عدوان 67 تم كما توقع عبدالناصر ، وعامر وصدقي محمود لم يأخذا بتوجيهاته .... سامي شرف ،

يحي الشاعر

كبير المؤرخين العسكريين
عضو مميز
إنضم
2 فبراير 2008
المشاركات
1,560
التفاعل
98 0 0
1967
عدوان 67 تم كما توقع عبدالناصر ، وعامر وصدقي محمود لم يأخذا بتوجيهاته .... سامي شرف ، عن حـرب مصر ... 1967
جمال عبدالناصر ، الرجـــل ... الذي أنحني أمام رغبة الشعب في البقاء ولم يركع سوي لله سبحانه وتعالي
......
...
كانت حرب 1967 ، نكسة ... "وصحوة" ....
حقيقة ... وواقع .... ..... وأصبحت مواجهة عواقبها هدف....وتحدي ... ومباديء

كانت فى قلبه أمة عربية واحدة ... ولما توفاه الله ..
أصبح فى قلب أمة ... عربية .... ممزقة مشتته .... ولكنها ستبقى واحدة
.........
....
...
.....
د. يحى الشاعر

يقول سامي شرف قفي كتابه "سنوات وأيام مع جمال عبدالنصر " ....
بعد أن قمت بالإدلاء بشهادتي حول تجربة الرئيس جمال عبدالناصر والعمل السياسي وعلاقته بالجماهير وفئات المجتمع وهي ما عبّر عنه بقوى الشعب العامل، أن أعرض في النهاية رأي الرئيس عبدالناصر الذي أبداه في شكل ممارسته للنقد الذاتي على مدار جلستين من جلسات اللجنة التنفيذية العليا للاتحاد الاشتراكي العربي، أعلى سلطة سياسية في البلاد، اللتين عُقدتا في مبنى كورنيش النيل يومي الخميس والجمعة 3 و4 أغسطس/ آب ،1967 وأرجو أن نضع خطاً تحت هذا التاريخ وما بعده، لأنه يمثل من وجهة نظري أن عبدالناصر اتخذ أعمق وأقوى وأدق قراراته بعد العاشر من يونيو/ حزيران 1967. ولقد دارت المناقشات بينه وبين أعضاء اللجنة التنفيذية العليا على النحو التالي:


[frame="1 70"] عدوان 67 تم كما توقع عبدالناصر ، وعامر وصدقي محمود لم يأخذا بتوجيهاته .... سامي شرف ، عن حـرب مصر ... 1967 [/frame]

المــوقع الرئيسي
http://samy-sharaf1.bravehost.com/
http://samy-sharaf.bravehost.com/

د. يحى الشاعر
يحى الشاعر قال:
عدوان 67 تم كما توقع عبدالناصر

وعامر وصدقي محمود لم يأخذا بتوجيهاته


ـ 7 ـ


الجزء الأول - البداية الأولى

الحلقة السابعة


بعد أن قمت بالإدلاء بشهادتي حول تجربة الرئيس جمال عبدالناصر والعمل السياسي وعلاقته بالجماهير وفئات المجتمع وهي ما عبّر عنه بقوى الشعب العامل، أن أعرض في النهاية رأي الرئيس عبدالناصر الذي أبداه في شكل ممارسته للنقد الذاتي على مدار جلستين من جلسات اللجنة التنفيذية العليا للاتحاد الاشتراكي العربي، أعلى سلطة سياسية في البلاد، اللتين عُقدتا في مبنى كورنيش النيل يومي الخميس والجمعة 3 و4 أغسطس/ آب ،1967 وأرجو أن نضع خطاً تحت هذا التاريخ وما بعده، لأنه يمثل من وجهة نظري أن عبدالناصر اتخذ أعمق وأقوى وأدق قراراته بعد العاشر من يونيو/ حزيران 1967. ولقد دارت المناقشات بينه وبين أعضاء اللجنة التنفيذية العليا على النحو التالي:
افتتح الرئيس جمال عبدالناصر الجلسة الأولى في الساعة السابعة والربع من مساء يوم الخميس 3 أغسطس/ آب 1967 وقال إنه سيدخل في الموضوع مباشرة، وبدأ يتناول صلب المسائل والقضايا رأساً من دون مقدمات ولفت نظر الأعضاء إلى أنه سيبحث في هذه الجلسة أهم الموضوعات، ولذلك فقد طلب ألا يكون هناك جدول أعمال أو اقتراح بجدول أعمال، لأن القضايا التي سيطرحها ويناقشها مع المجتمعين أهم بكثير جداً من جميع القضايا والموضوعات الأخرى.
ودخل في الموضوع مباشرة بإعلان عنوان القضية التي ستُبحث وهي قضية “نظام الحكم” باعتبار أن متابعة الأحداث التي تمت أخيراً ثم تحليلها بدقة وبأسلوب علمي يتبيّن منه أنه لم يكن هناك نظام سليم، وأذكر أنه قال كلمة “SYSTEM” بالإنجليزية للتعبير ولتوضيح ما يريد أن يثيره ويناقشه مع أعضاء اللجنة العليا.
وبدأ بعد ذلك مباشرة ومن دون مقدمات يقول: إن الجميع طبعاً يتذكرون ما حدث في الاجتماع الذي تم في القيادة العامة للقوات المسلحة قبل عمليات يوم الخامس من يونيو ،1967 وبالتحديد حديثه هناك يوم الجمعة الثاني من يونيو/ حزيران ،1967 وأنه أي الرئيس قد نبّه وذكر للقيادات العسكرية التي حضرت هذا الاجتماع أن المعلومات السياسية المتوافرة لدينا تؤكد أن “إسرائيل” ستقوم بهجوم كبير للاستيلاء على شرم الشيخ وفصل قطاع غزة، ولكن القيادة العامة للقوات المسلحة في ذلك الوقت قدَّرت موقفها على أساس استبعادهم قيام العدو “الإسرائيلي” بهجوم شامل على الجبهة المصرية، وأنه حتى لو حدث هذا الهجوم فإنهم يستبعدون تماماً الطريق الساحلي كمحور رئيسي للهجوم، وبناء على هذا التقدير، ركّزت تلك القيادة العسكرية القوات المصرية في الجنوب وتركوا القطاع الشمالي عند رفح وغزة ضعيفاً ومكشوفاً.
وأضاف الرئيس جمال عبدالناصر بقوله إنه علم بعد ذلك من المشير عامر وفي الليلة نفسها أنه أي المشير عامر قد أمر بإعادة لواء مدرّع إلى منطقة “نخل” وأعيد لواء مدرّع كان يقوده سعدالدين الشاذلي إلى الجنوب بعدما كان قد تحرّك في اتجاه العريش، وكان قرار المشير يعود إلى أنه كان مقتنعاً بالتقديرات التي تقول إن الهجوم الرئيسي سيكون في اتجاه الجنوب وليس شمالاً في اتجاه غزة.
ثم أكمل الرئيس جمال عبدالناصر حديثه بقوله: إنه ذكر للقادة العسكريين في هذا الاجتماع أيضاً أن تقديره الشخصي للموقف أن الحرب ستقوم يوم الاثنين 5 يونيو/ حزيران ،1967 وأنه غالباً ما ستُوجه الضربة الأولى لقواتنا الجوية. وهنا انزعج الفريق طيار محمد صدقي محمود قائد القوات الجوية في ذلك الوقت وقال: يا سيادة الرئيس إن هذا الاحتمال سيسبِّب لنا إرباكاً كبيراً. ودار حوار بين الرئيس جمال عبدالناصر والفريق صدقي محمود ملخصه أن الرئيس استفسر منه عن حجم الخسائر المحتملة في حالة تلقي الضربة الأولى، فقال صدقي محمود بالإنجليزي “.. We Wil be Crippiled”، فسأله الرئيس جمال عبدالناصر: ما معنى هذه العبارة؟ وما تفسيرها عسكرياً؟ بمعنى كيف تقدِّر الخسائر؟ فردّ الفريق صدقي محمود قائلاً إنه يقدر الخسائر بنحو 10 إلى 20%. فقال الرئيس جمال عبدالناصر وأيّده في ذلك الحضور، إن هذه النسبة مقبولة عسكرياً. واستأنف الرئيس كلامه للجنة التنفيذية العليا للاتحاد الاشتراكي قائلاً إن الحرب بدأت فعلاً يوم الاثنين 5 يونيو/ حزيران وبدأت العمليات العسكرية المعادية بضربة جوية على جميع قواعد قواتنا الجوية كما كان الهجوم الرئيسي على القطاع الشمالي لسيناء وسقطت العريش، وبعدها تحرّك العدو على ثلاثة محاور أحدها الطريق الساحلي، فلم يجد العدو أمامه أي قوات تعترضه على أساس أن القيادة العامة المصرية قد استبعدت أي تحرك ل “إسرائيل” على هذا المحور.
وأضاف الرئيس عبدالناصر أنه كان يتابع الحرب من مكتبه ولم يدخل القيادة العامة للقوات المسلحة منذ يوم 5 يونيو/ حزيران 1967 حتى يوم 8 يونيو/ حزيران 1967 حيث طلبه في هذا اليوم شمس بدران وزير الحربية آنذاك وألحّ عليه بضرورة التوجه إلى القيادة العامة للقوات المسلحة لأن المشير عامر حسب قوله في حالة انهيار كامل، وأنه طلب من سكرتيره إحضار حبوب “السيانور”.. ولذلك فقد توجه الرئيس جمال عبدالناصر إلى مبنى القيادة العامة فوجد المشير عامر في حالة انهيار تام فعلاً. وقد حاول الرئيس عبدالناصر أن يهدِّئ من عصبية المشير عامر، وأكد له أنه شخصياً المسؤول عمّا حدث، وأنه لذلك سيتنحى عن الرئاسة، ثم سأله الرئيس عن الشخص الذي يراه صالحاً لتولي رئاسة الجمهورية من بعده، فقال المشير عامر إن أصلح شخص هو شمس بدران. وهنا طلب منه الرئيس عبدالناصر أن يبقي ما دار بينهما من الحديث حول هذه النقطة مقصوراً عليهما هما الاثنين فقط.
استأنف الرئيس جمال عبدالناصر حديثه في جلسة اللجنة التنفيذية العليا قائلاً إنه علم بعد أيام أن المشير عبدالحكيم عامر عقد اجتماعاً مع شمس بدران عقب عودة الرئيس إلى منشية البكري ودار في هذا الاجتماع نقاش واتصالات حول إعادة تنظيم الدولة وقياداتها المدنية، كما تمت اتصالات ببعض الشخصيات السياسية وبعض الوزراء الذين أبلغ بعضهم عمّا دار بينهم وبين المشير وشمس بدران من أحاديث تليفونية في ذلك اليوم، وكانت تعليمات المشير لمن تم الاتصال بهم ألا يعلنوا استقالاتهم بعد إعلان الرئيس تنحِّيه وذلك حتى يتم تعاونهم مع رئيس الجمهورية الجديد.
وقال الرئيس جمال عبدالناصر بعد ذلك إنه اتصل يوم 9 يونيو/ حزيران 1967 بالمشير عبدالحكيم عامر تليفونياً وقبل إذاعة بيان التنحِّي وأبلغه أنه بعد تفكير طويل وبهدوء، وجد أن زكريا محيي الدين هو أصلح شخصية لتولي رئاسة الجمهورية من بعده وهنا بدأت تظهر مشكلة شمس بدران لأنه اعتبر نفسه رئيساً للجمهورية منذ الساعة الحادية عشر من مساء يوم الخميس حتى ساعة إذاعة بيان التنحِّي مساء يوم الجمعة 9 يونيو/ حزيران ،1967 كما اعتبر أن الرئيس جمال عبدالناصر بترشيحه لزكريا محيي الدين رئيساً للجمهورية قد اعتدى على منصبه الشرعي وقام بعزله.
وأضاف الرئيس قائلاً إنه أثناء إلقائه خطابه من مكتبه في القصر الجمهوري في القبة طلب شمس بدران، محمد أحمد السكرتير الخاص للرئيس وطلب منه إبلاغ الرئيس فوراً بضرورة عدم استكمال إلقائه لبيان التنحِّي، وقد عقَّب الرئيس لأعضاء اللجنة العليا على هذا المطلب بأنه شيء خيالي طبعاً.
بعد يومين طلب شمس بدران الرئيس جمال عبدالناصر تليفونياً ليبلغه بأنه يوجد تجمع من ضباط الجيش يُقدَّر عددهم بنحو 500 ضابط حول منزل المشير عامر في حلمية الزيتون وفي مبنى القيادة العامة، وأن هؤلاء الضباط يصرِّون على عودة المشير عبدالحكيم عامر قائداً عاماً للقوات المسلحة، كما قال إن هؤلاء الضباط يطلبون أن يبتّ الرئيس في هذا المطلب فوراً. وكان ردّ الرئيس جمال عبدالناصر أنه سيتخذ قراره في هذا الأمر في اليوم التالي (بكره).
وعاد شمس بدران في اليوم التالي يطلب الرئيس ليعرف قراره، فبادره بقوله: انت عارف يا شمس رأيي في القيادة العامة، واحنا إذا كنا عايزين نصلح الجيش بصدق ونصلح أحوالنا فعلينا أن نختار قائداً عسكرياً محترفاً على أن يبقى حكيم نائباً أول لرئيس الجمهورية.. وأنهى المكالمة.
وقال الرئيس لأعضاء اللجنة التنفيذية العليا إنه حاول بعد ذلك أن يستدعي المشير عامر إلى منشية البكري وطلب ذلك من صلاح نصر لأن المشير لم يكن مقيماً في منزله، بل كان يقيم في إحدى الشقق التي كان يستخدمها اللواء عصام الدين خليل مدير مخابرات الطيران ولكنه رفض الحضور، فقرّر الرئيس بناء على ذلك أن يعلن تعيين الفريق أول محمد فوزي قائداً عاماً للقوات المسلحة، وأمره بأن يعتقل الضباط المعتصمين والضباط المعترضين، وتم ذلك فعلاً.
أضاف الرئيس قائلاً: إنه قابل المشير عامر بعد ذلك وحاول من دون جدوى إقناعه بأنه ليس من المنطق أن يبقى بعد الهزيمة العسكرية قائداً عاماً للقوات المسلحة، وأن يكتفي بأن يكون نائباً لرئيس الجمهورية، لكن عبدالحكيم رفض هذا الحل رفضاً باتاً وسافر غاضباً إلى بلدته اسطال في محافظة المنيا ومن هناك اتصل هو بهيكل محمد حسنين هيكل وأبلغه استنكاره التام لجميع تصرفات الرئيس.
وبعد ذلك طلب شمس بدران مقابلة الرئيس وتمت المقابلة في منشية البكري، حيث ذكر شمس بدران أن الموقف يزداد سوءاً يوماً بعد يوم، وأن البلد كلها ضد عبدالناصر وأن الجيش ضده أيضاً، وقال إنه يرى أن الحل الوحيد هو عودة عبدالحكيم عامر إلى منصبه القديم وذلك حتى تستقر الأوضاع.
وتمت مقابلة أخرى بين الرئيس عبدالناصر وشمس بدران بعد يومين من اللقاء السابق، كان قد تم خلالهما اعتقال ضباط التنظيم السري الذي أقامه شمس بدران داخل القوات المسلحة، وكان أغلبهم من دفعته (دفعة الكلية الحربية سنة 1948) وفي هذا اللقاء الأخير قال الرئيس عبدالناصر لشمس بدران أنا منحتك يا شمس ثقتي بالكامل ولكنك للأسف اشتغلت لمصلحتك ومصلحة المشير من وراء ظهري.. وانت لو كنت مخلصاً بصحيح ونيّتك صادقة في تكوين تنظيم داخل الجيش لكنت أبلغتني في حينه بشكله وأسمائهم، لكنك لم تكن أميناً. عموماً أنا أمرت باعتقال جميع أفراد التنظيم.. فارتجف شمس بدران وارتبك وخرج من دون أن ينطق بكلمة.
قال الرئيس جمال عبدالناصر لأعضاء اللجنة التنفيذية العليا بعد ذلك إنه يوم الاثنين الماضي حضر المشير عامر إلى منشية البكري وتناول العشاء مع الرئيس وكان الحديث ودّياً بشكل عام، إلا أن المشير عند مغادرته اقترح على الرئيس أن يسافر إلى أمريكا للتفاهم معهم، ثم قال: الروس دول خونة.. ولم يعلق الرئيس على كلام المشير واعتبره أنه كلام من شخص غير متزن وقال له: نبقى نفكّر.
قال الرئيس عبدالناصر لأعضاء اللجنة التنفيذية العليا للاتحاد الاشتراكي بعد ذلك سبب عرضي لهذه القصة بالتفصيل هو أني أريد أن أضع أمامكم وأبرز موضوعاً مهماً وهو أنه إذا كانت جميع التصرفات صدرت عن أقرب الناس وأقرب القيادات إلى النظام.. فماذا يحدث من غيره؟
إن ما جرى يحتاج فعلاً إلى بحث وتفكير عميقين.. ده أنا وعبدالحكيم كنّا أقرب اثنين لبعض وكنا أكثر الناس ارتباطاً ببعض، ورغم هذا فقد تصرّف عبدالحكيم هذه التصرفات.. دي مجموعة شمس بدران من دفعة 1948 وغيرهم كانوا بيجهزوا نفسهم لاستلام البلد.
ولخص الرئيس جمال عبدالناصر تقديره للموقف بقوله:
علينا واجبان:
* الأول هو البحث عن نظام جديد.
* والثاني هو أن نحدد الأخطاء الرئيسية ونبحث كيف نصلحها. الناس بتقول إن إحنا بناكل بعضنا والنظام بياكل نفسه، وبناء عليه فإن المستقبل حايكون خطر جداً، ومن رأيه العمل على تغيير النظام وقالها بالإنجليزية “SYSTEM” لأنه فيه غلط، والمعروف أن نظام الحزب الواحد دائماً تحدث فيه صراعات في قمة السلطة، والأمثلة على ذلك كثيرة آخرها ما حدث في الصين.
وأضاف الرئيس عبدالناصر قوله: إنه لم يبق في عمر معظمنا أكثر من عشر سنوات، وخصوصاً مع المرض ومع الضغوط والمجهود الذي يتعرّض له، ولذلك فيجب تغيير النظام بحيث لا يسمح النظام الجديد لشخص واحد أو شلّة غير واعية أو جاهلة سياسياً أن تحكم البلد الذي أعطانا ثقة بلا حدود، والتغيير المقصود لا يمس اتجاهنا الاشتراكي لأننا نكاد نكون قد انتهينا من التطبيق الاشتراكي في أغلب القطاعات باستثناء قطاع المقاولات وقطاع التجارة وبعد هذا يكون عملنا مركَّزاً على خطط التنمية ومتابعة تنفيذها.
وطلب زكريا محيي الدين الكلمة وقال:
يُعتبر يوم 9 يونيو/ حزيران 1967 يوم تاريخي، ويوم تحوّل رئيسي للثورة. الكلام الذي ذكره الرئيس يُعتبر بُعد نظر وعميقاً. وعن ال “SYSTEM” الذي أشار إليه الرئيس، فإن النظام المقفول له أسلوب والنظام المفتوح له أسلوب، واحنا مارسنا النظامين لكن أنجزنا الكثير في الجهاز الحكومي، ولكن لم ننجح في اتخاذ خطوات رئيسية في الجهاز الشعبي. والنظام المفتوح هو الأنسب والأصلح لنا، وهذا النظام يسمح للفرد أن يكوِّن شخصيته التي هي أساس المجتمع، ويمكن من خلاله أن نحدد أسلوب تأمين الفرد في هذا النظام سواء في حزب واحد أو حزبين أو أكثر. ومن الناحية الاقتصادية فإنه لن نتمكن من خلال القطاع العام أن نوفر العمالة الكاملة لجميع الأفراد، ولذلك يجب أن نسمح للقطاع الخاص أن يمارس نشاطه بقدر أكبر، كما سيكون مكاناً احتياطياً يعمل فيه من يفصلون من القطاع العام.
أما نظام الشلل، فهو أمر حتمي في جميع المجتمعات، سواء المفتوح أو المقفول. وعن الإنتاج وأهمية استمراره، فيجب أن نوفر له كل الضمانات من أجل أن ينطلق بكل الإمكانات، ولا بد أن نؤكد أن مقياس العمل الثوري هو الإنتاج وزيادة الإنتاج. ثم لخَّص رأيه بقوله أن يكون النظام هو المفتوح والانتخابات مفتوحة وغير موجهة.
وردّ عليه الرئيس جمال عبدالناصر بقوله: إن انتخابات 1964 كانت مفتوحة بالكامل، والكل كان مؤمناً ولم يكن فيه معتقل واحد حتى الإخوان المسلمين المحكوم عليهم أخرجناهم من السجون، ورغم هذا انت عارف إيه اللي حصل.
(الرئيس جمال كان يشير إلى مؤامرة الإخوان المسلمين سنة 1965 والتي كان هدفها تخريب وتدمير المؤسسات الحيوية والمنشآت الاقتصادية والسياحية في مصر، علاوة على القيام بسلسلة كبيرة من الاغتيالات للعديد من القيادات والشخصيات العامة، ومن أهل الفن والمثقفين.. إلخ).
ثم دارت بعد ذلك مناقشة حول مفهوم إجراءات الأمن وهل المقصود منه إجراءات أمن قومي أم إجراءات إدارية مثل الحراسات وإجراءات لجنة تصفية الإقطاع، وشارك في هذه المناقشة زكريا محيي الدين وأنور السادات وعلي صبري وحسين الشافعي وصدقي سليمان. ثم استأنف الرئيس استكمال المناقشة قائلاً: إنه للتسجيل وللتاريخ، فإن أحداً من الذين تناقشوا الآن لم يسبق أن ذكر له أي ملاحظات أو نقد للجنة تصفية الإقطاع أو لتصرفات المشير عبدالحكيم عامر سوى المهندس محمد صدقي سليمان.
وقال الرئيس بعد ذلك: احنا كلنا أخطأنا ويا ريت زي ما كان في الحكاية الروسية المشهورة اننا نقول الحقيقة ولو لمدة ثلاث دقائق فقط. تصوّروا إن إحنا أكبر هيئة سياسية في البلد وكان عددنا سبعة فقط ولم نتكلم وما قلناش الحقيقة في وقتها بينما كان عبدالحكيم رئيس لجنة الإقطاع قاعد معانا هنا في هذه القاعة على الكرسي ده! السقوط وصل إلى الحد اللي شعرنا فيه بالخوف من أن نتكلم.. وخفنا نقول الحقيقة.
وأنا من جانبي أعترف بأني أخطأت لما تركت الإشراف على الجيش من سنة 62 بحيث لم أعد أعرف إيه اللي بيحصل فيه، وكان قصدي في ذلك الوقت إن عبدالحكيم يطمئن من جانبي شخصياً، لكني أعتبر أن هذا كان خطأ مني.
وتدخل المهندس محمد صدقي سليمان قائلاً: المهم الآن الأمر الواقع. وأقترح أن يوفر حق التظلُّم من قرارات لجنة تصفية الإقطاع أمام محكمة خاصة، كما أقترح إدخال بعض التعديلات في نظامنا بحيث يظهر الرأي الحر الصريح من دون خوف أو نفاق.
وردّ الرئيس جمال عبدالناصر بأن من رأيه أن النظام الحالي قد استنفد كل مداه، ولا بد من نظام جديد، وأنه شخصياً لديه اقتراحات محددة هي:
* أولاً: أن هذه اللجنة كأعلى سلطة سياسية في البلد عليهم أن يتحرّروا من الخوف، ثم بعد ذلك يقوموا بتحرير البلد كلها من الخوف.
* أما ثانياً فقد قال الرئيس: إذا كنا عايزين حقاً توفير الأمن والسلام فلنسمح بوجود معارضة في مصر، ولا يمكن تصوُّر وجود معارضة أن نقول إن زكريا محيي الدين يمثل اتجاهاً معيناً وعلي صبري يمثل اتجاهاً آخر، وبكده يبقى فيه معارض وفيه حكم!! ده احنا لو عملنا كده يبقى بنعمل مسرحية المعارضة.
وقال: إن المعارضة الحقيقية هي أننا نستحضر الذين يعارضوننا فعلاً في الوقت الحاضر مثل بغدادي وكمال الدين حسين وكلاهما أصلاً منّا وسبق أن وافقا على الميثاق ونسمح لهما بتكوين حزب معارض ونسمح لهما بجريدة تعبِّر عن رأي الحزب. وانتخابات جديدة في شهر ديسمبر السنة دي على أساس قائمتين للحزبين واللي يكسب الانتخابات يستلم الحكم والثاني يشكِّل المعارضة.. على أساس أن يبقى الجيش كجهاز محترف وكذلك البوليس.
وقال الرئيس جمال عبدالناصر بعد ذلك إنه يرى أنه لو نفذ هذا الاقتراح سنشفى من كل الأمراض الموجودة بيننا دلوقت.. وسيتحرّر كل واحد منّا من الخوف الذي تفشّى بيننا من أكبر هيئة لأصغر هيئة. وأنهى كلامه قائلاً: أنا ضد نظام الحزب الواحد. لأن الحزب الواحد يؤدي غالباً إلى قيام ديكتاتورية مجموعة معينة من الأفراد.
وقال: آخر كلامي في هذا الموضوع أنه إذا لم نغيِّر نظامنا الحالي سنسير إلى طريق مجهول، ولن نعلم من الذي سيستلم هذا البلد من بعدنا.. والذي أوصلنا إلى أننا أصبحنا نستحي أن نتكلم ونقول الحقيقة أو نقبل النقد.. سيؤدي بنا إلى مستقبل مظلم. النظام الحالي لن يمكننا إصلاحه عن طريق تعديلات أو القيام بعمليات ترقيع أو اعطاء مسكِّنات أسبرين كما ان الناس لن تصدِّقنا إذا قمنا بعملية رتوش.
ورجا الرئيس جمال عبدالناصر أعضاء اللجنة التنفيذية العليا للاتحاد الاشتراكي في هذه الجلسة لأن يفكروا في هذه الاقتراحات وطرح عليهم السؤال التالي:
كيف تُحكم البلد في المستقبل القريب؟
ثم طلب إليهم أن يأخذوا وقتهم في التفكير لغاية اليوم التالي الجمعة .
وانتهى الاجتماع في الساعة الثانية عشرة والربع من صباح يوم الخميس 3 أغسطس/ آب 1967.
وفي اليوم التالي الجمعة 4 أغسطس ،1967 وفي المكان نفسه وفي الساعة السابعة تماماً، عُقدت الجلسة الثانية للجنة التنفيذية العليا للاتحاد الاشتراكي العربي لبحث الموضوع الذي طرحه الرئيس جمال عبدالناصر: “كيف تُحكم البلد في المستقبل القريب؟”.
وبدأ الرئيس عبدالناصر الحديث بقوله إنه يعتقد أن الجميع فكّر فيما نوقش بالأمس لتحويل النظام إلى نظام مفتوح يسمح بالمعارضة الحقيقية ويقضي على الشلل.
قال الرئيس جمال عبدالناصر إنه يرى أن يتحوّل الاتحاد الاشتراكي إلى حزب على أن يسمح بتشكيل حزب آخر يمثل المعارضة بما سيترتب عليه منع حدوث صراعات مثل التي تحدث في الاتحاد الاشتراكي لأنها ستكون صراعات لها طبيعة ثانية لاعتبار وجود حزب منافس أمامهم. أما بالنسبة للمفهوم الاجتماعي للحكم فطبعاً سيكون طبقاً لمفهوم الحزب الذي سيحقق الفوز في الانتخابات التي قد يكون من المناسب أن تتم في شهر ديسمبر/ كانون الأول القادم بعد فضّ الدورة البرلمانية الحالية لمجلس الأمة خلال شهر نوفمبر/ تشرين الثاني 1967.
تكلّم زكريا محيي الدين بعد ذلك فقال: إن كتب عجالة أهم ما جاء فيه أنه فهم أن الرئيس يفكر في أن يكون هناك حزبان أحدهما الاتحاد الاشتراكي، وأن كلا الحزبين سيلتزم بالميثاق، وهنا سيبرز بعض الموضوعات التي ستتأثر بوجود حزبين متنافسين يحاول كل منهما تصيُّد الأخطاء للآخر، خصوصاً في المجالات الآتية:
* أولاً: الناحية الاقتصادية لنظامنا الذي تبلور تدريجياً في شكل خاص خلال عشر سنوات من النمو والتطوير وبرزت خلال الممارسة بعض المشكلات التي تحتاج لعلاج جذري، ومطلوب إعادة النظر في بعض المشروعات الاقتصادية، خاصة من ناحية الإنتاج والعائد منها، وكذلك العمالة الزائدة، ولا بد من العمل على كل ما يوفر الاستقرار للإدارة العليا لهذه المشروعات.
وقال: إن هناك جانباً اقتصادياً آخر هو المدخرات، فلا بد أن تصل المدخرات إلى 25% على الأقل، وهي الآن لم تتعد ال 13%، وهذه النسبة غير كافية لمواجهة الزيادة السكانية السنوية.
وقال: إن هناك جانباً اقتصادياً ثالثاً هو عدم زيادة حجم الصادرات.
ثانياً: سياستنا الخارجية بعد العدوان، وأقترح أن تكون السياسات التي تحقق أكبر قدر من أهدافنا الداخلية وذلك على سبيل المثال برأس المال الأجنبي والعربي من أجل أن يزيد حجم التنمية ليصل إلى 8% بدلاً من 6% مع تحديد الزيادة في الأجور، بحيث لا تتعدى 2%، وطلب أن يبت في هذه الأمور على وجه السرعة.
وعبّر زكريا محيي الدين عن خشيته من العوامل السياسية الداخلية والمزايدات الحزبية في حالة وجود الحزبين مما قد يؤثر في اختيار الحلول الصحيحة، ثم تساءل قائلاً: من الذي سيكون مسؤولاً عن المشروعات الاقتصادية؟
وقد ردّ الرئيس جمال عبدالناصر على مداخلة زكريا محيي الدين قائلاً: إن الحزب الذي سيتولى الحكم هو بالتالي ومن الطبيعي أنه سيكون المسؤول عن نجاح جميع المؤسسات، كما انه سيكون هو المسؤول أيضاً عن فشلها، بمعنى أن فشل هذه المؤسسات سيؤدي إلى سقوط الحكم.
فقال زكريا محيي الدين إنه يرى أن الحزب المعارض سيقوم بنبش الماضي، وما يتلو هذا من تجريح للهيئة القيادية للبلد ولرئاسة الدولة، فقاطعه الرئيس عبدالناصر بقوله: معنى هذا يعني حانخاف ولا نتحرك؟! لماذا؟.. إن قيادات الحزب الآخر مشتركة معنا في الماضي في جميع خطوات الحكم. أما عن تجريح القيادات فهو يتم حالياً ولكن داخل المنازل وداخل الجدران الأربعة، وأضاف انه يرى أن من الأفضل أن يتم خارجها.
وانتقل زكريا محيي الدين إلى إثارة نقاط عدة هي:
تعديل الدستور، وهل سنصبح جمهورية رئاسية أم برلمانية أم رئاسية مع بعض التعديلات.
وما الأهداف المنتظرة؟
وما التكوين الاجتماعي لمؤيدي كل حزب؟
ثم قال: والتساؤل الأهم والأخير هو: هل يصبح تعديل الهيكل السياسي للبلد واليهود ما زالوا يحتلون البر الشرقي لقناة السويس؟!
فردّ عليه الرئيس جمال عبدالناصر بأن هذه التساؤلات سيُرد عليها عند مناقشة الدستور الجديد.
وتكلّم بعده حسين الشافعي وقال إنه يرى أن يكون الرئيس فوق الحزبين وتساءل في الوقت نفسه كيف يكون ذلك في النظام الرئاسي؟ وإن الوصول إلى نظام جديد أمر في غاية الصعوبة وسيفتح علينا العديد من التساؤلات وردود الفعل.
أولها إذا كان الاتحاد الاشتراكي يمثل تحالف قوى الشعب العامل، فماذا يمثل الحزب الآخر؟ علماً بأن أي حزب لا بد أن يمثل فكرة أو طبقة معينة، وإذا كان الحزبيون متفقين على الميثاق، فما أهداف كل منهما؟ أما إذا سمح بتعديل الميثاق فستكون الفرصة أقل بالنسبة للاتحاد الاشتراكي عن الحزب الآخر، وكلنا نذكر أن أعضاء المؤتمر القومي صفقوا كثيراً عندما ذكرت عبارات استرجاع فلسطين والنواحي الدينية وإلغاء الامتيازات الممنوحة لبعض القيادات.. إلخ، ولهذا فسيلعب الحزب الآخر بالشعارات من أجل المزايدة على مبادئ وأسس الاتحاد الاشتراكي.
ثم قال إنه يتفق مع ما ساقه زكريا محيي الدين في ما يخص التساؤلات الاقتصادية.
وأنهى كلامه بأنه لا يتصوّر أي تغيير للنظام قبل إزالة آثار العدوان.
وتحدث أنور السادات فقال: إن الشعب الذي خرج يومي 9 و10 يونيو 67 بإحساسه الوطني العميق وصمّم على التمسك بالوضع الحالي، ومن المؤكد أن عبدالناصر هو تعبير لصورة الصمود والنضال في ذهن هؤلاء الناس. وقال إنه يرى أن النظام قد سقط كله يوم 9 و10 يونيو، ولكن الجماهير طالبت بعودة الرئيس جمال عبدالناصر فقط رئيساً للجمهورية، أي ان كل الأجهزة والمؤسسات قد سقطت بما فيها مجلس الأمة، هذا بالإضافة للصورة السوداء التي تركتها تصرفات عبدالحكيم عامر الشاذة.
وأضاف انه يرى أن تُعبأ البلد كلها ضد العدو، وهو لهذا لا يوافق الرئيس على اقتراحه بتشكيل حزبين إلا بعد إزالة آثار العدوان، وانه لا مانع بأن يتنحى الجميع وتتولى بدلاً منا قيادات جديدة، لكن تفسيخ البلد في هذه الظروف بوساطة المعارضة التي اقترحت أمر غير مقبول لأن الشعب يثق في هذا الرجل وأشار بيده إلى الرئيس جمال عبدالناصر الذي نثق بأنه القادر على توصيلنا لبر الأمان. يجوز الفتح مطلوب لكن هناك أمور يمكن تنفيذها بسرعة لنغير بعد ما نبحث عن الأخطاء، أما تفتيت البلد ونسمح للمعارضة فهذا أمر مستحيل لأنها ستكون فتحاً للكلاب اللي عايزة تنهش في الحكم. نعمل مجلس أمة جديداً ونسمح من داخله بالنقد. نركز كل جهودنا على ما تحتاجه المعركة التي هي مصيرنا أياً كان المصير.. وضرب مثلاً بما حدث في ليننجراد، وقال: حزبين لا.. لأنه سيقف رئيس الحزب الجديد ويرفع شعار “نسلم البلد للأعداء” بغضّ النظر عن المصلحة العامة.. لهذا فأنا لا أوافق على الحزبين.
تحدث من بعده علي صبري فقال: إنه يرى أن النظام لم يكن مغلقاً كنظام الحزب الشيوعي مثلاً، وفي الوقت نفسه لم يكن كما هو الحال في الدول الأوروبية.
أما عن اقتراح الرئيس بتشكيل حزبين فإن الاتحاد الاشتراكي سيكون على أساس المفهوم الاشتراكي، إذن فلا بد أن يقوم الحزب الآخر على فلسفة مخالفة وعلى أساس طبقة جديدة، وحتى إذا قلنا الالتزام بالميثاق، فإنه ممكن دائماً الخروج عن روح الميثاق عند التطبيق التفصيلي وتتجه البلد اتجاهاً آخر.
ورأى علي صبري أنه ليس هناك تخوف من أي تجربة طيلة وجود الرئيس جمال عبدالناصر. لكن الخطر كل الخطر في ما هو بعد الرئيس عبدالناصر حيث سينشأ صراع يظل لفترة قد تطول، كما ستظهر قوى مع التحوُّل الاشتراكي وقوى معارضة لهذا التحوّل.
وختم كلامه بأن قال إنه يرى أن يكون هناك انفتاح وأن يكون هناك مزيد من الديمقراطية ولكن ليس عن طريق الحزبين.
قال عبدالمحسن أبوالنور إنه يرى إذا بحثنا عن نظام جديد ألا يأتي شخص أو شكل يهدم كل ما بناه الرئيس جمال عبدالناصر، وقال إنه مع تشكيل معارضة لكن معارضة تبني ولا تهدم، معارضة تقاوم الانحراف، وأن نسير في اتجاه المعارضة بالتدريج. كما قال إنه يرى أن النظام قد سقط يوم 9 يونيو 67 لكن الجماهير أصرّت على قيادة الرئيس جمال عبدالناصر كصمام أمان للجميع.
واقترح بعد ذلك أن تكون هناك أجنحة في الاتحاد الاشتراكي، لكنه لا يوافق على قيام حزبين، الشيء الذي سيعيق إزالة آثار العدوان وننشغل عن المعركة الأساسية.
بعد أن استمع الرئيس جمال عبدالناصر لجميع الآراء قال مجدداً:
انه يختلف مع الجميع لأن المعارضة لا تُختلق وإلا تصبح ممسوخة، وأن السبب الرئيسي لترشيح كمال الدين حسين هو انه فعلاً معارض لنا. وقال إحنا الكبار الذين فسخنا النظام مادام كل واحد بيهدم عمل الآخر في الوقت الذي يجب أن نشعر فيه كلنا بوحدة المصير على جميع المستويات.
وطرح الرئيس عبدالناصر تساؤلاً:
إلى أين المسير بهذا النظام القديم؟
وقال إنه يعتقد أن الطهارة الثورية بعد خمسة عشر عاماً أصيبت كثيراً، والوحدة الفكرية بيننا أصبحت غير موجودة.. وقال: الحقيقة أنا أشعر أننا قصّرنا جميعاً في المسؤوليات التي كلفنا بها، ووصلت الحساسية بيننا إلى حد أننا أصبحنا نخاف أن ننقد بعضنا.
وقال الرئيس أيضاً إنه يرى أن الحل الوحيد الآن هو أن نخلق تحدياً حقيقياً بالمفهوم الصحيح، وإنه علينا أن نسارع للقيام بإصلاحات للأخطاء ونعيد تنظيم أجهزة وفروع الاتحاد الاشتراكي من أجل أن يكون قادراً على مواجهة التحدي الجديد له.
وقال الرئيس جمال عبدالناصر إن الموضوع يتلخص بكل بساطة في أن هناك طريقين لا ثالث لهما، الأول أن نعمل بنظام الحزب الواحد، وأضاف قائلاً إنه يعتقد أن الوقت قد فات لعمل حزب واحد سليم وفق مبادئه وبرامجه بانضباط شديد.
والثاني هو أن نعمل بنظام الصراعات السياسية والبقاء للأصلح وللأقوى.
وأنهى الرئيس جمال عبدالناصر كلامه بقوله:
بصراحة أنا أحب أن أقول لكم جميعاً إنه إذا تبيّن لنا أن منافسينا الجدد أفضل منّا وأصلب منّا فلنعلن بكل شجاعة أدبية أننا ماشيين ليحل مكاننا الآخرون حرصاً منّا على خدمة الناس وعلى مصلحة البلد.
وإن اختيارنا للنظام المفتوح يحتاج للكثير من التغيير وإلا سيبقى مجرّد ألفاظ، والناس ستنظر له بعدم ثقة ويقولون إننا رفعنا الشعار من أجل أن تتفتح الزهور فقط على طريقة المثل الصيني المعروف ليسهل تمييزها وقطفها.
وختم كلامه بقوله: أنا آسف إني كنت صريحاً بعنف في هذه الجلسة.. لكن كان السبب أنني أقسمت على نفسي يوم 9 يونيو ألا أعالج المواضيع السياسية عن طريق المساومات أو عن طريق الموازنات.
كما أقسمت أيضاً أن أقاتل في سبيل مبدئي، وأن أقول رأيي بكل صراحة، ولو كان على رقبتي.
حاول كل الأعضاء بعد ذلك ولمدة تزيد على ما يقرب من الساعة أن يثنوا الرئيس عن قراره إلا أنه قال:
أنا ما زلت عند رأيي اللي عرضته في أول الجلسة.



الخليج الأمارتية
3.10.2003

..............."
إنتهى نقل هذا الجزء

يحى الشاعر
 
عودة
أعلى