دراسة استخبارية إسرائيلية عن التعاظم العسكري لحماس في قطاع غزة
فهرس المواضيع
1) ملخص الدراسة
2) الفصل أ: مميزات عملية التعاظم العسكري لحماس في قطاع غزة
أ) مميزات المنظومة الهجومية والدفاعية
ب) تصور الدفاع عن قطاع غزة
ج) الفرق ما بين الظروف في قطاع غزة والساحة اللبنانية
3) الفصل ب: المنظومة التي تسيطر عليها حماس في قطاع غزة
أ) قيادة حماس في قطاع غزة
ب) حجم القوات العسكرية في قطاع غزة
ج) الذراع العسكرية التابعة لحماس (كتائب عز الدين القسام)
د) أجهزة الأمن الداخلية
ه) المنظمات الإرهابية الأخرى العاملة في قطاع غزة
4) الفصل ج: البنية التحتية البرية:
أ) معطيات أساسية جغرافية وديموغرافية
ب) المنظومة الواقعة تحت الأرض
5) الفصل د: تحسين الوسائل القتالية التي بأيدي حماس وباقي المنظمات الإرهابية
أ) مصادر الوسائل القتالية
ب) أسلحة الرمي غير المباشر (الصواريخ وقذائف الهاون)
ج) الأسلحة المضادة للدبابات
د) المتفجرات والعبوات الناسفة
ه) السلاح، الذخيرة والأسلحة المضادة للدبابات
6) الفصل ه: منظومات التصنيع الذاتي، التطوير وتهريب الوسائل القتالية
أ) منظومة التصنيع الذاتي
ب) منظومة تهريب الوسائل القتالية إلى قطاع غزة
7) الفصل و: التدريبات في قطاع غزة وخارجها (إيران، سوريا ولبنان)
8) الفصل ز: التصعيد الأخير في قطاع غزة والعبر منه بنظر حماس
ملخص الدراسة
1. إن انفصال إسرائيل عن قطاع غزة (خلال شهر آب 2005) أوجد واقعاً جديداً على أرض الواقع, وقد حث هذا الواقع الجديد على إقامة منطقة نفوذ واضحة ومميزة لحركة حماس في قطاع غزة. لقد نجحت حماس في تثبيت قوتها وتعزيزها على أرض الواقع وتحقيق مكاسب على الصعيد السياسي- الداخلي الفلسطيني، حيث فازت في الحملة الانتخابية للمجلس التشريعي بأغلبية الأصوات وشكلت حكومة برئاستها وفي وقت لاحق فرضت حماس سيطرتها على قطاع غزة عنوةً، وعملت على تفكيك القوة العسكرية والسياسية لحركة فتح وأجهزة الأمن الفلسطينية، ثم أقامت في قطاع غزة كياناً إسلامياً- راديكالياً ("حماستان"). إن هذا الكيان يتلقى دعما من إيران وسوريا ويدير سياسته الداخلية والخارجية، ثم يدير منظومة إرهابية ضد إسرائيل، وينفصل بشكل تام عن السلطة الفلسطينية في الضفة الغربية.
2.منذ انفصال إسرائيل عن قطاع غزة، وبمزيد من الشدة، خلال السنة الأخيرة الماضية، تدأب حركة حماس بخطوات حثيثة على القيام بعملية تعاظم عسكري. إن هذه العملية تتغذى من عوامل عدة:
أ. الصعوبات الجمة التي تواجهها حماس منذ توليها زمام الحكم، وخاصة بعد فرض سيطرتها على قطاع غزة. لقد اضطرت إلى التعاطي مع بعض من الصعوبات بما في ذلك العزلة السياسية والحصار الاقتصادي وعمليات الجيش الإسرائيلي في غزة والتآمر السياسي والحرب السياسية والإعلامية التي أعلنتها عليها حركة فتح والسلطة الفلسطينية برئاسة أبو مازن. إن هذه الصعوبات تخلق لدى حماس الشعور بالحصار، وتضع أمامها تحدياً سلطوياً غير منقطع، وتلزمها بإقامة منظومة عسكرية-أمنية تضمن لها مواصلة سيطرتها على قطاع غزة وتحميها من أعدائها الكثيرين داخل القطاع وخارجه.
ب.الواجب الملقى على عاتق حماس لإعطاء الرد على العمليات التي يمارسها الجيش الإسرائيلي في غزة، إلى جانب التخوف من إمكانية احتلالها أو أجزاءً منها. إن سيناريو سيطرة الجيش الإسرائيلي على القطاع عاد ليُطرح مراراً وتكراراً كلما ازداد الإرهاب الفلسطيني وتوسع وكثرت عمليات الإحباط والعمليات الوقائية التي تقوم بها قوات الأمن الإسرائيلية وذلك بالإضافة إلى ضرورة التعاطي يوميا مع الجيش الذي يقوم بعمليات إحباط مكثفة في غزة، بما في ذلك عمليات التصفية الموضعية التي تُنفذ ضد النشطاء الإرهابيين وعمليات الهجوم على قواعد ومنشآت عسكرية والعمليات البرية في شماله وجنوبه.
ج. إن نجاح منظمة حزب الله في إعطاء رد غير متكافئ على تفوق الجيش الإسرائيلي وقوته أثناء حرب لبنان الثانية، قد جعل منها في نظر حماس مصدراً للتقليد وقدوة يُحتذى بها. إن حرب لبنان الثانية ونتائج الإطلاق الصاروخي غير المنقطع على مدينة سديروت وبلدات النقب الغربي، قد جسدت بمزيد من الشدة الأهمية الإستراتيجية التي يحمل في طياته "سلاح الصواريخ"، على ضوء الإصابات التي ألحقت بالجبهة الداخلية المدنية الإسرائيلية. إن العبر التي تم استخلاصها في أعقاب حرب لبنان الثانية قد جسدت أيضاً الأهمية الكامنة في إقامة منظومة عسكرية تتميز بالمناعة وبالقدرة على البقاء والصمود، وتدافع عن سيطرة حماس في غزة، على غرار المنظومة العسكرية التي أقامتها منظمة حزب الله في جنوب لبنان.
3.على هذه الخلفية تقود حماس عملية حثيثة من التعاظم العسكري، تقف في صلبها منظومتان رئيسيتان: منظومة الأمن الداخلي، التي تقف في صلبها القوة التنفيذية التي تشكل الذراع الرئيسة لحماس في مجال سيطرتها على الساحة الداخلية، والذراع العسكرية التي تقف في صلبها كتائب عز الدين القسام، والتي تعمل على تخطيط وتنفيذ العمليات الإرهابية ضد إسرائيل وعلى القيام بالاستعدادات الدفاعية داخل قطاع غزة. تجدر الإشارة إلى أنه فيما لو تحقق سيناريو توغل الجيش الإسرائيلي في قطاع غزة، فسوف يندمج بعض النشطاء في منظومة الأمن الداخلي وبعض النشطاء من المنظمات الأخرى في الخطة الدفاعية لكتائب القسام.
4.إن عملية التعاظم العسكري لحماس تتضمن: توسيع حجم القوات (التي تبلغ الآن زهاء 20,000 ناشط يحملون السلاح ويخضعون لحماس أو ينخرطون في قواتها في حالة الطوارىء)، إعادة ترتيب قوات حماس في أطر شبه عسكرية، ممارسة التدريبات على نطاق واسع، داخل غزة وخارجه (وخاصة في إيران وسوريا)، توفير الوسائل القتالية المتطورة وخاصة الصواريخ المتطورة (التي يصل مداها إلى ما بعد مدينة أشكلون)، الوسائل المتطورة المضادة للدبابات (التي يقوم حزب الله باستعمالها) مثل الصواريخ من نوع "كونكورس" و"ساغر"، تحسين المنظومة القيادية وسيطرة القوات المنتشرة في كافة أنحاء قطاع غزة، تهيئة الجو على الأرض للدفاع، بما في ذلك إقامة بنى تحتية تحت أرضية في أنحاء غزة من أجل القتال والتستر، تطوير عبوات ناسفة ذات قوة تفجيرية فتاكة ووضعها بالقرب من المحاور (مثل العبوة الناسفة "شواظ") ووسط بؤر مختلفة يدور فيها القتال ضد الجيش.
5.إن عملية تعاظم حماس لا تزال جارية وسوف يستغرق تطبيقها الكامل، وفقاً لتقديراتنا عدة سنوات أما في بعض المكونات فيُلاحظ نضج أساسي، مما يوسع حجم التهديدات التي تفرضها حماس أمام الجيش الإسرائيلي وأمام سكان إسرائيل المدنيين الذين يعيشون في النقب الغربي. وتتضمن هذه التهديدات من ضمن ما تتضمنه، قدرات متطورة لتنفيذ عمليات إرهابية "نوعية" (عمليات تسلل إلى داخل إسرائيل من أجل تنفيذ عمليات اختطاف وعمليات قاتلة)، توسيع حجم الإطلاق الصاروخي باتجاه إسرائيل وتوسيع دقته ومداه والقوة الكامنة فيه، توسيع التهديدات الموجهة بواسطة الأسلحة المضادة للدبابات على الآليات المدرعة والتهديدات الموجهة ضد قوات المشاة التابعة للجيش الإسرائيلي، توسيع قدرة القوات العسكرية لحماس، التي من المفروض أن تدير القتال برمته من مناطق مكتظة بالسكان لتحافظ علي البقاء والصمود.
6. تتولى قيادة حماس في سوريا التي تعتمد على المساعدة الإيرانية والسورية وعلى الأموال التي تم جمعها في إيران والعالم العربي بل وحتى في الغرب عملية التعاظم العسكري لحماس في القطاع. إن المساعدة التي تقوم إيران وسوريا بتقديمها لتغذية عملية التعاظم العسكري لحماس، تتجسد في نقل وتصدير المعلومات الأيديولوجية والتكنولوجية، وفي توفير الوسائل القتالية والعتاد وفي تدريب نشطاء حماس في إيران وسوريا. حيث يتم تهريب الوسائل القتالية والأموال والنشطاء، التي يأتي مصدرها من إيران وسوريا إلى قطاع غزة عبر البنية التحتية المتشعبة للأنفاق (وعبر معبر رفح) مع القيام باستغلال عجز وتقصير قوات الأمن المصرية، التي تمتنع عن القيام بعمليات أمنية فعالة وناجعة تقطع "أنبوب الأوكسجين" الذي يربط بين حركة حماس وباقي المنظمات الإرهابية وبين الدول التي تدعمها.
الفصل الأول: مميزات عملية التعاظم العسكري لحماس في قطاع غزة
مميزات المنظومتان الهجومية والدفاعية
1.إن البنية التحتية العسكرية لحماس المبنية على المنظومة الهجومية والدفاعية، تهدف إلى إعطاء الرد لعدة احتياجات أساسية:
أ. تحقيق الهوية الجهادية لحماس بواسطة إدارة النشاط الإرهابي الدائم ضد إسرائيل، الذي يتميز منذ انفصال إسرائيل عن غزة (عام 2005) بإطلاق صاروخي مكثف (يزيد حجماً مما كان عليه في الماضي) باتجاه بلدات النقب الغربي (إحدى العبر التي تم استخلاصها من التجربة مع حزب الله في لبنان). وبالمقابل حاولت حماس مع تحقيق نجاح جزئي فقط تنفيذ عمليات إرهابية مع القيام باستعمال أنماط أخرى من العمل مثل العمليات الانتحارية وعمليات الاختطاف (مثل عملية اختطاف الجندي الإسرائيلي الأسير جلعاد شليط) وإطلاق النار ووضع عبوات ناسفة.
ب. تعاطي حماس مع العمليات المكثفة للجيش الإسرائيلي في القطاع التي تهدف الى منع اطلاق الصواريخ على امتداد الحدود والتعاطي مع تهديدها بتنفيذ عمليات إرهابية عن طريق الأنفاق ومنع تعزيز البنى التحتية الاستخبارية لحماس. لقد زاد هذا من حدة شعور حماس بالتهديد الذي يمكن له أن يحدق بها فيما لو تم تحقيق السيناريو (وفقا لتصورها) الذي يتم من خلاله احتلال قطاع غزة أو جزء منه من قبل إسرائيل. إن مثل هذا السيناريو قد يتم سواء كان ذلك أثناء وقوع جولات قتالية تقتصر على منطقة جغرافية معينة ومحدودة من حيث إطارها الزمني (مثل حملة "الشتاء الدافئ" التي تمت أثناء الجولة الأخيرة من التصعيد, أو أثناء قيام إسرائيل بعملية هجومية واسعة النطاق لاحتلال قطاع غزة من جديد، الأمر الذي تعتبره حماس التهديد الرئيسي الذي يحدق بها الذي على ضوئه قامت حماس ببناء قوتها العسكرية.
ج. التعاطي مع التهديد الداخلي الذي يحدق بها، سواء كان ذلك من جهة مؤيدي أبو مازن (فتح) أم من جهات أخرى تعمل على الساحة في قطاع غزة (مثل بؤر الحمائلية أو جهات إسلامية لها علاقة بالجهاد العالمي) التي ترفض الخضوع لحركة حماس. إن هذه الجهات قد ضَعُفت خلال العام الأخير ولكنها ما زالت تشكل عقبة أمام حكم مطلق وكلي لحماس في قطاع غزة. وبموازاة ذلك تقف الضرورة الملحة التي تواجه حكومة حماس لتوفير الحلول إزاء ظاهرة الإجرام المتفشية واسعة النطاق واحتياجات سكان قطاع غزة وضمان شعورهم الشخصي بالأمان.
2. إن المنظومة العسكرية المسئولة عن إدارة القتال مع إسرائيل، سواء كان ذلك من الناحية الهجومية أم من الناحية الدفاعية، تعتمد على "كتائب عز الدين القسام"، الذراع العسكرية لحماس. إن هذه الذراع تمر الآن بعملية حثيثة لبناء قوتها، من أجل تحويلها إلى جيش شبه منظم، يدافع عن القطاع وفي الوقت ذاته يستمر في المبادرة إلى تنفيذ عمليات ضد إسرائيل كما تقتضي الإستراتيجية التي تبنتها حركة حماس.
3. إن التقسيم بين هاتين المنظومتين ليس حاداً وقطعياً عند وقوع جولات تصعيدية في إدارة القتال، فمن المفروض أن تندمج أجهزة الأمن الداخلي في القتال الدائر ضد الجيش، حتى ولو اقتصر ذلك على الأقل على تقديم المساعدة اللوجيستية والإستخبارية. وفي حال حدوث سيناريو يتضمن قتالاً واسعاً ومتواصلاً أكثر، فمن المفروض أن يقوم جزء من نشطاء منظومة الأمن الداخلي بتقديم التعزيزات لمنظومة كتائب القسام القتالية، وبمواجهة الجيش الإسرائيلي، حتى لو كان هذا بثمن النيل من قدرة أجهزة الأمن الفلسطينية على التعاطي مع ما يمليه الأمن الداخلي من أشكال الاضطرار والاحتياجات. في الواقع إن العديد من نشطاء حماس التنفيذيين يشغلون بالمقابل وظيفتين، حيث يخدمون في جهاز الأمن الداخلي وبالإضافة إلى ذلك يقومون بتأدية وظيفة على الأقل في أوقات الطوارىء في الذراع العسكرية لحركة حماس.
مفهوم الدفاع عن قطاع غزة
4) يهدف تصوّر حماس الدفاعي عن قطاع غزة إلى توفير ردّ غير متكافئ على تفوق الجيش الإسرائيلي عسكريا وتكنولوجيا. يتم ذلك بعدّة طرق: استعمال وسائل القتال المتطورة التي تم استخدامها بنجاح من قبل حزب الله (عبوات جنازير، أسلحة مضادة للصواريخ)، إيقاع أكبر عدد من الإصابات في صفوف الجيش الإسرائيلي من خلال إدارة الجزء الأساسي من عمليات القتال في مناطق مأهولة بالسكان؛ تطوير سبل الإخفاء والتمويه من اجل الحفاظ على صمود حماس؛ استنزاف الجبهة الداخلية الإسرائيلية من خلال الإطلاق المكثف للصواريخ، في وقت عمل الجيش في منطقة القطاع (وإن أمكن القيام بعملية انتحارية عبر حدود سيناء ومن الضفة الغربية أثناء نشاط الجيش الإسرائيلي في القطاع)؛ استخدام واسع للإعلام الفلسطيني، العربي والدولي من اجل الحصول على التعاطف مع الجانب الفلسطيني وتقييد حرية إسرائيل في العمل.
5) يعكس هذا التصور الدفاعي الإدراك التام لميزان القوى بين حماس وأنصارها وبين قدرات الجيش الإسرائيلي. حماس مدركة تماماً لعدم التكافؤ بين الطرفين، الذي يمنح كلاً منهما أفضليات ونواقص:
أ. من ناحية، تعترف حماس بالتفوق العسكري الواضح للجيش الإسرائيلي في كل ما يتعلق بحجم القوات والتحصين، الوسائل القتالية والقدرات الجوية والاستخباراتية. تدرك حماس بأنها سوف تواجه صعوبة في صدّ قوات الجيش الإسرائيلي ومنعها من العمل في المناطق المفتوحة.
ب. من ناحية أخرى فإن التواجد المتواصل للجيش الإسرائيلي في قطاع غزة قد يمنح حماس أفضليات في حربها ضده وذلك من خلال استعمال حرب استنزاف على شاكلة حرب عصابات، على الأخص في المناطق المبنية بشكل مكتظّ. استناداً إلى المنطق الكلاسيكي للمعركة غير المتماثلة في إطار مخطّط حربي من هذا النّوع، فإنه من المفترض أن يفقد الجيش تفوقه واستعلاءه، أن يحصد الكثير من الإصابات وأن يصيب أيضا، ولو عن طريق الصدفة، مواطنين فلسطينيين بشكل يثير ضغوطات إسرائيلية داخلية، عربية ودولية تدعو لانسحاب الجيش الإسرائيلي من القطاع.
6) على أساس هذه الخلفية، بلورت حماس التصور الدفاعي الذي يقوم على الامتناع عن استعمال كامل القوة العسكرية في المراحل الأولى من القتال، التقليل من الاحتكاك مع الجيش الإسرائيلي في المناطق المفتوحة وزيادة نجاعة القتال في المناطق المبنية المأهولة بالسكان. الهدف من القتال في الأماكن المأهولة بالسكان هو استنزاف قوات الجيش وسفك دم جنوده وفي نفس الوقت الاستمرار بإلحاق الضرر بالجبهة الإسرائيلية الداخلية من خلال إطلاق الصواريخ. بالمقابل يتم ذلك من خلال المحافظة على صمود العناصر والبُنى العسكرية الخاصة بها. من المفترض أن تمكّن جملة هذه الجهود حماس من عرض "ّانتصار" على الجيش الإسرائيلي في الوقت الذي يسحب فيه قواته من القطاع (مرة أخرى، بموجب النموذج الذي استخدمه حزب الله في حرب لبنان الثانية).
7) من اجل استنزاف قوات الجيش وإلحاق أكبر خسائر بها، تسعى حماس إلى إدارة حرب ضروس وقتال عنيد كلّما توغّلت القوات من ضواحي القطاع إلى قلب المنطقة المأهولة بالسكان. مسارات القتال التي من المتوقع ان تسلكها حماس تشمل: إطلاق النار المضاد المباشر حتى وإن تمّ من داخل البيوت السكنية ومن على أسطح البيوت، بناء أنفاق ككمائن في مداخل المدن ومحاور السير المركزية، وضع عبوات مفخخة (سيارات مفخخة، عبوات مخفية)، تفعيل إرهابيين انتحاريين (رجال ونساء)، تفعيل واسع لوسائل مضادة للطائرات، استعمال مواطنين "كدرع بشري".
8) أحد المجالات التي تشملها عملية التعاظم هي تفعيل إرهابيين انتحاريين كجزء من حرب العصابات ضد الجيش الإسرائيلي في القطاع. تمتلك حماس مخزوناً جاهزاً من عشرات الأحزمة الناسفة وعلى ما يبدو أيضا وحدة انتحاريين مؤسّسة. ربما تستعد منظمات أخرى للعمل في إطار من هذا النوع عند دخول الجيش. نفّذت محاولة المساس بقوات الجيش الإسرائيلي بواسطة الانتحاريين عدّة مرات خلال الجولات القتالية في القطاع. على سبيل المثال، في إطار حملة "غيوم الخريف" (6 تشرين ثاني 2006) حاولت ارهابية انتحارية تابعة للجهاد الإسلامي في فلسطين إصابة قوة تابعة للجيش الإسرائيلي من كتيبة جفعاتي.
اختلاف الظروف في قطاع غزة عن الظروف في الساحة اللبنانية
9) تُشكل منظمة حزب الله التي اكتسبت خبرة واسعة على مدار سنوات طويلة في الحرب ضد إسرائيل في الحلبة اللبنانية، المثال او النموذج لعملية التعاظم بالنسبة لحماس وسائر المنظمات الإرهابية الأخرى في غزة. مع ذلك لا بدّ من الإشارة إلى بعض الاختلافات الجوهرية بين ظروف الحلبة اللبنانية والظروف في الساحة الغزّاوية التي تأخذها حماس بعين الاعتبار وتلاءم نفسها لها:
أ) مميزات المنطقة: قطاع غزة هو منطقة صغيرة ومحدودة في حين أن لبنان يحتوي على عمق تنفيذي يمنح المنظمات الإرهابية العاملة فيه "نفساً" أطول بكثير، فجنوب لبنان التي تتواجد فيها "النّواة الصعبة" للبنى التحتية العسكرية الخاصة بحزب الله هي منطقة جبلية مليئة بالغابات وغير مترابطة الأوصال في حين أن القطاع هو أرض سهلية ومكشوفة. بالمقابل، يوجد في قطاع غزة تواصل من المناطق المبنيّة المأهولة بكثافة والتي تشكّل تفوقاً للقوة الحامية وتزيد من صعوبة القتال بالنسبة للجيش النظامي.
ب) إمكانية الحصول على مساعدة خارجية: يحظى حزب الله بمساعدات مكثفة من جانب سوريا وإيران وفرص جيدة لوصول هذه المساعدات وذلك بسبب حدودها الطويلة مع سوريا التي يتم عبرها إدخال المساعدات إلى لبنان. كما ان حماس أيضا متعلقة بالدعم والمساعدات الإيرانية والسورية لكن من الصعب أكثر نقل هذه المساعدات إلى قطاع غزة بسبب بعدها نسبياً عن بؤر المساعدات الخارجية وبسبب المراقبة الصارمة التي تمارسها دولة إسرائيل (ومصر بدرجة أقل) على حدود القطاع. لذا لا بدّ لحماس من امتلاك منظومة ذاتية لتصنيع الوسائل القتالية، إلى جانب منظومة متشعبة لعمليات تهريب الأسلحة بشكل يمنحها نفساً طويلاً في الحرب مع إسرائيل تحت ظروف الحصار على قطاع غزة (في حين أن بنية حزب الله من الوسائل القتالية تعتمد على أسلحة تقليدية تزودها لها إيران وسوريا).
ج) دعم السكان وبؤر القوى المحلية: يلقى حزب الله معارضة قوية وشرسة من جانب نظام الحكم اللبناني في أوساط التيار المسيحي وأبناء الطوائف الأخرى وعلى المنظمة ان تأخذ هذا في جملة اعتباراتها في مواجهتها مع إسرائيل، أما حماس التي نجحت في هزم أجهزة الأمن التابعة للسلطة الفلسطينية وفتح وإخضاعها بُعَيد استيلائها على القطاع فإنها تحظى بدرجة كبيرة من الدعم في أوساط السكان في غزة ومراكز القوى فيها. الأمر الذي يمكنها من التسريع من عملية التعاظم بدرجة واسعة من حرية العمل ومن إتباع سياسة الإرهاب المستقلة دون أي تقييدات داخلية ذات أهمية (حتى عندما تؤدي مثل هذه السياسة إلى إصابة السكان مثل في حالات إطلاق الصواريخ). كما أن هذا الدعم الشعبي الذي تناله حماس يمكنها من الاستفادة من مخزون لا ينضب من القوى البشرية من أجل تجنيدها في صفوفها والاستعانة بها في المخططات القتالية المختلفة.
الفصل ب: المنظومة التي تمتلكها حماس في قطاع غزة
قيادة حماس في قطاع غزة
1) تتضمن قيادة حماس في قطاع غزة المؤسسات والأفراد المسئولين عن الإدارة الجارية لشؤون الحركة واتخاذ القرارات الإستراتيجية. لا يتقلد معظم أعضاء الحركة أي مناصب في حكومة حماس بالرغم أنه تربطهم علاقة وثيقة بقادة الحركة الذين يترأسون مقاليد الحكم (وعلى رأسهم إسماعيل هنيّة).
2) توجّه إدارة حماس في القطاع أربعة أذرع رئيسية للحركة: الذراع العسكري ( وعلى رأسه القوة التنفيذية)، حكومة حماس والبنى التحتية المدنية المتشعبة لحماس ("الدعوة").
3) منذ إقامة حكومة حماس وبقوة أكبر منذ استيلاءها على غزة، طرأ ارتفاع متواصل في قوة القيادة وذلك على حساب قوة قيادتها في دمشق ("الخارج"). يتمثل هذا الأمر في حقيقة أن القيادة في القطاع هي التي تتخذ القرارات الأساسية المتعلقة بإدارة. في الوقت نفسه تؤدي قيادة دمشق دوراً مركزياً في بناء القوة العسكرية ونقل المساعدات بسبب قدرتها للوصول إلى إيران وقدرة إيران، سوريا وحزب الله على توفير ذلك.
حجم القوى في المنظومة العسكرية في قطاع غزة
4) إن المنظومة العسكرية التي تتحكم بها حماس، تعتمد على كتائب عز الدين القسام، الذراع العسكرية لحماس. حسب تقديراتنا تتضمن هذه الذراع في قطاع غزة أكثر من 10 آلاف ناشط . قد يرتفع عدد نشطاء حماس وذلك على ضوء عمليات التجنيد الواسعة التي تقوم بها منذ استيلائها على غزة. من المفترض أن يشكل هؤلاء النشطاء إمدادات للقسام في حالات الطوارئ في حين أنه في الحالات الاعتيادية يصل عدد أفراد هذه النواة النظامية إلى بضع مئات من النشطاء المتمرسين. يقف على رأس الذراع العسكرية (عملياً) أحمد الجعبري.
5) جزء كبير من نشطاء حماس المهيئين من أجل استخدامهم كإمدادات في حالات الطوارئ في الحرب ضد الجيش الإسرائيلي يخدمون في الحالات الاعتيادية ضمن منظومة أجهزة الأمن العام الداخلي في غزة. يصل تعداد هذه الأجهزة والتي تقع في مركزها الذراع التنفيذية اليوم حوالي 10 آلاف ناشط، معظمهم ينتمون إلى حماس أو محسوبين عليها. حسب تقديراتنا، يصل العدد الإجمالي لعدد النشطاء في كتائب عز الدين القسام وأجهزة الأمن الداخلية الخاضعة إلى سيطرة حماس إلى حوالي 15 ألف ناشط.
6) يمكن الإضافة إلى حجم هذه القوى التابعة لحماس 4000 – 3000 ناشط من سائر المنظمات الإرهابية العاملة في القطاع. تحافظ هذه المنظمات على علاقات وطيدة من التعاون المتبادل مع حماس. يجب أن نأخذ بالحسبان ان بعضها على الأقل سيتم إخضاعه للذراع العسكرية لحماس في أوقات الطوارئ وستعمل تحت إمرتها ضد قوات الجيش الإسرائيلي. حجم القوى الشامل للمنظومة العسكرية التي تمتلكها حماس في قطاع غزة يصل إذاً إلى ما يقارب 20 ألف من المدجّجين بالسلاح، والذين يتمتعون بدرجات مختلفة من الخبرة والاحتراف.
الذراع العسكرية لحماس (كتائب عز الدين القسام)
7) في السنوات الأخيرة تمر البنى التنفيذية لحماس في غزة وبشكل أكبر منذ الانفصال عن غزة بعملية تدريجية يتم من خلالها الانتقال لمبنى عسكري هرمي وأنماط عمل شبه عسكرية. معنى ذلك انتظام التجمعات المحلية لعناصرها في المناطق المختلفة إلى ذراع عسكرية واحدة، ذات مبنى هرمي منظّم يتبنى مكونات عسكرية سواء في مجال تفعيل القوة أو بكل ما يتعلق بالنظم الداعمة (تصنيع وسائل قتالية، ممتلكات وتهريب وما شابه). مع ذلك لا بدّ من التأكيد بأنه لا يدور الحديث هنا عن تنظيم عسكري كلاسيكي. في زمن القتال من المتوقع أن تنشط حماس ضد قوات الجيش الإسرائيلي اعتماداً على مبادئ القتال غير المتماثل، على سبيل المثال: تفعيل أطر مصغّرة (مجموعات، خلايا)؛ التركيز على عمليات الكر والفر، الحفاظ على عوامل الاندماج والاختفاء داخل السكان، استخدام واسع للسكان.
8) تشمل الذراع العسكرية لحماس وحدات مكانية وأطر هادفة. إنها منتشرة في عدد من الوحدات المكانية في قطاع غزة والتي يصل حجم القوى في كل واحدة منها إلى أكثر من ألف ناشط. تتكون كل وحدة من عدد من الكتائب وفي كل كتيبة يوجد عدد من السرايا. في كل سريّة يوجد ثلاث أقسام مكونة من ثلاثة طواقم حربية (عناصر لمقاومة الطائرات، مقاتلون، عاملي متفجرات ومضمّدون).
9) فيما يلي انتشار الوحدات:
أ) منطقة شمال القطاع – وحدة يقودها أحمد غندور.
ب) مدينة غزة – على ما يبدو تعمل فيها وحدتان وعلى ما يبدو أن أحمد الجعبري هو الذي يقودها.
ج) مخيمات الوسط – وحدة يقودها أيمن نوفل (المعتقل حالياً من قبل القوات المصرية).
د) جنوب القطاع – على ما يبدو تعمل فيه وحدتان، واحدة في خان يونس والثانية في رفح (حسب المبنى الجغرافي لكل منطقة). يقود وحدة خان يونس محمد صنوار كما ويقود وحدة رفح رائد العطّار.
10) كما أسلفنا في الأيام العادية، تشمل كتائب عزّ الدين القسّام مئات من النشطاء المتمرسين. ينفذ هؤلاء النشطاء عمليات ضد أهداف مدنية في إسرائيل (إطلاق صواريخ وقذائف الهاون) وعمليات ضد أهداف عسكرية حول قطاع غزة (إطلاق قذائف الهاون، إطلاق النار بالأسلحة الخفيفة، طمر عبوات، محاولات لتنفيذ عمليات قتل واختطاف داخل المناطق الفلسطينية).
11) تتميز سياسة العمليات التي تنتهجها حماس بالمضيّ حتى النهاية كوسيلة للخلاص من التوتر ما بين التزاماتها السلطوية وبين هويتها الجهادية القتالية والإيمان بنجاعة العمليات كوسيلة للدّفع بأهدافها قدماً. تعني هذه السياسة الاستخدام المضبوط للإرهاب – يشمل إطلاق الصواريخ – من اجل تحصيل أهداف سياسية سعياً منها على الأقل في الوقت الراهن إلى تجنب المواجهة الشاملة مع الجيش الإسرائيلي في القطاع. بالمقابل، تنشغل حماس في التأهب لأي عملية احتلال للقطاع سواء بشكل جزئي أو كلي – من قبل الجيش الإسرائيلي من خلال بناء القوة العسكرية في إطار برنامج الدفاع لأوقات الطوارئ.
أجهزة الأمن الداخلية
عام
12) تضم أجهزة الأمن الداخلية لحماس كما أسلفنا حوالي 10 ألف ناشطاً في صفوفها، يعمل حوالي 6000 منهم في صفوف الشرطة والتي كان غالبية أعضاءها عناصر سابقين في القوة التنفيذية.
13) باستثناء الشرطة، تتضمن أجهزة الأمن الداخلية وحدات إضافية:
أ) قوة التدخل السريع (قوة شرطية منتخبة).
ب) قوة الأمن والحماية، المسئولة عن تأمين المؤسسات والشخصيات.
ج. الأمن القومي (مكوّنة من حوالي 400 ناشط).
د. الأمن الداخلي (مكوّنة من حوالي 200 ناشط).
هـ. خفر السواحل (مكوّنة من حوالي 200 ناشط).
و. جهاز الدفاع المدني (مكونة من حوالي 400 ناشط).
14) فيما يلي استعراض موجز للأجهزة المختلفة:
الشرطة (القوة التنفيذية سابقاً)
15) أقيمت القوة التنفيذية التي تمّ دمجها في شرطة حماس في نيسان 2006 على خلفية سعيها لتجريد أبو مازن وفتح من السيطرة على أجهزة الأمن في قطاع غزة وخلق قوة ناجعة يمكن تفعيلها في إطار عمليات شرطية وقمع أعداءها. أصبحت القوة التي تم إخضاعها لوزارة الداخلية، واحدة من أهم أجهزة السيطرة الأساسية لحماس. تم تفعيل الوحدة على نطاق واسع خلال المواجهات وأدت دوراً مركزياً في الاستيلاء علي قطاع غزة.
16) تتكون الشرطة اليوم من حوالي 6 آلاف ناشط، معظمهم من حماس وبعضهم نشطاء من منظمات أخرى. رجال الشرطة مسلحون بأسلحة خفيفة من نوع كلاشنيكوف او M-16، قنابل وأسلحة متنوعة مضادة للدبابات. يرتدي عناصرها زيّاً ويتلقون رواتبهم من وزارة الداخلية. بعد توحيد التنفيذية والشرطة تم تجميع نشطاء التنفيذية الذين رفضوا الانضمام إلى الجهاز الجديد في إطار جهاز جديد أطلق عليه اسم قوة التدخل السريع. تعمل هذه القوة مع الشرطة جنباً إلى جنب وتساعدها في معالجة الأحداث ميدانياً.
17) في ختام عملية دمج القوة التنفيذية في الشرطة، تم تعيين اللواء توفيق جابر قائداً عاماً للشرطة كما تم تعيين جمال الجرّاح (أبو عبيدة) نائباً له، وهو قائد التنفيذية. جمال الجراح من مواليد سنة 1965، من جباليا والذي شقّ طريقه كناشط في جهاز الأمن التابع لحماس في القطاع. في سنة 1996، تم توقيفه لفترة طويلة نسبياً من قبل أجهزة الأمن الفلسطينية. في أعقاب الإفراج عنه، عاد إلى العمل في تخطيط وتنفيذ العمليات. نجا من محاولة عملية القتل المستهدف التي دبرها له الجيش الإسرائيلي في 30 كانون أول 2003.
18) منذ إقامتها، تمر الشرطة بعملية متواصلة لتحسين قدراتها، توسيع انتشارها وزيادة إطار عملياتها في مجال فرض النظام العام. تقسَّم الشرطة إلى خمس ألوية: شمال القطاع، مدينة غزة، مخيمات الوسط، ومناطق خان يونس ورفح. تعمل على فرض النظام العام، تفريق المظاهرات ومعالجة الأحداث الجنائية. مع ذلك، لا بدّ من الأخذ بالحسبان أنه في حال وقوع سيناريو لمعركة واسعة ومتواصلة مع قوات الجيش الإسرائيلي فإن عناصرها وسائر أجهزة الأمن الداخلي ستنضم بشكل واسع إلى صفوف المقاتلين في كتائب القسام على حساب مهماتهم.
خفر السواحل (الشرطة البحرية)
19) أقيمت قوة امن السواحل (خفر السواحل) في صيف 2007 في أعقاب إعادة هيكلة القوة البحرية التي كانت خاضعة للسلطة الفلسطينية. مهمتها الحفاظ على الأمن العام على شواطئ القطاع وعمليات الأمن الجارية على طوله. يصل عدد أفراد القوة إلى حوالي 200 ناشطاً.
20) توجد بحوزة قوة خفر السواحل وسائل قتالية كانت في السابق ملكاً لأجهزة السلطة الفلسطينية ومن ضمنها قوارب من أنواع مختلفة. عناصر القوة مسلّحون بأسلحة خفيفة، علاوة على الحفاظ على النظام العام فإن الشرطة البحرية ضالعة أيضا في عمليات إطلاق النار على السفن البحرية العاملة بشكل دارج على امتداد قطاع غزة وفي أي سيناريو لدخول الجيش الإسرائيلي إلى القطاع، من المتوقع ان يتم تفعيلها أيضا ضد قوات سلاح البحرية الإسرائيلي.
جهاز الأمن الداخلي
21) أقيم جهاز الأمن الداخلي في آب 2007 من قبل حماس. يشمل الجهاز حوالي 200 ناشطاً في صفوفه وهو خاضع لوزارة الداخلية في حكومة حماس. يشكّل الجهاز بديلاً عن جهاز الأمن الوقائي الذي عمل في القطاع قبل استيلاء. وظيفة الجهاز هي معالجة قضية المتعاونين وجمع معلومات عن المشتبه بتورطهم في عمليات ضد حماس. إلى جانب ذلك، فإن الجهاز مسئول أيضاً عن التحقيق مع المعتقلين.
جهاز الدفاع المدني
22) جهاز مسئول عن عمليات الدفاع المدني في أرجاء القطاع. يعمل في صفوف الجهاز حوالي 400 ناشط وهو خاضع لكتائب عزّ الدين القسّام. الجهاز مسئول عن تفعيل 18 محطة دفاع مدني في أرجاء القطاع (تعمل عملياً 14 محطة). يوجد تحت تصرف الجهاز 25 سيارة إطفاء، 6 سيارات إسعاف وأربع سيارات إنقاذ.
أجهزة الأمن الداخلي
23) يوجد في قطاع غزة عدد من أجهزة الأمن الإضافية:
أ) الأمن والحماية – الجهاز المسئول عن تأمين الشخصيات المؤسسات العامة التابعة لحماس.
ب) جهاز الأمن الوطني – بعد استيلاء حماس على القطاع، قامت بتجديد عمل جهاز الأمن الوطني. قوات الجهاز منتشرة على الأخص في محور فيلادلفيا ووظيفتها ضمان سيطرة حماس على عمليات التهريب والقيام بأعمال الأمن الجارية على امتداد الحدود. يوجد حوالي 400 ناشط في صفوف الجهاز بعضهم عملوا في الماضي ضمن جهاز فتح والبعض الآخر هم من حماس.
منظّمات إرهابية أخرى عاملة في قطاع غزة
24) النظام العسكري الهجومي والدفاعي مبني على عمل نشطاء الذراع العسكرية لحماس وأجهزة الأمن الداخلي الخاضعة لها. عدا عن هذه الأجهزة، تعمل في قطاع غزة عدد من المنظمات الإرهابية الأخرى التي يقدر عدد عناصرها بـ 4000 – 3000 عنصرا. في الغالب، هناك علاقات تعاون تنفيذي متبادلة ووثيقة بين حماس وبينها والذي تعوّل عليه حماس كثيراً. يبرز بشكل خاص، التعاون التنفيذي بين حماس وبين لجان المقاومة الشعبية وجيش الإسلام.
25) تستغل حماس سيطرتها على القطاع وقوتها العسكرية من أجل زيادة تأثيرها وسيطرتها على تلك المنظمات وذلك بالأخص من خلال دعمها ومساندتها لها. هناك سببان رئيسيان لذلك: في الأيام العادية من أجل التعتيم على تورطها في تنفيذ في العمليات ومن اجل التقليل من المسّ بعناصرها؛ في أوقات التصعيد لكي تشكل هذه المنظمات قوة عسكرية إضافية يمكن دمجها في العمليات ضد الجيش الإسرائيلي. في أوقات الطوارئ، تسعى حماس إلى وضع هذه المنظمات تحت سيطرتها وإمرتها من خلال غرفة عمليات مشتركة(4) .
26) فيما يلي وصف عام لبعض المنظمات الإرهابية الصغيرة العاملة في قطاع غزة:
الجهاد الإسلامي في فلسطين
27) من بين أهم المنظمات الإرهابية العاملة في قطاع غزة بعد حماس. تضم الحركة في غزة حوالي ألف ناشط تنفيذي، من بينهم "نواة صلبة" مكونة من بضع عشرات النشطاء. مراكز عمل المنظمة هي مدينة غزة ورفح لكنها تعمل أيضاً في أرجاء القطاع. تنادي المنظمة بالإرهاب كوسيلة حصرية لتحقيق أهدافه. لا توجد عليه أي قيود سلطوية مثل تلك الموجودة لدى حماس وفي الأوقات الاعتيادية، فإنه يقود العمليات ضد إسرائيل. تعمل قيادة التنظيم من سوريا. عمل التنظيم يخضع للتوجيه، الإدارة والتمويل من قبل إيران وهو متأثر بحزب الله. يمتلك التنظيم قاعدة مدنية مقتضبة مهمتها بالأساس هي دعم البنية العسكرية للتنظيم.
28) على النقيض من حماس فإن التنظيم يركز على تنفيذ عمليات ضد إسرائيل في حين أن انشغاله في بناء القوة العسكرية لأغراض الدفاع عن القطاع قليل جداً. النشاط الاعتيادي الذي يزاوله التنظيم يتضمن الرمي غير المباشر، تنفيذ العمليات على حدود القطاع والعمليات المتوغلة في العمق الإسرائيلي. يتمتع التنظيم بقدرات تنفيذية عالية نسبياً وهو مسئول عن جزء كبير من العمليات المنفّذة في القطاع وعلى الأخص عن إطلاق الصواريخ نحو اسرائيل في الأيام العادية.
29) الجزء الأكبر من الجهود التي يبذلها التنظيم في مجال بناء القوة موجّه إلى تحسين القدرات التكنولوجية لإطلاق الصواريخ، على الأخص في مجال زيادة مدى الصواريخ. ذلك، من اجل إصابة المدن والبلدات في العمق الإسرائيلي وبالمعاوضة – الإطلاق من عمق القطاع نحو إسرائيل من اجل تصعيب فرص إصابة الجيش الإسرائيلي للخلايا المطلقة للنار.
لجان المقاومة الشعبية
30) لجان المقاومة الشعبية تضم بضع مئات من النشطاء، يشكل بضع عشرات من بينهم "النواة القاسية". تتكون اللجان اليوم من سريّتين مركزيتين وبضعة سرايا أخرى. الذراع العسكرية الإرهابية للجان المقاومة هي وحدة صلاح الدين. تتمتع هذه الوحدة بقدرات تنفيذية عالية وبوسائل قتالية متعددة وكثيرة.
31) يقوم عناصر التنظيم بأعمال إرهابية متنوعة تتضمن إطلاق صواريخ وقذائف الهاون وتنفيذ عمليات بالقرب من الجدار الأمني، إطلاق صواريخ ومحاولة القيام بعمليات "نوعيّة" في المعابر الحدودية وفي داخل إسرائيل. (على سبيل المثال، تورط التنظيم في اختطاف جلعاد شليط). يستخدم التنظيم أحياناً "كمقاول فرعي" لحماس من اجل تنفيذ عمليات. علاوة على ذلك، فان الكثير من البنى التحتية للتنظيم هي في الواقع بنى- برعاية (proxy) لحماس. يدير التنظيم منظومة تصنيع محلية للوسائل الحربية وإن كان ذلك بحجم أصغر بكثير من حماس والجهاد الإسلامي.
تنظيمات فتح/ كتائب شهداء الأقصى
32) حتى بعد استيلاء حماس على السلطة في غزة، تواصل بضعة تنظيمات تنفيذية تابعة لفتح العمل في القطاع والتي يصل عددها معاً إلى بضع مئات من النشطاء. تسمح حماس لهذه التنظيمات بالعمل ضد إسرائيل. يتركز الجزء الأكبر من عمل هذه المنظمات شمالي القطاع. يستعين هؤلاء النشطاء من الناحيتين التنفيذية والمادية بتنظيمات أخرى (حماس، الجهاد الإسلامي في فلسطين).
33) تعمل هذه التنظيمات بموجب مصالح محلية وشخصية تحت قيادة ضباط متعددين وفي الواقع لا تعمل كتنظيم ذي مبنى هرمي منتظم. يمتلك النشطاء وسائل قتالية متعددة تشمل أسلحة خفيفة، سلاح مضاد للدبابات وصواريخ مدفعية مصنّعة محلياً. يعمل نشطاء شهداء الأقصى بالأحوال الاعتيادية على إطلاق صواريخ، وضع عبوات، محاولات للتسلل إلى إسرائيل التي تتم أحيانا بالتعاون مع منظمات أخرى.
جيش الإسلام
34) أقيم جيش الإسلام في أوائل سنة 2006 بعد انسحاب أفراده من تنظيم لجان المقاومة الشعبية. وقد ترأسه ممتاز دغمش. ظاهرياً يعرض التنظيم أيديولوجية مشابهة لتلك الموجودة لدى منظمات الجهاد العالمي. مع ذلك، فإن التنظيم يحافظ على طبيعته الفلسطينية ويواصل تركيز نشاطاته على الإرهاب ضد إسرائيل. صدر اسمه أول مرة عندما نفذ بمعية حماس ولجان المقاومة الشعبية عملية الإختطاف في كيرم شلوم.
35) ينتمي معظم نشطاء التنظيم إلى حمولة دغمش. إنها حمولة كبيرة محسوبة على فتح وعدد كبير من أبنائها مع أسبقيات جنائية (تجارة المخدرات، سرقة سيارات وابتزاز). نفذّ نشطاء التنظيم على مدار السنين عمليات فلسطينية داخلية من بينها قتل موسى عرفات، عمليات وضع العبوات في القطاع واختطاف الأجانب في القطاع. منذ استيلاء حماس على القطاع، عاد التنظيم إلى تركيز نشاطه على الإرهاب ضد إسرائيل، على ما يبدو كجزء من مشاركته في النظام الداخلي الجديد في القطاع وعلى خلفية اهتمام حماس بمنع الفوضى الداخلية.
الفصل ج: البنية التحتية الأرضية
معطيات أساسية جغرافية وديموغرافية
1.مساحة قطاع غزة حوالي 365 كيلومتراً وهو يشكّل إحدى المناطق المكتظّة في العالم. يصل تعداد سكانه إلى حوالي 1400000 مواطن، حوالي 65.5% منهم لاجئون. حوالي 960 ألف من سكان القطاع (73% تقريباً) هم مدنيّون يسكنون في البلدات الكبرى. تصل نسبة التكاثر الطبيعي إلى 3.8%، ويصل معدل الولادة إلى ست أولاد لكلّ امرأة متزوّجة، نسبة الأطفال دون سنّ 15 سنة في القطاع مرتفعة جداً وتصل إلى 48.8%. تصل نسبة العاطلين عن العمل إلى 54% من السكان في حين أن ما بين 70 – 65% منهم موجودون تحت خطّ الفقر. يعمل الجزء الأكبر من القوى العاملة في مجال الخدمات (حوالي 60%)، الصناعة (حوالي 25%) والزراعة (حوالي 10%).
2.سكان القطاع يرزحون تحت الصعوبات الاقتصادية، خصوصاً منذ اندلاع منظومة الإرهاب الفلسطيني (في أيلول 2000، الانتفاضة الثانية). ازدادت حدة هذه الصعوبات في أعقاب الحظر، عزل القطاع والحظر الاقتصادي والسياسي الذي فرضه المجتمع الدولي على حكومة حماس الإسلامية المتطرفة التي نصّبت في قطاع غزة. نتيجة لذلك، فإن جزءاً كبيراً من سكّان القطاع متعلق بالمساعدة الخارجية الآتية من صناديق إسلامية في الخارج، منظّمات الدّعم الدولية والمساعدة المادية التي تمنحها إيران لحكومة حماس. يتم نقل هذه المساعدات عبر المعابر الحدودية مع إسرائيل ومعبر رفح مع مصر. تشكل هذه المعابر "أنبوبة الأكسجين" بالنسبة لسكّان القطاع.
3.الذراع العسكرية لحماس منتشرة في المناطق المختلفة للقطاع. فيما يلي طبيعة هذه المناطق وأهميتها بالنسبة لحماس وسائر المنظمات الإرهابية:
أ. مدينة غزة، والتي تعتبر "عاصمة" القطاع، تشكل "المركز العصبي" له. إنها منطقة مدنية مزدحمة بالسكان إذ يصل تعداد سكانها إلى حوالي 450 ألف نسمة وتوجد فيها عاصمة السلطة ومركز القوة العسكرية لحماس. يتواجد رؤساء حماس فيها كما أنها غنية بالكثير من البُنى التحتية التنفيذية، التنظيمية والحكومية.
ب. قطاع شمالي قطاع غزة، ومعظمه مكوّن من منطقة زراعية. تستخدم الضواحي الشمال شرقية لمدينة غزة كمناطق رئيسية لإطلاق الصواريخ نحو سديروت، أشكلون وبلدات النقب الغربي. تستخدم مناطق بيت حانون، بيت لاهيا والعطاطرة كمناطق رئيسية لإطلاق الصواريخ. منطقة جباليا التي تقع في الجبهة الداخلية لشمال القطاع تشكل "مركز عصبياً" بالنسبة لمنطقة شمال القطاع والعمق والجبهة الداخلية للقطاعات الخارجية التي يتم منها إطلاق الصواريخ.
ج. قطاع مخيّمات الوسط، يصل تعداد سكان مخيمات اللاجئين في وسط القطاع إلى حوالي 200 ألف شخص والذين يشكلون "الساحة الخلفية" لمدينة غزة. تتضمن هذه المنطقة أربعة مخيمات كبيرة للاجئين، مدينة دير البلح وعدد من البلدات الزراعية الصغيرة. تستخدم المنطقة من قبل المنظّمات الإرهابية كنوع من الجبهة الداخلية اللوجيستية لمدينة غزة. بالإضافة إليها توجد فيها البُنى التحتية البرية المحلية لحماس، والتي من المفترض ان تحمي المنطقة وان تقوم بتنفيذ العمليات.
د. منطقة جنوب قطاع غزة، يصل تعداد السكان في هذه المنطقة إلى حوالي 250 ألف نسمة وتشمل ثلاث مناطق فرعية: منطقة خان يونس، منطقة رفح ومنطقة المواصي وأنقاض جوش قطيف. كما ان منطقة جنوب القطاع تستخدم كمحور التواصل الرئيسي والذي يكاد يكون حصرياً إلى الخارج والذي تمر من خلاله الوسائل القتالية، الأموال ونشطاء الإرهاب. تنطلق من هذه المنطقة إلى خارج القطاع عناصر إرهابية من اجل القيام بعمليات إرهابية ضد إسرائيل (عبر الحدود الإسرائيلية المصرية في سيناء) أو إلى التدريبات في سوريا وإيران.
المنظومة الواقعة تحت الأرض
"... يعتمد برنامجنا الدفاعي إلى حد كبير على إطلاق الصواريخ التي لم يتم استخدامها بعد وعلى شبكة حفريات وأنفاق تمّ حفرها تحت منطقة واسعة في غزة. سوف يفاجئ الجيش (الإسرائيلي) بالمقاتلين الذين سيخرجون له من تحت الأرض مجهزين بالعتاد وبوسائل غير عادية..." (مقابلة مع أبو عبيدة، الناطق بلسان كتائب عزّ الدين القسام 17 كانون أول 2007، الحياة).
4.في إطار عملية التعاظم العسكري تعمل حماس على بناء منظومة واسعة تحت الأرض التي تشمل حفر أنفاق عديدة والتي يتم حفرها في مناطق مختلفة في قطاع غزة لأغراض الحماية والهجوم. تشكل المنظومة الموجودة تحت الأرض عاملاً مركزياً في بناء القوة العسكرية لحماس. الهدف من هذه المنظومة هو تهديد قوات الجيش الاسرائيلي التي سوف تنشط في قطاع غزة، عرقلة جزء من القدرات على إصابة البنى التحتية لحماس وإطالة النفس التنفيذي للذراع التنفيذية لحماس خلال عملية القتال الواسعة والمتواصلة.
5.شكلت منظومة التحصينات التابعة لحزب الله والواقعة تحت الأرض مصدر إلهام لحماس ولسائر المنظمات الإرهابية، من خلال ملائمة المحاولة التي قام بها حزب الله في جنوب لبنان إلى ظروف البيئة الخاصة بقطاع غزة. تبرز بشكل خاص ضمن المنظومة الواقعة تحت الأرض الأنفاق التي استخدمتها حماس والمنظمات الإرهابية الأخرى لأهداف مختلفة:
أ. أنفاق من أجل التهريب التي تشكل "أنبوبة الأكسجين" بالنسبة للمنظمات الإرهابية في قطاع غزة. توجد في منطقة رفح وعلى امتداد محور فيلادلفيا شبكة أنفاق متشعبة ينتقل من خلالها النشطاء الإرهابيون، الوسائل القتالية، البضائع والعتاد من مصر إلى غزة وبالعكس. ازدادت أهمية هذه الأنفاق أكثر فأكثر في أعقاب إغلاق معبر رفح والمعابر إلى إسرائيل وذلك في أعقاب استيلاء حماس على القطاع.
ب.أنفاق تهدف إلى استخدامها في المهام الهجومية ضد مواقع الجيش الإسرائيلي والبلدات الواقعة بالقرب من الجدار الحدودي. تمكّن هذه الأنفاق من حيازة عامل المفاجئة والوصول إلى قلب المنطقة الإسرائيلية من خلال التغلب على الجدار الأمني والعودة بأمان إلى القطاع ثانية. تم استخدام أنفاق من هذا القبيل في تنفيذ العملية التي وقعت في 25 حزيران 2006 ضد موقع عسكري تابع للجيش الإسرائيلي بالقرب من معبر صوفا الذي قتل خلاله جنديان واختطف الجندي جلعاد شليط. في آب 2007، اكتشف الجيش الإسرائيلي فوهة نفق داخل دفيئة (نشطة) لزراعة البندورة، على بعد حوالي 700 متر من الشريط الحدودي شمالي القطاع. كذلك تم العثور على مولّد كهرباء مدفون في الأرض إلى جانب أدوات حفر استخدمها عاملو حفر النفق(5).
ج.نفق يستخدم "كطُعم" لقوات الجيش الإسرائيلي العاملة في القطاع. حفر هذا النفق بصورة مكشوفة نسبياً لكي يسهل على القوات الإسرائيلية اكتشافه خلال عملها في القطاع. المقصود انه سيتم خلال القيام بعمليات تمشيط للمنطقة تفعيل عبوات ضدهم كما سيتم إطلاق النار. نفذت عملية من هذا النوع على محور الطول المركزي للقطاع (12 أيلول 2006) عندما اصطدمت قوات الجيش الإسرائيلي بإرهابيين قاموا بإطلاق النار من أسلحة خفيفة أدت إلى مقتل جندي. اكتشفت في منطقة النفق عبوات مخفيّة كان من المفترض ان يتم تشغيلها ضد القوة التي اكتشفت النفق.
د.أنفاق من اجل تأمين الممرّ الآمن لنشطاء الإرهاب في مناطق القتال. هذه أنفاق يتم حفرها بين البيوت والتي من المفترض ان تستخدم لعدّة غايات: الفرار، الاختباء، تخبئة وسائل قتالية ومفاجئة قوات الجيش الإسرائيلي.
هـ. مواقع متعددة مبطّنة ومخفية.
الفصل د: تحسين الوسائل القتالية التي تمتلكها حماس وسائر المنظمات الإرهابية
مصادر الوسائل القتالية
1.في إطار مشروع بناء القوة العسكرية تبذل حماس جهودها من اجل التزوّد بوسائل قتالية تقليدية متطورة إلى جانب الوسائل القتالية المصّنعة محلياً. تولي حماس أهمية خاصة للرمي غير المباشر (صواريخ وقذائف هاون)، وسائل مضادة للطائرات وللعبوات التي تستهدف قوات المُشاة ومصفّحات الجيش الإسرائيلي (وسائل قتالية أثبتت نفسها في قتال حزب الله ضد الجيش الإسرائيلي على الحلبة اللبنانية).
2.الوسائل القتالية التي يتم تهريبها إلى القطاع تصل من ثلاثة مصادر رئيسية:
أ. الوسائل القتالية التي تقدمها إيران وسوريا، سواء بصورة مباشرة أو من خلال حزب الله. يتم تهريب هذه الوسائل القتالية من سيناء ومنها إلى القطاع بواسطة شبكة الأنفاق المتشعّبة. اقتحام حدود القطاع مع مصر مكّن حماس وسائر المنظمات الإرهابية في القطاع من تهريب كميات كبيرة من الوسائل القتالية والتي تشمل صواريخ المدفعيات ووسائل مضادة للدبابات.
ب. شراء وسائل قتالية من تجار السلاح. يتم تهريبها إلى سيناء (أو يتم شرائها فيها) ومن هناك يتم تهريبها إلى القطاع من خلال الأنفاق.
ج. تصنيع محلي للوسائل القتالية. يتم تصنيع هذه الوسائل القتالية والتي تتضمن أيضا صواريخ مدفعية محسّنة من طراز قسّام وصواريخ من أصناف أخرى يتم تصنيعها في المخارط والمصانع الصغيرة في أرجاء القطاع. من أجل عملية التصنيع، يتم تهريب "مواد خام" من إسرائيل ومصر إلى القطاع وتشمل هذه "المواد الخام" مواد كيماوية، قطع معدنية أخرى تستخدم في تصنيع الوسائل القتالية.
3.مصدر آخر (أحادي الاستعمال) للوسائل القتالية الموجودة بحوزة حماس هو الكميات الكبيرة من الوسائل القتالية التي وقعت في أيديها في أعقاب استيلاءها على أجهزة الأمن التابعة للسلطة الفلسطينية (في حزيران 2007). قسم من الوسائل القتالية التي وقعت في أيدي حماس هي وسائل قتالية ّ"نوعية" التي لم تكن تمتلكها من قبل (كان تحصيلها سيتطلب أشهر بل سنين من عمليات التهريب من خلال الأنفاق). الوسائل القتالية التي أخذت غنيمة تتضمن أيضا:
أ. عشرات الصواريخ طويلة المدى قطرها 122 مليمتراً (غراد): تمّ على ما يبدو إطلاق جزء منها اتجاه أشكلون خلال مرحلة التصعيد التي حدثت في أواخر شباط 2008.
ب. أسلحة مضادة للدبابات: عشرات من الصواريخ المضادة للدبابات (جزء منها صواريخ "ساغر") وآلاف من صواريخ RPG.
ج. وسائل مضادة للطائرات: صواريخ مضادة للطائرات إلى جانب بضع عشرات من الرشاشات المضادة للطائرات من أنواع مختلفة.
د. المدافع الرشاشة – في أعقاب الاستيلاء على القطاع وضعت حماس يدها على كمية كبيرة من الأسلحة الرّشاشة وبدأت الذراع العسكرية في استيعابها على أنها وسائل دارجة على مستوى الخلية وعلى أنها وسيلة القتال الأساسية للوحدات الهادفة (على سبيل المثال: الدفاع الجوي، الإطلاق من الشاطئ على سفن سلاح البحرية).
هـ. أسلحة خفيفة – عشرات الآلاف من البنادق.
و. ذخيرة – ملايين الرصاصات.
ز. مواد متفجّرة – عشرات الأطنان من المواد المتفجرة.
ح. سفن خفر، زوارق ومعدات غوص، التي كانت تابعة للشرطة البحرية الفلسطينية. تشكل هذه المعدّات قاعدة بالنسبة لوحدة خفر السواحل التي أقامتها حماس غير أنها قد تستخدم أيضا في تنفيذ عمليات إرهابية بحرية.
ط. استخبارات – أجهزة تصنّت متعددة الأصناف.
4.أهمية تزوّد حماس بالوسائل القتالية المتطورة في إطار عملية التعاظم العسكرية:
أ. صواريخ مدفعية وقذائف الهاون – يصل مدى الصواريخ التي يتم صنعها محلياً والموجودة اليوم بحوزة حماس إلى أكثر من 12 كيلومتر. توسّع الصواريخ وقذائف الهاون التقليدية التي يتم تهريبها إلى القطاع التهديد على السكان المدنيين في إسرائيل إلى مدى يصل حتى 20 كيلومتراً تقريباً (آشكلون، نتيفوت) وتزيد من التهديد على قوات الجيش الإسرائيلي العاملة في ضواحي قطاع غزة وفي داخله.
ب. سلاح مضاد للدبابات – تم تهريب أنظمة مضادة تقليدية مضادة للدبابات ومتطورة إلى قطاع غزة. إلى جانب ذلك تعمل حماس من اجل تحسين جودة الصواريخ المضادة للدبابات المصنّعة محلياً. هذا كله يؤدي إلى تحسين المدى، تحسين مهارات اختراق القوات المدرّعة ودقته معناه هو تحسين القدرة على إصابة قوات الجيش الإسرائيلي من ضواحي المنطقة المبنية وتحسين القدرات القتالية المضادة للدبابات في الليل.
ج. العبوات – تعمل حماس من اجل تحسين ملموس لجودة العبوات وقدرة تغلغلها مما يحسّن من قدرتها على التسبب بخسائر كبيرة للجيش الإسرائيلي وعلى اختراق المركبات القتالية المدرّعة الخاصة بالجيش الإسرائيلي.
د. سلاح مضاد للطائرات – وجود وسائل متطورة مضادة للطائرات في قطاع غزة قد يعرض للخطر وسائل الطيران التابعة لسلاح الجوّ الإسرائيلي العاملة في منطقة القطاع.
هـ. وسائل الرؤيا الليلية – يُحسن استخدام وسائل الرؤيا الليلية بصورة ملحوظة من قدرات حماس وسائر المنظّمات الإرهابية على مواجهة قوات الجيش الإسرائيلي في الليل أيضا.
5.في ما يلي وصف لطبيعة بعض من وسائل القتال الموجودة بحوزة حماس:
أسلحة الرمي غير المباشر (الصواريخ وقذائف الهاون)
البلدات الإسرائيلية التي تقع في مرمى إطلاق الصواريخ
6) تتصوّر حماس والمنظمات الأخرى أن إطلاق الصواريخ وقذائف الهاون هو ردّ غير متماثل، بسيط، متوفر ورخيص على التفوق العسكري لإسرائيل. هذا الرّد، على الرغم من أنه لا يخلو من المشاكل والعيوب، فإنه يتيح لهم عرقلة حياة السّكان المدنيين الموجودين في مدى إطلاق النّار بصورة جارية وعلى مدار فترة طويلة، ضعضعة نسيجها الاجتماعي، تجاوز الجدار الأمني الذي بنته إسرائيل على امتداد القطاع وخلق نوع من "موازنة الرّعب" التي ستصعّب الأمر على عمليات الإحباط والمنع التي تقوم بها قوات الأمن الإسرائيلية. يتم إطلاق الصواريخ من داخل منطقة مأهولة بالسكان أحيانا بالقرب من مناطق سكنية وفي بعض الحالات أيضاً من على أسطح البيوت وساحات المدارس.
7) تعزو حماس أهمية كبيرة لاطلاق الصواريخ وقذائف الهاون، حتى في حال توغّل الجيش الإسرائيلي إلى قطاع غزة والمواجهة المحدودة او الشاملة بينه وبين حماس. في مثل هذا السيناريو تسعى حماس إلى الحفاظ على قدرات إطلاق الصواريخ باتجاه إسرائيل (مع التركيز على المراكز المدنيّة مثل أشكلون وسديروت)، من مجالات إطلاق في قلب القطاع. هذا التصور مستوحى من النموذج اللبناني لحزب الله، والذي يعتبر في نظر حماس نموذجاً حصد نجاحات كبيرة ضد اسرائيل. في محاولة منها لنسخ قدرات حزب الله في مجال إطلاق الصواريخ، تستعين حماس وبقية المنظمات الإرهابية بإيران وبسوريا من أجل الحصول على المعلومات، تلقي التدريبات والتزوّد بالصواريخ التقليدية.
8) يعتمد مخزون الصواريخ لدى حماس على عدة مئات من صواريخ القسام صنع محلي، بقطر 90 و – 115 ملليمتر، ذات مدى قصير- متوسط- 9 – 13 كيلومتر. يوجد بحوزة الذراع العسكرية لحماس صواريخ طويلة المدى من صنع محلي والتي تصل إلى مدى أبعد (حتى 19 كيلومتر). وكذلك، يوجد بحوزة حماس عشرات من الصواريخ التقليدية طويلة المدى من طراز غراد (122 مليمتر) ذات مدى 20.4 كيلومتر التي تم تهريبها إلى القطاع أو مصادرتها من مقرات أجهزة الأمن التابعة للسلطة الفلسطينية بعد استيلاءها على القطاع. اقتحام معبر رفح (في كانون ثاني 2008) ساهم في زيادة عدد الصواريخ التقليدية، ربما أيضا الصواريخ طويلة المدى، أطول من مدى 20.4 كيلومتر.
9) إضافة لذلك، يوجد بحوزة حماس مئات كثيرة من قذائف الهاون سواء من صنع محلي وسواء قذائف تقليدية تم تهريبها إلى القطاع. حماس مسئولة عن غالبية عمليات الإطلاق اليومية لقذائف الهاون، على النقيض من صواريخ القسام التي تطلقها فقط في فترات التصعيد فإن إطلاق قذائف الهاون يستهدف البلدات والمواقع العسكرية المتاخمة للجدار الحدودي وضد قوات الجيش الإسرائيلي العاملة في القطاع.
10) في إطار عملية التعاظم العسكرية تعمل حماس على تحسين قدراتها في مجال الرمي غير المباشر. ان جزءاً من التحسينات التي تم إدخالها في خلال السنة الأخيرة، أصبحت ملموسة على أرض الواقع وقد تم التعبير عنها خلال جولات التصعيد الأخيرة. على سبيل المثال:
أ. تحسين المدى: منذ جولة التصعيد في أيار 2007، لوحظ تحسّن ملحوظ في مدى الصواريخ. تم في جولة التصعيد التي وقعت في أواخر شباط 2008 رصد سقوط صواريخ غراد 122 ملليمتر في شمالي أشكلون (هدّدت حماس بتوسيع مدى الإطلاق حتى أشدود)
ب.تحسّن في دقة الاطلاق. وذلك من خلال التحسينات التقنية وهي ثمرة التجربة الميدانية المتراكمة لمشغّلي الصّواريخ وقذائف الهاون.
ت.توسيع دائرة استعمال مواقع الاطلاق المخفية، كجزء من عملية التعلم من حزب الله مثلا، إخفاء وتمويه المواقع بين النباتات او بين البيوت. في جولة التصعيد التي كانت في أواخر شباط – أوائل آذار 2008 رُصدت ولأول مرة منصات إطلاق تحت الأرض التي يتم تشغيلها في الغالب بواسطة نظام تعليق.
11) المساعدات الإيرانية لحماس ولمنظمات الإرهاب الفلسطينية الأخرى تمكنها من تحسين قدراتها العسكرية سواء من خلال التزود بصواريخ تقليدية وبقذائف هاون تقليدية تم تهريبها إلى القطاع أو من خلال المساعدة التكنولوجية في تصنيع صواريخ محسّنة طويلة المدى والتي تكون أطول من تلك الموجودة اليوم. تجسّد هذا في استخدام المنظمات الإرهابية في القطاع مؤخراً لقذائف هاون من صنع إيراني:
أ.في 24 شباط أطلقت المنظمات الإرهابية قذيفة هاون تقليدية بقطر 120 ملليمتر من قطاع غزة. يتضح من تحليل البقايا أن الحديث هنا هو عن قذيفة هاون من صنع إيراني. القنبلة مزودة بمحرك مساعد صاروخي يزيد مداها من ستة إلى عشر كيلومترات.
ب. في 29 شباط سقطت قذيفة هاون أخرى بالقرب من موقع الجيش "صوفا" (جنوبي القطاع). اتضح من تحليل بقايا القذيفة انها قذيفة هاون تقليدية 120 ملليمتر تحتوي على مواد متفجرة تقليدية، من صنع إيراني، أنتجت في سنة 2006. يتمتع الرأس الحربي لهذه القذيفة بمستوى فتك أعلى بكثير من رأس القذيفة المصنّعة محليا ذات نفس الوزن.
12)خلال التصعيد الأخير (أواخر شهر شباط 2008) أطلقت حماس على أشكلون كمية كبيرة من الصواريخ 122 ملليمتر تقليدية (18 على الأقل). تختلف هذه الصواريخ عن صواريخ غراد التي كانت مستعملة حتى الآن بأن محركاتها مبنية من أربع مقاطع من 50 سنتيمتر كل واحد منها. هذه الصفة التي تميز الصواريخ استثنائية وليست مشمولة في نماذج الصواريخ التي تنتجها الدول التي يوجد لديها خطوط إنتاج لهذا الصاروخ. على ما يبدو، فإن المجهود التكنولوجي الذي تم بذله بموجب هذا التناسب الذي كان يهدف حسب تقييمنا إلى التسهيل من عملية تهريب الصواريخ من أجل المنظمات الإرهابية ومن ضمنها حماس (من خلال تفكيك القطع). توجد في منطقتنا دول تنتج هذه الصواريخ ومن بينها إيران، سوريا ومصر. المساعدة الكبيرة التي تمنحها إيران للمنظمات بتهريب وسائل قتالية يفضي إلى النتيجة بأنها منتجة الصواريخ.
13) كما أن الجهاد الإسلامي في فلسطين يبذل مجهوداً كبيرا من أجل تحسين قدراته في مجال اطلاق الصواريخ. في جولة التصعيد الأخيرة (17 شباط – 4 آذار 2008) أطلقت الحركة لأول مرة صاروخ من صنع محلي بقطر 175 ملميتر، الذي وصل إلى مدى محسّن. يدور الحديث عن ارتقاء تهديد القذائف المصنّعة محلياً بدرجة مما يزيد من تأثيرها المدمر.
14) تكتيكات الإطلاق: عادة ما يتم إطلاق الصواريخ من مجالات إطلاق مفتوحة أو من مناطق مدنية (مثل الساحات، الأزقّة، أنقاض البيوت). أحياناً يتم ذلك من خلال استخدام المواطنين الفلسطينيين كـ ّدرع بشري"، من اجل زيادة فرص منفّذي الاطلاق بالبقاء. لذا، تتم غالبية عمليات إطلاق بالقرب من محاور الوصول والفرار السريع.
15) مواقع الاطلاق المفضّلة بالنسبة للمنظمات الإرهابية موجودة في شمال قطاع غزة. ذلك على ضوء القرب الجغرافي لتلك المناطق من المراكز السكنية البارزة في النقب الغربي وعلى رأسها مدينة سديروت (الهدف المفضّل بالنسبة للمنظمات الإرهابية).
الوسائل المضادة للدبابات
16) خلال السنوات الأخيرة طرأ ارتفاع على الأهمية التي تعزوها حماس والمنظمات الإرهابية الأخرى للوسائل المضادة للدبابات كمكون قوة أساسي في قتال الجيش الإسرائيلي، ومن بين ذلك نتيجة الاستعمال الناجح الذي قام به حزب الله للصواريخ المتقدمة المضادة للدبابات ضد قوات الجيش الإسرائيلي في حرب لبنان الثانية.
17) سرَّعت حرب لبنان الثانية من عملية تزود حماس بوسائل متقدمة مضادة للدبابات في قطاع غزة. ويدور الحديث عن مئات كثيرة إلى بضعة آلاف من الصواريخ المصنعة محليا من طراز "الياسين" (اعادة تصميم هندسية لصاروخ PG-2). وهذا إلى جانب مئات كثيرة من القاذفات المضادة للدبابات من نوع PG-2 , PG-7 والعشرات من الصواريخ المضادة للدبابات من أنواع مختلفة، ومن بينها صواريخ كونكورس (AF-5) وساغر. وتبذل حماس وباقي المنظمات الإرهابية الجهود لزيادة مخزون الصواريخ المضادة للدبابات التي بحوزتها.
قاذف صواريخ مضاد للدبابات RPG-7 من انتاج روسي ودول أخرى، من بينها مصر
18) معطيات فنية:
أ) طول القاذف: 950 ملم , ب) قطر القاذف: 40 ملم , ج) وزن القاذف: 6 كغم , د) نوع الرأس الحربي: عبوة فارغة (قطر 85 ملل) , 1) هدف ثابت: 350 م , 2) هدف متحرك: 300 م , و) المدى الأقصى: 800- 900 م , ز) قدرة الاختراق: 300 ملم فولاذ.
19) صاروخ ساغر من انتاج روسي(6)
أ) قطر الرأس الحربي: 125 ملم
ب) طول الصاروخ: 86.4 سم
ج) قدرة الاختراق: 450 ملم من الفولاذ المدرع
د) المدى:
1) الأدنى: 500 م
2) الأقصى: 3000 م
ه) قدرة الاختراق- 600 ملم من الفولاذ
1) 800 ملم من الفولاذ بعد الحماية الرياكتيفية(7).
و) المدى الأقصى خلال النهار- 4000 م
ز) المدى الأقصى في الليل- 2500 م
20) وفقا لتقديراتنا، خلال اقتحام الجدار الحدودي مع مصر هُرب إلى القطاع وسائل أخرى مضادة للدبابات وربما يكون بعضها أكثر جودة من تلك الموجودة في القطاع بما في ذلك صواريخ ذات رؤوس حربية تاندم. إن الصواريخ المتقدمة المضادة للدبابات تزيد من الخطر على السيارات الحربية المصفحة الخاصة بالجيش وكذلك قوات المشاة والمباني الموجودة في البلدات المدنية أو القواعد الخاصة بالجيش، وهذا من ناحية مدى الاطلاق (من مئات الأمتار ولغاية بضعة كيلومترات وكذلك من ناحية قدرة الاختراق، الدقة وفاعلية الاستهداف).
المتفجرات والعبوات النّاسفة
21) منذ استيلاء حماس على قطاع غزة، قامت الحركة بتهريب كميات كبيرة من المواد المتفجرة فائقة الجودة و"المواد الخام" من اجل إنتاجها. وفقاً لتقرير جهاز الأمن العام في إسرائيل، فقد هرّبت حماس منذ استيلائها على قطاع غزة وحتى مطلع العام 2008 حوالي 80 طن على الأقل من المواد المتفجرة، أكثر من نصف كمية المواد المتفجرة التي تم تهريبها للقطاع منذ فكّ الارتباط. إن النجاح في تهريب هذه المواد يؤدي إلى تحسين أداء العبوات الناسفة والرؤوس الحربية للصواريخ ومضادات الدبابات الموجودة في أيدي حماس وسائر المنظمات الإرهابية.
22) تسعى حماس إلى تقليد حزب الله أيضا في مجال تطوير العبوات الناسفة الجانبية وعبوات الجنازير شديدة الانفجار. من المتوقع ان يتم وضع هذه العبوات بالقرب أو تحت محاور الحركة بهدف تشويش سير القتال للجيش الإسرائيلي وتكليفه ثمناً باهظاً بالأرواح وبالوسائل الحربية. من المتوقع أن يتم طمر هذه العبوات أيضاً في البيوت أو في المواقع التي من المتوقع أن يعمل فيها الجيش الإسرائيلي. يشكل تفجير البيت المفخّخ خلال عملية الجيش الاسرائيلي في بيت لاهيا مثال بارز على ذلك (1 آب، 2007).
23) توجد بحوزة حركة حماس تشكيلة مختلفة من العبوات، الوسائل التفجيرية ونظم تشغيلها خلال أي مواجهة مستقبلية:
أ) عبوات ناسفة: تمتلك حماس سلسلة من العبوات الناسفة ومن ضمنها عبوات من الكرات الحديدية الصغيرة، عبوات شكلية وعبوات جنازير. الهدف من هذه العبوات هو المساس بجنود قوات المشاة المكشوفين وبالمركبات المجنزرة التي يستخدمها الجيش. يتم وضعها على جوانب الطرق، في الضواحي وداخل المدن. تطور حماس عبوات شكلية من صنع محلي والمسماة "شواظ" القدرة على التغلغل الكبير من تلك الموجودة لدى بقية المنظمات الفلسطينية الإرهابية. ينتج ذلك عن تحسين جودة الانتاح وكذلك بسبب استخدام مواد متفجرة أكثر فعالية بالاعتماد على المعرفة التكنولوجية المكتسبة من إيران ومن حزب الله.
ب) منظومات تفعيل: من أجل تفعيل العبوات الناسفة تقوم حماس باستعمال تشكيلة من أنظمة التفعيل، بعضها تتم السيطرة عليه من قبل المُشغِّل (منظومات تفعيل لاسلكية أو سلكية) وبعضها يعمل من قبل الضحية (خطوط دعس).
ج) وسائل تخريبية ذات أهداف محددة: إلى جانب العبوات الكلاسيكية التي تمتلكها حماس يمكن العثور أيضا على وسائل تخريبية لمهام خاصة مثل العبوات التي يتم القاؤها التي تشتمل على مكونات القنابل (وهي التي استعملتها حماس في حادثة خطف الجندي جلعاد شليط). ومن بين الوسائل التي من المتوقع ان تستعملها هي وسائل الاقتحام المتفجرة مثل بونجلور للتغلب على الجدار الحدودي أو جدار موقع عسكري تابع للجيش الإسرائيلي أو جدار لبلدة.
24) تمتلك حماس (وباقي المنظمات) اليوم مئات العبوات ضد العربات المصفحة (مقببة، فارغة وعبوات ضد الجنازير) وضد قوات المشاة (شظايا مقببة ومحيطية، كليمجور). كما تم تطوير عبوات ناسفة شكلية ("شواظ") غير أنه لم يتم استعمالها لغاية الآن استعمالا واسعا.
السلاح، الذخيرة ومضادات الطائرات
25) في أعقاب استيلاء حماس على أجهزة الأمن الفلسطينية ارتفع مخزون البنادق لدى الذراع العسكرية من آلاف إلى عشرات الآلاف (وذخيرة تضم ملايين الرصاصات). هذا الإشباع الذي وصلت اليه حماس في مجال الأسلحة الخفيفة يمكنها من زيادة القوات من نشطاء وعناصر حماس في الأجهزة العسكرية والأمنية.
26) تمتلك حماس كما سائر المنظمات عدة وحدات من صواريخ الكتف SA-7 التي لم يتم تشغيلها حتى الآن (الدفاع الجوي لحماس شمل حتى الآن إطلاق الرشاشات والأسلحة الخفيفة باتجاه وسائل الطيران) كما توجد أيضا العشرات من بنادق القنص التقليدية والمصنعة محلياً، رشاشات ثقيلة والتي يتم استعمالها أيضا لاطلاق الصواريخ المضادة للطائرات، مدافع مضادة للطائرات، مناظير والعديد من وسائل الرؤية الليلة.
الفصل ه: منظومات التصنيع الذاتي، تطوير وتهريب الوسائل القتالية
منظومة التصنيع الذاتي
1) تضم حماس وحدة مسئولة عن تصنيع الوسائل القتالية، تخزينها ونقلها إلى القوات المحاربة. تشتمل هذه المنظومة على عشرات من النشطاء المنتظمين في مجموعات عمل محترفة. يوجد في القطاع عشرات من مواقع التصنيع الموجودة في قلب المناطق السكنية المزدحمة. يتم في إطار هذه المنظومة إنتاج الوسائل الحربية للأغراض الدفاعية وأيضا للأغراض الهجومية وللقيام بعمليات إرهابية.
2) تواصلت على مدار العام الماضي الجهود التي تبذلها عناصر حماس من أجل التصنيع الذاتي لجزء كبير من الوسائل القتالية التي يحتاجونها في عملياتهم الجارية، من أجل التقليل من تعلّقهم بالوسائل القتالية التي يتم تهريبها من الخارج. تمتلك حماس والمنظمات الإرهابية الأخرى بُنى تحتية إنتاجية مستقلة.
3) إن تواجد منظومات التصنيع في قلب التجمعات المدنية يعرّض السكان إلى للخطر سواء تلك الناجمة عن هجمات إسرائيل والناتجة عن "حوادث العمل". مثلاً، في 29 كانون أول 2007، لقي "مهندسان" يعملان في تصنيع الوسائل القتالية حتفهما من جراء انفجار عبوة جانبية شديدة الانفجار في داخل مبنى سكني في قلب ضاحية الزيتون بغزة. أًصيب من جراء الانفجار مواطنين كما لحقت بالمبنى أضرار جسيمة.
4) من بين الوسائل القتالية التي يتم تصنيعها في قطاع غزة، تبرز:
أ. وسائل مضادة للدبابات، ومن ضمن هذا تصنيع الصواريخ المضادة للدبابات (ومنصّات الإطلاق) من طراز "الياسين" والتي تقوم حماس بتصنيعها. هذه الصواريخ ناتجة عن إعادة الهيكلة الهندسية لصواريخ (PG-2) الروسية المضادة للدبابات.
ب.الأنواع المختلفة من العبوات الناسفة ومن ضمنها تلك التي قد تحتوي على متفجرات تقليدية:
1) نموذج التقليد في هذا المجال هو استخدام العبوات شديدة الانفجار المستعملة من قبل حزب الله في لبنان، تبرز في هذا السياق العبوات الشكلية المصنّعة محلياً من قبل حماس والمسماة "شواظ" ذات قدرة تغلغل أعلى من تلك المعروفة للعبوات المستخدمة من قبل المنظمات الإرهابية. هذا الأمر نابع من تحسن في جودة تصنيع العبوات وكذلك من استعمال مواد متفجرة ذات طاقة أكبر بالاعتماد على المعلومات التكنولوجية التي تم الحصول عليها من إيران أو حزب الله.
2) الأشهر الأخيرة سنة 2006، تم اكتشاف وتشغيل مثل هذه العبوات في أربع مناسبات: عثر على عبوتين كجزء من عبوات معقدة تم اكتشافها على مقربة من المحور الرئيسي للقطاع؛ خلال عملية "غيوم الخريف" تم تفعيل أربع عبوات من هذا النوع ضد قوات الجيش في بيت حانون.
ج. تصنيع صواريخ المدفعية مختلفة المدى وقذائف الهاون10)
1) تتمتع حركة حماس، الرائدة من بين هذه التنظيمات، بقدرة تصنيع تشكيلة واسعة من القذائف من مجموعة "القسام" في مدى يصل حتى 13 كيلومتر وصواريخ محسّنة حتى مدى 19 كيلومتراً. وفقا لتقديراتنا، فإن حماس تمتلك اليوم بضع مئات من الصواريخ.
2) تعمل منظومة الإنتاج التابعة لحماس بشكل مستمر سعياً إلى إطالة مدى الصواريخ ومدة حياة الصواريخ المصنّعة محلياً.
3) كما أن الجهاد الإسلامي في فلسطين يعمل على التصنيع المحلي لصواريخ (من طراز القدس) ذات مواصفات مشابهة لتلك التي تصنعها حماس.
منظومة تهريب الوسائل القتالية إلى قطاع غزة
5) تحصل حماس وسائر المنظمات الإرهابية على الوسائل القتالية من مصادر مختلفة، بعضها من إيران ولبنان والبعض الآخر من دول أخرى مثل السودان. كما أن المنظمات تشتري وسائل قتالية من البدو في سيناء ومن تجار السلاح الذين ينشطون خارج القطاع. يتم نقل هذه الوسائل الحربية والمواد الخام الضرورية للتصنيع المحلي من خلال منظومة التهريب من الحدود المصرية التي تشكل "أنبوبة أوكسجين" حيوية بالنسبة لحماس وبقية المنظمات الإرهابية.
6) منذ خروج الجيش الإسرائيلي من قطاع غزة في إطار عملية "الانفصال" (أيلول 2005) طرأ ارتفاع ملحوظ على حجم عمليات تهريب الوسائل الحربية من مصر إلى قطاع غزة عبر محور فيلادلفيا. في البداية، احتلت قوات الأمن الفلسطينية التابعة لفتح مواقع قوات الجيش الإسرائيلي التي عملت في المحور. في المرحلة الثانية، بعد استيلاء حماس على القطاع، تقوم عناصرها بدوريات على الحدود من اجل تيسير عملية تهريب الوسائل القتالية. إن تواجد قوات خاضعة لسيطرة حماس وعجز القوات المصرية جعلت من الحدود بين القطاع وسيناء حدودا مفتوحة تنفّذ عبرها بسهولة نسبياً عمليات تهريب واسعة النطاق.
7) وسيلة التهريب الأساسية التي تستخدمها المنظمات الإرهابية هي منظومة الأنفاق التي تم حفرها من رفح إلى سيناء، على امتداد محور فيلادلفيا. تتم عمليات التهريب من خلال عشرات الأنفاق الموجودة، انعكس حجم منظومة الأنفاق هذه أثناء عملية الجيش الإسرائيلي في قطاع كيرم شلوم (30 تشرين أول 2007) والتي تم خلالها رصد وتدمير ثماني فوهات لأنفاق.
8) يتم عبر هذه الأنفاق إدخال الوسائل القتالية، معدّات عسكرية ومواد خام معدّة للتصنيع المحلي بل وحتى الأموال (بقيمة عشرات الملايين من الدولارات). تم بهذه الطريقة تهريب صواريخ مضادة للطائرات، صواريخ تقليدية ذات قطر 122 ملليمتر (غراد)، عشرات الأطنان من المواد المتفجرة التقليدية، ألغام، منصّات إطلاق للصواريخ المضادة للدبابات، بنادق ورصاصات. إضافة لذلك، تساعد الأنفاق على تهريب الإرهابيين من القطاع إلى إسرائيل، عبر الحدود الإسرائيلية المصرية. ساهم اقتحام الجدار الحدودي في رفح (22 كانون أول 2008) في إلغاء حاجة المنظمات للتهريب عبر الأنفاق لفترة قصيرة وفتح المجال لتدفق مكثف للوسائل القتالية بواسطة السيارات إلى داخل قطاع غزة.
9) وسيلة تهريب إضافية هي بواسطة المعابر الحدودية بين إسرائيل وبين قطاع غزة، تحت مظلة المعدات التجارية أو الإنسانية. لقد تبلور وضع مثير للسخرية أصبحت فيه إسرائيل مصدراً للكثير من المواد الخام المستعملة في بناء الصواريخ والمواد المتفجرة من أجل إلحاق الضرر بالإسرائيليين.(13) (على سبيل المثال نيترات البوتاسبوم مع إضافة السكر هما المواد الأساس الرئيسية لإنتاج صادّات من اجل العبوات الناسفة والصواريخ). لهذا السبب، حظر استعمال نيترات البوتاسيوم في الضفة الغربية ولهذا السبب تحاول المنظمات الإرهابية تهريبه بشتى الطرق والوسائل(14).
في نهاية العام 2007 أوقفت قوات الأمن الإسرائيلية في أحد معابر الضفة الغربية شاحنة محملة بـ 6 أطنان من نيترات البوتاسيوم. وقد كانت هذه المادة في طريقها إلى نشطاء الإرهاب وتم تمويهها بأكياس السكر التي أرسلت كمساعدة من الاتحاد الأوروبي (المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي، 29 كانون الأول 2007)
10) تستغل المنظمات الإرهابية العاملة في القطاع منح اسرائيل تصاريح دخول لسكان القطاع لاعتبارات انسانية خاصة (مثلا، علاجات ضرورية في المستشفيات لإنقاذ الحياة). يتم ذلك بعدة طرق ومن ضمنها شراء تحويلة طبية شكلية إلى مستشفى في اسرائيل، في الضفة الغربية أو في الخارج. قوات الأمن الإسرائيلية على معرفة بسلسلة من الأطباء والعاملين الإداريين في مستشفيات القطاع الذين يصدرون مثل هذه المصادقات مقابل الرشوة(15).
11) تتم معظم عمليات تهريب الوسائل القتالية إلى القطاع من قبل مهرّبين وتجار مستقلين يعملون لدوافع مادية. أحياناً، لا يتم تحديد مكان البيع قبل إتمام التهريب ويتم بيعها في السوق الحر لمن يدفع أكثر. أحياناً يتم القيام بعمليات تهريب بناء على طلبية من تنظيم معين (بالأساس حماس). في أعقاب استيلاء حماس على القطاع فقد أحكمت حماس من سيطرتها على منظومة التهريب للوسائل القتالية من سيناء إلى قطاع غزة.
12) تقوم حماس بإدخال الأموال المطلوبة من أجل شراء الوسائل القتالية (وعملية التعاظم إجمالاً) إلى قطاع غزة بطرق غير مكشوفة والتي تعتمد بالأساس على الصرافين والتجار في العالم العربي. لا بد من الاشارة الى أن المنظمات الإرهابية تستخدم الأنفاق بشكل كبير أيضا من اجل تهريب كميات كبيرة من الأموال تصل إلى عشرات الملايين من الدولارات في كل عملية تهريب.
الفصل و: تدريبات في قطاع غزة وخارجه (إيران، سوريا، لبنان)
1. تشمل عملية تعاظم حماس التدريبات وعمليات التأهيل من اجل رفع مستوى اللياقة المهنية لعناصرها ونشطائها على جميع المستويات ومن جميع المهن. تمتلك حماس نواة نوعية مكونة من مئات العناصر الذين اجتازوا عمليات تأهيل حربية ومتطورة من خلال الاحتراف في مجالات مثل إطلاق الصواريخ المضادة للدبابات، الأسلحة الخفيفة، الرشاشات، العبوات الناسفة وما شابه. هؤلاء العناصر يتمتعون بأهلية قتالية تكسبهم مهارات في القتال على مستوى الفرد، الخلية وربما أيضا في أطر أكبر من ذلك.
2. يمر نشطاء الذراع العسكرية لحماس في قطاع غزة بتدريبات واسعة ومنتظمة تشمل تدريبات أساسية (لياقة بدنية، إطلاق النار، العمل الميداني) وتدريبات احترافية ومتقدمة في مجالات متعددة مثل: القنص، إطلاق مضادات الدبابات، استخبارات مدفعية. تتم التدريبات الأساسية في منطقة القطاع من قبل مرشدين محليين (بعضهم اجتاز تأهيلا في الخارج). تتم التدريبات الأكثر احترافا في إطار دورات في الخارج في إيران، سوريا ولبنان (من خلال حزب الله). بالمقابل يمر عناصر أجهزة الأمن الداخلي (القوة التنفيذية، الشرطة وما شابه) بتدريبات أساسية ومتطورة في قطاع غزة وخارجه (إيران وسوريا) والتي تؤهلهم للعمل في صفوف الذراع العسكري لحماس في حالة الطوارئ.
3. بعد استيلاء حماس على القطاع (حزيران 2007) وكجزء من عملية الإسراع ببناء القوى العسكرية، تم إرسال نشطاء حماس إلى سوريا وإيران من أجل اجتياز تأهيل وتعلم دورات. تم إعادة هؤلاء النشطاء بالتهريب إلى غزة وقاموا بنقل المعلومات والخبرات التي اكتسبوها إلى نشطاء الذراع العسكرية وأجهزة الأمن الداخلي التابعة لحماس. في سنة 2007، بذلت جهود تأهيل واسعة النطاق والأكثر أهمية في تاريخ الذراع العسكري لحماس من اجل تحسين قدراتها التنفيذية.
أ.تدرب المئات من عناصر حماس في إيران: "حرس الثورة" الإيرانية تعمل على تدريب نشطاء حماس منذ أكثر من سنتين، منذ انسحاب إسرائيل من قطاع غزة في سنة 2005 (أي، منذ الانفصال). حتى الآن، تدرب في إيران أكثر من 150 ناشطاً. يتدرب في إيران حالياً حوالي 150 ناشطاً آخرين ويستعينون بالتدريبات من أجل تحسين مهاراتهم القتالية. سينخرط بعضهم في مهام قتالية وأما البعض الآخر غير المؤهلين للقتال فسوف يتم إدراجهم في "وحدة البحث" التابعة لحماس.
ب. طريق الوصول إلى إيران: يخرج نشطاء حماس من قطاع غزة إلى مصر ومن هناك يسافرون جواً إلى سوريا ومن سوريا إلى طهران. عند الدخول والخروج من طهران يسمح لهم بعدم ختم جوازات سفرهم لدواع أمنية(17).
ج. مدة التدريبات وموقعها: تدرب نشطاء حماس على مدار فترات تتراوح ما بين 45 يوما إلى 6 شهور. تجرى التدريبات في قاعدة عسكرية مغلقة، في ظروف قاسية، تحت رقابة "الحرس الثوري". يحق للنشطاء الخروج لاجازة مرة واحدة في الأسبوع وفقط في مجموعات وبمصاحبة رجال أمن إيرانيين.
د. مواضيع التدريب: يمر نشطاء حماس في إيران بتدريبات على تكتيكات قتالية وتشغيل وسائل قتالية ويعود هؤلاء النشطاء إلى قطاع غزة بالمهارات التي اكتسبوها في المجالات التكنولوجية الحديثة، إطلاق الصواريخ، تشغيل العبوات، القنص ومهارات إضافية أخرى، شبيهة بتلك التي استخدمها حزب الله.
هـ. أرسل إلى إيران سبعة أفواج من نشطاء حماس حتى الآن. يبقى النشطاء المتفوقون من كل فوج في إيران لفترة أطول، يخضعون لدورات متقدمة ويعودون إلى القطاع ليعملوا كمرشدين.
و. التدريبات في سوريا: يتم إرسال نشطاء حماس من القطاع إلى سوريا أيضا من أجل التدريبات الأساسية. حتى الآن، تدرب في سوريا 600 ناشط من حماس تلقوا تدريباتهم على يد مرشدين تعلموا تكتيك الحرب والقتال في إيران. 62 ناشطاً يخضعون للتدريبات حالياً في سوريا.
الفصل ز: التصعيد الأخير في قطاع غزة والعبر المستخلصة من منظور حماس
1.كانت جولة التصعيد الأخيرة في قطاع غزة (27 شباط – 4 آذار) المواجهة الأصعب بين حماس وإسرائيل منذ استيلاء الحركة على القطاع (حزيران 2007).
2.خلال جولة التصعيد (28 شباط – 3 آذار 2008) سقط 207 صاروخاً داخل إسرائيل والتي أطلقت حماس معظمها. كانت مدينة سديروت المنطقة المستهدفَة بأكثر من 100 صاروخ غير انه تمّ ولأول مرة إدخال مدينة أشكلون إلى دائرة التهديد (أطلقت حماس حوالي 18 صاروخاً تقليدياً بقطر 122 مليمتر من نوع غراد). كان متوسط عدد الصواريخ التي يتم إطلاقها يومياً حوالي 30 صاروخاً. كما ان حماس استخدمت قذائف هاون تقليدية يصل قطرها إلى 120 ملليمتر.
3.تدلّ كمية الصواريخ الكبيرة التي أطلقتها خلال بضع أيام على مخزون كبير من الصواريخ الذي تمتلكه حماس. يبرز بشكل خاص المخزون الكبير نسبياً من صواريخ غراد التقليدية بقطر 122 ملليمتر التي مكّنت حماس من القيام لأول مرة بإطلاق صواريخ متواصل ومنهجي على مدينة أشكلون (120000 مواطن).
4.مع ذلك فقد فوجئت حماس بردّ فعل إسرائيل وبشكل خاص من الحملة البرية شمالي القطاع ("الشتاء الدافئ") التي أدت إلى إصابة العديد من النشطاء (حوالي 70 ناشطا إرهابيا) وضرب البنى التحتية للإرهاب. لهذا السبب، لم يتمكن نشطاء حماس وسائر المنظمات من تنفيذ عمليات "نوعية" ضد الجيش الإسرائيلي. يضاف إلى ذلك أيضا الهجمات التي قام بها الجيش الإسرائيلي على مواقع هامة والتي أدت إلى تشويشات في عملية التصنيع والنقل، خسارة نشطاء وبنى تحتية.
5.على المستوى السياسي نجحت حماس بإبراز دورها في رسم الأجندة اليومية على الحلبة الفلسطينية الداخلية وأيضا على المستوى الفلسطيني– الإسرائيلي، خصوصاً على خلفية إعلان أبو مازن عن تعليق المفاوضات السياسية مع إسرائيل. برز بشكل خاص نجاح حماس (التي انضمت إليها السلطة الفلسطينية برئاسة أبو مازن) في الحرب على الوعي: أدارت حماس والسلطة الفلسطينية حملة إعلامية سعت إلى إظهار الإصابة بالمدنيين وعلى الأخص بالأطفال متجاهلة إطلاق الصواريخ باتجاه إسرائيل وحقيقة أن غالبية القتلى (حوالي 130) قتيل كانوا نشطاء إرهابيين.
6.استخدمت في هذه الحملة مصطلحات مثل "المحرقةّ" و"المذبحةّ" من خلال "إلباس" "محرقة" الفلسطينيين في غزة مزايا "محرقة الشعب اليهودي". لم تحصد هذه الحملة صدىً كبيراً في دول الغرب لكن كان لها تأثيرا كبيرا في أوساط الفلسطينيين وفي العالم العربي الإسلامي (يرجع ذلك أيضا إلى تكاتف قناة "الجزيرة" شديدة الرواج لدعم الحملة الفلسطينية). جسّد نجاح الحملة مرة أخرى بالنسبة لحماس أهمية تطوير قاعدتها الإعلامية (المجال الذي ترصد له حماس موارد كبيرة) كما أظهر مرة أخرى انه من المتوقع في كل مواجهة مستقبلية في قطاع غزة ان تلعب الحرب الإعلامية دوراً هاماً.
7.في جولة التصعيد الأخيرة قامت حماس باستخدام واسع للمدنيين كـ"درع بشري". وعادة ما قوبلت بالدعم والمؤازرة من جانب السكان المدنيين. تم التعبير عن ذلك من خلال القتال في منطقة مبنية مكتظة بالسكان وفي بعض الحالات بارتداء النشطاء التنفيذيين لحماس لباساً مدنياً من اجل الانغماس بين المدنيين. ساعد المواطنون في بعض الحالات حماس من خلال التجمع في الأهداف المتوقع مهاجمتها من قبل الجيش الإسرائيلي لكي يتم استخدامهم كـ"درع بشري".
8. في الختام: كان بوسع حماس استخلاص الكثير من العبر الإيجابية والسلبية من جولة التصعيد الأخيرة. يتمثل الجانب الإيجابي في نجاح حماس بالإطلاق المتواصل والمنهجي للصواريخ نحو إسرائيل، يشمل ذلك إدخال أشكلون إلى دائرة إطلاق النار ونجاحها في الحرب الإعلامية وكسب الرأي العام. من الناحية السلبية تجسد وجود الفوارق في الأهلية لدى المجموعات المقاتلة والثمن الذي تنطوي عليه المواجهة الواسعة مع إسرائيل. على أي حال، تستغل حماس فترة الفتور السائدة في قطاع غزة كي تستمر في عملية التعاظم العسكري من خلال ترميم الأضرار والتغلب على "نقاط الضعف" التي ظهرت في جولة التصعيد الأخيرة.
فهرس المواضيع
1) ملخص الدراسة
2) الفصل أ: مميزات عملية التعاظم العسكري لحماس في قطاع غزة
أ) مميزات المنظومة الهجومية والدفاعية
ب) تصور الدفاع عن قطاع غزة
ج) الفرق ما بين الظروف في قطاع غزة والساحة اللبنانية
3) الفصل ب: المنظومة التي تسيطر عليها حماس في قطاع غزة
أ) قيادة حماس في قطاع غزة
ب) حجم القوات العسكرية في قطاع غزة
ج) الذراع العسكرية التابعة لحماس (كتائب عز الدين القسام)
د) أجهزة الأمن الداخلية
ه) المنظمات الإرهابية الأخرى العاملة في قطاع غزة
4) الفصل ج: البنية التحتية البرية:
أ) معطيات أساسية جغرافية وديموغرافية
ب) المنظومة الواقعة تحت الأرض
5) الفصل د: تحسين الوسائل القتالية التي بأيدي حماس وباقي المنظمات الإرهابية
أ) مصادر الوسائل القتالية
ب) أسلحة الرمي غير المباشر (الصواريخ وقذائف الهاون)
ج) الأسلحة المضادة للدبابات
د) المتفجرات والعبوات الناسفة
ه) السلاح، الذخيرة والأسلحة المضادة للدبابات
6) الفصل ه: منظومات التصنيع الذاتي، التطوير وتهريب الوسائل القتالية
أ) منظومة التصنيع الذاتي
ب) منظومة تهريب الوسائل القتالية إلى قطاع غزة
7) الفصل و: التدريبات في قطاع غزة وخارجها (إيران، سوريا ولبنان)
8) الفصل ز: التصعيد الأخير في قطاع غزة والعبر منه بنظر حماس
ملخص الدراسة
1. إن انفصال إسرائيل عن قطاع غزة (خلال شهر آب 2005) أوجد واقعاً جديداً على أرض الواقع, وقد حث هذا الواقع الجديد على إقامة منطقة نفوذ واضحة ومميزة لحركة حماس في قطاع غزة. لقد نجحت حماس في تثبيت قوتها وتعزيزها على أرض الواقع وتحقيق مكاسب على الصعيد السياسي- الداخلي الفلسطيني، حيث فازت في الحملة الانتخابية للمجلس التشريعي بأغلبية الأصوات وشكلت حكومة برئاستها وفي وقت لاحق فرضت حماس سيطرتها على قطاع غزة عنوةً، وعملت على تفكيك القوة العسكرية والسياسية لحركة فتح وأجهزة الأمن الفلسطينية، ثم أقامت في قطاع غزة كياناً إسلامياً- راديكالياً ("حماستان"). إن هذا الكيان يتلقى دعما من إيران وسوريا ويدير سياسته الداخلية والخارجية، ثم يدير منظومة إرهابية ضد إسرائيل، وينفصل بشكل تام عن السلطة الفلسطينية في الضفة الغربية.
2.منذ انفصال إسرائيل عن قطاع غزة، وبمزيد من الشدة، خلال السنة الأخيرة الماضية، تدأب حركة حماس بخطوات حثيثة على القيام بعملية تعاظم عسكري. إن هذه العملية تتغذى من عوامل عدة:
أ. الصعوبات الجمة التي تواجهها حماس منذ توليها زمام الحكم، وخاصة بعد فرض سيطرتها على قطاع غزة. لقد اضطرت إلى التعاطي مع بعض من الصعوبات بما في ذلك العزلة السياسية والحصار الاقتصادي وعمليات الجيش الإسرائيلي في غزة والتآمر السياسي والحرب السياسية والإعلامية التي أعلنتها عليها حركة فتح والسلطة الفلسطينية برئاسة أبو مازن. إن هذه الصعوبات تخلق لدى حماس الشعور بالحصار، وتضع أمامها تحدياً سلطوياً غير منقطع، وتلزمها بإقامة منظومة عسكرية-أمنية تضمن لها مواصلة سيطرتها على قطاع غزة وتحميها من أعدائها الكثيرين داخل القطاع وخارجه.
ب.الواجب الملقى على عاتق حماس لإعطاء الرد على العمليات التي يمارسها الجيش الإسرائيلي في غزة، إلى جانب التخوف من إمكانية احتلالها أو أجزاءً منها. إن سيناريو سيطرة الجيش الإسرائيلي على القطاع عاد ليُطرح مراراً وتكراراً كلما ازداد الإرهاب الفلسطيني وتوسع وكثرت عمليات الإحباط والعمليات الوقائية التي تقوم بها قوات الأمن الإسرائيلية وذلك بالإضافة إلى ضرورة التعاطي يوميا مع الجيش الذي يقوم بعمليات إحباط مكثفة في غزة، بما في ذلك عمليات التصفية الموضعية التي تُنفذ ضد النشطاء الإرهابيين وعمليات الهجوم على قواعد ومنشآت عسكرية والعمليات البرية في شماله وجنوبه.
ج. إن نجاح منظمة حزب الله في إعطاء رد غير متكافئ على تفوق الجيش الإسرائيلي وقوته أثناء حرب لبنان الثانية، قد جعل منها في نظر حماس مصدراً للتقليد وقدوة يُحتذى بها. إن حرب لبنان الثانية ونتائج الإطلاق الصاروخي غير المنقطع على مدينة سديروت وبلدات النقب الغربي، قد جسدت بمزيد من الشدة الأهمية الإستراتيجية التي يحمل في طياته "سلاح الصواريخ"، على ضوء الإصابات التي ألحقت بالجبهة الداخلية المدنية الإسرائيلية. إن العبر التي تم استخلاصها في أعقاب حرب لبنان الثانية قد جسدت أيضاً الأهمية الكامنة في إقامة منظومة عسكرية تتميز بالمناعة وبالقدرة على البقاء والصمود، وتدافع عن سيطرة حماس في غزة، على غرار المنظومة العسكرية التي أقامتها منظمة حزب الله في جنوب لبنان.
3.على هذه الخلفية تقود حماس عملية حثيثة من التعاظم العسكري، تقف في صلبها منظومتان رئيسيتان: منظومة الأمن الداخلي، التي تقف في صلبها القوة التنفيذية التي تشكل الذراع الرئيسة لحماس في مجال سيطرتها على الساحة الداخلية، والذراع العسكرية التي تقف في صلبها كتائب عز الدين القسام، والتي تعمل على تخطيط وتنفيذ العمليات الإرهابية ضد إسرائيل وعلى القيام بالاستعدادات الدفاعية داخل قطاع غزة. تجدر الإشارة إلى أنه فيما لو تحقق سيناريو توغل الجيش الإسرائيلي في قطاع غزة، فسوف يندمج بعض النشطاء في منظومة الأمن الداخلي وبعض النشطاء من المنظمات الأخرى في الخطة الدفاعية لكتائب القسام.
4.إن عملية التعاظم العسكري لحماس تتضمن: توسيع حجم القوات (التي تبلغ الآن زهاء 20,000 ناشط يحملون السلاح ويخضعون لحماس أو ينخرطون في قواتها في حالة الطوارىء)، إعادة ترتيب قوات حماس في أطر شبه عسكرية، ممارسة التدريبات على نطاق واسع، داخل غزة وخارجه (وخاصة في إيران وسوريا)، توفير الوسائل القتالية المتطورة وخاصة الصواريخ المتطورة (التي يصل مداها إلى ما بعد مدينة أشكلون)، الوسائل المتطورة المضادة للدبابات (التي يقوم حزب الله باستعمالها) مثل الصواريخ من نوع "كونكورس" و"ساغر"، تحسين المنظومة القيادية وسيطرة القوات المنتشرة في كافة أنحاء قطاع غزة، تهيئة الجو على الأرض للدفاع، بما في ذلك إقامة بنى تحتية تحت أرضية في أنحاء غزة من أجل القتال والتستر، تطوير عبوات ناسفة ذات قوة تفجيرية فتاكة ووضعها بالقرب من المحاور (مثل العبوة الناسفة "شواظ") ووسط بؤر مختلفة يدور فيها القتال ضد الجيش.
5.إن عملية تعاظم حماس لا تزال جارية وسوف يستغرق تطبيقها الكامل، وفقاً لتقديراتنا عدة سنوات أما في بعض المكونات فيُلاحظ نضج أساسي، مما يوسع حجم التهديدات التي تفرضها حماس أمام الجيش الإسرائيلي وأمام سكان إسرائيل المدنيين الذين يعيشون في النقب الغربي. وتتضمن هذه التهديدات من ضمن ما تتضمنه، قدرات متطورة لتنفيذ عمليات إرهابية "نوعية" (عمليات تسلل إلى داخل إسرائيل من أجل تنفيذ عمليات اختطاف وعمليات قاتلة)، توسيع حجم الإطلاق الصاروخي باتجاه إسرائيل وتوسيع دقته ومداه والقوة الكامنة فيه، توسيع التهديدات الموجهة بواسطة الأسلحة المضادة للدبابات على الآليات المدرعة والتهديدات الموجهة ضد قوات المشاة التابعة للجيش الإسرائيلي، توسيع قدرة القوات العسكرية لحماس، التي من المفروض أن تدير القتال برمته من مناطق مكتظة بالسكان لتحافظ علي البقاء والصمود.
6. تتولى قيادة حماس في سوريا التي تعتمد على المساعدة الإيرانية والسورية وعلى الأموال التي تم جمعها في إيران والعالم العربي بل وحتى في الغرب عملية التعاظم العسكري لحماس في القطاع. إن المساعدة التي تقوم إيران وسوريا بتقديمها لتغذية عملية التعاظم العسكري لحماس، تتجسد في نقل وتصدير المعلومات الأيديولوجية والتكنولوجية، وفي توفير الوسائل القتالية والعتاد وفي تدريب نشطاء حماس في إيران وسوريا. حيث يتم تهريب الوسائل القتالية والأموال والنشطاء، التي يأتي مصدرها من إيران وسوريا إلى قطاع غزة عبر البنية التحتية المتشعبة للأنفاق (وعبر معبر رفح) مع القيام باستغلال عجز وتقصير قوات الأمن المصرية، التي تمتنع عن القيام بعمليات أمنية فعالة وناجعة تقطع "أنبوب الأوكسجين" الذي يربط بين حركة حماس وباقي المنظمات الإرهابية وبين الدول التي تدعمها.
الفصل الأول: مميزات عملية التعاظم العسكري لحماس في قطاع غزة
مميزات المنظومتان الهجومية والدفاعية
1.إن البنية التحتية العسكرية لحماس المبنية على المنظومة الهجومية والدفاعية، تهدف إلى إعطاء الرد لعدة احتياجات أساسية:
أ. تحقيق الهوية الجهادية لحماس بواسطة إدارة النشاط الإرهابي الدائم ضد إسرائيل، الذي يتميز منذ انفصال إسرائيل عن غزة (عام 2005) بإطلاق صاروخي مكثف (يزيد حجماً مما كان عليه في الماضي) باتجاه بلدات النقب الغربي (إحدى العبر التي تم استخلاصها من التجربة مع حزب الله في لبنان). وبالمقابل حاولت حماس مع تحقيق نجاح جزئي فقط تنفيذ عمليات إرهابية مع القيام باستعمال أنماط أخرى من العمل مثل العمليات الانتحارية وعمليات الاختطاف (مثل عملية اختطاف الجندي الإسرائيلي الأسير جلعاد شليط) وإطلاق النار ووضع عبوات ناسفة.
ب. تعاطي حماس مع العمليات المكثفة للجيش الإسرائيلي في القطاع التي تهدف الى منع اطلاق الصواريخ على امتداد الحدود والتعاطي مع تهديدها بتنفيذ عمليات إرهابية عن طريق الأنفاق ومنع تعزيز البنى التحتية الاستخبارية لحماس. لقد زاد هذا من حدة شعور حماس بالتهديد الذي يمكن له أن يحدق بها فيما لو تم تحقيق السيناريو (وفقا لتصورها) الذي يتم من خلاله احتلال قطاع غزة أو جزء منه من قبل إسرائيل. إن مثل هذا السيناريو قد يتم سواء كان ذلك أثناء وقوع جولات قتالية تقتصر على منطقة جغرافية معينة ومحدودة من حيث إطارها الزمني (مثل حملة "الشتاء الدافئ" التي تمت أثناء الجولة الأخيرة من التصعيد, أو أثناء قيام إسرائيل بعملية هجومية واسعة النطاق لاحتلال قطاع غزة من جديد، الأمر الذي تعتبره حماس التهديد الرئيسي الذي يحدق بها الذي على ضوئه قامت حماس ببناء قوتها العسكرية.
ج. التعاطي مع التهديد الداخلي الذي يحدق بها، سواء كان ذلك من جهة مؤيدي أبو مازن (فتح) أم من جهات أخرى تعمل على الساحة في قطاع غزة (مثل بؤر الحمائلية أو جهات إسلامية لها علاقة بالجهاد العالمي) التي ترفض الخضوع لحركة حماس. إن هذه الجهات قد ضَعُفت خلال العام الأخير ولكنها ما زالت تشكل عقبة أمام حكم مطلق وكلي لحماس في قطاع غزة. وبموازاة ذلك تقف الضرورة الملحة التي تواجه حكومة حماس لتوفير الحلول إزاء ظاهرة الإجرام المتفشية واسعة النطاق واحتياجات سكان قطاع غزة وضمان شعورهم الشخصي بالأمان.
2. إن المنظومة العسكرية المسئولة عن إدارة القتال مع إسرائيل، سواء كان ذلك من الناحية الهجومية أم من الناحية الدفاعية، تعتمد على "كتائب عز الدين القسام"، الذراع العسكرية لحماس. إن هذه الذراع تمر الآن بعملية حثيثة لبناء قوتها، من أجل تحويلها إلى جيش شبه منظم، يدافع عن القطاع وفي الوقت ذاته يستمر في المبادرة إلى تنفيذ عمليات ضد إسرائيل كما تقتضي الإستراتيجية التي تبنتها حركة حماس.
3. إن التقسيم بين هاتين المنظومتين ليس حاداً وقطعياً عند وقوع جولات تصعيدية في إدارة القتال، فمن المفروض أن تندمج أجهزة الأمن الداخلي في القتال الدائر ضد الجيش، حتى ولو اقتصر ذلك على الأقل على تقديم المساعدة اللوجيستية والإستخبارية. وفي حال حدوث سيناريو يتضمن قتالاً واسعاً ومتواصلاً أكثر، فمن المفروض أن يقوم جزء من نشطاء منظومة الأمن الداخلي بتقديم التعزيزات لمنظومة كتائب القسام القتالية، وبمواجهة الجيش الإسرائيلي، حتى لو كان هذا بثمن النيل من قدرة أجهزة الأمن الفلسطينية على التعاطي مع ما يمليه الأمن الداخلي من أشكال الاضطرار والاحتياجات. في الواقع إن العديد من نشطاء حماس التنفيذيين يشغلون بالمقابل وظيفتين، حيث يخدمون في جهاز الأمن الداخلي وبالإضافة إلى ذلك يقومون بتأدية وظيفة على الأقل في أوقات الطوارىء في الذراع العسكرية لحركة حماس.
مفهوم الدفاع عن قطاع غزة
4) يهدف تصوّر حماس الدفاعي عن قطاع غزة إلى توفير ردّ غير متكافئ على تفوق الجيش الإسرائيلي عسكريا وتكنولوجيا. يتم ذلك بعدّة طرق: استعمال وسائل القتال المتطورة التي تم استخدامها بنجاح من قبل حزب الله (عبوات جنازير، أسلحة مضادة للصواريخ)، إيقاع أكبر عدد من الإصابات في صفوف الجيش الإسرائيلي من خلال إدارة الجزء الأساسي من عمليات القتال في مناطق مأهولة بالسكان؛ تطوير سبل الإخفاء والتمويه من اجل الحفاظ على صمود حماس؛ استنزاف الجبهة الداخلية الإسرائيلية من خلال الإطلاق المكثف للصواريخ، في وقت عمل الجيش في منطقة القطاع (وإن أمكن القيام بعملية انتحارية عبر حدود سيناء ومن الضفة الغربية أثناء نشاط الجيش الإسرائيلي في القطاع)؛ استخدام واسع للإعلام الفلسطيني، العربي والدولي من اجل الحصول على التعاطف مع الجانب الفلسطيني وتقييد حرية إسرائيل في العمل.
5) يعكس هذا التصور الدفاعي الإدراك التام لميزان القوى بين حماس وأنصارها وبين قدرات الجيش الإسرائيلي. حماس مدركة تماماً لعدم التكافؤ بين الطرفين، الذي يمنح كلاً منهما أفضليات ونواقص:
أ. من ناحية، تعترف حماس بالتفوق العسكري الواضح للجيش الإسرائيلي في كل ما يتعلق بحجم القوات والتحصين، الوسائل القتالية والقدرات الجوية والاستخباراتية. تدرك حماس بأنها سوف تواجه صعوبة في صدّ قوات الجيش الإسرائيلي ومنعها من العمل في المناطق المفتوحة.
ب. من ناحية أخرى فإن التواجد المتواصل للجيش الإسرائيلي في قطاع غزة قد يمنح حماس أفضليات في حربها ضده وذلك من خلال استعمال حرب استنزاف على شاكلة حرب عصابات، على الأخص في المناطق المبنية بشكل مكتظّ. استناداً إلى المنطق الكلاسيكي للمعركة غير المتماثلة في إطار مخطّط حربي من هذا النّوع، فإنه من المفترض أن يفقد الجيش تفوقه واستعلاءه، أن يحصد الكثير من الإصابات وأن يصيب أيضا، ولو عن طريق الصدفة، مواطنين فلسطينيين بشكل يثير ضغوطات إسرائيلية داخلية، عربية ودولية تدعو لانسحاب الجيش الإسرائيلي من القطاع.
6) على أساس هذه الخلفية، بلورت حماس التصور الدفاعي الذي يقوم على الامتناع عن استعمال كامل القوة العسكرية في المراحل الأولى من القتال، التقليل من الاحتكاك مع الجيش الإسرائيلي في المناطق المفتوحة وزيادة نجاعة القتال في المناطق المبنية المأهولة بالسكان. الهدف من القتال في الأماكن المأهولة بالسكان هو استنزاف قوات الجيش وسفك دم جنوده وفي نفس الوقت الاستمرار بإلحاق الضرر بالجبهة الإسرائيلية الداخلية من خلال إطلاق الصواريخ. بالمقابل يتم ذلك من خلال المحافظة على صمود العناصر والبُنى العسكرية الخاصة بها. من المفترض أن تمكّن جملة هذه الجهود حماس من عرض "ّانتصار" على الجيش الإسرائيلي في الوقت الذي يسحب فيه قواته من القطاع (مرة أخرى، بموجب النموذج الذي استخدمه حزب الله في حرب لبنان الثانية).
7) من اجل استنزاف قوات الجيش وإلحاق أكبر خسائر بها، تسعى حماس إلى إدارة حرب ضروس وقتال عنيد كلّما توغّلت القوات من ضواحي القطاع إلى قلب المنطقة المأهولة بالسكان. مسارات القتال التي من المتوقع ان تسلكها حماس تشمل: إطلاق النار المضاد المباشر حتى وإن تمّ من داخل البيوت السكنية ومن على أسطح البيوت، بناء أنفاق ككمائن في مداخل المدن ومحاور السير المركزية، وضع عبوات مفخخة (سيارات مفخخة، عبوات مخفية)، تفعيل إرهابيين انتحاريين (رجال ونساء)، تفعيل واسع لوسائل مضادة للطائرات، استعمال مواطنين "كدرع بشري".
8) أحد المجالات التي تشملها عملية التعاظم هي تفعيل إرهابيين انتحاريين كجزء من حرب العصابات ضد الجيش الإسرائيلي في القطاع. تمتلك حماس مخزوناً جاهزاً من عشرات الأحزمة الناسفة وعلى ما يبدو أيضا وحدة انتحاريين مؤسّسة. ربما تستعد منظمات أخرى للعمل في إطار من هذا النوع عند دخول الجيش. نفّذت محاولة المساس بقوات الجيش الإسرائيلي بواسطة الانتحاريين عدّة مرات خلال الجولات القتالية في القطاع. على سبيل المثال، في إطار حملة "غيوم الخريف" (6 تشرين ثاني 2006) حاولت ارهابية انتحارية تابعة للجهاد الإسلامي في فلسطين إصابة قوة تابعة للجيش الإسرائيلي من كتيبة جفعاتي.
اختلاف الظروف في قطاع غزة عن الظروف في الساحة اللبنانية
9) تُشكل منظمة حزب الله التي اكتسبت خبرة واسعة على مدار سنوات طويلة في الحرب ضد إسرائيل في الحلبة اللبنانية، المثال او النموذج لعملية التعاظم بالنسبة لحماس وسائر المنظمات الإرهابية الأخرى في غزة. مع ذلك لا بدّ من الإشارة إلى بعض الاختلافات الجوهرية بين ظروف الحلبة اللبنانية والظروف في الساحة الغزّاوية التي تأخذها حماس بعين الاعتبار وتلاءم نفسها لها:
أ) مميزات المنطقة: قطاع غزة هو منطقة صغيرة ومحدودة في حين أن لبنان يحتوي على عمق تنفيذي يمنح المنظمات الإرهابية العاملة فيه "نفساً" أطول بكثير، فجنوب لبنان التي تتواجد فيها "النّواة الصعبة" للبنى التحتية العسكرية الخاصة بحزب الله هي منطقة جبلية مليئة بالغابات وغير مترابطة الأوصال في حين أن القطاع هو أرض سهلية ومكشوفة. بالمقابل، يوجد في قطاع غزة تواصل من المناطق المبنيّة المأهولة بكثافة والتي تشكّل تفوقاً للقوة الحامية وتزيد من صعوبة القتال بالنسبة للجيش النظامي.
ب) إمكانية الحصول على مساعدة خارجية: يحظى حزب الله بمساعدات مكثفة من جانب سوريا وإيران وفرص جيدة لوصول هذه المساعدات وذلك بسبب حدودها الطويلة مع سوريا التي يتم عبرها إدخال المساعدات إلى لبنان. كما ان حماس أيضا متعلقة بالدعم والمساعدات الإيرانية والسورية لكن من الصعب أكثر نقل هذه المساعدات إلى قطاع غزة بسبب بعدها نسبياً عن بؤر المساعدات الخارجية وبسبب المراقبة الصارمة التي تمارسها دولة إسرائيل (ومصر بدرجة أقل) على حدود القطاع. لذا لا بدّ لحماس من امتلاك منظومة ذاتية لتصنيع الوسائل القتالية، إلى جانب منظومة متشعبة لعمليات تهريب الأسلحة بشكل يمنحها نفساً طويلاً في الحرب مع إسرائيل تحت ظروف الحصار على قطاع غزة (في حين أن بنية حزب الله من الوسائل القتالية تعتمد على أسلحة تقليدية تزودها لها إيران وسوريا).
ج) دعم السكان وبؤر القوى المحلية: يلقى حزب الله معارضة قوية وشرسة من جانب نظام الحكم اللبناني في أوساط التيار المسيحي وأبناء الطوائف الأخرى وعلى المنظمة ان تأخذ هذا في جملة اعتباراتها في مواجهتها مع إسرائيل، أما حماس التي نجحت في هزم أجهزة الأمن التابعة للسلطة الفلسطينية وفتح وإخضاعها بُعَيد استيلائها على القطاع فإنها تحظى بدرجة كبيرة من الدعم في أوساط السكان في غزة ومراكز القوى فيها. الأمر الذي يمكنها من التسريع من عملية التعاظم بدرجة واسعة من حرية العمل ومن إتباع سياسة الإرهاب المستقلة دون أي تقييدات داخلية ذات أهمية (حتى عندما تؤدي مثل هذه السياسة إلى إصابة السكان مثل في حالات إطلاق الصواريخ). كما أن هذا الدعم الشعبي الذي تناله حماس يمكنها من الاستفادة من مخزون لا ينضب من القوى البشرية من أجل تجنيدها في صفوفها والاستعانة بها في المخططات القتالية المختلفة.
الفصل ب: المنظومة التي تمتلكها حماس في قطاع غزة
قيادة حماس في قطاع غزة
1) تتضمن قيادة حماس في قطاع غزة المؤسسات والأفراد المسئولين عن الإدارة الجارية لشؤون الحركة واتخاذ القرارات الإستراتيجية. لا يتقلد معظم أعضاء الحركة أي مناصب في حكومة حماس بالرغم أنه تربطهم علاقة وثيقة بقادة الحركة الذين يترأسون مقاليد الحكم (وعلى رأسهم إسماعيل هنيّة).
2) توجّه إدارة حماس في القطاع أربعة أذرع رئيسية للحركة: الذراع العسكري ( وعلى رأسه القوة التنفيذية)، حكومة حماس والبنى التحتية المدنية المتشعبة لحماس ("الدعوة").
3) منذ إقامة حكومة حماس وبقوة أكبر منذ استيلاءها على غزة، طرأ ارتفاع متواصل في قوة القيادة وذلك على حساب قوة قيادتها في دمشق ("الخارج"). يتمثل هذا الأمر في حقيقة أن القيادة في القطاع هي التي تتخذ القرارات الأساسية المتعلقة بإدارة. في الوقت نفسه تؤدي قيادة دمشق دوراً مركزياً في بناء القوة العسكرية ونقل المساعدات بسبب قدرتها للوصول إلى إيران وقدرة إيران، سوريا وحزب الله على توفير ذلك.
حجم القوى في المنظومة العسكرية في قطاع غزة
4) إن المنظومة العسكرية التي تتحكم بها حماس، تعتمد على كتائب عز الدين القسام، الذراع العسكرية لحماس. حسب تقديراتنا تتضمن هذه الذراع في قطاع غزة أكثر من 10 آلاف ناشط . قد يرتفع عدد نشطاء حماس وذلك على ضوء عمليات التجنيد الواسعة التي تقوم بها منذ استيلائها على غزة. من المفترض أن يشكل هؤلاء النشطاء إمدادات للقسام في حالات الطوارئ في حين أنه في الحالات الاعتيادية يصل عدد أفراد هذه النواة النظامية إلى بضع مئات من النشطاء المتمرسين. يقف على رأس الذراع العسكرية (عملياً) أحمد الجعبري.
5) جزء كبير من نشطاء حماس المهيئين من أجل استخدامهم كإمدادات في حالات الطوارئ في الحرب ضد الجيش الإسرائيلي يخدمون في الحالات الاعتيادية ضمن منظومة أجهزة الأمن العام الداخلي في غزة. يصل تعداد هذه الأجهزة والتي تقع في مركزها الذراع التنفيذية اليوم حوالي 10 آلاف ناشط، معظمهم ينتمون إلى حماس أو محسوبين عليها. حسب تقديراتنا، يصل العدد الإجمالي لعدد النشطاء في كتائب عز الدين القسام وأجهزة الأمن الداخلية الخاضعة إلى سيطرة حماس إلى حوالي 15 ألف ناشط.
6) يمكن الإضافة إلى حجم هذه القوى التابعة لحماس 4000 – 3000 ناشط من سائر المنظمات الإرهابية العاملة في القطاع. تحافظ هذه المنظمات على علاقات وطيدة من التعاون المتبادل مع حماس. يجب أن نأخذ بالحسبان ان بعضها على الأقل سيتم إخضاعه للذراع العسكرية لحماس في أوقات الطوارئ وستعمل تحت إمرتها ضد قوات الجيش الإسرائيلي. حجم القوى الشامل للمنظومة العسكرية التي تمتلكها حماس في قطاع غزة يصل إذاً إلى ما يقارب 20 ألف من المدجّجين بالسلاح، والذين يتمتعون بدرجات مختلفة من الخبرة والاحتراف.
الذراع العسكرية لحماس (كتائب عز الدين القسام)
7) في السنوات الأخيرة تمر البنى التنفيذية لحماس في غزة وبشكل أكبر منذ الانفصال عن غزة بعملية تدريجية يتم من خلالها الانتقال لمبنى عسكري هرمي وأنماط عمل شبه عسكرية. معنى ذلك انتظام التجمعات المحلية لعناصرها في المناطق المختلفة إلى ذراع عسكرية واحدة، ذات مبنى هرمي منظّم يتبنى مكونات عسكرية سواء في مجال تفعيل القوة أو بكل ما يتعلق بالنظم الداعمة (تصنيع وسائل قتالية، ممتلكات وتهريب وما شابه). مع ذلك لا بدّ من التأكيد بأنه لا يدور الحديث هنا عن تنظيم عسكري كلاسيكي. في زمن القتال من المتوقع أن تنشط حماس ضد قوات الجيش الإسرائيلي اعتماداً على مبادئ القتال غير المتماثل، على سبيل المثال: تفعيل أطر مصغّرة (مجموعات، خلايا)؛ التركيز على عمليات الكر والفر، الحفاظ على عوامل الاندماج والاختفاء داخل السكان، استخدام واسع للسكان.
8) تشمل الذراع العسكرية لحماس وحدات مكانية وأطر هادفة. إنها منتشرة في عدد من الوحدات المكانية في قطاع غزة والتي يصل حجم القوى في كل واحدة منها إلى أكثر من ألف ناشط. تتكون كل وحدة من عدد من الكتائب وفي كل كتيبة يوجد عدد من السرايا. في كل سريّة يوجد ثلاث أقسام مكونة من ثلاثة طواقم حربية (عناصر لمقاومة الطائرات، مقاتلون، عاملي متفجرات ومضمّدون).
9) فيما يلي انتشار الوحدات:
أ) منطقة شمال القطاع – وحدة يقودها أحمد غندور.
ب) مدينة غزة – على ما يبدو تعمل فيها وحدتان وعلى ما يبدو أن أحمد الجعبري هو الذي يقودها.
ج) مخيمات الوسط – وحدة يقودها أيمن نوفل (المعتقل حالياً من قبل القوات المصرية).
د) جنوب القطاع – على ما يبدو تعمل فيه وحدتان، واحدة في خان يونس والثانية في رفح (حسب المبنى الجغرافي لكل منطقة). يقود وحدة خان يونس محمد صنوار كما ويقود وحدة رفح رائد العطّار.
10) كما أسلفنا في الأيام العادية، تشمل كتائب عزّ الدين القسّام مئات من النشطاء المتمرسين. ينفذ هؤلاء النشطاء عمليات ضد أهداف مدنية في إسرائيل (إطلاق صواريخ وقذائف الهاون) وعمليات ضد أهداف عسكرية حول قطاع غزة (إطلاق قذائف الهاون، إطلاق النار بالأسلحة الخفيفة، طمر عبوات، محاولات لتنفيذ عمليات قتل واختطاف داخل المناطق الفلسطينية).
11) تتميز سياسة العمليات التي تنتهجها حماس بالمضيّ حتى النهاية كوسيلة للخلاص من التوتر ما بين التزاماتها السلطوية وبين هويتها الجهادية القتالية والإيمان بنجاعة العمليات كوسيلة للدّفع بأهدافها قدماً. تعني هذه السياسة الاستخدام المضبوط للإرهاب – يشمل إطلاق الصواريخ – من اجل تحصيل أهداف سياسية سعياً منها على الأقل في الوقت الراهن إلى تجنب المواجهة الشاملة مع الجيش الإسرائيلي في القطاع. بالمقابل، تنشغل حماس في التأهب لأي عملية احتلال للقطاع سواء بشكل جزئي أو كلي – من قبل الجيش الإسرائيلي من خلال بناء القوة العسكرية في إطار برنامج الدفاع لأوقات الطوارئ.
أجهزة الأمن الداخلية
عام
12) تضم أجهزة الأمن الداخلية لحماس كما أسلفنا حوالي 10 ألف ناشطاً في صفوفها، يعمل حوالي 6000 منهم في صفوف الشرطة والتي كان غالبية أعضاءها عناصر سابقين في القوة التنفيذية.
13) باستثناء الشرطة، تتضمن أجهزة الأمن الداخلية وحدات إضافية:
أ) قوة التدخل السريع (قوة شرطية منتخبة).
ب) قوة الأمن والحماية، المسئولة عن تأمين المؤسسات والشخصيات.
ج. الأمن القومي (مكوّنة من حوالي 400 ناشط).
د. الأمن الداخلي (مكوّنة من حوالي 200 ناشط).
هـ. خفر السواحل (مكوّنة من حوالي 200 ناشط).
و. جهاز الدفاع المدني (مكونة من حوالي 400 ناشط).
14) فيما يلي استعراض موجز للأجهزة المختلفة:
الشرطة (القوة التنفيذية سابقاً)
15) أقيمت القوة التنفيذية التي تمّ دمجها في شرطة حماس في نيسان 2006 على خلفية سعيها لتجريد أبو مازن وفتح من السيطرة على أجهزة الأمن في قطاع غزة وخلق قوة ناجعة يمكن تفعيلها في إطار عمليات شرطية وقمع أعداءها. أصبحت القوة التي تم إخضاعها لوزارة الداخلية، واحدة من أهم أجهزة السيطرة الأساسية لحماس. تم تفعيل الوحدة على نطاق واسع خلال المواجهات وأدت دوراً مركزياً في الاستيلاء علي قطاع غزة.
16) تتكون الشرطة اليوم من حوالي 6 آلاف ناشط، معظمهم من حماس وبعضهم نشطاء من منظمات أخرى. رجال الشرطة مسلحون بأسلحة خفيفة من نوع كلاشنيكوف او M-16، قنابل وأسلحة متنوعة مضادة للدبابات. يرتدي عناصرها زيّاً ويتلقون رواتبهم من وزارة الداخلية. بعد توحيد التنفيذية والشرطة تم تجميع نشطاء التنفيذية الذين رفضوا الانضمام إلى الجهاز الجديد في إطار جهاز جديد أطلق عليه اسم قوة التدخل السريع. تعمل هذه القوة مع الشرطة جنباً إلى جنب وتساعدها في معالجة الأحداث ميدانياً.
17) في ختام عملية دمج القوة التنفيذية في الشرطة، تم تعيين اللواء توفيق جابر قائداً عاماً للشرطة كما تم تعيين جمال الجرّاح (أبو عبيدة) نائباً له، وهو قائد التنفيذية. جمال الجراح من مواليد سنة 1965، من جباليا والذي شقّ طريقه كناشط في جهاز الأمن التابع لحماس في القطاع. في سنة 1996، تم توقيفه لفترة طويلة نسبياً من قبل أجهزة الأمن الفلسطينية. في أعقاب الإفراج عنه، عاد إلى العمل في تخطيط وتنفيذ العمليات. نجا من محاولة عملية القتل المستهدف التي دبرها له الجيش الإسرائيلي في 30 كانون أول 2003.
18) منذ إقامتها، تمر الشرطة بعملية متواصلة لتحسين قدراتها، توسيع انتشارها وزيادة إطار عملياتها في مجال فرض النظام العام. تقسَّم الشرطة إلى خمس ألوية: شمال القطاع، مدينة غزة، مخيمات الوسط، ومناطق خان يونس ورفح. تعمل على فرض النظام العام، تفريق المظاهرات ومعالجة الأحداث الجنائية. مع ذلك، لا بدّ من الأخذ بالحسبان أنه في حال وقوع سيناريو لمعركة واسعة ومتواصلة مع قوات الجيش الإسرائيلي فإن عناصرها وسائر أجهزة الأمن الداخلي ستنضم بشكل واسع إلى صفوف المقاتلين في كتائب القسام على حساب مهماتهم.
خفر السواحل (الشرطة البحرية)
19) أقيمت قوة امن السواحل (خفر السواحل) في صيف 2007 في أعقاب إعادة هيكلة القوة البحرية التي كانت خاضعة للسلطة الفلسطينية. مهمتها الحفاظ على الأمن العام على شواطئ القطاع وعمليات الأمن الجارية على طوله. يصل عدد أفراد القوة إلى حوالي 200 ناشطاً.
20) توجد بحوزة قوة خفر السواحل وسائل قتالية كانت في السابق ملكاً لأجهزة السلطة الفلسطينية ومن ضمنها قوارب من أنواع مختلفة. عناصر القوة مسلّحون بأسلحة خفيفة، علاوة على الحفاظ على النظام العام فإن الشرطة البحرية ضالعة أيضا في عمليات إطلاق النار على السفن البحرية العاملة بشكل دارج على امتداد قطاع غزة وفي أي سيناريو لدخول الجيش الإسرائيلي إلى القطاع، من المتوقع ان يتم تفعيلها أيضا ضد قوات سلاح البحرية الإسرائيلي.
جهاز الأمن الداخلي
21) أقيم جهاز الأمن الداخلي في آب 2007 من قبل حماس. يشمل الجهاز حوالي 200 ناشطاً في صفوفه وهو خاضع لوزارة الداخلية في حكومة حماس. يشكّل الجهاز بديلاً عن جهاز الأمن الوقائي الذي عمل في القطاع قبل استيلاء. وظيفة الجهاز هي معالجة قضية المتعاونين وجمع معلومات عن المشتبه بتورطهم في عمليات ضد حماس. إلى جانب ذلك، فإن الجهاز مسئول أيضاً عن التحقيق مع المعتقلين.
جهاز الدفاع المدني
22) جهاز مسئول عن عمليات الدفاع المدني في أرجاء القطاع. يعمل في صفوف الجهاز حوالي 400 ناشط وهو خاضع لكتائب عزّ الدين القسّام. الجهاز مسئول عن تفعيل 18 محطة دفاع مدني في أرجاء القطاع (تعمل عملياً 14 محطة). يوجد تحت تصرف الجهاز 25 سيارة إطفاء، 6 سيارات إسعاف وأربع سيارات إنقاذ.
أجهزة الأمن الداخلي
23) يوجد في قطاع غزة عدد من أجهزة الأمن الإضافية:
أ) الأمن والحماية – الجهاز المسئول عن تأمين الشخصيات المؤسسات العامة التابعة لحماس.
ب) جهاز الأمن الوطني – بعد استيلاء حماس على القطاع، قامت بتجديد عمل جهاز الأمن الوطني. قوات الجهاز منتشرة على الأخص في محور فيلادلفيا ووظيفتها ضمان سيطرة حماس على عمليات التهريب والقيام بأعمال الأمن الجارية على امتداد الحدود. يوجد حوالي 400 ناشط في صفوف الجهاز بعضهم عملوا في الماضي ضمن جهاز فتح والبعض الآخر هم من حماس.
منظّمات إرهابية أخرى عاملة في قطاع غزة
24) النظام العسكري الهجومي والدفاعي مبني على عمل نشطاء الذراع العسكرية لحماس وأجهزة الأمن الداخلي الخاضعة لها. عدا عن هذه الأجهزة، تعمل في قطاع غزة عدد من المنظمات الإرهابية الأخرى التي يقدر عدد عناصرها بـ 4000 – 3000 عنصرا. في الغالب، هناك علاقات تعاون تنفيذي متبادلة ووثيقة بين حماس وبينها والذي تعوّل عليه حماس كثيراً. يبرز بشكل خاص، التعاون التنفيذي بين حماس وبين لجان المقاومة الشعبية وجيش الإسلام.
25) تستغل حماس سيطرتها على القطاع وقوتها العسكرية من أجل زيادة تأثيرها وسيطرتها على تلك المنظمات وذلك بالأخص من خلال دعمها ومساندتها لها. هناك سببان رئيسيان لذلك: في الأيام العادية من أجل التعتيم على تورطها في تنفيذ في العمليات ومن اجل التقليل من المسّ بعناصرها؛ في أوقات التصعيد لكي تشكل هذه المنظمات قوة عسكرية إضافية يمكن دمجها في العمليات ضد الجيش الإسرائيلي. في أوقات الطوارئ، تسعى حماس إلى وضع هذه المنظمات تحت سيطرتها وإمرتها من خلال غرفة عمليات مشتركة(4) .
26) فيما يلي وصف عام لبعض المنظمات الإرهابية الصغيرة العاملة في قطاع غزة:
الجهاد الإسلامي في فلسطين
27) من بين أهم المنظمات الإرهابية العاملة في قطاع غزة بعد حماس. تضم الحركة في غزة حوالي ألف ناشط تنفيذي، من بينهم "نواة صلبة" مكونة من بضع عشرات النشطاء. مراكز عمل المنظمة هي مدينة غزة ورفح لكنها تعمل أيضاً في أرجاء القطاع. تنادي المنظمة بالإرهاب كوسيلة حصرية لتحقيق أهدافه. لا توجد عليه أي قيود سلطوية مثل تلك الموجودة لدى حماس وفي الأوقات الاعتيادية، فإنه يقود العمليات ضد إسرائيل. تعمل قيادة التنظيم من سوريا. عمل التنظيم يخضع للتوجيه، الإدارة والتمويل من قبل إيران وهو متأثر بحزب الله. يمتلك التنظيم قاعدة مدنية مقتضبة مهمتها بالأساس هي دعم البنية العسكرية للتنظيم.
28) على النقيض من حماس فإن التنظيم يركز على تنفيذ عمليات ضد إسرائيل في حين أن انشغاله في بناء القوة العسكرية لأغراض الدفاع عن القطاع قليل جداً. النشاط الاعتيادي الذي يزاوله التنظيم يتضمن الرمي غير المباشر، تنفيذ العمليات على حدود القطاع والعمليات المتوغلة في العمق الإسرائيلي. يتمتع التنظيم بقدرات تنفيذية عالية نسبياً وهو مسئول عن جزء كبير من العمليات المنفّذة في القطاع وعلى الأخص عن إطلاق الصواريخ نحو اسرائيل في الأيام العادية.
29) الجزء الأكبر من الجهود التي يبذلها التنظيم في مجال بناء القوة موجّه إلى تحسين القدرات التكنولوجية لإطلاق الصواريخ، على الأخص في مجال زيادة مدى الصواريخ. ذلك، من اجل إصابة المدن والبلدات في العمق الإسرائيلي وبالمعاوضة – الإطلاق من عمق القطاع نحو إسرائيل من اجل تصعيب فرص إصابة الجيش الإسرائيلي للخلايا المطلقة للنار.
لجان المقاومة الشعبية
30) لجان المقاومة الشعبية تضم بضع مئات من النشطاء، يشكل بضع عشرات من بينهم "النواة القاسية". تتكون اللجان اليوم من سريّتين مركزيتين وبضعة سرايا أخرى. الذراع العسكرية الإرهابية للجان المقاومة هي وحدة صلاح الدين. تتمتع هذه الوحدة بقدرات تنفيذية عالية وبوسائل قتالية متعددة وكثيرة.
31) يقوم عناصر التنظيم بأعمال إرهابية متنوعة تتضمن إطلاق صواريخ وقذائف الهاون وتنفيذ عمليات بالقرب من الجدار الأمني، إطلاق صواريخ ومحاولة القيام بعمليات "نوعيّة" في المعابر الحدودية وفي داخل إسرائيل. (على سبيل المثال، تورط التنظيم في اختطاف جلعاد شليط). يستخدم التنظيم أحياناً "كمقاول فرعي" لحماس من اجل تنفيذ عمليات. علاوة على ذلك، فان الكثير من البنى التحتية للتنظيم هي في الواقع بنى- برعاية (proxy) لحماس. يدير التنظيم منظومة تصنيع محلية للوسائل الحربية وإن كان ذلك بحجم أصغر بكثير من حماس والجهاد الإسلامي.
تنظيمات فتح/ كتائب شهداء الأقصى
32) حتى بعد استيلاء حماس على السلطة في غزة، تواصل بضعة تنظيمات تنفيذية تابعة لفتح العمل في القطاع والتي يصل عددها معاً إلى بضع مئات من النشطاء. تسمح حماس لهذه التنظيمات بالعمل ضد إسرائيل. يتركز الجزء الأكبر من عمل هذه المنظمات شمالي القطاع. يستعين هؤلاء النشطاء من الناحيتين التنفيذية والمادية بتنظيمات أخرى (حماس، الجهاد الإسلامي في فلسطين).
33) تعمل هذه التنظيمات بموجب مصالح محلية وشخصية تحت قيادة ضباط متعددين وفي الواقع لا تعمل كتنظيم ذي مبنى هرمي منتظم. يمتلك النشطاء وسائل قتالية متعددة تشمل أسلحة خفيفة، سلاح مضاد للدبابات وصواريخ مدفعية مصنّعة محلياً. يعمل نشطاء شهداء الأقصى بالأحوال الاعتيادية على إطلاق صواريخ، وضع عبوات، محاولات للتسلل إلى إسرائيل التي تتم أحيانا بالتعاون مع منظمات أخرى.
جيش الإسلام
34) أقيم جيش الإسلام في أوائل سنة 2006 بعد انسحاب أفراده من تنظيم لجان المقاومة الشعبية. وقد ترأسه ممتاز دغمش. ظاهرياً يعرض التنظيم أيديولوجية مشابهة لتلك الموجودة لدى منظمات الجهاد العالمي. مع ذلك، فإن التنظيم يحافظ على طبيعته الفلسطينية ويواصل تركيز نشاطاته على الإرهاب ضد إسرائيل. صدر اسمه أول مرة عندما نفذ بمعية حماس ولجان المقاومة الشعبية عملية الإختطاف في كيرم شلوم.
35) ينتمي معظم نشطاء التنظيم إلى حمولة دغمش. إنها حمولة كبيرة محسوبة على فتح وعدد كبير من أبنائها مع أسبقيات جنائية (تجارة المخدرات، سرقة سيارات وابتزاز). نفذّ نشطاء التنظيم على مدار السنين عمليات فلسطينية داخلية من بينها قتل موسى عرفات، عمليات وضع العبوات في القطاع واختطاف الأجانب في القطاع. منذ استيلاء حماس على القطاع، عاد التنظيم إلى تركيز نشاطه على الإرهاب ضد إسرائيل، على ما يبدو كجزء من مشاركته في النظام الداخلي الجديد في القطاع وعلى خلفية اهتمام حماس بمنع الفوضى الداخلية.
الفصل ج: البنية التحتية الأرضية
معطيات أساسية جغرافية وديموغرافية
1.مساحة قطاع غزة حوالي 365 كيلومتراً وهو يشكّل إحدى المناطق المكتظّة في العالم. يصل تعداد سكانه إلى حوالي 1400000 مواطن، حوالي 65.5% منهم لاجئون. حوالي 960 ألف من سكان القطاع (73% تقريباً) هم مدنيّون يسكنون في البلدات الكبرى. تصل نسبة التكاثر الطبيعي إلى 3.8%، ويصل معدل الولادة إلى ست أولاد لكلّ امرأة متزوّجة، نسبة الأطفال دون سنّ 15 سنة في القطاع مرتفعة جداً وتصل إلى 48.8%. تصل نسبة العاطلين عن العمل إلى 54% من السكان في حين أن ما بين 70 – 65% منهم موجودون تحت خطّ الفقر. يعمل الجزء الأكبر من القوى العاملة في مجال الخدمات (حوالي 60%)، الصناعة (حوالي 25%) والزراعة (حوالي 10%).
2.سكان القطاع يرزحون تحت الصعوبات الاقتصادية، خصوصاً منذ اندلاع منظومة الإرهاب الفلسطيني (في أيلول 2000، الانتفاضة الثانية). ازدادت حدة هذه الصعوبات في أعقاب الحظر، عزل القطاع والحظر الاقتصادي والسياسي الذي فرضه المجتمع الدولي على حكومة حماس الإسلامية المتطرفة التي نصّبت في قطاع غزة. نتيجة لذلك، فإن جزءاً كبيراً من سكّان القطاع متعلق بالمساعدة الخارجية الآتية من صناديق إسلامية في الخارج، منظّمات الدّعم الدولية والمساعدة المادية التي تمنحها إيران لحكومة حماس. يتم نقل هذه المساعدات عبر المعابر الحدودية مع إسرائيل ومعبر رفح مع مصر. تشكل هذه المعابر "أنبوبة الأكسجين" بالنسبة لسكّان القطاع.
3.الذراع العسكرية لحماس منتشرة في المناطق المختلفة للقطاع. فيما يلي طبيعة هذه المناطق وأهميتها بالنسبة لحماس وسائر المنظمات الإرهابية:
أ. مدينة غزة، والتي تعتبر "عاصمة" القطاع، تشكل "المركز العصبي" له. إنها منطقة مدنية مزدحمة بالسكان إذ يصل تعداد سكانها إلى حوالي 450 ألف نسمة وتوجد فيها عاصمة السلطة ومركز القوة العسكرية لحماس. يتواجد رؤساء حماس فيها كما أنها غنية بالكثير من البُنى التحتية التنفيذية، التنظيمية والحكومية.
ب. قطاع شمالي قطاع غزة، ومعظمه مكوّن من منطقة زراعية. تستخدم الضواحي الشمال شرقية لمدينة غزة كمناطق رئيسية لإطلاق الصواريخ نحو سديروت، أشكلون وبلدات النقب الغربي. تستخدم مناطق بيت حانون، بيت لاهيا والعطاطرة كمناطق رئيسية لإطلاق الصواريخ. منطقة جباليا التي تقع في الجبهة الداخلية لشمال القطاع تشكل "مركز عصبياً" بالنسبة لمنطقة شمال القطاع والعمق والجبهة الداخلية للقطاعات الخارجية التي يتم منها إطلاق الصواريخ.
ج. قطاع مخيّمات الوسط، يصل تعداد سكان مخيمات اللاجئين في وسط القطاع إلى حوالي 200 ألف شخص والذين يشكلون "الساحة الخلفية" لمدينة غزة. تتضمن هذه المنطقة أربعة مخيمات كبيرة للاجئين، مدينة دير البلح وعدد من البلدات الزراعية الصغيرة. تستخدم المنطقة من قبل المنظّمات الإرهابية كنوع من الجبهة الداخلية اللوجيستية لمدينة غزة. بالإضافة إليها توجد فيها البُنى التحتية البرية المحلية لحماس، والتي من المفترض ان تحمي المنطقة وان تقوم بتنفيذ العمليات.
د. منطقة جنوب قطاع غزة، يصل تعداد السكان في هذه المنطقة إلى حوالي 250 ألف نسمة وتشمل ثلاث مناطق فرعية: منطقة خان يونس، منطقة رفح ومنطقة المواصي وأنقاض جوش قطيف. كما ان منطقة جنوب القطاع تستخدم كمحور التواصل الرئيسي والذي يكاد يكون حصرياً إلى الخارج والذي تمر من خلاله الوسائل القتالية، الأموال ونشطاء الإرهاب. تنطلق من هذه المنطقة إلى خارج القطاع عناصر إرهابية من اجل القيام بعمليات إرهابية ضد إسرائيل (عبر الحدود الإسرائيلية المصرية في سيناء) أو إلى التدريبات في سوريا وإيران.
المنظومة الواقعة تحت الأرض
"... يعتمد برنامجنا الدفاعي إلى حد كبير على إطلاق الصواريخ التي لم يتم استخدامها بعد وعلى شبكة حفريات وأنفاق تمّ حفرها تحت منطقة واسعة في غزة. سوف يفاجئ الجيش (الإسرائيلي) بالمقاتلين الذين سيخرجون له من تحت الأرض مجهزين بالعتاد وبوسائل غير عادية..." (مقابلة مع أبو عبيدة، الناطق بلسان كتائب عزّ الدين القسام 17 كانون أول 2007، الحياة).
4.في إطار عملية التعاظم العسكري تعمل حماس على بناء منظومة واسعة تحت الأرض التي تشمل حفر أنفاق عديدة والتي يتم حفرها في مناطق مختلفة في قطاع غزة لأغراض الحماية والهجوم. تشكل المنظومة الموجودة تحت الأرض عاملاً مركزياً في بناء القوة العسكرية لحماس. الهدف من هذه المنظومة هو تهديد قوات الجيش الاسرائيلي التي سوف تنشط في قطاع غزة، عرقلة جزء من القدرات على إصابة البنى التحتية لحماس وإطالة النفس التنفيذي للذراع التنفيذية لحماس خلال عملية القتال الواسعة والمتواصلة.
5.شكلت منظومة التحصينات التابعة لحزب الله والواقعة تحت الأرض مصدر إلهام لحماس ولسائر المنظمات الإرهابية، من خلال ملائمة المحاولة التي قام بها حزب الله في جنوب لبنان إلى ظروف البيئة الخاصة بقطاع غزة. تبرز بشكل خاص ضمن المنظومة الواقعة تحت الأرض الأنفاق التي استخدمتها حماس والمنظمات الإرهابية الأخرى لأهداف مختلفة:
أ. أنفاق من أجل التهريب التي تشكل "أنبوبة الأكسجين" بالنسبة للمنظمات الإرهابية في قطاع غزة. توجد في منطقة رفح وعلى امتداد محور فيلادلفيا شبكة أنفاق متشعبة ينتقل من خلالها النشطاء الإرهابيون، الوسائل القتالية، البضائع والعتاد من مصر إلى غزة وبالعكس. ازدادت أهمية هذه الأنفاق أكثر فأكثر في أعقاب إغلاق معبر رفح والمعابر إلى إسرائيل وذلك في أعقاب استيلاء حماس على القطاع.
ب.أنفاق تهدف إلى استخدامها في المهام الهجومية ضد مواقع الجيش الإسرائيلي والبلدات الواقعة بالقرب من الجدار الحدودي. تمكّن هذه الأنفاق من حيازة عامل المفاجئة والوصول إلى قلب المنطقة الإسرائيلية من خلال التغلب على الجدار الأمني والعودة بأمان إلى القطاع ثانية. تم استخدام أنفاق من هذا القبيل في تنفيذ العملية التي وقعت في 25 حزيران 2006 ضد موقع عسكري تابع للجيش الإسرائيلي بالقرب من معبر صوفا الذي قتل خلاله جنديان واختطف الجندي جلعاد شليط. في آب 2007، اكتشف الجيش الإسرائيلي فوهة نفق داخل دفيئة (نشطة) لزراعة البندورة، على بعد حوالي 700 متر من الشريط الحدودي شمالي القطاع. كذلك تم العثور على مولّد كهرباء مدفون في الأرض إلى جانب أدوات حفر استخدمها عاملو حفر النفق(5).
ج.نفق يستخدم "كطُعم" لقوات الجيش الإسرائيلي العاملة في القطاع. حفر هذا النفق بصورة مكشوفة نسبياً لكي يسهل على القوات الإسرائيلية اكتشافه خلال عملها في القطاع. المقصود انه سيتم خلال القيام بعمليات تمشيط للمنطقة تفعيل عبوات ضدهم كما سيتم إطلاق النار. نفذت عملية من هذا النوع على محور الطول المركزي للقطاع (12 أيلول 2006) عندما اصطدمت قوات الجيش الإسرائيلي بإرهابيين قاموا بإطلاق النار من أسلحة خفيفة أدت إلى مقتل جندي. اكتشفت في منطقة النفق عبوات مخفيّة كان من المفترض ان يتم تشغيلها ضد القوة التي اكتشفت النفق.
د.أنفاق من اجل تأمين الممرّ الآمن لنشطاء الإرهاب في مناطق القتال. هذه أنفاق يتم حفرها بين البيوت والتي من المفترض ان تستخدم لعدّة غايات: الفرار، الاختباء، تخبئة وسائل قتالية ومفاجئة قوات الجيش الإسرائيلي.
هـ. مواقع متعددة مبطّنة ومخفية.
الفصل د: تحسين الوسائل القتالية التي تمتلكها حماس وسائر المنظمات الإرهابية
مصادر الوسائل القتالية
1.في إطار مشروع بناء القوة العسكرية تبذل حماس جهودها من اجل التزوّد بوسائل قتالية تقليدية متطورة إلى جانب الوسائل القتالية المصّنعة محلياً. تولي حماس أهمية خاصة للرمي غير المباشر (صواريخ وقذائف هاون)، وسائل مضادة للطائرات وللعبوات التي تستهدف قوات المُشاة ومصفّحات الجيش الإسرائيلي (وسائل قتالية أثبتت نفسها في قتال حزب الله ضد الجيش الإسرائيلي على الحلبة اللبنانية).
2.الوسائل القتالية التي يتم تهريبها إلى القطاع تصل من ثلاثة مصادر رئيسية:
أ. الوسائل القتالية التي تقدمها إيران وسوريا، سواء بصورة مباشرة أو من خلال حزب الله. يتم تهريب هذه الوسائل القتالية من سيناء ومنها إلى القطاع بواسطة شبكة الأنفاق المتشعّبة. اقتحام حدود القطاع مع مصر مكّن حماس وسائر المنظمات الإرهابية في القطاع من تهريب كميات كبيرة من الوسائل القتالية والتي تشمل صواريخ المدفعيات ووسائل مضادة للدبابات.
ب. شراء وسائل قتالية من تجار السلاح. يتم تهريبها إلى سيناء (أو يتم شرائها فيها) ومن هناك يتم تهريبها إلى القطاع من خلال الأنفاق.
ج. تصنيع محلي للوسائل القتالية. يتم تصنيع هذه الوسائل القتالية والتي تتضمن أيضا صواريخ مدفعية محسّنة من طراز قسّام وصواريخ من أصناف أخرى يتم تصنيعها في المخارط والمصانع الصغيرة في أرجاء القطاع. من أجل عملية التصنيع، يتم تهريب "مواد خام" من إسرائيل ومصر إلى القطاع وتشمل هذه "المواد الخام" مواد كيماوية، قطع معدنية أخرى تستخدم في تصنيع الوسائل القتالية.
3.مصدر آخر (أحادي الاستعمال) للوسائل القتالية الموجودة بحوزة حماس هو الكميات الكبيرة من الوسائل القتالية التي وقعت في أيديها في أعقاب استيلاءها على أجهزة الأمن التابعة للسلطة الفلسطينية (في حزيران 2007). قسم من الوسائل القتالية التي وقعت في أيدي حماس هي وسائل قتالية ّ"نوعية" التي لم تكن تمتلكها من قبل (كان تحصيلها سيتطلب أشهر بل سنين من عمليات التهريب من خلال الأنفاق). الوسائل القتالية التي أخذت غنيمة تتضمن أيضا:
أ. عشرات الصواريخ طويلة المدى قطرها 122 مليمتراً (غراد): تمّ على ما يبدو إطلاق جزء منها اتجاه أشكلون خلال مرحلة التصعيد التي حدثت في أواخر شباط 2008.
ب. أسلحة مضادة للدبابات: عشرات من الصواريخ المضادة للدبابات (جزء منها صواريخ "ساغر") وآلاف من صواريخ RPG.
ج. وسائل مضادة للطائرات: صواريخ مضادة للطائرات إلى جانب بضع عشرات من الرشاشات المضادة للطائرات من أنواع مختلفة.
د. المدافع الرشاشة – في أعقاب الاستيلاء على القطاع وضعت حماس يدها على كمية كبيرة من الأسلحة الرّشاشة وبدأت الذراع العسكرية في استيعابها على أنها وسائل دارجة على مستوى الخلية وعلى أنها وسيلة القتال الأساسية للوحدات الهادفة (على سبيل المثال: الدفاع الجوي، الإطلاق من الشاطئ على سفن سلاح البحرية).
هـ. أسلحة خفيفة – عشرات الآلاف من البنادق.
و. ذخيرة – ملايين الرصاصات.
ز. مواد متفجّرة – عشرات الأطنان من المواد المتفجرة.
ح. سفن خفر، زوارق ومعدات غوص، التي كانت تابعة للشرطة البحرية الفلسطينية. تشكل هذه المعدّات قاعدة بالنسبة لوحدة خفر السواحل التي أقامتها حماس غير أنها قد تستخدم أيضا في تنفيذ عمليات إرهابية بحرية.
ط. استخبارات – أجهزة تصنّت متعددة الأصناف.
4.أهمية تزوّد حماس بالوسائل القتالية المتطورة في إطار عملية التعاظم العسكرية:
أ. صواريخ مدفعية وقذائف الهاون – يصل مدى الصواريخ التي يتم صنعها محلياً والموجودة اليوم بحوزة حماس إلى أكثر من 12 كيلومتر. توسّع الصواريخ وقذائف الهاون التقليدية التي يتم تهريبها إلى القطاع التهديد على السكان المدنيين في إسرائيل إلى مدى يصل حتى 20 كيلومتراً تقريباً (آشكلون، نتيفوت) وتزيد من التهديد على قوات الجيش الإسرائيلي العاملة في ضواحي قطاع غزة وفي داخله.
ب. سلاح مضاد للدبابات – تم تهريب أنظمة مضادة تقليدية مضادة للدبابات ومتطورة إلى قطاع غزة. إلى جانب ذلك تعمل حماس من اجل تحسين جودة الصواريخ المضادة للدبابات المصنّعة محلياً. هذا كله يؤدي إلى تحسين المدى، تحسين مهارات اختراق القوات المدرّعة ودقته معناه هو تحسين القدرة على إصابة قوات الجيش الإسرائيلي من ضواحي المنطقة المبنية وتحسين القدرات القتالية المضادة للدبابات في الليل.
ج. العبوات – تعمل حماس من اجل تحسين ملموس لجودة العبوات وقدرة تغلغلها مما يحسّن من قدرتها على التسبب بخسائر كبيرة للجيش الإسرائيلي وعلى اختراق المركبات القتالية المدرّعة الخاصة بالجيش الإسرائيلي.
د. سلاح مضاد للطائرات – وجود وسائل متطورة مضادة للطائرات في قطاع غزة قد يعرض للخطر وسائل الطيران التابعة لسلاح الجوّ الإسرائيلي العاملة في منطقة القطاع.
هـ. وسائل الرؤيا الليلية – يُحسن استخدام وسائل الرؤيا الليلية بصورة ملحوظة من قدرات حماس وسائر المنظّمات الإرهابية على مواجهة قوات الجيش الإسرائيلي في الليل أيضا.
5.في ما يلي وصف لطبيعة بعض من وسائل القتال الموجودة بحوزة حماس:
أسلحة الرمي غير المباشر (الصواريخ وقذائف الهاون)
البلدات الإسرائيلية التي تقع في مرمى إطلاق الصواريخ
6) تتصوّر حماس والمنظمات الأخرى أن إطلاق الصواريخ وقذائف الهاون هو ردّ غير متماثل، بسيط، متوفر ورخيص على التفوق العسكري لإسرائيل. هذا الرّد، على الرغم من أنه لا يخلو من المشاكل والعيوب، فإنه يتيح لهم عرقلة حياة السّكان المدنيين الموجودين في مدى إطلاق النّار بصورة جارية وعلى مدار فترة طويلة، ضعضعة نسيجها الاجتماعي، تجاوز الجدار الأمني الذي بنته إسرائيل على امتداد القطاع وخلق نوع من "موازنة الرّعب" التي ستصعّب الأمر على عمليات الإحباط والمنع التي تقوم بها قوات الأمن الإسرائيلية. يتم إطلاق الصواريخ من داخل منطقة مأهولة بالسكان أحيانا بالقرب من مناطق سكنية وفي بعض الحالات أيضاً من على أسطح البيوت وساحات المدارس.
7) تعزو حماس أهمية كبيرة لاطلاق الصواريخ وقذائف الهاون، حتى في حال توغّل الجيش الإسرائيلي إلى قطاع غزة والمواجهة المحدودة او الشاملة بينه وبين حماس. في مثل هذا السيناريو تسعى حماس إلى الحفاظ على قدرات إطلاق الصواريخ باتجاه إسرائيل (مع التركيز على المراكز المدنيّة مثل أشكلون وسديروت)، من مجالات إطلاق في قلب القطاع. هذا التصور مستوحى من النموذج اللبناني لحزب الله، والذي يعتبر في نظر حماس نموذجاً حصد نجاحات كبيرة ضد اسرائيل. في محاولة منها لنسخ قدرات حزب الله في مجال إطلاق الصواريخ، تستعين حماس وبقية المنظمات الإرهابية بإيران وبسوريا من أجل الحصول على المعلومات، تلقي التدريبات والتزوّد بالصواريخ التقليدية.
8) يعتمد مخزون الصواريخ لدى حماس على عدة مئات من صواريخ القسام صنع محلي، بقطر 90 و – 115 ملليمتر، ذات مدى قصير- متوسط- 9 – 13 كيلومتر. يوجد بحوزة الذراع العسكرية لحماس صواريخ طويلة المدى من صنع محلي والتي تصل إلى مدى أبعد (حتى 19 كيلومتر). وكذلك، يوجد بحوزة حماس عشرات من الصواريخ التقليدية طويلة المدى من طراز غراد (122 مليمتر) ذات مدى 20.4 كيلومتر التي تم تهريبها إلى القطاع أو مصادرتها من مقرات أجهزة الأمن التابعة للسلطة الفلسطينية بعد استيلاءها على القطاع. اقتحام معبر رفح (في كانون ثاني 2008) ساهم في زيادة عدد الصواريخ التقليدية، ربما أيضا الصواريخ طويلة المدى، أطول من مدى 20.4 كيلومتر.
9) إضافة لذلك، يوجد بحوزة حماس مئات كثيرة من قذائف الهاون سواء من صنع محلي وسواء قذائف تقليدية تم تهريبها إلى القطاع. حماس مسئولة عن غالبية عمليات الإطلاق اليومية لقذائف الهاون، على النقيض من صواريخ القسام التي تطلقها فقط في فترات التصعيد فإن إطلاق قذائف الهاون يستهدف البلدات والمواقع العسكرية المتاخمة للجدار الحدودي وضد قوات الجيش الإسرائيلي العاملة في القطاع.
10) في إطار عملية التعاظم العسكرية تعمل حماس على تحسين قدراتها في مجال الرمي غير المباشر. ان جزءاً من التحسينات التي تم إدخالها في خلال السنة الأخيرة، أصبحت ملموسة على أرض الواقع وقد تم التعبير عنها خلال جولات التصعيد الأخيرة. على سبيل المثال:
أ. تحسين المدى: منذ جولة التصعيد في أيار 2007، لوحظ تحسّن ملحوظ في مدى الصواريخ. تم في جولة التصعيد التي وقعت في أواخر شباط 2008 رصد سقوط صواريخ غراد 122 ملليمتر في شمالي أشكلون (هدّدت حماس بتوسيع مدى الإطلاق حتى أشدود)
ب.تحسّن في دقة الاطلاق. وذلك من خلال التحسينات التقنية وهي ثمرة التجربة الميدانية المتراكمة لمشغّلي الصّواريخ وقذائف الهاون.
ت.توسيع دائرة استعمال مواقع الاطلاق المخفية، كجزء من عملية التعلم من حزب الله مثلا، إخفاء وتمويه المواقع بين النباتات او بين البيوت. في جولة التصعيد التي كانت في أواخر شباط – أوائل آذار 2008 رُصدت ولأول مرة منصات إطلاق تحت الأرض التي يتم تشغيلها في الغالب بواسطة نظام تعليق.
11) المساعدات الإيرانية لحماس ولمنظمات الإرهاب الفلسطينية الأخرى تمكنها من تحسين قدراتها العسكرية سواء من خلال التزود بصواريخ تقليدية وبقذائف هاون تقليدية تم تهريبها إلى القطاع أو من خلال المساعدة التكنولوجية في تصنيع صواريخ محسّنة طويلة المدى والتي تكون أطول من تلك الموجودة اليوم. تجسّد هذا في استخدام المنظمات الإرهابية في القطاع مؤخراً لقذائف هاون من صنع إيراني:
أ.في 24 شباط أطلقت المنظمات الإرهابية قذيفة هاون تقليدية بقطر 120 ملليمتر من قطاع غزة. يتضح من تحليل البقايا أن الحديث هنا هو عن قذيفة هاون من صنع إيراني. القنبلة مزودة بمحرك مساعد صاروخي يزيد مداها من ستة إلى عشر كيلومترات.
ب. في 29 شباط سقطت قذيفة هاون أخرى بالقرب من موقع الجيش "صوفا" (جنوبي القطاع). اتضح من تحليل بقايا القذيفة انها قذيفة هاون تقليدية 120 ملليمتر تحتوي على مواد متفجرة تقليدية، من صنع إيراني، أنتجت في سنة 2006. يتمتع الرأس الحربي لهذه القذيفة بمستوى فتك أعلى بكثير من رأس القذيفة المصنّعة محليا ذات نفس الوزن.
12)خلال التصعيد الأخير (أواخر شهر شباط 2008) أطلقت حماس على أشكلون كمية كبيرة من الصواريخ 122 ملليمتر تقليدية (18 على الأقل). تختلف هذه الصواريخ عن صواريخ غراد التي كانت مستعملة حتى الآن بأن محركاتها مبنية من أربع مقاطع من 50 سنتيمتر كل واحد منها. هذه الصفة التي تميز الصواريخ استثنائية وليست مشمولة في نماذج الصواريخ التي تنتجها الدول التي يوجد لديها خطوط إنتاج لهذا الصاروخ. على ما يبدو، فإن المجهود التكنولوجي الذي تم بذله بموجب هذا التناسب الذي كان يهدف حسب تقييمنا إلى التسهيل من عملية تهريب الصواريخ من أجل المنظمات الإرهابية ومن ضمنها حماس (من خلال تفكيك القطع). توجد في منطقتنا دول تنتج هذه الصواريخ ومن بينها إيران، سوريا ومصر. المساعدة الكبيرة التي تمنحها إيران للمنظمات بتهريب وسائل قتالية يفضي إلى النتيجة بأنها منتجة الصواريخ.
13) كما أن الجهاد الإسلامي في فلسطين يبذل مجهوداً كبيرا من أجل تحسين قدراته في مجال اطلاق الصواريخ. في جولة التصعيد الأخيرة (17 شباط – 4 آذار 2008) أطلقت الحركة لأول مرة صاروخ من صنع محلي بقطر 175 ملميتر، الذي وصل إلى مدى محسّن. يدور الحديث عن ارتقاء تهديد القذائف المصنّعة محلياً بدرجة مما يزيد من تأثيرها المدمر.
14) تكتيكات الإطلاق: عادة ما يتم إطلاق الصواريخ من مجالات إطلاق مفتوحة أو من مناطق مدنية (مثل الساحات، الأزقّة، أنقاض البيوت). أحياناً يتم ذلك من خلال استخدام المواطنين الفلسطينيين كـ ّدرع بشري"، من اجل زيادة فرص منفّذي الاطلاق بالبقاء. لذا، تتم غالبية عمليات إطلاق بالقرب من محاور الوصول والفرار السريع.
15) مواقع الاطلاق المفضّلة بالنسبة للمنظمات الإرهابية موجودة في شمال قطاع غزة. ذلك على ضوء القرب الجغرافي لتلك المناطق من المراكز السكنية البارزة في النقب الغربي وعلى رأسها مدينة سديروت (الهدف المفضّل بالنسبة للمنظمات الإرهابية).
الوسائل المضادة للدبابات
16) خلال السنوات الأخيرة طرأ ارتفاع على الأهمية التي تعزوها حماس والمنظمات الإرهابية الأخرى للوسائل المضادة للدبابات كمكون قوة أساسي في قتال الجيش الإسرائيلي، ومن بين ذلك نتيجة الاستعمال الناجح الذي قام به حزب الله للصواريخ المتقدمة المضادة للدبابات ضد قوات الجيش الإسرائيلي في حرب لبنان الثانية.
17) سرَّعت حرب لبنان الثانية من عملية تزود حماس بوسائل متقدمة مضادة للدبابات في قطاع غزة. ويدور الحديث عن مئات كثيرة إلى بضعة آلاف من الصواريخ المصنعة محليا من طراز "الياسين" (اعادة تصميم هندسية لصاروخ PG-2). وهذا إلى جانب مئات كثيرة من القاذفات المضادة للدبابات من نوع PG-2 , PG-7 والعشرات من الصواريخ المضادة للدبابات من أنواع مختلفة، ومن بينها صواريخ كونكورس (AF-5) وساغر. وتبذل حماس وباقي المنظمات الإرهابية الجهود لزيادة مخزون الصواريخ المضادة للدبابات التي بحوزتها.
قاذف صواريخ مضاد للدبابات RPG-7 من انتاج روسي ودول أخرى، من بينها مصر
18) معطيات فنية:
أ) طول القاذف: 950 ملم , ب) قطر القاذف: 40 ملم , ج) وزن القاذف: 6 كغم , د) نوع الرأس الحربي: عبوة فارغة (قطر 85 ملل) , 1) هدف ثابت: 350 م , 2) هدف متحرك: 300 م , و) المدى الأقصى: 800- 900 م , ز) قدرة الاختراق: 300 ملم فولاذ.
19) صاروخ ساغر من انتاج روسي(6)
أ) قطر الرأس الحربي: 125 ملم
ب) طول الصاروخ: 86.4 سم
ج) قدرة الاختراق: 450 ملم من الفولاذ المدرع
د) المدى:
1) الأدنى: 500 م
2) الأقصى: 3000 م
ه) قدرة الاختراق- 600 ملم من الفولاذ
1) 800 ملم من الفولاذ بعد الحماية الرياكتيفية(7).
و) المدى الأقصى خلال النهار- 4000 م
ز) المدى الأقصى في الليل- 2500 م
20) وفقا لتقديراتنا، خلال اقتحام الجدار الحدودي مع مصر هُرب إلى القطاع وسائل أخرى مضادة للدبابات وربما يكون بعضها أكثر جودة من تلك الموجودة في القطاع بما في ذلك صواريخ ذات رؤوس حربية تاندم. إن الصواريخ المتقدمة المضادة للدبابات تزيد من الخطر على السيارات الحربية المصفحة الخاصة بالجيش وكذلك قوات المشاة والمباني الموجودة في البلدات المدنية أو القواعد الخاصة بالجيش، وهذا من ناحية مدى الاطلاق (من مئات الأمتار ولغاية بضعة كيلومترات وكذلك من ناحية قدرة الاختراق، الدقة وفاعلية الاستهداف).
المتفجرات والعبوات النّاسفة
21) منذ استيلاء حماس على قطاع غزة، قامت الحركة بتهريب كميات كبيرة من المواد المتفجرة فائقة الجودة و"المواد الخام" من اجل إنتاجها. وفقاً لتقرير جهاز الأمن العام في إسرائيل، فقد هرّبت حماس منذ استيلائها على قطاع غزة وحتى مطلع العام 2008 حوالي 80 طن على الأقل من المواد المتفجرة، أكثر من نصف كمية المواد المتفجرة التي تم تهريبها للقطاع منذ فكّ الارتباط. إن النجاح في تهريب هذه المواد يؤدي إلى تحسين أداء العبوات الناسفة والرؤوس الحربية للصواريخ ومضادات الدبابات الموجودة في أيدي حماس وسائر المنظمات الإرهابية.
22) تسعى حماس إلى تقليد حزب الله أيضا في مجال تطوير العبوات الناسفة الجانبية وعبوات الجنازير شديدة الانفجار. من المتوقع ان يتم وضع هذه العبوات بالقرب أو تحت محاور الحركة بهدف تشويش سير القتال للجيش الإسرائيلي وتكليفه ثمناً باهظاً بالأرواح وبالوسائل الحربية. من المتوقع أن يتم طمر هذه العبوات أيضاً في البيوت أو في المواقع التي من المتوقع أن يعمل فيها الجيش الإسرائيلي. يشكل تفجير البيت المفخّخ خلال عملية الجيش الاسرائيلي في بيت لاهيا مثال بارز على ذلك (1 آب، 2007).
23) توجد بحوزة حركة حماس تشكيلة مختلفة من العبوات، الوسائل التفجيرية ونظم تشغيلها خلال أي مواجهة مستقبلية:
أ) عبوات ناسفة: تمتلك حماس سلسلة من العبوات الناسفة ومن ضمنها عبوات من الكرات الحديدية الصغيرة، عبوات شكلية وعبوات جنازير. الهدف من هذه العبوات هو المساس بجنود قوات المشاة المكشوفين وبالمركبات المجنزرة التي يستخدمها الجيش. يتم وضعها على جوانب الطرق، في الضواحي وداخل المدن. تطور حماس عبوات شكلية من صنع محلي والمسماة "شواظ" القدرة على التغلغل الكبير من تلك الموجودة لدى بقية المنظمات الفلسطينية الإرهابية. ينتج ذلك عن تحسين جودة الانتاح وكذلك بسبب استخدام مواد متفجرة أكثر فعالية بالاعتماد على المعرفة التكنولوجية المكتسبة من إيران ومن حزب الله.
ب) منظومات تفعيل: من أجل تفعيل العبوات الناسفة تقوم حماس باستعمال تشكيلة من أنظمة التفعيل، بعضها تتم السيطرة عليه من قبل المُشغِّل (منظومات تفعيل لاسلكية أو سلكية) وبعضها يعمل من قبل الضحية (خطوط دعس).
ج) وسائل تخريبية ذات أهداف محددة: إلى جانب العبوات الكلاسيكية التي تمتلكها حماس يمكن العثور أيضا على وسائل تخريبية لمهام خاصة مثل العبوات التي يتم القاؤها التي تشتمل على مكونات القنابل (وهي التي استعملتها حماس في حادثة خطف الجندي جلعاد شليط). ومن بين الوسائل التي من المتوقع ان تستعملها هي وسائل الاقتحام المتفجرة مثل بونجلور للتغلب على الجدار الحدودي أو جدار موقع عسكري تابع للجيش الإسرائيلي أو جدار لبلدة.
24) تمتلك حماس (وباقي المنظمات) اليوم مئات العبوات ضد العربات المصفحة (مقببة، فارغة وعبوات ضد الجنازير) وضد قوات المشاة (شظايا مقببة ومحيطية، كليمجور). كما تم تطوير عبوات ناسفة شكلية ("شواظ") غير أنه لم يتم استعمالها لغاية الآن استعمالا واسعا.
السلاح، الذخيرة ومضادات الطائرات
25) في أعقاب استيلاء حماس على أجهزة الأمن الفلسطينية ارتفع مخزون البنادق لدى الذراع العسكرية من آلاف إلى عشرات الآلاف (وذخيرة تضم ملايين الرصاصات). هذا الإشباع الذي وصلت اليه حماس في مجال الأسلحة الخفيفة يمكنها من زيادة القوات من نشطاء وعناصر حماس في الأجهزة العسكرية والأمنية.
26) تمتلك حماس كما سائر المنظمات عدة وحدات من صواريخ الكتف SA-7 التي لم يتم تشغيلها حتى الآن (الدفاع الجوي لحماس شمل حتى الآن إطلاق الرشاشات والأسلحة الخفيفة باتجاه وسائل الطيران) كما توجد أيضا العشرات من بنادق القنص التقليدية والمصنعة محلياً، رشاشات ثقيلة والتي يتم استعمالها أيضا لاطلاق الصواريخ المضادة للطائرات، مدافع مضادة للطائرات، مناظير والعديد من وسائل الرؤية الليلة.
الفصل ه: منظومات التصنيع الذاتي، تطوير وتهريب الوسائل القتالية
منظومة التصنيع الذاتي
1) تضم حماس وحدة مسئولة عن تصنيع الوسائل القتالية، تخزينها ونقلها إلى القوات المحاربة. تشتمل هذه المنظومة على عشرات من النشطاء المنتظمين في مجموعات عمل محترفة. يوجد في القطاع عشرات من مواقع التصنيع الموجودة في قلب المناطق السكنية المزدحمة. يتم في إطار هذه المنظومة إنتاج الوسائل الحربية للأغراض الدفاعية وأيضا للأغراض الهجومية وللقيام بعمليات إرهابية.
2) تواصلت على مدار العام الماضي الجهود التي تبذلها عناصر حماس من أجل التصنيع الذاتي لجزء كبير من الوسائل القتالية التي يحتاجونها في عملياتهم الجارية، من أجل التقليل من تعلّقهم بالوسائل القتالية التي يتم تهريبها من الخارج. تمتلك حماس والمنظمات الإرهابية الأخرى بُنى تحتية إنتاجية مستقلة.
3) إن تواجد منظومات التصنيع في قلب التجمعات المدنية يعرّض السكان إلى للخطر سواء تلك الناجمة عن هجمات إسرائيل والناتجة عن "حوادث العمل". مثلاً، في 29 كانون أول 2007، لقي "مهندسان" يعملان في تصنيع الوسائل القتالية حتفهما من جراء انفجار عبوة جانبية شديدة الانفجار في داخل مبنى سكني في قلب ضاحية الزيتون بغزة. أًصيب من جراء الانفجار مواطنين كما لحقت بالمبنى أضرار جسيمة.
4) من بين الوسائل القتالية التي يتم تصنيعها في قطاع غزة، تبرز:
أ. وسائل مضادة للدبابات، ومن ضمن هذا تصنيع الصواريخ المضادة للدبابات (ومنصّات الإطلاق) من طراز "الياسين" والتي تقوم حماس بتصنيعها. هذه الصواريخ ناتجة عن إعادة الهيكلة الهندسية لصواريخ (PG-2) الروسية المضادة للدبابات.
ب.الأنواع المختلفة من العبوات الناسفة ومن ضمنها تلك التي قد تحتوي على متفجرات تقليدية:
1) نموذج التقليد في هذا المجال هو استخدام العبوات شديدة الانفجار المستعملة من قبل حزب الله في لبنان، تبرز في هذا السياق العبوات الشكلية المصنّعة محلياً من قبل حماس والمسماة "شواظ" ذات قدرة تغلغل أعلى من تلك المعروفة للعبوات المستخدمة من قبل المنظمات الإرهابية. هذا الأمر نابع من تحسن في جودة تصنيع العبوات وكذلك من استعمال مواد متفجرة ذات طاقة أكبر بالاعتماد على المعلومات التكنولوجية التي تم الحصول عليها من إيران أو حزب الله.
2) الأشهر الأخيرة سنة 2006، تم اكتشاف وتشغيل مثل هذه العبوات في أربع مناسبات: عثر على عبوتين كجزء من عبوات معقدة تم اكتشافها على مقربة من المحور الرئيسي للقطاع؛ خلال عملية "غيوم الخريف" تم تفعيل أربع عبوات من هذا النوع ضد قوات الجيش في بيت حانون.
ج. تصنيع صواريخ المدفعية مختلفة المدى وقذائف الهاون10)
1) تتمتع حركة حماس، الرائدة من بين هذه التنظيمات، بقدرة تصنيع تشكيلة واسعة من القذائف من مجموعة "القسام" في مدى يصل حتى 13 كيلومتر وصواريخ محسّنة حتى مدى 19 كيلومتراً. وفقا لتقديراتنا، فإن حماس تمتلك اليوم بضع مئات من الصواريخ.
2) تعمل منظومة الإنتاج التابعة لحماس بشكل مستمر سعياً إلى إطالة مدى الصواريخ ومدة حياة الصواريخ المصنّعة محلياً.
3) كما أن الجهاد الإسلامي في فلسطين يعمل على التصنيع المحلي لصواريخ (من طراز القدس) ذات مواصفات مشابهة لتلك التي تصنعها حماس.
منظومة تهريب الوسائل القتالية إلى قطاع غزة
5) تحصل حماس وسائر المنظمات الإرهابية على الوسائل القتالية من مصادر مختلفة، بعضها من إيران ولبنان والبعض الآخر من دول أخرى مثل السودان. كما أن المنظمات تشتري وسائل قتالية من البدو في سيناء ومن تجار السلاح الذين ينشطون خارج القطاع. يتم نقل هذه الوسائل الحربية والمواد الخام الضرورية للتصنيع المحلي من خلال منظومة التهريب من الحدود المصرية التي تشكل "أنبوبة أوكسجين" حيوية بالنسبة لحماس وبقية المنظمات الإرهابية.
6) منذ خروج الجيش الإسرائيلي من قطاع غزة في إطار عملية "الانفصال" (أيلول 2005) طرأ ارتفاع ملحوظ على حجم عمليات تهريب الوسائل الحربية من مصر إلى قطاع غزة عبر محور فيلادلفيا. في البداية، احتلت قوات الأمن الفلسطينية التابعة لفتح مواقع قوات الجيش الإسرائيلي التي عملت في المحور. في المرحلة الثانية، بعد استيلاء حماس على القطاع، تقوم عناصرها بدوريات على الحدود من اجل تيسير عملية تهريب الوسائل القتالية. إن تواجد قوات خاضعة لسيطرة حماس وعجز القوات المصرية جعلت من الحدود بين القطاع وسيناء حدودا مفتوحة تنفّذ عبرها بسهولة نسبياً عمليات تهريب واسعة النطاق.
7) وسيلة التهريب الأساسية التي تستخدمها المنظمات الإرهابية هي منظومة الأنفاق التي تم حفرها من رفح إلى سيناء، على امتداد محور فيلادلفيا. تتم عمليات التهريب من خلال عشرات الأنفاق الموجودة، انعكس حجم منظومة الأنفاق هذه أثناء عملية الجيش الإسرائيلي في قطاع كيرم شلوم (30 تشرين أول 2007) والتي تم خلالها رصد وتدمير ثماني فوهات لأنفاق.
8) يتم عبر هذه الأنفاق إدخال الوسائل القتالية، معدّات عسكرية ومواد خام معدّة للتصنيع المحلي بل وحتى الأموال (بقيمة عشرات الملايين من الدولارات). تم بهذه الطريقة تهريب صواريخ مضادة للطائرات، صواريخ تقليدية ذات قطر 122 ملليمتر (غراد)، عشرات الأطنان من المواد المتفجرة التقليدية، ألغام، منصّات إطلاق للصواريخ المضادة للدبابات، بنادق ورصاصات. إضافة لذلك، تساعد الأنفاق على تهريب الإرهابيين من القطاع إلى إسرائيل، عبر الحدود الإسرائيلية المصرية. ساهم اقتحام الجدار الحدودي في رفح (22 كانون أول 2008) في إلغاء حاجة المنظمات للتهريب عبر الأنفاق لفترة قصيرة وفتح المجال لتدفق مكثف للوسائل القتالية بواسطة السيارات إلى داخل قطاع غزة.
9) وسيلة تهريب إضافية هي بواسطة المعابر الحدودية بين إسرائيل وبين قطاع غزة، تحت مظلة المعدات التجارية أو الإنسانية. لقد تبلور وضع مثير للسخرية أصبحت فيه إسرائيل مصدراً للكثير من المواد الخام المستعملة في بناء الصواريخ والمواد المتفجرة من أجل إلحاق الضرر بالإسرائيليين.(13) (على سبيل المثال نيترات البوتاسبوم مع إضافة السكر هما المواد الأساس الرئيسية لإنتاج صادّات من اجل العبوات الناسفة والصواريخ). لهذا السبب، حظر استعمال نيترات البوتاسيوم في الضفة الغربية ولهذا السبب تحاول المنظمات الإرهابية تهريبه بشتى الطرق والوسائل(14).
في نهاية العام 2007 أوقفت قوات الأمن الإسرائيلية في أحد معابر الضفة الغربية شاحنة محملة بـ 6 أطنان من نيترات البوتاسيوم. وقد كانت هذه المادة في طريقها إلى نشطاء الإرهاب وتم تمويهها بأكياس السكر التي أرسلت كمساعدة من الاتحاد الأوروبي (المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي، 29 كانون الأول 2007)
10) تستغل المنظمات الإرهابية العاملة في القطاع منح اسرائيل تصاريح دخول لسكان القطاع لاعتبارات انسانية خاصة (مثلا، علاجات ضرورية في المستشفيات لإنقاذ الحياة). يتم ذلك بعدة طرق ومن ضمنها شراء تحويلة طبية شكلية إلى مستشفى في اسرائيل، في الضفة الغربية أو في الخارج. قوات الأمن الإسرائيلية على معرفة بسلسلة من الأطباء والعاملين الإداريين في مستشفيات القطاع الذين يصدرون مثل هذه المصادقات مقابل الرشوة(15).
11) تتم معظم عمليات تهريب الوسائل القتالية إلى القطاع من قبل مهرّبين وتجار مستقلين يعملون لدوافع مادية. أحياناً، لا يتم تحديد مكان البيع قبل إتمام التهريب ويتم بيعها في السوق الحر لمن يدفع أكثر. أحياناً يتم القيام بعمليات تهريب بناء على طلبية من تنظيم معين (بالأساس حماس). في أعقاب استيلاء حماس على القطاع فقد أحكمت حماس من سيطرتها على منظومة التهريب للوسائل القتالية من سيناء إلى قطاع غزة.
12) تقوم حماس بإدخال الأموال المطلوبة من أجل شراء الوسائل القتالية (وعملية التعاظم إجمالاً) إلى قطاع غزة بطرق غير مكشوفة والتي تعتمد بالأساس على الصرافين والتجار في العالم العربي. لا بد من الاشارة الى أن المنظمات الإرهابية تستخدم الأنفاق بشكل كبير أيضا من اجل تهريب كميات كبيرة من الأموال تصل إلى عشرات الملايين من الدولارات في كل عملية تهريب.
الفصل و: تدريبات في قطاع غزة وخارجه (إيران، سوريا، لبنان)
1. تشمل عملية تعاظم حماس التدريبات وعمليات التأهيل من اجل رفع مستوى اللياقة المهنية لعناصرها ونشطائها على جميع المستويات ومن جميع المهن. تمتلك حماس نواة نوعية مكونة من مئات العناصر الذين اجتازوا عمليات تأهيل حربية ومتطورة من خلال الاحتراف في مجالات مثل إطلاق الصواريخ المضادة للدبابات، الأسلحة الخفيفة، الرشاشات، العبوات الناسفة وما شابه. هؤلاء العناصر يتمتعون بأهلية قتالية تكسبهم مهارات في القتال على مستوى الفرد، الخلية وربما أيضا في أطر أكبر من ذلك.
2. يمر نشطاء الذراع العسكرية لحماس في قطاع غزة بتدريبات واسعة ومنتظمة تشمل تدريبات أساسية (لياقة بدنية، إطلاق النار، العمل الميداني) وتدريبات احترافية ومتقدمة في مجالات متعددة مثل: القنص، إطلاق مضادات الدبابات، استخبارات مدفعية. تتم التدريبات الأساسية في منطقة القطاع من قبل مرشدين محليين (بعضهم اجتاز تأهيلا في الخارج). تتم التدريبات الأكثر احترافا في إطار دورات في الخارج في إيران، سوريا ولبنان (من خلال حزب الله). بالمقابل يمر عناصر أجهزة الأمن الداخلي (القوة التنفيذية، الشرطة وما شابه) بتدريبات أساسية ومتطورة في قطاع غزة وخارجه (إيران وسوريا) والتي تؤهلهم للعمل في صفوف الذراع العسكري لحماس في حالة الطوارئ.
3. بعد استيلاء حماس على القطاع (حزيران 2007) وكجزء من عملية الإسراع ببناء القوى العسكرية، تم إرسال نشطاء حماس إلى سوريا وإيران من أجل اجتياز تأهيل وتعلم دورات. تم إعادة هؤلاء النشطاء بالتهريب إلى غزة وقاموا بنقل المعلومات والخبرات التي اكتسبوها إلى نشطاء الذراع العسكرية وأجهزة الأمن الداخلي التابعة لحماس. في سنة 2007، بذلت جهود تأهيل واسعة النطاق والأكثر أهمية في تاريخ الذراع العسكري لحماس من اجل تحسين قدراتها التنفيذية.
أ.تدرب المئات من عناصر حماس في إيران: "حرس الثورة" الإيرانية تعمل على تدريب نشطاء حماس منذ أكثر من سنتين، منذ انسحاب إسرائيل من قطاع غزة في سنة 2005 (أي، منذ الانفصال). حتى الآن، تدرب في إيران أكثر من 150 ناشطاً. يتدرب في إيران حالياً حوالي 150 ناشطاً آخرين ويستعينون بالتدريبات من أجل تحسين مهاراتهم القتالية. سينخرط بعضهم في مهام قتالية وأما البعض الآخر غير المؤهلين للقتال فسوف يتم إدراجهم في "وحدة البحث" التابعة لحماس.
ب. طريق الوصول إلى إيران: يخرج نشطاء حماس من قطاع غزة إلى مصر ومن هناك يسافرون جواً إلى سوريا ومن سوريا إلى طهران. عند الدخول والخروج من طهران يسمح لهم بعدم ختم جوازات سفرهم لدواع أمنية(17).
ج. مدة التدريبات وموقعها: تدرب نشطاء حماس على مدار فترات تتراوح ما بين 45 يوما إلى 6 شهور. تجرى التدريبات في قاعدة عسكرية مغلقة، في ظروف قاسية، تحت رقابة "الحرس الثوري". يحق للنشطاء الخروج لاجازة مرة واحدة في الأسبوع وفقط في مجموعات وبمصاحبة رجال أمن إيرانيين.
د. مواضيع التدريب: يمر نشطاء حماس في إيران بتدريبات على تكتيكات قتالية وتشغيل وسائل قتالية ويعود هؤلاء النشطاء إلى قطاع غزة بالمهارات التي اكتسبوها في المجالات التكنولوجية الحديثة، إطلاق الصواريخ، تشغيل العبوات، القنص ومهارات إضافية أخرى، شبيهة بتلك التي استخدمها حزب الله.
هـ. أرسل إلى إيران سبعة أفواج من نشطاء حماس حتى الآن. يبقى النشطاء المتفوقون من كل فوج في إيران لفترة أطول، يخضعون لدورات متقدمة ويعودون إلى القطاع ليعملوا كمرشدين.
و. التدريبات في سوريا: يتم إرسال نشطاء حماس من القطاع إلى سوريا أيضا من أجل التدريبات الأساسية. حتى الآن، تدرب في سوريا 600 ناشط من حماس تلقوا تدريباتهم على يد مرشدين تعلموا تكتيك الحرب والقتال في إيران. 62 ناشطاً يخضعون للتدريبات حالياً في سوريا.
الفصل ز: التصعيد الأخير في قطاع غزة والعبر المستخلصة من منظور حماس
1.كانت جولة التصعيد الأخيرة في قطاع غزة (27 شباط – 4 آذار) المواجهة الأصعب بين حماس وإسرائيل منذ استيلاء الحركة على القطاع (حزيران 2007).
2.خلال جولة التصعيد (28 شباط – 3 آذار 2008) سقط 207 صاروخاً داخل إسرائيل والتي أطلقت حماس معظمها. كانت مدينة سديروت المنطقة المستهدفَة بأكثر من 100 صاروخ غير انه تمّ ولأول مرة إدخال مدينة أشكلون إلى دائرة التهديد (أطلقت حماس حوالي 18 صاروخاً تقليدياً بقطر 122 مليمتر من نوع غراد). كان متوسط عدد الصواريخ التي يتم إطلاقها يومياً حوالي 30 صاروخاً. كما ان حماس استخدمت قذائف هاون تقليدية يصل قطرها إلى 120 ملليمتر.
3.تدلّ كمية الصواريخ الكبيرة التي أطلقتها خلال بضع أيام على مخزون كبير من الصواريخ الذي تمتلكه حماس. يبرز بشكل خاص المخزون الكبير نسبياً من صواريخ غراد التقليدية بقطر 122 ملليمتر التي مكّنت حماس من القيام لأول مرة بإطلاق صواريخ متواصل ومنهجي على مدينة أشكلون (120000 مواطن).
4.مع ذلك فقد فوجئت حماس بردّ فعل إسرائيل وبشكل خاص من الحملة البرية شمالي القطاع ("الشتاء الدافئ") التي أدت إلى إصابة العديد من النشطاء (حوالي 70 ناشطا إرهابيا) وضرب البنى التحتية للإرهاب. لهذا السبب، لم يتمكن نشطاء حماس وسائر المنظمات من تنفيذ عمليات "نوعية" ضد الجيش الإسرائيلي. يضاف إلى ذلك أيضا الهجمات التي قام بها الجيش الإسرائيلي على مواقع هامة والتي أدت إلى تشويشات في عملية التصنيع والنقل، خسارة نشطاء وبنى تحتية.
5.على المستوى السياسي نجحت حماس بإبراز دورها في رسم الأجندة اليومية على الحلبة الفلسطينية الداخلية وأيضا على المستوى الفلسطيني– الإسرائيلي، خصوصاً على خلفية إعلان أبو مازن عن تعليق المفاوضات السياسية مع إسرائيل. برز بشكل خاص نجاح حماس (التي انضمت إليها السلطة الفلسطينية برئاسة أبو مازن) في الحرب على الوعي: أدارت حماس والسلطة الفلسطينية حملة إعلامية سعت إلى إظهار الإصابة بالمدنيين وعلى الأخص بالأطفال متجاهلة إطلاق الصواريخ باتجاه إسرائيل وحقيقة أن غالبية القتلى (حوالي 130) قتيل كانوا نشطاء إرهابيين.
6.استخدمت في هذه الحملة مصطلحات مثل "المحرقةّ" و"المذبحةّ" من خلال "إلباس" "محرقة" الفلسطينيين في غزة مزايا "محرقة الشعب اليهودي". لم تحصد هذه الحملة صدىً كبيراً في دول الغرب لكن كان لها تأثيرا كبيرا في أوساط الفلسطينيين وفي العالم العربي الإسلامي (يرجع ذلك أيضا إلى تكاتف قناة "الجزيرة" شديدة الرواج لدعم الحملة الفلسطينية). جسّد نجاح الحملة مرة أخرى بالنسبة لحماس أهمية تطوير قاعدتها الإعلامية (المجال الذي ترصد له حماس موارد كبيرة) كما أظهر مرة أخرى انه من المتوقع في كل مواجهة مستقبلية في قطاع غزة ان تلعب الحرب الإعلامية دوراً هاماً.
7.في جولة التصعيد الأخيرة قامت حماس باستخدام واسع للمدنيين كـ"درع بشري". وعادة ما قوبلت بالدعم والمؤازرة من جانب السكان المدنيين. تم التعبير عن ذلك من خلال القتال في منطقة مبنية مكتظة بالسكان وفي بعض الحالات بارتداء النشطاء التنفيذيين لحماس لباساً مدنياً من اجل الانغماس بين المدنيين. ساعد المواطنون في بعض الحالات حماس من خلال التجمع في الأهداف المتوقع مهاجمتها من قبل الجيش الإسرائيلي لكي يتم استخدامهم كـ"درع بشري".
8. في الختام: كان بوسع حماس استخلاص الكثير من العبر الإيجابية والسلبية من جولة التصعيد الأخيرة. يتمثل الجانب الإيجابي في نجاح حماس بالإطلاق المتواصل والمنهجي للصواريخ نحو إسرائيل، يشمل ذلك إدخال أشكلون إلى دائرة إطلاق النار ونجاحها في الحرب الإعلامية وكسب الرأي العام. من الناحية السلبية تجسد وجود الفوارق في الأهلية لدى المجموعات المقاتلة والثمن الذي تنطوي عليه المواجهة الواسعة مع إسرائيل. على أي حال، تستغل حماس فترة الفتور السائدة في قطاع غزة كي تستمر في عملية التعاظم العسكري من خلال ترميم الأضرار والتغلب على "نقاط الضعف" التي ظهرت في جولة التصعيد الأخيرة.