مذكرات رئيس الركان الاسرائيلى السابق فى حرب اكتوبر

إنضم
20 مايو 2008
المشاركات
347
التفاعل
145 0 0
الدولة
Egypt
مذكرات دافيد اليعازار عن العبور المصرى

قال دافيد اليعازار رئيس الأركان الإسرائيلى خلال حرب 1973 عن العبور المصرى للقناة ( كانت اخطر الاشارات التى وصلتنا حينئذ ... هى التى أفادت ان المصريين بدءوا فى عمل ممرات فى السواتر الترابية السميكة ، باستخدام قوة دفع المياه عن طريق مضخات خاصة كانوا يستخدمونها تحت ستار كثيف من نيران المدفعية والمشاة ، كما بدءوا يسقطون معديات ومعدات عبور أمام رءوس الكبارى . وفعلا كانت تلك الاشارة هى اخطر الإشارات لأنها تعنى ان أى تقدير للعمل العسكرى الذى تقوم به مصر وسوريا اصبح تقديرا متأخرا
فى هذا الوقت جن جنونا ، فأصدرنا أوامرنا بأن يكثف سلاحنا الجوى هجومه فى محاولة لمنع المصريين من عمل الممرات خلال السواتر ، وتعطيل إسقاط المعديات والكبارى . ولكن وسائل الدفاع الجوى المصرى المجهزة بصواريخ سام 6 أسقطت لنا خلال أربع دقائق خمس طائرات منها اثنتان طراز فانتوم وثلاث سكاى هوك)ـ

ويستكمل ويقول " لقد كانت الإشارات تتوالى بشكل مذهل . كنا بقدر الإمكان نحاول المحافظة على هدوء أعصابنا واتزان تفكيرنا ، لكننا بعد وصول الأشارة رقم 22 التى أفادت أن المصريين تمكنوا من إنشاء عشرة كبارى ثقيلة وعشرة كبارى مشاة ، وأن الدبابات والعربات المجنزرة والمعدات الثقيلة بدأت فى العبور إلى الضفة الشرقية للقناة ، لم نستطع ان نتوازن بشكل دقيق أو نفكر فى أى شىء ، بل سيطر علينا الذهول المقرون بخيبة الأمل

وأوشك النهار ـ نهار 6 أكتوبر ـ أن ينتهى دون ان نحقق هجوما مضادا ناجحا ومؤثرا ، نوقف به تدفق المعدات الثقيلة عبر الكبارى إلى الضفة الشرقية حيث توجد مواقع قواتنا . وكان معنى أن يأتى الليل ويسود الظلام ، أن تنتهى اى فعالية لسلاحنا الجوى فى الوقت الذى تستطيع فيه القوات المصرية تثبيت وتأمين هذه الكبارى

إن الحقائق بدأت تتضح أمامنا شيئا فشيئا ، فالإشارات تؤكد أن أكثر من ثلاثين ألفا من الجنود المصريين أصبحوا يقاتلون فى الضفة الشرقية ، ومازالت المعدات الثقيلة تعبر الكبارى إلى الضفة الشرقية . إن التلاحم بين جنودنا والمصريين معناه أن يفقد سلاحنا الجوى فعاليته ، وأصبح مجموع ما سقط لنا من طائرات حتى الساعة العاشرة وعشر دقائق مساء يوم 6 أكتوبر هو 25 طائرة

أصبح القتال يسير ضاريا شرسا . والدلائل كلها تشير إلى أننا نواجه خطة دقيقة ومحكمة لا نعرف مداها او أبعادها ، بعد أن أصبحنا امام واقعين جديدين تماما فى تاريخ الصراع العربى الإسرائيلى أديا إلى سقوط كل حساباتنا العسكرية والمقاييس التى بنينا عليها خططنا . وكان الواقع الأول أنه لم يعد هناك حاجز مائى يمنع تدفق المصريين إلى مواقع قواتنا فى الضفة الشرقية للقناة . والواقع الثانى أن حصون خط بارليف المنيعة لم تعد لها فعالية ، ولم تعد هى الخط الدفاعى المأمون بعد أن سقط معظمها .. لقد بدأت بالفعل مواجهة حقيقية بين القوات المصرية وقوات الجيش الإسرائيلى ... لقد كان ما يحدث بالفعل كارثة حقيقية "

لا شىء أقسى على نفسى من كتابة ما حدث فى أكتوبر ، فلم يكن ذلك حدثا عسكريا رهيبا فقط ، وانما مأساة عاشت وستعيش معى حتى الموت ، فلقد وجدت نفسى فجأة أمام أعظم تهديد تعرضت له إسرائيل منذ إنشائها . ولم تكن الصدمة فقط فى الطريقة التى كانوا يحاربونا بها .. ولكن أيضا لأن عددا من المعتقدات الأساسية التى آمنا بها قد أنهارت أمامنا ، فلقد آمنا باستحالة وقوع حرب فى شهر أكتوبر ... وآمنا بأننا سوف نتلقى إنذارا مبكرا لكل تحركات المصريين والسوريين قبل نشوب الحرب ، ثم إيماننا المطلق بقدرتنا على منع المصريين من عبور قناة السويس ....إننى استعيد الآن هذه الأيام ..... أنه شىء لا يمكن وصفه.. يكفى أن أقول إننى لم أستطع البكاء ، وكنت أمشى معظم الوقت فى مكتبى وأحيانا أذهب إلى غرفة العمليات ، وكانت هناك اجتماعات متواصلة وتليفونات من أمريكا واخبار مروعة من الجبهة وخسائرنا تمزق قلبى

وأذكر أنه فى يوم الأحد عاد ديان من الجبهة المصرية ، وطلب مقابلتى على الفور وأخبرنى أن الموقف سىء جدا وانه لابد من اتخاذ موقف الدفاع وان تنسحب القوات الإسرائيلية إلى خط دفاع جديد واستعمت إليه فى فزع ، لقد عبر المصريون القناة ـ من كتاب حياتى لرئيس وزراء إسرائيل خلال حرب 1973 جولدا مائير

مذكرات دافيد اليعازار

المصدر : ـ الطوفان طبعة 1977 ـ للكاتب والأذاعى ـ حمدى الكنيسى والمراسل الحربى خلال حرب أكتوبر 1973 و صاحب أشهر برامج إذاعية فى ذلك الوقت كصوت المعركة و يوميات مراسل حربى​
 
عودة
أعلى