جنرالات فرنسا يعترفون بممارسة التعذيب وجرائم الاستعمار
أوساريس شنق بن مهيدي وأمر باغتيال علي بومنجل
لما انفجرت فضيحة التعذيب الاستعماري في الأوساط الإعلامية والسياسية الفرنسية، عقب نشر الجنرال بول أوساريس مذكراته ''أجهزة خاصة: الجزائر 1955 ـ ''1957، حاولت بعض الأطراف بدافع من نوايا سياسية، التقليل من هول المسألة، فصرح رئيس الحكومة آنذاك ليونيل جوسبان أن الظاهرة ''مارستها فئة قليلة من الجنود''. في حين حاولت أطراف أخرى تقديم الجنرال أوساريس في صورة جندي ''مخادع ومحتال'' لتفادي المساس بالجيش الفرنسي، وإرجاع الظاهرة لمسؤولية شخص لا يستحق تسمية الجندي.
أصبحت مسألة التعذيب، الذي مارسه الجيش الفرنسي في الجزائر خلال مرحلة حرب التحرير، قضية سياسية مرتبطة بمؤسسات الدولة، عقب التصريح الذي أدلى به جاك أتالي، بحيث حمّل فرنسوا متيران مسؤولية ''إيجاد الظروف القانونية لممارسة التعذيب، حينما كان يشغل منصب حافظ الأختام (وزير العدل) واقترح قانون مارس 1956 الذي يمنح كامل الصلاحيات للجيش الفرنسي''. وتطورت الأمور أكثر بعد تصريح جون بيار شوفنمان الذي حمل النظام الفرنسي برمته مسؤولية تحويل التعذيب إلى ظاهرة مؤسساتية.
وتعود تفاصيل النقاش المحتدم في فرنسا حول ظاهرة التعذيب إلى نوفمبر 2000 حينما صرح الجنرال أوساريس في حوار لجريدة ''لوموند'' أنه قام بتعذيب واغتيال وطنيين جزائريين بدون محاكمة خلال معركة الجزائر. جاء تصريح أوساريس عقب انتخاب البرلمان الفرنسي سنة 1999 على قانون يعتبر ''أحداث الجزائر'' حربا وليس ''عملية إعادة النظام''.
وفي ماي 2001 نشر أوساريس مذكراته وقدّم تفاصيل أكثر عن ممارسة التعذيب على المجاهدين الجزائريين، حينما كان مساعدا للجنرال ماسو خلال معركة الجزائر. وكشف أنه هو من اغتال العربي بن مهيدي والمحامي علي بومنجل.
وكلّف أوساريس بمهمة العمل مع ماسو كمكلف بالاستعلامات، يمارس ''نشاطا ليليا سريا'' يقوم به رفقة مجموعة صغيرة من المضليين في سرية تامة في فيلا بأعالي العاصمة تدعى ''ليتورال''، حيث يمارس التعذيب والقتل بدون محاكمة.
ومن بين الأعمال القذرة التي قام بها أوساريس، ضلوعه في تصفية مجموعة فدائية كانت تسمى ''جماعة السيدة الإفريقية''. ويروي كيف أن ماكس لوجون الذي كان يشغل منصب كاتب الدولة للحرب، لمح للحاكم العام غي مولي، بضرورة اغتيال فدائيي السيدة الإفريقية. وأبلغه أسفه لعدم اغتيال قادة الثورة ''بن بلة، آيت أحمد، خيذر، بوضياف'' لما ألقي عليهم القبض يوم 22 أكتوبر 1956، فقد تراجع عن قرار تفجير الطائرة التي كانت بصدد نقلهم من المغرب إلى تونس، فقط لأن قائد الطائرة ومساعديه كانوا فرنسيين وأخبره أنه بقي يتأسف لعدم اغتيالهم. وكتب أوساريس في مذكراته ''لم نكن نشك لحظة أننا كنا ننفّذ أوامر ماكس لوجون وحكومة غي مولي''.
ويستمر أوساريس في سرد تفاصيل فظيعة عن عملية التعذيب التي كان يمارسها رفقة رجاله، فكتب ''قليلا ما كان يبقى على قيد الحياة هؤلاء المساجين الذين يتم استنطاقهم، سواء تكلموا أم رفضوا الكلام''.
واعترف أوساريس أن فرانسوا متيران وزير العدل، كان على علم كامل بما كان يجري في الجزائر. فأرسل قاض مقرب منه يدعى جان بيرار، كلّفه بمهمة قذرة تمثلت في إيجاد التغطية اللازمة لتجاوزات الجنرال ماسو والعقيد غودار، الذي أنشأ لاحقا منظمة الجيش السري الإرهابية ''أو.آ. آس''. وكان بيرار يرسل تقارير مفصلة ودقيقة لمتيران، ولم يكن يخفى عنه أي شيء.
''قتلت العربي بن مهيدي شنقا''
ومن بين الاعترافات التي وردت في مذكرات أوساريس، وهزت الرأي العام الجزائري، تلك المتعلقة بعملية اغتيال العربي بن مهيدي، الذي ألقي عليه القبض في ليلة 15 إلى 16 فيفري .1957 كان بن مهيدي يشغل منصب عضو لجنة التنسيق والتنفيذ. وكان يعتبر من قبل الفرنسيين بمثابة رجل الثورة الأول بعد سجن أحمد بن بلة. ويذكر أوساريس أن العقيد بيجار، الذي ألقى القبض على بن مهيدي عامله معاملة جيدة، وهو ما لم يرق لأوساريس الذي اعترف أن القاضي بيرار لمح له بالتخلص من بن مهيدي عبر اغتياله وإبلاغ الرأي العام بأنه انتحر. وبعد ثلاثة أسابيع، دار حديث بين أوساريس ماسو وترانكييه. اتفق الثلاثة على أن محاكمة بن مهيدي عبارة عن مسألة غير مرغوب فيها، لأن ذلك سيؤدي حتما إلى انعكاسات دولية. فاقترح أوساريس التخلص من بن مهيدي قائلا: ''لقد قمنا بتصفية كثير من الفدائيين الذين كانوا ينفّذون أوامر بن مهيدي، وها نحن الآن محل تردد مدة ثلاثة أسابيع بخصوص مصير هذا الرجل''. فقال الجنرال ماسو ''لكن بن مهيدي لا يمر هكذا''. فأضاف موجها كلامه لأوساريس ''إفعل به ما تشاء''. واعترف أوساريس ''أدركت حينها أنه أصبح بحوزتي الضوء الأخضر من الحكومة''.
ويسرد أوساريس أنه نقل بن مهيدي إلى مزرعة جنوب الجزائر العاصمة على بعد خمسين كيلومتر، وهناك عزله في غرفة صغيرة، ثم شنقه بكيفية تحيل إلى أنه انتحر. فأخذه إلى المستشفى.
وأنهى أوساريس تفاصيل تطرقه لاغتيال بن مهيدي كما يلي ''أصبحنا نستخدم المزرعة التي اغتيل بها العربي بن مهيدي. وذات مرة طلبت من الكوموندو أن يقوم بحفر خندق عميق ودفننا فيه عشرون جثة، منها جثة امرأة''.
كما أعطى أوساريس أوامر لجندي مكلف بحراسة المحامي الجزائري علي بومنجل، تقضي باغتياله. وجّه الجندي ضربة لبومنجل على مستوى الرأس، ثم ألقى به من الطابق السادس، فأراده ميتا، فعاد عند أوساريس فأخبره أن بومنجل سقط وهو يحاول الفرار، فمات على الفور
http://www.elkhabar.com/quotidien/?ida=109059&idc=30
أوساريس شنق بن مهيدي وأمر باغتيال علي بومنجل
أصبحت مسألة التعذيب، الذي مارسه الجيش الفرنسي في الجزائر خلال مرحلة حرب التحرير، قضية سياسية مرتبطة بمؤسسات الدولة، عقب التصريح الذي أدلى به جاك أتالي، بحيث حمّل فرنسوا متيران مسؤولية ''إيجاد الظروف القانونية لممارسة التعذيب، حينما كان يشغل منصب حافظ الأختام (وزير العدل) واقترح قانون مارس 1956 الذي يمنح كامل الصلاحيات للجيش الفرنسي''. وتطورت الأمور أكثر بعد تصريح جون بيار شوفنمان الذي حمل النظام الفرنسي برمته مسؤولية تحويل التعذيب إلى ظاهرة مؤسساتية.
وتعود تفاصيل النقاش المحتدم في فرنسا حول ظاهرة التعذيب إلى نوفمبر 2000 حينما صرح الجنرال أوساريس في حوار لجريدة ''لوموند'' أنه قام بتعذيب واغتيال وطنيين جزائريين بدون محاكمة خلال معركة الجزائر. جاء تصريح أوساريس عقب انتخاب البرلمان الفرنسي سنة 1999 على قانون يعتبر ''أحداث الجزائر'' حربا وليس ''عملية إعادة النظام''.
وفي ماي 2001 نشر أوساريس مذكراته وقدّم تفاصيل أكثر عن ممارسة التعذيب على المجاهدين الجزائريين، حينما كان مساعدا للجنرال ماسو خلال معركة الجزائر. وكشف أنه هو من اغتال العربي بن مهيدي والمحامي علي بومنجل.
وكلّف أوساريس بمهمة العمل مع ماسو كمكلف بالاستعلامات، يمارس ''نشاطا ليليا سريا'' يقوم به رفقة مجموعة صغيرة من المضليين في سرية تامة في فيلا بأعالي العاصمة تدعى ''ليتورال''، حيث يمارس التعذيب والقتل بدون محاكمة.
ومن بين الأعمال القذرة التي قام بها أوساريس، ضلوعه في تصفية مجموعة فدائية كانت تسمى ''جماعة السيدة الإفريقية''. ويروي كيف أن ماكس لوجون الذي كان يشغل منصب كاتب الدولة للحرب، لمح للحاكم العام غي مولي، بضرورة اغتيال فدائيي السيدة الإفريقية. وأبلغه أسفه لعدم اغتيال قادة الثورة ''بن بلة، آيت أحمد، خيذر، بوضياف'' لما ألقي عليهم القبض يوم 22 أكتوبر 1956، فقد تراجع عن قرار تفجير الطائرة التي كانت بصدد نقلهم من المغرب إلى تونس، فقط لأن قائد الطائرة ومساعديه كانوا فرنسيين وأخبره أنه بقي يتأسف لعدم اغتيالهم. وكتب أوساريس في مذكراته ''لم نكن نشك لحظة أننا كنا ننفّذ أوامر ماكس لوجون وحكومة غي مولي''.
ويستمر أوساريس في سرد تفاصيل فظيعة عن عملية التعذيب التي كان يمارسها رفقة رجاله، فكتب ''قليلا ما كان يبقى على قيد الحياة هؤلاء المساجين الذين يتم استنطاقهم، سواء تكلموا أم رفضوا الكلام''.
واعترف أوساريس أن فرانسوا متيران وزير العدل، كان على علم كامل بما كان يجري في الجزائر. فأرسل قاض مقرب منه يدعى جان بيرار، كلّفه بمهمة قذرة تمثلت في إيجاد التغطية اللازمة لتجاوزات الجنرال ماسو والعقيد غودار، الذي أنشأ لاحقا منظمة الجيش السري الإرهابية ''أو.آ. آس''. وكان بيرار يرسل تقارير مفصلة ودقيقة لمتيران، ولم يكن يخفى عنه أي شيء.
''قتلت العربي بن مهيدي شنقا''
ومن بين الاعترافات التي وردت في مذكرات أوساريس، وهزت الرأي العام الجزائري، تلك المتعلقة بعملية اغتيال العربي بن مهيدي، الذي ألقي عليه القبض في ليلة 15 إلى 16 فيفري .1957 كان بن مهيدي يشغل منصب عضو لجنة التنسيق والتنفيذ. وكان يعتبر من قبل الفرنسيين بمثابة رجل الثورة الأول بعد سجن أحمد بن بلة. ويذكر أوساريس أن العقيد بيجار، الذي ألقى القبض على بن مهيدي عامله معاملة جيدة، وهو ما لم يرق لأوساريس الذي اعترف أن القاضي بيرار لمح له بالتخلص من بن مهيدي عبر اغتياله وإبلاغ الرأي العام بأنه انتحر. وبعد ثلاثة أسابيع، دار حديث بين أوساريس ماسو وترانكييه. اتفق الثلاثة على أن محاكمة بن مهيدي عبارة عن مسألة غير مرغوب فيها، لأن ذلك سيؤدي حتما إلى انعكاسات دولية. فاقترح أوساريس التخلص من بن مهيدي قائلا: ''لقد قمنا بتصفية كثير من الفدائيين الذين كانوا ينفّذون أوامر بن مهيدي، وها نحن الآن محل تردد مدة ثلاثة أسابيع بخصوص مصير هذا الرجل''. فقال الجنرال ماسو ''لكن بن مهيدي لا يمر هكذا''. فأضاف موجها كلامه لأوساريس ''إفعل به ما تشاء''. واعترف أوساريس ''أدركت حينها أنه أصبح بحوزتي الضوء الأخضر من الحكومة''.
ويسرد أوساريس أنه نقل بن مهيدي إلى مزرعة جنوب الجزائر العاصمة على بعد خمسين كيلومتر، وهناك عزله في غرفة صغيرة، ثم شنقه بكيفية تحيل إلى أنه انتحر. فأخذه إلى المستشفى.
وأنهى أوساريس تفاصيل تطرقه لاغتيال بن مهيدي كما يلي ''أصبحنا نستخدم المزرعة التي اغتيل بها العربي بن مهيدي. وذات مرة طلبت من الكوموندو أن يقوم بحفر خندق عميق ودفننا فيه عشرون جثة، منها جثة امرأة''.
كما أعطى أوساريس أوامر لجندي مكلف بحراسة المحامي الجزائري علي بومنجل، تقضي باغتياله. وجّه الجندي ضربة لبومنجل على مستوى الرأس، ثم ألقى به من الطابق السادس، فأراده ميتا، فعاد عند أوساريس فأخبره أن بومنجل سقط وهو يحاول الفرار، فمات على الفور
http://www.elkhabar.com/quotidien/?ida=109059&idc=30