الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعد .. مما تقرر عند أهل الإسلام أن العلاقة بين اليهود
والنصارى هي علاقة عداوة وصراع وكيد، يشهد بذلك تاريخ الطائفتين الذي لم تجف منه الدماء بعد. وقد حكى الله عن كلا الطائفتين بأنها تقول عن صاحبتها بأنها ليست على شيء: (وقالت اليهود ليست النصارى على شيء وقالت النصارى ليست اليهود على شيء).
إلا أن معظم المسلمين في هذا العصر تفاجأوا عندما رأوا أن تلك العلاقة العدائية قد تبدلت وتغيرت وانقلبت إلى الضد، ليحل محلها التعاون والدعم والتنسيق، ليتوج ذلك كله بقيام دولة لليهود على أرض فلسطين، ليتساءلوا بعدها عن الذي غيَّر الأحوال، ومزج الطائفتين في طائفة واحدة تسعى لأهداف مشتركة.
وفي هذه الرسالة التي بين يديك أيها القارئ إجابة مختصرة عن الأسباب التي غيرت العلاقة بين اليهود والنصارى من عداء إلى محبة ومن كيد إلى تعاون لنعلم كمسلمين شيئاً خفياً عن أعدائنا، وتستبين لنا سبيل المجرمين.
واعلم أن معظم ما جاء في هذه الرسالة هو ملخص من الرسالة القيمة:
(حقيقة العلاقة بين اليهود والنصارى) للأستاذ الفاضل: أحمد محمد زايدمع زيادات مهمة من الرسالة القيمة الأخرى: (دراسات في الأديان: اليهودية والنصرانية) للدكتور سعود الخلف
، وإضافات أخرى، ثم صياغة ذلك بنفس واحد.
أسأل الله أن ينفع بهذا المختصر، وأن يجعله منبهاً للمسلمين بكيد أعدائهم وحقيقة الصراع معهم. وأن ينصر الإسلام وأهله، ويذل الكفر وأهله.
وصلى الله وسلم على نبينا محمد، وآله وصحبه أجمعين
تاريخ اليهود :
نشأ إبراهيم عليه السلام في أرض بابل وما جاورها في بيئة مشركة تعبد الأصنام وقد قص الله تعالى علينا إنكار إبراهيم عليه السلام على قومه شركهم فلما لم يجد منهم استجابة لدعوته هاجر إلى فلسطين وأقام في مدينة نابلس.
-لما حدث قحط وجدب في فلسطين هاجر إبراهيم إلى مصر مع زوجته سارة، وحصلت لهم أحداث كثيرة، ثم أهداه فرعون مصر جارية اسمها هاجر أنجبت له إسماعيل عليه السلام، فأخذها إبراهيم عليه السلام وابنها ووضعهما في مكة. ثم بنى هو وإسماعيل الكعبة –كما هو معلوم-.
-رزق الله إبراهيم ابنه (اسحق) من زوجته سارة. فلما كبر اسحق تزوج وأنجب ولدين هما (عيصو) و(يعقوب) وهو المسمى إسرائيل، وإليه ينتسب بنو إسرائيل .
-ورزق يعقوب باثني عشر ولداً كان أحبهم إليه (يوسف) عليه السلام الذي تآمر عليه إخوته –كما هو معلوم- وألقوه في الجب … الخ القصة المذكورة في سورة يوسف.
-استدعى يوسف أهله إلى مصر بعد أن كانوا يعيشون في فلسطين، فعاش بنو إسرائيل من بعده في مصر.
-لما اشتد أذى الفراعنة لبني إسرائيل في مصر بذبح أبنائهم واستحياء نسائهم بعث الله موسى وأخاه هارون إلى فرعون، وقد قص الله نبأ ما حدث بينهم إلى أن خرج بنو إسرائيل بقيادة موسى عليه السلام من مصر وتبعهم فرعون وجنوده فأهلكهم الله في اليم.
-قدَّر الله على بني إسرائيل أن يتيهوا في الأرض بعد خروجهم من مصر عقاباً لهم لعدم قتالهم الجبابرة المستولين على بيت المقدس، قال سبحانه (…قال فإنها محرمة عليهم أربعين سنة يتيهون في الأرض فلا تأس على القوم الفاسقين)
-في فترة التيه توفي موسى وهارون عليهما السلام فتولى قيادة بني إسرائيل (يوشع بن نون) خليفة موسى عليه السلام. الذي فتح الله على يديه بيت المقدس.
-بعد استقرار بني إسرائيل في فلسطين مر اليهود بثلاثة عهود متتالية:
1- عهد القضاة؛ حيث كانت جميع أسباطهم تحتكم إلى قاضٍ واحد فيما شجر بينهم، واستمر هذا العهد حوالي 400 سنة.
2- عهد الملوك : وهو المذكور بعقوله تعالى (ألم تر إلى الملأ من بني إسرائيل من بعد موسى إذ قالوا لنبي لهم ابعث لنا ملكاً نقاتل في سبيل الله..) فجعل الله عليهم طالوت ملكاً، ثم ملكهم بعده داود، ثم ابنه سليمان عليهما السلام.
3- عهد الانقسام : وهو العهد التالي لسليمان عليه السلام حيث تنازع الأمر بعده ابنه (رحبعام بن سليمان) و(يربعام بن نباط)، فاستقل (رحبعام) بسبط يهوذا وسبط بنيامين وكون دولة سميت بدولة يهوذا نسبة إلى سبط حكامها وهو سبط يهوذا الذي من نسله داود وسليمان عليهما السلام وكانت عاصمتها بيت المقدس.
واستقل يربعام بن نباط ببقية الأسباط (وهي عشرة) وكون دولة إسرائيل شمال فلسطين وعاصمتها نابلس، وهم من يسمون (السامريين) نسبة إلى جبل هناك يسمى شامر .
-كان بين الدولتين عداء بدون قتال.
-سقطت دولة إسرائيل بيد الآشوريين بقيادة ملكهم (سرجون) عام 722 ق.م، وسقطت دولة يهوذا بيد الفراعنة عام 603 ق.م
-في حدود عام 586 ق.م تقريباً أغار (بختنصر) ملك بابل على فلسطين فطرد الفراعنة، ثم دمر دولة يهوذا التي تمردت عليه وأسر عدداً كبيراً من اليهود وأجلاهم إلى بابل بما عرف بـ (السبي البابلي) .
-في سنة 538 ق.م تغلب (كورش) ملك الفرس على البابليين فأطلق سراح اليهود ورجع كثير منهم إلى فلسطين.
-في سنة 135ق.م أخمد الرومان في عهد الحاكم (أدريان) ثورة قام بها اليهود فدمروا البلاد وأخرجوهم، فأصبح اليهود مشتتين في بقاع الأرض. قال سبحانه (وإذ تأذن ربك ليبعثن عليهم إلى يوم القيامة من يسومهم سوء العذاب إن ربك لسريع العقاب وإنه لغفور رحيم وقطعناهم في الأرض أمما…) .
-في زمن سيطرة الرومان على فلسطين بعث الله عيسى عليه السلام رسولاً إلى بني إسرائيل، قال تعالى (ورسولاً إلى بني إسرائيل) فدعاهم لإصلاح فسادهم، فاستجاب له بعض اليهود، وأما الكهنة فقد ناصبوه العداء لأنه كشف خداعهم ومفاسدهم. فانقسم بنو إسرائيل قسمين كما قال تعالى (فآمنت طائفة من بني إسرائيل وكفرت طائفة) فالقسم الأول هم (النصارى) والقسم الثاني هم (اليهود) .
-سعى كهنة اليهود وأحبارهم إلى الحاكم الروماني وأثاروه على عيسى عليه السلام ورغبوه في قتله. فنفذ طلبهم. ولكن الله رفع عيسى عليه السلام إليه وألقى شبهه على غيره فصلبوا الشبيه، قال تعالى (إذ قال الله يا عيسى إني متوفيك ورافعك إليّ) وقال (وقولهم إنا قتلنا المسيح عيسى ابن مريم رسول الله وما قتلوه وما صلبوه ولكن شبه لهم وإن الذين اختلفوا فيه لفي شك منه ما لهم به من علم إلا اتباع الظن وما قتلوه يقينا، بل رفعه الله إليه وكان الله عزيزاً حكيماً) .
مصادر دين اليهود :
1-التوراة أو العهد القديم ويتكون من 39 كتاباً هي أربعة أقسام :
القسم الأول: أسفار موسى وهي خمسة: سفر التكوين، سفر الخروج، سفر اللاويين، سفر العدد، سفر التثنية . وهذه الخمسة يطلق عليها (التوراة) .
القسم الثاني: الأسفار التاريخية وهي اثنا عشر : يوشع والقضاة، راعوث، صموئيل، الملاك، أخبار الأيام، عزرا، نحميا، استير . وينقسم كل من صموئيل والملوك وأخبار الأيام إلى قسمين.
القسم الثالث: الأسفار الشعرية، وهي خمسة: أيوب، مزامير داود، أمثال سليمان، الجامعة من أمثال سليمان، نشيد الأنشاد لسليمان .
القسم الرابع: أسفار الأنبياء، وعددها 17: أشعياء ، إرميا، مراثي إرميا، حزقيال، دانيال، هوشع، يوئيل، عاموس، عوبديا، يونان، ميخا، ناحوم، حبقوق، صفنيا، حجي، زكريا، ملاخي.
2-التلمود: ومعناه "كتاب تعليم ديانة وآداب اليهود" وهو روايات شفوية تناقلها الحاخامات من جيل إلى جيل. جمعها الحاخام (يوضاس) في كتاب سماه (المشنا) أي الشريعة المكررة. ولشرح المشنا كتبت (الجمارا) ومنهما يتكون التلمود.
3-البروتوكولات : وهي مقررات تتلخص فصولها في تدبير الوسائل للسيطرة على السياسة العالمية.
تاريخ النصارى :
-وهم من تبع عيسى عليه السلام من بني إسرائيل –كما سبق-. سموا بذلك لأنهم ناصروه أو نسبة لبلدة (الناصرة) وهي قرية المسيح.
-بعد رفع الله تعالى لعيسى عليه السلام لم تمض بضع سنين حتى اختلف النصارى في المسيح عليه السلام، قال سبحانه (وإن الذين اختلفوا فيه لفي شك منه ما لهم به من علم إلا اتباع الظن).
-في سنة 325م عقد اجتماع بأمر الإمبراطور الروماني قسطنطين الذي اعتنق النصرانية يضم ممثلين لجميع الكنائس المسيحية للفصل في الخلاف في ألوهية المسيح عليه السلام. فخلصوا إلى قرارات من أهمها : إثباتهم ألوهية المسيح! وحرق كل كتاب لا يقول بذلك!
-في سنة 381م عقد المجمع القسطنطيني الأول فقرر ألوهية (روح القدس).
-وبذلك أصبحت العقيدة النصرانية تقوم على هذين العنصرين:
1- التثليث، والإيمان بثلاثة أقانيم.
وقد كفرهم الله بهذا في قوله تعالى (لقد كفر الذين قالوا إن الله ثالث ثلاثة) .
2- صلب المسيح فداء عن الخليقة . وقيامه من قبره ورفعه
مصادر النصارى :
يعتبر الكتاب المقدس بعهديه القديم (التوراة) والجديد (الإنجيل) هو مصدر النصرانية .
أما الإنجيل الذي أنزل على عيسى عليه السلام. والذي قال الله تعالى فيه (وآتيناه الإنجيل فيه هدى ونور ومصدقاً لما بين يديه من التوراة وهدى وموعظة للمتقين) هذا الإنجيل غير موجود اليوم بيد النصارى! ولعل هذا مصداقاً لقوله تعالى (ومن الذين قالوا إنا نصارى أخذنا ميثاقهم فنسوا حظاً مما ذُكروا به) أما الذي بين يدي النصارى اليوم فإنه أربعة أناجيل !
1-إنجيل متى. 2-إنجيل مرقص. 3- إنجيل لوقا. 4-إنجيل يوحنا.
وهذه الأناجيل الأربعة لم ينسب واحد منها إلى المسيح عليه الصلاة والسلام، وإنما هي منسوبة إلى هؤلاء الأشخاص الذي يزعم النصارى أن اثنين منهم (متى ويوحنا) من الحواريين.
وهذه الأناجيل تحتوي على تاريخ لعيسى عليه السلام؛ حيث ذكر فيها ولادته ثم تنقلاته في الدعوة ثم نهايته بصلبه (كما يزعمون) ثم قيامه وصعوده إلى السماء. كما تحتوي على مواعظه وخطبه ومجادلاته مع اليهود، ومعجزاته .
فهذه الأناجيل أشبه ما تكون بكتب السيرة إلا أن بينها اختلافات ليست بقليلة، وبعضها اختلافات جوهرية لا يمكن التوفيق بينها إلا بالتعسف.
إضافة إلى أن هذه الأناجيل الأربعة لم تعرف إلا في زمن متأخر بعد رفع المسيح عليه السلام حوالي (166-170م) حيث لم يُشر إليها أحد من المتقدمين من النصارى .
فرق النصارى:
1-الكاثوليك: وهم أتباع البابا في روما وأهم ما يتميزون به هو:
1- قولهم بأن الروح القدس انبثق من الأب والابن معا .
2- يبيحون أكل الدم والمخنوق .
3- أن البابا في الفاتيكان هو الرئيس العام على جميع الكنائس الكاثوليكية.
4- تحريم الطلاق بتاتاً حتى في حالة الزنا.
والكاثوليك هم أكثر الأوربيين الغربيين وشعوب أمريكا الجنوبية وتُسمى كنيستهم الكنيسة الغربية.
2-الأرثوذكس : وهم النصارى الشرقيون الذين تبعوا الكنيسة الشرقية في القسطنطينية
وأهم ما يتميزون به هو:
1- أن الروح القدس انبثق عندهم من الأب فقط .
2- تحريم الطلاق إلا في حالة الزنا فإنه يجوز عندهم .
3- لا يجتمعون تحت لواء رئيس واحد بل كل كنيسة مستقلة بنفسها.
وهذا المذهب منتشر في أوربا الشرقية وروسيا والبلاد العربية؛ كمصر .
3-البروتستانت: ويسمون: "الإنجيليين"، وهم أتباع مارتن لوثر الذي ظهر في أوائل القرن السادس عشر الميلادي في ألمانيا وكان ينادي بإصلاح الكنيسة وتخليصها من الفساد الذي صار صبغةً لها –كما سيأتي إن شاء الله-.
وأهم ما يتميز به أتباع هذه النحلة هو:
1- أن صكوك الغفران دجل وكذب وأن الخطايا والذنوب لا تغفر إلا بالندم والتوبة.
2- أن لكل أحد الحق في فهم الإنجيل وقراءته وليس وقفاً على الكنيسة.
3- تحريم الصور والتماثيل في الكنائس باعتبارها مظهراً من مظاهر الوثنية.
4- منع الرهبنة.
5- أن العشاء الرباني تذكار لما حل بالمسيح من الصلب في زعمهم، وأنكروا أن يتحول الخبز والخمر إلى لحم ودم المسيح عليه السلام.
6- ليس لكنائسهم رئيس عام يتبعون قوله.
وهذه النحلة تنتشر في ألمانيا وبريطانيا وكثير من بلاد أوربا وأمريكا الشمالية.
موقف اليهود من عيسى عليه السلام:
1-الطعن في مولده عليه السلام : لأنه مولود من أم دون أب. وهذا الأمر ليس بغريب على اليهود الذي تطاولوا على الخالق –جل وعلا-.
2-الكفر بدعوته ونبوته، وإنكار معجزاته.
3-التآمر على قتله وصلبه. إلا أن الله رفعه وألقى شبهه على غيره –كما قرر ذلك القرآن الكريم-.
موقف اليهود من أتباع عيسى عليه السلام :
بعد أن رفع الله عيسى عليه السلام استمر اليهود في الكيد لأتباعه وتعقبهم والتآمر عليهم. وقد حفظ التاريخ عدداً من تلك المؤامرات والمكايد، من أشهرها قصة أصحاب الأخدود التي قصها الله علينا في القرآن، وهي تحكي مقتل آلاف النصارى حرقاً على يد اليهودي (ذي نواس) سنة 524م في نجران .
ولقد كان اليهود إلى وقت قريب يقولون: "يجب على اليهود السعي الدائم لغش المسيحيين".، ويقولون: "من يفعل خيراً للمسيحيين فلن يقوم من قبره قط".
موقف النصارى من اليهود :
بعد أن دارت الدائرة على اليهود وأصبحوا مشردين في الأرض تسلط النصارى عليهم وانتقموا منهم في حوادث كثيرة سجلها التاريخ، من ذلك أن القدس لما سقطت بأيدي الحملة الصليبية قام النصارى بإحراق اليهود في معابدهم، ومن ذلك طردهم المتكرر من بلاد أوربا، إلى غير ذلك من الحوادث التي من آخرها ما قام به هتلر من حرق اليهود وطردهم لما علم خطرهم ومكرهم. ولقد كان النصارى إلى وقت قريب يقولون : "يعتبر اليهود خطراً على جميع شعوب العالم، وخاصة الشعوب المسيحية"ويقولون: "يتضمن التلمود كل الكفر والإلحاد والخسة".وقد قال الله تعالى عن الطائفتين (وقالت اليهود ليست النصارى على شيء وقالت النصارى ليست اليهود على شيء)
أما عداوة الطائفتين للإسلام وأهله فهي لا تخفى على مسلم منذ أن بعث الله محمداً صلى الله عليه وسلم .
كيف انقلبت العداوة إلى صداقة وتعاون ؟ !
علمنا –سابقاً- أن العلاقة بين اليهود والنصارى كانت إلى وقت قريب علاقة عداء وصراع وانتقام متبادل. فما الذي تغير حتى أصبحنا نرى كثيراً من النصارى اليوم (وعلى رأسهم أمريكا وبريطانيا) يتعاونون مع اليهود ويمدونهم بألوان المساعدات المتنوعة ويمكنونهم من الاستيلاء على فلسطين كما هو مشاهد؟!
-كانت الكنيسة قبل حركة الإصلاح الديني تمارس تسلطاً على رقاب النصارى وتكبت حرياتهم وتفرض آراءها عليهم ولو كانت مخالفة للعلم، وتنتقم ممن يخالف تعاليمها ولو كان نابغاً بالحرق أو القتل .
-وزاد من تسلطها أنها استأثرت بفهم الكتاب المقدس وتفسيره دون سائر النصارى، وما على الآخرين إلا قبول آرائها وتفسيراتها دون نقاش .
-وبلغ انحرافها مبلغه عندما أصدرت (صكوك الغفران) للمذنبين! يشتريها المذنب من الكنيسة ليضمن بعدها أنه مغفور له من الله! تعالى الله عن قولهم.
-لما كان الحال هكذا اشتدت الحاجة إلى حركة إصلاحية تقف في طريق هذه الانحرافات الكنسية . وكانت هذه الحركة بقيادة (مارتن لوثر) المولود في ألمانيا عام 1482م، وكان قسيساً وأستاذاً لعلم اللاهوت .
-قام لوثر بثورته أو احتجاجه لإقرار هذه المبادئ:
1- جعل الكتاب المقدس المصدر الوحيد للمسيحية، ورد كل ما جاء عن البابوات .
2- من حق كل مسيحي أن يقرأ الكتاب المقدس وأن يفسره.
3- عدم اعترافه بنظام (البابوية) .
4- مطالبته بزواج القساوسة .
5- عدم إيمانه بالأسرار الكنسية المزعومة؛ كمسألة الاستحالة .
-هذه أبرز مطالب الحركة الاحتجاجية أو الإصلاحية بقيادة (لوثر) والتي سميت في ما بعد بـ(البروتستانت). ويلاحظ أنها ركزت على تغييرات شكلية لم تكن هي السبب في انحراف الكنيسة، وأبقت على جذور الانحراف والضلال من تحريف الكتاب المقدس، والصلب، والتثليث، وغير ذلك. فكانت ثورة شكلية انتفع منها اليهود –كما سيأتي- ولم ينتفع منها النصارى.
-بعد قيام هذه الحركة الإصلاحية لقيت الاضطهاد والتضييق من الكنيسة (الكاثوليكية) مصداقاً لقوله تعالى (ومن الذين قالوا إنا نصارى أخذنا ميثاقهم فنسوا حظاً مما ذكروا به فأغرينا بينهم العداوة والبغضاء إلى يوم القيامة)
-كان لحركة الإصلاح الديني "البروتستانتية" أثر كبير في إحداث تغيير في طبيعة العلاقة بين اليهود والنصارى، يتبين ذلك مما يلي :
أولاً: كان النصارى –جميعهم- قبل عصر الإصلاح الديني بقيادة البابا يعادون اليهود ويقودون حملات التطهير والإبادة ضدهم ما استطاعوا إلى ذلك سبيلاً.
ثانياً: "حافظت الكنيسة الكاثوليكية –إلى عهد قريب- على موقف ثابت من المسألة اليهودية يقوم على رفض التصالح مع اليهود إلا إذا اعترفوا بالمسيح واعتنقوا النصرانية" .ثالثاً: "لم يكن في الفكر الكاثوليكي التقليدي قبل عهد الإصلاح الديني أدنى مكان لاحتمال العودة اليهودية إلى فلسطين، أو لأية فكرة عن وجود الأمة اليهودية، وكان القساوسة يرفضون التفسير الحرفي للتوراة ويفضلون تفسيرات لاهوتية أخرى وبخاصة المجازية التي أصبحت الأسلوب الرسمي للتفسير التوراتي".
ومن هنا وعلى ضوء مفاهيم العهد الجديد أخذت كل التنبؤات والوعود المتعلقة باليهودية اتجاهاً تفسيرياً جديداً استبعد أي تدخل بشري أو عمل سياسي يقضي أو يفضي إلى عودة اليهود إلى فلسطين وإقامة دولة لليهود بها"
يضاف إلى ذلك أن العهد القديم كان "حتى أواخر القرن الرابع عشر حبيس الأديرة والصوامع لا يطلع عليه إلا قلة من رجال الإكليروس الذين يعرفون العبرية واللاتينية". -إذاً فاليهود في نظر المسيحيين –على ضوء ما سبق- مارقون كفار يجب اضطهادهم. وفسرت وعودهم على ضوء العهد الجديد بأسلوب يسلبهم كل حق، وكتابهم حبيس ولغتهم مندرسة.
هذا هو وضع اليهود كشعب وكتاب ووعود ولغة قبل حركات الإصلاح. ثم جاء البروتستانتية "حركة الإصلاح" فشكلت مسار التغيير في كل ما سبق فانقلبت الأمور إلى اتجاه معاكس تماماً لما كانت عليه المسيحية قبل عصور الإصلاح الديني.
فحصل اليهود من حركة الإصلاح الديني على ما لم يكونوا يحلمون به حيث "إن رياح التغيير في الموقف المسيحي تجاه اليهود بدأت تهب منذ ظهور الحركة الإصلاحية البروتستانتية في القرن السادس عشر، حين أطاحت هذه الحركة بحق الكنيسة في احتكار تفسير الكتاب المقدس وتحديد الرؤية المسيحية الفكرية، وبذلك تم إحياء النص التوراتي وبدأ التفسير الحرفي للنصوص المتعلقة باليهود يحل محل التأويلات والتفسيرات التي تبنتها الكنيسة الكاثوليكية الأم، وبدأت النظرة إلى اليهود تتغير تدريجياً" اعتمد هذا التغير على المبدأ الذي نادى به لوثر وهو إلغاء احتكار الكنيسة ورجال الدين حق تفسير الكتاب المقدس، ودعوته الشعب أن يتعامل مباشرة مع الكتاب وجعله المصدر الوحيد للمسيحية باعتباره مصدر المسيحية النقية.
وبذلك "جاءت البروتستانتية بفكرة إقامة الحقيقة الدينية على أساس الفهم الشخصي دون فرض قيود على التفسيرات التوراتية، فكان كل بروتستانتي حراً في دراسة الكتاب المقدس واستنتاج معنى النصوص التوراتية بشكل فردي، وهكذا فتح الباب للبدع في اللاهوت المسيحي وأصبح التأويل الحرفي البسيط هو الأسلوب الجديد في التفسير بعد أن هجر المصلحون البروتستانت الأساليب التقليدية الرمزية والمجازية" ولما اعتمد البروتستانت على الكتاب المقدس (العهد القديم كأصل) وآمنوا بوجوب التعامل الفردي المباشر مع نصوصه تاركين الأساليب المجازية التقليدية في تفسير هذه النصوص كان أول ما يفتحونه العهد القديم فتقع أعينهم على التنبؤات والوعود اليهودية فيفهمونها بحرفيتها دون تأويل ويعتقدون مضمونها .
وقد تولدت عن هذا نظرة جديدة عن اليهود حاضراً وماضياً ومستقبلاً ونتج ما يلي
:1-"أصبح العهد القديم المرجع الأعلى لفهم العقيدة المسيحية وبلورتها".
2-"اعتبرت اللغة العبرية –باعتبارها اللغة التي أوحى بها الله، واللسان المقدس الذي خاطب به شعبه المختار –هي اللغة المعتمدة للدراسة الدينية". إن هاتين النتيجتين اللتين أفرزتهما حركة الإصلاح تعدان نقلة ذات أهمية في تاريخ اليهود، كما تعد نقلة ذات أهمية أيضاً في تاريخ العلاقة بين الطائفتين.
فالعهد القديم الذي ظل حبيس الأديرة والصوامع لا يطلع عليه أحد إلا القليل أصبح على يد البروتستانت المرجع الأعلى للنصارى فيما يخص اليهود بل في فهم العهد الجديد. واللغة العبرية التي اعتبرت "الأساطير الكاثوليكية التقليدية أن دراستها تسلية الهراطقة وكان تعلمها في نظر الكثيرين بدعة يهودية، واتخذت خطوات عنيفة لاجتثاثها" هذه اللغة أصبحت بعد حركة الإصلاح جزءاً من الثقافة الأوربية "فقد أصبح العالم يتقن اللاتينية واليونانية والعبرية وأصبحت العبرية جزءاً من المنهج الدراسي اللاهوتي، وفي نهاية القرن السادس عشر أخذت الحروف العبرية تستعمل في الطباعة، وانكب المسيحيون العاديون ورجال الدين على دراسة أدب الأحبار، وأعجب المسيحيون أيما إعجاب بالعبرية واقترن في أذهان كثير من المجموعات والفرق البروتستانتية مع إعجابهم بالعبرية إعجابهم بالمبادئ والقيم اليهودية.
وتسربت الروح العبرية اليهودية إلى الفنون والآداب فكان الفنانون يرسمون ويحفرون مناظر من الكتاب المقدس، وحلت قصص وتفسيرات العهد القديم محل المسرحيات التي كانت تمثل حياة القديسين، وأصبحت شخصيات العهد القديم كأبسالوم وإيستر ويوحنا وجوزيفوس وغيرهم تبدو على أنها شخصيات تحتذى في أخلاقها".
وهكذا تسربت الأدبيات اليهودية إلى صميم العقيدة والفكر المسيحي وكانت هذه الأدبيات تدور حول أمور ثلاثة:
"الأمر الأول:هو أن اليهود هم شعب الله المختار، وأنهم يكونون بذلك الأمة المفضلة على كل الأمم
الأمر الثاني: هو أن ثمة ميثاقاً إلـهياً يربط اليهود بالأرض المقدسة في فلسطين، وأن هذا الميثاق الذي أعطاه الله لإبراهيم عليه السلام هو ميثاق سرمدي حتى قيام الساعة.
الأمر الثالث: هو ربط الإيمان المسيحي بعودة السيد المسيح بقيام دولة صهيون، أي بإعادة وتجميع اليهود في فلسطين حتى يظهر المسيح فيهمhttp://islamtoday.net/bohooth/artshow-86-1209.htm#1.
وآمن النصارى البروتستانت أن مساعدة اليهود لتحقيق هذه الغاية –وقيام دولة صهيون- أمر يريده الله لأنه يعجل بمجيء المسيح الذي يحمل معه الخلاص والسلام، وساد الاعتقاد أن النصارى المخلصين سوف يعيشون مع المسيح في فلسطين ألف سنة في رغد وسلام قبل يوم القيامة طبقاً لبعض التفسيرات الحرفية لسفر رؤيا يوحنا اللاهوتي.
وهكذا ظهر اتجاه جديد في المسيحية يحيي الهالة التي أضفتها التوراة على بني إسرائيل، ويوجب على المسيحيين التدخل البشري لتحقيق وعود يهودية واردة في التوراة، كما قام هذا الاتجاه الهائل بدعم اليهود والدعوة إلى قيام كيان لهم في فلسطين، كما تزعم هذا الاتجاه حركة الدعوة لانبعاث اليهود وتسفيه التحقير المسيحي لليهودية والمطالبة بضرورة رفع الظلم والاضطهاد عن هذا الشعب المختار وفقاً للإيمان الحرفي بالكتاب المقدس.
-وجد اليهود في هذه الفرصة من يناصرهم ويدعو إلى قضاياهم ويتحالف معهم بعد أن كانوا مضطهدين .
-إن الأدبيات التي تسربت إلى العقيدة المسيحية يصح أن نطلق عليها تهويداً للمسيحية أو بعثاً لليهودية والعبرية. وإن المحاور الثلاثة التي تدور حولها هذه الأدبيات والمذكورة قبل قليل: لهي اليوم "قاعدة الصهيونية المسيحية التي تربط الدين بالقومية، والتي تسخر الاعتقاد الديني المسيحي لتحقيق مكاسب يهودية"
وهكذا ولدت الصهيونية في أحضان البروتستانتية قبل هرتزل بثلاثة قرون "وكانت أنشودة مسيحية قبل أن تصبح حركة سياسية يهودية كما قال "كينين" أحد أبرز القيادات الصهيونية اليهودية الأمريكية في كتابه (خط الدفاع الإسرائيلي)، وإن أول من رفع شعار "فلسطين أرض بلا شعب لشعب بلا أرض" هم أصوليون مسيحيون، وإن المسيحية اليهودية هي التي مهدت لظهور الصهيونية اليهودية ودعمتها لتنفيذ المشروع الاستيطاني فوق أرض فلسطين، وهي التي خلقت تياراً شعبياً قوياً ينحاز دائماً إلى الحركة الصهيونية ويضغط دائماً على مؤسساته الرسمية لتمنحها الدعم والمساندة وتحقيقاً لأهدافها العدوانية التوسعية .
-لقد كان هؤلاء المسيحيون الجدد يعتقدون أن هناك ثلاث إشارات يجب أن تسبق عودة المسيح: "الإشارة الأولى هي قيام إسرائيل، وقد قامت إسرائيل في العام 1948م. ولذلك اعتبر الصهيونيون المسيحيون في الولايات المتحدة هذا الحدث أعظم حدث في التاريخ لأنه جاء مصدقاً للنبوءة الدينية.
الإشارة الثانية هي احتلال مدينة القدس، ولقد احتلت إسرائيل القدس في العام 1967 التي ينظر الإنجيليون من الصهيونيين المسيحيين على أنها المدينة التي سيمارس المسيح حكم العالم منها بعد قدومه الثاني المنتظر. ولذلك تضغط الكنائس الصهيونية المسيحية في الولايات المتحدة من أجل الاعتراف بالقدس عاصمة موحدة وأبدية لإسرائيل. ولقد تجاوب مجلسا الشيوخ والنواب مع هذه الضغوط في إبريل – نيسان 1990.
الإشارة الثالثة هي إعادة بناء هيكل سليمان على أنقاض المسجد الأقصى. ولقد وضعت خريطة الهيكل الجديد، فيما تتواصل الحفريات تحت المسجد بحجة البحث عن آثار يهودية مطمورة. وفي الوقت نفسه يتم إعداد وتدريب كهان الهيكل في معهد خاص بالقدس. أما الأموال اللازمة فقد جمع معظمها وأودع في حساب خاص باسم مشروع بناء الهيكل.
ويزعم هؤلاء أنه بعد اكتمال المشروع، ستقع هرمجدون التي يظهر المسيح فوقها مباشرة وسيرفع إليه بالجسد المؤمنين به ليحكم العالم من القدس مدة ألف عام تقوم بعدها القيامة.
-مما سبق يتضح لنا كيف كان لحركة الإصلاح الديني الدور الأكبر والأساسي لتحويل مسار العلاقة بين اليهود والنصارى من صراع دموي إلى تحالف استراتيجي آثم اعتُبر المسلمون في نظره –رغم إيمانهم بالمسيح- أعداءً للمسيحية، وانقلبت النظرة بالنسبة لليهود الذين حاربوا المسيح وكذبوه وصلبوه –كما زعموا- فأصبحوا هم الحلفاء والأصدقاء والسادة!! والعجيب أن تنتشر هذه الدعوة في دول عديدة من دول أوربا على رأسها إنجلترا التي أخذت على عاتقها مناصرة اليهود من خلال معتقداتها الإصلاحية الأصولية المسيحية اليهودية.
-ولما كانت حركة الإصلاح تخالف ما عليه الكنيسة الكاثوليكية فقد نالها من التضييق والاضطهاد الكثير والكثير.
فقد دعا "البابا ليو العاشر، مارتن لوثر إلى روما في 7 يوليو سنة 1518م فلم يلب الدعوة وردّ على نائبه رداً شديداً قاسياً ونشر أن البابا ليس معصوماً وأن الكتاب المقدس وحده هو القاعدة الحقيقية للتعليم المسيحي
ثم دعاه البابا ثانية إلى روما فلم يجب فبادر إلى حرمانه فأحرق لوثر قرار الحرمان فكان قرار مجمع ودمن سنة 1521م بطرد لوثر وإهدار دمه وحرم قراءة كتاباته وإحراقها، ثم لما التف الناس حوله قرر المجمع إلغاء ما سبق". وإذا كان لوثر قد نجا بعض الشيء من هجمات الكاثوليك فإن أتباعه لم يسلموا من صراع دموي رهيب.اضطرهم في كثير من الأحيان إلى الهجرة خارج أماكن الصراع هرباً بمعتقداتهم من الفتنة. "وإذا كانت محاكم التفتيش في الأندلس قد دفعت باليهود إلى أوربا هرباً بدينهم فإن الصراع الديني في أوربا حمل مطلع القرن السابع عشر المتهودين الجدد إلى العالم الجديد". أمريكا التي اكتشفت سنة 1492م.
وكان لهجرة البروتستانت آثار مباشرة وواضحة في بلورة الشخصية الأمريكية بالصورة التي نراها عليه اليوم .
-وهكذا انتشرت "البروتستانتية" في أوربا وأمريكا وعلى إثر ذلك تشكلت أكبر قوة معادية للإسلام بدت في أشكال تحالفية ضد الدين الحق ساعية إلى تحقيق وعود مفتراة غير عابئة بقيم أو أخلاق أو إنسانية.
-إذاً فقد أصبح على رأس سياسات الدول البروتستانتية (وفي مقدمتها أمريكا وبريطانيا) دعم قيام دولة لليهود على أرض فلسطين، فلهذا انهالت المساعدات المتنوعة لأجل ذلك حتى تحقق ذلك بعد وعد بلفور الشهير وزير خارجية بريطانيا، عام 1917م، ولم تقف بريطانيا عند حدود الكلام والوعود، بل شرعت في التنفيذ عملياً، وذلك بمساعدة عصبة الأمم، وما فرضته من انتداب على فلسطين وتسهيل هجرة اليهود إليها ثم تمكينهم من إحكام قبضتهم عليها وتسليمها لهم، وأوربا تعلم ذلك كله وتباركه، ووقفت بريطانيا محتضنة للصهيونية نظرياً حيث تعهدتها منذ بذرتها الأولى، وعملياً حتى تسليمها لليهود أرض فلسطين بعد إنهاء الانتداب في 14 مايو 1948م ليعلن عن قيام دولة إسرائيل في 15 من نفس الشهر.، من أجل ذلك فلا عجب "إذا اختار حاييم وايزمان" وهو يهودي ومن بريطانيا وشغل منصب أول رئيس لدولة إسرائيل بعد قيامها في 1948م- لا نعجب إذا اختار وايزمان لندن مقراً للصهيونية العالمية، دون أن تعترض عليه أي دائرة سياسية بريطانية".
ولا نعجب أيضاً إذا سمعنا هرتزل يقول: "إنني لأول لحظة انضممت فيها إلى الحركة الصهيونية اتجهت عيناي إلى إنجلترا، لأنني رأيت بسبب الأحوال العامة أن في إنجلترا نقطة الارتكاز التي يمكن أن تتحرك عليها الرافعة". .
-ومع أن إنجلترا كانت أول الدول وأشدها حماسة للصهيونية نظرياً وعملياً إلا أن دولاً أوربية كثيرة لم تكن أقل حماساً من بريطانيا. ففرنسا مثلاً كانت من "أول من طرح بشكل جدي فكرة توطين اليهود في فلسطين. فقد أعدت حكومة الإدارة الفرنسية 1798 خطة سرية لإقامة "كومنولث يهودي في فلسطين" حال نجاح الحملة الفرنسية في احتلال مصر والمشرق العربي بما فيه فلسطين"..
أما أمريكا (البروتستانتية) فإنها فاقت بريطانيا ودول أوربا في دعمها لليهود منذ قيام دولتهم، وهذا لم يعد يخفى على أحد، وإليك شيئاً مما قام أو صرح به رؤساؤها لتزداد يقيناً بذلك
:1-الرئيس جيفرسون: الذي بلغ من تأثير الصهيونية المسيحية فيه حداً كبيراً اقترح فيه اتخاذ رمز لأمريكا يمثل أبناء إسرائيل تظلهم غيمة في النهار، وعمود من نور في الليل بدلاً من شعار النسر (32)، وذلك توافقاً مع ما تتضمنه الآية 12 من الإصحاح 13 الواردة في سفر الخروج: كان الرب يسير أمامهم خلال النهار في عمود من السحاب ليهديهم الطريق، ويسير أمامهم خلال الليل في عمود من نار ليضيء لهم".
2-ودور ويلسون: "حاكم أمريكا أثناء الحرب العالمية الأولى من عام 1912م ومروراً بسنوات حكمه كان يقدر اليهود، ويعلي من شأنهم وليس أدل على ذلك من جعله "برنارد باروخ" وهو يهودي مستشاره للشؤون الاقتصادية، وجعله اليهودي "لويس برانديس" مستشاراً قضائياً، بل جعله رئيساً للمحكمة الأمريكية العليا. وفي الوقت نفسه يرفض ويلسون المستر "تافت" رئيس الجمهورية السابق في هذا المنصب الخطير ويرشح هذا اليهودي
ولما زار بلفور الولايات المتحدة في 20 إبريل 1917م وعده ويلسون حينذاك بتقديم كل عون لليهود، بل إن بلفور طلب من "برانديس" أن يكون على اتصال دائم مع حاييم وايزمان لتنسيق الخطوات في شأن إقامة إسرائيل- كل ذلك على علم من ويلسون.
وبعث ويلسون رسالة رسمية لزعيم الصهيونية الأمريكية الحاخام "ستيفن وايز" مصدقاً بشكل رسمي على وعد بلفوروأعلن لكثير من زعماء اليهود تأييده لوعد بلفور، ولم يكن هذا كله بضغط من اليهود المحيطين بالرئيس، إنه بروتستانتي "ينحدر من أبوين ينتميان للكنيسة المشيخية وقد نشأ على التعاليم البروتستانتية الأمريكية التي كانت تؤمن بالأسطورة الصهيونية" حتى قال عن نفسه: "إنه يجب على ابن راعي الكنيسة أن يكون قادراً على المساعدة لإعادة الأرض المقدسة لشعبها اليهودي" واعتبر ويلسون وحكومته واضعي حجر الأساس للدولة اليهودية نظراً لما قدمه في هذا السبيل.
وخلف ويلسون ثلاثة:
وارن هاردبخ وهو صهيوني مسيحي قال في أحد تصريحاته في يونيو 1921م: "يستحيل على من يدرس خدمات الشعب اليهودي ألا يعتقد أنهم سيعادون يوماً إلى وطنهم القومي التاريخي" كما صرح بتأييده الشديد لصندوق اكتشاف فلسطين
وجاء كالفن كولدج وهربرت هوفر وأكدا تعاطفهما مع الشعب اليهودي وأحقيته في أرض الميعاد كما أكدا إعجابهما الشديد بدور الحركة الصهيونية في تأهيل فلسطين لاستيعاب الهجرات اليهودية.
3-فرانكلين روزفلت: الذي جاء وعبر عن صهيونيته فاتخذت في عهده نجمة داود وسليمان شعاراً رسمياً لدوائر البريد وللخوذ التي يلبسها الجنود في الفرقة السادسة، وعلى أختام البحرية الأمريكية، وعلى طبعة الدولار الجديد، وميدالية رئيس الجمهورية، وخفراء الشرطة في شيكاغو، وشارة الصدر التي يضعها العمدة في كثير من المناطق.
4-هاري ترومان: الذي فتح أبواب فلسطين لمائة ألف يهودي وطالب بزيادة عدد المهاجرين حتى وصلت الأعداد في عهده إلى 1500 يهودي شهرياً استمرت شهوراً طويلة، وتمت الموافقة الأمريكية بأمر ترومان على تقسيم فلسطين، ومنح اليهود بجهوده 56% منهاوكانت أمريكا أول دولة تعترف بإسرائيل في العالم حتى قبل أن تطلب إسرائيل من ترومان الاعتراف بشكل رسمي. ولا نعجب فترومان "كان قد درس التوراة على نفسه وكان يؤمن بالتبرير التاريخي لوطن قومي لليهود، وكان كبروتستانتي يحس بشيء عميق له مغزاه في فكرة البعث اليهودي، وكان معروفاً بحبه للفقرة التوراتية الواردة بالمزمار "137" والتي تبدأ "لقد جلسنا على أنهار بابل وأخذنا نبكي حين تذكرنا صهيون" .
ولقد اعترف ترومان أنه ما من مرة قرأ فيها قصة إنزال الوصايا العشر في سيناء إلا وشعر بوخز خفيف يسري في عروقه. ولقد صرح بأن "موسى تلقى المبدأ الأساسي لقانون هذه الأمة على جبل سيناء" كما صرح مراراً بأن كتابه المفضل هو التلمود
5-الجنرال إيزنهاور: كان عضواً مؤازراً لجمعية "بناي برث" اليهودية وصديقاً لجماعة "شهود يهوه" الإرهابية وشارك في جميع خطط جمع التبرعات لليهود، قال إيزنهاور: إن إسرائيل ولدت بعد الحرب الثانية وإنها قامت لتعيش مع غيرها من الدول التي اقترنت مصالح الولايات المتحدة بقيامها
6-جون كنيدي:من تصريحاته "إن أمريكا التزمت التزامات صريحة بحماية إسرائيل ومن مصلحتنا نحن الأمريكيين تنفيذ ما التزمنا به"http://islamtoday.net/bohooth/artshow-86-1209.htm#1.وقال أمام المنظمة الصهيونية الأمريكية بعد أن تكلم عن قيام دولة إسرائيل وأنها لم تولد لتختفي: "كان ترومان أول من اعترف بإسرائيل وسأواصل أنا السير في هذا الطريق". كان كنيدي "يؤمن بأن يهوه هو الذي يحمي الولايات المتحدة ويسهر على أمنها".
7-ريتشارد نيكسون:وهو أكثر الرؤساء الأمريكان فكراً وتنظيراً، وهو أصولي إنجيلي كان يقول: "لقد أمرت في حرب 1973م ببدء جسر جوي ضخم للمعدات والمواد التي مكنت إسرائيل من وقف تقدم سوريا ومصر على جبهتين.. إن التزامنا ببقاء إسرائيل التزام عميق فنحن لسنا حلفاء رسميين، وإنما يربطنا معاً شيء أقوى من أي قصاصة ورق، إنه التزام معنوي، إنه التزام لم يخل به أي رئيس في الماضي أبداً وسيفي به كل رئيس في المستقبل بإخلاص، إن أمريكا لن تسمح أبداً لأعداء إسرائيل الذين أقسموا على النيل منها بتحقيق هدفهم في تدميرها"http://islamtoday.net/bohooth/artshow-86-1209.htm#1.
8-جيمي كارتر:في معركة انتخابية رئاسية بين كارتر وريجان والثالث أندرسون تبارى الثلاثة في إعلان التأييد المطلق لليهود. فلما اتهم ريجان منافسه كارتر بأنه يرفض وصف منظمة التحرير الفلسطينية بأنها منظمة إرهابية، هرول كارتر ليعلن أمام المؤتمر اليهودي "إن شيئاً لن يؤثر على التزام بلاده نحو إسرائيل، وإن القدس يجب أن تبقى موحدة إلى الأبد" وأخذ يتفاخر بما قدمه من مساعدات لإسرائيل خلال فترة رئاسته استجلاباً لرضا أسياده وتمشياً وإعلاناً لما يؤمن به
وقال أمام الكنيست الإسرائيلي في مارس 1979م وكان يعمل على إقرار معاهدة الصلح بين مصر وإسرائيل: "لقد أقام كلاً من إسرائيل والولايات المتحدة الأمريكية مهاجرون روّاد، ثم إننا نتقاسم معكم تراث التوراة"
وكارتر مهندس السلام بين مصر وإسرائيل.
9-ثم جاء ريجان إلى البيت الأبيض "وأكد أكثر من إحدى عشرة مرة أنه يؤمن بنبوءات التوراة ومنها معركة هرمجدون"
10-وجاء بوش الأب الذي عمل بكل قوة في مسار الصهيونية وقام عملياً بما لم يقم به رئيس قبله:
فقد سهل هجرة اليهود السوفيت التي بلغت ذروتها ما بين عام 1989م إلى 1991م وقدم المساعدات المالية لإسرائيل وقال: إن بلاده قدّمت مساعدات مالية وعسكرية بلغت 4.4مليارات دولار، وبذل 10 مليارات دولار لتوطين اليهود السوفيت في فلسطين الذين جاؤوا إليها بضغوط كبيرة من بوش. وحرب الخليج وما تم فيها ثم ما ترتب عليها، ما هي إلا نموذج من أعمال بوش الإجرامية، ثم مؤتمر مدريد وفرض ما يسمى بالسلام العربي الإسرائيلي، إن الأدوار التي قام بها بوش نقلت العالم نقلة هائلة، أو نقول غيرت تغييرات هائلة في كثير من الأحداث خاصة على الصعيد العربي الإسرائيلي.
11-وجاء كلينتون وأعلن عن اتجاهه الصهيوني فقرب اليهود، حتى إن مجلس الأمن القومي فيه 7 من اليهود من 11 عضواً بالإضافة إلى مناصب أخرى حشر فيها اليهود وقربه
وكلينتون صاحب شعار "لن نخذل إسرائيل أبداً".
12-ثم جاء بوش الابن فأكمل المسيرة في دعم اليهود كما هو مشاهد. واستغل أحداث سبتمبر في شن حملة واسعة النطاق على المسلمين بدعوى محاربة الإرهاب!
نسأل الله أن يرد كيده وأعوانه في نحورهم.
-وهكذا فإنه على مستوى القمة لا يأتي رئيس أمريكي إلا ويترجم عن صهيونيته الإنجيلية بمناصرة اليهود والعمل على حماية أمن إسرائيل، وما ذلك إلا تأكيداً على إيمانهم بنبوءات العهد القديم وما فيه من عود يهودية
ولم يقتصر هذا الاتجاه الديني الصهيوني على رجال القمة بل كان اتجاهاً عاماً يؤمن به رجال السياسة الأمريكيون.
واجب المسلمين .. حكومات وشعوباً:
أما الحكومات الإسلامية فإن الواجب عليها :
1- أن تعلم أن الصراع في قضية فلسطين هو صراع عقدي، وأن الدول النصرانية تدعم اليهود من خلال قناعات دينية لن تتزحزح عنها وما دام عدوك يحاربك بعقيدته ألا تحاربه بعقيدتك ؟! .
2- أن تراجع تلك الحكومات دينها، وأن تعلم –علم اليقين- أن لا عزة لها بين الأمم إلا بالتمسك به وتحكيمه، وأما بغير ذلك فما هو إلا الذل والهوان وتسلط الأمم عليها .
3- أن لا تنخدع أو تخضع لضغوط الدول النصرانية فتساعدها في حربها لدعاة الإسلام وأهله تحت شعار محاربة الإرهاب. وأن تعلم بأن تلكم الدول إنما تحارب الإسلام نفسه، وأنها لن ترضى من الحكومات في حال استجابتها للضغوط بغير الكفر –والعياذ بالله- كما قال سبحانه (ولن ترضى عنك اليهود ولا النصارى حتى تتبع ملتهم) .
فهل تفيق تلك الحكومات لما يخطط لها ولدينها، وتضع يدها في يد أبنائها في مواجهة هذا المكر الصليبي العالمي ؟ ! نسأل الله أن يكون ذلك قريباً.
وأما الشعوب المسلمة فالواجب عليها :
1- أن تعود إلى دينها وتعمل بشريعة ربها ليرفع الله عنه الذل الذي ضربه عليها بسبب شرودها عن شرع الله.
2- أن تقدم ما تستطيع في هذا الصراع مع اليهود والنصارى؛ إما بدعم مالي أو بمقاطعة .. (فاتقوا الله ما استطعتم) .
3- أن تستعد لمعركة قادمة فاصلة بين المسلمين واليهود الذين يتوافدون على الأرض المباركة، قد أخبر عنها صلى الله عليه وسلم بقوله: "لا تقوم الساعة حتى يقاتل المسلمون اليهود، فيقتلهم المسلمون، حتى يختبئ اليهودي من وراء الحجر والشجر فيقول الحجر أو الشجر: يا مسلم! يا عبد الله ! هذا يهودي خلفي فتعال فاقتلهhttp://islamtoday.net/bohooth/artshow-86-1209.htm#1. وقد قال سبحانه (وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة) .
أسأل الله أن ينصر الإسلام والمسلمين، وأن يخذل أعداء الدين وأن يؤلف بين المسلمين وحكوماتهم، ويجمعهم على الحق، ويوحد كلمتهم وصفوفهم.
وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين .
والنصارى هي علاقة عداوة وصراع وكيد، يشهد بذلك تاريخ الطائفتين الذي لم تجف منه الدماء بعد. وقد حكى الله عن كلا الطائفتين بأنها تقول عن صاحبتها بأنها ليست على شيء: (وقالت اليهود ليست النصارى على شيء وقالت النصارى ليست اليهود على شيء).
إلا أن معظم المسلمين في هذا العصر تفاجأوا عندما رأوا أن تلك العلاقة العدائية قد تبدلت وتغيرت وانقلبت إلى الضد، ليحل محلها التعاون والدعم والتنسيق، ليتوج ذلك كله بقيام دولة لليهود على أرض فلسطين، ليتساءلوا بعدها عن الذي غيَّر الأحوال، ومزج الطائفتين في طائفة واحدة تسعى لأهداف مشتركة.
وفي هذه الرسالة التي بين يديك أيها القارئ إجابة مختصرة عن الأسباب التي غيرت العلاقة بين اليهود والنصارى من عداء إلى محبة ومن كيد إلى تعاون لنعلم كمسلمين شيئاً خفياً عن أعدائنا، وتستبين لنا سبيل المجرمين.
واعلم أن معظم ما جاء في هذه الرسالة هو ملخص من الرسالة القيمة:
(حقيقة العلاقة بين اليهود والنصارى) للأستاذ الفاضل: أحمد محمد زايدمع زيادات مهمة من الرسالة القيمة الأخرى: (دراسات في الأديان: اليهودية والنصرانية) للدكتور سعود الخلف
، وإضافات أخرى، ثم صياغة ذلك بنفس واحد.
أسأل الله أن ينفع بهذا المختصر، وأن يجعله منبهاً للمسلمين بكيد أعدائهم وحقيقة الصراع معهم. وأن ينصر الإسلام وأهله، ويذل الكفر وأهله.
وصلى الله وسلم على نبينا محمد، وآله وصحبه أجمعين
تاريخ اليهود :
نشأ إبراهيم عليه السلام في أرض بابل وما جاورها في بيئة مشركة تعبد الأصنام وقد قص الله تعالى علينا إنكار إبراهيم عليه السلام على قومه شركهم فلما لم يجد منهم استجابة لدعوته هاجر إلى فلسطين وأقام في مدينة نابلس.
-لما حدث قحط وجدب في فلسطين هاجر إبراهيم إلى مصر مع زوجته سارة، وحصلت لهم أحداث كثيرة، ثم أهداه فرعون مصر جارية اسمها هاجر أنجبت له إسماعيل عليه السلام، فأخذها إبراهيم عليه السلام وابنها ووضعهما في مكة. ثم بنى هو وإسماعيل الكعبة –كما هو معلوم-.
-رزق الله إبراهيم ابنه (اسحق) من زوجته سارة. فلما كبر اسحق تزوج وأنجب ولدين هما (عيصو) و(يعقوب) وهو المسمى إسرائيل، وإليه ينتسب بنو إسرائيل .
-ورزق يعقوب باثني عشر ولداً كان أحبهم إليه (يوسف) عليه السلام الذي تآمر عليه إخوته –كما هو معلوم- وألقوه في الجب … الخ القصة المذكورة في سورة يوسف.
-استدعى يوسف أهله إلى مصر بعد أن كانوا يعيشون في فلسطين، فعاش بنو إسرائيل من بعده في مصر.
-لما اشتد أذى الفراعنة لبني إسرائيل في مصر بذبح أبنائهم واستحياء نسائهم بعث الله موسى وأخاه هارون إلى فرعون، وقد قص الله نبأ ما حدث بينهم إلى أن خرج بنو إسرائيل بقيادة موسى عليه السلام من مصر وتبعهم فرعون وجنوده فأهلكهم الله في اليم.
-قدَّر الله على بني إسرائيل أن يتيهوا في الأرض بعد خروجهم من مصر عقاباً لهم لعدم قتالهم الجبابرة المستولين على بيت المقدس، قال سبحانه (…قال فإنها محرمة عليهم أربعين سنة يتيهون في الأرض فلا تأس على القوم الفاسقين)
-في فترة التيه توفي موسى وهارون عليهما السلام فتولى قيادة بني إسرائيل (يوشع بن نون) خليفة موسى عليه السلام. الذي فتح الله على يديه بيت المقدس.
-بعد استقرار بني إسرائيل في فلسطين مر اليهود بثلاثة عهود متتالية:
1- عهد القضاة؛ حيث كانت جميع أسباطهم تحتكم إلى قاضٍ واحد فيما شجر بينهم، واستمر هذا العهد حوالي 400 سنة.
2- عهد الملوك : وهو المذكور بعقوله تعالى (ألم تر إلى الملأ من بني إسرائيل من بعد موسى إذ قالوا لنبي لهم ابعث لنا ملكاً نقاتل في سبيل الله..) فجعل الله عليهم طالوت ملكاً، ثم ملكهم بعده داود، ثم ابنه سليمان عليهما السلام.
3- عهد الانقسام : وهو العهد التالي لسليمان عليه السلام حيث تنازع الأمر بعده ابنه (رحبعام بن سليمان) و(يربعام بن نباط)، فاستقل (رحبعام) بسبط يهوذا وسبط بنيامين وكون دولة سميت بدولة يهوذا نسبة إلى سبط حكامها وهو سبط يهوذا الذي من نسله داود وسليمان عليهما السلام وكانت عاصمتها بيت المقدس.
واستقل يربعام بن نباط ببقية الأسباط (وهي عشرة) وكون دولة إسرائيل شمال فلسطين وعاصمتها نابلس، وهم من يسمون (السامريين) نسبة إلى جبل هناك يسمى شامر .
-كان بين الدولتين عداء بدون قتال.
-سقطت دولة إسرائيل بيد الآشوريين بقيادة ملكهم (سرجون) عام 722 ق.م، وسقطت دولة يهوذا بيد الفراعنة عام 603 ق.م
-في حدود عام 586 ق.م تقريباً أغار (بختنصر) ملك بابل على فلسطين فطرد الفراعنة، ثم دمر دولة يهوذا التي تمردت عليه وأسر عدداً كبيراً من اليهود وأجلاهم إلى بابل بما عرف بـ (السبي البابلي) .
-في سنة 538 ق.م تغلب (كورش) ملك الفرس على البابليين فأطلق سراح اليهود ورجع كثير منهم إلى فلسطين.
-في سنة 135ق.م أخمد الرومان في عهد الحاكم (أدريان) ثورة قام بها اليهود فدمروا البلاد وأخرجوهم، فأصبح اليهود مشتتين في بقاع الأرض. قال سبحانه (وإذ تأذن ربك ليبعثن عليهم إلى يوم القيامة من يسومهم سوء العذاب إن ربك لسريع العقاب وإنه لغفور رحيم وقطعناهم في الأرض أمما…) .
-في زمن سيطرة الرومان على فلسطين بعث الله عيسى عليه السلام رسولاً إلى بني إسرائيل، قال تعالى (ورسولاً إلى بني إسرائيل) فدعاهم لإصلاح فسادهم، فاستجاب له بعض اليهود، وأما الكهنة فقد ناصبوه العداء لأنه كشف خداعهم ومفاسدهم. فانقسم بنو إسرائيل قسمين كما قال تعالى (فآمنت طائفة من بني إسرائيل وكفرت طائفة) فالقسم الأول هم (النصارى) والقسم الثاني هم (اليهود) .
-سعى كهنة اليهود وأحبارهم إلى الحاكم الروماني وأثاروه على عيسى عليه السلام ورغبوه في قتله. فنفذ طلبهم. ولكن الله رفع عيسى عليه السلام إليه وألقى شبهه على غيره فصلبوا الشبيه، قال تعالى (إذ قال الله يا عيسى إني متوفيك ورافعك إليّ) وقال (وقولهم إنا قتلنا المسيح عيسى ابن مريم رسول الله وما قتلوه وما صلبوه ولكن شبه لهم وإن الذين اختلفوا فيه لفي شك منه ما لهم به من علم إلا اتباع الظن وما قتلوه يقينا، بل رفعه الله إليه وكان الله عزيزاً حكيماً) .
مصادر دين اليهود :
1-التوراة أو العهد القديم ويتكون من 39 كتاباً هي أربعة أقسام :
القسم الأول: أسفار موسى وهي خمسة: سفر التكوين، سفر الخروج، سفر اللاويين، سفر العدد، سفر التثنية . وهذه الخمسة يطلق عليها (التوراة) .
القسم الثاني: الأسفار التاريخية وهي اثنا عشر : يوشع والقضاة، راعوث، صموئيل، الملاك، أخبار الأيام، عزرا، نحميا، استير . وينقسم كل من صموئيل والملوك وأخبار الأيام إلى قسمين.
القسم الثالث: الأسفار الشعرية، وهي خمسة: أيوب، مزامير داود، أمثال سليمان، الجامعة من أمثال سليمان، نشيد الأنشاد لسليمان .
القسم الرابع: أسفار الأنبياء، وعددها 17: أشعياء ، إرميا، مراثي إرميا، حزقيال، دانيال، هوشع، يوئيل، عاموس، عوبديا، يونان، ميخا، ناحوم، حبقوق، صفنيا، حجي، زكريا، ملاخي.
2-التلمود: ومعناه "كتاب تعليم ديانة وآداب اليهود" وهو روايات شفوية تناقلها الحاخامات من جيل إلى جيل. جمعها الحاخام (يوضاس) في كتاب سماه (المشنا) أي الشريعة المكررة. ولشرح المشنا كتبت (الجمارا) ومنهما يتكون التلمود.
3-البروتوكولات : وهي مقررات تتلخص فصولها في تدبير الوسائل للسيطرة على السياسة العالمية.
تاريخ النصارى :
-وهم من تبع عيسى عليه السلام من بني إسرائيل –كما سبق-. سموا بذلك لأنهم ناصروه أو نسبة لبلدة (الناصرة) وهي قرية المسيح.
-بعد رفع الله تعالى لعيسى عليه السلام لم تمض بضع سنين حتى اختلف النصارى في المسيح عليه السلام، قال سبحانه (وإن الذين اختلفوا فيه لفي شك منه ما لهم به من علم إلا اتباع الظن).
-في سنة 325م عقد اجتماع بأمر الإمبراطور الروماني قسطنطين الذي اعتنق النصرانية يضم ممثلين لجميع الكنائس المسيحية للفصل في الخلاف في ألوهية المسيح عليه السلام. فخلصوا إلى قرارات من أهمها : إثباتهم ألوهية المسيح! وحرق كل كتاب لا يقول بذلك!
-في سنة 381م عقد المجمع القسطنطيني الأول فقرر ألوهية (روح القدس).
-وبذلك أصبحت العقيدة النصرانية تقوم على هذين العنصرين:
1- التثليث، والإيمان بثلاثة أقانيم.
وقد كفرهم الله بهذا في قوله تعالى (لقد كفر الذين قالوا إن الله ثالث ثلاثة) .
2- صلب المسيح فداء عن الخليقة . وقيامه من قبره ورفعه
مصادر النصارى :
يعتبر الكتاب المقدس بعهديه القديم (التوراة) والجديد (الإنجيل) هو مصدر النصرانية .
أما الإنجيل الذي أنزل على عيسى عليه السلام. والذي قال الله تعالى فيه (وآتيناه الإنجيل فيه هدى ونور ومصدقاً لما بين يديه من التوراة وهدى وموعظة للمتقين) هذا الإنجيل غير موجود اليوم بيد النصارى! ولعل هذا مصداقاً لقوله تعالى (ومن الذين قالوا إنا نصارى أخذنا ميثاقهم فنسوا حظاً مما ذُكروا به) أما الذي بين يدي النصارى اليوم فإنه أربعة أناجيل !
1-إنجيل متى. 2-إنجيل مرقص. 3- إنجيل لوقا. 4-إنجيل يوحنا.
وهذه الأناجيل الأربعة لم ينسب واحد منها إلى المسيح عليه الصلاة والسلام، وإنما هي منسوبة إلى هؤلاء الأشخاص الذي يزعم النصارى أن اثنين منهم (متى ويوحنا) من الحواريين.
وهذه الأناجيل تحتوي على تاريخ لعيسى عليه السلام؛ حيث ذكر فيها ولادته ثم تنقلاته في الدعوة ثم نهايته بصلبه (كما يزعمون) ثم قيامه وصعوده إلى السماء. كما تحتوي على مواعظه وخطبه ومجادلاته مع اليهود، ومعجزاته .
فهذه الأناجيل أشبه ما تكون بكتب السيرة إلا أن بينها اختلافات ليست بقليلة، وبعضها اختلافات جوهرية لا يمكن التوفيق بينها إلا بالتعسف.
إضافة إلى أن هذه الأناجيل الأربعة لم تعرف إلا في زمن متأخر بعد رفع المسيح عليه السلام حوالي (166-170م) حيث لم يُشر إليها أحد من المتقدمين من النصارى .
فرق النصارى:
1-الكاثوليك: وهم أتباع البابا في روما وأهم ما يتميزون به هو:
1- قولهم بأن الروح القدس انبثق من الأب والابن معا .
2- يبيحون أكل الدم والمخنوق .
3- أن البابا في الفاتيكان هو الرئيس العام على جميع الكنائس الكاثوليكية.
4- تحريم الطلاق بتاتاً حتى في حالة الزنا.
والكاثوليك هم أكثر الأوربيين الغربيين وشعوب أمريكا الجنوبية وتُسمى كنيستهم الكنيسة الغربية.
2-الأرثوذكس : وهم النصارى الشرقيون الذين تبعوا الكنيسة الشرقية في القسطنطينية
وأهم ما يتميزون به هو:
1- أن الروح القدس انبثق عندهم من الأب فقط .
2- تحريم الطلاق إلا في حالة الزنا فإنه يجوز عندهم .
3- لا يجتمعون تحت لواء رئيس واحد بل كل كنيسة مستقلة بنفسها.
وهذا المذهب منتشر في أوربا الشرقية وروسيا والبلاد العربية؛ كمصر .
3-البروتستانت: ويسمون: "الإنجيليين"، وهم أتباع مارتن لوثر الذي ظهر في أوائل القرن السادس عشر الميلادي في ألمانيا وكان ينادي بإصلاح الكنيسة وتخليصها من الفساد الذي صار صبغةً لها –كما سيأتي إن شاء الله-.
وأهم ما يتميز به أتباع هذه النحلة هو:
1- أن صكوك الغفران دجل وكذب وأن الخطايا والذنوب لا تغفر إلا بالندم والتوبة.
2- أن لكل أحد الحق في فهم الإنجيل وقراءته وليس وقفاً على الكنيسة.
3- تحريم الصور والتماثيل في الكنائس باعتبارها مظهراً من مظاهر الوثنية.
4- منع الرهبنة.
5- أن العشاء الرباني تذكار لما حل بالمسيح من الصلب في زعمهم، وأنكروا أن يتحول الخبز والخمر إلى لحم ودم المسيح عليه السلام.
6- ليس لكنائسهم رئيس عام يتبعون قوله.
وهذه النحلة تنتشر في ألمانيا وبريطانيا وكثير من بلاد أوربا وأمريكا الشمالية.
موقف اليهود من عيسى عليه السلام:
1-الطعن في مولده عليه السلام : لأنه مولود من أم دون أب. وهذا الأمر ليس بغريب على اليهود الذي تطاولوا على الخالق –جل وعلا-.
2-الكفر بدعوته ونبوته، وإنكار معجزاته.
3-التآمر على قتله وصلبه. إلا أن الله رفعه وألقى شبهه على غيره –كما قرر ذلك القرآن الكريم-.
موقف اليهود من أتباع عيسى عليه السلام :
بعد أن رفع الله عيسى عليه السلام استمر اليهود في الكيد لأتباعه وتعقبهم والتآمر عليهم. وقد حفظ التاريخ عدداً من تلك المؤامرات والمكايد، من أشهرها قصة أصحاب الأخدود التي قصها الله علينا في القرآن، وهي تحكي مقتل آلاف النصارى حرقاً على يد اليهودي (ذي نواس) سنة 524م في نجران .
ولقد كان اليهود إلى وقت قريب يقولون: "يجب على اليهود السعي الدائم لغش المسيحيين".، ويقولون: "من يفعل خيراً للمسيحيين فلن يقوم من قبره قط".
موقف النصارى من اليهود :
بعد أن دارت الدائرة على اليهود وأصبحوا مشردين في الأرض تسلط النصارى عليهم وانتقموا منهم في حوادث كثيرة سجلها التاريخ، من ذلك أن القدس لما سقطت بأيدي الحملة الصليبية قام النصارى بإحراق اليهود في معابدهم، ومن ذلك طردهم المتكرر من بلاد أوربا، إلى غير ذلك من الحوادث التي من آخرها ما قام به هتلر من حرق اليهود وطردهم لما علم خطرهم ومكرهم. ولقد كان النصارى إلى وقت قريب يقولون : "يعتبر اليهود خطراً على جميع شعوب العالم، وخاصة الشعوب المسيحية"ويقولون: "يتضمن التلمود كل الكفر والإلحاد والخسة".وقد قال الله تعالى عن الطائفتين (وقالت اليهود ليست النصارى على شيء وقالت النصارى ليست اليهود على شيء)
أما عداوة الطائفتين للإسلام وأهله فهي لا تخفى على مسلم منذ أن بعث الله محمداً صلى الله عليه وسلم .
كيف انقلبت العداوة إلى صداقة وتعاون ؟ !
علمنا –سابقاً- أن العلاقة بين اليهود والنصارى كانت إلى وقت قريب علاقة عداء وصراع وانتقام متبادل. فما الذي تغير حتى أصبحنا نرى كثيراً من النصارى اليوم (وعلى رأسهم أمريكا وبريطانيا) يتعاونون مع اليهود ويمدونهم بألوان المساعدات المتنوعة ويمكنونهم من الاستيلاء على فلسطين كما هو مشاهد؟!
-كانت الكنيسة قبل حركة الإصلاح الديني تمارس تسلطاً على رقاب النصارى وتكبت حرياتهم وتفرض آراءها عليهم ولو كانت مخالفة للعلم، وتنتقم ممن يخالف تعاليمها ولو كان نابغاً بالحرق أو القتل .
-وزاد من تسلطها أنها استأثرت بفهم الكتاب المقدس وتفسيره دون سائر النصارى، وما على الآخرين إلا قبول آرائها وتفسيراتها دون نقاش .
-وبلغ انحرافها مبلغه عندما أصدرت (صكوك الغفران) للمذنبين! يشتريها المذنب من الكنيسة ليضمن بعدها أنه مغفور له من الله! تعالى الله عن قولهم.
-لما كان الحال هكذا اشتدت الحاجة إلى حركة إصلاحية تقف في طريق هذه الانحرافات الكنسية . وكانت هذه الحركة بقيادة (مارتن لوثر) المولود في ألمانيا عام 1482م، وكان قسيساً وأستاذاً لعلم اللاهوت .
-قام لوثر بثورته أو احتجاجه لإقرار هذه المبادئ:
1- جعل الكتاب المقدس المصدر الوحيد للمسيحية، ورد كل ما جاء عن البابوات .
2- من حق كل مسيحي أن يقرأ الكتاب المقدس وأن يفسره.
3- عدم اعترافه بنظام (البابوية) .
4- مطالبته بزواج القساوسة .
5- عدم إيمانه بالأسرار الكنسية المزعومة؛ كمسألة الاستحالة .
-هذه أبرز مطالب الحركة الاحتجاجية أو الإصلاحية بقيادة (لوثر) والتي سميت في ما بعد بـ(البروتستانت). ويلاحظ أنها ركزت على تغييرات شكلية لم تكن هي السبب في انحراف الكنيسة، وأبقت على جذور الانحراف والضلال من تحريف الكتاب المقدس، والصلب، والتثليث، وغير ذلك. فكانت ثورة شكلية انتفع منها اليهود –كما سيأتي- ولم ينتفع منها النصارى.
-بعد قيام هذه الحركة الإصلاحية لقيت الاضطهاد والتضييق من الكنيسة (الكاثوليكية) مصداقاً لقوله تعالى (ومن الذين قالوا إنا نصارى أخذنا ميثاقهم فنسوا حظاً مما ذكروا به فأغرينا بينهم العداوة والبغضاء إلى يوم القيامة)
-كان لحركة الإصلاح الديني "البروتستانتية" أثر كبير في إحداث تغيير في طبيعة العلاقة بين اليهود والنصارى، يتبين ذلك مما يلي :
أولاً: كان النصارى –جميعهم- قبل عصر الإصلاح الديني بقيادة البابا يعادون اليهود ويقودون حملات التطهير والإبادة ضدهم ما استطاعوا إلى ذلك سبيلاً.
ثانياً: "حافظت الكنيسة الكاثوليكية –إلى عهد قريب- على موقف ثابت من المسألة اليهودية يقوم على رفض التصالح مع اليهود إلا إذا اعترفوا بالمسيح واعتنقوا النصرانية" .ثالثاً: "لم يكن في الفكر الكاثوليكي التقليدي قبل عهد الإصلاح الديني أدنى مكان لاحتمال العودة اليهودية إلى فلسطين، أو لأية فكرة عن وجود الأمة اليهودية، وكان القساوسة يرفضون التفسير الحرفي للتوراة ويفضلون تفسيرات لاهوتية أخرى وبخاصة المجازية التي أصبحت الأسلوب الرسمي للتفسير التوراتي".
ومن هنا وعلى ضوء مفاهيم العهد الجديد أخذت كل التنبؤات والوعود المتعلقة باليهودية اتجاهاً تفسيرياً جديداً استبعد أي تدخل بشري أو عمل سياسي يقضي أو يفضي إلى عودة اليهود إلى فلسطين وإقامة دولة لليهود بها"
يضاف إلى ذلك أن العهد القديم كان "حتى أواخر القرن الرابع عشر حبيس الأديرة والصوامع لا يطلع عليه إلا قلة من رجال الإكليروس الذين يعرفون العبرية واللاتينية". -إذاً فاليهود في نظر المسيحيين –على ضوء ما سبق- مارقون كفار يجب اضطهادهم. وفسرت وعودهم على ضوء العهد الجديد بأسلوب يسلبهم كل حق، وكتابهم حبيس ولغتهم مندرسة.
هذا هو وضع اليهود كشعب وكتاب ووعود ولغة قبل حركات الإصلاح. ثم جاء البروتستانتية "حركة الإصلاح" فشكلت مسار التغيير في كل ما سبق فانقلبت الأمور إلى اتجاه معاكس تماماً لما كانت عليه المسيحية قبل عصور الإصلاح الديني.
فحصل اليهود من حركة الإصلاح الديني على ما لم يكونوا يحلمون به حيث "إن رياح التغيير في الموقف المسيحي تجاه اليهود بدأت تهب منذ ظهور الحركة الإصلاحية البروتستانتية في القرن السادس عشر، حين أطاحت هذه الحركة بحق الكنيسة في احتكار تفسير الكتاب المقدس وتحديد الرؤية المسيحية الفكرية، وبذلك تم إحياء النص التوراتي وبدأ التفسير الحرفي للنصوص المتعلقة باليهود يحل محل التأويلات والتفسيرات التي تبنتها الكنيسة الكاثوليكية الأم، وبدأت النظرة إلى اليهود تتغير تدريجياً" اعتمد هذا التغير على المبدأ الذي نادى به لوثر وهو إلغاء احتكار الكنيسة ورجال الدين حق تفسير الكتاب المقدس، ودعوته الشعب أن يتعامل مباشرة مع الكتاب وجعله المصدر الوحيد للمسيحية باعتباره مصدر المسيحية النقية.
وبذلك "جاءت البروتستانتية بفكرة إقامة الحقيقة الدينية على أساس الفهم الشخصي دون فرض قيود على التفسيرات التوراتية، فكان كل بروتستانتي حراً في دراسة الكتاب المقدس واستنتاج معنى النصوص التوراتية بشكل فردي، وهكذا فتح الباب للبدع في اللاهوت المسيحي وأصبح التأويل الحرفي البسيط هو الأسلوب الجديد في التفسير بعد أن هجر المصلحون البروتستانت الأساليب التقليدية الرمزية والمجازية" ولما اعتمد البروتستانت على الكتاب المقدس (العهد القديم كأصل) وآمنوا بوجوب التعامل الفردي المباشر مع نصوصه تاركين الأساليب المجازية التقليدية في تفسير هذه النصوص كان أول ما يفتحونه العهد القديم فتقع أعينهم على التنبؤات والوعود اليهودية فيفهمونها بحرفيتها دون تأويل ويعتقدون مضمونها .
وقد تولدت عن هذا نظرة جديدة عن اليهود حاضراً وماضياً ومستقبلاً ونتج ما يلي
:1-"أصبح العهد القديم المرجع الأعلى لفهم العقيدة المسيحية وبلورتها".
2-"اعتبرت اللغة العبرية –باعتبارها اللغة التي أوحى بها الله، واللسان المقدس الذي خاطب به شعبه المختار –هي اللغة المعتمدة للدراسة الدينية". إن هاتين النتيجتين اللتين أفرزتهما حركة الإصلاح تعدان نقلة ذات أهمية في تاريخ اليهود، كما تعد نقلة ذات أهمية أيضاً في تاريخ العلاقة بين الطائفتين.
فالعهد القديم الذي ظل حبيس الأديرة والصوامع لا يطلع عليه أحد إلا القليل أصبح على يد البروتستانت المرجع الأعلى للنصارى فيما يخص اليهود بل في فهم العهد الجديد. واللغة العبرية التي اعتبرت "الأساطير الكاثوليكية التقليدية أن دراستها تسلية الهراطقة وكان تعلمها في نظر الكثيرين بدعة يهودية، واتخذت خطوات عنيفة لاجتثاثها" هذه اللغة أصبحت بعد حركة الإصلاح جزءاً من الثقافة الأوربية "فقد أصبح العالم يتقن اللاتينية واليونانية والعبرية وأصبحت العبرية جزءاً من المنهج الدراسي اللاهوتي، وفي نهاية القرن السادس عشر أخذت الحروف العبرية تستعمل في الطباعة، وانكب المسيحيون العاديون ورجال الدين على دراسة أدب الأحبار، وأعجب المسيحيون أيما إعجاب بالعبرية واقترن في أذهان كثير من المجموعات والفرق البروتستانتية مع إعجابهم بالعبرية إعجابهم بالمبادئ والقيم اليهودية.
وتسربت الروح العبرية اليهودية إلى الفنون والآداب فكان الفنانون يرسمون ويحفرون مناظر من الكتاب المقدس، وحلت قصص وتفسيرات العهد القديم محل المسرحيات التي كانت تمثل حياة القديسين، وأصبحت شخصيات العهد القديم كأبسالوم وإيستر ويوحنا وجوزيفوس وغيرهم تبدو على أنها شخصيات تحتذى في أخلاقها".
وهكذا تسربت الأدبيات اليهودية إلى صميم العقيدة والفكر المسيحي وكانت هذه الأدبيات تدور حول أمور ثلاثة:
"الأمر الأول:هو أن اليهود هم شعب الله المختار، وأنهم يكونون بذلك الأمة المفضلة على كل الأمم
الأمر الثاني: هو أن ثمة ميثاقاً إلـهياً يربط اليهود بالأرض المقدسة في فلسطين، وأن هذا الميثاق الذي أعطاه الله لإبراهيم عليه السلام هو ميثاق سرمدي حتى قيام الساعة.
الأمر الثالث: هو ربط الإيمان المسيحي بعودة السيد المسيح بقيام دولة صهيون، أي بإعادة وتجميع اليهود في فلسطين حتى يظهر المسيح فيهمhttp://islamtoday.net/bohooth/artshow-86-1209.htm#1.
وآمن النصارى البروتستانت أن مساعدة اليهود لتحقيق هذه الغاية –وقيام دولة صهيون- أمر يريده الله لأنه يعجل بمجيء المسيح الذي يحمل معه الخلاص والسلام، وساد الاعتقاد أن النصارى المخلصين سوف يعيشون مع المسيح في فلسطين ألف سنة في رغد وسلام قبل يوم القيامة طبقاً لبعض التفسيرات الحرفية لسفر رؤيا يوحنا اللاهوتي.
وهكذا ظهر اتجاه جديد في المسيحية يحيي الهالة التي أضفتها التوراة على بني إسرائيل، ويوجب على المسيحيين التدخل البشري لتحقيق وعود يهودية واردة في التوراة، كما قام هذا الاتجاه الهائل بدعم اليهود والدعوة إلى قيام كيان لهم في فلسطين، كما تزعم هذا الاتجاه حركة الدعوة لانبعاث اليهود وتسفيه التحقير المسيحي لليهودية والمطالبة بضرورة رفع الظلم والاضطهاد عن هذا الشعب المختار وفقاً للإيمان الحرفي بالكتاب المقدس.
-وجد اليهود في هذه الفرصة من يناصرهم ويدعو إلى قضاياهم ويتحالف معهم بعد أن كانوا مضطهدين .
-إن الأدبيات التي تسربت إلى العقيدة المسيحية يصح أن نطلق عليها تهويداً للمسيحية أو بعثاً لليهودية والعبرية. وإن المحاور الثلاثة التي تدور حولها هذه الأدبيات والمذكورة قبل قليل: لهي اليوم "قاعدة الصهيونية المسيحية التي تربط الدين بالقومية، والتي تسخر الاعتقاد الديني المسيحي لتحقيق مكاسب يهودية"
وهكذا ولدت الصهيونية في أحضان البروتستانتية قبل هرتزل بثلاثة قرون "وكانت أنشودة مسيحية قبل أن تصبح حركة سياسية يهودية كما قال "كينين" أحد أبرز القيادات الصهيونية اليهودية الأمريكية في كتابه (خط الدفاع الإسرائيلي)، وإن أول من رفع شعار "فلسطين أرض بلا شعب لشعب بلا أرض" هم أصوليون مسيحيون، وإن المسيحية اليهودية هي التي مهدت لظهور الصهيونية اليهودية ودعمتها لتنفيذ المشروع الاستيطاني فوق أرض فلسطين، وهي التي خلقت تياراً شعبياً قوياً ينحاز دائماً إلى الحركة الصهيونية ويضغط دائماً على مؤسساته الرسمية لتمنحها الدعم والمساندة وتحقيقاً لأهدافها العدوانية التوسعية .
-لقد كان هؤلاء المسيحيون الجدد يعتقدون أن هناك ثلاث إشارات يجب أن تسبق عودة المسيح: "الإشارة الأولى هي قيام إسرائيل، وقد قامت إسرائيل في العام 1948م. ولذلك اعتبر الصهيونيون المسيحيون في الولايات المتحدة هذا الحدث أعظم حدث في التاريخ لأنه جاء مصدقاً للنبوءة الدينية.
الإشارة الثانية هي احتلال مدينة القدس، ولقد احتلت إسرائيل القدس في العام 1967 التي ينظر الإنجيليون من الصهيونيين المسيحيين على أنها المدينة التي سيمارس المسيح حكم العالم منها بعد قدومه الثاني المنتظر. ولذلك تضغط الكنائس الصهيونية المسيحية في الولايات المتحدة من أجل الاعتراف بالقدس عاصمة موحدة وأبدية لإسرائيل. ولقد تجاوب مجلسا الشيوخ والنواب مع هذه الضغوط في إبريل – نيسان 1990.
الإشارة الثالثة هي إعادة بناء هيكل سليمان على أنقاض المسجد الأقصى. ولقد وضعت خريطة الهيكل الجديد، فيما تتواصل الحفريات تحت المسجد بحجة البحث عن آثار يهودية مطمورة. وفي الوقت نفسه يتم إعداد وتدريب كهان الهيكل في معهد خاص بالقدس. أما الأموال اللازمة فقد جمع معظمها وأودع في حساب خاص باسم مشروع بناء الهيكل.
ويزعم هؤلاء أنه بعد اكتمال المشروع، ستقع هرمجدون التي يظهر المسيح فوقها مباشرة وسيرفع إليه بالجسد المؤمنين به ليحكم العالم من القدس مدة ألف عام تقوم بعدها القيامة.
-مما سبق يتضح لنا كيف كان لحركة الإصلاح الديني الدور الأكبر والأساسي لتحويل مسار العلاقة بين اليهود والنصارى من صراع دموي إلى تحالف استراتيجي آثم اعتُبر المسلمون في نظره –رغم إيمانهم بالمسيح- أعداءً للمسيحية، وانقلبت النظرة بالنسبة لليهود الذين حاربوا المسيح وكذبوه وصلبوه –كما زعموا- فأصبحوا هم الحلفاء والأصدقاء والسادة!! والعجيب أن تنتشر هذه الدعوة في دول عديدة من دول أوربا على رأسها إنجلترا التي أخذت على عاتقها مناصرة اليهود من خلال معتقداتها الإصلاحية الأصولية المسيحية اليهودية.
-ولما كانت حركة الإصلاح تخالف ما عليه الكنيسة الكاثوليكية فقد نالها من التضييق والاضطهاد الكثير والكثير.
فقد دعا "البابا ليو العاشر، مارتن لوثر إلى روما في 7 يوليو سنة 1518م فلم يلب الدعوة وردّ على نائبه رداً شديداً قاسياً ونشر أن البابا ليس معصوماً وأن الكتاب المقدس وحده هو القاعدة الحقيقية للتعليم المسيحي
ثم دعاه البابا ثانية إلى روما فلم يجب فبادر إلى حرمانه فأحرق لوثر قرار الحرمان فكان قرار مجمع ودمن سنة 1521م بطرد لوثر وإهدار دمه وحرم قراءة كتاباته وإحراقها، ثم لما التف الناس حوله قرر المجمع إلغاء ما سبق". وإذا كان لوثر قد نجا بعض الشيء من هجمات الكاثوليك فإن أتباعه لم يسلموا من صراع دموي رهيب.اضطرهم في كثير من الأحيان إلى الهجرة خارج أماكن الصراع هرباً بمعتقداتهم من الفتنة. "وإذا كانت محاكم التفتيش في الأندلس قد دفعت باليهود إلى أوربا هرباً بدينهم فإن الصراع الديني في أوربا حمل مطلع القرن السابع عشر المتهودين الجدد إلى العالم الجديد". أمريكا التي اكتشفت سنة 1492م.
وكان لهجرة البروتستانت آثار مباشرة وواضحة في بلورة الشخصية الأمريكية بالصورة التي نراها عليه اليوم .
-وهكذا انتشرت "البروتستانتية" في أوربا وأمريكا وعلى إثر ذلك تشكلت أكبر قوة معادية للإسلام بدت في أشكال تحالفية ضد الدين الحق ساعية إلى تحقيق وعود مفتراة غير عابئة بقيم أو أخلاق أو إنسانية.
-إذاً فقد أصبح على رأس سياسات الدول البروتستانتية (وفي مقدمتها أمريكا وبريطانيا) دعم قيام دولة لليهود على أرض فلسطين، فلهذا انهالت المساعدات المتنوعة لأجل ذلك حتى تحقق ذلك بعد وعد بلفور الشهير وزير خارجية بريطانيا، عام 1917م، ولم تقف بريطانيا عند حدود الكلام والوعود، بل شرعت في التنفيذ عملياً، وذلك بمساعدة عصبة الأمم، وما فرضته من انتداب على فلسطين وتسهيل هجرة اليهود إليها ثم تمكينهم من إحكام قبضتهم عليها وتسليمها لهم، وأوربا تعلم ذلك كله وتباركه، ووقفت بريطانيا محتضنة للصهيونية نظرياً حيث تعهدتها منذ بذرتها الأولى، وعملياً حتى تسليمها لليهود أرض فلسطين بعد إنهاء الانتداب في 14 مايو 1948م ليعلن عن قيام دولة إسرائيل في 15 من نفس الشهر.، من أجل ذلك فلا عجب "إذا اختار حاييم وايزمان" وهو يهودي ومن بريطانيا وشغل منصب أول رئيس لدولة إسرائيل بعد قيامها في 1948م- لا نعجب إذا اختار وايزمان لندن مقراً للصهيونية العالمية، دون أن تعترض عليه أي دائرة سياسية بريطانية".
ولا نعجب أيضاً إذا سمعنا هرتزل يقول: "إنني لأول لحظة انضممت فيها إلى الحركة الصهيونية اتجهت عيناي إلى إنجلترا، لأنني رأيت بسبب الأحوال العامة أن في إنجلترا نقطة الارتكاز التي يمكن أن تتحرك عليها الرافعة". .
-ومع أن إنجلترا كانت أول الدول وأشدها حماسة للصهيونية نظرياً وعملياً إلا أن دولاً أوربية كثيرة لم تكن أقل حماساً من بريطانيا. ففرنسا مثلاً كانت من "أول من طرح بشكل جدي فكرة توطين اليهود في فلسطين. فقد أعدت حكومة الإدارة الفرنسية 1798 خطة سرية لإقامة "كومنولث يهودي في فلسطين" حال نجاح الحملة الفرنسية في احتلال مصر والمشرق العربي بما فيه فلسطين"..
أما أمريكا (البروتستانتية) فإنها فاقت بريطانيا ودول أوربا في دعمها لليهود منذ قيام دولتهم، وهذا لم يعد يخفى على أحد، وإليك شيئاً مما قام أو صرح به رؤساؤها لتزداد يقيناً بذلك
:1-الرئيس جيفرسون: الذي بلغ من تأثير الصهيونية المسيحية فيه حداً كبيراً اقترح فيه اتخاذ رمز لأمريكا يمثل أبناء إسرائيل تظلهم غيمة في النهار، وعمود من نور في الليل بدلاً من شعار النسر (32)، وذلك توافقاً مع ما تتضمنه الآية 12 من الإصحاح 13 الواردة في سفر الخروج: كان الرب يسير أمامهم خلال النهار في عمود من السحاب ليهديهم الطريق، ويسير أمامهم خلال الليل في عمود من نار ليضيء لهم".
2-ودور ويلسون: "حاكم أمريكا أثناء الحرب العالمية الأولى من عام 1912م ومروراً بسنوات حكمه كان يقدر اليهود، ويعلي من شأنهم وليس أدل على ذلك من جعله "برنارد باروخ" وهو يهودي مستشاره للشؤون الاقتصادية، وجعله اليهودي "لويس برانديس" مستشاراً قضائياً، بل جعله رئيساً للمحكمة الأمريكية العليا. وفي الوقت نفسه يرفض ويلسون المستر "تافت" رئيس الجمهورية السابق في هذا المنصب الخطير ويرشح هذا اليهودي
ولما زار بلفور الولايات المتحدة في 20 إبريل 1917م وعده ويلسون حينذاك بتقديم كل عون لليهود، بل إن بلفور طلب من "برانديس" أن يكون على اتصال دائم مع حاييم وايزمان لتنسيق الخطوات في شأن إقامة إسرائيل- كل ذلك على علم من ويلسون.
وبعث ويلسون رسالة رسمية لزعيم الصهيونية الأمريكية الحاخام "ستيفن وايز" مصدقاً بشكل رسمي على وعد بلفوروأعلن لكثير من زعماء اليهود تأييده لوعد بلفور، ولم يكن هذا كله بضغط من اليهود المحيطين بالرئيس، إنه بروتستانتي "ينحدر من أبوين ينتميان للكنيسة المشيخية وقد نشأ على التعاليم البروتستانتية الأمريكية التي كانت تؤمن بالأسطورة الصهيونية" حتى قال عن نفسه: "إنه يجب على ابن راعي الكنيسة أن يكون قادراً على المساعدة لإعادة الأرض المقدسة لشعبها اليهودي" واعتبر ويلسون وحكومته واضعي حجر الأساس للدولة اليهودية نظراً لما قدمه في هذا السبيل.
وخلف ويلسون ثلاثة:
وارن هاردبخ وهو صهيوني مسيحي قال في أحد تصريحاته في يونيو 1921م: "يستحيل على من يدرس خدمات الشعب اليهودي ألا يعتقد أنهم سيعادون يوماً إلى وطنهم القومي التاريخي" كما صرح بتأييده الشديد لصندوق اكتشاف فلسطين
وجاء كالفن كولدج وهربرت هوفر وأكدا تعاطفهما مع الشعب اليهودي وأحقيته في أرض الميعاد كما أكدا إعجابهما الشديد بدور الحركة الصهيونية في تأهيل فلسطين لاستيعاب الهجرات اليهودية.
3-فرانكلين روزفلت: الذي جاء وعبر عن صهيونيته فاتخذت في عهده نجمة داود وسليمان شعاراً رسمياً لدوائر البريد وللخوذ التي يلبسها الجنود في الفرقة السادسة، وعلى أختام البحرية الأمريكية، وعلى طبعة الدولار الجديد، وميدالية رئيس الجمهورية، وخفراء الشرطة في شيكاغو، وشارة الصدر التي يضعها العمدة في كثير من المناطق.
4-هاري ترومان: الذي فتح أبواب فلسطين لمائة ألف يهودي وطالب بزيادة عدد المهاجرين حتى وصلت الأعداد في عهده إلى 1500 يهودي شهرياً استمرت شهوراً طويلة، وتمت الموافقة الأمريكية بأمر ترومان على تقسيم فلسطين، ومنح اليهود بجهوده 56% منهاوكانت أمريكا أول دولة تعترف بإسرائيل في العالم حتى قبل أن تطلب إسرائيل من ترومان الاعتراف بشكل رسمي. ولا نعجب فترومان "كان قد درس التوراة على نفسه وكان يؤمن بالتبرير التاريخي لوطن قومي لليهود، وكان كبروتستانتي يحس بشيء عميق له مغزاه في فكرة البعث اليهودي، وكان معروفاً بحبه للفقرة التوراتية الواردة بالمزمار "137" والتي تبدأ "لقد جلسنا على أنهار بابل وأخذنا نبكي حين تذكرنا صهيون" .
ولقد اعترف ترومان أنه ما من مرة قرأ فيها قصة إنزال الوصايا العشر في سيناء إلا وشعر بوخز خفيف يسري في عروقه. ولقد صرح بأن "موسى تلقى المبدأ الأساسي لقانون هذه الأمة على جبل سيناء" كما صرح مراراً بأن كتابه المفضل هو التلمود
5-الجنرال إيزنهاور: كان عضواً مؤازراً لجمعية "بناي برث" اليهودية وصديقاً لجماعة "شهود يهوه" الإرهابية وشارك في جميع خطط جمع التبرعات لليهود، قال إيزنهاور: إن إسرائيل ولدت بعد الحرب الثانية وإنها قامت لتعيش مع غيرها من الدول التي اقترنت مصالح الولايات المتحدة بقيامها
6-جون كنيدي:من تصريحاته "إن أمريكا التزمت التزامات صريحة بحماية إسرائيل ومن مصلحتنا نحن الأمريكيين تنفيذ ما التزمنا به"http://islamtoday.net/bohooth/artshow-86-1209.htm#1.وقال أمام المنظمة الصهيونية الأمريكية بعد أن تكلم عن قيام دولة إسرائيل وأنها لم تولد لتختفي: "كان ترومان أول من اعترف بإسرائيل وسأواصل أنا السير في هذا الطريق". كان كنيدي "يؤمن بأن يهوه هو الذي يحمي الولايات المتحدة ويسهر على أمنها".
7-ريتشارد نيكسون:وهو أكثر الرؤساء الأمريكان فكراً وتنظيراً، وهو أصولي إنجيلي كان يقول: "لقد أمرت في حرب 1973م ببدء جسر جوي ضخم للمعدات والمواد التي مكنت إسرائيل من وقف تقدم سوريا ومصر على جبهتين.. إن التزامنا ببقاء إسرائيل التزام عميق فنحن لسنا حلفاء رسميين، وإنما يربطنا معاً شيء أقوى من أي قصاصة ورق، إنه التزام معنوي، إنه التزام لم يخل به أي رئيس في الماضي أبداً وسيفي به كل رئيس في المستقبل بإخلاص، إن أمريكا لن تسمح أبداً لأعداء إسرائيل الذين أقسموا على النيل منها بتحقيق هدفهم في تدميرها"http://islamtoday.net/bohooth/artshow-86-1209.htm#1.
8-جيمي كارتر:في معركة انتخابية رئاسية بين كارتر وريجان والثالث أندرسون تبارى الثلاثة في إعلان التأييد المطلق لليهود. فلما اتهم ريجان منافسه كارتر بأنه يرفض وصف منظمة التحرير الفلسطينية بأنها منظمة إرهابية، هرول كارتر ليعلن أمام المؤتمر اليهودي "إن شيئاً لن يؤثر على التزام بلاده نحو إسرائيل، وإن القدس يجب أن تبقى موحدة إلى الأبد" وأخذ يتفاخر بما قدمه من مساعدات لإسرائيل خلال فترة رئاسته استجلاباً لرضا أسياده وتمشياً وإعلاناً لما يؤمن به
وقال أمام الكنيست الإسرائيلي في مارس 1979م وكان يعمل على إقرار معاهدة الصلح بين مصر وإسرائيل: "لقد أقام كلاً من إسرائيل والولايات المتحدة الأمريكية مهاجرون روّاد، ثم إننا نتقاسم معكم تراث التوراة"
وكارتر مهندس السلام بين مصر وإسرائيل.
9-ثم جاء ريجان إلى البيت الأبيض "وأكد أكثر من إحدى عشرة مرة أنه يؤمن بنبوءات التوراة ومنها معركة هرمجدون"
10-وجاء بوش الأب الذي عمل بكل قوة في مسار الصهيونية وقام عملياً بما لم يقم به رئيس قبله:
فقد سهل هجرة اليهود السوفيت التي بلغت ذروتها ما بين عام 1989م إلى 1991م وقدم المساعدات المالية لإسرائيل وقال: إن بلاده قدّمت مساعدات مالية وعسكرية بلغت 4.4مليارات دولار، وبذل 10 مليارات دولار لتوطين اليهود السوفيت في فلسطين الذين جاؤوا إليها بضغوط كبيرة من بوش. وحرب الخليج وما تم فيها ثم ما ترتب عليها، ما هي إلا نموذج من أعمال بوش الإجرامية، ثم مؤتمر مدريد وفرض ما يسمى بالسلام العربي الإسرائيلي، إن الأدوار التي قام بها بوش نقلت العالم نقلة هائلة، أو نقول غيرت تغييرات هائلة في كثير من الأحداث خاصة على الصعيد العربي الإسرائيلي.
11-وجاء كلينتون وأعلن عن اتجاهه الصهيوني فقرب اليهود، حتى إن مجلس الأمن القومي فيه 7 من اليهود من 11 عضواً بالإضافة إلى مناصب أخرى حشر فيها اليهود وقربه
وكلينتون صاحب شعار "لن نخذل إسرائيل أبداً".
12-ثم جاء بوش الابن فأكمل المسيرة في دعم اليهود كما هو مشاهد. واستغل أحداث سبتمبر في شن حملة واسعة النطاق على المسلمين بدعوى محاربة الإرهاب!
نسأل الله أن يرد كيده وأعوانه في نحورهم.
-وهكذا فإنه على مستوى القمة لا يأتي رئيس أمريكي إلا ويترجم عن صهيونيته الإنجيلية بمناصرة اليهود والعمل على حماية أمن إسرائيل، وما ذلك إلا تأكيداً على إيمانهم بنبوءات العهد القديم وما فيه من عود يهودية
ولم يقتصر هذا الاتجاه الديني الصهيوني على رجال القمة بل كان اتجاهاً عاماً يؤمن به رجال السياسة الأمريكيون.
واجب المسلمين .. حكومات وشعوباً:
أما الحكومات الإسلامية فإن الواجب عليها :
1- أن تعلم أن الصراع في قضية فلسطين هو صراع عقدي، وأن الدول النصرانية تدعم اليهود من خلال قناعات دينية لن تتزحزح عنها وما دام عدوك يحاربك بعقيدته ألا تحاربه بعقيدتك ؟! .
2- أن تراجع تلك الحكومات دينها، وأن تعلم –علم اليقين- أن لا عزة لها بين الأمم إلا بالتمسك به وتحكيمه، وأما بغير ذلك فما هو إلا الذل والهوان وتسلط الأمم عليها .
3- أن لا تنخدع أو تخضع لضغوط الدول النصرانية فتساعدها في حربها لدعاة الإسلام وأهله تحت شعار محاربة الإرهاب. وأن تعلم بأن تلكم الدول إنما تحارب الإسلام نفسه، وأنها لن ترضى من الحكومات في حال استجابتها للضغوط بغير الكفر –والعياذ بالله- كما قال سبحانه (ولن ترضى عنك اليهود ولا النصارى حتى تتبع ملتهم) .
فهل تفيق تلك الحكومات لما يخطط لها ولدينها، وتضع يدها في يد أبنائها في مواجهة هذا المكر الصليبي العالمي ؟ ! نسأل الله أن يكون ذلك قريباً.
وأما الشعوب المسلمة فالواجب عليها :
1- أن تعود إلى دينها وتعمل بشريعة ربها ليرفع الله عنه الذل الذي ضربه عليها بسبب شرودها عن شرع الله.
2- أن تقدم ما تستطيع في هذا الصراع مع اليهود والنصارى؛ إما بدعم مالي أو بمقاطعة .. (فاتقوا الله ما استطعتم) .
3- أن تستعد لمعركة قادمة فاصلة بين المسلمين واليهود الذين يتوافدون على الأرض المباركة، قد أخبر عنها صلى الله عليه وسلم بقوله: "لا تقوم الساعة حتى يقاتل المسلمون اليهود، فيقتلهم المسلمون، حتى يختبئ اليهودي من وراء الحجر والشجر فيقول الحجر أو الشجر: يا مسلم! يا عبد الله ! هذا يهودي خلفي فتعال فاقتلهhttp://islamtoday.net/bohooth/artshow-86-1209.htm#1. وقد قال سبحانه (وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة) .
أسأل الله أن ينصر الإسلام والمسلمين، وأن يخذل أعداء الدين وأن يؤلف بين المسلمين وحكوماتهم، ويجمعهم على الحق، ويوحد كلمتهم وصفوفهم.
وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين .