تضغط جهات مقربة من الحكومة الفرنسية على الجيش الجزائري، لحمله على الموافقة على القيام بعمليات عسكرية مشتركة في نطاق الساحل والصحراء، في سياق محاولات عسكرية فرنسية لملاحقة خاطفين لاثنين من رعاياها في شمال مالي. وفيما يشبه الحملة الإعلامية، تستمر انتقادات كتاب فرنسيين لتجمع جيوش الساحل الذي تشارك فيه الجزائر، بوصف خطف غربيين في ظرف يومين بـ''الفشل لهذا التجمع''.
تروج أوساط صحفية فرنسية، منذ نحو أسبوع، لما يشير لفشل تجمع دول الميدان للساحل والصحراء، مباشرة بعد إقفال اجتماع رؤساء أركان الجيوش الأربعة في باماكو، مع تنفيذ عملية خطف أولى ضد فرنسيين، من فرق المرتزقة لشركات الأمن الخاصة، في منطقة همبوري، ثم بعدها خطف ثلاثة أوربيين في تومبكتو، وكلتا العمليتين تمتا في شمال مالي. وتحركت تحليلات، منسوبة لخبراء أفارقة في مكافحة الإرهاب، تعتقد بمآل فاشل للجنة العمليات العسكرية، من دون خطط ميدانية مشتركة يتولى فيها الجيش الجزائري المهمة الأكبر بتوفير العتاد والتغطية التقنية، وتخطي حدود البلدان المجاورة.
ومعلوم أن قيادة الجيش الوطني الشعبي لا تعتزم حتى مناقشة فكرة ملاحقة كتائب إمارة الصحراء على أراضي دول مجاورة، بحكم ''تقييد الدستور لمهام الجيش''. وقالت وكالة ''فرانس براس'' إن مروحيات تابعة للجيش الفرنسي حطت، منذ صباح السبت، في غاو للمشاركة مع الجيش المالي في عمليات البحث عن ''فيدرون'' و''لازاريفيتش''، وهما الرهينتين الفرنسيتين اللذين خطفا في همبوري. ووصل جنود فرنسيون، لم يتضح عددهم، إلى غاو لتعزيز القوة المتواجدة هناك.
وبمدينة تومبكتو المالية قُتل، فيما بعد، سائح من أصل ألماني يحمل الجنسية الأمريكية أثناء عملية اختطاف سياح أوروبيين من طرف مسلحين مجهولين يعتقد بتبعيتهم لتنظيم القاعدة. العملية انتهت باختطاف ألمانيين وهولندي، فيما تمكنت زوجة السائح الذي قُتل من النجاة بأعجوبة من الاختطاف، وذلك حين استطاعت أن تختبئ أثناء العملية، مستفيدة من مقاومة زوجها للخاطفين، وما أعقب ذلك من فوضى بعد إطلاقهم النار عليه. وتقع منطقة الساحل أمام معادلة صعبة تطرح أسباب استمرار عمليات الخطف، قياسا لمجهود دبلوماسي وتنسيق عسكري بين الدول المعنية. وربما يقع الإشكال على استمرار تلقي فديات مالية من بعض الحكومات الغربية، حيث تكشف صحيفة ''لوجورنال دو ديمونش''، في عددها الصادر أمس، أن الرهائن الثلاثة، الذين أطلق سراحهم تنظيم ''القاعدة'' في فيفري الماضي، كلفوا 10 ملايين أورو، وهم فرنسية وطوغولي وثالث من مدغشقر، بينما طلب التنظيم مقابل الإفراج عن باقي الفرنسيين، وعددهم أربعة ممن كانوا يشتغلون لحساب مجمع أريفا في النيجر، فدية 90 مليون أورو. وباستثناء بريطانيا، سبق لألمانيا وإسبانيا أن دفعت فدية لتحرير رهائنها من التنظيم الإرهابي.
دبلوماسيا، وسعت وزارة الخارجية الفرنسية نطاق المنطقة التي تنصح ''رسميا'' مواطنيها بعدم زيارتها في مالي، وهي منطقة غطاها اللون الأحمر على موقع الوزارة الإلكتروني، وباتت تشمل همبوري، حيث خُطف فرنسيان يوم الخميس.
وبحسب خارطة مالي الواردة على موقع الوزارة الذي يحمل عنوان ''نصائح إلى المسافرين''، تم توسيع ''المنطقة الحمراء'' التي ''لا ينصح بزيارتها رسميا'' إلى الجنوب، حتى محيط مدينة موبتي. وباتت الوزارة تعتبر كل شمال شرق مالي بمثابة ''منطقة حمراء''. ويبقى جنوب غرب البلاد، حيث تقع العاصمة باماكو، في نطاق ''منطقة برتقالية'' لم ''يتم حظر زيارتها على المسافرين إلا لأسباب ملزمة''. وفي الإجمال، بات تسعة أوروبيين، بينهم ستة فرنسيين، مخطوفين رهائن في الساحل.
http://www.elkhabar.com/ar/politique/272568.html