة بموجب العقد الذي مُنح في عام ٢٠٠٩ عن ادارة ودعم النظام في شمال غرب كينيا على مدى فترة ثلاث سنوات. وتستعمل ٧ مجموعات قتالية من القوات سنويا المرفق كل سنة كجزء من التوسع الرئيسي قبل النشر في افغانستان (PDT) في شرقي البلد الافريقي.
يمول المرفق في كينيا بموجب مشروع التمويل العملاني الطارئ (UOR) التابع لوزارة الدفاع البريطانية. وان مشروع نظم الاشتباك التكتيكية المنشورة (DTES) هو وليد عقد تجربة لمفهوم رؤية مسبقة مُنح لشركة (Saab) قبل سنتين لتأمين قدرة في بيليز وكينيا بحجم الشركة.
يوجد في صميم مشروع نظم الاشتباك (DTES) شبكة من المحطات الاساسية المحمولة الجاهزة تشكل شبكة متابعة تتيح تفعيل تشبيه مفعول الاسلحة المحلية و تسجل مركز كل اللاعبين في التمرين لاعادته ثانية ما بعد مراجعة الاجراء. وعلى رغم ان النظام منشور نظريا فوق شاحنات تزن الشاحنة الواحدة ٤ اطنان، فان الطلب الثقيل على التدريب من الوحدات المتوجهة الى افغانستان تعني ان الجيش البريطاني لا يتوقع نقله خلال العقد التمهيدي.
تتألف مجموعات القتال في مشروع نظم الاشتباك (DTES) من ثلاث مجموعات من المعدات لدعم سرايا البنادق في تدريب الفصيل والسرية الفردية في عمل التدريب، ويمكن ضمها معا لتمرين المجموعة القتالية على نطاق واسع، والتي تتضمن نحو ٩٠٠ متدرب.
طورت شركة (Saab) لمشروع نظم الاشتباك (DTES) ونشرت عدة مزايا فريدة، بما فيها سترة خفيفة الوزن كاشفة صممت لتناسب درع هيكل طائرة (Osprey) في الجيش البريطاني. وان الانسياب الرقمي من الفيديو من شبكة من الكاميرات حول منطقة التدريب والتسجيل الرقمي للراديو (CNR) وحركة دور الراديو، الشخصي (PPR) تتيح حصول مراجعة مفصلة ما بعد الاجراء.
مطالب التدريب
تشكل مقاومة التمرد احدى اكثر البيئات العملانية الطارئة التي يمكن ان تواجهها القوات. ولذلك فهي تأتي دون مفاجأة ان جيوشا عديدة قد استثمرت بثقل في اعداد قواتها للتحديات التي قد تواجهها.
ان تكنولوجيا التدريب على مقاومة التمرد من الجيل الحالي تستعمل حاليا على نطاق واسع، الا ان تطورها هو فقط في مرحلته الاولى والثانية. ويمكن توقع تطورات وتقدم سريع ايضا فيما تواصل الجيوش في الاستثمار بثقل في هزيمة التمردات.