متفرقات من التاريخ الكردي

إنضم
5 يوليو 2011
المشاركات
41
التفاعل
9 0 0

ماذا قال البارزاني أمام الكرملين؟*
بعد انهيار جمهورية مهاباد الكردستانية عام 1947 رفض البارزاني الأب الذي كان آنذاك قائداً لجيش الجمهورية، رفض الاستسلام للايرانيين وقرر الانسحاب من كردستان إلى الاتحاد السوفييتي سيراً على الأقدام مع ٥٠٠ من البارزانيين. وبعد الاصطدام بقوات الدول الغاصبة لكردستان (العراق، ايران، تركيا) والدول الحليفة لها (أمريكا، بريطانيا) وصل إلى نهر آراس فعبره مع رفاقه إلى الاتحاد ...
السوفييتي السابق في يوم ١٧ /٦ / ١٩٤٧م ، وتحديدا إلى أذربيجان وأوزبكستان السوفيتيتين، وتعرضه ورفاقه لمضايقات من قبل قيادات الحزب الشيوعي في هاتين الجمهوريتين. وبعد موت ستالين قرر القائد الأب البارزاني السفر إلى موسكو في محاولة اللقاء بالقيادة السوفياتية الجديدة لشرح قضية شعبه وإخراجها من إطارها المحدد في أذربيجان وأوزبكستان.
قصد الكرملين مباشرة بشجاعته وجرأته المعروفة في وسط مدينة موسكو. وتوجه مباشرة إلى مكتب الاستعلامات في الكرملين وكشف عن هويته قائلاً:
‘‘أنا ملا مصطفى البارزاني جئت لأعرض قضية شعب مظلوم على شعب لينين وحزبه‘‘.
أصيب الموظف المسؤول بدهشة لأن هذا العمل غير مسبوق من رجل جريئ إلى هذا الحد.
جرى التحقيق معه في الحال، وبعد أن تعرفوا على شخصيته، نُقِل في الحال إلى فندق موسكو في وسط المدينة.
وبعد عدة جلسات تحقيق أدخلوه الكرملين لمقابلة قادة الحزب ومنها إحدى لقاءاته مع الزعيم السوفيتي خورتشوف. فسرد له ما جرى له ولرفاقه، وقص عليهم قضية شعبه المظلوم
 
الشهيد القاضي محمد
(1901 ـ1947 م )

لم يكن اسم القاضي محمد رئيس جمهورية كردستان ( التي سميت جزافاً جمهورية مهاباد ) اسماً لا يلفت النظر أولا يثير الاهتمام ، ولغرض التقليل من أهمية التجربة الوطنية الكردية التي تم إجهاضها بتعاون أطراف دولية عدة ، يشار الى الاسم المختصر لها المرتبط بمدينة مهاباد والحقيقة غير ذلك .
qadymh.JPG
شيء من بدايات حياته :
هو محمد بن القاضي علي بن قاسم بن ميرزا أحمد ، ولد في مدينة مهاباد سنة 1901 م .كانت أمه من عشيرة فيض الله بك ،ذائعة الصيت في مملكة موكريان .
القاضي محمد من الشخصيات الكردية المثيرة للاهتمام حقاً ، فقد كان الرجل يتمتع بثقافة كبيرة ، فضلا عن شخصيته الساحرة التي تولد المحبة والتعاطف مع من يقابله ، ويتصف الرجل بعلميته وتبحره في أمور الشريعة والفقه الاسلامي والدين ، واتقانه اللغة العربية والتركية والفارسية والفرنسية والالمام باللغة الانكليزية والروسية ، زيادة علىلغته الأم الكردية .
و كان يتميز ببساطة شخصيته وتواضعه وشجاعته وايمانه العميق بحقوق شعبه في الحياة ، وضرورة النضال من أجل تحقيق هذه الحقوق المشروعة . وبالرغم من انحدار القاضي محمد من أسرة متمكنة ماديا وغنية في المنطقة ، وساهم ذلك في أن يجعله مثقفاً ومتعلماً من النوع المتميز بين أقرانه ، الا أن ذلك لم يدفعه ليكون مغروراً أو مبتعداً عن مهمات شعبه ونضاله من أجل تحقيق حلمه المشروع .
كان القاضي محمد يتميز بعلاقاته المتميزة بين أوساط الفقراء والمعدمين ، وبساطته في تلبية حاجاتهم ، ومساعدتهم في قضاء بعض أشغالهم ومصاعبهم وحل مشكلاتهم . وكان كثير الاهتمام بشؤون الفقراء والبسطاء من الناس . وكان حريصاً على الاستماع اليهم ،والرد على أسئلتهم الدينية والمتعلقة بالشريعة والقضاء وفي جميع مناحي الحياة العامة ، بالنظر لما يتمتع به من خصال المعرفة وشمول الثقافة ، التي اكتسبها في حياته . كما كان يدعو الى نشر التعليم والثقافة بين الكرد ، والتمسك بمواصلة الدراسة والتسلح بالعلم والمعرفة ،من أجل مواجهة الاضطهاد والظلم الذي كان يقع على هذا الشعب (وسنلاحظ هذا الجانب بوضوح في آخر وصية له الى شعبه )، فضلا عن تشخيص المعاملات المزرية والمآسي والمظالم التي تقع على الكرد بسبب قوميتهم الكردية ، وعدم تقبلهم التنكر لها ،أو تبديلها وفق رغبة السلطات الحاكمة ،التي كانت تمارس السياسات الشوفينية المقيتة ضدهم ، والتنكر لمقوماتهم الثقافية والاجتماعية والسياسية .
وكان القاضي محمد خلال سنوات حياته متفهماً للواقع المرير الذي تعيشه الجماهير الكردية ، متلمساً معاناة الناس واحساسهم بالغبن والتغييب الذي يقع على كامل القضية الكردية .
كان الشهيد القاضي محمد غالباً ما يستذكر الانتفاضات الكردية التي حدثت ،ويتحدث عنها كثيراً بين أوساط الفقراء ، والتي تحدث تأثيرها وانعكاسها عليهم في تأجيج مشاعرهم الدينية والقومية المشروعة لتكون نبراساً يتذكر به الكرد تاريخهم المجيد .

وكان يؤكد دوماً على ضرورة تمتين الروابط بين الكرد ، وضرورة أن يضحي الكردي في سبيل دينه وحقوقه القومية المشروعة مهما عظمت التضحيات في ظل الظروف التي يعيشها الكرد في الدول التي تتقاسم وجودهم بعد تعمد اللعبة الدولية على تقسيمهم وتقطيع أوصالهم ، لغرض اضعاف قوتهم وتشتيت ارادتهم ووأد أحلامهم المشروعة .
وكان القاضي محمد يقلب صفحات التاريخ الكردي بدقة ويستل منها مايؤثر في نفوس الكرد . وتشير الكتابات التي وصلتنا عنه أنه كان مؤثّراً بشكل لايوصف في كل الطبقات الكردية المنتشرة في منطقة مهاباد ، وكان تأثيره واضحاً في قيام حركات سياسية متميزة وتجمعات ثورية وعشائرية ، وصدور مجلات كردية تنشر أفكارها وسياستها في المنطقة وتؤثر خارج منطقتها .

وبالرغم من سيطرة القيادات العشائرية على المجتمع الكردي،وابتعاد هذه القيادات عن الدعوة الى النضال والكفاح من أجل تطلعات ا لكرد المشروعة ، وابداء المقاومة من قبل الآغاوات والشيوخ ، بسبب عدم التفريط في وسائل استغلالهم للطبقات الفلاحية المعدمة ،وعدم تقبلهم ذهنياً مفاهيم ثورية كان يدعو اليها القاضي محمد تحت شتى الحجج والغايات الدينية والعشائرية والاجتماعية المختلفة ، فقد كان القاضي محمد وعلى الدوام يكرس كل وقته وجلّ اهتمامه في مصلحة الكرد والتطلع نحو مستقبلهم وحياتهم ، ليس في منطقة مهاباد فحسب ، بل في مجمل المناطق التي تعيش بها المجتمعات الكردية .
وانتشرت دعوة القاضي محمد بين الناس انتشاراً سريعاً مثل البرق ،وتوسعت القاعدة الشعبية لأعضاء الحزب الديمقراطي الكردستاني في المدينة لتحتوى أغلب شبابها وشيوخها وحتى نسائها ، وأمام حالة رد الفعل لما تقوم به السلطات القمعية الفارسية تجاه الكرد ، ومع وقوع حوادث سياسية وأمنية استفزت الجماهير الكردية لتنتفض برمتها على القوات الايرانية ، وتستطيع السيطرة على مجمل المناطق كاملة يوم 17 كانون الأول 1945 ، فسطرت قوات البيش مركة الكردية أروع الملاحم وقصص البطولة في التصدي والثبات حتى يمكن تسمية هذا اليوم بيوم (البيش مركة ) .
وتحركت القيادات السياسية الكردية بما يتناسب مع الوضع الراهن ، وسيطرت على الوضع، وبدأت تحركات سياسية وتقسيمات عسكرية بعد دراسة الظروف الاقليمية والدولية التي كانت صعبة ومتشابكة للغاية ، بالنظر لمخلفات الحرب العالمية الثانية والتقسيمات الدولية الجديدة ، وانقسام العالم الى معسكرات عدة ، وتعدد المصالح فيما بينها .
وبتاريخ 22/1/1946 تم اعلان قيام جمهورية كردستان ، التي تأسست ضمن الظروف الشائكة التي ورد ذكرها ، وأصبحت مدينة مهاباد عاصمة للجمهورية الفتية ، وأصبحت قيادة الحزب الديمقراطي الكردستاني قائداً لهذه الجمهورية .
وأمام العالم ووسط أكبر ساحة من ساحات العاصمة (ساحة جوار جرا ـ القناديل الأربعة) تم انتخاب القاضي محمد كأول رئيس للجمهورية الكردستانية ، وكان حاضراً هذه الاحتفالات المهيبة وفود من جميع أطراف منطقة كردستان .ولكن الجمهورية الفتية ذات الحكم الذاتي لم تعمر طويلا ، فقد تخلى الرفاق الحمر عن دعمهم لها ولقيادتها لما اقتضت مصالحهم النفطية ذلك ،فضلا عن الضغوطات الأمريكية والبريطانية على القيادة السوفيتية بضرورة انسحاب الجيش السوفيتي من شمالي ايران .

نهاية الجمهورية :
تداخلت المساومات السياسية مع خيوط اللعبة الدولية ليتم تخلي جميع الدول وانسحاب الجيش الأحمر من المناطق القريبة ، وخلو الساحة للجيش الايراني الذي تفرغ للاجهاز على الجمهورية الناشئة ، ليطبق عليها بأنيابه ومخالبه ، وتقدمت جحافل الجيش الايراني الجرارة بقوة تقدر ب 120 ألف جندي مدججة بأنواع الأسلحة العسكرية المتطورة حينها لمواجهة شعب لم يكن يملك سوى ارادته وتصميمه على الكفاح .
وعلى مشارف الجمهورية كان يمكن للقاضي محمد أن ينسحب ويتوارى عن الأنظار ، وكان يمكن له أن يتخلى عن مبادئه وأفكاره لينزوي في داره يتابع مطالعاته والتنعم بالحياة مع أسرته، وكان من الممكن أن يساوم العدوان الايراني ، وكان وكان ، حتى ان المقربين منه والمحيطين به اقترحوا عليه النجاة بنفسه فأجابهم :"كيف لي أن أفرّ وأترك الشعب في هذه الظروف ليواجه مصيره وقد أقسمت أن أدافع عنه حتى آخر قطرة من دمي ؟ " لقدآثر البقاء لمواجهة القوة الايرانية ، مسجلاً بذلك ليس صفحة شجاعة ومشرقة في سجله الشخصي والعائلي ، انما سجل صفحة أخرى من صفحات البطولة والاصرار على الثبات والدفاع عن الحقوق التي يؤمن بأحقيتها ومشروعيتها.
وتم القبض على القاضي محمد مرفوع الرأس مبتسماً بمهابة واجلال واقتيد الى سجون الجيش الايراني ليتم تقديمه الى المحكمة العسكرية الاستثنائية ، وهو الرجل المدني الذي لم يخالف القوانين العسكرية ، الا أن شموله بحالة الطواريء والحرب جعله يتقدم الى هذه المحكمة بدفاع ليس عن نفسه انما عن قضية الشعب الكردي يفحم بها قضاة المحكمة ، مفنداً جميع الاتهامات الموجهة له .

نهايته :
كان من الطبيعي أن يصدر الحكم بالموت على البطل الأسطوري والفقيه الزاهد والمتعبد القاضي محمد ، وقد تلقاه القاضي برباطة جأش وثقة عالية بالقدر والمصير المحتوم ، وبشجاعة تنمّ عن ثقته بربه وقضائه وقدره ، وبما يشكله موته من فائدة كبيرة لشعبه الذي يعاني من الاضطهاد والحرمان والظلم .
وفي يوم 30 مارس 1947 اقتيد البطل الى الساحة التي شهدت قيام الجمهورية الكردستانية نفسها ( ساحة القناديل الأربعة ) . وفي فجر ذلك اليوم البائس بعد أن أدى صلاة الفجر تم شنقه ،ليسجل اسمه في سفر الخلودً مع الشهداء الخالدين والمدافعين عن قضايا شعوبهم ،وعن حق الانسان في الحياة الكريمة .
وهكذا بقيت الاشارة المضيئة في التاريخ الانساني تتحدث ملياً عن الرموز التي رحلت تحمل معها ايمانها بعقيدتها ومبادئها ، غير أنها باقية في ضمير الشعوب كرمز من رموز الانحياز ضد قوى الباطل والظلم ، الى جانب الشعوب المستضعفة والمنكوبة ، ويصير الشهيد الخالد القاضي محمد بمواقفه وشجاعته وصبره وأحلامه ، التي حولها الى واقع ،و أبقاها مأثرة حية في ضمير من بعده.
وتتمة للفائدة ننشر فيما يأتي آخر وصية للقاضي محمد ـ قبل اعدامه ، وهي من تعريب الكاتب الكردي محسن جوامير ،وقد نشرتها مواقع كردية عدة .

وصية القاضي محمد رحمه الله تعالى :

يا أبنائي وإخوتي الأعزاء !

يا إخوتي الذين هضمت حقوقهم!
يا شعبي المظلوم !
ها أنا ذا في اللحظات الأخيرة من حياتي، أقدم لكم بعض نصائحي:
ـ تعالوا أناشدكم بالله أن لا يبغي بعضكم على بعض.. توحدوا وتعاضدوا.. اثبتوا أمام عدوكم.. لا تبيعوا أنفسكم لعدوكم بثمن بخس.. وإنَّ تودّدَ عدوكم لكم محدود، وينتهي حين تتحقق أهدافه.. فهو لا يرحمكم أبدا، ومتى وجد الفرصة واستنفدت أغراضه، فانه ينتقم منكم لا محالة ولا يعفو عنكم ولا يرحم.
إن أعداء الكورد كثيرون، هم ظلمة، مستبدون ولا يرحمون.. وعلامة وطريق نصر أي شعب أو امة، يكمن في وحدتهم وإتحادهم، وكذلك في المناصرة، وإلا فهم يرزحون تحت وطأة المتجبرين.
أيها الشعب الكوردي !
لستم بأقل من أي شعب على وجه البسيطة، إنما انتم في الرجولة والشهامة والقوة متقدمون على كثير من الشعوب التي تحررت.. فالشعوب التي تخلصت من قبضة المستبدين، هم أمثالكم، ولكن أولئك كانوا متحدين.. كفتكم العبودية.. وإن تحرركم مرهون فقط بالوحدة ونبذ الحسد ورفض العمالة للأجنبي ضد شعبنا.
إخوتي!
لا يخدعنكم العدو.. فعدو الكورد عدو أيا كان لونه وجماعته وقومه.. لا شفقة له ولا ضمير، ولا يرحمكم، ويوقع بينكم الفتنة والتقاتل، ويثير بينكم الأطماع.. وعن طريق الخدعة والأكاذيب، يُحرضُ بعضَكمْ ضد بعض.
والعجم هم أعدى أعداءكم، فهم أكثر ظلما وألعن وأكثر فسقا وأقل رحمة من الجميع.. لا يتورعون عن إقتراف أي جريمة بحق الشعب الكوردي.. وهكذا كانوا دائما، فالبغض والكراهية متأصلان فيهم طوال التأريخ ولحد اللحظة.
أنظروا كيف تعاملوا مع زعماء شعبكم، بدءاً ب " إسماعيل آغاي شكاك " وإنتهاء بأخيه جوهر آغا وحمزة المنكوري وآخرين كثر.. لقد خدعوهم جميعا، حيث تعاملوا معهم بالمرونة واللين في البداية، ومن ثم فرقوا جمعهم وشملهم، وأخيرا قاموا بكل خسة ودناءة بتصفيتهم.. لقد خدعوهم بأن أقسموا لهم بالقرآن، وأوحوا إليهم بأن نية العجم تجاههم صافية وإنهم يحسنون صنعا معهم.
ولكن وا أسفاه على سرعة تصديق الكورد الذين انخدعوا بيمين وعهود العجم التي قطعوها لزعماء الكورد، وكل ما قطعوه لم يتجاوز حدود الكذب والخداع.
لذا، أناشدكم وكأخ صغير لكم بالله، وأقول : إتحدوا ولا تتفرقوا.. وتيقنوا بأن العجم لو منحوكم العسل، فإنهم يدسون السم فيه.
لا يخدعنكم قسم وعهود العجم.. فإنهم لو حلفوا يمينا وبالقرآن ألف مرة ووضعوا أيديهم عليه ووعدوكم، حينئذ تأكدوا بأنهم يريدون خيانتكم ومخادعتكم.
ها أنا ذا في اللحظات الأخيرة من حياتي، أنصحكم لله.. أقول لكم بأن ما كنت قادرا على فعله قد فعلته، والله أعلم.. لم أقصر في تقديم النصائح وتبيان الطريق الصحيح.. والآن وفي هذا الوقت والحال، أعيده عليكم وأطالبكم بألا تنخدعوا أكثر بالعجم ولا تصدقوا حلفهم بالقرآن ولا بعهودهم وعقودهم، لأنهم لا يعرفون الله ولا يؤمنون به ولا برسوله ولا بيوم القيامة ولا بالحساب والكتاب.. وما دمتم كوردا، فإنكم في نظرهم مجرمون ومحكومون، حتى لو كنتم مسلمين.. من اجل ذلك، فإن رؤوسكم وأموالكم وأرواحكم مباح وحلال بنظرهم، ويعتبرون كل ما يقومون به ضدكم هو غزوة.
ما كنت أتمنى أن أغادر الحياة وأترككم وأنتم تعانون من ظلم هؤلاء الأعداء الحاقدين.. لقد فكرت كثيرا في ماضينا ورؤساءنا الذين خدعهم العجم باليمين والكذب والحيل ومن ثم ألقوا القبض عليهم وبالتالي قتلوهم.. وقد حدث هذا بعد أن عجزوا عن هزيمتهم والإنتصار عليهم في معارك البطولة ولم يصمدوا أمامهم، فأقدموا وعن طريق الكذب والاحتيال والدجل على خداعهم وبالتالي قتلهم.
أنا أتذكر كل ما حصل لأولئك الزعماء، ولم أثق في يوم ما بالعجم.. وقبل أن يعودوا إلى هنا، وعن طريق الرسائل والتوصيات وإرسال شخصيات كوردية وفارسية، وعدوا وعاهدوا كثيرا ومن دون أي وفاء بهما بأن دولة العجم وعلى رأسها الشاه تريد لهم الخير وليس في نيتها أن تسقط قطرة دم واحدة في كوردستان.. وها أنتم الآن ترون بأم أعينكم نتائج الوعود التي قطعوها.. ولو أن رؤساء القبائل والعشائر لم يخونوا ولم يبيعوا أنفسهم للعجم، لما حصل لنا ولكم ولجمهوريتنا ما حصل.
نصيحتي ووصيتي لكم هي:
أن تحثوا أبناءكم على طلب العلم، فإننا لسنا بأقل من الشعوب الأخرى ولا ينقصنا شيء غير العلم.. تعلموا، حتى لا تتأخروا عن ركب الشعوب.. فالعلم لدى عدوكم هو سلاحه القاتل في وجهكم.
تأكدوا لو أنكم اتفقتم واتحدتم وأوليتم العلم اهتمامكم، فإنكم سوف تنتصرون على أعداءكم نصرا عزيزا.
لا ينبغي أن يُحبطكم ويقضي على عزيمتكم مقتلي ومقتل أخي وأبناء أعمامي، لأنه ومن أجل أن تصلوا إلى آمالكم وأهدافكم، يجب أن يقدِّم الكثير من أمثالنا التضحيات من أجلها.. وأنا على يقين بأن هناك الكثير من الآخرين الذين سوف يُقضى عليهم بالحيل والنفاق.
أنا على قناعة بأن هنالك الكثير من الذين هم اعلم وأقدر منا، سوف يقعون في شرك وخداع ومؤامرات الأعاجم.. لكنني آمل أن يكون مقتلنا درسا وعبرة للمخلصين من أبناء الشعب الكوردي.
لدى نصيحة أخرى وهي :
إن ترجو من الله سبحانه وتعالى أن يكون نصيركم ومعينكم في نضالكم من أجل هذا الشعب.. حينئذ أكون على ثقة بأنه سوف يمدكم من عونه.
قد تسألونني لماذا لم أنتصر وأفز ؟! وعند الجواب أقول لكم: والله لقد انتصرت وفزت.. أي نعمة وأي نصر وفوز اكبر من أن أفدي برأسي ومالي وروحي في سبيل شعبي ؟!
تأكدوا بأن مطلبي في الحياة كان أن أموت موتة تجعلني وأنا أواجه الله والرسول وشعبي وقومي، مرفوع الرأس.. إن هذه الموتة هي نصر لي.
أحبائي !
كوردستان هي بيت الجميع.. كما أن كل فرد في البيت يقوم بعمل محدد فيه ولا يحتاج الأمر أن يتدخل الآخر في شأنه، وكذلك الأمر مع كوردستان، فإن مثلها كمثل البيت.. عندما تعرفون بأن عضوا في هذا البيت بإمكانه القيام بعمل ما، دعوه ليعمل، وليس هناك داع ومسوغ لوضع العوائق أمامه أو تكتئبوا وتأخذكم الغيرة لكون أحدكم تحَمَّل المسؤولية الكبرى.. لأنه حينما يتحمل شخص ما عملا عظيما ويديره، يعني هذا أنه عالم به ويحمل على عاتقه مسؤولية عظمى أمام هذا الواجب.
تأكد بأن الكوردي أفضل لك.. والعدو يحمل البغض والكراهية في قلبه.. ولو لم أكن أتحمل مسؤولية كبيرة على عاتقي، لما كنت الآن واقفا تحت حبل المشنقة.. لذا يجب أن لا يستبد بكم الطمع تجاه بعضكم.
الذين لم ينفذوا أوامرنا، لم يقتصروا فقط على عدم التنفيذ والطاعة فحسب، إنما عادونا أيضا.. وبما أننا اعتبرنا أنفسنا خداما لشعبنا، فهم الآن في بيوتهم وبين أولادهم، ينامون وهم مرتاحوا البال.. لكننا بسبب كوننا خداما لشعبنا، ها نحن الآن واقفون تحت حبل المشنقة، وأنا بصدد إنهاء آخر لحظات حياتي بهذه الوصية.. ولو لم أكن أتحمل المسؤولية الكبرى، كنت أغط الآن في نوم عميق.
وهذه النصيحة التي أقدمها لكم، هي أيضا من إحدى المهام التي على عاتقي.. وأنا على يقين بأنه لو كان هناك شخص آخر تحَمّل مسؤولياتي، لأصبح هو الآن في مكاني تحت حبل المشنقة.
وأنا الآن ومن أجل أن أرضي الله وطبقا للمسؤولية التي على عاتقي، وككوردي خادم للشعب ومن اجل العمل الطيب ( الأمر بالمعروف ) قدمت لكم بعض النصائح.. أرجو أن تأخذوا منها لاحقا العبر وان تنصتوا إليها تماما، على أمل أن ينصركم الله تعالى على أعداءكم:
1ـ أن تعتقدوا بالله و ( بما جاء من عند الله ) وتعبدوه، وتؤمنوا برسوله ( صلى الله عليه وسلم ) ويكون أداؤكم للفرائض الدينية قويا ومتينا.
2ـ أحفظوا وحدتكم واتفاقكم في صفوفكم.. لا تقترفوا الأعمال المشينة تجاه بعضكم، ولا تكونوا طماعين ولاسيما عند تسلم المسؤولية.
3ـ اجتهدوا في رفع مستوى الدراسة والعلم ودرجة تحصيلكم، حتى لا تنخدعوا بالعدو كثيرا.
4ـ لا تثقوا بالأعداء، لاسيما العجم، لأنهم يعادونكم بأشكال مختلفة، فهم أعداء شعبكم ووطنكم ودينكم. والتأريخ أثبت بأنهم يبحثون عن كل ذريعة للإيقاع بكم، ويقتلوكم لأدنى سبب ولا يتورعون عن القضاء على الكورد بتاتا.
5ـ لا تبيعوا أنفسكم للعدو طمعا في بقاء زائل في هذه الدنيا الدنية، لان العدو هو نفس العدو ولا يمكن الاعتماد عليه.
6ـ لا يخن بعضكم بعضا، لا في السياسة ولا في الأرواح ولا في الأموال ولا في الأعراض.. لأن الخائن ذليل ومجرم عند الله والناس، والمكر السيئ يحيق بصاحبه في الأخير.
7ـ لو أن أحدا منكم تمكن من أداء أعمالكم، فتعاونوا معه، ولا يجعلنكم الاستئثار والطمع أن تقفوا ضده أو لاسامح الله أن تتجسسوا عليه لصالح العدو.
8ـ المذكور في وصيتي هذه، هو من أجل صرفه على المساجد والمستشفيات والمدارس.. عليكم أن تطالبوه جميعا وتستفيدوا منه.
9ـ لا تتوقفوا عن النضال والدأب والجهاد، حتى تتحرروا كباقي الشعوب من نير الأعداء.. لا قيمة لمال الدنيا.. لو أصبح لكم وطن وامتلكتم الحرية وأصبحت أموالكم وأرضكم ووطنكم لكم، عند ذاك يمكن أن يقال بأنكم حقا أصحاب أموال وثروة، وكذلك أصحاب دولة وعزة.
10 ـ ما أظن أن لأحد علي حق، سوى حق الله.. ولكن لو أن أحدا يعتقد أن له عليّ حق، فإنني تركت ثروة كبيرة، فليذهب إلى الورثة ويأخذه منهم.
ما دمتم غير متوحدين، فإنكم لن تنتصروا.. لا يظلم بعضكم بعضا، لأن الله يقضي على الظالم بأسرع وقت ويخزيه.. وهذا وعد الله من دون زيادة أو نقصان.. الظالم سوف يسقط ويخزى، والله ينتقم من ظلمه.
آمل أن تأخذوا بنصيحتي، وأن ينصركم الله على الأعداء، وأقول كما قال الشيخ سعدي:
مراد ما نصيحت بود و كوفتيم
حوالت با خدا كرديم و رفتيم
يعني:
كان قصدنا مجرد نصيحة وقلنا
وسلّمنا الأمر لله وذهبنـــا
خادم الشعب والوطن



الشهيد القاضي محمد
(1901 ـ1947 م )

لم يكن اسم القاضي محمد رئيس جمهورية كردستان ( التي سميت جزافاً جمهورية مهاباد ) اسماً لا يلفت النظر أولا يثير الاهتمام ، ولغرض التقليل من أهمية التجربة الوطنية الكردية التي تم إجهاضها بتعاون أطراف دولية عدة ، يشار الى الاسم المختصر لها المرتبط بمدينة مهاباد والحقيقة غير ذلك .
qadymh.JPG
شيء من بدايات حياته :
هو محمد بن القاضي علي بن قاسم بن ميرزا أحمد ، ولد في مدينة مهاباد سنة 1901 م .كانت أمه من عشيرة فيض الله بك ،ذائعة الصيت في مملكة موكريان .
القاضي محمد من الشخصيات الكردية المثيرة للاهتمام حقاً ، فقد كان الرجل يتمتع بثقافة كبيرة ، فضلا عن شخصيته الساحرة التي تولد المحبة والتعاطف مع من يقابله ، ويتصف الرجل بعلميته وتبحره في أمور الشريعة والفقه الاسلامي والدين ، واتقانه اللغة العربية والتركية والفارسية والفرنسية والالمام باللغة الانكليزية والروسية ، زيادة علىلغته الأم الكردية .
و كان يتميز ببساطة شخصيته وتواضعه وشجاعته وايمانه العميق بحقوق شعبه في الحياة ، وضرورة النضال من أجل تحقيق هذه الحقوق المشروعة . وبالرغم من انحدار القاضي محمد من أسرة متمكنة ماديا وغنية في المنطقة ، وساهم ذلك في أن يجعله مثقفاً ومتعلماً من النوع المتميز بين أقرانه ، الا أن ذلك لم يدفعه ليكون مغروراً أو مبتعداً عن مهمات شعبه ونضاله من أجل تحقيق حلمه المشروع .
كان القاضي محمد يتميز بعلاقاته المتميزة بين أوساط الفقراء والمعدمين ، وبساطته في تلبية حاجاتهم ، ومساعدتهم في قضاء بعض أشغالهم ومصاعبهم وحل مشكلاتهم . وكان كثير الاهتمام بشؤون الفقراء والبسطاء من الناس . وكان حريصاً على الاستماع اليهم ،والرد على أسئلتهم الدينية والمتعلقة بالشريعة والقضاء وفي جميع مناحي الحياة العامة ، بالنظر لما يتمتع به من خصال المعرفة وشمول الثقافة ، التي اكتسبها في حياته . كما كان يدعو الى نشر التعليم والثقافة بين الكرد ، والتمسك بمواصلة الدراسة والتسلح بالعلم والمعرفة ،من أجل مواجهة الاضطهاد والظلم الذي كان يقع على هذا الشعب (وسنلاحظ هذا الجانب بوضوح في آخر وصية له الى شعبه )، فضلا عن تشخيص المعاملات المزرية والمآسي والمظالم التي تقع على الكرد بسبب قوميتهم الكردية ، وعدم تقبلهم التنكر لها ،أو تبديلها وفق رغبة السلطات الحاكمة ،التي كانت تمارس السياسات الشوفينية المقيتة ضدهم ، والتنكر لمقوماتهم الثقافية والاجتماعية والسياسية .
وكان القاضي محمد خلال سنوات حياته متفهماً للواقع المرير الذي تعيشه الجماهير الكردية ، متلمساً معاناة الناس واحساسهم بالغبن والتغييب الذي يقع على كامل القضية الكردية .
كان الشهيد القاضي محمد غالباً ما يستذكر الانتفاضات الكردية التي حدثت ،ويتحدث عنها كثيراً بين أوساط الفقراء ، والتي تحدث تأثيرها وانعكاسها عليهم في تأجيج مشاعرهم الدينية والقومية المشروعة لتكون نبراساً يتذكر به الكرد تاريخهم المجيد .

وكان يؤكد دوماً على ضرورة تمتين الروابط بين الكرد ، وضرورة أن يضحي الكردي في سبيل دينه وحقوقه القومية المشروعة مهما عظمت التضحيات في ظل الظروف التي يعيشها الكرد في الدول التي تتقاسم وجودهم بعد تعمد اللعبة الدولية على تقسيمهم وتقطيع أوصالهم ، لغرض اضعاف قوتهم وتشتيت ارادتهم ووأد أحلامهم المشروعة .
وكان القاضي محمد يقلب صفحات التاريخ الكردي بدقة ويستل منها مايؤثر في نفوس الكرد . وتشير الكتابات التي وصلتنا عنه أنه كان مؤثّراً بشكل لايوصف في كل الطبقات الكردية المنتشرة في منطقة مهاباد ، وكان تأثيره واضحاً في قيام حركات سياسية متميزة وتجمعات ثورية وعشائرية ، وصدور مجلات كردية تنشر أفكارها وسياستها في المنطقة وتؤثر خارج منطقتها .

وبالرغم من سيطرة القيادات العشائرية على المجتمع الكردي،وابتعاد هذه القيادات عن الدعوة الى النضال والكفاح من أجل تطلعات ا لكرد المشروعة ، وابداء المقاومة من قبل الآغاوات والشيوخ ، بسبب عدم التفريط في وسائل استغلالهم للطبقات الفلاحية المعدمة ،وعدم تقبلهم ذهنياً مفاهيم ثورية كان يدعو اليها القاضي محمد تحت شتى الحجج والغايات الدينية والعشائرية والاجتماعية المختلفة ، فقد كان القاضي محمد وعلى الدوام يكرس كل وقته وجلّ اهتمامه في مصلحة الكرد والتطلع نحو مستقبلهم وحياتهم ، ليس في منطقة مهاباد فحسب ، بل في مجمل المناطق التي تعيش بها المجتمعات الكردية .
وانتشرت دعوة القاضي محمد بين الناس انتشاراً سريعاً مثل البرق ،وتوسعت القاعدة الشعبية لأعضاء الحزب الديمقراطي الكردستاني في المدينة لتحتوى أغلب شبابها وشيوخها وحتى نسائها ، وأمام حالة رد الفعل لما تقوم به السلطات القمعية الفارسية تجاه الكرد ، ومع وقوع حوادث سياسية وأمنية استفزت الجماهير الكردية لتنتفض برمتها على القوات الايرانية ، وتستطيع السيطرة على مجمل المناطق كاملة يوم 17 كانون الأول 1945 ، فسطرت قوات البيش مركة الكردية أروع الملاحم وقصص البطولة في التصدي والثبات حتى يمكن تسمية هذا اليوم بيوم (البيش مركة ) .
وتحركت القيادات السياسية الكردية بما يتناسب مع الوضع الراهن ، وسيطرت على الوضع، وبدأت تحركات سياسية وتقسيمات عسكرية بعد دراسة الظروف الاقليمية والدولية التي كانت صعبة ومتشابكة للغاية ، بالنظر لمخلفات الحرب العالمية الثانية والتقسيمات الدولية الجديدة ، وانقسام العالم الى معسكرات عدة ، وتعدد المصالح فيما بينها .
وبتاريخ 22/1/1946 تم اعلان قيام جمهورية كردستان ، التي تأسست ضمن الظروف الشائكة التي ورد ذكرها ، وأصبحت مدينة مهاباد عاصمة للجمهورية الفتية ، وأصبحت قيادة الحزب الديمقراطي الكردستاني قائداً لهذه الجمهورية .
وأمام العالم ووسط أكبر ساحة من ساحات العاصمة (ساحة جوار جرا ـ القناديل الأربعة) تم انتخاب القاضي محمد كأول رئيس للجمهورية الكردستانية ، وكان حاضراً هذه الاحتفالات المهيبة وفود من جميع أطراف منطقة كردستان .ولكن الجمهورية الفتية ذات الحكم الذاتي لم تعمر طويلا ، فقد تخلى الرفاق الحمر عن دعمهم لها ولقيادتها لما اقتضت مصالحهم النفطية ذلك ،فضلا عن الضغوطات الأمريكية والبريطانية على القيادة السوفيتية بضرورة انسحاب الجيش السوفيتي من شمالي ايران .

نهاية الجمهورية :
تداخلت المساومات السياسية مع خيوط اللعبة الدولية ليتم تخلي جميع الدول وانسحاب الجيش الأحمر من المناطق القريبة ، وخلو الساحة للجيش الايراني الذي تفرغ للاجهاز على الجمهورية الناشئة ، ليطبق عليها بأنيابه ومخالبه ، وتقدمت جحافل الجيش الايراني الجرارة بقوة تقدر ب 120 ألف جندي مدججة بأنواع الأسلحة العسكرية المتطورة حينها لمواجهة شعب لم يكن يملك سوى ارادته وتصميمه على الكفاح .
وعلى مشارف الجمهورية كان يمكن للقاضي محمد أن ينسحب ويتوارى عن الأنظار ، وكان يمكن له أن يتخلى عن مبادئه وأفكاره لينزوي في داره يتابع مطالعاته والتنعم بالحياة مع أسرته، وكان من الممكن أن يساوم العدوان الايراني ، وكان وكان ، حتى ان المقربين منه والمحيطين به اقترحوا عليه النجاة بنفسه فأجابهم :"كيف لي أن أفرّ وأترك الشعب في هذه الظروف ليواجه مصيره وقد أقسمت أن أدافع عنه حتى آخر قطرة من دمي ؟ " لقدآثر البقاء لمواجهة القوة الايرانية ، مسجلاً بذلك ليس صفحة شجاعة ومشرقة في سجله الشخصي والعائلي ، انما سجل صفحة أخرى من صفحات البطولة والاصرار على الثبات والدفاع عن الحقوق التي يؤمن بأحقيتها ومشروعيتها.
وتم القبض على القاضي محمد مرفوع الرأس مبتسماً بمهابة واجلال واقتيد الى سجون الجيش الايراني ليتم تقديمه الى المحكمة العسكرية الاستثنائية ، وهو الرجل المدني الذي لم يخالف القوانين العسكرية ، الا أن شموله بحالة الطواريء والحرب جعله يتقدم الى هذه المحكمة بدفاع ليس عن نفسه انما عن قضية الشعب الكردي يفحم بها قضاة المحكمة ، مفنداً جميع الاتهامات الموجهة له .

نهايته :
كان من الطبيعي أن يصدر الحكم بالموت على البطل الأسطوري والفقيه الزاهد والمتعبد القاضي محمد ، وقد تلقاه القاضي برباطة جأش وثقة عالية بالقدر والمصير المحتوم ، وبشجاعة تنمّ عن ثقته بربه وقضائه وقدره ، وبما يشكله موته من فائدة كبيرة لشعبه الذي يعاني من الاضطهاد والحرمان والظلم .
وفي يوم 30 مارس 1947 اقتيد البطل الى الساحة التي شهدت قيام الجمهورية الكردستانية نفسها ( ساحة القناديل الأربعة ) . وفي فجر ذلك اليوم البائس بعد أن أدى صلاة الفجر تم شنقه ،ليسجل اسمه في سفر الخلودً مع الشهداء الخالدين والمدافعين عن قضايا شعوبهم ،وعن حق الانسان في الحياة الكريمة .
وهكذا بقيت الاشارة المضيئة في التاريخ الانساني تتحدث ملياً عن الرموز التي رحلت تحمل معها ايمانها بعقيدتها ومبادئها ، غير أنها باقية في ضمير الشعوب كرمز من رموز الانحياز ضد قوى الباطل والظلم ، الى جانب الشعوب المستضعفة والمنكوبة ، ويصير الشهيد الخالد القاضي محمد بمواقفه وشجاعته وصبره وأحلامه ، التي حولها الى واقع ،و أبقاها مأثرة حية في ضمير من بعده.
وتتمة للفائدة ننشر فيما يأتي آخر وصية للقاضي محمد ـ قبل اعدامه ، وهي من تعريب الكاتب الكردي محسن جوامير ،وقد نشرتها مواقع كردية عدة .

وصية القاضي محمد رحمه الله تعالى :

يا أبنائي وإخوتي الأعزاء !

يا إخوتي الذين هضمت حقوقهم!
يا شعبي المظلوم !
ها أنا ذا في اللحظات الأخيرة من حياتي، أقدم لكم بعض نصائحي:
ـ تعالوا أناشدكم بالله أن لا يبغي بعضكم على بعض.. توحدوا وتعاضدوا.. اثبتوا أمام عدوكم.. لا تبيعوا أنفسكم لعدوكم بثمن بخس.. وإنَّ تودّدَ عدوكم لكم محدود، وينتهي حين تتحقق أهدافه.. فهو لا يرحمكم أبدا، ومتى وجد الفرصة واستنفدت أغراضه، فانه ينتقم منكم لا محالة ولا يعفو عنكم ولا يرحم.
إن أعداء الكورد كثيرون، هم ظلمة، مستبدون ولا يرحمون.. وعلامة وطريق نصر أي شعب أو امة، يكمن في وحدتهم وإتحادهم، وكذلك في المناصرة، وإلا فهم يرزحون تحت وطأة المتجبرين.
أيها الشعب الكوردي !
لستم بأقل من أي شعب على وجه البسيطة، إنما انتم في الرجولة والشهامة والقوة متقدمون على كثير من الشعوب التي تحررت.. فالشعوب التي تخلصت من قبضة المستبدين، هم أمثالكم، ولكن أولئك كانوا متحدين.. كفتكم العبودية.. وإن تحرركم مرهون فقط بالوحدة ونبذ الحسد ورفض العمالة للأجنبي ضد شعبنا.
إخوتي!
لا يخدعنكم العدو.. فعدو الكورد عدو أيا كان لونه وجماعته وقومه.. لا شفقة له ولا ضمير، ولا يرحمكم، ويوقع بينكم الفتنة والتقاتل، ويثير بينكم الأطماع.. وعن طريق الخدعة والأكاذيب، يُحرضُ بعضَكمْ ضد بعض.
والعجم هم أعدى أعداءكم، فهم أكثر ظلما وألعن وأكثر فسقا وأقل رحمة من الجميع.. لا يتورعون عن إقتراف أي جريمة بحق الشعب الكوردي.. وهكذا كانوا دائما، فالبغض والكراهية متأصلان فيهم طوال التأريخ ولحد اللحظة.
أنظروا كيف تعاملوا مع زعماء شعبكم، بدءاً ب " إسماعيل آغاي شكاك " وإنتهاء بأخيه جوهر آغا وحمزة المنكوري وآخرين كثر.. لقد خدعوهم جميعا، حيث تعاملوا معهم بالمرونة واللين في البداية، ومن ثم فرقوا جمعهم وشملهم، وأخيرا قاموا بكل خسة ودناءة بتصفيتهم.. لقد خدعوهم بأن أقسموا لهم بالقرآن، وأوحوا إليهم بأن نية العجم تجاههم صافية وإنهم يحسنون صنعا معهم.
ولكن وا أسفاه على سرعة تصديق الكورد الذين انخدعوا بيمين وعهود العجم التي قطعوها لزعماء الكورد، وكل ما قطعوه لم يتجاوز حدود الكذب والخداع.
لذا، أناشدكم وكأخ صغير لكم بالله، وأقول : إتحدوا ولا تتفرقوا.. وتيقنوا بأن العجم لو منحوكم العسل، فإنهم يدسون السم فيه.
لا يخدعنكم قسم وعهود العجم.. فإنهم لو حلفوا يمينا وبالقرآن ألف مرة ووضعوا أيديهم عليه ووعدوكم، حينئذ تأكدوا بأنهم يريدون خيانتكم ومخادعتكم.
ها أنا ذا في اللحظات الأخيرة من حياتي، أنصحكم لله.. أقول لكم بأن ما كنت قادرا على فعله قد فعلته، والله أعلم.. لم أقصر في تقديم النصائح وتبيان الطريق الصحيح.. والآن وفي هذا الوقت والحال، أعيده عليكم وأطالبكم بألا تنخدعوا أكثر بالعجم ولا تصدقوا حلفهم بالقرآن ولا بعهودهم وعقودهم، لأنهم لا يعرفون الله ولا يؤمنون به ولا برسوله ولا بيوم القيامة ولا بالحساب والكتاب.. وما دمتم كوردا، فإنكم في نظرهم مجرمون ومحكومون، حتى لو كنتم مسلمين.. من اجل ذلك، فإن رؤوسكم وأموالكم وأرواحكم مباح وحلال بنظرهم، ويعتبرون كل ما يقومون به ضدكم هو غزوة.
ما كنت أتمنى أن أغادر الحياة وأترككم وأنتم تعانون من ظلم هؤلاء الأعداء الحاقدين.. لقد فكرت كثيرا في ماضينا ورؤساءنا الذين خدعهم العجم باليمين والكذب والحيل ومن ثم ألقوا القبض عليهم وبالتالي قتلوهم.. وقد حدث هذا بعد أن عجزوا عن هزيمتهم والإنتصار عليهم في معارك البطولة ولم يصمدوا أمامهم، فأقدموا وعن طريق الكذب والاحتيال والدجل على خداعهم وبالتالي قتلهم.
أنا أتذكر كل ما حصل لأولئك الزعماء، ولم أثق في يوم ما بالعجم.. وقبل أن يعودوا إلى هنا، وعن طريق الرسائل والتوصيات وإرسال شخصيات كوردية وفارسية، وعدوا وعاهدوا كثيرا ومن دون أي وفاء بهما بأن دولة العجم وعلى رأسها الشاه تريد لهم الخير وليس في نيتها أن تسقط قطرة دم واحدة في كوردستان.. وها أنتم الآن ترون بأم أعينكم نتائج الوعود التي قطعوها.. ولو أن رؤساء القبائل والعشائر لم يخونوا ولم يبيعوا أنفسهم للعجم، لما حصل لنا ولكم ولجمهوريتنا ما حصل.
نصيحتي ووصيتي لكم هي:
أن تحثوا أبناءكم على طلب العلم، فإننا لسنا بأقل من الشعوب الأخرى ولا ينقصنا شيء غير العلم.. تعلموا، حتى لا تتأخروا عن ركب الشعوب.. فالعلم لدى عدوكم هو سلاحه القاتل في وجهكم.
تأكدوا لو أنكم اتفقتم واتحدتم وأوليتم العلم اهتمامكم، فإنكم سوف تنتصرون على أعداءكم نصرا عزيزا.
لا ينبغي أن يُحبطكم ويقضي على عزيمتكم مقتلي ومقتل أخي وأبناء أعمامي، لأنه ومن أجل أن تصلوا إلى آمالكم وأهدافكم، يجب أن يقدِّم الكثير من أمثالنا التضحيات من أجلها.. وأنا على يقين بأن هناك الكثير من الآخرين الذين سوف يُقضى عليهم بالحيل والنفاق.
أنا على قناعة بأن هنالك الكثير من الذين هم اعلم وأقدر منا، سوف يقعون في شرك وخداع ومؤامرات الأعاجم.. لكنني آمل أن يكون مقتلنا درسا وعبرة للمخلصين من أبناء الشعب الكوردي.
لدى نصيحة أخرى وهي :
إن ترجو من الله سبحانه وتعالى أن يكون نصيركم ومعينكم في نضالكم من أجل هذا الشعب.. حينئذ أكون على ثقة بأنه سوف يمدكم من عونه.
قد تسألونني لماذا لم أنتصر وأفز ؟! وعند الجواب أقول لكم: والله لقد انتصرت وفزت.. أي نعمة وأي نصر وفوز اكبر من أن أفدي برأسي ومالي وروحي في سبيل شعبي ؟!
تأكدوا بأن مطلبي في الحياة كان أن أموت موتة تجعلني وأنا أواجه الله والرسول وشعبي وقومي، مرفوع الرأس.. إن هذه الموتة هي نصر لي.
أحبائي !
كوردستان هي بيت الجميع.. كما أن كل فرد في البيت يقوم بعمل محدد فيه ولا يحتاج الأمر أن يتدخل الآخر في شأنه، وكذلك الأمر مع كوردستان، فإن مثلها كمثل البيت.. عندما تعرفون بأن عضوا في هذا البيت بإمكانه القيام بعمل ما، دعوه ليعمل، وليس هناك داع ومسوغ لوضع العوائق أمامه أو تكتئبوا وتأخذكم الغيرة لكون أحدكم تحَمَّل المسؤولية الكبرى.. لأنه حينما يتحمل شخص ما عملا عظيما ويديره، يعني هذا أنه عالم به ويحمل على عاتقه مسؤولية عظمى أمام هذا الواجب.
تأكد بأن الكوردي أفضل لك.. والعدو يحمل البغض والكراهية في قلبه.. ولو لم أكن أتحمل مسؤولية كبيرة على عاتقي، لما كنت الآن واقفا تحت حبل المشنقة.. لذا يجب أن لا يستبد بكم الطمع تجاه بعضكم.
الذين لم ينفذوا أوامرنا، لم يقتصروا فقط على عدم التنفيذ والطاعة فحسب، إنما عادونا أيضا.. وبما أننا اعتبرنا أنفسنا خداما لشعبنا، فهم الآن في بيوتهم وبين أولادهم، ينامون وهم مرتاحوا البال.. لكننا بسبب كوننا خداما لشعبنا، ها نحن الآن واقفون تحت حبل المشنقة، وأنا بصدد إنهاء آخر لحظات حياتي بهذه الوصية.. ولو لم أكن أتحمل المسؤولية الكبرى، كنت أغط الآن في نوم عميق.
وهذه النصيحة التي أقدمها لكم، هي أيضا من إحدى المهام التي على عاتقي.. وأنا على يقين بأنه لو كان هناك شخص آخر تحَمّل مسؤولياتي، لأصبح هو الآن في مكاني تحت حبل المشنقة.
وأنا الآن ومن أجل أن أرضي الله وطبقا للمسؤولية التي على عاتقي، وككوردي خادم للشعب ومن اجل العمل الطيب ( الأمر بالمعروف ) قدمت لكم بعض النصائح.. أرجو أن تأخذوا منها لاحقا العبر وان تنصتوا إليها تماما، على أمل أن ينصركم الله تعالى على أعداءكم:
1ـ أن تعتقدوا بالله و ( بما جاء من عند الله ) وتعبدوه، وتؤمنوا برسوله ( صلى الله عليه وسلم ) ويكون أداؤكم للفرائض الدينية قويا ومتينا.
2ـ أحفظوا وحدتكم واتفاقكم في صفوفكم.. لا تقترفوا الأعمال المشينة تجاه بعضكم، ولا تكونوا طماعين ولاسيما عند تسلم المسؤولية.
3ـ اجتهدوا في رفع مستوى الدراسة والعلم ودرجة تحصيلكم، حتى لا تنخدعوا بالعدو كثيرا.
4ـ لا تثقوا بالأعداء، لاسيما العجم، لأنهم يعادونكم بأشكال مختلفة، فهم أعداء شعبكم ووطنكم ودينكم. والتأريخ أثبت بأنهم يبحثون عن كل ذريعة للإيقاع بكم، ويقتلوكم لأدنى سبب ولا يتورعون عن القضاء على الكورد بتاتا.
5ـ لا تبيعوا أنفسكم للعدو طمعا في بقاء زائل في هذه الدنيا الدنية، لان العدو هو نفس العدو ولا يمكن الاعتماد عليه.
6ـ لا يخن بعضكم بعضا، لا في السياسة ولا في الأرواح ولا في الأموال ولا في الأعراض.. لأن الخائن ذليل ومجرم عند الله والناس، والمكر السيئ يحيق بصاحبه في الأخير.
7ـ لو أن أحدا منكم تمكن من أداء أعمالكم، فتعاونوا معه، ولا يجعلنكم الاستئثار والطمع أن تقفوا ضده أو لاسامح الله أن تتجسسوا عليه لصالح العدو.
8ـ المذكور في وصيتي هذه، هو من أجل صرفه على المساجد والمستشفيات والمدارس.. عليكم أن تطالبوه جميعا وتستفيدوا منه.
9ـ لا تتوقفوا عن النضال والدأب والجهاد، حتى تتحرروا كباقي الشعوب من نير الأعداء.. لا قيمة لمال الدنيا.. لو أصبح لكم وطن وامتلكتم الحرية وأصبحت أموالكم وأرضكم ووطنكم لكم، عند ذاك يمكن أن يقال بأنكم حقا أصحاب أموال وثروة، وكذلك أصحاب دولة وعزة.
10 ـ ما أظن أن لأحد علي حق، سوى حق الله.. ولكن لو أن أحدا يعتقد أن له عليّ حق، فإنني تركت ثروة كبيرة، فليذهب إلى الورثة ويأخذه منهم.
ما دمتم غير متوحدين، فإنكم لن تنتصروا.. لا يظلم بعضكم بعضا، لأن الله يقضي على الظالم بأسرع وقت ويخزيه.. وهذا وعد الله من دون زيادة أو نقصان.. الظالم سوف يسقط ويخزى، والله ينتقم من ظلمه.
آمل أن تأخذوا بنصيحتي، وأن ينصركم الله على الأعداء، وأقول كما قال الشيخ سعدي:
مراد ما نصيحت بود و كوفتيم
حوالت با خدا كرديم و رفتيم
يعني:
كان قصدنا مجرد نصيحة وقلنا
وسلّمنا الأمر لله وذهبنـــا
خادم الشعب والوطن




الدور التاريخي للكرد
د. فرست مرعي
لا يزال الغموض يكتنف أصل الكرد وتاريخهم القديم، شأنه في ذلك شأن المراحل الأخرى من تاريخهم التي لم تدرس بعد دراسة علمية دقيقة، بعيدة عن الخرافة والأسطورة والعاطفة والأيديولوجيا والمصالح السياسية.وفي السطور الآتية سنبحث في جوانب ثلاثة من التاريخ الكردي،وهي:الأصول التاريخية،الإسهام الحضاري،والكرد والإسلام
الأصول التاريخية
تباينت آراء الباحثين والمؤرخين حول الانتماء الحقيقي للكرد وجنس أسلافهم التاريخيين، وهذا ما انعكس بدوره على العصر التاريخي الذي يستطيع الباحث أن يعتمده كبداية للتاريخ الكردي قبل الإسلام.
ولكن استنادا إلى مصادر تاريخ الكرد قبل الإسلام من دينية (توراتية ومسيحية) ويونانية وأرمنية وفارسية وإلى الرأي الراجح بانتماء اللغات الميدية والكردية والفارسية إلى أرومة اللغات الهندوإيرانية، استنادا إلى هذه البينات فإن المستشرق الروسي مينورسكي طرح نظرية مفادها أن الكرد ماهم إلا أحفاد الميديين الذين هاجروا من المناطق التي تحيط ببحر قزوين غرباً وجنوباً نحو الغرب (كردستان) بعد سقوط الدولة الآشورية عام 612 ق.م. جاء ذلك في المؤتمر العشرين للاستشراف الدولي الذي عقد في بروكسل عام 1938 م.
وكان الصراع سجالاً بين الميديين (أجداد الكرد الحاليين) والآشوريين في الفترة من 836 ق.م إلى غاية 612 ق.م عندما تمكن الميديون بالتحالف مع الكلدانيين بقيادة زعيمهم نبوبلاصر من إلحاق الهزيمة بالآشوريين واحتلال عاصمتهم نينوى عام 612 ق.م، وبذلك تقاسمت الدولتان الميدية والكلدانية منطقة الشرق الأدنى مناصفةً بينهما.
وفي الوقت الحاضر فإن غالبية المؤرخين والباحثين الكرد يعتبرون الميديين أسلاف الكرد الحاليين وعلى هذا الأساس اعتبروا بداية ظهور الميديين ككيان سياسي عام 700ق.م تقريبا بداية للتاريخ الكردي على غرار الأمم الأخرى.
وفي سنة 550 ق. م تمكن زعيم قبائل البارسيين(الفرس) كورش الإخميني من الانقلاب على جده لأمه الملك الميدي (أستياكس) في العاصمة (همكتانا – همدان) فأسس أول دولة فارسية في التاريخ تحت اسم (الدولة الإخمينية).
وبخصوص الحضارة الميدية وإسهاماتها في خدمة البشرية فإن العديد من التنظيمات الإدارية والسياسية والعسكرية الميدية اقتبسها منهم الإخمينيون، كالألقاب الرسمية وتنظيم إدارة الدولة والمصطلحات العسكرية كـ(قائد مائة جندي- أو آمر الفصيل- والمسؤول عن العينة– وهيئة العقاب)، وقد نظم أحد الباحثين الأوروبيين قائمة بتلك المصطلحات الميدية التي كانت تستعملها الإدارة الإخمينية، واستعارها فيما بعد اليونانيون الإغريق والرومان.
كما أن إحدى قبائل الميديين وهي الزاكروتيين طغى اسمها على الجبال التي تفصل العراق عن إيران وهي سلسلة جبال زاكروس.
أما زرادشت الذي يعد نبياً أو فيلسوفاً إيرانياً على أقل تقدير فقد ولد في منطقة الشيز في مقاطعة ميديا وعاش في العصر الميدي في الحقبة ما بين 660-583 ق.م. وكتب وصاياه بالخط الميدي، ولغة كتابه المقدس (الآفيستا- الآوستا– الآبستاق) في نظر غالبية الباحثين الأوروبيين هي اللغة الميدية، فلاعجب إن كان للحضارة الميدية تأثير كبير وإسهام فعال في تكوين البنية الفكرية والروحية للشعوب الهندوإيرانية وجيرانهم الساميين.
ومن جانب آخر كان من نتائج التحالف الميدي الكلداني أن حدثت مصاهرة بين الجانبين، إذ تزوج نبوخذ نصر ابن الملك الكلداني نبوبلاصر أميتس ابنة الملك الميدي أستياكس، وعندما لم تستطع أن تساير البيئة الجديدة التي بدأت العيش فيها لأن مدينة بابل عاصمة الدولة الكلدانية أرض سهلية وهي ابنة الجبال، بنى لها زوجها الملك نبوخذ نصر برجا هائلاً على شكل جبل وبطريقة ميكانيكية رفع إليها الماء من نهر الفرات، وقد سمى الأقدمون هذا البرج بالجنائن المعلقة، وعدت إحدى عجائب الدنيا السبع.
الإسهام الحضاري
مما لاشك فيه أنه كان للكرد إسهام لا بأس به في الحضارة الإنسانية لأنه على أرضهم ظهرت أولى الحضارات البشرية، فقد حدد سكان العراق القدماء من السومريين والأكديين والآشوريين بداية انتشار الموجة الثانية من البشرية بعد استقرار فلك اُوتونابشتم (نوح عليه السلام) في جبل من الجبال الكردية هو كشاد كوتيوم حسب النص الأكدي ونيسير أو كينيبا حسب النص الآشوري. وفي التوراة وتحديداً سفر التكوين (8: 3-5) يشير ناسخو العهد القديم إلى أنه "بعد مائة وخمسين يوماً نفضت المياه واستقر الفلك في اليوم السابع عشر من الشهر على جبل آراراط"، في حين حدد القرآن الكريم موقعاً قريباً لهذا الحدث الجلل في الآية 44 من سورة هود "... وغيض الماء وقضي الأمر واستوت على الجودي...".
وعلى أية حال فقد حفظت لنا السجلات التاريخية التي تعود إلى الألف الثالثة ق.م أسماء عدد من الآلهة التي عبدها سكان شمال وادي الرافدين (سكان كردستان القدماء)، فضلا عن عدد من الملاحم والأساطير التي كان لها تأثير في تطوير الوعي الاجتماعي والبنية الذهنية لهذه الشعوب والشعوب المجاورة التي انتقلت إليها هذه المعبودات وكانت لها تأثيرات واضحة وجلية في خلق مشاعر مشتركة حددت بمرور الزمن روابطها الاجتماعية والاقتصادية والسياسية، مطورة أوجهاً عديدة للحياة العامة، اندثر قسم كبير منها وظل أقلها مدوناً في وادي الرافدين ومصر وإيران والهند واليونان. ومن هذه الآلهة: نيني Nini (إينانا)، الإله موس (MUS)، أُودو (UDU)، إله الشمس سوريا (آسورا) SURIYA، الإله تيشوب (TESUP)، كوماربي (KOMARBI)، الإلهان شيميكا وكوشوخ (إلها الشمس والقمر عند الخوريين).
وبجانب المعبودات الزاكروسية التي ذكرناها آنفاً، فقد شاركت آلهة أخرى في عقيدة سكان المناطق الشمالية والشرقية لوادي الرافدين (سوبارتو) ترجع أصولها إلى المعتقدات والأساطير الميثولوجية للأقوام الهندية – الآرية) التي تركت مواطنها في جنوب روسيا في بداية الألف الثانية ق.م والتجأت إلى كل من الهند وإيران والأناضول وبلاد سوبارتو (كردستان)، وكان أشهر هذه المعبودات:
آسورا الهندية أو سورياش الكاشية خالق الكون والإنسان، وهورفتات (هاروت في القرآن الكريم) وماروتاش (ماروت في القرآن الكريم)، ووارونا وإندرا وناساتيا المذكورة في الفيدا (الكتاب الهندوسي المقدس)، وميثرا الذي انتشر خارج المنطقة الكردية حتى وصل أوربا، فقد آمن به اليونانيون والرومان وعدّوه إله الملوك والمعاهدات الدولية، وإله الجنود إذ كانت تنحر الثيران في عيد ميلاده.
وبعد انهيار الدولة الإخمينية الفارسية عام 330 ق.م انتشرت عبادة ميثرا (إله الشمس المنير) في بقعة واسعة بين كردستان والأناضول وخاصة بين أفراد الطبقات الأرستقراطية وأمراء الأقاليم، لذلك دخل اسمه في تركيبة عدد كبير من الألقاب الملكية مثل: ميثرادات الأول والثاني والثالث البرثي وميثرادات السادس ملك البنطس (منطقة البحر الأسود)، وميثرادات ملك الأرمن وغيرهم. ومنذ عام 136م صنعت في الإمبراطورية الرومانية مئات التماثيل والأصنام لهذا الإله وأصبحت الميثرائية عند الرومان دين إطاعة الملوك، وقد شجعها الأباطرة. أما في العصر الساساني فيقول المؤرخ الدانماركي آرثر كريستنسن "إن الشمس التي كان يعبدها مجوس العهد الساساني ليست خور وإنما هي مهر، ميثرا اليشتات القديم الذي جعل منه الميثريون الشمس التي لا تقهر".
وانعكست صيغة كنيته الحديثة (ميهر) في بعض الكلمات والأسماء الكردية مثل ميهربان (الرحيم) وميرزا (السيد والمبجل)، و(المار) عند السريان المسيحيين بمعنى الشيخ، كما دخل اسم الاحتفال بيوم مولده إلى العربية بصيغة (مهرجان). أما الكنيسة المسيحية فقد جاملت ميثرا مجاملة عظمى باحتضان عيده الأكبر الذي يقع في 25 ديسمبر/كانون الأول، وهو يوم ميلاد (الشمس التي لا تقهر)، واتخذت منه عيد مولد السيد المسيح عليه السلام.
الكرد والإسلام
كان الكرد يعيشون كمجموعات قبلية ضمن الإمبراطورية الفارسية الساسانية في غياب أي كيان سياسي خاص بهم في هذه الفترة، وبالتالي كانوا جزءاً لا يتجزأ من الإمبراطورية الفارسية. في هذا الوقت توالت الانتصارات الإسلامية على القوات الفارسية في معارك القادسية وجلولاء ونهاوند (فتح الفتوح). وكان من نتائجها أن حدث احتكاك بين العرب المسلمين الفاتحين وبين الكرد.
ومهما يكن من أمر فإن غالبية المناطق الكردية من مدن وقرى وقلاع في أقاليم الجبال الغربية ومناطق الجزيرة الفراتية وأرمينيا وأذربيجان قد فتحت صلحاً، ماعدا مناطق قليلة فتحت عنوة كشهرزور (محافظة السليمانية) فقد لاقى المسلمون مقاومة شديدة من سكانها، فضلاً عن مناطق ماسبذان والصيمرة الواقعة في جنوب إقليم الجبال الغربي (لورستان) إذ جرت بين المسلمين والفرس المدعومين من قبل الكرد معارك طاحنة كانت نتيجتها انتصار المسلمين.
وبحلول عام 21هـ دخلت غالبية المناطق الكردية في الإسلام، وبدأت عملية أسلمة المجتمع الكردي تمشي على قدم وساق.
إن دخول الكرد في الإسلام ربما أشعرهم بكينونتهم كجماعة متميزة بلغتها وتراثها ضمن الجماعة الإسلامية. ومن جانب آخر فإن فقدان الكرد لدولتهم الميدية وتقلص دورهم الحضاري في ظل الدول الأجنبية التي توالى حكمها على كردستان مثل الإخمينيين واليونانيين والبرثيين (ملوك الطوائف) والساسانيين، جعل من الطبيعي أن يرحبوا بالإسلام باعتبار ذلك وسيلة انتقال إلى وضع أفضل مما كانوا فيه، فضلا عن أنهم تخلصوا من ظلم الدهاقنة الفرس وتعقيدات رجال الدين الزرادشت (المجوس) التي كانت تلقي عليهم تقاليد وطقوسا لا قبل لهم بها.
وفي حقيقة الأمر لم يمس الإسلام الكيان القومي للكرد داخل وطنهم، بل إنه ساعد على تعزيز ذلك الكيان في وجه الشعوب والأنظمة غير الإسلامية المتاخمة لكردستان، ولا سيما في طرفها الشمالي. يقول باحث محايد إن الخلفاء المسلمين لم يحاولوا التدخل في الكيان المستقل لزعماء الكرد. وذلك يدخل دون شك في الأسباب الأساسية التي دفعت الكرد إلى الترحيب بالدين الجديد والإخلاص له والتفاني من أجله. إن احتفاظ الكرد بخصائصهم القومية وبلغتهم في ظل الإسلام وحضارته لهو درس بليغ من التاريخ كان يجب أن يؤخذ في الاعتبار.
ومما يضفي أهمية خاصة على هذا الأمر أن أبناء الكرد رحبوا بالعربية بوصفها لغة القرآن وأداة الروح والتقرب من الله سبحانه وتعالى. ومع ذلك فإن الكرد وعلماءهم لم يروا أي تعارض بين إيمانهم بالإسلام وإخلاصهم للغة قومهم. كما كان لعلماء الكرد دور متميز في الحضارة الإسلامية بوجود العديد من اللغويين والنحاة والمؤرخين والمفسرين والمحدثين. وهكذا فقد كان اعتزازهم بالعربية وبالإسلام كبيرا بوصفها لغة القرآن الكريم، ولم تدر في خلدهم الكتابة بغيرها حتى وإن كان لغتهم، وهذا ما جعل التراث الكردي جزءا من التراث الإسلامي وليس منفصلا عنه.
وهكذا ظل الكرد يؤلفون باستمرار روح الإسلام، كما أنهم أصبحوا جنودا للخلافة الإسلامية في شتى عصورها، ولم تؤثر فيهم الاحتكاكات العقائدية والحزبية والمذهبية التي طغت على العديد من القوميات التي تؤلف المجتمع الإسلامي آنذاك، بل أصبحوا سندا ومدافعا أمينا عن الثغور الإسلامية في وجه الروس والبيزنطيين وحلفائهم من الأرمن والكرج (الجورجيين). أما دورهم بقيادة الناصر صلاح الدين الأيوبي في مقاومة الصليبيين والباطنيين فأشهر من أن يعرف.
وفي العصور العباسية كان لهم دور مشهود في الدفاع عن حياض الخلافة، وحتى عندما شكلوا إمارات خاصة بهم كغيرهم من الأمم أيام تدهور الخلافة العباسية في العصر البويهي 334-447 هـ فإنهم بقوا على إخلاصهم لرمز الإسلام آنذاك (الخلافة العباسية)، ولم يحاولوا القيام بحركات التمرد والانفصال أو احتلال بغداد مثل أمم أخرى كالفرس والبويهيين، وكان في استطاعتهم فعل ذلك لو أرادوا، ولكنه في اعتقادي الإخلاص للإسلام وللخلافة العباسية لا غير.

 
قلعة دمدم

تعد ملحمة (( الأمير ذو الكف الذهب )) المعروفة باسم ملحمة ( قلعة دمدم ) من أشهر ملاحم البطولة الكردية على الاطلاق وهي تروي قصة نضال أمير كردي شيد قلعة حصينة بهذا الاسم لحماية نفسه وأبناء
عشيرته وإمارته من شرور الأعداء والمعركة الدموية التي دارت بين الأمير وأبناء عشيرته من جهة وبين الشاه عباس الصفوي وجيشه من جهة ثانية حيث دافع حماة القلعة الشجعان عن حياتهم وحريتهم واستقلال إمارتهم الصغيرة حتى آخر رجل ولم يستطع الغزاة من أسر أي مقاتل كردي ولم يجد الشاه و جنوده بعد دخولهم القلعة - عن طريق المكيدة والخيانة - الا الخرائب والأنقاض، حيث فضل الأمير البطل الموت بشرف وكرامة على حياة الذل والمهانة في ظل حكم الشاه . وتشير المصادر التاريخية الى أن هذه المعركة الحاسمة وقعت في عام 1605 م على الأرجح.
تقع قلعة دمدم في شمال غرب كردستان ايران وعلى حدودها مع تركيا وقد ورد ذكرها في كتاب (الشرفنامة) لشرفخان البدليسي - الذي دون تاريخ الامارات الكردية في القرون الوسطى - حيث يقول ان دمدم كانت قلعة لرئيس عشيرة برادوست . و كانت هذه العشيرة تقطن اورمية و ته رغة و مه رغة وبعض المناطق الأخرى . ويبدو من هذا النص إن قلعة دمدم كانت قائمة في عام 1596 حين انتهى البدليسي من تدوين كتابه الشهير وأغلب الظن أن معركة قلعة دمدم وقعت بعد سنوات من بناء القلعة حسب بعض المصادر أو إعادة بنائها حسب مصادر أخرى، وثمة مصادر تاريخية عديدة تطرقت الى قلعة دمدم ومعركتها البطولية الدامية ولعل أهم هذه المصادر هي كتاب ((تاريخ آراي عباسي)) للمنشئ مؤرخ الشاه عباس الصفوي وكتاب ((الكرد)) للمستشرق فلاديمير مينورسكي وكتاب ((الكرد)) للمستشرق فاسيلي نيكيتين وكتب تاريخية عديدة أخرى.
إن معركة قلعة دمدم ليست من نسج الخيال وانما تستند الى وقائع حقيقية هزت مشاعر ووجدان الأدباء والشعراء الكرد على مر الأجيال المتعاقبة فنظموا فيها القصص والملاحم الشعرية وكتبوا القصص النثرية التي تمجد ابطال المعركة كما ذاعت بين ابناء الشعب الكردى فحاكوا حولها الروايات الفولكلورية ويلاحظ وجود شيء من الأختلاف فى هذه النتاجات الأدبية من حيث وسائل التعبير وأساليب الصياغة والمعالجة الفنية و ذلك أمر طبيعي لاختلاف الرؤى والأساليب و الميول لدى هؤلاء الأدباء و الشعراء، كما ان الروايات الشفاهية التي أبدعها الشعب وانتقلت شفاها" من جيل الى جيل خضعت للتغير ايضا باختلاف الرواة وقدرتهم على التعبير ونظرتهم الى الحياة وقيمها و الظروف السائدة. ومهما اختلفت هذه الروايات الا أن الرواة الموهوبين حافظوا على ما هو جوهري في مضمون ملحمة قلعة دمدم والتي تعكس مدى اصرار الكرد على مر العصور للذود عن حريتهم ومقاومة الغزاة مهما كلف ذلك من تضحيات. و لدينا اليوم روايات فولكلورية عديدة لهذه الملحمة سجلها الباحثون و الكتاب الكرد انفسهم كما ان لدينا ايضا عدة معالجات ادبية عن هذه المعركة شعرا" ونثرا"وكان المستشرق الروسي الكسندر زابا سباقا" الى تسجيلها حيث نشر اول ملحمة شعرية عن هذه القلعة الصامدة في عام 1860 في بطرسبورغ، كما توجد ضمن مخطوطاته التي تركها بعد وفاته عدة ملاحم شعرية اخرى حول دمدم تتشابه في مضامينها وان اختلفت عناوينها ومعظم هذه الملاحم منسوبة الى الشاعر الكردي الكلاسيكي فقي طيران ولكن المستشرقة الرائدة مرجريت رودينكو تقول: (ان فقي طيران لايمكن ان يكون مؤلف هذه الملاحم لسبب بسيط هو انه عاش في القرن الرابع عشر في حين ان معركة قلعة دمدم وقعت في اوائل القرن السابع عشر) كما قام العديد من المستشرقين الآخرين بتسجيل ونشر ملاحم شعرية حول قلعة دمدم تعود الى الشعراء الكرد الكلاسيكيين . وفي الادب الكردي الحديث اصبحت معركة قلعة دمدم معينا لا ينضب للعديد من الملاحم الشعرية والقصص والروايات، لعل اشهرها الملحمة الشعرية التي نشرها الكاتب والشاعر الكردي الشهيرجاسم جليل في كتابه " أغاني الجبال " الصادر في يريفان عام 1970 ورواية رائد الرواية الكردية الحديثة عرب شمو وهي بعنوان " دمدم " وصدرت في يريفان عام 1966 وثمة بحوث ودراسات عديدة حول هذه الملحمة من أهمها وابرزها وأقدمها البحث الذي قدمه الدكتور اورديخان جليل الى جامعة لينينغراد (بطرسبورغ حاليا) لنيل شهادة الدكتوراه عام 1960 ودافع عن رسالته في العام نفسه بنجاح ثم اعاد نشر الرسالة على شكل كتاب صدر في موسكو باللغة الروسية في عام 1967 تحت عنوان " الخان ذو الكف الذهب الكردي " (دمدم)، وعلى هذا النحو نرى ان هذه الملحمة البطولية قد نالت اكبر قدر من العناية والاهتمام بين ملاحم البطولة الكردية لانها تجسيد رائع لطموحات الشعب الكردي ونضاله الطويل من اجل نيل حقوقه القومية المغتصبة وانشداده الى الحرية والعدالة والكرامة كما ان الملحمة طافحة بأنبل المعاني والقيم الانسانية واستعداد لا حد له للتضحية والفداء من اجل المبادئ السامية . و تبدأ الملحمة (فى معظم الروايات الأدبية منها و الشعبية) بلجوء امير(خان) كردى الى كردستان ايران هربا" من ظلم السلطان العثماني وخيل اليه انه بذلك قد تحرر من ظلم السلطان الى الابد ولكنه كان واهما"، فالشاه الصفوي لم يكن افضل من السلطان العثماني. وتختلف الروايات حول ظروف اللقاء بين الأمير الكردي والشاه عباس الصفوي، وتقول بعض الروايات ان الشاه قد تنكر في زي تاجر ومر على خيمة الامير الكردي قرب أورمية وان كف الامير قد احترق وهو يناول جمرة نار ليشعل بها الشاه غليونه فكافأه الشاه بكيس من الذهب وضعه في كف الامير وتشير روايات أخرى أنه قد ذهب الى بلاط الشاه من تلقاء نفسه وانه عمل سائسا" لخيول الشاه وذات مرة هاجمته زمرة من قطاع الطرق فدافع عن نفسه دفاع الابطال واستطاع انقاذ الخيول وقتل معظم افراد الزمرة وولى الباقون الأدبار ولكن الامير فقد أحدى يديه في المعركة فأمر الشاه بصب يد من الذهب له ثم طلب من الشاه ان يمنحه قطعة ارض يبني عليها دورا لنفسه ولابناء عشيرته فاستجاب الشاه لطلبه ولكن الامير شيد بدلا" من ذلك قلعة حصينة تضم دورا" لنفسه واتباعه وانه خطط لهذه القلعة بعناية فائقة حيث كانت أسوار القلعة متينة ولها ابواب حديدية منيعة لاتؤثر فيها حتى المدافع الثقيلة وكان داخل القلعة سراديب وانفاق سرية واحواض لمياه الشرب وخزانات للمواد الغذائية والاهم من ذلك كانت القلعة تزود بالمياه من نبع سري وتجري مياهه في جدول مغطى بالصخور ولم يكن يعلم بهذا السر سوى عدد محدود من حاشية الامير ومن بينهم احد العمال الذين شقوا الجدول وساهموا في بناء القلعة وهو محمود المركاني، وكان مجتمع القلعة المتماسك والملتف حول الامير ينعم بالحرية والرخاء بفضل حكمة الامير واجراءاته المدروسة ومهارته في ادارة شؤون أمارته الصغيرة وكان زعيم (خان) منطقة (مه ركة) وهي منطقة قريبة من القلعة يخشى سلطة الامير الكردي القوية وصيته ومناعة قلعته، وحين تزوج الامير الكردي من اجمل فتاة في خانية (مه ركة) استشاط الخان غضبا" لانه أراد الفتاة لنفسه وليس لغريمه فأخذ الخان يحيك الدسائس والمكائد ضد الامير الكردي ويؤلب الشاه ضده، وقال الخان للشاه: ان الامير الكردي قد شيد قلعة عظيمة ومنيعة واعلن الاستقلال ولا يعترف بسلطة الشاه فجن جنون الشاه وأمر بهدم القلعة على رؤوس سكانها، وأرسل جيشا" جرارا" لهذا الغرض بقيادة زعيم (خان) مه ركه ولكن محاولا ت جيش الشاه باء ت بالفشل الذريع حيث لم تكن لأ سلحة الجيش الفارسي وبضمنها المدافع تأثير على القلعة فقرر الشاه قيادة الهجوم على القلعة بنفسه وحاصر القلعة لعدة اشهر ولكن حظه لم يكن افضل من حظوظ قواده واستمر حصار القلعة طويلا" لكن الحياة في القلعة كانت منظمة والروح المعنوية لسكانها عالية . كانت كولبهار قد انجبت للأمير ولدين وكان محمود المركاني يعمل سائسا" لخيول الامير لينعم برؤية الحسناء كولبهار فقد كان السائس مغرما" بها من بعيد ويطيل التفكير فيها دون جدوى وطرأت في ذهنه فكرة جهنمية وهي أفشاء سر الجدول الذي يزود القلعة بالمياه الى الشاه أذ ربما يجازيه الشاه فيهبه كولبهار، وتمكن محمود المركاني بطريقة خادعة من اللجوء الى الشاه و افشاء سر الجدول وجاء الشاه وجلس قرب النبع مسرورا" ونهل من مائه بكأس من الذهب وشربه ثم نادى ذلك الخائن وسأله: ما الذي دفعك الى الخيانة؟
- أريد ان اخدم شاهي وان احقق حلمي في الزواج من كولبهار. رمقه الشاه بنظرة ازدراء وأمر بقتله سحلا" وذلك بربطه بذيل حصيان جامح كما أمر بذبح قطيع من الماشية واراقة دمائها في الجدول لتأخذ طريقها الى القلعة واضطرب سكان القلعة حين شاهدوا الدم يجري في الجدول عوضا عن الماء ولكن الامير الكردي طمأنهم بأن الاحواض والجرار مليئة بالماء وان موسم الامطار قريب حيث تمتلأ الاحواض بالمياه من جديد لحين وصول النجدات اليهم من أشقائهم الكرد في الامارات الكردية الاخرى ولكن طال أمد الحصار ولم تصل النجدات وأخذ الماء يشح وقال والد الامير وهو يخاطب رجال القرية: خير لنا ان نموت في ساحة الوغى من ان يحتل العدو القلعة ويجدنا نحتضر عطشا" علينا ان ندافع عن شرفنا وكرامتنا قبل ان ينتهكها ازلام الشاه!
فهب شباب القلعة وتسلحوا بشتى انواع الاسلحة وبعد ان تفقد الأمير تحصينات القلعة و جاهزية جنوده ذهب ليودع زوجته و ثمة فى بعض الروايات حوار وداعى مؤثر جرى بين الأمير و زوجته الحبيبة. قال الأمير:
- جميلتى، لقد ولدت لتعيش حرة فوق الجبال الشم وولدت ولدين كل منهما كالليث الهصور، جد من اجل تربيتهما تجدين فيهما سعادتك،وحين تكون القضية قضية شرف فأننى اعرف ماذا ستفعلين.لا تنسى هذا اليوم.
نزلت دمعتان من ما قي كولبها ر وبرقتا كالبرق وانسابتا على خديها الأسيلين وقالت:
- اذهب يا ليثي الهصور وأنت مفعم بالحب ولن يغلب رجل الحب والتضحية ولتكن كولبهار فداء لك.سأربى أولادك وأرضعهم لبانة الرجولة و الشجاعة. استودعك الله. واقسم بسيفك أن أذيع جدارتك و شهرتك واضحي بحياتي من أجلك. ثم أمر الأمير بإخراج النساء و الأطفال و الشيوخ من القلعة عن طريق نفق سرى يؤدى إلى الجبال القريبة.
كان الغروب قد لون قمم الجبال لتوها بالصفرة الذهبية حين فتحت بوابات القلعة و تدفقت سيول الرجال هادرة و بوغت العدو ونشبت معركة دموية ضارية استبسل خلالها المقاتلون الكرد ولكن ميزان القوى لم يكن متكافئا فقد حشد الشاه جيشا جرارا يبلغ تعداده اضعافا مضاعفة لعدد المقاتلين الكرد الذين كانوا يحاربون كالأسود تحت قيادة أميرهم البطل وبعد أن استشهد معظمهم، لجأ من بقي منهم على قيد الحياة إلى الجبال ولم يتمكن العدو من أسر أي مقاتل كردي وحين دخل جيش العدو إلى القلعة لم يجد سوى الخرائب والأنقاض، فقد فجر الكرد قلعتهم قبل أن يغادروها حيث كان الأمير الكردي قد خطط لكل شيء مسبقا، وحدد طريقة تفجير القلعة عند الضرورة وغدت شجاعة أبطال قلعة دمدم أسطورة تتناقلها الأجيال الكردية المتعاقبة وهي صفحة مشرقة و مشرفة من تأريخ الكرد ونضائلهم وتضحياتهم السخية من اجل الحياة الحرة والكرامة الإنسانية.

 
قلعة دوين

تقع قلعة دوين على بعد 56
كم شمال اربيل. وهي من القلاع التي استخدمها الكورد لممارسة السلطة والدفاع عن
نفوذهم. بنيت هذه القلعة في عهد شادي بن مروان وهما من اجداد القائد صلاح الدين
الأيوبي ومن قبيلة روند الكوردي.

قال أبن الأثير في مادة شيركو عم صلاح
الدين صفحة 259 في البداية والنهاية "ولد أسد الدين شيركوه الكردي الزرزاري وهم من
أشرافِ شعوب الأكراد", يقول أبو شامة المقدسي –الروضتين في أخبار الدولتين صفحة
-129ج1- "وكان أسد الدين شيركوه وأخوه نجم الدين أيوب وهو أكبر أبناء شادي من بلدة
دوين وهي بلدة
في آخر أذربيجان مما يلي الروم وأصلهما من الأكراد الروادية وهذه القبيلة هي أشرف
الأكراد", ("والروادية بطن من الهذبانية وهي قبيلة كبيرة من الأكراد تقطن دوين"
صفحة 139ج6 أبن خلكان أنباء أبناء الزمان ج6), "صلاح الدين هو يوسف بن أيوب بن شادي
بن مروان الكوردي الزرزاري الهذباني الروندي أصله من بلدة (دوين) وقريته اجدانقان
(اجدانكان), ودوين بلدة تابعة لأربيل في كردستان العراق

وتقع القلعة فوق
سلسلة جبلية تشرف على ما حولها. وتوجد مقبرة امام القلعة وتبدو شواهدها قديمة جدا.
ويوجد على بعد 5 كم شمال القلعة نبع ماء معدني.

الموقع الجغرافي
للقلعة

تقع هذه القلعة ضمن حدود ناحية صلاح الدين التابعة لقضاء شقلاوة في
محافظة اربيل. وعلى بعد 28 كم شمال غرب مصيف بيرمام.

والسلسلة الجبلية التي
تقع عليها القلعة تمتد من الضفة الشرقية للزاب الأعلى حد دربند كوري الذي يقع بين
شقلاوة وقرية كوري. وتشرف القلعة بأتجاه الشمال والجنوب على مساحات فسيحة تمتد فوق
المرتفع، والمسطحان يشبهان الوادي الممتد. وتقع القلعة في مكان عصي يصعب الظفر به،
ويطل على ما حوله ولا طريق يمكن الوصول اليه سوى طريق واحد يقع شرق
القلعة.

طريق للوصول الى القلعة

يمكن ان ينطلق زائر من اربيل عاصمة
كوردستان العراق شمالاً باتجاه شقلاوه، وهي أحد المنتجعات المهمة في كوردستان.
هنالك عدد من المرافق الخدمية. مثل مطعم تارين على بعد 15 كم من اربيل، وفندق
خانزاد ذي الخمس نجوم على بعد 18كم. بعدها هنالك قلعة حصن خانزاد
الأثرية ومن ثم طريق صلاح الدين المتعرج الذي ينتهي بالوصول الى بلدة السياحية.
وبعد اجتياز صلاح الدين ينحدر الطريق بشكل منعطفات نحو قرية كوري. وعند نهاية
المنعطف الأخير بأتجاه الغرب (يساراً) هنالك طريق يسير نحو قرى آرماوه، آشكه، دار
بزماره. وبعد وصولك الى قرية آشكه، هنالك طريق باتجاه اليمين يسير نحو قرية دوين،
حيث ينحدر نحو واد ملئ بالبساتين. ثم يسير الطريق نحو الشمال الغربي ويجتاز قريتين
ليصل بعدهما الى قرية دوين. وعلى بعد كيلو متر واحد، تقع قلعة دوين،
وهنالك طريق ثان يمكن للسائح ان يسلكه للوصول الى القلعة. بالقرب من نقطة تفتيش
شقلاوة بأتجاه الغرب (يساراً) هنالك طريق يوصلك الى قلعة دوين وهنالك
العديد من المناطق الكائنة في اطراف القلعة وعلى جانبي الطريق المؤدي اليها، تصلح
كمناطق سياحية في فصل الصيف ويقصدها المصطافون. وتوجد شمال القلعة نهير وأشجار
عالية وبساتين، يقصدها المصطافون خصوصاً في الربيع.

جولة في
القلعة

هنالك طريق معبد يربط الفسحتين المحيطتين بالقلعة مع بعضهما البعض.
وعند وصولك الى امام القلعة، يمكنك ان تترجل، حيث تقع المقبرة التأريخية الشهيرة
لدوين يميناً. ويمكن الوصول الى قلب القلعة مشياً على الأقدام لمدة خمس دقائق
وهنالك عدد من الغرف وابراج المراقبة ومتاريس دفاعية، تعد من أشهر ما تبقى من
حصنها. البعض من الأجزاء الشرقية والجنوبية للحصن مازالت شاخصة حتى الآن. الأجزاء
الأخرى منها لم يتبق منها سوى الأساس. وفي غرب القلعة مازال هنالك برجان مدوران قطر
كل واحد منهما متران. برجا المراقبة شرق القلعة منهاران

مقبرة
دوين

لا تبعد المقبرة سوى مائة متر عن القلعة بأتجاه الشرق. وتحوي مئات
القبور القديمة والحديثة. شواهد بعض القبور عالية ومزينة بالنقوش والنحوت البارزة،
نقش عليها العديد من الرموز الدلالية كالخنجر والشمس. ربما تعود المقبرة الى عهد
كانت مركزاً للسلطة وشواهدها هي لحكام القلعة وشخصياتها. تشبه هذه المقبرة كاليري
فنياً تكثر فيه النقوش، ويمكن ان ينظر اليها كمتحف فني.

نبع بابه جيسك
المعدني

يقع هذا النبع على بعد 5 كم شمال غرب القلعة، جنوب قرية بابه جيسك،
وهو عبارة عن بركة ماء ينبع من وسط عين يتدفق منها (5) انجات من الماء المعدني.
وهنالك على بعد مائة متر، نبع ماء معدني آخر يحيط به سياج حجري خاص بالنساء. العديد
من المصابين بالأمراض الجلدية يقصدون نبعي ماء بابه جيسك المعدنيين. ويروي اهالي
القرية العديد من القصص حول شفاء العديد من المصابين بالأمراض الجلدية. ومياه هذين
النبعين يكثر فيها الكبريت، المفيد لمعالجة العديد من الأمراض الجلدية. والصلصال
الموجود بالقرب من النبعين يستخدم لطلاء الأماكن المصابة من الجسم وينتظر ان تجف،
ليغتسل بعدها المريض بمياه النبعين، ويتماثل المريض للشفاء بعد ان يستخدم هذا
الأسلوب العلاجي لمرتين أو ثلاث.

 
تاريخ الثورات الكوردية
تاريخ الثورات الكوردية -عام 1574 ثورة عفدال خان البدليسي ضد السلطان العثماني مراد الأول - عام 1765 ثورة عشائر جيهان بك في ملاطيا - عام 1789 ثورة عشائر رشكوتا وخرزان بقيادة فرحو آغا وقاسم خرزي بين آمد وسيرت - عام1794 ثورة عشائر زركا وتيركان في الشمال من آمد - عام 1806 ثورة عبد الرحمن بابان في الس...ليمانية - عام 1811 ثورة أحمد باشا بابان في السليمانية - عام 1819 ثورة سيواس ضد الدولة العثمانية - عام 1834 ثورة مير محمد باشا روندوزي - عام 1843 ثورة شنكال للكورد الأيزيديين - عام 1846 ثورة مير بدرخان في بوتان و كان هو آخر أمراء الكورد الذي حكم إمارة بوتان في كوردستان - عام 1853 ثورة يزدان شير في بوتان وهكاري - عام 1870-1882 ثورة الشيخ عبيد الله النهري في شمدينان وبوتان - عام 1879 ثورة حسين بدرخان في بوتان - عام 1905- ثورة الجلاليين في آرارت ضد السلطات العثمانية - عام 1907 ثورة عشائر موصل وامتدت إلى موش و ازروم - عام1911 ثورة إبراهيم باشا مللي, في ويران شهر - عام 1912 ثورة الشيخ عبد السلام البارزاني في موصل وأعدم الشيخ - عام 1914 بعد رجوعه من أذربيجان في مهمة مع عبد الرزاق بدرخان لطلب المساعدة والدعم من روسيا القيصرية - عام 1918 ثورة جوهر آغا الشكاكي, شقيق سمكو آغا شكاكي في شرق كوردستان . - عام 1919 ثورة الشيح محمود الحفيد في مدينة سليمانية جنوب كوردستان - عام 1923ثورة كوجكيري, ضد معاهدة لوزان بقيادة علي شان بك - عام 1925 -1928 ثورة الشيخ سعيد بيران في مناطق ازروم ودارا هيني وبينكول وآمد - عام 1927 ثورة سمكو آغا شكاكي, في شرق كوردستان - عام 1929 -1931 ثورة آرارات بقيادة الجنرال إحسان نوري باشا والعقيد فرزندة وحسو تيلي وأولاد حسين باشا رئيس عشائر حسنان في سرحدا - عام 1931 ثورة الشيخ أحمد البارزاني (بارزان الأولى) - عام 1932 ثورة جعفر آغا سلطان في همدان وكرمنشان - عام 1932ثورة جبال ساسون وملاتو بقيادة عبد الرحمن آغا من آل علي يونس - عام 1937- 1938 ثورة ديرسم بقيادة سيد رظا - عام 1943-1945 ثورة بارزان الثانية بقيادة مصطفى البارزاني - عام 1946 إعلان الكورد جمهورية كوردستان في مهاباد بقيادة الرئيس الراحل قاضي محمد ومشاركة بشمه ركة ثورة 1943 بقيادة الجنرال بارزاني - عام 1956 ثورة جوانرو في كوردستان الشرقية بقيادة عزيز بك - عام 1961 ثورة أيلول العظمى بقيادة الزعيم مصطفى البارزاني, والحزب الديمقراطي الكوردستاني والتي نعيش ذكراها هذه الأيام - عام 1979 ثورة كوردستان الشرقية بقيادة عبد الرحمن قاسملو الحزب الديمقراطي الكوردستاني والشيخ عز الدين الحسيني والتي مازالت مستمرة في نضالها حتى الآن - عام 1984 ثورة العمال كوردستان في شمال كوردستان بقيادة عبد الله أوجلان والتي مازالت مستمرة في نضالها حتى الآن - عام 1991 انتفاضة الكورد في كوردستان الجنوبية بقيادة الجبهة الكوردستانية أثر حرب الخليج الثانية - عام 2004 أحداث ملعب قامشلو وتحولت إلى هبة شعبية عارمة والتي شملت كافة المدن الكورديه..
 
العلم والنشيد الوطني الكوردستاني

علم اقليم كردستان هو العلم الرمزي للشعب الكوردي الذي يعيش في العراق وايران و سوريا و تركيا و ارمينيا. ظهر العلم لأول مرة في بداية العشرينيات حيث يعتقد ان أول من استعمله كان حزبا كرديا من ايران يطالب بحق تقرير المصير وكان اسم الحزب خويبون (Xoybûn) والتي تعني بالعربية "الأستقلال" . وبعد ذلك قدم هذا العلم لأعضاء الوفد الدولي في مؤتمر باريس للسلام والذي وضع خطة من أجل استقلال كوردستان كجزء من معاهدة سيفر (Sèrves) مع تركيا العثمانية عام 1920 . استعمل العلم فيما بعد عام 1946 كعلم رسمي لجمهورية كوردستان في مهاباد في ايران. يحتوي العلم على ثلاث الوان (الأحمر و الأبيض و الأخضر ) مرتبة بصورة افقية وشعار في الوسط عبارة عن شمس صفراء اللون ترمز إلى الديانات القديمة للاكراد وللشمس 21 شعاعا. ويعتبر الرقم 21 من الأرقام المقدسة في الديانة الإيزيدية . النشيد الوطني الكوردستاني (أي رقيب) اسم النشيد الوطني الكوردي ويرجع جذور توشحه بالصبغة الوطنية حين تم ترديده في ساحة جوارجرا في مدينة مهاباد (شرق كوردستان) اثناء اعلان جمهورية كوردستان الديمقراطية يوم 22/ كانون الثاني 1946 من قبل القاضي محمد رئيس تلك الجمهورية التي انهارت بعد اقل من سنة جراء اصطفاف جديد للمعادلات الدولية التي ساندت ايران الشاهنشاهية ضد تطلعات الشعبين الكوردي والاذري للحرية والانعتاق. كتبت كلمات هذا النشيد عام 1938 من قبل الشاعر الكوردي دلدار ( يونس رؤوف )اثناء وجوده في احد المعتقلات في كردستان ايران، وقد نظم قصيدة (أي رقيب) مطلع الاربعينيات من القرن الماضي في كركوك ووضع الشهيد السيد حسين برزنجي لحن النشيد. يمكن ترجمة النشيد إلى العربية بتصرف على الشكل التالي: ايها الرقيب سيبقى الكورد بلغتهم وأمتهم باقون للابد لاتقهرهم ولا تمحوهم مدافع الزمان .. نحن ابناء اللون الاحمر . . ابناء الثورة تمعّن بماضينا المخضب بالدماء .. نحن ابناء الميديين و كي خسرو ، ديننا ايماننا هو الوطن ... انتفض شباب الكورد مثل السباع كي يسطروا بدمائهم تاج الحياة نحن ابناء الثورات والدم الأحمر انظروا إلى تاريخنا المليئ بالدماء شباب الكورد على اهبة الأستعداد دائما للتضحية بارواحهم لايقل احد ان الكورد زائلون ، ان الكورد باقون باقون كرايتنا الخفاقة الشامخة إلى الأبد
 
عودة
أعلى