إسكات العدو

هيرون 

فَاللّهُ خَيْرٌ حَافِظاً
طاقم الإدارة
عـضـو مـجـلـس الإدارة
إنضم
21 ديسمبر 2008
المشاركات
41,500
التفاعل
233,070 7,355 3
الدولة
Saudi Arabia
PredatorDroneAirplaneonstand.JPG



قبل عقود ثار في الأوساط العسكرية جدل كبير وحاد حول تفضيل الطائرات المسيرة (بدون طيار) في الأعمال القتالية التي تقوم بها على الطائرات المأهولة التي يقودها طيارون بشريون، وقد انتهى ذلك الجدل الآن بعد أن ثبت أن الطائرات المسيرة تتمتع بميزات استراتيجية، وتعبوية، واقتصادية، بشكل جعلها تتفوق على الطائرات القتالية المأهولة، ومن أهم هذه الميزات الحفاظ على أطقم الطيارين من الإصابة أو الأسر، خاصة أثناء الحروب، وكذلك قدرتها على البقاء في الجو لفترات زمنية طويلة تصل إلى عدة أيام، وقدرتها على تنفيذ المهام التي تحتاج إلى مناورة الأحمال العالية، إضافة إلى صعوبة رصد الطائرات المسيرة على شاشات الرادار لصغر حجمها، ونوعية المواد الداخلة في تصنيعها، ما يقلل من بصمتها الحرارية والصوتية.

قد مكنت التقنيات الحديثة ومشاريع التطوير المستمرة للطائرات المسيرة من تزويدها بأجهزة استطلاع صغيرة الحجم بجميع أنواعها بشكل صار يتيح للطائرة المسيرة تجميع الصور الرادارية، والكهروبصرية الاصطناعية، والفوق الحمراء، ومن ثم إرسال تلك المعلومات منسقة عن طريق الأقمار الصناعية إلى القواعد والقوات الصديقة خلال ثوان قليلة، إضافة إلى تطوير محركات ذات أداء عال منها المحركات الكهربائية التي تستعمل النضائد والخلايا الشمسية، ما يجعلها قادرة على تخزين الطاقة الكهربائية الكافية للطيران خلال ساعات الظلام، ما يمكن الطائرات المسيرة من الطيران على ارتفاعات شاهقة خلال الظلام، ولفترات زمنية طويلة تستمر لأسابيع. وهكذا يمكن القول إنه بات من المتعارف عليه عسكريا في توصيف الطائرات القتالية المسيرة أنها نظام تسليح يجمع بين مواصفات الصواريخ الجوالة، وطائرات القتال التقليدية المأهولة، أو بعبارة أخرى هي حل وسط بين الاثنين، فالصواريخ الجوالة تستعمل مرّة واحدة رغم تكلفتها العالية، والطائرة القتالية المأهولة طويلة العمر نسبيا، ولكن استعمالها مكلف مع الاحتمالات الدائمة للمخاطر المحيطة بالعناصر البشرية التي تقودها، وتقاتل من خلالها، وبالتالى زاد الاعتماد على الطائرات القتالية المسيرة في جميع الأعمال القتالية، خصوصا في إسكات منظومات الدفاع الجوي المعادية في بداية الحملة الجوية، تمهيدا لدخول أسراب المقاتلات والقاذفات المأهولة في سماء المعركة بعد ذلك بأمان.
برامج وأجيال
في النماذج الكثيرة للطائرات القتالية المسيرة التي ظهرت حتى الآن ثمة رابط مشترك يجمع بينها هو التوسع الكبير في المهام التي تؤديها هذه الطائرات، كما ظهرت في الحروب الأخيرة من كوسوفو إلى أفغانستان إلى العراق، فقد استخدمت بشكل واسع في حرب كوسوفو الجوية، واستعملت بشكل أوسع خلال حرب الخليج الثانية عام 1991، وتوسع استعمالها أكثر في حرب العراق وأفغانستان، وقد استعملت في كل هذه الحروب في أعمال المراقبة، والاستطلاع، والتصوير، والتشويش الإلكتروني- وتأدية دور مركز قيادة طائرة يعمل على تزويد الطائرات المقاتلة، والقاذفات، والوحدات الأرضية بالمعلومات مباشرة، أولا بأول، كما شهدنا استخدام طائرات أمريكية مسيرة في أفغانستان في مهام قصف أهداف مختلفة، وخصوصا الأهداف المتحركة. إزاء هذه الأهمية الحالية والمستقبلية للطائرات القتالية المسيرة تتوالى البرامج الخاصة بتطوير الطائرات الحالية، وإيجاد أجيال جديدة منها، خصوصا داخل الدول الكبرى والصناعية في منافسة محمومة لإيجاد أكثر الطائرات المسيرة قدرة على أداء مهام قتالية تتفوق على الطائرات الأخرى، وتشمل المنافسة تسليح القوات العسكرية بهذه الطائرات المسيرة والأجيال الأحدث منها، وبشكل موجز سنتوقف كأمثلة عند بعض الطائرات المسيرة في جيوش بعض الدول:
الولايات المتحدة الأمريكية
هناك اتجاه واضح في الجيش الأمريكي لجعل العتاد الحربي والأسلحة القتالية أصغر حجما، وأخفّ وزنا وأكثر فاعلية، وحسب الإحصائيات العسكرية الأمريكية يضم الجيش الأمريكي حاليا ما يزيد على عشرين ألف وحدة وآلية أوتوماتيكية تعمل على مبدأ التحكم عن بعد، وتؤكد القيادة العسكرية الأمريكية أنه سيزداد عدد المروحيات والطائرات بدون طيار خلال سنوات قليلة قادمة إلى أربعة أضعاف في القوات الجوية، وحاليا يتم التركيز على الحوامات غير المأهولة، واستعمالها في جميع الأعمال والمهمات القتالية. وضمن التركيز الأمريكي على تعزيز قدرات الطائرات المسيّرة بما يواكب تعزيز دورها القتالي في حروب المستقبل، أطلقت الولايات المتحدة الأمريكية مؤخرا أول طائرة مسيّرة بلا وقود، إذ تعمل بأشعة الليزر، وهي طائرة يبلغ طولها مترا ونصف المتر، وتستطيع هذه الطائرة البقاء في الجو لمدة غير محدودة، لأنها تعمل بواسطة شعاع ليزر منطلقا نحوها من الأرض، وبالتالي تبقى في الجو ما لم ينقطع إرسال هذا الشعاع نحوها، وتستخدم هذه الطائرة حاليا لأعمال المراقبة والاتصالات. وصار معروفا أن القوى الجوية الأمريكية تعد أن الدور العملياتي لمركبات UCAV غير المأهولة يجعلها سلاحا لقمع الدفاعات الجوية المعادية في بداية الحرب، بل تطور الأمر إلى مشروع أمريكي لزج طائرة قتال مسيرة طراز MRF-24 X تماثل في مواصفاتها وطيرانها وقدراتها المقاتلة F-22، وثمة مشروع أمريكي الآن لإنجاز طائرة قتال مسيرة بنفس مواصفات وقدرات المقاتلة F-16 مع توجه لاستبدال المقاتلات F-18 بهذه المقاتلات المسيرة تدريجيا مع التأكيد على قدرات التحكم بهذه المقاتلات المسيرة التي يصل مدى طيرانها إلى ألف ميل بحري، وتراوح حمولة المقاتلة من الحمولة والذخائر بين ألف وثلاثة آلاف رطل، وتسليحها يعتمد على صواريخ JDAM وأنواع أخرى متقدمة من الأسلحة الذكية عالية الدقة. وفي السنوات الأخيرة ازداد الاهتمام الأمريكي بتطوير طائرات مسيرة صغيرة لأداء مهام مراقبة، واستطلاع، وجمع معلومات سرية، واستطلاع بقدرات إضافية، أطلقت عليها اسم Scan Eagle، بحيث تستخدم كمحطة وسيطة للاتصالات في عمليات فوق الأفق، مستخدمة إلكترونيات الطيران المصغرة، والمنمنمات الإلكترونية الفعالة، وراداراً يعمل بالأشعة تحت الحمراء، وبالليزر معا، وتستخدم نظام تحديد الموقع GPS التفاضلي لتعقب نقطة الهدف، وتتمتع هذه المركبة كذلك بقدرة الهبوط على مساحة صغيرة لا تتعدى بضع أقدام على البر، أو على قارب لا يتجاوز طوله ستين قدما يستخدم كحاملة للطائرات المسيرة، وستكون لهذه الطائرة المسيرة نموذجان، أولهما Scan Eagle- A، التي تحلق على ارتفاع ألف قدم لمدة 15 ساعة بسرعة ثمانين عقدة، والثاني Scan Eagl- B التي تزيد حمولتها عن الأولى بأكثر من 150% لتستوعب مستشعرات إضافية فائقة التطور وتجهيزات أخرى، ولها محرك أقوى يتيح لها التحليق المتواصل لأربعين ساعة. وعلى نسق مواز تم الانتهاء من مشروع طائرة قتالية مسيرة لسلاحي البحرية، والطيران الأمريكيين تستطيع جمع المعلومات السرية، ومهاجمة العدو بأسلحة إلكترونية أو متفجرات شديدة الفعالية، وتطلق هذه الطائرة المسيرة مع غروب الشمس، وتعمل بكفاءة عالية لمدة 12 ساعة طوال الليل فوق ساحة المعركة على ارتفاع خمس وثلاثين ألف قدم وبسرعة 8ر. ماخ. ومن الشهير عسكريا النجاح الكبير الذي حققته الطائرة المسيرة جلوبال هوك RQ-4A Global Hawk التي يعادل وزنها لدى الإقلاع وزن الطائرة المقاتلة F-16 ( 11600 كغ)، وتعمل بموجب برنامج موضوع مسبقا في الكمبيوتر الخاص بها مؤمنة مراقبة على مدى 24 ساعة في دائرة قطرها 2225 كلم بفضل تسع مئة كيلو جرام من المستشعرات الدقيقة، وكاميرات إلكتروبصرية، وأخرى تعمل بالأشعة تحت الحمراء، ورادار يعطي صورا فائقة الدقة يفوق المدى الفعال لتغطيته 185 كلم، علما بأن هذه الحمولة قابلة للزيادة إلى ألف وأربع مئة كيلوجرام، وكانت شهرة الطائرات المسيرة جلوبال هوك بلا طيار، قد انطلقت إلى آفاق جديدة عندما انطلقت إحداها في رحلة من الولايات المتحدة إلى أستراليا قاطعة 14 ألف كيلو متر في طيران متواصل دام لـ234 ساعة، أي أقل قليلا من عشرة أيام. وفي مسيرة تطوير الطائرات المسيرة، تم تطوير محرك خفيف الوزن ذي مروحة لها مسارب تتيح الإقلاع والهبوط عموديا للطائرات المسيرة مختلفة الأحجام والأوزان، ويمنح هذا المحرك مناورة قوية للطائرة، ومرونة في أدائها في البيئات المدنية، كما يسمح لها بتجنب الحواجز كالأشجار بسهولة، ويخفض تأثير الرياح العاصفة.
فرنسا
دخلت فرنسا لاعبا مهما في ملعب تطوير الطائرات القتالية المسيرة، ومن الطائرات المسيرة الشهيرة دوليا طائرتان تتمتعان بقدرات الإخفاء وتكنولوجيا نظم قيادة فائقة المواصفات، وضمانة في سرعة أداء المهام، بدءا من رسم الخرائط الأولية، وانتهاء بالطيران السلس، الطائرة الأولى بدأ بتطويرها منذ عام 2001، وهي مزودة بنظام استطلاع متقدم، ومعدات حربية إلكترونية، وتستطيع تحديد أهدافها ليزريا، وأما المركبة الثانية فتقوم بمهام الدفاع الجوي، وتتميز بقدرة كبيرة على الإصابة الدقيقة بما يكفل صد الهجمات المعادية بكفاءة عالية، ومؤخرا أعلنت فرنسا المباشرة في تنفيذ برنامج طائرة قتال مسيرة من جيل جديد، وهي طائرة طولها 12 مترا، وجناحها 9 أمتار، ووزنها 8200 كغ. وحاليا يستعمل الجيش الفرنسي الطائرة القتالية المسيرة (كريستيل Crecerelle)، وتم تطوير نموذج محسن أصغر حجما منها هو مركبة Sperwer التي استخدمتها هولندا، والدنمارك، والسويد، إلى جانب فرنسا، وهي تعمل ليلا ونهارا بصمود ثماني ساعات على ارتفاع خمسة آلاف متر، وكذلك تستعمل فرنسا الطائرة المسيرة Sperwer- LE التي تطير لمدة 12 ساعة، والطائرة المسيرة ذات المحرك النفاث Sperwer-HV، التي تتمتع بسرعة طيران أكبر تزيد على 550 كلم- ساعة، ومؤخرا ظهرت في القوات الفرنسية الطائرات المسيرة من طراز (بريفيل) و(مارفل).
دول أخرى
أما بريطانيا فقد رصدت مبالغ ضخمة زادت على 37 مليون جنيه استرليني لبرامج تطوير نظم الهجوم الجوي المستقبلي، على أن تعتمد هذه النظم بشكل واسع على الطائرات القتالية المسيرة، وفي إيطاليا ظهرت الطائرات القتالية المسيرة منذ عام 2004، وكانت الطائرة الأولى بوزن ثمانية آلاف كيلو جرام، وبطول 20 قدما، وامتداد جناح 19 قدما، وسرعة تطواف 6ر0 ماخ، وسرعة قصوى 74ر0 ماخ، وارتفاع عملياتي يبلغ 33000 قدما، ويتحكم الحاسوب تماما بمهام هذه المركبة، وبأنظمة تسليحها، والأنظمة البصرية الليزرية فيها، وبمعالجة وتنظيم بيانات الأقمار الصناعية الخاصة برحلات المركبة. وحاليا يتم في إيطاليا إنتاج سلسلة من الطائرات القتالية المسيرة مثل الطائرة sgsg Mirach 26، وهي ذات محرك دفع، ومركبة Mirach 150 ذات المحرك النفاث، ومركبة Mirach 100/5 ونموذجها الأكثر حداثة، وتطورا، وسرعة مركبة الاستطلاع عالية السرعة Nibbio. وفي السويد يتم العمل على الجيل الرابع من طائرات جريبين من خلال تطوير مركبة الاستطلاع القتالي E Skuaderin التي تتمتع بتحليق متواصل لتسع ساعات بسرعة تفوق ضعف سرعة الصوت (2 ماخ) مستفيدة من تقنيات ذكية عالية فائقة التطور تتيح لها مواجهة الاستقلال في تنفيذ مهامها، وقدرة فائقة على المناورة، وبراعة تكتيكية تتيح لها الإفلات من الصواريخ المعادية والعودة إلى قاعدتها سالمة. وفي ألمانيا يتم تطوير تطور مركبة الاستطلاع بريفيل، ومركبة الاستطلاع الألمانية Luna X-2000 التي تستعد لدخول الخدمة، وكذلك العمودية بلا طيار سيموس التي تصلح للعمل من أسطح السفن أو من البر على حد سواء. وبالنسبة لروسيا توجد برامج عديدة لتطوير الطائرات المسيرة، وأهمها برنامج تطوير نماذج صاروخية فائقة السرعة قابلة للانطلاق من مركبات جوية غير مأهولة، مثل DR-3 و TU-300 وكذلك Ma-31 الذي يتمتع بفعالية استثنائية الذي انبثق تطويره من الصاروخ البارع المضاد للسفن X-31..
وبعد
تزداد أهمية الطائرات المسيرة في تسليح الجيوش، وتتوالى برامج تطويرها، ويزداد رصد جزء كبير من ميزانيات التسليح من أجلها حتى إن التقديرات تشير إلى أن السوق العالمي للمروحيات والطائرات غير المأهولة، وحدها سيبلغ في غضون السنوات العشر القادمة مستوى 55 مليار دولار. وكما قلنا، إن التطوير الجاري على الطائرات المسيرة سريع جدا، ويحمل في كل يوم مفاجآت جديدة ومعطيات مستقبلية جديدة لن تكون بعيدة، منها أن تتولى مروحيات، لا يقودها طيارون، توصيل قوات الإنزال إلى المكان المطلوب، وسيتم تعليم الروبوتات على تحديد وجهتها، والتحرك في الاتجاهات اللازمة على ساحة العمليات القتالية لتوفر الحماية، والتغطية النارية للمقاتلين، وسيكون بوسعها أن تنقل الذخيرة، وتخلي الجرحى تلقائيا. وفي هذا كله يبقى السؤال: هل ستنهي الطائرات القتالية المسيرة، مستقبلا، الطائرات القتالية المأهولة التي يقودها طيارون بشريون؟ الجواب حتما بالنفي، فأيا كانت التطورات التي تتم على الطائرات المسيرة الآن، وستتم مستقبلاً، فإنه من الصعب استبدال الطيار البشري، الذي سيبقى في كثير من الأحوال ضمانة لحرب يسيطر عليها الإنسان، وغير متروكة للذكاء الصنعي وحده، وبالتالي ستستمر الحاجة إلى العنصر البشري في العمليات القتالية الجوية، وسيبقى وجود الطيار البشري أساسيا ومهما في أية معركة أو مواجهة.






الموضوع من مقالات

مجلة القوات البرية الملكية السعودية

 
رد: إسكات العدو

شكرا على الموضوع القيم اخي الكريم
 
رد: إسكات العدو

شكرا على الموضوع القيم اخي الكريم

شرفنا وجودك أخي ...
وحقيقة أن معظم التقنيات في المعركة الحديثة مثل الروبورتات والطائرات المسيرة وتطبيقات الميكروييف والأسلحه الكهرومغناطيسية كنت أقرأ عنها في المجلات وأعتقدت انها ستاخذ وقتاً للخروج الى الخدمة فأذا بها تحل علينا واقعاً يفرض نفسه ويجعل القادة في حيره من امرهم لمواجهه هذا الكم من التطور ....
 
رد: إسكات العدو

جميل .... هل يمكنك وضع دراسة تتكلم عن اسلحة المستقبل والتكتيكات والاستراتيجيات التي يمكن ان تتبعها الدول العظمى في الحروب المستقبلية ؟؟؟
 
رد: إسكات العدو

الأنترنت يعج بالعديد من المقالات والأبحاث بعضها متشعب وبعضها متعمق حول نوع من أسحله المستقبل لكن من الصعب الأحاطة بها جميعاً ....
فهذة نبذة او موجز لما هو قيد الأستعمال او تجرى حوله الأبحاث والتجارب ...


- الروبوتات تخوض حروب المستقبل:
العلم وأسلحة المستقبل


على مدار التاريخ الإنساني تتوالى الثورات العلمية في المجال الحربي والعسكري وهذه الثورات مصدرها الأول العقول المفكرة التي تستثمر طاقتها المبدعة في صنع تقنيات وتكنولوجيات جديدة تستطيع بها خدمة أوطانها وتوفير سبل الأمن لها ولو تطرقنا إلى تاريخ الحروب التي عرفتها البشرية من القديم إلى الحديث نجد أن العلم والحرب ربطت بينهما علاقة جدلية تظهر أحياناً وتستتر أحياناً أخرى فالتلازم بين العلم والحرب كان في الماضي ويوجد في الحاضر وسيستمر في المستقبل.
وتحكي لنا كتب تاريخ العلم مع الحرب قصة أرشميدس الذي عاش في القرن الثالث قبل الميلاد كيف أستطاع هذا العالم العبقري أن يصد أسطول القائد الروماني الغازي مارسيلوس وذلك بتسليط أشعة الشمس على الأسطول واحراقه وهو بعيد عن مدينته سبراكوس ويذكر المؤرخ الروماني بلوتارك في وصفه للمعركة عندما شاهد الرومان المصيبة التي ألمت بهم من مصدر غير منظور أخذوا يظنون أنهم كانوا يحاربون الألهة، لقد صنع أرشميدس ستاراً من الأجسام العاكسة على طول جدار الميناء ليرعب بها الأسطول الروماني من جهة وليوجه أشعة الشمس المنعكسة إلى نقطة مشتركة تحرق السفينة التي توجد بها من جهة أخرى وتستمر مسيرة العلم مع أسلحة الحروب لنصل إلى عصر النهضة الأوروبية فتظهر في عام 1520م البندقية الأسبانية التي كان لها دور كبير في حسم المعارك والحروب التي نشبت خلال تلك الفترة، ويأتي العصر الحديث ليعرف العالم أسلحة جديدة في مقدمتها الدبابة في عام 1916م ثم ظهور سلاح الطيران واستخدامه في الحروب عام 1918م أثناء الحرب العالمية الأولى وتستمر قفزات العلم في الصناعات الحربية لتبلغ ذروتها فى عام 1945م وبالتحديد يوم 6 اغسطس من نفس العام والذي شهد ميلاد عصر جديد هو عصر الذرة وشهد أيضا وصمة عار في جبين البشرية بإختفاء مدنية هيروشيما اليابانية من الوجود، ولم تمض سوى سنوات قلائل وبالتحديد عام 1949م حيث أعلن الإتحاد السوفيتي السابق عن صنع أول قنبلة نووية ثم سارعت كل من إنجلتر وفرنسا والصين بامتلاك هذا السلاح الذري لتواكب الدول الكبرى ثم عرف العالم بعد ذلك عصر جديد هو عصر الصورايخ في عام 1950م وفي مقدمتها صورايخ كروز الأمريكية بعيدة المدى ومتعددة الاستخدامات هذا عن حروب الماضي والحاضر فماذا عن حروب المستقبل.


العلم وحروب المستقبل:
بداية يؤكد العلماء والخبراء العسكريون أن أسلحة المستقبل ستعتمد علىتكنولوجيات متقدمة ومتطورة ولم تعد ضرباً من ضروب الخيال العلمي فمصانع السلاح لايقتصر أنتاجها على أسلحة تقليدية وأسلحة دمار شامل والأسلحة الأشد فتكاً وأقوى تدميراً بل يرى العلماء أن أسلحة المستقبل لن تحتاج إلى بشر وستحمل مسميات مبتكرة كالأسلحة غير الفتاكة والأسلحة النظيفة والأسلحة الذكية وغيرها من أنواع الأسلحة التي تقود حروب المستقبل ونلقي الضوء عليها عبر هذه السطور
يرى الخبراء العسكريون أن هذه التقنية أول صورة من صور حروب المستقبل وهذه الروبوتات عبارة عن كائنات إلكترونية شديدة التطور التكنولوجي وينظر العلماء إليها بأهتمام خاص لاستخدامها في الحفاظ على حياة الجنود والقادة في ميدان الحرب فقد استحدمت القوات الأمريكية في حرب أفغانستان عام 2001م الروبوت باكيوس الذي صممته شركة آى روبوت الأمريكية خصصياً للمهام العسكرية مثل عمليات الاستطلاع ورصد السلاح الكيماوي والتمويه وتغطية المنطقة بالدخان هذا إلى جانب قيام هذه الروبوتات بمهام أخرىجديدة مثل إزالة الألغام ونزع القنابل وقيادة الطائرات ونقل المؤن والذخيرة والأسلحة للجنود وتوفير المساعدة التلقائية لهم في ميدان المعركة وأن ذلك يعني أن نصف وحدات الجيش في حروب المستقبل ستكون من البشر والنصف الأخر من المعدات الآلية، وبرغم هذه الآمال الكبيرة على الروبوتات في حروب المستقبل ينتاب العلماء والخبراء المخاوف من المقاتل الآلى الذي يفتقر إلى المشاعر الإنسانية لأنه سيكون مقاتلا ًأكثر وحشية من نظيره الجندي البشري الأمر الذي يشدد عليه العلماء بضرورة برمجة هذه الروبوتات العسكرية التي ستخوض حروب المستقبل للألتزام بالضوابط السلوكية نفسها التي يتحلى بها نظيرها المحارب من البشر


2ـ استخدام الموجات الكهرومغناطيسية:
ومن أسلحة المستقبل استخدام الموجات الكهرومغناطيسية كي تلحق الضرر بالإنسان والأشياء المحيطة به وشل حركة العدو وذلك عبر استخدام نبض كهرومغناطيسي قوي جداً وتعتبر هذه التقنية العالية إحدى أسلحة المستقبل لدى كلا من الولايات المتحدة الأمريكية وروسيا والصين وبريطانيا والمانيا وهولندا وفرنسا وأيطاليا ويرى العلماء والخبراء العسكريون أن الموجات الكهرومغناطيسية سلاح نظيف غير ضار بالبيئة فعال غير مرئي صامت لا يترك أي أضرار اقتصادية في المنطقة ولا يترك أي نفايات تضر بالبيئة أنه باختصار أسطورة حرب نظيفة بلا قتلى، وتتميز الموجات الكهرومغناطيسية بعدة ميزات عن الأسلحة التقليدية أهمها أنها لا تعتمد على تفاعل كيمائي نتيجة احتراق البارود كما هو الشأن في الأسلحة النارية ،وأن هذه الموجات ستحل محل الرصاصة والقنبلة كما تتميز بميزة أكبر هي أن سرعة الضوء فى هذه الموجات تبلغ 300ألف كيلومتر في الثانية في حين أن أقصى سرعة عادية للأسلحة هي 30ألف كيلو متر في الساعة ويحلم العلماء بأنه عن طريق استخدام الموجات الكهرو مغناطيسية في الحروب يمكنهم أن يسيطروا على الصراعات المسلحة والعمليات الأرهابية وحوداث خطف الرهائن


3ـ تكنولوجيا النانو:
ومن أسلحة المستقبل استخدام ما يطلق عليه تكنولوجيا النانو وأصل هذه الكلمة يونانية تعني القزم أما في الفيزياء تعني بعداً صغيراً جداً يبلغ واحد من المليار من المتر إلى جزء من المليون جزء من الملليمتر أو بتعبير أخر فإن تكنولوجيا النانو هي العلم الذي يتعامل مع أجزاء صغيرة لا ترى بالعين المجردة وتبلغ جزءاً من 80 ألف جزء من شعرة رأس الإنسان وأهمية تكنولوجيا النانو فى مجال حروب المستقبل يتمثل في أن هناك أبحاث حثيثة تجرى إعتماداً على هذه التكنولوجيا في صناعة ملابس يطلق عليها ملابس عاقلة للجنود حيث تقوم هذه الملابس عند أصابة الجندى بجرح بتعين مكان الجرح ومدى خطورته وإرسال رسالة إلى المركز مع تقديم المعلومات الضرورية مثل قياس نبض الجندي ودرجة حرارة جسمه وقياس ضغطه ، ثم تقوم بإعطاء الدواء اللازم لجسم الجندى بتسليط ضغط على مكان الجرح لوقف النزيف ، وإذا توقف نبض القلب تقوم بتدليك منطقة القلب لإعادة النبض ورغم خفة وزن هذه الملابس إلا أنها ستكون بمثابة درع قوي ضد الرصاص وتكمن أهمية تكنولوجيا النانو في مجال حروب المستقبل بأنها ستحدث ثورة كبيرة في مجال الأسلحة والتسلح الأمر الذي يقوي من سلطة الدول التي تمتلك هذه التكنولوجيا وهي عددها قليل لأنه يمكن عن طريقها صناعة أسلحة فتاكة بحجم النمل وربما أصغر تقوم بمهاجمة مواقع الأعداء بأعداد كبيرة وتدميرها


4ـ أسلحة الليزر :
الليزر جهاز يولد شعاعاً ضيقاَوقوياَ من الضوء عبر استثارة الذرات وباستطاعة شعاع الليزر أن يلحق الضرر بعدد مختلف من الأشياء وذلك عبر مكونات المادة وتعريضها لدرجات حرارة عالية جداً مما يعرقل عمل وظائف الأجهزة الحساسة للأجهزة العسكرية لدى الأعداء ويسبب العمى المؤقت أو الدائم للمجندين ويأمل العلماء عن طريق استخدام الليزر تطوير مدفع الميدان «الهاونزر» لزيادة قدرة نيرانه فمنذ أيام نابليون والمدافع تستخدم شحنات البارود الأسود التى يتم إشعالها بواسطة باديء كمادة قاذفة ومشكلة هذه البوادي أنها تحتاج إلى استبدالها عقب كل طلقه ،كما يجب نقل عدد كبير منها إلى الخطوط الأمامية لإعادة تزويد المدافع بها وكبديل لذلك يجري العلماء تجارب لأستخدام شعاع ليزر لأشعال المادة القاذفة في مركز هندسة وتطويرأبحاث الأسلحة والذخيرة للجيش الأمريكى حيث تم توجيه شعاع الليزر من خلال نافذة ضوئية في كتلة ترباس المدفع لأشعال المادة القاذفة وبعد التجارب الأولية التي أجريت على مدفع 155تبين أن استخدام شعاع الليزر زاد من معدل الطلقات في الدقيقة حيث لايكون هناك حاجة لاستبدال الباديء وهذا بدوره يعني أن هذه القوة أخف وأسرع كثيراً من الوسائل التقليدية المستخدمة حديثاً وما زالت الأختبارات تجرى للتأكد من قدرة الليزر على الصمود أمام صدمات الأرتداد المتكررة التي تحدث عند أستخدام المدفع


5ـ البلازما سلاح المستقبل:
تعد البلازما الأحدث في المجال العسكري وتعتمد على حزمة من البلازما لها كتلة يمكنها التحرك في الفضاء كالبرق وتتولد البلازما على شكل طاقة مركزة بواسطة موجات المايكرووف أو بأشعة الليزر إلا أنها أبطأ من شعاع الليزر ومن موجات المايكروويف لكنها تسبب أضراراً أكبرمن غيرها وتسعى القوات الأمريكية إلى تطوير هذه التكنولوجيا وتشجع البحوث العلمية الجديدة في هذا المجال للمحافظة على تفوقها العسكري كما تسعى روسيا أيضا إلى تطويرهذا السلاح الجديد والذي يمكنها عن طريقة حرق أي صاروخ أو طائرة عند توجيه طاقة البلازما الفيزيائية وهي ليزرات وأيوانات وإلكترونات للدفاع عن أي مواقع أرضية إلا أن مساوئ سلاح البلازما تكمن في ضرورة إنشاء قواعد أرضية لها مما يسهل عملية رصدها وتدميرها من قبل القوات المعادية


6ـ الحارس الصامت :
هو الأسم الرسمي لمشروع سلاح إشعاعي جديد يسعى الجيش الأمريكى إلى إنتاجه لوضعه قيد العمل خلال السنوات القادمة والسلاح الجديد عبارة عن شعاع يطلق حرارته بدون صوت ولا دليل بصرى ويولد لدى العدو شعوراً بأن ملابسه تحترق وقد تم التوصل إليه ليكون بديلاً عن الأسلحة والذخائر المطاطية ولكن بمدى أطول يقدر بمسافة من15إلى 500متر ويحتاج هذا السلاح الجديد كما أشار قسم الأسلحة الغير قاتلة في وزارة الدفاع الأمريكية إلى صحن لاقط كبير يتم تثبيته على عربة من طراز “هامفي” ليقوم الهوائي بإرسال موجات مغناطيسية كهربائية تولد إحساساً بالحرارة على جلد العدو مما يدفعه للتراجع دون أن يتسبب بجروح كما يستطيع هذا السلاح اختراق الملابس وتسخين الجسم بطريقة قياسية تصل إلى 50درجة مئوية لكنه غير مؤذي ولا يمكنه أن يؤثر على الأنسجة الداخلية والأعضاء الجسدية لأنه يخترق الجسم أكثر من نصف ميليمتر وهو ليس من أنواع الليزر فمصدر الطاقة يأتي من جيروترون تنبعث منه موجات مغناطيسية كهربائية بقوة كبيرة وبوتيرة عالية جداً


7ـ المركبات الخفيفة:
ومن أسلحة المستقبل أستخدام المركبات الخفيفة وهي مركبات مصممة بحيث لا يزن وزنها 20طناً سواءً كانت ناقلة جنود مدرعة أو مركبة استطلاع بحيث يمكن نقلها بسهولة إلى أرض المعارك الخارجية بواسطة طائرة نقل عسكرية ، كما تتميز هذه المركبات الخفيفة أنها تستخدم وقود أقل وتتمتع بميزة كبرى أخرى وهي قدرتها على إعادة شحن البطاريات المستخدمة في المعدات الإلكترونية العاملة في مختلف فروع الجيش المقاتل، ويجري تطوير هذه المركبات لتأخذ أشكال الإنسان الآلى حيث تتولى الأستكشاف أمام القوة الرئيسية لتحديد التهديدات الكيماوية والبيولوجية والنووية وسيتم توظيفها أيضا في استطلاع الكهوف الجبلية والأنفاق المحفورة تحت الأرض و أيضا كأدوات لإخلاء الجرجى ونقل الإمدادات


أخيراً:
وفي النهاية نقول أنه ليس هناك أدنى شك في أن أسلحة وحروب المستقبل ستختلف جذرياً عن حروب الحاضر الأمر الذي يتعين علينا في عالمنا العربي العمل بجدية والاستفادة من العقول العلمية العربية بصنع تكنولوجيات وتقنيات عسكرية متقدمة تساهم مساهمة فاعلة في تطوير المنظومة العسكرية العربية بشكل أفضل لأن الشواهد والدلائل العلمية تؤكد على أن جندي المستقبل سيكون جاهزاً للتغير بصورة كاملة مع بدء إنتاج النماذج الأولية لأنظمة وحروب المستقبل.


المصدر:

مجلة الحرس الوطني السعودي



 
التعديل الأخير:
رد: إسكات العدو

يا عيني عليك .... اذا قمت بالتعمق والبحث اكثر سأفكر جديا بتثبيت الموضوع بعد ان ترتبه بما هو معهود عنك اخي الكريم
تسلم ايدك
 
رد: إسكات العدو

عمر العدو ما راح يسكت مستحيل تمنع الناس عن الكلام, هه هه هه هه هه, عدل عنوان الموضوع.
 
رد: إسكات العدو

في هذا العدد من مجلة الدفاع الجوي هناك عدة مواضيع جميلة عن الأسلحه الآليه والمسيرات عن بعد والليزر وغيرها من الأشياء المتقدمة .....

هذا هو الرابط ومن يعرف كيف يصور الصفحات ويضعها في الموضوع فخير وبركه ...

http://www.rsadf.gov.sa/Pub/Pub_127.pdf
 
رد: إسكات العدو

مقالة عن حروب المستقبل من مجلة الدفاع الجوي السعودي
من الصفحه 34 - 37
http://www.rsadf.gov.sa/Pub/Pub_125.pdf


 
رد: إسكات العدو

اكثر من رائع + تقييييييييم
 
عودة
أعلى