التوازنات ما بين الهند وباكستان في مطلع الألفية الثالثة

mohammed bassam

رزانة العقل
صقور الدفاع
إنضم
6 يوليو 2008
المشاركات
4,769
التفاعل
113 0 0
منذ انفصال دولتَي الهند وباكستان، عام 1947، فإن كلاًّ منهما تحاول تنمية قدراتها، في المجالات المختلفة؛ لكي تعتلي مكاناً مؤثراً، في المستويَين: الإقليمي والعالمي، انطلاقاً من نظرية سياسية، تدرس في المعاهد والكليات المتخصصة، وتقوم عليها سياسة الدولة في علاقاتها بالمجال الحيوي"Lebensraum"، والمجالات الأخرى. وهذه الركائز تتحدد في:
1. أن المصلحة الوطنية هي قِمة الغايات القومية، التي تحددها الإستراتيجية السياسية. كما أن ممارسة الدولة لسياستها الخارجة تستند إلى قِواها الشاملة، وتتصاعد عندما يكون هناك تهديد أو مساس بالمصلحة الوطنية، أو الأمن القومي الشامل.
2. أن القدرة الشاملة للدولة، وفي مقدمتها القوة العسكرية، هي السند الرئيسي لسياستها في تحقيق أهدافها، وفرض الإرادة، باستخدامها عند اللزوم، وعندما تعارض مصالحها مصالح أخرى مضادة. أمّا القول بأن السياسة، تستند إلى الشرعية أو القانون، فهو قول، أثبتت الأحداث فشله، وعدم جدواه، خاصة في عالم أحدية القوة.
3. أن القدرة الاقتصادية للدولة، هي القاطرة التي تستند إليها القوى الأخرى، في تحقيق أهدافها. ومن دون اقتصاد، فإن تأثير الدولة في مجالها الحيوي، سيتقلص؛ نتيجة لمشاكل، ستؤثر في داخلها، إلى جانب تقلص إمكانيات القدرة العسكرية؛ نتيجة لضعف الإنفاق العسكري.
4. أن الرغبة في التأثير والتوسع، لدى الدول الكبرى، هي قانون أزلي، استمر عبر التاريخ، وأدى إلى صعود دول وإمبراطوريات وهبوطها. والهند تشعر بأنها دولة كبيرة، لها حق التأثير، بقدر في إقليمها والعالم. وكان أهم ما تتوجه به الهند من تأثير، هو في اتجاه باكستان، التي انفصلت عنها، نتيجة تقسيم استعماري. وفي المقابل، فإن هذه الأخيرة، تشعر أنها نِدّ للأُوْلى، ولا بدّ أن تتصدى لأطماعها.
والنزاعات والتحديات ما بين الهند وباكستان، لم تتوقف لحظة، منذ إعلان الاستقلال، عام1947. لذلك، فإن كِلْتَيْهِما حاولت جاهدة أن تحقق التوازن بينها وبين الأخرى، بأسلوبها وإمكانياتها، ولكلّ منهما وجهة نظرها الخاصة، التي تمتلئ بالشكوك والهواجس، في ضوء التاريخ الدامي، وووفقاً للحاضر الشائك في كشمير، ونظراً إلى اختلال توازن القوى، بحكم حقائق كثيرة، لا يمكن تجاهلها.
فالهند شبه قارة مترامية الأطراف. أمّا باكستان، فدولة متوسطة المساحة. وعدد سكان الأُوْلى تعدى المليار نسمة. أمّا الثانية، فلا يكاد يناهز عدد سكانها سدس سكان نِدِّها.
ولا يقتصر الخلل في التوازن الإستراتيجي بين الدولتَين على ذلك، بل يمتد إلى أوضاعهما الجيو-استراتيجية. فالهند تنفذ إلى المياه الزرقاء للمحيط الهندي، وبحر العرب. أمّا باكستان، فهي ممتدة، في شكل مستطيل مائل، من الجنوب إلى الشمال، قاعدته ضيقة على بحر العرب؛ وبعدها، لا توجد إلا حدود مهددة بجميع أنواع الخصومات والأزمات. ففي الشرق والجنوب، هناك الهند، وساحة النزاع في كشمير. وفي الشرق والشمال الشرقي، ثمة أفغانستان، التي باتت تمثل تهديداً ونزفاً لجارتها. وفي الجنوب الغربي، ثَمّ إيران، حيث العلاقات متوترة. وفي أقصى الشمال، تبدو الصين حليفاً منطقياً لباكستان؛ لعلاقات بكين المتوترة بنيودلهي.
أولاً: الرؤية الباكستانية لتحقيق التوازن
تدرك باكستان حقيقة الخلل في التوازن مع الهند، وعلى الرغم من ذلك، فإنها تتبع نظرية المفكر الإستراتيجي، والتر ليبمان، حول العلاقة بين القوة العسكرية والأمن القومي، حيث يذكر أن الدولة، ستكون آمنة، حينما لا تضطر إلى التضحية بمصالحها المشروعة، لكي تتجنب الحرب؛ بل يجب أن تكون مستعدة للتلويح بها، عندما تتحدث عن تحقيق تلك المصالح؛ بمعنى أن أيّ تهاون في امتلاك قدرة ردع، هو تهاون في تحقيق الأمن القومي للدولة. وهو ما أدى إلى تصميم رئيس وزراء باكستان الأسبق، ذو الفقار علي بوتو، على امتلاك سلاح ردع نووي، في مواجهة الهند، على الرغم من الحسابات، التي عارضت ذلك، آنئذٍ.
وتتأسس وجهة النظر الباكستانية تجاه الهند على الشك المطلق في التحركات الهندية، وتأويلها دوماً بأنها موجهة إلى باكستان. كما أن الهند، طبقاً للتقييم الباكستاني، دولة عدوانية، تصبو إلى بناء إمبراطوريتها الخاصة، في المحيط الهندي، على حساب الآخرين. ولذا، أقامت آلة حربية هائلة، وأسطولاً مجهزاً للوصول إلى المياه الزرقاء البعيدة. كما أن سياستها، تستهدف إخضاع شعوب المنطقة، كما هو حادث في كشمير؛ فضلاً عن أنها دولة، تميز الأكثرية على الأقليات، وخاصة الإسلامية.
وتؤسس باكستان توازناتها على الآتي:
1. التمسك بأحقية شعب كشمير بالحكم الذاتي
ترى باكستان، أن مشكلة كشمير، التي بدأت منذ قرار التقسيم، عام1947، تدل دلالة واضحة على نيات الهند في تحقيق مصالحها، على حساب باكستان. فالمهاتما غاندي، الذي كان يقود الهند، في تلك المرحلة، وهو الذي كافح من أجل الحصول على الاستقلال، وكان ينادى بالتحرر، ويعلن كراهيته للاستعمار ـ هو نفسه كان المهندس الرئيسي للسيطرة على أجزاء من منطقة كشمير لمصلحة بلاده، ولم يتخلَّ عن أحقيتها بها؛ على الرغم من المواجهة الهندية- الباكستانية، وقتئذٍ. ومن ثَمّ، فإن السياسة الباكستانية، تعمل بكلّ الجهد والطاقة على منع الهيمنة الهندية، وخاصة في المسائل الدفاعية؛ لتبديد أوهام القيادة الهندية بالقدرة على العدوان، من دون عقاب رادع؛ وهو ما حَمَل البلدَين على سباق التسلح، وخاصة في المجال التقليدي.

السباق النووي

أفقدت مشكلة كشمير كلاًّ من باكستان والهند أيّ ثقة بالأخرى، فلم تحققا أيّ نجاح في شأنها، عدا اتفاقية تقسيم مياه النهر، التي أدارها البنك الدولي. ولو حُلَّت هذه المشكلة، لربما سَلِمَت العلاقات بين الدولتين من أيّ مشكلة؛ إذ إنه لا خلافات حدودية بينهما، ولم ينجم عن التداخل: العرقي والديني، بين مواطنيهما، على جانبَي الحدود أيّ مشكلة.
إن هدف باكستان هو تصحيح الخلل، الذي أحدثته الهند، بقوة، في كشمير. وترى أنها دولة، ليست عدوانية؛ بل تسعى إلى تحقيق مصالحها المشروعة. ومن ثَم، فإنه من الضروري حل مشكلة كشمير حلاً نهائياً، حتى لا يكون هناك مصدر تهديد أو توتر مع الهند، مستقبلاً. وهناك اتجاهان لحل مشكلة كشمير، من وجهة نظر باكستان.
الاتجاه الأول، يرى أنه من الضروري البدء بالحل، من خلال تدخّل المجتمع الدولي؛ وأن يكون معيار الحل هو إعطاء حق تقرير المصير لمواطني كشمير، حسب القرارات الدولية. ثم يتجه بعد ذلك إلى تنشيط العلاقات بين الدولتَين (والافتراض الذي يقوم عليه هذا الاتجاه، يتأسس على أن كشمير، تشكل قلب التوتر في العلاقات الهندية- الباكستانية؛ وأن هذا القلب المعالَج من شأنه أن يسمح بالتحول إلى أيّ قضية أخرى، لتسويتها. وهو الاتجاه الذي تسعى إليه باكستان).
الاتجاه الثاني، يرى أنه من الممكن تعليق مشكلة كشمير، فترة من الزمن، تُتَّخَذ إجراءات لبناء الثقة، بين البلدَين وتنشيط العلاقات والاتصالات بينهما، في المجالات: الرسمية وغير الرسمية، بداية بالخطوات الصغيرة، التي تكبر فيما بعد خطوة بعد خطوة. وبعد أن يتأتّى تدعيم العلاقات، وتجاوز مجالات الشك، وبناء الثقة، يمكِن حل مسألة كشمير نهائياً.
ترى باكستان، أن برنامج الهند النووي، لم يقصد به تحقيق التوازن مع الصين فقط؛ إذ إن الطبيعة الجغرافية بينهما، تعوق غزو أحدهما للآخر؛ وإنما المقصود به هو الهيمنة على المنطقة، وردع الآخرين وتخويفهم، وفى مقدمتهم باكستان. ويعزز طموحَها ذاك، أنها أمست عضواً سادساً في النادي الذري العالمي، وفرضت نفسها عضواً دائماً في مجلس الأمن، واضطلعت بدور قوة عظمى، تنافس الصين في الهيمنة على المنطقة. وهو ما لا يقبَله أيّ شخص في باكستان، وخاصة أن الهند، أخذت تشيع أن باكستان لا تمتلك إمكانيات نووية. ولا يمكنها تحمّل العقوبات المنتظرة، إذا كانت لديها هذه الإمكانيات، وأجرت تفجيرات نووية.
وترى باكستان كذلك، أن مجال التسليح التقليدي، لا يمكِنه تحقيق التوازن مع الهند، التي تمتلك جيشاً كبيراً، يناهز أربعة أمثال الجيش الباكستاني، وتدعمه صناعات عسكرية متقدمة، تفتقر إليها باكستان. ولذلك كان على إسلام آباد، أن تطور نظاماً إستراتيجياً، يمنحها ميزة عسكرية، يحاذرها أيّ عدوان عليها من دولة قوية، مثل الهند. وكان السلاح النووي هو الوحيد، من وجهة نظر باكستان، القادر على تحقيق التوازن، في المجال الإستراتيجي.
ويذكر السياسيون الباكستانيون، أن الرئيس الأمريكي السابق، كلينتون، زَيَّنَ لباكستان أن يقدم لها مِنَحاً مالية، يصل مجموعها إلى خمسة مليارات من الدولارات؛ وإسقاط الديون الأمريكية على باكستان؛ وإلغاء قانون "بريسلر"، الذي ينص على فرض عقوبات عليها، بسبب برنامجها النووي؛ ثم تسليمها صفقة طائرات، من طراز "ف-16"، سبق أن علَّقتها الحكومة الأمريكية؛ وأخيراً، توجيه دعوة إلى رئيس وزرائها لزيارة واشنطن. علّ كلَ ذلك يصرف باكستان عن طموحها النووي. ولكنها أدركت أن كلّ مليارات الدنيا، لا تمنح الباكستانيين الشعور بالأمن، فكانت الإجابة بلا. ولذلك، كان لا بدّ من تحقيق التوازن النووي، وهو الأسلوب الوحيد، الذي يحقق هذا الأمن. وفي ضوء التفجيرات النووية الباكستانية، تغيرت لغة الهند تماماً، تجاه باكستان، بعد أن تحقق التوازن.
3. العمق الإستراتيجي
إن باكستان تفتقر إلى العمق الإستراتيجي، في مواجهتها الهند، التي تحاول اتهام إسلام آباد بأنها تتدخل في شؤون أفغانستان، لتحقيق هذا العمق. أمّا الباكستانيون، فيرون أن العلاقات الحسنة بأفغانستان، من دون التدخل في الشؤون الداخلية، كفيل بتحقيق هذا العمق؛ من خلال دولة صديقة؛ وهو ما يحبط أهداف الهند في الإيقاع بين الدولتَين.
 
رد: التوازنات ما بين الهند وباكستان في مطلع الألفية الثالثة



ثانياً: الرؤية الهندية لتحقيق التوازن
الهند هي إحدى الدول الطامحة إلى تأكيد قدراتها، بصفتها واحدة من قوى العالم الكبرى ؛ والساعية، باستمرار، ومنذ حصولها على الاستقلال، إلى التأثير في مجالها الإقليمي؛ تمهيداً لمطاولة التأثير المحيط الأكبر آسيويا، ثم المحيط العالمي. وتحقيقاً لمآربها، فإنها تؤسس توازناتها على الآتي:
1. تأكيد علاقات حسن الجوار
وطبقاً لمبدأ "جوجرال"، (رئيس وزراء الهند، في أوائل التسعينيات)، فإن علاقات الهند بجيرانها، قوامها الصداقة وحسن الجوار. والاختلاف في بعض القضايا، في إطار اتفاق عام على معظمها، هو أمر مألوف في العلاقات الدولية، بما فيها علاقات الهند بدول الجوار، والتي تكاد تخلو من أيّ توتر، لولا اضطراب علاقة نيودلهي بإسلام آباد؛ وهو ما يثبت أن هناك شيئاً، ما يجب أن يتفق عليه البلدان.
تقييد استخدام السلاح النووي
إن رؤية الهند الإستراتيجية للسلاح النووي، تتمثل في أنه ليس للاستخدام، وإنما هدفه هو الردع فقط. لذلك، فإن الحدّ الأدنى من الردع، يكفى؛ وسباق التسلح في المنطقة، لا جدوى منه؛ وتسلح الهند نووياً، ليس موجهاً إلى دولة بعينها. وما تفجيراتها النووية إلا استجابة للتدهور المطرد في الموقف الأمني الداخلي. علماً بأن الهند، كانت إحدى الدول الرئيسية في عالم عدم الانحياز، وفي مقدمة الدول الداعية إلى نزع السلاح.
لا حلول وسط لقضايا الأمن؛ فضلاً عن أن النظام النووي الدولي الحالي غير شامل، ويعتمد معياراً تمييزياً، لحساب الدول النووية الأصلية؛ بل إنه لا يعالج نوع السلاح النووي وهدفه معالجة كافية. ويجب عدم الالتفات إلى التقارير، التي تزعم تصاعد التوتر، في منطقة جنوبي آسيا، في أعقاب التفجيرات النووية الهندية. والهند لديها برنامج سلمي نووي، نفقاته محدودة، ومدته مديدة.
تطرح الهند، ومنذ عام 1994، مبادرات على باكستان، لعقد اتفاق، يمتنع بموجبه كلّ منهما عن البدء باستخدام الأسلحة النووية ضد الآخر. كما أنه منذ عقد التسعينيات، اقترحت نيودلهي، أن تصوغ الأمم المتحدة ميثاقاً دولياً، يمنع استخدام السلاح النووي، أو التهديد به؛ غير أن الدول النووية، آنئذٍ، رفضت هذه المبادرة.

مشكله كشمير

ترى الهند، أن هناك إمكانية لتسوية مسالة كشمير، في إطار ثنائي بينها وبين وباكستان؛ وأن مطالبة إسلام آباد بدور دولي في هذه المسألة غير مقبولة؛ إذ إنه لن يكون مفيداً، بأيّ حال.. وتتمسك نيودلهي باتفاق "سيملا"، الموقع بين الدولتَين، عام 1972، في أعقاب الحرب الهندية- الباكستانية، التي أدت على انفصال بنجلاديش عن باكستان؛ لأنه يمثل إطاراً صالحاً لتسوية جميع المشاكل الثنائية، بما فيها مشكلة كشمير.

ثالثاً: التوازن بين الهند وباكستان


1. التوازن من منظور جيو-إستراتيجي

يُعَدّ التوازن، في هذا المجال، هو في مصلحة الهند مطلقاً، من المنظور التالي:
أ. تُُعَدّ جمهورية الهند هي أكبر دولة في شبه القارة الهندية. تناهز مساحتها 3.3 ملايين كيلو متر مربع، وفى هذا فهي الدولة الثالثة، من حيث المساحة، بعد روسيا والصين. أمّا باكستان، فلا تتعدى مساحتها 796 ألف كم2، بنسبة 1: 4.15 من مساحة الهند.
ب. الهند دولة بحرية، تمتد حدودها المائية على المحيط الهندي، وخليج البنجال، وبحر العرب، نحو 7 آلاف كم. ويقتصر المطل البحري لباكستان على بحر العرب فقط، نحو 1046 كم، بنسبة 1:7 . ومن ثَم، فإن موقع الهند، يسيطر تماماً على المحيط الهندي، الأمر الذي حَمَلَها على الاهتمام بأسطولها البحري اهتماماً، يحقق سيادتها، في منطقة جنوب شرقي آسيا.
ج. تقدَّر الحدود بين الهند وباكستان بنحو 2912 كم. وهي حدود طويلة، وتحتاج إلى تأمين مستمر؛ وهو ما دفع الدولتَين إلى اختصاصهما بالجزء الأكبر من قواتهما.
د. إن المساحة الكبيرة للهند، وتعدُّد تضاريسها، جعلاها من أكثر الدول إنتاجاً للمواد الزراعية، إذ تناهز مساحتها المزروعة 150 مليون هكتار. كما أدّيا إلى تحقيق اكتفاء ذاتي، وتوفير احتياطي ملائم من الحبوب. ناهيك بما تحتضنه أرضها من الخامات التعدينية المهمة، وكلّ ذلك، تفتقده باكستان.

2. التوازن من منظور ديموجرافي

ويُعَدّ التوازن، في هذا المجال كذلك، هو في مصلحة الهند، إلى حدّ بعيد، من المنظور الآتي:
أ. إن الهند هي الدولة الثانية، عالمياً، التي تعدى عدد سكانها المليار نسمة، بعد الصين؛ فبلغ 1.095.995 (بيانات يوليه 2006). ولم يتعدَّ عدد سكان باكستان 165.803.560 نفساً (بيانات يوليه 2006)، بنسبة 6.6 : 1. ويطاول معدل النمو السكاني، سنوياً، في الهند، 1.44%. أمّا في باكستان، فيبلغ 2.09%.
ب. تمثل المرحلة السِّنية، التي تراوح بين 13 و32 سنة؛ وهي المرحلة القادرة على العطاء والتعليم، نسبة 36% من تعداد السكان، في كلّ من الهند وباكستان على السواء، مع الفارق في حجم هذه النسبة من تعداد السكان في كلّ دولة. كما تناهز مرحلة الخبرة والعطاء، التي تراوح بين 33 و60سنة نسبة 27-28%، في كِلْتا الدولتَين.
ج. تمثل نسبة القادرين على حمل السلاح في الهند، من الرجال، الذين تتراوح أعمارهم بين 18 و32 سنة، نحو 13% من عدد السكان، أيْ نحو 135 مليوناً من الشباب، أمّا في باكستان، فتكاد تكون النسبة هي نفسها، أيْ نحو 19.5 مليون شاب.
د. على الرغم من الفارق الكبير في عدد السكان، إلا أن مسلمي الهند، المقدَّر عددهم بنحو 160 مليوناً، يكادون يعادلون مسلمي باكستان، التي يدين 97% من سكانها بالإسلام منهم 20% شيعيون، و77% سُنِّيون.
هـ. نسبة الذين يعيشون تحت خط الفقر، في الهند، 25% من سكانها؛ وفي باكستان 32% من عدد السكان؛ ومع مراعاة تعداد السكان، فإن هؤلاء يزيدون في الأولى أضعافاً على عددهم في الثانية.
و. ويبدو، من منظور التوازن: الجغرافي والديموجرافي، في كِلْتا الدولتَين، أن توازن عدد البشر ومقدار المساحة، أدى إلى عدم وجود فراغ أمنى إستراتيجي؛ فضلاً عن توافر الشباب القادر على حمل السلاح، وبقواه المطلوبة لتحقيق الهدف الاقتصادي، في كِلْتَيْهما.

3. التوازن من منظور سياسي

والتوازن، في هذا المجال كذلك، هو في مصلحة الهند، تأسيساً على الآتي:
أ. منذ استقلال الهند، وتولّي "جواهر لال نهرو" رئاسة أول حكومة هندية، وُضِعَت قواعد للتطبيق الديموقراطي، أرسخت مع مرور الأيام، الديموقراطية الهندية؛ فأدت إلى استقرار دستوري، وأمن في تبادل السلطة؛ وهو ما عكس تأثيره على التوجه السياسي للهند وتثيرها في مجالها الحيوي. بعكس باكستان، التي لم تحقق معادلة الديموقراطية؛ وإنما تعددت فيها الانقلابات العسكرية، فكثرت توجهات الدولة السياسية؛ ما أدى إلى انحسار تأثيرها في مجالها الحيوي.
ب. يباعد دين الدولة بين باكستان والهند. فتدين أولاهما بالإسلام، طبقاً لدستورها؛ ومن ثَم، فإن علاقاتها بالدول العربية علاقات خاصة. أمّا الثانية، فيدين معظم سكانها بالهندوسية؛ وهو ما يحمل تلك الدول على محاباة إسلام آباد، في أيّ نزاع بينها وبين نيودلهي.
ج. يخوّل الهند تطبيقها الديموقراطي القدرة على التحرك والعمل الجاد، في سرعة تغيير المواقف، طبقاً لما يسفر عن النظام العالمي؛ وهو ما لم يتحقق لباكستان. وقد نجحت نيودلهي، في بداية التسعينيات، حينما أفل نجم الاتحاد السوفيتي القديم، في التحول السريع إلى الانفتاح على الغرب، والاندماج في العولمة، وخاصة في المجال الاقتصادي. وهو ما لم يتأتَّ لإسلام آباد.
د. إلى جانب ذلك، فإن العاملَين: الجغرافي والديموقراطي، في الهند، أدّيا إلى دعم قدرتها السياسية، كما أن القدرتَين: الاقتصادية والعسكرية، أدتا إلى النتائج نفسها. ناهيك بأن تقدم نيودلهي في صناعة البرمجيات وتصديرها، أدّيا إلى تأثير قوي، في مصلحتها.
هـ. كما أن امتلاك الهند للقدرة النووية، أدى إلى ازدياد هذا التأثير .
و. والحصيلة أن اسم الهند، أصبح متداولاً، بقوة، لاحتلال موقع دائم، في مجال تطوير مجلس الأمن الدولي؛ وهو ما يعكس ما حققته، من قدرة سياسية، فاقت فيها باكستان.

4. التوازن من منظور اقتصادي

والتوازن، في هذا المجال كذلك، هو في مصلحة الهند، تأسيساً على ما يلي:
أ. اتجهت الهند إلى الإصلاح الاقتصادي، منذ عام1991؛ في محاولة لمواكبة العولمة الاقتصادية. وتسعى، حالياً، إلى الانضمام إلى النمور الآسيوية، بل إنها تتخطاها إلى مجالات أوسع. وهو ما لم يتحقق لباكستان.
ب. يُعَدّ الاقتصاد الهندي، حالياً، واحداً من أكبر الاقتصادات، في مستوى العالم، إذ قارب إجمالي الناتج القومي 3.666 تريليونات دولار (تقدير 2005) ؛ وناهزت الميزانية العامة للهند 719.8 مليار دولار (تقدير 2005)، بمعدل نمو 8.4%؛ وقدِّر نصيب كلّ هندي من الناتج المحلي بنحو 3400 دولار (تقدير 2005). أمّا باكستان، فقد بلغ ناتجها الإجمالي 293.2 مليار دولار (تقدير 2005)، تمثل نسبة 10.7% من الناتج الهندي؛ وناهزت ميزانيتها 89.55 مليار دولار، بنسبة 12.44% من الميزانية الهندية؛ ووصل معدل النمو إلى 6.2%؛ كذلك وصل نصيب كلّ باكستاني من الناتج المحلي إلى 2400 دولار، بنسبة 70.5% من نصيب نظيره الهندي.
ج. تصل مساهمات القطاعات المختلفة في الناتج الإجمالي، لكلّ من الهند وباكستان، إلى الآتي:
(1) قطاع الزراعة: يسهم، في الهند، بنسبة 18.6%، ويعمل فيه 60% من قوة العمل. ويسهم، في باكستان، بنسبة 21.6%. ويعمل فيه 42% من قوة العمل. بمعنى أن الزراعة في كِلا البلدَين، تسهم إسهاماً محدوداً في الاقتصاد القومي؛ على الرغم من استنفادها القدر الأكبر من الأيدي العاملة.
(2) قطاع الصناعة: يسهم، في الهند، بنسبة 27.6%. ويستهلك نسبة 17% من قوة العمل. ويعتمد، أساساً، على قدرات متقدمة، أهمها الصناعات التكنولوجية المتقدمة، مثل صناعة البرامج والآلات... ويسهم هذا القطاع، في باكستان، بنسبة 25.1%، من خلال صناعات تقليدية، ويستهلك نسبة 20% من قوة العمل.
(3) قطاع الخدمات: ويسهم، في الهند، بنسبة 53% من إجمالي الناتج القومي. ويعمل فيه 23% من قوة العمل. ويسهم في الاقتصاد الباكستاني بنسبة 53.3% كذلك. ويستهلك نسبة 38% من قوة العمل.
(4) واستطراداً، فإن الإحصائيات، تشير إلى أن اقتصاد البلدَين، لا يزال يندرج في مستوى الدول النامية، من حيث التوجهات الاقتصادية.
د. نسبة الإنفاق العسكري، في الموازنة العامة الهندية، والتي تداني 2.5% (نحو 18مليار دولار) ـ تزيد على الإنفاق العسكري الباكستاني، الذي يصل إلى 3.5 مليارات دولار (بنسبة 3.9% إلى ميزانية الدولة) بنسبة 5.14 :1؛ وهو ما أدى إلى أن تفوق الهند باكستان، في مجال الأسلحة التقليدية.
هـ. الاقتصاد الهندي، يحقق مميزات عديدة، تجعله، مستقبلاً، ينمو نمواً متعاظماً. وفي مقدمة هذه المميزات قدرته على جذب الاستثمارات الخارجية، واهتمامه بصناعة البرمجيات، وتوسيع مجالات تعاونه على جذب التكنولوجيا، بما في ذلك تعاونه مع إسرائيل. ويضع الاقتصاد الهندي قواعد منافسته للاقتصاد الصيني المطَّرد النمو، وليس الاقتصاد الباكستاني؛ وهو ما يجعله يحقق خطوات سريعة إلى الأمام، يفقدها الاقتصاد الباكستاني.

5. التوازن في المجال العسكري

على الرغم من الإمكانيات الكبيرة، التي تمتلكها الهند، إلا إن ما حققته باكستان، في المجال فوق التقليدي، بامتلاكها السلاح النووي ووسائل الإطلاق، أدى إلى تحقيق توازن إستراتيجي مع الهند، على توافر إمكانات نيودلهي، التي اضطرت إلى التلطف في مخاطبة إسلام آباد، منذ عام 1998، في أعقاب جولة التفجيرات الذرية المتبادلة. ومن ثم، فإن توازن الرعب، أدى إلى اختلاف مفهوم حسابات القوة، تأسيساً على أن السلاح النووي قادر على إحداث تأثيرات عنيفة، تتميز بالكثافة السكانية، إلى جانب تعدد الأهداف الإستراتيجية، التي يمكن ضربها، وتؤثر سلباً في قدرات الهند.
وفي مجال التوازن التقليدي، فإن الهند تفوق باكستان في الآتي:
أ. القوات المسلحة الهندية العاملة مليون و175 ألف شخص، إلى جانب 528.400 شخص احتياطي، أيْ أن إجمالي القوات المسلحة يصل إلى مليون و1.703.400 شخص. ويقارب عدد القوات المسلحة الباكستانية العاملة 587 ألف شخص، إلى جانب 513 ألفاً من الاحتياطي؛ بإجمالي مليون ومائة ألف شخص؛ فهي تشكل نسبة 64.6% من عدد القوات المسلحة الهندية.
ب. تتأسس القدرة العسكرية على قاعدة صناعات عسكرية، يستمر تحديثها، بالتعاون مع الدول، التي تمتلك تكنولوجيا متقدمة، بما فيها إسرائيل؛ إلى جانب استيراد السلاح، والتصنيع المشترك مع العديد من دول العالم، وفي مقدمتها روسيا، وإسرائيل. وقد وصلت مشتريات السلاح، التي تعاقدت عليها نيودلهي مع تل أبيب، عام 2005، بنحو 900 مليون دولار. ناهيك بأن الهند بدأت تستعين بالتكنولوجيا العسكرية الإسرائيلية، في مجال صناعات الإلكترونيات والرادارات، والتي بدأت الهند بتصنيعها، منذ ثلاث سنوات، ولم تصل إلى درجة متقدمة؛ ولذلك استعانت بالشركات الإسرائيلية على الإنتاج المشترك، والتطبيقات الإسرائيلية في هذا المجال.
ج. تمتلك الهند قوة بحرية متميزة، تحقق من خلالها السيطرة على المجال البحري، المؤدي إلى باكستان؛ وهو ما يجعل إسلام آباد تضيق بالأسطول البحري الهندي.
د. حققت الهند تقدماً في مجال صناعة الصواريخ الباليستية وتطويرها، لتفوق جارتها، التي تمتلك هي كذلك صناعات صواريخ متقدمة.
هـ. تمكنت الهند من كسر حلقات استيراد الأسلحة المتقدمة وتنويعها، في مستوى العالم. وهو ما لم تحققه باكستان، حتى الآن.
و. في مجال التعاون النووي، خطت الهند خطوة أساسية، في التعاون مع الولايات المتحدة الأمريكية، في مجال البحوث النووية المتقدمة، طبقاً للبروتوكول، الذي وقعه الرئيس بوش، أثناء زيارته نيودلهي، في مستهل عام 2006. وهو ما لم تحققه باكستان، على الرغم من التعاون والتنسيق الإستراتيجي مع واشنطن، في الحرب على أفغانستان.
 
رد: التوازنات ما بين الهند وباكستان في مطلع الألفية الثالثة

الخلاصة
إن التفوق الهندي، في جميع المجالات، يحقق اختلالاً في التوازن مع باكستان، في مصلحة الهند؛ إلا أن عامل امتلاك الأسلحة النووية، أدى إلى كسر حلقات التفوق، وإحداث توازن، في المستويَين: السياسي والعسكري؛ فحال دون تفاقم الأمور، ولجوء طرف إلى استخدامه ضد الطرف الآخر. وتتضح قِيمة تأثير التوازن، في مجال الصراع الهندي- الباكستاني، من خلال التمييز بين مرحلتَين:
الأولى: في الفترة بين عامَي 1974 و1998، وهي مرحلة الاحتكار النووي. الهندي، وفيها حاولت الهند استغلال تفوقها الإستراتيجي في الضغط على باكستان، وإجبارها على القبول بالرؤية الهندية لقضية كشمير؛ وبما يجبر إسلام آباد على التوقف عن دعم المتسللين إلى ذلك الإقليم، أو مساعدة الحركات الإسلامية فيه؛ والتوقف عن الحديث بشأن المفاوضات أو الوساطة. ولم يتردد أحد كبار المسؤولين في الهند في مطالبة باكستان بأن تنسى موضوع كشمير تماماً، وتتخلى عن فكرة ضم جزئها الباكستاني إليها بشكل نهائي. كما ينصحها بأن تتجنب مصادمة الهند؛ لأن ذلك سيعود على إسلام آباد بعواقب وخيمة (ويدل ذلك على استغلال الهند تفوقها: النووي والتقليدي، في إملاء رؤية سياسية على الطرف الآخر).
الثانية: منذ مايو 1998، حين انضمت باكستان إلى النادي النووي. واتسمت بتغير الخطاب السياسي الهندي تغيراً مبيناً، وأضيفت إليه مصطلحات وعبارات جديدة، وخاصة في شأن كشمير، مثل: المفاوضات، والتسوية السلمية، وتلافي المواجهة... والتقى رئيس الوزراء الهندي الرئيس الباكستاني خارج اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة، في سبتمبر1998، وأصدرا بياناً مشتركاً بالتسوية السلمية للمشاكل المعلقة بينهما، بما فيها قضية كشمير. ثم جاء إعلان لاهور، في فبراير1999، ليدعو البلدَين للحدَ من أيّ مؤثرات، قد تدفعهما إلى المواجهة، في أعقاب أحداث "كارجيل"؛ مع التمسك بالتسوية السلمية، لخلافاتهما.
 
رد: التوازنات ما بين الهند وباكستان في مطلع الألفية الثالثة

هناك نقطه خطيرة ستتحقق قريبا وهي البدء ببناء شبكه مضاده للصواريخ البالستية ...... اي ستضعف الردع النووي الباكستاني
 
رد: التوازنات ما بين الهند وباكستان في مطلع الألفية الثالثة

هناك نقطه خطيرة ستتحقق قريبا وهي البدء ببناء شبكه مضاده للصواريخ البالستية ...... اي ستضعف الردع النووي الباكستاني

اذن فالحرب البارده ستعود الى الساحه لكن للاسف لا اتوقع ان بامكان باكستان ان تقوم بالرد​
 
رد: التوازنات ما بين الهند وباكستان في مطلع الألفية الثالثة

باكستان كدولة على شفى الانهيار والشئ الوحيد الذي يحفظها من منزلق مهلك هو الجيش وجلفاء الجيش الخارجيين.. كم ستستمر هذه المعادلة؟

علمها عند الراسخين في علم الشطرنج الاقليمي!
 
رد: التوازنات ما بين الهند وباكستان في مطلع الألفية الثالثة

باكستان كدولة على شفى الانهيار والشئ الوحيد الذي يحفظها من منزلق مهلك هو الجيش وجلفاء الجيش الخارجيين.. كم ستستمر هذه المعادلة؟

علمها عند الراسخين في علم الشطرنج الاقليمي!
راي صحيح وللاسف اظطراب الداخل الباكستاني هو من سيضعف هذه الدولة ما لم يستخدم الجيش العنف مع الجماعات المتخلفة التكفيرية وما لم يتحرك الازهر ليحل محل هولاء وبالتعاون مع عقلاء باكستان الوضع خطير جدا فبينما تتقدم الهند في كل المجالات نجد باكستان مكانك راوح ونخشى صوملة هذا البلد.
 
رد: التوازنات ما بين الهند وباكستان في مطلع الألفية الثالثة

رغم التفوق الهندي ، اليست باكستان صراحة افضل من العرب اجمعين ، فباكستان تتعامل مع الصين فقط، عكس العرب يشترون السلاح من كل جهة ، ولم يستطيعوا تحقيق اي توازن مع اعدائهم سواء تقليدي او نووي¿ باكستان عملت وتعمل ، رغم انها في الاخير بدأت تهدم نفسها بالتعاون مع امريكا.
 
رد: التوازنات ما بين الهند وباكستان في مطلع الألفية الثالثة

رغم التفوق الهندي ، اليست باكستان صراحة افضل من العرب اجمعين ، فباكستان تتعامل مع الصين فقط، عكس العرب يشترون السلاح من كل جهة ، ولم يستطيعوا تحقيق اي توازن مع اعدائهم سواء تقليدي او نووي¿ باكستان عملت وتعمل ، رغم انها في الاخير بدأت تهدم نفسها بالتعاون مع امريكا.

على العكس تماما :a020[2]: السلاح المتنوع افضل للجندي وافضل للدوله :yahoo[1]:​
 
عودة
أعلى