القعقاع بن عمرو.. لا يهزم جيش فيه مثله
بقلم/ محمد بكري الفيومي
لو أن للتاريخ لساناً يتكلم به، فسئل: أي الناس في نظرته لجنده كان أفرس؟؟
لقال: أبو بكر رضي الله عنه عندما أرسل إليه خالد بن الوليد وعياض بن غنم يستمدانه .. فأمد خالداَ بالقعقاع بن عمرو التميمي.. فلما قيل له : أتمد رجلاً قد انفض عنه جنوده برجل واحد؟!!
فقال الصديق : "لا يهزم جيش فيه مثل هذا"
وصدق والله أبو بكر.. لقد أثبتت الأيام صدق نظرته، فلم يكن القعقاع مجرد قائد في سرية قد لا يذكرها التاريخ إلا في سطرين أو ثلاثة.. وإنما هو الفارس المغوار، والقائد الذي شهد مشاهد الفتوحات الإسلامية الكبرى كالقادسية واليرموك ونهاوند وغيرها.. وغيرها.
دع عنك هذا اللغط في ثبوت شرف الصحبة للرجل.. فكفاه شرفاً أنه أحد أولئك الأبطال الذين كان لهم الفضل في كسر شوكة الفرس المشركين وإخضاع ديارهم لدولة الإسلام.. قال عنه ابن عبد البر في الاستيعاب: "عمرو: هو أخو عاصم بن التميمي, وكانا لهما من البلاء الجميل والمقامات المحمودة في القادسية ما لهما ولهاشم بن عتبه وعمرو بن معد يكرب".
وقال ابن الأثير: "وللقعقاع أثر عظيم في قتال الفرس في القادسية وغيرها.. وكان من أشجع الناس وأعظمهم بلاء"
ونحن هنا لا نؤرخ لحياة هذا البطل.. ولكننا نتوقف عند بعض المواقف من حياته ليتبين لنا كيف كانت حياة هؤلاء الرجال من أجل إعلاء كلمة الله.. ويتجلى لنا شجاعة قائدنا المغوار وحدة ذكاءه وقدرته على اتخاذ القرارات الصائبة في ميدان القتال.. وإليك أيها القارئ الكريم هذه المشاهد من جهاده:-
فى يوم كاظمة:
عندما خرج "هرمز" قائد جيش الفرس، ودعا خالداً إلى المبارزة، وقد اتفق مع أصحابه على أن يغدروا بخالد.. فتقدم إليه خالد رضي الله عنه وتضاربا، ثم أحتضنه خالد، فإذا بأصحاب هرمز وقد حملوا جميعا على خالد فكاد أن يقتل.. وهنا تدخل القعقاع بسيفه، فأزاحهم وقتل هرمز.. فكان ذلك أول الهزيمة للفرس في يوم "ذات السلاسل" التي جاء فيها هرمز بجنده مقيدين لئلا يفروا .
كسر حصار دمشق عام 14هجرية :
كيف ينسى التاريخ هذه العملية الجريئة التي صعد فيها القعقاع مع مذعور بن عدى على سلالم من حبال إلى أعلى سور دمشق، ثم هاجم خالد ببقية جنده حماة أبواب المدينة وقتلوهم.. ولم تشرق الشمس حتى دخل جيش المسلمين المدينة مما حدا بالبطريق "نسطاس" إلى طلب الصلح.. فأي شجاعة!!.. وأي استبسال!!
فى يوم القادسية:
لقد تجلت عبقرية قائدنا عندما كان في مقدمة القوات التي جاءت لنجدة سعد رضي الله عنه بقيادة هاشم بن عتبة بن أبى وقاص.. حيث أسرع بمن معه وهم يومئذ ألف رجل.. وقام بتقسيمهم جماعات جماعات، كل جماعة مؤلفة من عشرة رجال.. وتقدم هو مع الأولى.. ففرح الناس بقدومه، ثم وقف في الناس يقول: "يا أيها الناس إني جئتكم في قوم – والله- لو كانوا بمكانكم ثم أحسوكم حسدوكم حظوتكم, وحاولوا أن يطيروا بها دونكم ,فاصنعوا كما اصنع"
فماذا يصنع ؟!! .. ماذا يصنع هذا البطل الذي قدم لتوه ، ولم يأخذ فرصة للراحة ؟!! لقد أسرع تقدم بين الصفين ونادي:
من يبارز؟
فخرج له "بهمن جاذويه" قائد قلب جيش المجوس.. وعرف القعقاع بنفسه، وعندها صاح القعقاع "يا لثارات أبى عبيد وسليط وأصحاب الجسر".. ثم تبارزا فقتله القعقاع.. وكان أول قتلاهم يومئذ في هذا اليوم الذي عرف بيوم "أغواث".. ثم نادي القعقاع مرة ثانية:
من يبارز؟؟
فخرج له "الفيرزان" قائد مؤخرتهم.. وتبارزا، فسدد إليه القعقاع ضربة بالسيف أطارت رأسه.. ففرح المسلمون بذلك فرحاً شديداً ، ثم قال القعقاع: "يا معاشر المسلمين , باشروهم بالسيوف ؛ فإنما يحصد الناس بها" .. وهنا بدأت المجموعات التي قسمها في الوصول، فأزداد المسلمون فرحاً على فرحهم.. وبات ينظم من معه مرة ثانية.. فقال: "إذا طلعت لكم الشمس فاقبلوا مائة.. مائة, كلما توارى عنكم مائة فليتبعها مائة.. فإن جاء هاشم فذاك, وإلا جددتم للناس رجاءً وجدا" فلما أصبح الناس على مواقعهم طلعت خيل رجال القعقاع، فكبر وكبر المسلمون وقالوا: "جاء المدد ولما وصل آخر رجال القعقاع بدأت قوات هاشم تتوارد".
فرضي الله عن سعد عندما كتب إليه الفاروق عمر:
"أي فارس كان أفرس في القادسية ؟؟
فكتب إليه سعد "إني لم أر مثل القعقاع بن عمرو .. حمل في يوم ثلاثين حملة يقتل في كل حملة بطلا "
فتح المدائن:
عندما قرر سعد رضي الله عنه عبور نهر دجلة لفتح المدائن عاصمة الفرس كان أول من عبر النهر: كتيبة الأهوال بقيادة عاصم.. ثم تلتها الكتيبة الخرساء بقيادة القعقاع.. في آية لم يسمع الناس بها إلا في جيش العلاء بن الحضرمي.. وعند عبور الناس زلّ رجل عن فرسه، فثنى القعقاع عنان فرسه إليه فأخذ بيده فجرّه حتى عبر.. فقال الرجل: " أعجز الأحوات أن يلدن مثل القعقاع" .. وعندما مكن الله للمسلمين كان القعقاع على رأس القوات التي تطارد الفرس ، فلاحظ رجلا يغطى انسحاب الفرس فقتله .. فوجد مع الرجل أحد عشر سيفاً، ودروعاً من بينها سيوف كسرى وهرمز وخاقان والنعمان وغيرها ، فغنمها..
فى نهاوند فتح الفتوح:
تحت قيادة "النعمان بن مقرن المزنى " كان القعقاع على "المجردة " .. وهى القوات التي تتقدم أمام المقدمة لحمايتها .. لقد كان المسلمون يخشون أن يطول حصار المدينة دون أن يحققوا هدفهم ، وبعد المشاورات مع قادة الجيش استقر الرأي على أن يبعث المسلمون من يناوش الفرس ثم ينسحب وكأنه يفر أمام الفرس ليخرجهم من حصنهم ، وعندها يبدأ المسلمون القتال.
فمن ذا الذي يقوم بهذه المهمة ؟!
إنه القعقاع.. البطل المقدام الذي استطاع أن يظهر التقهقر أمامهم، فخرجوا له فتراجع ثم تراجع وهم يحاولون اللحاق به.. فلما خرج معظمهم انقض عليهم المسلمون، وانتهت المعركة بنصر مؤزر سماه المؤرخون : "فتح الفتوح"
أيها القارئ الكريم.. هذه بعض المشاهد من سيرة هذا البطل.. فما أحوجنا اليوم إلى استلهام العبرة واستخلاص الدرس.. فالمسلمون قد تداعت عليهم الأمم، وليس من شيم الرجال التباكي على عز الإسلام ومجده في سالف الدهر.
فما أسهل أن يذرف الإنسان الدمع.. وإنما نحن بحاجة إلى من يصنع التاريخ لتعود الأمة إلى مكانها الريادي الذي بوأها الله إياه.
لو أن للتاريخ لساناً يتكلم به، فسئل: أي الناس في نظرته لجنده كان أفرس؟؟
لقال: أبو بكر رضي الله عنه عندما أرسل إليه خالد بن الوليد وعياض بن غنم يستمدانه .. فأمد خالداَ بالقعقاع بن عمرو التميمي.. فلما قيل له : أتمد رجلاً قد انفض عنه جنوده برجل واحد؟!!
فقال الصديق : "لا يهزم جيش فيه مثل هذا"
وصدق والله أبو بكر.. لقد أثبتت الأيام صدق نظرته، فلم يكن القعقاع مجرد قائد في سرية قد لا يذكرها التاريخ إلا في سطرين أو ثلاثة.. وإنما هو الفارس المغوار، والقائد الذي شهد مشاهد الفتوحات الإسلامية الكبرى كالقادسية واليرموك ونهاوند وغيرها.. وغيرها.
دع عنك هذا اللغط في ثبوت شرف الصحبة للرجل.. فكفاه شرفاً أنه أحد أولئك الأبطال الذين كان لهم الفضل في كسر شوكة الفرس المشركين وإخضاع ديارهم لدولة الإسلام.. قال عنه ابن عبد البر في الاستيعاب: "عمرو: هو أخو عاصم بن التميمي, وكانا لهما من البلاء الجميل والمقامات المحمودة في القادسية ما لهما ولهاشم بن عتبه وعمرو بن معد يكرب".
وقال ابن الأثير: "وللقعقاع أثر عظيم في قتال الفرس في القادسية وغيرها.. وكان من أشجع الناس وأعظمهم بلاء"
ونحن هنا لا نؤرخ لحياة هذا البطل.. ولكننا نتوقف عند بعض المواقف من حياته ليتبين لنا كيف كانت حياة هؤلاء الرجال من أجل إعلاء كلمة الله.. ويتجلى لنا شجاعة قائدنا المغوار وحدة ذكاءه وقدرته على اتخاذ القرارات الصائبة في ميدان القتال.. وإليك أيها القارئ الكريم هذه المشاهد من جهاده:-
فى يوم كاظمة:
عندما خرج "هرمز" قائد جيش الفرس، ودعا خالداً إلى المبارزة، وقد اتفق مع أصحابه على أن يغدروا بخالد.. فتقدم إليه خالد رضي الله عنه وتضاربا، ثم أحتضنه خالد، فإذا بأصحاب هرمز وقد حملوا جميعا على خالد فكاد أن يقتل.. وهنا تدخل القعقاع بسيفه، فأزاحهم وقتل هرمز.. فكان ذلك أول الهزيمة للفرس في يوم "ذات السلاسل" التي جاء فيها هرمز بجنده مقيدين لئلا يفروا .
كسر حصار دمشق عام 14هجرية :
كيف ينسى التاريخ هذه العملية الجريئة التي صعد فيها القعقاع مع مذعور بن عدى على سلالم من حبال إلى أعلى سور دمشق، ثم هاجم خالد ببقية جنده حماة أبواب المدينة وقتلوهم.. ولم تشرق الشمس حتى دخل جيش المسلمين المدينة مما حدا بالبطريق "نسطاس" إلى طلب الصلح.. فأي شجاعة!!.. وأي استبسال!!
فى يوم القادسية:
لقد تجلت عبقرية قائدنا عندما كان في مقدمة القوات التي جاءت لنجدة سعد رضي الله عنه بقيادة هاشم بن عتبة بن أبى وقاص.. حيث أسرع بمن معه وهم يومئذ ألف رجل.. وقام بتقسيمهم جماعات جماعات، كل جماعة مؤلفة من عشرة رجال.. وتقدم هو مع الأولى.. ففرح الناس بقدومه، ثم وقف في الناس يقول: "يا أيها الناس إني جئتكم في قوم – والله- لو كانوا بمكانكم ثم أحسوكم حسدوكم حظوتكم, وحاولوا أن يطيروا بها دونكم ,فاصنعوا كما اصنع"
فماذا يصنع ؟!! .. ماذا يصنع هذا البطل الذي قدم لتوه ، ولم يأخذ فرصة للراحة ؟!! لقد أسرع تقدم بين الصفين ونادي:
من يبارز؟
فخرج له "بهمن جاذويه" قائد قلب جيش المجوس.. وعرف القعقاع بنفسه، وعندها صاح القعقاع "يا لثارات أبى عبيد وسليط وأصحاب الجسر".. ثم تبارزا فقتله القعقاع.. وكان أول قتلاهم يومئذ في هذا اليوم الذي عرف بيوم "أغواث".. ثم نادي القعقاع مرة ثانية:
من يبارز؟؟
فخرج له "الفيرزان" قائد مؤخرتهم.. وتبارزا، فسدد إليه القعقاع ضربة بالسيف أطارت رأسه.. ففرح المسلمون بذلك فرحاً شديداً ، ثم قال القعقاع: "يا معاشر المسلمين , باشروهم بالسيوف ؛ فإنما يحصد الناس بها" .. وهنا بدأت المجموعات التي قسمها في الوصول، فأزداد المسلمون فرحاً على فرحهم.. وبات ينظم من معه مرة ثانية.. فقال: "إذا طلعت لكم الشمس فاقبلوا مائة.. مائة, كلما توارى عنكم مائة فليتبعها مائة.. فإن جاء هاشم فذاك, وإلا جددتم للناس رجاءً وجدا" فلما أصبح الناس على مواقعهم طلعت خيل رجال القعقاع، فكبر وكبر المسلمون وقالوا: "جاء المدد ولما وصل آخر رجال القعقاع بدأت قوات هاشم تتوارد".
فرضي الله عن سعد عندما كتب إليه الفاروق عمر:
"أي فارس كان أفرس في القادسية ؟؟
فكتب إليه سعد "إني لم أر مثل القعقاع بن عمرو .. حمل في يوم ثلاثين حملة يقتل في كل حملة بطلا "
فتح المدائن:
عندما قرر سعد رضي الله عنه عبور نهر دجلة لفتح المدائن عاصمة الفرس كان أول من عبر النهر: كتيبة الأهوال بقيادة عاصم.. ثم تلتها الكتيبة الخرساء بقيادة القعقاع.. في آية لم يسمع الناس بها إلا في جيش العلاء بن الحضرمي.. وعند عبور الناس زلّ رجل عن فرسه، فثنى القعقاع عنان فرسه إليه فأخذ بيده فجرّه حتى عبر.. فقال الرجل: " أعجز الأحوات أن يلدن مثل القعقاع" .. وعندما مكن الله للمسلمين كان القعقاع على رأس القوات التي تطارد الفرس ، فلاحظ رجلا يغطى انسحاب الفرس فقتله .. فوجد مع الرجل أحد عشر سيفاً، ودروعاً من بينها سيوف كسرى وهرمز وخاقان والنعمان وغيرها ، فغنمها..
فى نهاوند فتح الفتوح:
تحت قيادة "النعمان بن مقرن المزنى " كان القعقاع على "المجردة " .. وهى القوات التي تتقدم أمام المقدمة لحمايتها .. لقد كان المسلمون يخشون أن يطول حصار المدينة دون أن يحققوا هدفهم ، وبعد المشاورات مع قادة الجيش استقر الرأي على أن يبعث المسلمون من يناوش الفرس ثم ينسحب وكأنه يفر أمام الفرس ليخرجهم من حصنهم ، وعندها يبدأ المسلمون القتال.
فمن ذا الذي يقوم بهذه المهمة ؟!
إنه القعقاع.. البطل المقدام الذي استطاع أن يظهر التقهقر أمامهم، فخرجوا له فتراجع ثم تراجع وهم يحاولون اللحاق به.. فلما خرج معظمهم انقض عليهم المسلمون، وانتهت المعركة بنصر مؤزر سماه المؤرخون : "فتح الفتوح"
أيها القارئ الكريم.. هذه بعض المشاهد من سيرة هذا البطل.. فما أحوجنا اليوم إلى استلهام العبرة واستخلاص الدرس.. فالمسلمون قد تداعت عليهم الأمم، وليس من شيم الرجال التباكي على عز الإسلام ومجده في سالف الدهر.
فما أسهل أن يذرف الإنسان الدمع.. وإنما نحن بحاجة إلى من يصنع التاريخ لتعود الأمة إلى مكانها الريادي الذي بوأها الله إياه.
كذا المعالي إذا ما رمت تدركها
فاعبر إليها على جسر من التعب
وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وآله وصحبه أجمعينفاعبر إليها على جسر من التعب