العلاقات الإسرائيلية الصينية - الفرص والتحديات

يحي الشاعر

كبير المؤرخين العسكريين
عضو مميز
إنضم
2 فبراير 2008
المشاركات
1,560
التفاعل
98 0 0
المصدر: تقرير مركز دراسات الشرق الاوسط - شؤون إسرائيلية في أسبوع - العدد 246 - 16/3/2008 م - ملحق العدد (ص. 23-32)
28-03-2008
العلاقات الإسرائيلية الصينية - الفرص والتحديات

نشرت هذه الترجمة لدراسة مركز يافي للدراسات الاستراتيجية بقلم يورام عفرون، في تقرير مركز دراسات الشرق الاوسط العدد 246. وفيما يلي النص:

يبدو أن الزيارة التي قام بها رئيس الوزارء ايهود اولمرت إلى الصين في شهر كانون ثاني الأخير لم تمهد أي مسارات نفوذ جديدة للسلطة الصينية، من جهة أخرى فإن أهمية الحدث لا يستهان بها إذ أنّ تضاعف الوجود الصيني في منطقة الشرق الأوسط وعلى الساحة الدولية يلزم إسرائيل بترسيخ علاقاتها السياسية بها، غير أن الأمر منوط بتحديات لم تتمكن إسرائيل من مواجهتها كما ينبغي، وإن الصعوبة الكبرى تكمن في مواجهة لاعب ثابت ثقافته السياسية تختلف عن العرب كما أن أهدافه وخطواته تتسم بالسرية، من هنا فإنه من الصعب معرفة أهدافه كيف يعمل ويتصرف، وما هي علاقته مع الآخرين وما هي نظرته حيال إسرائيل.

هذه الحقائق التي استطاعت إسرائيل الحصول عليها من الولايات المتحدة ودول أوروبا مطلوبة في الحالة الصينية أيضا وإلا فسوف تفوت فرصاً ثمينة جداً وتتحمل تكاليف كبيرة.

الهدف هنا هو طرح نقاط التماس في أهداف البلدين مع الإشارة إلى السبل الكفيلة بإعادة تثبيت علاقات إسرائيل بالصين.

الموقف الصيني من إسرائيل بمنظور تاريخي

يمتاز نظام العلاقات بين إسرائيل والصين أكثر من أي شيء آخر بالتوجه الواقعي والمرن الذي اتبعته الصين فقد كانت بداية العلاقات بالروابط التي أقامها رجل الأعمال شاؤول ايزبرغ مع القيادة الصينية في السبعينيات من القرن الماضي وبخاصة في جعلها تهتم كثيراً في ابتياع التقنيات الإسرائيلية وبما أن الصين كانت غارقة في إنشاء بنيتها التحتية اهتمت باستيراد التقنيات المتطورة على الصعيدين المدني والعسكري، في عام 1979م نجح ايزبزغ في عقد لقاء بين رؤساء الصناعات الأمنية الإسرائيلية والقيادة الأمنية الصينية وبذلك مهدا الطريق أمام عقد عدد من صفقات الأسلحة الكبرى، فقد ساهم هذا التعاون العسكري المشترك في خدمة الدولتين كثيراً عدا عن كونه افرز نظام علاقات قريبة وأوجد كثيراً من الثقة أدى إلى استمرار العلاقات.

من جهة أخرى فقد اخدت العلاقات تتسارع غير أن الصين رفضت مطالب إسرائيل في التقدم على الصعيد الرسمي خشية المس بعلاقاتها مع الدول العربية وإنه في بداية التسعينات وبعد انحياز الكتلة السوفيتية واعتراف منظمة التحرير الفلسطينية بوجود إسرائيل وانعقاد مؤتمر مدريد نضجت اللجنة الخاصة بتأسيس العلاقات حيث أقام البلدين علاقات دبلوماسية كاملة في كانون ثاني 1992م.
ويشار هنا إلى أن العلاقات بين البلدين اتسمت بالحرارة غير العادية وذلك من خلال الزيارة الدبلوماسية الرفيعة المستوى بلغت قمتها في الزيارة التي قام بها الرئيس الصيني إلى إسرائيل عام 2000م، تم خلالها التوقيع على اتفاقات تعاون كثيرة.

باستثناء الانجاز الدبلوماسي الهام بحد ذاته فإن إقامة العلاقات بين البلدين دفع بشكل محدود إلى تحقيق أهداف إسرائيل، فعلى سبيل المثال لم تتوقف الصين عن بيع الأسلحة لأعداء إسرائيل ورغم وعودها للقدس فقد واصلت تصدير وتقنيات الصواريخ إلى بعض الدول في منطقة الشرق الأوسط وفي أعوام التسعينات شاركت في مشروع إيران النووي.

من جهة أخرى ورغم أن الصين لينت من تصريحاتها حيال النزاع الإسرائيلي العربي إلا أنها لم تغير موقفها المؤيد للعرب، كما لم تتجه إلى التدخل في العملية السياسية مع أن إسرائيل في المقابل تبنت الموقف الصيني حيال مسألتي تايوان والتبت، وبصورة مماثلة وعلى الصعيد التكنولوجي كانت الصين هي التي حظيت بشكل أساسي باستيعاب التقنيات والمعارف العلمية أما في المجال الاقتصادي فلم يكن هناك سوى تقدم ضئيل.

في بداية التسعينات طرأ تغير على أنماط التجارة الأمنية بين إسرائيل والصين ففي أعقاب انهيار الكتلة السوفييتية والمجزرة التي نفذها الجيش الصيني في ميدان تيان مين (1989م)، سادت خلالها علاقات باردة بين واشنطن وبكين حيث فرضت الولايات المتحدة حظراً عسكرياً على الصين، لكن خلال تلك الفترة استأنفت الصين والاتحاد السوفيتي علاقاتهما وروسيا التي (ورثت مكان الاتحاد السوفيتي) أصبحت المزود الرئيسي للصين بالأسلحة، في غضون ذلك تواصل التدهور في العلاقات بين واشنطن وبكين وصلت ذروتها جراء وقوع حادثة عسكرية بينهما حول تايوان (1995- 1996)م، ولهذا السبب انخفض حجم الطلب الصيني للمنتجات الإسرائيلية وتزايد معارضة الولايات المتحدة للتصدير الأمني الإسرائيلي إلى الصين، وعلى ما يبدو فإن هذه التغيرات لا سيما التغيير الأمريكي حيال العلاقات الأمنية مع الصين لم تلق تفهماً من جانب صانعي القرار في إسرائيل، وفي عام 1999م وبعدما كشفت الصحف الإسرائيلية النقاب عن معطيات لها علاقة بصفقة طائرات "فالكون" بدأت الولايات المتحدة تعرب عن معارضتها لإتمام الصفقة رغم ادعاء إسرائيل أن الولايات المتحدة كانت على علم بل صادقت عليها مسبقاً.

إسرائيل التي اعتقدت أن بإمكانها التصدي لضغوط الولايات المتحدة،قدمت وعوداً للصين الصين بأنها ستكمل الصفقة، إلّا أنها أعلنت عن إلغائها في عام 2000م، وقد أدت هذه الخاتمة المزعجة للصفقة إلى الشعور بالتشاؤم حيال استمرار العلاقات مع الصين، وبرزت التقديرات القائلة أن الصين سوف توقف نشاط شركات إسرائيلية عاملة في أراضيها كما ستجمد أي إمكانية لتجارة أمنية مستقبلية مع الصين بل ستضاعف من انتشار الأسلحة في منطقة الشرق الأوسط غير أن هذه التكهنات كانت خاطئة من الناحية الواقعية العملية، أي باستثناء الفتور في العلاقات الدبلوماسية واصلت الصين تعاونها مع إسرائيل في نفس المجالات التي اعتبرتها مفيدة فعلى سبيل المثال توجهت إلى إسرائيل بطلب اطلاع الطائرة الصغيرة بدون طيار من طراز "هارفي" كانت قد اشترتها منها سابقاً حيث برهنت بذلك على سياساتها البراغماتية، في الواقع يمكن القول أن إسرائيل هي التي أدت إلى قطع العلاقات الأمنية عندما فشلت في فهم حجم الخطورة التي توليها الولايات المتحدة لتسلح الصين وفي عام 2005م، اضطرت إلى تشكيل جهاز رقابة مشدد على الصادرات الأمنية وحظر التجارة العسكرية مع الصين، أما على الصعيد التجاري فلم تتضرر العلاقات خلال الفترة ما بين عام 2000م، وهو العام الذي عُقد فيه صفقة الفالكون، وفي عام 2005م تضاعفت التجارة بين البلدين ثلاثة إضعاف وفي عام 2006م، زادت التجارة بنسبة 40% تقريباً مقارنة مع العام الذي سبق.

تجدر الإشارة هنا إلى أن العلاقات التجارية تصب في مصلحة الصين التي تحظى بفائض تجاري بنسبة عشرات بالمئة، أما فيما يتعلق بانتشار الأسلحة الصينية في الشرق الأوسط فإن الأمر يُعد تأثيرا محذراً منذ البداية من حقيقة وجود علاقات مع إسرائيل ومع أن الصين امتنعت من انتشار تكنولوجية إسرائيلية إلّا أنها توقفت عن القيام بعمليات بيع واسعة النطاق في الشرق الأوسط.
فرص وتحديات لإسرائيل

بالنسبة لإسرائيل فإن الأسئلة الرئيسية المطروحة تتعلق بالمجالات التي يمكن للصين أن تساهم في دفع المصالح الإسرائيلية وكيفية تجنيدها لذلك، فالتعامل مع هذه الأسئلة سوف يدور حول المجالات السياسية والاقتصادية:

- الصعيد السياسي: تتعلق القضية الرئيسية بالطريقة التي تزيد فيها الصين من مساهمتها في السياسة الشرق أوسطية وكيف يمكن لإسرائيل تجنيد دعمها وكما نعلم فإن الصين معنية بالبقاء خارج التصعيدات السياسية في الشرق الأوسط حيث تركز على الجدوى الاقتصادية ومع ذلك فإن أهدافها الاقتصادية لا سيما في مجال الطاقة تلزم بوجود علاقات قريبة من الأنظمة ذات الصلة وتعزيز وجودها في المنطقة، والسبب في ذلك هو أن الصين لاتكتفي بشراء النفط وإنما تستثمر في تطوير بنية تحتية ملائمة تضمن وصولها إلى الغاز والنفط لعشرات الأعوام ولذلك فإنها مطالبة باتخاذ موقف سياسي في السياسة الإقليمية، علماً أنها تميل إلى الارتباط بقوى تدفع نحو استقرار المنطقة، فعلى سبيل المثال وحول تصعيد الموقف الإيراني يبدو أن الصين تقوم بتوطيد علاقاتها مع السعودية ودول الخليج الفارسي وضمن هذه الظروف فإن السياسة المستقبلية للصين في الشرق الأوسط ستكون مرهونة بتطورات خارجة عن سيطرتها:

أولا: تفاقم التوتر مع الولايات المتحدة أو زيادة سيطرة واشنطن على مصادر النفط في الشرق الأوسط قد تضطر الصين إلى تعميق تدخلها في السياسة الإقليمية.

ثانياً: زيادة حدة التوتر بين أنظمة إقليمية والولايات المتحدة قد تدفع هذه الأنظمة إلى الارتماء في أحضان الصين.

ثالثاً: محاولات روسيا استعادة مكانتها في الشرق الأوسط من شأنها التأثير على الصين، وفي ظل وضع كهذا ستحاول بكين كما هو متبع في السياسة الصينية التقليدية- كسب هذا الوضع وقطف ثمار الخصام بين واشنطن وموسكو.

فيما يتعلق بإسرائيل فإن تأثيرها على هذه التطورات محدود، فهي في الوقت ذاته ينبغي عليها متابعتها عن كثب إذ من المحتمل أن تكون الصين ضيفاً دائماً ثابتاً في بلاط الحكام المحليين. وفي وضع كهذا لا سيما إذا كانت إسرائيل في أوج عملية سياسية في المنطقة، قد تطلب الاستعانة بالصين، بل إمكانية إيجاد قاعدة مشتركة معها ضد تيارات إسلامية متطرفة تهدد استقرار المنطقة وتهدد مصالح الصين ايضاً، ورغم ذلك وفي حال وجود علاقة بين الأقلية المسلمة في الصين والنشاطات الإسلامية المتطرفة الدولية فإنه ينبغي إتباع توجه حذر حيال الصين التي ستجد صعوبة في الاعتراف بذلك علناً حيث ستحاول معالجة الأمر بقواها الذاتية. - الصعيد الأمني:

هناك على جدول الأعمال مسألة انتشار الأسلحة الصينية في منطقة الشرق الأوسط والعلاقات العسكرية بين إسرائيل والصين، ويُشار هنا إلى أن منطقة الشرق الأوسط التي كانت في أعوام الثمانينات سوق التصدير الأساسي للصناعات الأمنية الصينية طرأ عليها انخفاض تدريجي في أعوام التسعينات، والسبب الرئيسي في ذلك هو الجودة المخففة للسلاح الصيني التقليدي وبالتالي فإن تحسين وتطوير نوعية هذه الأسلحة قد يؤدي إلى زيادة التصدير مرة أخرى.

ويشار هنا إلى أنه تنبغي الخشية من التطور الحاصل في مجال الأبحاث والتطوير الصينية خلال الأعوام الأخيرة وضعف التزاماتها (المحدودة منذ البداية) حيال إسرائيل بخصوص موضوع انتشار الأسلحة في أعقاب قطع العلاقات الأمنية بينهما، إن الأمر الذي ينبغي أن يقلق إسرائيل بشكل أساسي هو انتشار الأسلحة غير التقليدية الصينية في الشرق الأوسط فمنذ الثمانينات والصين تبيع لعدد من دول الشرق الأوسط مثل(إيران والسعودية وسوريا وليبيا ودول أخرى) منظومات أسلحة وتكنولوجيا عسكرية في مجال الصواريخ، حيث أن بعض هذه التقنيات تنزلق لتصل إلى كيانات سياسية أخرى في الشرق الأوسط ليتم استخدامها في ظروف ومناسبات مختلفة ضد إسرائيل(مثل إطلاق صاروخ ضد السفن من نوع 802-c من قبِل تنظيم حزب الله باتجاه سفينة حربية إسرائيلية إبان حرب لبنان الثانية).

يمكن القول أن الدوافع الأساسية للتصدير الصيني هي اقتصادية بالدرجة الأولى وهنا يكمن المفتاح لوقف هذه الصادرات وكما هو أي مجال آخر فإن صادرات الأسلحة الصينية هي الأخرى مرتبطة بأهداف النمو الاقتصادي وقد تعلمت الصين خلال العقدين الأخيرين أن انخراطها في الساحة الدولية والانصياع لقواعدها تخدمها أفضل من تصدير الأسلحة إذ أن هذا الإدراك الذي يرافقه ضغط دائم تمارسه الولايات المتحدة يجعل الصين تحد من حجم صادراتها من الاسحلة غير التقليدية حتى لو كان رغماً عنها، فعلى سبيل المثال أصدرت ثلاثة " كتب بيضاء " حول الرقابة على الأسلحة، نزع التسلح وعدم انتشار الأسلحة كما وقعت على معاهدات واتفاقات دولية مختلفة، ولكن رغم ذلك فإن الالتزام بالاتفاقات محدود حيث امتنعت عن المصادقة على النهائية على بعضها والتوقيع جزئياً عن أخرى والبعض تطبقها بشكل انتقادي.

بالنسبة لإسرائيل فإن الاختيار أهم للسياسة الصينية إزاء الموضوع وكذلك فرصة رفع التعاون معها بما يتعلق بالملف النووي الإيراني إذ يبدو لنا اليوم أن التوتر الإقليمي الذي يثيره المشروع النووي الإيراني والضغوط التي تمارسها واشنطن دفعت الصين إلى التراجع عن تأييدها لإيران ودعم الصعوبات الاقتصادية الدولية لديها، لكن الصين لا تقف على جهة الصراع كما تعارض استخدام القوة، ويمكن القول أن الصين في الواقع تبحث عن (الطريق الذهبي) بين إرضاء مطالب واشنطن وتقليص عداء محتمل من جانب إيران وضمان استمرار تدفق النفط، ضمن مجمل هذه المصالح الثقيلة الوزن فإن مدى تحرك إسرائيل سيكون محدوداً جداً، ومع ذلك تدرك القيادة الصينية منذ زمن حقيقة أن مكاسب قصيرة المدى لا يمكن قياسها دائماً لقاء الكلفة المرتبطة بها، من هنا تسعى القيادة الصينية إلى حالة من الاستقرار في الشرق الأوسط، كما يجب على إسرائيل استغلال التقدير السائد في الصين حيالها فيما يتعلق بمواجهتها لتحديات الشرق الأوسط والعمل مع مؤسسات السلطة المختلفة ومع أطراف شبه رسمية (مثل مراكز الأبحاث ذات العلاقة بالنظام والاتحادات) حيث أن تأثيرها السياسي في بعض الأحيان بخصوص ما يبدو للعيان.

إن الهدف من الاتصالات ليس إدراك الجهات الصينية لمجمل الضرر الكامن في الوضع الراهن وإنما التعرف على الدوافع والأسباب المختلفة لدى النظام الصيني حيال الشرق الأوسط حيث سيكون بالإمكان تحديد نقاط ستلتقي عندها مصالح البلدين وربما دول أخرى تدمج في هذه العملية، إذ أنه بواسطة حوافز ملموسة ومحددة سيكون بالإمكان دفع الصين نحو السياسة المطلوبة.

الجدير بالذكر أنه بالرغم من الحظر العسكري المفروض على الصين فإنها تبدي اهتماماً كبيراً في تكنولوجيا عسكرية ثنائية المنفعة (clan- use) أي أنها تقوم بالحصول على منظومات من أنحاء مختلفة من العالم، وأجهزة أخرى في مجال الاتصالات والحاسوب ثم تقوم بدمجها في تطويراتها العسكرية.

ويشار هنا إلى أن الحصول على هذه التقنيات بهذه الطريقة تتم من خلال شراء المنتجات بقنوات مختلفة أو شراء شركات تقوم بتطويرها، وبما أن الصين تبدي اهتماماً لشركات الالكترونيات والاتصالات الإسرائيلية فإنه ينبغي ليس فحص القدرات العسكرية لهذه المنتجات التي تهتم الصين بابتياعها، وإنما هوية الشركات الصينية المرتبطة بالصفقات، مع أن هناك توصية بعدم خرق القيود الخاصة بالصادرات الأمنية، ولكن الجدوى والفائدة الناجمة عن ذلك ستكون أقل من الضرر الخاص بإفساد العلاقات مع الولايات المتحدة.

من جهة أخرى فإنه ينبغي على إسرائيل الامتناع عن خشية الاكتواء بالماء البارد بحيث تشد حدود نظام الرقابة الجديد بشكل يمنعها من التعاون مع الصين في مجالات تكنولوجية جذابة أو إفشال صفقات في طور التكوين، وأن الجهات الإسرائيلية ذات العلاقة مُطالبة بشكل أساسي في أن تبدأ بإظهار أن النشاطات الاقتصادية التجارية وسيلة (وهدف ايضاً) لتحفيز النشاطات السياسية الدبلوماسية وليس مجالاً منفرداً، وهذا ليس سهلاً ولكن ينبغي أن نتذكر أن من شأنه أن يمهد الطريق أمام إسرائيل في العودة إلى صناع القرار في بكين.

توصيات:

من الصعب التكهن بكيفية تطور التدخل الصيني في الشرق الأوسط، ولكن من الممكن الافتراض أن الصين معنية بزيادة استقرارها وزيادة نفوذها فيه، من هنا ينبغي على إسرائيل اعتبار الصين قوة كبرى لها تأثيرها على المنطقة وتوطيد علاقاتها معها ولكن ليس على حساب العلاقات مع واشنطن وهذا ليس بالأمر الهين، لأن التوجه الصيني يقوم على أساس نفعي ومنفعة بسيطة من وجهة نظرها، وبالتالي يجب على إسرائيل تطوير قدرات بإمكانها الاتجار بها مع بكين من خلال ما يلي:

- القيام بزيارة رسمية عالية المستوى ومتواصلة بين الدولتين تحتوي على مفاهيم جوهرية لا سيما موضوع استقرار منطقة الشرق الأوسط، عدا عن ذلك ينبغي التوضيح للصين مدى أهمية إسرائيل في استقرار المنطقة وإجراء حوار مع الصين حول هذا الموضوع بشكل ثابت ضمن المستويات المهنية.

- تعيين أشخاص من ذوي المكانة السياسية الرفيعة سفراء في الصين كما هو الحال مع الولايات المتحدة وليس أشخاصا من المستوى المهني لأن هذا من شأنه إظهار الصين على أنها تقع ضمن دائرة الدول الهامة بالنسبة لإسرائيل.

وينبغي الحفاظ على الصورة وتفعيل أشخاص كانوا على علاقة مستمرة مع الصين في محاولات ذات علاقة وذلك بسبب تراكم المعارف لديهم ولأن الصينيين يولون أهمية للعلاقات الشخصية المستمرة.

- زيادة حجم التعاون التكنولوجي مع الصين (بما في ذلك جذب الاستثمارات) ومن خلال تدخل كبير في العمليات من جانب دبلوماسي وسياسي إسرائيلي لأن هذا من شأنه أن يساهم في دفع اتفاقيات كما يساعد في استخدام المجال الاقتصادي لدفع أهداف سياسية والمجالات ذات الصلة هي تكنولوجيا الاتصالات، واستغلال مصادر الطاقة لتحلية المياه، وقف التصحر الزراعة المقدمة وإلى غير ذلك كما أنه المطلوب ايضاً الانخراط في مشاريع البنى التحتية ومناقصات عامة في الصين بما في ذلك اتفاقات تجارية تعويضية.

- تعريف حدود التقنيات العسكرية ضمن جهاز رقابة التصدير واتخاد توجه قاطع إزاء تراخيص التصدير الممنوحة للشركات، وبالتحديد منع سلب رخصة التصدير من شركات أثناء المفاوضات لآن هذا من شأنه المس بقوة بالثقة بين الدولتين والعلاقات التجارية بينها

- إيجاد السبل الكفيلة بزيادة التعاون ألاستخباراتي بين إسٍرائيل والصين لا سيما إذا ضاعفت الصين من مشاركتها في الجهود الدولية، ولكن إلى جانب ذلك العمل بلطف وحماسة في حال وجود علاقة بين الأقلية المسلمة الصينية "والحركات الإسلامية المتطرفة الدولية".

- اتخاذ الحذر في التعاونات الأمنية في شرق آسيا وذلك للحيلولة دون المس بالمصالح الصينية وبالتحديد ينبغي عدم إقامة أي علاقات عسكرية، مع تايوان كما ينبغي أن تكون هناك دراسة جيدة لوضع العلاقات بين الصين والهند قبل التوقيع على أي اتفاقات أمنية على نطاق واسع مع الهند.
من جهة أخرى فإن عملية الكبح الذاتي هذه ينبغي أن لا تكون مطلقة وإنما تفعيلها بشكل استفزازي حتى تشكل بيد إسرائيل وسيلة مقايضة في اتصالات مع الصين بشأن انتشار الأسلحة في منطقة الشرق الأوسط.

العلاقات الإسرائيلية الصينية - بين السرية والأزمة

قد يجد سلاح الجو الإسرائيلي نفسه في مواجهة منظومات إسرائيلية بيعت للصين سيتم تركيبها في طائرات إيرانية، هذا النبأ الذي نشر في الثالث والعشرين من اكتوبر من العام الحالي من قبِل وكالة الانباء "نوفوستي" من أن الصين على وشك بيع طائرات مقاتلة متطورة من نوع "جيان 10" فاجأت جهات عديدة في إسرائيل، فقد ذكرت وكالة الانباء الروسية استناداً إلى مصادر إيرانية أن الأمر يتعلق ببيع سربين من هذه الطائرات المقاتلة ضمن صفقة بكلفة حوالي مليار دولار كما أنه بموجب المعلومات الذي نشرها الروس فإن هذه الطائرات الأولى سوف تصل إلى إيران خلال العام القادم، ويقدر الخبراء أن مدى هذه الطائرات يصل إلى ثلاثة آلاف كيلومتر، كما بإمكانها الوصول إلى أي نقطة في إسرائيل غير أن الصين سارعت إلى نفي النبأ قائلة أنها لا ترغب في التدخل بالأزمات بين الدول في الشرق الأوسط ولكن يبدو أن الأزمة لم تنتهِ.

علاقات سرية يكشف النقاب عنها

لقد شهدت العلاقات الصينية الإسرائيلية في مجال الطيران والالكترونيات مدً وجزراً كبيراً مع مرور السنين، فقد بدأت في الواقع بواسطة الملياردير "ايزبزغ" الذي طور شبكة متفرعة من العلاقات مع المسؤولية في القيادة الصينية، وذكرت الانباء أن المدير العام السابق للصناعات الجوية "موشي كيرت"، مدراء كبار آخرين في الصناعات الأمنية الإٍسرائيلية قاموا بزيارة الصين على متن طائرة الملياردير الخاصة إلى الصين للقاء المسئولين الأمنيين هناك وعرض المنتجات التي طورتها مصانعهم.

تجدر الإشارة هنا إلى أن هذه العلاقات بدأت بسرية تامة جداً لا سيما بطلب من الصين نفسها فكم تطورت مع الأيام للتحول إلى تعاون علني حيث قامت شركة رفائيل لتطوير الوسائل القتالية ببيع الصين بصواريخ جو جو من نوع "بيتون3" أطلقت عليها الصين اسم "8 pl" وشركة "اليسرا" باعت الصين هي الأخرى أنظمة حرب الكترونية متطورة كما باعتها شركات أخرى أجهزة اتصال وأنظمة تحصين للدبابات وأشياء كثيرة أخرى.

من جهة أخرى لم تكتف الصين بالحصول على المنتجات بل طلبت الحصول على كافة المعلومات التقنية والتكنولوجية لإنتاج القطع، بما في ذلك تقارير التجارب وكل المعلومات الخاصة بهذه القطع، وقد تم هذا كله كما أسلفنا بسرية تامة ولكن المنتجات التي كان بالإمكان تركيبها في أسفل جسم الطائرات السفن الحربية والدبابات فإن الصواريخ لم يكن بالإمكان إخفائها، وتم في نهاية الأمر كشف النِقاب عن هذا التعاون بين إسرائيل والصين بكامله في نيسان 2001م، فقد أقلعت طائرة من طراز ادريون تابعة للأسطول الأمريكي في جولة استطلاعية على طول المضيق الواقع بين الصين وتايوان وتم اعتراضها من قِبل طائرات مقاتلة صينية شرسة بل أن احد الطيارين الصينيين كان جريئاً جداً إذ أصاب بجناح طائرته بالطائرة الأمريكية قصداً وقد أرغمت طائرات الاعتراض الصينية طائرة التجسس الأمريكية ذات المحركات الأربعة إلى الهبوط في إحدى قواعدها وبعد وقوع الحادث بمدة قصيرة كشفت صحيفة إسرائيلية عن خبر مفاجئ مفاده أن الطائرات الصينية كانت مزودة بصاروخ جو جو من إنتاج إسرائيل من نوع "نتيون3" وقد نشرت هذا النبأ بتوسع جميع وسائل الإعلام، مما جعل مسئولي وزارة الدفاع الغاضبين يجدون أنفسهم في مواجهة مباشرة مع وزارة الدفاع الأمريكية.

أزمة مشروع فالكون:

لقد وصلت قضية العلاقات الثلاثية بين الولايات المتحدة وإسرائيل والصين ذروتها في موضوع تطوير طائرة الرقابة الجوية وأطلق عليها اسم "فالكون" وفي الواقع كان الأمر يتعلق بمنظومة إسرائيلية محصنة فقد استغلت شركة "إليا" المعارف التي اكتسبتها خلال تطوير منظومات الرادار ذات قدرة على التغطية الالكترونية.
وتم تركيبها على طائرة "بوينغ 707" لسلاح الجو التشيلي لكي تتناسب مع مطالب الصين ولهذا الغرض تم شراء طائرة روسية من طراز "إليوشين 76" وقد تم تركيب هذه المنظومات في صحن متحرك وضع فوق غرفة شحن الطائرة فقد قام مهندسو شركة "ألتا" بموائمتها للتركيب في الطائرة الروسية تم ابتياعها مباشرة من المنتج وقد وصل حجم المشروع حوالي مليار دولار كما شكل صفقة تشجيع اقتصادية هامة خلال المراحل الصعبة بعد مشروع طائرة هلفي لقد علم الأمريكيون بالمشروع ولم يعارضوه في المرحلة الأولى، إلى أن اتضح لهم أن الطائرة قد تشكل خطراً على الطائرات المقاتلة في الأسطول السابع العاملة قبالة السواحل الصينية وفجأة صدموا من التهديد الصيني فطلبوا من إسرائيل إلغاء المشروع كان ذلك عام 2000م، حيث استجاب رئيس الوزراء براك في حينه لهذا الطلب مما اضطر الصناعة الجوية إلى تقديم اعتذار إلى الصين بل تعويضها بقيمة 300 مليون دولار.

هناك أزمة أخرى ظهرت عام 2005م، إذ أن الصين التي اشترت من إسرائيل طائرات انتحارية من دون طيار من نوع "هارفي" بهدف ضرب منظومات مشعة قامت بإعادة الطائرات إلى إسرائيل حتى يقوم مصنع "مباث" في الصناعات الجوية بتطوير أدائها.

المصدر: تقرير مركز دراسات الشرق الاوسط - شؤون إسرائيلية في أسبوع - العدد 246 - 16/3/2008 م - ملحق العدد (ص. 23-32)
 
السياسه الاسرائيليه بارعة في اجتذاب الاخرين

العرب لا يسعهم الا استجداء عداوات وحقد الاخرين

من الاخر العالم كله بيستغبى العرب
 
عودة
أعلى