ابتكرتها وطورتها جامعة الملك فهد للبترول
كوريا الجنوبية تحصل على ترخيص لتقنية سعودية لتكرير النفط تجاريا
تعتبر تقنية تكسير النفط الثقيل أول تقنية سعودية تغزو الأسواق العالمية.
عبدالعزيز الفكي من الدمام
رخصت كوريا الجنوبية، تقنية سعودية لتكرير النفط بكميات تجارية تقدر بنحو 76 ألف برميل يوميا من المشتقات النفطية، تنتجها مصفاة تابعة لشركة "إس أويل" الكورية، مستخدمة التقنية التي تم ابتكارها وتطويرها في معامل جامعة الملك فهد للبترول والمعادن.
ونجحت جامعة الملك فهد في تحويل نتائج بحث علمي إلى تقنية تستخدم على مستوى صناعي تدر ملايين الريالات على الاقتصاد الوطني، من خلال ابتكار وتطوير تقنية تحفيزية لتكسير وإنتاج النفط الثقيل نفذها فريق بحثي من الجامعة برئاسة البروفيسور حليم حامد رضوي.
وتعتبر تقنية تكسير النفط الثقيل أول تقنية سعودية تغزو الأسواق العالمية، بعد تجاوزها مراحل التسجيل كبراءة اختراع ثم الترخيص التجاري والنمذجة على مستوى صناعي، ليتم استخدامها في بناء معمل تكرير ضخم يدر ملايين الريالات على الجامعة وشركائها في تحالف تطوير تقنية التحفيز لتكسير وإنتاج النفط الثقيل.
وقال لـ"الاقتصادية" الدكتور سمير البيات؛ المشرف على نقل التقنية والابتكار والريادة في الجامعة، إن تقنية تكسير النفط الثقيل، تعد أول تجربة نجاح لجامعة سعودية تصل بتقنيات تم إنتاجها من خلال البحوث الأساسية، إلى الأسواق العالمية للتقنية المتقدمة.
وأضاف البيات، أنه "رغم وجود قصة نجاح سابقة للجامعة في تحويل مخرجات البحوث في مجال تنقية المياه شديدة التلوث التي تم ترخيصها إلى شركة أمريكية ناجحة، تقوم الآن بإنتاج المياه المنقاة وبكميات شبه تجارية، إلا أن تقنية تكسير النفط الثقيل هي التقنية الأولى التي بدأ استخدامها في الإنتاج بكميات تجارية".
وتابع، "يميز هذه التقنية أنها تطبق في كوريا الجنوبية التي تعتبر من أكثر دول العالم تقدما في تقنيات تكرير النفط وبناء مصافي التكرير، حيث
يعتبر اختراق أسواق التقنية الكورية للتقنية بتقنية تكرير أمراً صعباً للغاية".
وأشار البيات إلى
أن نجاح الجامعة في ترخيص تقنية متقدمة يتم إنتاجها بشكل تجاري كبير يصل إلى 76 ألف برميل يوميا من المشتقات النفطية، مايدر على الجامعة ملايين الدولارات سنويا، واصفاً ذلك
بأنه إنجاز فريد من نوعه على مستوى جامعات المنطقة، كما يعد مؤشرا على
أن الجامعة تجاوزت مرحلة الحصول على براءات اختراع إلى تسويق التقنية وتحويلها إلى مشاريع إنتاج صناعية أو شركات تقنية ناشئة.
وبين، أن الجامعة قامت بتطوير التقنية على مدى 20 عاما، مشيراً إلى أن البداية انطلقت في مختبرات الجامعة، حيث صمم باحثو الجامعة النموذج المخبري للمصفاة الذي لم يتجاوز إنتاجه 0.1 برميل في اليوم، ثم بنت نموذجا تجريبيا خارج الجامعة وصل إنتاجه إلى 30 برميلاً في اليوم.
وأضاف: ولأخذ التقنية إلى مراحل أكثر تقدما أنشأت الجامعة تحالفا مع شركة نيبون اليابانية ونتج عن هذا التحالف بناء نموذج وصل إنتاجه إلى ثلاثة آلاف برميل في اليوم، وتم ترخيص التقنية لشركة أكسنس الفرنسية كحليف جديد.
وقامت شركة أكسنس بتصميم عملية المعالجة المبتكرة، ووصل حجم إنتاج التقنية إلى 30 ألف برميل، وفي نهاية المطاف تم بيع التقنية إلى شركة إس أويل الكورية التي أنشأت معملا ضخما قائما على التقنية وصل إنتاجه إلى 76 ألف برميل في اليوم وصولا إلى 120 ألف برميل في اليوم بنهاية العام الجاري 2015.
وألمح إلى
أن السعودية تولي اهتماما كبيرا بالتحول إلى الاقتصاد المعرفي، معتبرا وصول تقنية سعودية للسوق العالمية مؤشرا مهما لهذا التحول، مشيرا إلى أن الاقتصاد المعرفي يعني أن تحصل على إيرادات مالية بناء على معرفة ومنتجات فكرية، ولا يعني فقط تصنيع منتجات صناعية لأغراض محلية، بل يرتكز على تطوير منتجات تقنية تدر عوائد على الاقتصادات المحلية.
وأشار إلى أنه رغم نجاح الجامعة في السنوات الأخيرة في تصدير التقنيات إلى الأسواق العالمية، إلا أنه لا يزال هناك قصورا في سلسلة الإمداد الابتكاري في السعودية، ويشمل ذلك ثقافة ريادة الأعمال التقنية والاستثمار الجريء والنمذجة والمهارات التسويقية للتقنية، مبيناً أنه رغم قيام الجامعة من خلال منظومتها الابتكارية بالعمل على سد هذه الفجوات إلا أنها لم تنتظر حتى تنجز هذه المهمة، بل قامت بالاستفادة المثلى من خلال تحالفات الجامعة البحثية العالمية للوصول بتقنياتها إلى الأسواق العالمية.
وأضاف، أن صناعة التكرير والبتروكيماويات في السعودية وقفت لسنوات طويلة عند مرحلة معينة، حيث تأخذ المصافي وشركات البتروكيماويات مواد خام وتحولها إلى منتجات أولية تستخدم كلقيم لصناعات أخرى في مناطق أخرى من العالم، أي أن صناعة التكرير والبتروكيماويات في السعودية تقف في مرحلة مبكرة جدا.
واستدرك، أنه مع إنتاج تقنيات تكرير حديثة ترتفع الكفاءة وتزيد الفرص، والذهاب إلى مراحل أبعد في الصناعة، لأن الإمكانيات والفرص الاستثمارية والوظائف في صناعة التكرير والبتروكيماويات أكثر من فرص صناعة الاستخراج، ولذلك سيتم التركيز في وادي الظهران في مرحلته الثانية على استقطاب شركات التكرير والبتروكيماويات.
وأشار إلى
أن وصول التقنيات السعودية إلى الأسواق العالمية، سيشكل نموذجا للتركيز على المشاريع البحثية ذات العلاقة بالاحتياجات الاستراتيجية ذات القيمة المضافة للسعودية.