دب إلينا داء الأمم قبلنا
قال النبي صلى الله عليه وسلم (دب إليكم داء الأمم قبلكم الحسد والبغضاء والبغضاء هي الحالقة لا أقول حالقة الشعر ولكن حالقة الدين والذي نفس محمد بيده لاتدخلوا الجنة حتى تؤمنوا ولا تؤمنوا حتى تحابوا ألا أنبئكم بما يثبت لكم ذلك أفشوا السلام بينكم ) الترمذي – حسنه الألباني وقال الهيتمى سنده حسن
وفى صحيح مسلم (لاتدخلون الجنة حتى تؤمنوا ولا تؤمنوا حتى تحابوا ألا أدلكم على شيء إذا فعلتموه تحاببتم افشوا السلام بينكم )مسلم
حديث لو أمعنا النظر فيه وقراناه بقلوبنا لعلمنا أنه من أعلام النبوة فما قاله رسول الله تحقق تماما
استخدم النبي كلمة دب من الدبيب لأنه داء خفي
ولم يصف النبي الداء دون أن يصف الدواء بأبي هو وأمي بل قال الدواء هو السلام فيما بيننا هو بداية العلاج فيسلم كل منا على من يعرف ومن لايعرف فمعنى قولي لك السلام عليكم - عهد لك منى بحفظ دمك ومالك وعرضك ليس هذا وحسب بل معناه أيضا الله يسلمك من الآفات والأمراض
ومعناه أيضا بين وبينك سلام فلاحقد ولاحسد ولا ضغينة
وهى ليست كلمة تقال باللسان بل يجب أن تكون من القلب فليس المسلم بالمنافق يسلم على أخيه ويحمل له الحسد والحقد
والله عز وجل هو السلام وكذا السلام تحية أهل الجنة يقول تعالى ( والملائكة يدخلون عليهم من كل باب سلام عليكم بما صبرتم فنعم عقبى الدار ) الرعد 23-24
وقال تعالى ( وقال لهم خزنتها سلام عليكم طبتم فادخلوها خالدين ) الزمر 73
لكن الحسد دب في المدرسة والجامعة وبين الموظفين وبين التجار وبين طلبة العلم الشرعي
الحسد هو تمنى زوال النعمة عن الغير
والحسد المركب هو زوال النعمة عن الغير وانتقالها إلى الحاسد والحسد حرام بالكتاب والسنة والجماع وهو من الكبائر - فقد ذم الله اليهود لاتصافهم بهذه الصفة ( أم يحسدون الناس على ما أتاهم الله من فضله ) النساء 54
بل هو صفة إبليس لعنه الله حسد أبانا ادم على ما أنعم الله عليه من تعليمه الأسماء وإسجاد الملائكة له فأودى به حسده إلى الكفر والعياذ بالله
قال النبى ( لاتباغضوا ولا تحاسدوا ولا تدابروا وكونوا عباد الله إخوانا ولا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث ) مسلم والمحسود يتنعم بنعمته والحاسد يتمرغ في أوحال الحسد – يكاد يقتل نفسه
الحاسد يعترض على قضاء الله وعلى قسمة الله وكأنه يقول يارب أعطيت من لايستحق
يقول بن تيمية الحسد من أمراض القلوب وماخلا قلب من حسد لكن اللئيم يبديه والكريم يخفيه
إذا دخل الحسد والبغضاء بين جماعة فرقها
إن خطورة الحسد والبغضاء أنهما من أمراض القلوب لاتظهر علاماتها بل ربما تجد من يبغض أخاه يدافع قائلا أبغضه في الله والله يعلم كذبه إنما هو يبغضه حسدا وغلا وحقدا
ولما دخل الحسد بين الدعاة والعلماء دخلوا متاهات عظيمة
الرسول يحذرنا من الحسد والبغضاء داء الأمم قبلنا
قال تعالى ( من الذين قالوا إنا نصارى أخذنا ميثاقهم فنسوا حظا مما ذكروا به فأغرينا بينهم العداوة والبغضاء الى يوم القيامة ) منهم كاثوليك وبروتستانت وأرثوذكس - ولايمكن لأحدهم دخول كنيسة الأخر
ثم يحذرنا الله قائلا ( ولا تكونوا كالذين تفرقوا واختلفوا من بعد ماجاءهم البينات واولئك لهم عذاب عظيم )
ماذا فعل العدو بنا خلال ستة أشهر
-اغتيال قيادي فى حماس
- التوسع فى المستوطنات
- افتتاح كنيس الخراب
- ضم الحرم الإبراهيمي ومسجد بلال بن رباح إلى التراث الإسرائيلي
- طرد ألاف الفلسطينيين من أرضهم
ماذا فعلنا نحن - لاشيء – نشجب ونندد – وندين بشدة هذه الأفعال
والسؤال هو ما الذي أوصلنا إلى هذه الدرجة من الهوان
الحسد والبغضاء بداية من العائلة
الابنان يكبران ويتزوجان ويبدأ الحسد والبغضاء ويصل إلى النزاع والتشاجر ويحلف كل منهما الايكلم أخاه وإذا كان الخلاف من أجل ميراث يقسم كل منهم الايدخل بيت أخيه أو أخته فتحدث البغضاء ويربى كل منهم أولاده على كراهية عمته وزوج عمته وكراهية عمه وزوجته وأولاد عمه –
حتى بين رواد المسجد يحدث بينهم حسد وبغضاء هذا يريد الأذان وهذا يريد الإمامة وهذا يريد التطويل في الصلاة الأخر يريد التقصير وهذا يرفض طول انتظار الصلاة والأخر يريد الانتظار حتى يأتي الناس
فى القرية يحدث الحسد وطبعا البغضاء –فلان كان فقيرا وذهب إلى الخليج ورجع فاشترى سيارة وفتح محلا يبيع فيه والأخر كان فقيرا وباع أرضه واشترى سيارة يعمل عليها هكذا طوال النهار لاحديث إلا عن الناس غيبة ونميمة وحسد وبغضاء
وفى الدولة الفقير يحسد الغنى ويبغضه والغنى يبادله البغض
وصاحب السلطة يكرهه الناس ويبغضونه وهو يبادلهم نفس الشعور
الشيوخ الرسميون يصفون الآخرين بالجهل وعدم العلم والآخرون يرمونهم بالإرجاء أو الأشعرية
وبين الدول تجد دولة صغيرة تريد أن تكون زعيمة المنطقة بلا مؤهلات فلا تجد أمامها إلا التقليل من شأن الدول الأخرى ومنافستها بأي شكل فيحدث الحسد وتحدث البغضاء
والله عز وجل يقول ( إنما المؤمنون أخوة ) كل المؤمنين فى كل العالم
ويقول النبي ( المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضا )
ويقول ( مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم كمثل الجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الأعضاء بالسهر والحمى )
ويقول (لايؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه )
كان بعض الصحابة جالسين يتحدثون في أمر مهم فتكلم بلال بكلام لم يعجب أبا ذر الغفاري فقال حتى أنت يا بن السوداء فشكاه بلال لرسول الله فغضب النبي غضبا شديدا وقال لأبى ذر أنت امرؤ فيك جاهلية فخرج أبو ذر وكل همه أن يجد بلالا فلما وجده وضع رأسه على الأرض في التراب قائلا لبلال طأ بقدمك رأسي لا أرفعها حتى تطأها فبكى بلال وتعانقا - فمن منا يقبل أن يضع رأسه في التراب
تذكرون أخوتي في الله فتنة الخوارج أول تنظيم تكفيري خرج بمقولة كيف يحكم على بن أبى طالب الناس ولا يحكم كتاب الله فيجب أن يتوب أو يقاتل فانطلقوا إلى تكفير الحاكم وتكفير المجتمع واعتبروا أن كل من خالفهم أو سكت كافر أيضا
وكانوا اشد الناس تدينا قال عنهم النبي ( تحقرون صلاتكم إلى صلاتهم يقرءون القرآن لايجاوز حلوقهم يمرقون من الدين مروق السهم من الرمية )
ومن يومها وهذه الفتنة وهذا الفكر موجود
انظر إلى حماس وفتح في فلسطين كل منهم يرمى الأخر بالكفر والخيانة وسجون كل منهم مليئة من الطرف الآخر وليس من العدو المشرك –
جنود حماس الأشاوس خرجوا في حملة مكونة من خمسمائة جندي لا لحرب الإسرائيليين بل لهدم مركز الألباني وضرب من فيه وكل جريمتهم أنهم مخالفون فى المنهج
وأصيب المؤذن بالإغماء لا لضربهم له وقد تجاوز السبعين من عمره بل لأن الذى ضربه هو حفيده -
كثرت الرايات وكثرت الرؤوس وكل منهم له العهد ممن تحت الراية وليت الرايات توجهت كلها للعدو لكنها توجهت ضد بعضها البعض وصار الولاء للمرشد أو القيم أو الشيخ وليس للأمير مع أن النبي صلى الله عليه وسلم حذر فقال (من قاتل تحت راية عميه يغضب للعصبية ويدعو إلى عصبية فقتل فقتله جاهلية ) مسلم
وقال ( من خرج من الطاعة وفارق الجماعة فمات مات ميتة جاهلية ) مسلم
قال بن جرير الطبري – لما آخى النبي بين الأوس والخزرج وصاروا إخوانا اغتاظ اليهود من هذا الإخاء فجاء أحدهم وهو بن شاس فدخل على الأوس وظل يذكرهم بما فعل بهم الخزرج حتى تنادوا إلى السلاح وذهب إلى الخزرج فظل بهم حتى تنادوا للسلاح وتواعدوا باللقاء عند الحرة للقتال فسمع النبي فخرج مسرعا إليهم ووقف وسط الفريقين وظل يذكرهم بالهدى بعد الضلال والأخوة بعد العداء والوحدة بعد التفرق حتى وضعوا السيوف وبكوا وعانق كل منهم أخاه ولم يعودوا
لانرى سلفيا يصلى في مسجد للصوفية ولا صوفيا يقبل حتى برؤية سلفي وطعن كل منهم في الأخر هذا وهابي تكفيري والآخرون عباد قبور
والإخوانى يصف السلفي أنه لايدرس إلا فقه دورة المياه والطهارة ورد عليهم السلفيون أنكم فرطتم فى ثوابت الدين من أجل الوصول إلى الحكم
الكل يقول أنا الحق أنا الإسلام وغيرى لانصيب له من الجنة
حسد وبغضاء لاتحلق الشعر بل تحلق الدين وهذا ما يريده الأعداء أن نتباغض فيما بيننا ويحتل هو أرضنا دولة دولة فما احتلوا العراق إلا بفتنة الشيعة والسنة وأفغانستان كذلك
الخطبة الثانية
ما الذي أوصلنا إلى ما نحن فيه من ضعف وهوان
قال النبي السبب إنه حب الدنيا فهي سبب كل بلاء وكذا حب الرياسة والزعامة
قال أحمد بن حنبل الناس يعبدون الله والصوفية يعبدون شيوخهم
والمرشد رأيه مقدم على رأى الأمير أو السلطان
وابتلى السلفيون بهذا الداء فصار لكل شيخ طلبة لايسمعون لغيره
وليت الأمر توقف عند هذا الحد لا بل صار كل فريق يسفه الأخر ويقلل من شأنه وأنه على ضلال
وهذا ما نحن فيه الآن ولاحول ولاقوه إلا بالله
يوما قال النبي للصحابة من منكم يتصدق مثل أبى ضمضم – إنه صحابي فقير دعي إلى الصدقة والتجهيز للجهاد فلم يجد عنده شيئا يتصدق به فقام بالليل وصلى ركعتين ووقف يدعو الله عز وجل قائلا أهل الأموال تصدقوا بأموالهم وأهل الخيل جهزوا خيولهم وأهل الجمال جهزوا جمالهم ولامال لى ولا خيل ولا جمال اللهم إني أتصدق بصدقة فاقبلها اللهم كل من ظلمني أو سبني أو شتمني أو اغتابني من المسلمين فاجعله في عافية وفى حل وفى سماح فقبل الله صدقته ونزل جبريل يخبر النبي بقبول الله لها فقال صلى الله عليه وسلم لقد تقبل الله صدقتك وسبحان القائل ( إنما يتقبل الله من المتقين ) المائدة 27
قال النبي صلى الله عليه وسلم ( دب إليكم داء الأمم قبلكم الحسد والبغضاء والبغضاء هي الحالقة لا أقول حالقة الشعر ولكن حالقة الدين والذي نفس محمد بيده لاتدخلوا الجنة حتى تؤمنوا ولا تؤمنوا حتى تحابوا ألا أنبئكم بما يثبت لكم ذلك أفشوا السلام بينكم ) الترمذي – حسنه الألباني وقال الهيتمى سنده جيد
الدعاء