محمود حربي بطل من جيبوتي
يعتبر محمود حربي من أعظم القادة الصوماليين وأحد قادة النضال في جيبوتي ,ولد هذا البطل في علي صبيح عام 1921 ,وقد تلقى علوم القرآن واللغة العربية منذ صغره, وعندما بلغ السابعة عشر توفي والده فاضطر للعمل من أجل تأمين لقمة العيش حيث يمم وجهه صوب العاصمة جيبوتي وعمل هناك كنادل في إحدى المطاعم وأثناء عمله احتك بزوار المطعم, والذين كان أغلبهم من السياح الأجانب واستفاد من إختلاف الثقافات في تلك المرحلة المبكرة من عمره, وهذا الشيء جعله يزداد رغبة في اكتشاف العالم من حوله ,وبعد سنتين من عمله اندلعت الحرب العالمية الثانية وجند محمود حربي في صفوف البحرية الفرنسية وكاد يفقد حياته عندما تحطمت السفينة الفرنسية الحربية التي كان يخدم فيها على يد الألمان في البحر الأبيض المتوسط, وكان هو من ضمن الناجين القلائل من حادثة الإغراق حيث ذهب بعد تلك الحادثة إلى فرنسا .
وقد انبهر محمود حربي بالتقدم الإجتماعي والنقابي في فرنسا ,وأراد الإستفادة من تلك الميزة من أجل توعية مجتمعه في جيبوتي وتحفيزهم لكي ينالوا حقوقهم, ولم يسقط في حبائل السياسة الفرنسية ويحاول تجميل تلك السياسة الإستعمارية كما فعلها غيره وتحولوا لأبواق مأجورة لقوى الإستعمار ,بل على العكس من ذلك وظف كل تجاربه وخبراته التي اكتسبها أثناء إقامته بفرنسا من أجل تحرير شعبه ونيل حريته, وقد تحققت له الفرصة عندما عاد إلى وطنه جيبوتي قادما من فرنسا حيث تناءى إلى مسامعه خبر تأسيس حزب وحدة شباب الصومال(SYL) في مقديشو, وانتشار دعوات المد التحرري في المناطق الصومالية من أجل توحيد المناطق الصومالية ,ولم يتأخر محمود حربي عن هذا المد التحرري فكان في الصف الأول حيث افتتح فرعا للحزب في جيبوتي, وأصبح رئيسا له و صار يقود الكفاح الشعبي الوطني في المحمية الفرنسية, وفي سنة 1947 أنشأ أول نقابة للعمال وانتخب رئيسا لها,وكانت هذه النقابة تضم جميع الأيدي العاملة والتي تحولت فيما بعد إلى قوة سياسية مؤثرة تمكنت من تأسيس اول حزب في جيبوتي , سمي بحزب الإتحاد الجمهوري والذي نادى بإتحاد جميع المناطق الصومالية تحت علم واحد ,وتمثل نشاط هذا الحزب في نشر الوعي القومي بين صفوف الشعب, وازاء إزدياد الضغوط على المستعمر الفرنسي اضطر لتحقيق رغبة اعضاء الحزب بقيام مجلس تشريعي ,وذلك في عام 1950ليتم إجراء استفتاء شعبي لإختيار ممثل الصومال في المحمية الفرنسية, ففاز محمود حربي بذلك المنصب ,ولم يكتفي بذلك بل قام بقيادة النضال الإجتماعي, حيث كان العمال في المجتمع الجيبوتي يعملون من غير حقوق واستطاع محمود حربي بخطبه التحريضية من أسر انتباه الجمهور الذي كان شغوفا بهذا البطل ووضع فيه كل ثقته من أجل نيل حقوقه, وكانت إستجابة الجمهور في قمة الحماس حيث اندلعت سلسلة متواصلة من الإضرابات والتي شلت الحياة في جيبوتي, ليرضخ المستعمر الفرنسي بعدها لمطالب المضربين ويصدر قراراً بزيادة الرواتب بنسبة 50% ومنح العمال وضعا أفضل من السابق.
وإزاء استمرار الكفاح والمطالبة بالإستقلال اضطر الفرنسيون إلى إصدار قانون بمنح جميع المستعمرات الفرنسية حق تأليف حكومات محلية ,فحل المجلس القديم وأجريت انتخابات جديدة ودخل معركتها حزبا الإتحاد الجمهوري بقيادة محمود حربي والحزب الوطني وفاز فيها جزب الإتحاد الجمهوري بجميع المقاعد في المجلس التشريعي, وألف المناضل محمود حربي أول وزارة من العناصر الوطنية وكان جميع أعضائها من الجيبوتيين, وعندما انتهت مدة عضوية نائب المستعمرة في مجلس الشيوخ الفرنسي تقدم للإنتخابات السيد احمد فتحي قوضي وهو أحد أعضاء حزب الإتحاد الجمهوري, ففاز في الإنتخابات بعضوية مجلس الشيوخ الفرنسي وأصبح حزب الإتحاد الجمهوري هو الذي يحكم الصومال الفرنسي, إذ ان المجلس التشريعي يتألف من أعضائه ,والوزارات المحلية هي الأخرى مكونةمن أعضائه, كما أن رئيس الوزراء هو رئيس الحزب وممثله في الحزب الوطني وممثله في الجمعية الوطنية, وأحد أعضائه يمثل الصومال في مجلس الشيوخ الفرنسي.
وعندما وضع ديغول دستوره الجديد,الذي ادعى فيه ان من حق أي مستعمرة فرنسية ترفض هذا الدستور ان تحصل على الإستقلال, رأى محمود حربي أن الفرصة أصبحت سانحة لحصول المحمية الفرنسية على الإستقلال عن طريق التصويت بــ لا على الدستور, وكان يحذوه الأمل أن يتم ذلك سريعا للحاق بموعد إتحاد الصومال الإيطالي والبريطاني والذي سيتم بعد سنتين من موعد الإستفتاء في جيبوتي حيث كان يتمنى رؤية تحقق حلمه في قيام الصومال الكبرى .
وفي 28 من سبتمبر 1958 قبل خمسة ايام من الإستفتاء على الدستور, ألقى محمود حربي خطابا للشعب حرضهم فيها على رفض الدستور الفرنسي والإستفتاء عليه بــ لا وذلك من أجل الإستقلال والتحرر من الإستعمار الفرنسي, وكان خطابه مفعما بالحماسة وامام توسع النشاطات التحررية التي كان يقوم بها محمود حربي, حاول الإستعمار الفرنسي استمالته بشتى الطرق كي يوقف حملته, وابدى انزعاجا واضحا من طموحاته لإستقلال جيبوتي, فقام بإستخدام البطش والتنكيل ضد رموز حزب الإتحاد الجمهوري ومنع الإجتماعات والمظاهرات الوطنية, وزج الإستعمار بعدد كبير من المواطنين في غياهب السجون ,ولكن كل محاولاته ذهبت أدراج الرياح عندما صوت الشعب ضد الدستور ومع الإستقلال بنسبة 80% ,فكان ذلك الإستقتاء بمثابة الصفعة على وجه ديغول الذي قام بعزل الحاكم الفرنسي لجيبوتي وتعيين بديل له ,ومن ثم أذيعت نتيجة مزيفة للإستفتاء بطريقة اظهرت مدى وقاحة الإستعمار وعدم اكتراثه برغبة الشعب, فاحتجت العناصر الوطنية على هذا الإجراء وقامت مظاهرات صاخبة حدث فيها إشبتاكات بين الوطنيين وقوى الإستعمار, وقد كان البطل محمود حربي في طليعة المتجمهرين وقاد الشعب في تلك المظاهرات, لكن الإستعمار نكل بالمتظاهرين, وقام بإطلاق النار العشوائي عليهم حيث أصيب محمود حربي في تلك الواقعة وكادوا أن يقتلوه لولا أن هبت الجموع الغاضبة وقامت بإنقاذه.
وعندما رأى تعنت قوات الإستعمار في وطنه, اتخذ قراره في السفر إلى فرنسا من أجل توضيح مدى حجم الجرائم التي لحقت بالشعب الأعزل والتجاوزات على الدستور وعلى الشرعية, وعلم بعد رحلته إلى باريس أن المستعمر الفرنسي كاذب في دعواه,وادرك عدم رغبته في إحترام حق الشعب وإصراره في إستمرار السياسة الإستعمارية في جيبوتي, لذا تيقن محمود حربي أن النضال السياسي السلمي الذي كان يمارسه وصل إلى طريق مسدود, فقرر بعدها الذهاب إلى عدة دول من أجل الحصول على دعمها لتحرير وطنه, فذهب إلى الإتحاد السوفيتي والصين ومصر ثم أخيرا إلى الصومال والتي استقر فيها, و أعلن من العاصمة الصومالية مقديشو بدء الكفاح المسلح ضد المستعمر الفرنسي و قيام جبهة تحرير الساحل الصومالي, وقد وضع أول لبنة لشعار جمهورية جيبوتي وهو مع انشغاله في التحضير للكفاح المسلح ضد المستعمر الفرنسي في جيبوتي لم يكن بعيدا عن الشأن الداخلي الصومالي, فقد كان له دور كبير في الحياة السياسية الصومالية
يعتبر محمود حربي من أعظم القادة الصوماليين وأحد قادة النضال في جيبوتي ,ولد هذا البطل في علي صبيح عام 1921 ,وقد تلقى علوم القرآن واللغة العربية منذ صغره, وعندما بلغ السابعة عشر توفي والده فاضطر للعمل من أجل تأمين لقمة العيش حيث يمم وجهه صوب العاصمة جيبوتي وعمل هناك كنادل في إحدى المطاعم وأثناء عمله احتك بزوار المطعم, والذين كان أغلبهم من السياح الأجانب واستفاد من إختلاف الثقافات في تلك المرحلة المبكرة من عمره, وهذا الشيء جعله يزداد رغبة في اكتشاف العالم من حوله ,وبعد سنتين من عمله اندلعت الحرب العالمية الثانية وجند محمود حربي في صفوف البحرية الفرنسية وكاد يفقد حياته عندما تحطمت السفينة الفرنسية الحربية التي كان يخدم فيها على يد الألمان في البحر الأبيض المتوسط, وكان هو من ضمن الناجين القلائل من حادثة الإغراق حيث ذهب بعد تلك الحادثة إلى فرنسا .
محمود حربي والنضال السياسي
وقد انبهر محمود حربي بالتقدم الإجتماعي والنقابي في فرنسا ,وأراد الإستفادة من تلك الميزة من أجل توعية مجتمعه في جيبوتي وتحفيزهم لكي ينالوا حقوقهم, ولم يسقط في حبائل السياسة الفرنسية ويحاول تجميل تلك السياسة الإستعمارية كما فعلها غيره وتحولوا لأبواق مأجورة لقوى الإستعمار ,بل على العكس من ذلك وظف كل تجاربه وخبراته التي اكتسبها أثناء إقامته بفرنسا من أجل تحرير شعبه ونيل حريته, وقد تحققت له الفرصة عندما عاد إلى وطنه جيبوتي قادما من فرنسا حيث تناءى إلى مسامعه خبر تأسيس حزب وحدة شباب الصومال(SYL) في مقديشو, وانتشار دعوات المد التحرري في المناطق الصومالية من أجل توحيد المناطق الصومالية ,ولم يتأخر محمود حربي عن هذا المد التحرري فكان في الصف الأول حيث افتتح فرعا للحزب في جيبوتي, وأصبح رئيسا له و صار يقود الكفاح الشعبي الوطني في المحمية الفرنسية, وفي سنة 1947 أنشأ أول نقابة للعمال وانتخب رئيسا لها,وكانت هذه النقابة تضم جميع الأيدي العاملة والتي تحولت فيما بعد إلى قوة سياسية مؤثرة تمكنت من تأسيس اول حزب في جيبوتي , سمي بحزب الإتحاد الجمهوري والذي نادى بإتحاد جميع المناطق الصومالية تحت علم واحد ,وتمثل نشاط هذا الحزب في نشر الوعي القومي بين صفوف الشعب, وازاء إزدياد الضغوط على المستعمر الفرنسي اضطر لتحقيق رغبة اعضاء الحزب بقيام مجلس تشريعي ,وذلك في عام 1950ليتم إجراء استفتاء شعبي لإختيار ممثل الصومال في المحمية الفرنسية, ففاز محمود حربي بذلك المنصب ,ولم يكتفي بذلك بل قام بقيادة النضال الإجتماعي, حيث كان العمال في المجتمع الجيبوتي يعملون من غير حقوق واستطاع محمود حربي بخطبه التحريضية من أسر انتباه الجمهور الذي كان شغوفا بهذا البطل ووضع فيه كل ثقته من أجل نيل حقوقه, وكانت إستجابة الجمهور في قمة الحماس حيث اندلعت سلسلة متواصلة من الإضرابات والتي شلت الحياة في جيبوتي, ليرضخ المستعمر الفرنسي بعدها لمطالب المضربين ويصدر قراراً بزيادة الرواتب بنسبة 50% ومنح العمال وضعا أفضل من السابق.
وإزاء استمرار الكفاح والمطالبة بالإستقلال اضطر الفرنسيون إلى إصدار قانون بمنح جميع المستعمرات الفرنسية حق تأليف حكومات محلية ,فحل المجلس القديم وأجريت انتخابات جديدة ودخل معركتها حزبا الإتحاد الجمهوري بقيادة محمود حربي والحزب الوطني وفاز فيها جزب الإتحاد الجمهوري بجميع المقاعد في المجلس التشريعي, وألف المناضل محمود حربي أول وزارة من العناصر الوطنية وكان جميع أعضائها من الجيبوتيين, وعندما انتهت مدة عضوية نائب المستعمرة في مجلس الشيوخ الفرنسي تقدم للإنتخابات السيد احمد فتحي قوضي وهو أحد أعضاء حزب الإتحاد الجمهوري, ففاز في الإنتخابات بعضوية مجلس الشيوخ الفرنسي وأصبح حزب الإتحاد الجمهوري هو الذي يحكم الصومال الفرنسي, إذ ان المجلس التشريعي يتألف من أعضائه ,والوزارات المحلية هي الأخرى مكونةمن أعضائه, كما أن رئيس الوزراء هو رئيس الحزب وممثله في الحزب الوطني وممثله في الجمعية الوطنية, وأحد أعضائه يمثل الصومال في مجلس الشيوخ الفرنسي.
صفعة على وجه ديغول
وعندما وضع ديغول دستوره الجديد,الذي ادعى فيه ان من حق أي مستعمرة فرنسية ترفض هذا الدستور ان تحصل على الإستقلال, رأى محمود حربي أن الفرصة أصبحت سانحة لحصول المحمية الفرنسية على الإستقلال عن طريق التصويت بــ لا على الدستور, وكان يحذوه الأمل أن يتم ذلك سريعا للحاق بموعد إتحاد الصومال الإيطالي والبريطاني والذي سيتم بعد سنتين من موعد الإستفتاء في جيبوتي حيث كان يتمنى رؤية تحقق حلمه في قيام الصومال الكبرى .
وفي 28 من سبتمبر 1958 قبل خمسة ايام من الإستفتاء على الدستور, ألقى محمود حربي خطابا للشعب حرضهم فيها على رفض الدستور الفرنسي والإستفتاء عليه بــ لا وذلك من أجل الإستقلال والتحرر من الإستعمار الفرنسي, وكان خطابه مفعما بالحماسة وامام توسع النشاطات التحررية التي كان يقوم بها محمود حربي, حاول الإستعمار الفرنسي استمالته بشتى الطرق كي يوقف حملته, وابدى انزعاجا واضحا من طموحاته لإستقلال جيبوتي, فقام بإستخدام البطش والتنكيل ضد رموز حزب الإتحاد الجمهوري ومنع الإجتماعات والمظاهرات الوطنية, وزج الإستعمار بعدد كبير من المواطنين في غياهب السجون ,ولكن كل محاولاته ذهبت أدراج الرياح عندما صوت الشعب ضد الدستور ومع الإستقلال بنسبة 80% ,فكان ذلك الإستقتاء بمثابة الصفعة على وجه ديغول الذي قام بعزل الحاكم الفرنسي لجيبوتي وتعيين بديل له ,ومن ثم أذيعت نتيجة مزيفة للإستفتاء بطريقة اظهرت مدى وقاحة الإستعمار وعدم اكتراثه برغبة الشعب, فاحتجت العناصر الوطنية على هذا الإجراء وقامت مظاهرات صاخبة حدث فيها إشبتاكات بين الوطنيين وقوى الإستعمار, وقد كان البطل محمود حربي في طليعة المتجمهرين وقاد الشعب في تلك المظاهرات, لكن الإستعمار نكل بالمتظاهرين, وقام بإطلاق النار العشوائي عليهم حيث أصيب محمود حربي في تلك الواقعة وكادوا أن يقتلوه لولا أن هبت الجموع الغاضبة وقامت بإنقاذه.
وعندما رأى تعنت قوات الإستعمار في وطنه, اتخذ قراره في السفر إلى فرنسا من أجل توضيح مدى حجم الجرائم التي لحقت بالشعب الأعزل والتجاوزات على الدستور وعلى الشرعية, وعلم بعد رحلته إلى باريس أن المستعمر الفرنسي كاذب في دعواه,وادرك عدم رغبته في إحترام حق الشعب وإصراره في إستمرار السياسة الإستعمارية في جيبوتي, لذا تيقن محمود حربي أن النضال السياسي السلمي الذي كان يمارسه وصل إلى طريق مسدود, فقرر بعدها الذهاب إلى عدة دول من أجل الحصول على دعمها لتحرير وطنه, فذهب إلى الإتحاد السوفيتي والصين ومصر ثم أخيرا إلى الصومال والتي استقر فيها, و أعلن من العاصمة الصومالية مقديشو بدء الكفاح المسلح ضد المستعمر الفرنسي و قيام جبهة تحرير الساحل الصومالي, وقد وضع أول لبنة لشعار جمهورية جيبوتي وهو مع انشغاله في التحضير للكفاح المسلح ضد المستعمر الفرنسي في جيبوتي لم يكن بعيدا عن الشأن الداخلي الصومالي, فقد كان له دور كبير في الحياة السياسية الصومالية