إيران ... تساند الشعوب
قراءة للدور الأيرانى فى الثورات العربية
محمد منصور - الجزيرة توك - مصر
تعددت التحليلات التي تتناول الدور الإيرانى في تسونامي الثورات العربية الذي بدأ من بوعزيزي تونس مروراً بخالد سعيد مصر..و أخيراً و ليس آخراً "اجدابيا" ليبيا و "درعا" سوريا و "لؤلؤة" البحرين و "صنعاء" اليمن...ولكن تتفق معظم الآراء على أن اليد الإيرانية فى بعض الثورات العربية واضحة وضوح الشمس ، بالتأكيد لم تكن هي مفجرة هذه الثورات و لكنها استفادت من الأوضاع الحالية بمنطق البحث عن المنفعة و المصلحة كما حدث بعد انهيار عراق صدام حسين الذي أثبتت الأيام صحة نظرته إلى الجار الإيراني..
الدور الإيراني تحديداً في ثورتي البحرين و سوريا واضح و لكنه فى الحالة البحرينية مختلف عنه في الحالة السورية...ففي البحرين يبدو الدور الإيراني أكثر وضوحاً لو وضعنا في الاعتبار الأغلبية المنتمية للمذهب الشيعي في البحرين خصوصاً و أننا على مدار أكثر من أسبوعين مازلنا نشاهد حملة إعلامية إيرانية شرسة للتنديد بما تسميه هذه الوسائل الإعلامية "مظالم" يعانيها الشعب البحرينى ، بالطبع الشعب البحريني يعيش في ظل ظروف اقتصادية ممتازة مقارنة بباقى الدول العربية و لكنه بالقطع لا يتمتع بأي حقوق سياسية تذكر و هذه حقيقة لا جدال عليها . و استغلت إيران هذه الحقيقة كي تستكمل مبدأً كنا ظننا أنه قد مات و اندثر بوفاة الخمينى ألا و هو مبدأ "تصدير الثورة" !
ولكن تبقى الحالة البحرينية هي المثال الأكبر على التدخل الإيراني في الداخل العربي و هذا التدخل فى الأساس يهدف لتقويض الداخل البحريني للضغط على الحكومة البحرينية كي تطلب من الأسطول الخامس الأمريكي و من أسراب المقاتلات المنتشرة في قاعدة الشيخ عيسى الجوية المغادرة...وهذه النقطة بالذات هامة و خطيرة فإيران يقلقها وجود هذا الكم من الأسلحة الهجومية على مرمى حجر منها...وبالتالي فهي تحاول الآن إعادة إحياء صراع تاريخي بدأ منذ أوائل سبعينيات القرن الماضي منذ إعلان استقلال البحرين و هذا الصراع بين الأسرة الحاكمة و الأكثرية الشيعية فى المملكة "70 بالمائة من السكان" كان له محطات عديدة أهمها عامى 1979 و 1994... المطالب الحالية للأغلبية الشيعية تتلخص في إقامة ملكية دستورية و جعل رئيس الحكومة من الطائفة الشيعية و إيقاف نظام التجنيس المعمول به في المملكة...بالطبع هذه المطالب مشروعة و لكن بنظرة فاحصة لها سنجدها تصب فى خانة صبغ الحكم في المنامة بصبغة شيعية ستدين بالقطع بالولاء لإيران و لعل لنا فى عراق نوري المالكي عبرة و عظة..
رد الفعل الحكومي في البحرين كان مغايراً لما كان متوقعاً...فبدلاً من محاولة امتصاص غضب الناس و عدم التعاطي معهم بالعنف لجأت الحكومة إلى هدم دوار "اللؤلؤة" و إلى استدعاء قوات درع الجزيرة و هذا بالقطع قد يساهم فى إسكات أصوات المحتجين لفترة...لكن ستظل المشكلة قائمة طالما لم يتم تلبية مطالب المحتجين بما يضمن استقلالية البحرين و عروبتها..
أما عن سوريا فالسؤال الأبرز هو أين هذه المساندة من جانب إيران للشعب السوري الذى يواجه نظاماً شمولياً قمعياً كنا نظن أن تجدد الدماء فيه سيسمح بمزيد من الانفتاح و الديموقراطية و لكن للأسف أحداث مدينة "درعا" تثبت أن النظام في سوريا يعاني مشكلة كبيرة مع شعبه الذي يعاني منذ عقود على المستوى الاقتصادي و السياسي و بالتالي لابد من إصلاح و مصالحة من الداخل كي لا تكون الفرصة سانحة للغرب كي ينقض على البقية الباقية من سوريا .فى الفترة السابقة كان التحالف السوري - الإيراني من أهم التحالفات الاستراتيجية في المنطقة و مكن هذا التحالف سوريا من عبور عدد من المطبات السياسية و لعل أهم هذه المطبات هي الهجمة الغربية عليها عقب اغتيال رئيس الوزراء اللبناني السابق رفيق الحريري ، ولكن الآن و في ظل هذه التغيرات الكبيرة في كل انحاء الوطن العربي لابد من أن تتناسى القيادة السورية ولو لبرهة الدعم الإيراني و تركز على الإصلاح الداخلي...فالشعوب حين تهب لن يوقفها أي شئ.
وإذا عدنا إلى الثورات الأخرى سنجد أن إيران اختلف موقفها من باقى الثورات.....موقفها من الثورة المصرية كان موقفاً مرحباً جداً و إن كان هذا الموقف قد ربط بين الدين و الثورة حينما قال المرشد العام للثورة الإيرانية إن هذه الثورة هي انتصار للإسلام و للشعوب المسلمة على الطغيان...وهذا الربط وضعه البعض في خانة دعم إيران المعنوي للتيارات الإسلامية في عموم الدول العربية خصوصاً الإخوان المسلمين ، كذلك كان موقف إيران من ثورة اليمن حيث باركتها أيضاً و هذا كان متوقعاً خصوصاً لو وضعنا في الاعتبار حملة إيرانية كان الإعلام الإيراني قد شنها على نظام علي عبد الله صالح إبان الاشتباكات مع الحوثيين الذين هم في النهاية ..شيعة
أما عن ثورة ليبيا فكان الموقف الإيراني أغرب ما يكون ، فالتعليق الإيراني على هذه الثورة كان خجولاً لدرجة كبيرة و لم نجد غيرة منها على أرواح الضحايا الأبرياء بل من الممكن أن نلخص موقفها فى ثلاث نقاط : الأولى: أنها أبدت رفضها لأي زيادة في إنتاج النفط فى منظمة أوبك ، و الثانية: أنها رفضت التدخل العسكرى الأجنبي في ليبيا بدون أن تلتفت إلى ما يقاسيه الشعب الليبي على يد كتائب القذافي و الثالثة عودتها للحديث عن الأمام الشيعي موسى الصدر الذي اختفى أثناء زيارة إلى ليبيا فى سبعينيات القرن الماضي......أي أن موقف إيران من ثورة ليبيا أيضاً تحكمه المصالح..لا العواطف
تصدير الثورة بالنسبة لإيران أصبح كاحتلال الأراضي العربية بالنسبة لإسرائيل...تأمين لمحيطها الإقليمي و ضمان لمصالحها الاقتصادية و السياسية...أي أن الموضوع ليس كما تقول الحكومة الإيرانية "مساندة لمطالب الشعوب العادلة" و بالتالي بات من الواضح أن رد الفعل الإيراني على الثورات العربية كان متفاوتاً و تحكمه لغة المصالح و التحالفات...ولكنها بالتأكيد مستفيدة من بعض هذه الثورات بشكل أو بآخر...على الأقل لم يعد يلتفت أحد للثورة الداخلية في إيران .....في منطقة الأحواز العربية
قراءة للدور الأيرانى فى الثورات العربية
محمد منصور - الجزيرة توك - مصر
تعددت التحليلات التي تتناول الدور الإيرانى في تسونامي الثورات العربية الذي بدأ من بوعزيزي تونس مروراً بخالد سعيد مصر..و أخيراً و ليس آخراً "اجدابيا" ليبيا و "درعا" سوريا و "لؤلؤة" البحرين و "صنعاء" اليمن...ولكن تتفق معظم الآراء على أن اليد الإيرانية فى بعض الثورات العربية واضحة وضوح الشمس ، بالتأكيد لم تكن هي مفجرة هذه الثورات و لكنها استفادت من الأوضاع الحالية بمنطق البحث عن المنفعة و المصلحة كما حدث بعد انهيار عراق صدام حسين الذي أثبتت الأيام صحة نظرته إلى الجار الإيراني..
الدور الإيراني تحديداً في ثورتي البحرين و سوريا واضح و لكنه فى الحالة البحرينية مختلف عنه في الحالة السورية...ففي البحرين يبدو الدور الإيراني أكثر وضوحاً لو وضعنا في الاعتبار الأغلبية المنتمية للمذهب الشيعي في البحرين خصوصاً و أننا على مدار أكثر من أسبوعين مازلنا نشاهد حملة إعلامية إيرانية شرسة للتنديد بما تسميه هذه الوسائل الإعلامية "مظالم" يعانيها الشعب البحرينى ، بالطبع الشعب البحريني يعيش في ظل ظروف اقتصادية ممتازة مقارنة بباقى الدول العربية و لكنه بالقطع لا يتمتع بأي حقوق سياسية تذكر و هذه حقيقة لا جدال عليها . و استغلت إيران هذه الحقيقة كي تستكمل مبدأً كنا ظننا أنه قد مات و اندثر بوفاة الخمينى ألا و هو مبدأ "تصدير الثورة" !
ولكن تبقى الحالة البحرينية هي المثال الأكبر على التدخل الإيراني في الداخل العربي و هذا التدخل فى الأساس يهدف لتقويض الداخل البحريني للضغط على الحكومة البحرينية كي تطلب من الأسطول الخامس الأمريكي و من أسراب المقاتلات المنتشرة في قاعدة الشيخ عيسى الجوية المغادرة...وهذه النقطة بالذات هامة و خطيرة فإيران يقلقها وجود هذا الكم من الأسلحة الهجومية على مرمى حجر منها...وبالتالي فهي تحاول الآن إعادة إحياء صراع تاريخي بدأ منذ أوائل سبعينيات القرن الماضي منذ إعلان استقلال البحرين و هذا الصراع بين الأسرة الحاكمة و الأكثرية الشيعية فى المملكة "70 بالمائة من السكان" كان له محطات عديدة أهمها عامى 1979 و 1994... المطالب الحالية للأغلبية الشيعية تتلخص في إقامة ملكية دستورية و جعل رئيس الحكومة من الطائفة الشيعية و إيقاف نظام التجنيس المعمول به في المملكة...بالطبع هذه المطالب مشروعة و لكن بنظرة فاحصة لها سنجدها تصب فى خانة صبغ الحكم في المنامة بصبغة شيعية ستدين بالقطع بالولاء لإيران و لعل لنا فى عراق نوري المالكي عبرة و عظة..
رد الفعل الحكومي في البحرين كان مغايراً لما كان متوقعاً...فبدلاً من محاولة امتصاص غضب الناس و عدم التعاطي معهم بالعنف لجأت الحكومة إلى هدم دوار "اللؤلؤة" و إلى استدعاء قوات درع الجزيرة و هذا بالقطع قد يساهم فى إسكات أصوات المحتجين لفترة...لكن ستظل المشكلة قائمة طالما لم يتم تلبية مطالب المحتجين بما يضمن استقلالية البحرين و عروبتها..
أما عن سوريا فالسؤال الأبرز هو أين هذه المساندة من جانب إيران للشعب السوري الذى يواجه نظاماً شمولياً قمعياً كنا نظن أن تجدد الدماء فيه سيسمح بمزيد من الانفتاح و الديموقراطية و لكن للأسف أحداث مدينة "درعا" تثبت أن النظام في سوريا يعاني مشكلة كبيرة مع شعبه الذي يعاني منذ عقود على المستوى الاقتصادي و السياسي و بالتالي لابد من إصلاح و مصالحة من الداخل كي لا تكون الفرصة سانحة للغرب كي ينقض على البقية الباقية من سوريا .فى الفترة السابقة كان التحالف السوري - الإيراني من أهم التحالفات الاستراتيجية في المنطقة و مكن هذا التحالف سوريا من عبور عدد من المطبات السياسية و لعل أهم هذه المطبات هي الهجمة الغربية عليها عقب اغتيال رئيس الوزراء اللبناني السابق رفيق الحريري ، ولكن الآن و في ظل هذه التغيرات الكبيرة في كل انحاء الوطن العربي لابد من أن تتناسى القيادة السورية ولو لبرهة الدعم الإيراني و تركز على الإصلاح الداخلي...فالشعوب حين تهب لن يوقفها أي شئ.
وإذا عدنا إلى الثورات الأخرى سنجد أن إيران اختلف موقفها من باقى الثورات.....موقفها من الثورة المصرية كان موقفاً مرحباً جداً و إن كان هذا الموقف قد ربط بين الدين و الثورة حينما قال المرشد العام للثورة الإيرانية إن هذه الثورة هي انتصار للإسلام و للشعوب المسلمة على الطغيان...وهذا الربط وضعه البعض في خانة دعم إيران المعنوي للتيارات الإسلامية في عموم الدول العربية خصوصاً الإخوان المسلمين ، كذلك كان موقف إيران من ثورة اليمن حيث باركتها أيضاً و هذا كان متوقعاً خصوصاً لو وضعنا في الاعتبار حملة إيرانية كان الإعلام الإيراني قد شنها على نظام علي عبد الله صالح إبان الاشتباكات مع الحوثيين الذين هم في النهاية ..شيعة
أما عن ثورة ليبيا فكان الموقف الإيراني أغرب ما يكون ، فالتعليق الإيراني على هذه الثورة كان خجولاً لدرجة كبيرة و لم نجد غيرة منها على أرواح الضحايا الأبرياء بل من الممكن أن نلخص موقفها فى ثلاث نقاط : الأولى: أنها أبدت رفضها لأي زيادة في إنتاج النفط فى منظمة أوبك ، و الثانية: أنها رفضت التدخل العسكرى الأجنبي في ليبيا بدون أن تلتفت إلى ما يقاسيه الشعب الليبي على يد كتائب القذافي و الثالثة عودتها للحديث عن الأمام الشيعي موسى الصدر الذي اختفى أثناء زيارة إلى ليبيا فى سبعينيات القرن الماضي......أي أن موقف إيران من ثورة ليبيا أيضاً تحكمه المصالح..لا العواطف
تصدير الثورة بالنسبة لإيران أصبح كاحتلال الأراضي العربية بالنسبة لإسرائيل...تأمين لمحيطها الإقليمي و ضمان لمصالحها الاقتصادية و السياسية...أي أن الموضوع ليس كما تقول الحكومة الإيرانية "مساندة لمطالب الشعوب العادلة" و بالتالي بات من الواضح أن رد الفعل الإيراني على الثورات العربية كان متفاوتاً و تحكمه لغة المصالح و التحالفات...ولكنها بالتأكيد مستفيدة من بعض هذه الثورات بشكل أو بآخر...على الأقل لم يعد يلتفت أحد للثورة الداخلية في إيران .....في منطقة الأحواز العربية