كيف يُقرأ التاريخ

الرياضي

بكل روح رياضية
إنضم
8 فبراير 2010
المشاركات
4,699
التفاعل
938 0 0
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد وآله وصحبه أجمعين، وبعد:
فمن المعلوم أن :
ـ التاريخ هو تراث الأمة وكنـزها.
ـ وهو مقياس عظمتها في بابي الحضارة والثقافة.
ـ وهو ديوانها الذي تحتفظ فيه بذاكرتها.
ـ وهو مغترف العبر والعظات لأحداثها.
ـ وهو بيانٌ لسيرة عظمائها.
ـ وهو ماضيها الذي تستند إليه لحاضر أفضل ومستقبل أجلّ.
ـ وهو دراسة أحوال الماضين من الأمم والشعوب الأخرى.
ـ وهو وعاء الخبرة البشرية.
وهذه وريقات في كيفية قراءة الشباب للتاريخ، موجزاً ما استطعت إلى الإيجاز سبيلاً، وسأقتصر على تاريخ الأمة الإسلامية، أما تاريخ الأمم الأخرى فله حديث آخر؛ إذ له قواعد ومصادر ومراجع تقترب حيناً وتبتعد أخرى من تاريخ الأمة الإسلامية، والله أعلم.
كيفية القراءة
هناك كيفيات عديدة للقراءة لكن قبل ذكرها وبيانها ينبغي التذكير بأن القراءة لابد أن تكون بنية الاستفادة والتغيير؛ فهذا من أهم ما يُقرأ التاريخ من أجله؛ إذِ الأمة الإسلامية اليوم تتطلع إلى الخروج من النفق المظلم الذي وضعت نفسها فيه منذ قرابة 3 قرون، ولا مخرج لها بعد التوكل على الله سبحانه سوى المراجعة الدقيقة لتاريخها واستخراج ما فيه من عبر وعظات صالحة لدفع عملية التغيير قدماً إلى الأمام.
وتاريخ الإسلام مليء بالفوائد الجليلة من عبر وعظات وردت في ثنايا أحداثه وفي سير الشخصيات العظيمة، فإذا قرأ المرء في كتب التاريخ فلتكن نيته الاستفادة من هذه الكنوز وتقويم حياته بها؛ فمن قرأ تاريخ بني أمية وما فيه من مزايا ونقائص، وما فيه من كرّ وفر، ومد وجزر قراءة واعية مركزة فسيستخرج عبراً وعظات تفيده في تقويم مسيرته، وكذلك سائر الدول من عباسية ومملوكية وعثمانية إلخ ...
ومن قرأ جهاد الدولة الزنكية والأيوبية للصليبيين فكأنما يطالع أخبار زماننا هذا.
ومن قرأ تفاصيل أعمال بني عثمان في البلقان وسائر دول أوروبا الشرقية فسيجد فيها من الأحداث المشابهة بأحداث زماننا قدراً وافراً.
وهكذا لو قرأ قارئ سير الرجال العظماء الذين امتلأت بأعمالهم بطون الكتب فسيتأثر بها كثيراً، فهم ما بين عابد وزاهد وفارس وعالم وغني شاكر، وفقير صابر، في جملة من الأعمال المسطورة والأقوال المنقولة التي يهذب بها قارئ التاريخ نفسه ويزكي بها عمله ويحسّن بها منطقه.
لذلك فإن القراءة في تلك الكتب تعود على الفرد والمجتمع بأحسن العوائد وأجمل الآثار، فمن قرأ التاريخ هذه القراءة استفاد تلك الاستفادة.
وأوجز كيفيات القراءة في التالي :
1. القراءة الشاملة :
إن النظرة الجزئية لأحداث التاريخ تنتج مواقف إزاء تلك الأحداث لا تتفق مع الواقع تماماً، وتكون ظالمة لأشخاص ووقائع؛ فمن نظر إلى الدولة العباسية من منظور قسوة النشأة وتتبع الخصوم سيحكم عليها حكماً جائراً.
ومن نظر إلى دولة بني عثمان في ضوء الوقائع العسكرية فقط فسيحكم عليها حكماً غير دقيق، وهي أنها دولة أفلحت في الجوانب العسكرية فقط وأخفقت في سائر الجوانب الأخرى.
ومن نظر إلى دول آل البيت في ضوء منجزاتها دون النظر إلى عقيدة القائمين عليها (زيدية أو إمامية أو إسماعيلية باطنية) فسيخطئ في الحكم عليها، وسيرى أنها دول لها فضل وأثر في بابي الحضارة والثقافة سيعمى عن خطورة تلك الدول في جوانب أخرى، وهكذا...
2. عدم تجميل التاريخ:
يحب كثير من قارئي التاريخ والباحثين فيه أن يجملوا التاريخ الإسلامي، وهذا لا يصح؛ إذ التاريخ فيه ما يجمل ذكره وفيه ما يسوء ذكره، وهذه سنة الله في خلقه، وهكذا هو التاريخ منذ فجر البشرية، وهناك مؤرخون يجملون التاريخ، بذكر الحسنات فقط وإغفال السيئات، وصنيعهم هذا خطأ منهجي واضح، ومما يفعلونه:
أ. عدم ذكر ما يسوء من الوقائع وسير الأشخاص، وإغفال كل ذلك تماماً.
ب. ذكر ما يسوء مختصراً بدون توسع وانتـزاع للعبر والعظات، مما يجعل القارئ في حيرة من أمره ولا يغنيه ما يقرأه ولا يقضي حاجته للمعرفة.
جـ. ذكر ما يسوء مع انتحال الأعذار الكثيرة التي تذهب بأهمية الحدث، وتجرّئ الباحثين على مزيد من الاعتذارات السمجة.
هذا وقد كان في الأقدمين هذا الصنيع -أي تجميل التاريخ- وقد رأيته في كتاب الإمام أبي بكر بن العربي "العواصم من القواصم" خاصة عندما تكلم على تاريخ بني أمية.
أما المحدثون فبعضهم كتب كتابة عجيبة لا تقبل بحال؛ فمن ذلك الكتاب الذي صنفه أحدهم بعنوان "الحجاج بن يوسف المفترى عليه"، وهذا دفاع أعمى عن رجل ظالم ولغ في الدماء ولوغاً بلغ مبلغ التواتر، وكان جباراً عسوفاً، يأخذ الناس بأدنى شيء وأقله، بل في بعض الأحيان بدون سبب، فمثل هذا دفاع يبغضه الله ويبغضه المؤمنون.
وهناك مَن بالغ في الدفاع عن بني أمية في بعض سقطاتهم وتجاوزاتهم، نعم إن في بني أمية مزايا ونقائص فدفع النقائص عنهم عمل باطل كما أن غمطهم حسناتهم فعل محرم في شرعنا.
3. عدم تقبيح التاريخ:
هناك اتجاه عند بعض الكتاب بأن التاريخ الإسلامي كله شر وفتن ولم يسلم منه إلا مدة محدودة زمن الصديق والفاروق -رضي الله عنهما- أما ما عدا ذلك فليس فيه إلا الفتن والمشكلات، وهذا غلو واضح وتزوير فاضح؛ إذ التاريخ الإسلامي هو تاريخ بشري فيه الخير والشر، وفيه مُدد الهدوء وحوادث الفتن، بل هناك مدد مضيئة في التاريخ الإسلامي أزعم أنها هي الأطول والأكثر امتداداً في التاريخ، وللأسف إن حامل لواء هذه الفرية -غالباً- هم المتحررون "الليبراليون" واللادينيون "العلمانيون" لحاجة في نفس يعقوب، وهي أنه إذا لم يستطع الصدر الأول أن يعيشوا في أمن واطمئنان وهدوء تحت راية الشريعة فلن يستطيع ذلك مَن يجيء من بعدهم، ومرادهم أن يثبتوا هذا وأمراً آخر هو أن الشريعة نفسها لا يمكن تطبيقها وإن طبقت فلن تجلب الرخاء والأمن.
ولابد عند ذكر تاريخنا من ذكر تواريخ الأمم الأخرى مقارناً بتاريخنا لنعرف أن تاريخنا أفضل من تواريخ جميع الأمم بل ليس بينه وبينها أفعل تفضيل.
4. القراءة المركزة أولاً:
يهاب أكثر قراء التاريخ من دخول المبسوطات الضخمة "الموسوعات" التي ألفت فيه كـ "البداية والنهاية" للحافظ ابن كثير، "والكامل" لابن الأثير، و"تاريخ الرسل والأمم والملوك" لابن جرير الطبري رحمهم الله تعالى، وذلك لأمرين:
أ.ضخامة المادة وطولها مما يصيب القارئ بالملل.
ب. كثرة الاستطرادات التي تخرج بالقارئ عن النسق العام للموضوع بحيث ينتهي إلى تشتت وخلط؛ فإن من عادة المؤرخين القدامى أن يخللوا سرد الحدث قصائد شعرية أو تراجم أوحدثاً تاريخياً آخر، وقد يعجز غير الخبير بمناهج تلك الكتب أن يتابع موضوعه الذي يريده.
ولعلاج هذا الأمر فيحسن بالقارئ أن يقرأ كتاباً على الطريقة العلمية الحديثة التي تلم بالموضوع بإيجاز نسبي وترتيب منهجي دون استطراد أو تطويل، وذلك نحو كتاب "التاريخ الإسلامي" لمحمود شاكر.
5. فهم الفرق بين مناهج المؤرخين القدامى والمحدثين:
هناك فروق مهمة في طرائق كتابة التاريخ بين المؤرخين القدامى والمحدثين؛ ولابد من فهم هذه الفروق للاستفادة المثلى من قراءة التاريخ، ومن أهم هذه الفروق هي:
أ.الأسلوب:
المؤرخون القدامى يكتبون المادة التاريخية ويخلطونها بعاطفتهم وآهاتهم الحزينة أو عبارات الإعجاب والإشادة، وهذا منتشر جداً في كتاباتهم، بينما المؤرخون المُحْدثون لا يكتبون بهذه الطريقة حرصاً منهم على اتباع المنهج العلمي الخالي من العواطف المصاحبة للمادة المسرودة، لكن في ظني أن أي مؤرخ في الدنيا لا يمكن له أن يتخلى عن عاطفته تماماً وهو يكتب، وهذا الذي يطلق عليه أحياناً فلسفة المؤرخ للتاريخ، فهذه لا سلطان لأحد عليها فهي نابعة من عقيدة المؤرخ وبيئته وأحوال أمته، فمهما ادعى مؤرخ عدم التحيز لهذه الثلاثة فهو يخادع نفسه، لكن يمكن أن يقال على وجه الإجمال إن أسلوب المُحْدثين فيه جفاف ويُبس وأسلوب القدامى فيه عاطفة ولين وجمال، وليتضح هذا إليكم هذا النص الذي قدّم به المؤرخ ابن الأثير في كتابه "الكامل" لأحداث غزو التتار للعالم الإسلامي في القرن السابع الهجري:
لقد بقيت عدة سنين معرضاً عن ذكر هذه الحادثة استعظاماً لها، كارهاً لذكرها، فأنا أقدم إليه رجلاً وأؤخر أخرى؛ فمن الذي يسهل عليه أن يكتب نعي الإسلام والمسلمين؟ ومن الذي يهون عليه ذكر ذلك؟ فياليت أمي لم تلدني ويا ليتني مت قبل هذا وكنت نسياً منسياً.
إلا أني حثني جماعة من الأصدقاء على تسطيرها وأنا متوقف، ثم رأيت أن ترك ذلك لا يجدي نفعاً فنقول: هذا الفعل يتضمن ذكر الحادثة العظمى والمصيبة الكبرى التي عقمت الأيام والليالي عن مثلها، عمت الخلائق وخصت المسلمين، فلو قال قائل: إن العالم مذ خلق الله سبحانه وتعالى آدم إلى الآن لم يبتلوا بمثلها لكان صادقاً؛ فإن التواريخ لم تتضمن ما يقاربها ولا ما يدانيها، ومن أعظم ما يذكرون من الحوادث ما فعله بختنصر ببني إسرائيل من القتل وتخريب البيت المقدس، وما البيت المقدس بالنسبة إلى ما خرب هؤلاء الملاعين من البلاد التي كل مدينة منها أضعاف البيت المقدس، وما بنو إسرائيل بالنسبة إلى مَن قتلوا؟ فإن أهل مدينة واحدة ممن قتلوا أكثر من بني إسرائيل، ولعل الخلق لا يرون مثل هذه الحادثة إلى أن ينقرض العالم وتفنى الدنيا إلا يأجوج ومأجوج، وأما الدجال فإنه يُبقي على من اتبعه ويهلك من خالفه وهؤلاء لم يبقوا على أحد بل قتلوا النساء والرجال والأطفال، وشقوا بطون الحوامل وقتلوا الأجنة، فإنا لله وإنا إليه راجعون ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم لهذه الحادثة التي استطار شررها وعم ضررها وسارت في البلاد كالسحاب استدبرته الريح؛ فإن قوماً خرجوا من أطراف الصين فقصدوا بلاد تركستان مثل كاشغر وبلاساغون، ثم منها إلى بلاد ما وراء النهر مثل سمرقند وبخارى وغيرهما فيملكونها ويفعلون بأهلها ما نذكره، ثم تعبر طائفة منهم إلى خراسان فيفرغون منها ملكاً وتخريباً وقتلاً ونهباً، ثم يتجاوزونها إلى الري وهَمَذان وبلد الجبل وما فيه من البلاد إلى حد العراق، ثم بلاد أذربيجان وأرانية ويخربونها ويقتلون أكثر أهلها ولم ينج إلا الشريد النادر في أقلَّ من سنة هذا ما لم يُسمع بمثله.
ثم لما فرغوا من أذربيجان وأرانية ساروا إلى دربندشروان فملكوا مدنه ولم يسلم غير القلعة التي بها ملكهم وعبروا عندها إلى بلد اللان واللكز ومن في ذلك الصُقْع من الأمم المختلفة فأوسعوهم قتلاً ونهباً وتخريباً، ثم قصدوا بلاد قفجاق وهم من أكثر الترك عدداً فقتلوا كل من وقف لهم فهرب الباقون إلى الغِياض ورؤوس الجبال وفارقوا بلادهم واستولى هؤلاء التتر عليها.
فعلوا هذا في أسرع زمان لم يلبثوا إلا بمقدار مسيرهم لا غير.
ومضى طائفة أخرى غير هذه الطائفة إلى غزنة وأعمالها وما يجاورها من بلاد الهند وسجستان وكرمان ففعلوا فيها مثل فعل هؤلاء وأشد.
هذا ما لم يطرق الأسماع مثله؛ فإن الإسكندر الذي اتفق المؤرخون على أنه ملك الدنيا لم يملكها في هذه السرعة إنما ملكها في نحو عشر سنين ولم يقتل أحداً إنما رضي من الناس بالطاعة، وهؤلاء قد ملكوا أكثر المعمور من الأرض وأحسنه وأكثره عمارة وأهلاً وأعدل أهل الأرض أخلاقاً وسيرة في نحو سنة، ولم يبت أحد من البلاد التي لم يطرقوها إلا وهو خائف يتوقعهم ويترقب وصولهم إليه.
ثم إنهم لا يحتاجون إلى ميرة ومدد يأتيهم فإنهم معهم الأغنام والبقر والخيل وغير ذلك من الدواب يأكلون لحومها لا غير، وأما دوابهم التي يركبونها فإنها تحفر الأرض بحوافرها وتأكل عروق النبات لا تعرف الشعير، فهم إذا نزلوا منـزلاً لا يحتاجون إلى شيء من خارج.
وأما ديانتهم فإنهم يسجدون للشمس عند طلوعها ولا يحرمون شيئاً فإنهم يأكلون جميع الدواب حتى الكلاب والخنازير وغيرها، ولا يعرفون نكاحاً بل المرأة يأتيها غير واحد من الرجال فإذا جاء الولد لا يعرف أباه.
ولقد بلي الإسلام والمسلمون في هذه المدة بمصائب لم يُبْتَلَ بها أحد من الأمم منها هؤلاء التتر قبحهم الله أقبلوا من المشرق ففعلوا الأفعال التي يستعظمها كل من سمع بها وستراها مشروحة متصلة إن شاء الله -تعالى- ومنها خروج الفرنج لعنهم الله من المغرب إلى الشام وقصدهم ديار مصر وملكهم ثغر دمياط منها وأشرفت ديار مصر والشام غيرها على أن يملكوها لولا لطف الله تعالى.
انتهى هذا النقل الجامع بين العاطفة الجليلة وسرد الحادثة بإيجاز، فهو مثير لأشجان القارئ مع حصول الفائدة المتوخاة.
وهذا المنهج في الكتابة -الجامع بين العاطفة الجليلة وتوخي الصدق والعدل- لا يُمل القارئ مهما طالت به القراءة، بل إنه يترك في نفس القارئ مشاعر قوية تهزه وتدفعه إلى التغيير من سلوكه وطرائق تعامله مع المجتمع بل ربما تدفع به إلى المشاركة في مجتمعه مشاركة نافعة.
ب. السرد:
المؤرخون القدامى إذا سردوا المادة التاريخية المراد الحديث عنها فإنهم غالباً ما يخلطونها بغيرها؛ وذلك نحو التراجم؛ وهي سير حياة الأشخاص -وهذا كثير في كتبهم- والأبيات الشعرية الكثيرة، والاستطرادات التي يخرجون بها عن موضوعهم الذي يسردونه إلى موضوع آخر ثم يعودون من قريب أو بعيد إلى موضوعهم الذي بدأوا به، وهذا مرهق لقراء التاريخ في عصرنا.
بينما يُحمد للمُحْدثين أنهم -لمراعاتهم المنهج العلمي الحديث- لا يقعون في هذا الخلط والتشتيت، وتجد كتبهم التاريخية حسنة السرد وقوية التركيـز على ما يريدون إيراده.
جـ النقد:
إن النقد لما يورده المؤرخ أمر في غاية الأهميـة؛ لأنه بالنقد يطمئن قارئ التاريخ لصحة المادة التي يقرأها وترتاح نفسه لمتابعة الاطلاع، وعكس هذا صحيح؛ إذ القارئ للكتاب الخالي من النقد والذي تكثر فيه الروايات الضعيفة أو الأساطير الموضوعة سيعزف عنه وتمله نفسه.
هذا وإن أكثر المؤرخين المحدثين يراعون مسألة النقد هذه، ولا يوردون الأساطير والمرويات شديدة الضعف، التي تورط فيها بعض ضعاف قدامى المؤرخين، لكنهم قد يبالغون فيستبعدون الوقائع الممكنة، ويردون الأحداث التي يرون أنها لا توافق ما يعتقدونه ويذهبون إليه.
ـ أما المؤرخون القدامى فكثير منهم لا ينقد الأخبار التي يوردها، ويعوض ذلك ما يُعرف بالتحقيق العلمي الجيد الحديث للكتب الذي يُنتظر منه نقد الأخبار والآثار نقداً يعوض تقصير المؤرخ في نقدها.
هذا وإن أعظم المؤرخين القدامى نقداً -في ظني- هو الإمام الذهبي الذي تتوافر المادة النقدية في كتبه التاريخية خاصة كتاب "سير أعلام النبلاء"، ثم يأتي بعده الإمام ابن كثير في كتابه "البداية والنهاية".
ـ وليس النقد فقط هو المراد، إنما المراد هو النقد القائم على أسس شرعية صحيحة، وهذا لا يقوى عليه إلا مؤرخ له حظ وافر من العلوم الشرعية.
وقد كان أكثر المؤرخين القدامى علماء شرعيين؛ فلذلك كانت كتاباتهم موثقة ومعتدلة إلى حد كبير، فالإمام الطبري صاحب "تاريخ الأمم والرسل والملوك" كان إماماً مجتهداً عارفاً بالفقه والحديث والتفسير واللغة بل كان إماماً في كل ذلك، والإمام الذهبي صاحب الكتب التاريخية الكثيرة، والإمام ابن كثير صاحب "البداية والنهاية" كانا متضلعين من علوم الشريعة واللغة، وابن خَلِّكان صاحب "وفيات الأعيان" كان قاضياً، والصفدي صاحب "الوافي بالوفيات" كان عالماً بالشرع واللغة، وكذلك الإمام ابن حجر العسقلاني وكان قد صنف عدة كتب تاريخية، والإمام السخاوي كذلك، والإمام السيوطي لا يخفى كم ألّف من كتب تاريخية كثيرة، والإمام يعقوب بن سفيان الفَسَوّي صاحب "المعرفة والتاريخ"، وهكذا ...
ـ أما المؤرخون المحدثون فلا أعلم أن أحداً منهم عالم شرعي معتبر معروف، وبعضهم كان عالماً باللغة والأدب مثل الأستاذ محمود محمد شاكر المصري.
ولذلك كان لزاماً على من يريد التصدي لنقد الحوادث التاريخية أن يحوز قدراً جيداً من الثقافة الشرعية يستطيع به أن يميز الصالح من الطالح، ويحسن به الانتقاء والاختيار.
والحد الأدنى أن يكون عارفاً لطرائق تمييز الأخبار الصحيحة من السقيمة بموازين أهل الحديث، وأن يكون عارفاً للحلال والحرام على وجه الإجمال وليس التفصيل.
6. البعد عن المزالق التاريخية:
في التاريخ العديد من المزالق التي ينبغي عدم التركيـز عليها، وتُستثنى من الفقرة الثانية المذكورة آنفاً، وعلى رأس ذلك الفتن التي وقعت بين الصحابة رضي الله عنهم جميعاً فقد كان السلف يتجنبون الخوض فيها ويقولون هي فتنة جَنّب الله أيدينا منها فنكف ألسنتنا عنها، وكانوا يوصون في الكتب التي يكتبونها لبيان العقيدة الصحيحة بقولهم فيها: "ونكف ألسنتنا عما شجر بين أصحاب رسول الله "، فأخبار الفتن هذه ينبغي الإعراض عنها تماماً.
ـ وكذلك يكف طالب التاريخ عما وقع من بعض أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم من أمور مرجوحة فيعرض عنها ولا يتوسع في عرضها أو ذكرها، فالصحابة كلهم عدول -رضي الله عنهم- لكن لا تعني العدالة عدم الوقوع في الخطأ، وأخطاؤهم قليلة مغمورة في بحر حسناتهم، رضي الله عنهم، والأجمل بطالب العلم أن يبتعد تماماً عن هذا الموضوع المثير لحساسيات هو في غنى عنها.
ـ وكذلك يكف عن ذكر بعض ما ورد في ثنايا كتب التاريخ من مفاسد خلقية وسلوكية مثل الزنا واللواط وشرب الخمر، ومثل هذا يكثر في كتب معينة مثل "الوافي بالوفيات" للصفدي، ومثل "يتيمة الدهر" للثعالبي، ومثل "خلاصة الأثر في أهل القرن الحادي عشر" للمُحِبِّي، إلى آخر هذه الكتب التي تورط مؤلفوها في إيراد مثل هذا الذي يفُسد الأخلاق ويضر بالقيم.
7. الاطلاع على كتب التاريخ الحديث:
وهذا هو البحر المتلاطم الخِضَمّ، والمنهل الأكبر الأعظم، وهو الذي ينبغي أن يتريث المرء طويلاً قبل الخوض فيه والوقوف على دقائقه وتفصيلاته؛ وذلك لتشعبه وكثرة أحداثه كثرة هائلة.
ويمكن اعتبار الخط الزمني الفاصل بين التاريخ الحديث والتاريخ الوسيط هو الحملة الفرنسية على مصر سنة 1211هـ/ آخر القرن الثامن عشر وبداية التاسع عشر الميلادي: 1799-1801، فمنذ ذلك التاريخ مر على العالم الإسلامي أحداث ضخمة وكثيرة جداً، ففي القرنين الفائتين وقع الاحتلال لأكثر بلاد الإسلام فيما يعرف خطأ بـ"الاستعمار" وهو استخراب وليس استعماراً، وكذلك سقطت الخلافة، وتكونت كل الجماعات الإسلامية، ونشأت المذاهب العقدية الضارة الجاهلية مثل الشيوعية والقومية واليسارية والاشتراكية والوجودية والبعثية وغيرها، ونشأت الدول الإسلامية بحدودها المعروفة اليوم حتى بلغت قرابة الستين، وحُكِم في أكثرها بغير ما أنـزل الله في سابقة تاريخية ليس لها نظير في ديار الإسلام، وبرز رجال عظماء ذادوا عن حمى الدين، وفي الوقت نفسه برز رجال كان لهم أسوأ الأثر على الإسلام، وقامت حربان عالميتان هلك فيهما أكثر من خمسين مليونا إلخ ...
ولابد أن يعرف المريد للتخصص في التاريخ الحقائق التالية حول العصر الحديث :
1. ليس هناك كتاب تاريخ واحد جامع اشتمل على التاريخ الحديث كله، بل إن أكثر أحداث التاريخ الحديث مفرقة في عدة كتب.
2. هناك أحداث تاريخية كثيرة لم تدون إلى الآن.
3. هناك أحداث تاريخية كثيرة دُوِّنت خطأ: جهلاً أو نفاقاً ومداهنة، أو مداراة.
4. هناك أحداث تفرد بكتابتها المستشرقون -تقريباً- أو أنهم أتلفوا كل كتابة سوى كتاباتهم؛ ومن أقرب الأمثلة على ذلك التاريخ المفصل لإندونيسيا؛ فقد احتلها الهولنديون ثلاثة قرون تقريباً فطمسوا التاريخ، ونفوا أبطالهم ورموزهم إلى جنوب افريقيا، وقتلوا آخرين، فلم يبق من التاريخ الطويل لتلك البلاد سوى ما كتبه هؤلاء المستشرقون -وهم غير مؤتمنين في الجملة- ونِتَف قليلة كتبها أهل البلاد بلغتهم الأصلية وبحروفها الغريبة التي لم تَعُد يكتب بها اليوم لا تروي ظمأ المتعطشين لمعرفة تواريخ تلك البلدان على التفصيل.
وقس على ذلك ما كتبه الفرنسيون عن بلدان أفريقيا السوداء، وما كتبه الروس عن القوقاز وتركستان الغربية، وما كتبه الصينيون عن تركستان الشرقية، إلخ ...
ـ لذلك كله كان استيعاب أحداث العصر الحديث أمراً أقرب إلى العُسْر منه إلى اليسر، وفي بعض المواضيع يقترب من كونه مستحيلاً، لكن هناك بعض الكتابات المقربة للتاريخ الحديث من أهمها:
أ. كتابات الأستاذ محمود شاكر ياسين عن دول الإسلام الحديثة، وهي سلسلة موجزة جيدة، وله كتاب مهم في باب آخر من أبواب التاريخ الحديث يوجز فيه كثيراً من الأحداث والوقائع وهو "الثقافة التاريخية".
ب. كتاب "حاضر العالم الإسلامي" تأليف لوثروب ستودارد، مع الحواشي النافعة جداً للأمير شكيب أرسلان رحمه الله.
د. كتابات الأستاذ أحمد شلبي عن التاريخ الحديث، وهي قليلة لكنها نافعة.
هـ. كتب الأستاذ أنور الجندي وفيها كثرة وتنوع، وليُقرأ كتاب "معالم تاريخ الإسلام المعاصر" على وجه الخصوص.
و. كتاب الأستاذ يوسف القرضاوي: الحلول المستوردة وكيف جنت على أمتنا.
ز. بعض كتابات الأستاذ عماد الدين خليل، وتمتاز بالتحليل العميق واختيار الكليات.
و. بعض كتب الأستاذ علي الصلابي خاصة كتابه عن السنوسية.
8. إحسان التعامل مع تاريخ آخر الزمان :
وهذه قضية مهمة جداً؛ قد زلّت بها أقدام، وضلّت فيها أفهام، وقصرت فيها ألسنة وطالت أخرى!! وذلك نحو ظهور المهدي وخروج الدجال ونـزول عيسى بن مريم -عليهما الصلاة والسلام- وغير ذلك من أحداث وعلامات آخر الزمان واقتراب الساعة، وإنما قلت هذا لما تركته هذه الأحداث في نفوس كثيرين من آثار مدمرة أوجزها في التالي:
1) الاتكال على هذه الأخبار وترك العمل:
التعلق بهذه الأخبار ونحوها تعلقاً يفضى إلى ترك العمل والجد والاجتهاد بدعوى ترك ذلك للمهدي إذا ظهر!! وهذا مخالف لنهج النبي صلى الله عليه وسلم :"إذا قامت الساعة وفي يد أحدكم فسيلة فليغرسها" أخرجه مسلم.
2) إهمالها بالكلية:
وهذا خطأ ومناف لمنهج النبي صلى الله عليه وسلم الذي حذر مراراً من الدجّال وأمر الأمة بالتحذير منه، وقد قصّ علينا جملة من أخبار آخر الزمان بل قد جاء جملة منها في القرآن العظيم فالإعراض عنها جهل وجفاء وسوء قراءة للوحي.
3) إساءة تفسيرها:
فكم من جماعات ضلت بسبب التعلق بظهور المهدي، وكان هذا منذ القرن الأول؛ فقد كان محمد بن الحنفية (ابن علي بن أبي طالب) يُنادى عليه من قبل بعض الناس بأنه المهدي، وظهر ما لا يمكن حصرهم ممن ادعوا المهدية إلى زماننا هذا الذي حدثت فيه مأساة الحرم المكي المعروفة بسبب التعلق الموهوم بالمهدي.
وكم من جماعات في زماننا هذا تتبعت أحداث آخر الزمان تتبعاً خاطئاً في التوراة والإنجيل المحرفين!! وفي كتب الرهبان الكفرة! وفي بعض أخبار بني إسرائيل الواردة في الكتب المشتهرة بإيراد المكذوبات والموضوعات والأخبار الساقطة وشديدة الضعف، ومسألة آخر الزمان من الغيب الذي لا يؤخذ إلا من القرآن والسنة الصحيحة وقد جمعني ببعضهم مجلس تحسرت فيها على ما وصل إليه تفكير هؤلاء من عقم وضعف.
وقد قرأت كتباً صُنفت في هذا الباب عجبت من تهافت منطقها وضعف حجتها وسوء إيرادها، وقد وقع مصنفو هذه الكتب في خطأ فادح يوم حددوا وقوع الساعة أو ظهور المهدي أو خروج الدجال بالسنة بل بالشهر، وهذا من الغيب الذي لا يعلمه إلا الله تعالى، وإنا لله وإنا إليه راجعون.
والمطلوب أن يقرأ المرء تاريخ آخر الزمان بنية الاستفادة واستنباط العبر والعظات، وبنية الاستعداد ليوم المعاد، لا أن يقتحم الغيب المجهول بتخرصات وظنون وأوهام لا تستند إلى حقائق، والله الموفق.
 
رد: كيف يُقرأ التاريخ

من الصعوبات التي تواجه كل قارئ للتاريخ ان كل طرف يكتبه حسب وجه نضره
مما يزرع نوع من الارتباك عند القارئ خاصة ان كان هاوى
هذا ان تجاوزنا ان المنتصر يكتب التاريخ حسب هواه
تم التقييم علي هذا الموضوع
 
رد: كيف يُقرأ التاريخ

كتابة التاريخ الأسلامي لمن

د / عبد الرحمن علي الحجي

إنه لمن الصعوبة أن يَكْتُبَ التاريخَ الإسلامي والحضارةَ الإسلامية والحياةَ الإسلامية غيرُ مسلم!! وإن اكتست بعضُ كتاباتهم بجمال الإنصاف وأزالتْ بعضَ الإجحاف وقدمتْ شهاداتٍ علميةً مهمة، ذلك جانب إيجابي لا يُهْمَل ولا يُبْعَد، لكن من الناحية الأخرى لا بد من القول: إنه حتى المسلم - الذي لا ولاءَ كبيراً له، ولا يَغار بوضوح على إسلامه أو يَرتبط به قوياً - لا يُجيد كتابتَه.. إذْ إنَّ المسلمَ الحق يَغار على الحقيقة، مِنْ أيِّ أحَدٍ كانت وأتت وينصرها.
هكذا كان مؤرخونا الأفاضل الأمناء ، يذكرون فضائلَ أعدائهم، حتى وهم في ميدان مواجهة ومعركة ميدانية معهم، حق وإنصاف أعني بذلك: أن الإجادة المرجوة تأتي عن طريق الولاء الكريم، الذي يقود إلى الخير والحق والإنصاف، أمر مألوف معروف في الحياة الإسلامية، ذلك بعضُ ما علمهم الإسلامُ إياه.
المسلم بهذه التربية المتجهة إلى الله تعالى، يبحث عن رضاه ولا يقول إلا الحقَّ، حتى مع الأعداء، يقول الله تعالى: ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تُحِلُّواْ شَعَائِرَ اللَّهِ وَلاَ الشَّهْرَ الْحَرَامَ وَلاَ الْهَدْيَ وَلاَ الْقَلائِدَ وَلا آمِّينَ الْبَيْتَ الْحَرَامَ يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِّن رَّبِّهِمْ وَرِضْوَانًا وَإِذَا حَلَلْتُمْ فَاصْطَادُواْ وَلاَ يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ أَن صَدُّوكُمْ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ أَن تَعْتَدُواْ وَتَعَاوَنُواْ عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلاَ تَعَاوَنُواْ عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُواْ اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ (المائدة : 2) .
" يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُونُواْ قَوَّامِينَ لِلَّهِ شُهَدَاء بِالْقِسْطِ وَلاَ يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلاَّ تَعْدِلُواْ اعْدِلُواْ هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَاتَّقُواْ اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ " (المائدة : 8)..
كما يقول سبحانه وتعالى: " يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُونُواْ قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاء لِلَّهِ وَلَوْ عَلَى أَنفُسِكُمْ أَوِ الْوَالِدَيْنِ وَالأَقْرَبِينَ إِن يَكُنْ غَنِيًّا أَوْ فَقِيرًا فَاللَّهُ أَوْلَى بِهِمَا فَلاَ تَتَّبِعُواْ الْهَوَى أَن تَعْدِلُواْ وَإِن تَلْوُواْ أَوْ تُعْرِضُواْ فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا " (النساء:135).
منهج رباني :
من هنا نجد أن المسلمَ الذي يتولى هذا المنهجَ الكريم وتَرَبّى عليه والتزمَ به ديناً ويعمل له ملتزماً إيماناً واحتساباً، يقوم ويُقِيمُ حياتَه على الالتصاق بهذا المنهج الرباني، يُقْبِل عليه اهتماماً وإلماماً وإتماماً معرفياً، متبنياً كُلَّ تلك المعاني الكريمة الفاضلة، التي يتميز بها انطلاقاً من هذا المنهج المبارك، محاطاً بالعلمية المتفتحة المتفهمة ذات الآفاق السمحة الرحبة الواسعة، المستعدة للسَّماع والأخذ والرد والوقوف عند الدليل، إدلاءً وانتفاعاً متفتحاً، وقوفاً على أرضية علمية خبيرة مُخْتَبَرة مُجرَّبة صلْبة؛ لذلك حين يتوافر نموذجه لا أحد أبداً يَخاف منه، الأمرُ الذي رآه الآخرون بتعاملهم مع المسلمين، أَقْبَلوا على اعتناقه وغَدَوْا مِنْ خِيرة أهله حَمَوْه بأنفسهم وبما يملكون، قدموه سعداء فرحين.
ذلك لأنّ الأمرَ بحاجة إلى خصائصَ ومواصفاتٍ لا يملكها غيرُ المسلم إلاّ بحدود، قد لا تثبث أمام الترغيب والترهيب غير هُنَيْهَة، وقليل ما هم في أقل الحالات ها هم إنْ وُجِدوا!!..
أمورٌ لا تَكْفِي لتحقيق المرجو بدرجة عالية وشاملة وحيوية:
هذا ما لا يَرْقَى إليه مَنْ لم يُجرِّب ويعاني ويمارِس، حتى لو أمكنه - بعد توافرِ حُسْنِ النية والبحث عن الحقيقة والدقة والأمانة - سوف يبقى عملُه ناقصاً متأخراً مُثْقَلاً عما يجب أن يكون عليه، حتى لو كان ذلك يأتي أحياناً على نَحْوٍ لا يخلو من نِقاط مضيئة بمقدار، حين يفاجَأ هذا الباحث بما لا يملك إلا الإعجاب. عُدَّة لازمة لأنّ الحياةَ الإسلامية وحضارتَها صاغَتْها العقيدةُ، مَنْ لم يكن له منها نصيبٌ سيَنْقُصه الكثيرُ من العُدَّة اللازمة لذلك، كمن يريد أن يفهم قضيةَ علومٍ مكتوبةٍ بلغةٍ يَجْهَلُ الكثيرَ منها، العقيدةُ أكبرُ منه..
مِنْ هنا كلما كان الباحثُ على علمٍ بالإسلام واقترب منه إعجاباً به وإقبالاً عليه، إيماناً به وحباً له ورغبة بخدمته - بتوجهه إلى الله تعالى ومنهجه الكريم - كان أدقَّ في معرفة أبعادِه وتضاعيفِ مبانيه واستيعاباً لحقيقته المضيئة المباركة.
أرأيتَ إلى مَنْ يَكْتُب عن التَّجْرِبة الأدبية، شِعْرِيّة كانت أو نَثْرِيّة، ولم يُعانِ شيئاً من الأدب أو يحاوله، قل مِثْلَ ذلك في كُلِّ المِهَن والحِرَف والتخصصات.. كذلك لأنّ الأمرَ يتجاوز العقلَ وحْدَه، بل يشمل أموراً أخرى متعددة ذاتَ عُمْقٍ نفسي ووجداني وإنساني، يماثل شمولَ الإسلام واستيعابَه سعته وامتلاكه لكل الحياة، والجوانب والمكونات الإنسانية، فكيف بالعقيدة التي هي أعمق وأشمل وأوسع?!..
أسرار العقيدة:
إن تَوَافُرَ العُدَّة الفكرية والوسائل الأكاديمية لا يكفي وحده، ولا بد من عُدّة أخرى معها وفوقها، هي أيضاً عُدّة الفَهْم لأسرار العقيدة والتفاعل معها إيجابياً، وإن كان يمكن التوصّل إلى بعضه من خلال وصف آثاره في تصرفات المسلمين، فرداً وجماعة مجتمَعاً ودولةً سِلْماً وحرباً، يتم هذا في حالة توافّر الحرص على الحقيقة والأمانة في كلّ الأحوال والموضوعات والتوجهات، مما يُوفِّر لوازِمَه ويُعْتَبَر ضرورياً لتحقيق ذلك، مِنْ أَجْل حيازة عُدّتِه وامتلاكِ الكثير مِنْ وسائل فَهْمِه - بَعْدَ العَيْش مع كتاب الله تعالى ولو بمقدار - التمرس بالسيرة النبوية الشريفة بدرجة متقدمة، ثم معرفة عموم التاريخ الإسلامي من خلال المصادر الأمهات (الأُمَّات)، لأئمتنا الأفذاذ في هذا العلم التاريخي، كُلُّ ذلك يُعِينُ على عِشْق الحقيقةِ، مما يقود إلى الوقوفِ في دائرة ضوئها والاستعدادِ لاحتمال جُهدها وعَنائها واعتلاء موقعاً يُرَى مِنْ عُلُوّه لِيُنْجِز مَزِيداً من المساهمات النافعة واستجلاء مضامينها واستشراف مستوياتها المرموقة العالية.
حركة التاريخ :
مهما يكن مِنْ أمرٍ فإنّ الذي يَعْرِف الإسلامَ ويلتزم به، ويُدْرِك أبعادَ الحياة الإسلامية ومراميَها، يُحْسِنُ فَهْمَ حركةَ تاريخِها وحسن تفسيرِه.. يسير هذا طَرْداً مع مقدار فهمه والتزامه وعيشه فيه.. بهذا لا يُجِيدُ كتابة التاريخ الإسلامي فحسب، بل وكتابة تواريخ الأمم الأخرى، لأنّه عميقٌ وأمين وصادق، كما هي الحال في العديد المديد الجديد من نِتاج علمائنا في كافة الميادين، منهم المؤرخون الأعلام، الذين كَتَبَ بعضُهم كذلك عن تواريخ الأمم الأخرى، اعتمدها كُلُّ علماء تلك الأمم ودارسوهم، أسسوا عليها مرحبين..
والأمثلة البارعة في ذلك لديَّ جِدُّ كثيرة متنوعة جليلة ممهورة ، كُلُّ هذا لا يَعني أن نَضَعَ حِجاباً، ولا حتى أعتاباً أو أبواباً دون مَنْ يُريد أَنْ يُدْلِيَ بدلوه في هذا الميدان وأمثاله، ما دام امتلك العُدَّة اللازمة له، إنما يكون بمثابة عون له في بيان الطريق وتحديد بعض مَعالمه، لمن يبحث عن الارتقاء بمستوى الفهم والعلم والمعرفة وتأصيل بنائها.
ترحيب علمي :
حين يتوافر أهلُ المعرفة فإن الأمر ليس فقط لا يَخشى النقاش، بل يُرحب به لمن يُحبه علمياً، باحثاً عن الحقيقة والحكمة والعلمية القائمة على الأسس الكريمة المستوفية للأهلية الموضوعية والعمق الخبير المُجرِّب والمباني المُبتغاة، التي نحن أحق الناس بها أَنَّى كانت ووُجِدَت، فنحن أهلُها الباحثون عنها ومعرفةِ مَواطِنها واحتضانها وحمايتها، تنويهاً وفَرَحاً بقبولها.
وفي هذا السياق، نَجِدُ أن الرسولَ الكريم صلى الله عليه وسلم أَثْنَى على كلمةٍ قالها شاعرٌ جاهلي لم يكن مسلماً وقتها، أسلم فيما بعد بنحو خمسة عشر عاماً، إنه لَبِيد بن رَبيعة العامري (41هـ/ 661م) أَحَدُ أصحابِ المُعلَّقات الجاهلية المشهورة، له قصيدة منها هذا البيت المعروف:
ألا كُلُّ شيءٍ ما خَلا اللهَ باطلُ **وكُلُّ نَعِيمٍ لا مَحالةَ زائلُ
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الشطر الأول: «أَصْدَقُ كلمةٍ قالها الشاعرُ كلمة لَبِيد»(1)..
على هذا المنهج الإلهي الكريم يَتربَّى المسلمُ - ابتداءً من الصحابة الكرام رضي الله عنهم أجمعين - مقتدياً برسول الله صلى الله عليه وسلم: {لّقّدً كّانّ لّكٍمً فٌي رّسٍول الله أسًوّةِ حّسّنّةِ لٌمّن كّانّ يّرًجٍو الله والًيّوًمّ الآخٌرّ وذكر الله كثيرْا}(الأحزاب:21).
انظروا ذلك في قصة الصحابي الجليل عثمان بن مَظْعُون رضي الله عنه (2هـ/ 624م)(2)، السنة السادسة للبعثة النبوية الشريفة، كان عثمان بن مظعون من مهاجِرَة الحبشة الهجرة الأولى، حضر مجلساً لقريش احتفاءً بالشاعر لبيد، الذي كان يقرأ فيهم قصيدة، منها البيت المذكور، كان ابنُ مظعون المسلمَ الوحيد في هذا المجلس، فلما ذَكَرَ الشطرَ الأول: «ألا كُلُّ شيءٍ ما خلا اللهَ باطلُ»، قال له عثمان: صَدَقْتَ. ولما قرأ لبيدُ الشطرَ الثاني: «وكُلُّ نعيمٍ لا محالةَ زائلُ»، قال له عثمان: كَذَبْتَ، نعيمُ الجنةِ لا يَزول، فقال لبيد لأهل المجلس: يا معشرَ قريش منذ متى كان يُهان جليسُكم، فقام من القوم إلى عثمان وضربوه حتى اخضرّت (اسودت) إحدى عينيه، حين عُوتِبَ عثمان بذلك قال: والله إن عيني الصحيحة لَفقيرةٌ إلى ما أَصابَ أختَها في سبيل الله!..
السيرةُ النبوية الشريفة وعمومُ التاريخ الإسلامي وحضارتُه مليئة بهذه الأمثلة مما لا تجده إلا نادراً - إنْ وُجِد - فيما عداه، كل هذا ثمرةُ التربية على هذا المنهج الرباني الكريم، ولا يمكن أن يكون بغيره أبداً بحال.
 
رد: كيف يُقرأ التاريخ

التاريخ كان ولا زال يكتبه الاقوياء
لكن عناصر الموضوع جميلة وممتازة وحقيقية

لكن يبقى الامر في الاخير راجع لعنصر الموضوعية لدى القارئ
فم فائدة ان يقرا حاقد وعنصري او متخلف التاريخ اذا كان فقط ليرضي هذه الصفات وفقط



عن نفسي اقرا لكل الاتجاهات واقتنع واصدق من يقنعني فقط
 
رد: كيف يُقرأ التاريخ

التاريخ كان ولا زال يكتبه الاقوياء
لكن عناصر الموضوع جميلة وممتازة وحقيقية

لكن يبقى الامر في الاخير راجع لعنصر الموضوعية لدى القارئ
فم فائدة ان يقرا حاقد وعنصري او متخلف التاريخ اذا كان فقط ليرضي هذه الصفات وفقط


عن نفسي اقرا لكل الاتجاهات واقتنع واصدق من يقنعني فقط

التاريخ ليس حكرا على الاقوياء وهذه المقالة فيها نظر وبالنسبة الى الحاقدين او العنصريين وأذكر هنا
بالأخص من يحقد على العرب ربما بدافع عنصري او دوافع اخرى الله اعلم بها
(( للعلم أنا لست بعربي ))
ومنهم كذلك من تفسخ عن دينه وعروبته وحاول اللحاق بكل ما هو غربي
هؤلاء كذلك لهم نظرة متخلفة للتاريح بالاخص التاريخ الاسلامي فينضورن اليه

من منظور عنصري متخلف جاهل بأنصاف الحقائق ينظرون اليه من منظور المستشرقين وأذنابهم في المنطقة من تلاميذهم فينقلون ما يكتبه هؤلاء عن تاريخهم من منظور غير اسلامي وبجهل شبه تام عن المجتمعات الاسلامية والعقيدة الاسلامية وسبب هذا هو الجهل في كل ما يتعلق بالدين الاسلامي

الغرب لا يحترم من تفسخ عن اصلله ودينه بل ربما يقوم بركلهم لاحقا بعد الاستفادة منهم
فهم لا يحترمون سوى من يحترم دينه وثقافته ولغته

المؤرخون يخطئون فهم بشر غير معصوميين فيقع منهم ما يقع من غيرهم من ارباب العلوم ولكن الغريب هنا هو تحامل البعض بطريقة غير طبيعة على المؤرخين المسلميين وبالاخص على العنصر العربي قد يصل الى درجة تتبع الزلات وترك وتجنب الارث الحظاري الذي تركوه لنا وللبشرية
وقد يعتقد البعض ان هذه شحاعة ان تتطاول على عالم او مؤرخ والناقد في حد ذاته غير متخصص في علم التاريخ وليس له ادنى فكرة عن التاريخ
 
التعديل الأخير:
رد: كيف يُقرأ التاريخ

للاسف نحن امة لا تقراْ ولهذا تحكم بنا من يقراون وهولاء في الاعم الاغلب مشايخ الدين سابقا واليوم اضيف لهم مثقفوا الدولة وبكل تاكيد فان هولا لا يقولون للناس الا ما يويدهم ويشرعن لهم!!! هولاء من يجعل من الصالحين فاسدين ومن الفاسدين صالحين هولاء من يجعلوا الهزائم انتصارات و الانتصارات الى تاييد سماوي لعبد الله الصالح حامي حمى الاسلام وخليفة الرحمن حتى لو كان علمانيا سكيرا لا يرجوا لله وقارا!!! ليس لاحد الحق في تعليم الناس كيف تقراْ التاريخ فيحدد لها سلفا ما هو الصح وما هو الخطء, كما اننا نسمح للناس بقراءة كتب البايولوجيا ونظريات داروين من دون ان نقول لهم ان داروين جاء بنظرية ام فرضية لهذا علينا ان نعرف مدى واقعية ما جاء في كتابه, التاريخ مراة للماضي يطلع عليه اهل الحاضر ليستفيدوا من عبره, الشيء الوحيد الذي علينا ان نعرفه هو مدى مصداقية صاحب الكتاب او من نقل عنه تلك الاحداث اما غير هذا فهو تقييد لحق الانسان في معرفة الماضي واخذ العبر عنه.
 
رد: كيف يُقرأ التاريخ

التاريخ ليس حكرا على الاقوياء وهذه المقالة فيها نظر وبالنسبة الى الحاقدين او العنصريين وأذكر هنا



بالأخص من يحقد على العرب ربما بدافع عنصري او دوافع اخرى الله اعلم بها
(( للعلم أنا لست بعربي ))
ومنهم كذلك من تفسخ عن دينه وعروبته وحاول اللحاق بكل ما هو غربي
هؤلاء كذلك لهم نظرة متخلفة للتاريح بالاخص التاريخ الاسلامي فينضورن اليه

من منظور عنصري متخلف جاهل بأنصاف الحقائق ينظرون اليه من منظور المستشرقين وأذنابهم في المنطقة من تلاميذهم فينقلون ما يكتبه هؤلاء عن تاريخهم من منظور غير اسلامي وبجهل شبه تام عن المجتمعات الاسلامية والعقيدة الاسلامية وسبب هذا هو الجهل في كل ما يتعلق بالدين الاسلامي

الغرب لا يحترم من تفسخ عن اصلله ودينه بل ربما يقوم بركلهم لاحقا بعد الاستفادة منهم
فهم لا يحترمون سوى من يحترم دينه وثقافته ولغته

المؤرخون يخطئون فهم بشر غير معصوميين فيقع منهم ما يقع من غيرهم من ارباب العلوم ولكن الغريب هنا هو تحامل البعض بطريقة غير طبيعة على المؤرخين المسلميين وبالاخص على العنصر العربي قد يصل الى درجة تتبع الزلات وترك وتجنب الارث الحظاري الذي تركوه لنا وللبشرية

وقد يعتقد البعض ان هذه شحاعة ان تتطاول على عالم او مؤرخ والناقد في حد ذاته غير متخصص في علم التاريخ وليس له ادنى فكرة عن التاريخ

أضيف الى ماقلت أتباع الفرق الباطنية من أصحاب الانحرافات العجيبة وقد حاربهم اهل الاسلام
فهؤلاء كذلك لهم مصلحة في تشويه التاريخ الاسلامي كالحشاشون والقرامطة وأتباعهم لأنهم تضرروا من المسلميين فتعاونوا مع المغول والصليبيين سابقا ضد اهل الاسلام

ومصلحتهم في تشويه التاريخ الاسلامي هو رغبتهم في تصدير اديانهم ومذاهبهم الى المسلميين عن طريق استهداف الاسس التي قام بها الاسلام بدأ من الطعن في القرآن الكريم والتشكيك في الصحابة وانتهائا في تعمدهم في تتبع زلات بعض الخلفاء والعلماء

ولا شاك أنهم لا يسمعون سوى ما يتلقونه سادتهم وسدنتهم فيالتهم قرأوا كتبهم لوجدوا فيها الاعاجيب فقد أطلعنا على بعض كتبهم فتفاجأنا في الحقيقة أنهم يصفون بعض خلفائهم الدين حكموا مصر سابقا بأوصاف الربوبية والالوهية كما نسمع اليوم ( لا اله الا بشار الا اله الا ماهر )

فتاريخنا واضح ووضع الشمس وقد فتحنا مشارق الارض ومغاربها ومن شمالها الى جنوبها ووصلنا الى الصين والاندلس ونشرنا ووصلنا الى البقلقان والقفقاس بل قد وصلنا الى موسكوا نفسها فهل هذا تزوير للحائق أو اكاذيب ألفها مؤرخوا الاسلام ؟؟؟؟ ولا زال دعاتنا اليوم لهم دور ريادي في نشر الاسلام في بقاع العالم الي اليوم
 
التعديل الأخير:
رد: كيف يُقرأ التاريخ

بالنسبة الى عبارة قراءة كل الاتجاهات ؟؟
فأن كنت تقف على ارضية صلبة ولك من العلم ما يدفع عنك شبه المنحرفين
فحين ذاك يحق لك حق القول بأنك تقرأ ما يحلو لك وأما دون ذلك فستقع
في مأزق وأخشى غدا ان يقرأ احدهم كتاب في النصرانية فيعجب به ولا يعرف حقيقة هذه الشبهات والردود عليها
بحكم جهله في ثوابت دينه وضعف اضطلاعه على العلوم الاسلامية فيترك الأسلام ويركض ويلهث خلف النصارى عباد الصليب
فمثلا في المذهب المالكي لا يسمح لطالب العلم الشرعي بقرأة ودراسة الكتب الفقهية للمذاهب الاسلامية الاخرى
الا بعد التمكن من الفقه المالكي فيقرأ طالب العلم الشرعي بعد ذلك باقي المذاهب الاسلامية
في مراحل متقدمة جدا فيكون لديه احاطة تامة بأصول وقاعد الفقه الاسلامي
 
رد: كيف يُقرأ التاريخ

بالنسبة الى عبارة قراءة كل الاتجاهات ؟؟
فأن كنت تقف على ارضية صلبة ولك من العلم ما يدفع عنك شبه المنحرفين
فحين ذاك يحق لك حق القول بأنك تقرأ ما يحلو لك وأما دون ذلك فستقع
في مأزق وأخشى غدا ان يقرأ احدهم كتاب في النصرانية فيعجب به ولا يعرف حقيقة هذه الشبهات والردود عليها
بحكم جهله في ثوابت دينه وضعف اضطلاعه على العلوم الاسلامية فيترك الأسلام ويركض ويلهث خلف النصارى عباد الصليب
فمثلا في المذهب المالكي لا يسمح لطالب العلم الشرعي بقرأة ودراسة الكتب الفقهية للمذاهب الاسلامية الاخرى
الا بعد التمكن من الفقه المالكي فيقرأ طالب العلم الشرعي بعد ذلك باقي المذاهب الاسلامية
في مراحل متقدمة جدا فيكون لديه احاطة تامة بأصول وقاعد الفقه الاسلامي

الا ان ان الفقه هو معرفة بالفروع وليس الاصول وهي العقيدة, ونحن نتحدث هنا عن الثقافة وليس الفقه, تحصين الامة والمجتمع من الثقافات الاجنبية الدخيلة شيء وتثقف المسلم ومطالعته لثقافة المسلمين شيء اخر, انا مثلا تثقفت ثقافة اسلامية لمطالعتي نتاج المسلمين الاوائل في الادب والتاريخ والسيرة الكريمة وهي ممن كتب من اهل السنة والجماعة بينما كان حظ نتاج اتباع اهل البيت لا يزيد عن كتابين او ثلاثة حتى وجدت الاختلاف فقادني هذا الى المزيد من المطالعة للتثبت, ان يتثقف الانسان في مجال بيئته شيء وان يتعداها الى غيرها من الثقافات شيء اخر امر مرفوض لكل عاقل خصوصا في مجال العقيدة اذا لم يكن مسلحا بالمعرفة كان يدرس مثلا الشيوعية وهو لا يعرف شيء عن نتاج عقيدته, ولكن مطالعة التاريخ امر لابد منه لكل مسلم لاخذ العبر والدروس ولكي تحصل له الطمئنينة بانه يضع قدمه وبثبات على ارض عقيدته.
 
رد: كيف يُقرأ التاريخ

تلخص المنهج العلمي للبحث عند علماء المسلمين في قاعدة جليلة كبرى لم يعرف مثلها عند غيرهم وهي قولهم : ان كنت ناقلا فالصحة ، او مدعيا فالدليل
متخذين لتحقيق الخبر عدة سبل تنهض بها فنون عديدة خاصة لم يعثر عليها التاريخ الا في المكتبة الاسلامية وهي
-فن مصطلح الحديث
-فن الجرح والتعديل
-تراجم الرجال
حيث تلتقي هذه الفنون الثلاثة عل وضع ميزان دقيق يتضح فيه الخبر الصحيح من غيره والفرق بين الخبر الصحيح الذي يورث الظن والذي يورث اليقين
ومن اجل تحقيق الادعاء اتخذت سبل حسب نوع الادعاء فما كان منه متعلقا بموجود مادي يتناوله تحليلا او تكييفا ، فلا بد من الاعتماد فيه علي شواهد وبراهين من الحواس الخمس ، اي ما يسمي بالتعبير الحديث ( التجربة والمشاهدة )اما ما كان من الدعاوى متعلقا بامر تجريدي او غيبي غير خاضع لشئ من الحواس الظاهرة ، فمنه ما تجد في الكتاب او متواتر السنة نصا واضحا فيه ،ومنه مالا تجد في شئ منهما حديثا واضح عنه
فا المنصوص عليه في احداهما فهو داخل بذلك في المدكات اليقينية وسبيل اليقين به انه نقل المتاب او السنة له يرجع الي الخبر اليقيني المتواتر اذ القران انما هو اللفظ الموحى به الى محمد صلي الله عليه وسلم والواصل الينا عن طريق التواتر فلا جرم ان قرانية الفاظه مقطوع بها ومثل ذلك السنة اذا وصلت الينا متواترة
واما مالم يتعرض له الخبر المتواتر اليقيني باي نص ولضح صريح فينحصر السبيل الي معرفة الحق فيه بالنظر العقلي وحده وهو يتحقق بمسلكين
1- اتباع مايسمي بدلالة الالتزام وهو ان يطرد ترابط بين شيئين بحيث اذا تاملت احدهما تصورت الاخر وانما يتم ذلك بعد ان يشهد له الاستقراء التام ،وهو ان تتبع الحالات والظروف المختلفة كلها لوجود هذين الشيئين ، فتجدهما متلازمين دائما وذلك كدلالة النحول الشديد علي المرض وطدلالة المأذن في البلدة علي اسلام اهلها
2- القياس وهو منهج يتلخص في استخراج علة الشئ او سببه ، ثم تلمسه فيما قد يشبهه من الاشياء الجهولة حتي اذا استيقن الباحث اشتراك كل من المعلوم والمجهول في علة واحدة قاس الثاني علي الاول في حكمه المنبثق من تلك العلة
 
رد: كيف يُقرأ التاريخ

رد مكرر اعتذر
 
التعديل الأخير:
رد: كيف يُقرأ التاريخ

ولماذانصعب الامرونعقده
الواحديلتزالمنطقويكون مربي نفسه على الابتعادعلى الكذب
فكاذب يبداءيخدع نفسه ويكذب عليها قبل ان يبداء بالاخرين
ثم تربية النشاء للرجوع الى اصالتهم
فالذي يستحي من عادات وتقاليد اجداده ومبهور بروح العصر التي يعيش فيها
سوف لن ينظر الى تاريخ اصله نظرة صادقة ومحقة
اكيد راح يحترقرهم
 
رد: كيف يُقرأ التاريخ

لايمكن أن تكون جميع الأحداث التاريخية صحيحة والعكس صحيح .
لكن الكارثة فيمن يبنى مستقبلة على خرافات تاريخية لا أساس لها ...
على العموم لي عودة للتأمل الدقيق بين السطور ...

 
رد: كيف يُقرأ التاريخ

لايمكن أن تكون جميع الأحداث التاريخية صحيحة والعكس صحيح .
لكن الكارثة فيمن يبنى مستقبلة على خرافات تاريخية لا أساس لها ...
على العموم لي عودة للتأمل الدقيق بين السطور ...

ارقى ما قرات لك من تعليقات يا ليت تستمر.
 
رد: كيف يُقرأ التاريخ

[/color] الا ان ان الفقه هو معرفة بالفروع وليس الاصول وهي العقيدة, ونحن نتحدث هنا عن الثقافة وليس الفقه, تحصين الامة والمجتمع من الثقافات الاجنبية الدخيلة شيء وتثقف المسلم ومطالعته لثقافة المسلمين شيء اخر, انا مثلا تثقفت ثقافة اسلامية لمطالعتي نتاج المسلمين الاوائل في الادب والتاريخ والسيرة الكريمة وهي ممن كتب من اهل السنة والجماعة بينما كان حظ نتاج اتباع اهل البيت لا يزيد عن كتابين او ثلاثة حتى وجدت الاختلاف فقادني هذا الى المزيد من المطالعة للتثبت, ان يتثقف الانسان في مجال بيئته شيء وان يتعداها الى غيرها من الثقافات شيء اخر امر مرفوض لكل عاقل خصوصا في مجال العقيدة اذا لم يكن مسلحا بالمعرفة كان يدرس مثلا الشيوعية وهو لا يعرف شيء عن نتاج عقيدته, ولكن مطالعة التاريخ امر لابد منه لكل مسلم لاخذ العبر والدروس ولكي تحصل له الطمئنينة بانه يضع قدمه وبثبات على ارض عقيدته.


قد أخطأت عندما قلت كلمة (( يمنعون )) والصحيح انه لا يتم تدريس باقي المذاهب الاسلامية
خلال السنوات الاولى وأنما تتم دراسة باقي المذاهب الأسلامية الفقهية خلال سنوات متقدمة بعد تمكن الطالب من المدهب المعتمد وتتم دراسة باقي المذاهب تحت عنوان الفقه المقارن وهذا حاصل في جميع
الجامعات الاسلامية وهذا فيه مصلحة للطالب والا لما شاهدنا الكتب الفقهية المختلفة على رفوف المكتبات

ربما أتفق معك في أن تحصين الامة من الافكار الدخيلة واجب شرعي خاصة العقائد التي تم أستيرادها من اليهود والعقائد التي هي عبارة عن مخلفات المجوسية والزرادشتية

وأخشى أن أكمل ردي وأكون سببا في أجتثاث هذا الموضوع كذلك ههههه
أكتفي بهذا فقط .
 
رد: كيف يُقرأ التاريخ

تلخص المنهج العلمي للبحث عند علماء المسلمين في قاعدة جليلة كبرى لم يعرف مثلها عند غيرهم وهي قولهم : ان كنت ناقلا فالصحة ، او مدعيا فالدليل
متخذين لتحقيق الخبر عدة سبل تنهض بها فنون عديدة خاصة لم يعثر عليها التاريخ الا في المكتبة الاسلامية وهي
-فن مصطلح الحديث
-فن الجرح والتعديل
-تراجم الرجال
حيث تلتقي هذه الفنون الثلاثة عل وضع ميزان دقيق يتضح فيه الخبر الصحيح من غيره والفرق بين الخبر الصحيح الذي يورث الظن والذي يورث اليقين
ومن اجل تحقيق الادعاء اتخذت سبل حسب نوع الادعاء فما كان منه متعلقا بموجود مادي يتناوله تحليلا او تكييفا ، فلا بد من الاعتماد فيه علي شواهد وبراهين من الحواس الخمس ، اي ما يسمي بالتعبير الحديث ( التجربة والمشاهدة )اما ما كان من الدعاوى متعلقا بامر تجريدي او غيبي غير خاضع لشئ من الحواس الظاهرة ، فمنه ما تجد في الكتاب او متواتر السنة نصا واضحا فيه ،ومنه مالا تجد في شئ منهما حديثا واضح عنه
فا المنصوص عليه في احداهما فهو داخل بذلك في المدكات اليقينية وسبيل اليقين به انه نقل المتاب او السنة له يرجع الي الخبر اليقيني المتواتر اذ القران انما هو اللفظ الموحى به الى محمد صلي الله عليه وسلم والواصل الينا عن طريق التواتر فلا جرم ان قرانية الفاظه مقطوع بها ومثل ذلك السنة اذا وصلت الينا متواترة
واما مالم يتعرض له الخبر المتواتر اليقيني باي نص ولضح صريح فينحصر السبيل الي معرفة الحق فيه بالنظر العقلي وحده وهو يتحقق بمسلكين
1- اتباع مايسمي بدلالة الالتزام وهو ان يطرد ترابط بين شيئين بحيث اذا تاملت احدهما تصورت الاخر وانما يتم ذلك بعد ان يشهد له الاستقراء التام ،وهو ان تتبع الحالات والظروف المختلفة كلها لوجود هذين الشيئين ، فتجدهما متلازمين دائما وذلك كدلالة النحول الشديد علي المرض وطدلالة المأذن في البلدة علي اسلام اهلها
2- القياس وهو منهج يتلخص في استخراج علة الشئ او سببه ، ثم تلمسه فيما قد يشبهه من الاشياء الجهولة حتي اذا استيقن الباحث اشتراك كل من المعلوم والمجهول في علة واحدة قاس الثاني علي الاول في حكمه المنبثق من تلك العلة


تقيـــــــــــــــــــــــــــــــــــم +1
 
عودة
أعلى