دول"الخليج" تتوجه إلى مجلس الأمنطلبا لحماية عرب الأحواز والسنة من بطش طهران
كشفت أوساط خليجية رفيعة المستوى عن عزم مجلس التعاون لدول الخليج العربية التقدم بشكوى جماعية الى هيئة الأمم المتحدة والسعي إلى استصدار قرار أممي من مجلس الامن الدولي يلزم المجتمع الدولي التدخل لحماية حقوق عرب الأحواز ¯ البالغ عددهم نحو ثمانية ملايين نسمة والسنة الذين يتراوح عددهم بين 14 الى 18 مليون نسمة ويشكلون نحو30 في المئة من السكان من عسف السلطات الايرانية واضطهادها الطائفي والعرقي لهم والذي بلغ أوجه في التعامل الدموي مع التظاهرات التي شارك فيها الآلاف من عرب الاحواز قبل ثلاثة أيام ضمن ما عرفت باسم"جمعة الغضب" والتي أسفرت عن مقتل وجرح عشرات المتظاهرين على يد قوى البطش الايرانية الغاشمة.
وأكدت هذه الأوساط ل¯"السياسة" أن جهات عليا في دول مجلس التعاون تدرس حاليا توجيه رسالة مشتركة إلى مجلس الأمن لمطالبته بالتدخل العاجل والفوري لحماية عرب الاحواز والمسلمين السنة في ايران, لا سيما بعد الرسالة التي وجهها وزير الخارجية الايراني على أكبر صالحي إلى الامين العام للأمم المتحدة بان كي مون يطالبهفيها باصدار قرارات عاجلة لوقف ما أسماها"مجزرة بحق الشعب البحريني", وطرد ما وصفها ب¯"القوات الاجنبية من البحرين" ¯ في اشارة الى قوات درع الجزيرة التي تتواجد في المملكة في مهمة لاعادة الامن والاستقرار ضمن المعاهدة الموقعة بين دول مجلس التعاون.
وأشارت الأوساط الى ما وصفته ب¯"الغضب العارم" الذي يجتاح العواصم الخليجية الست بسبب الخطوة الايرانية الأخيرة التي اعتبرت بمثابة"فجور في الخصومة" وعكست رغبة جامحة في تصعيد الخلاف وتوتير الأجواء ووضع المنطقة فوق صفيح ساخن وتهديد أمنها واستقرارها لمجرد ارضاء نزوات قادة طهران.
وقالت: إن"ثمة توجها خليجيا رفيع المستوى إلى دعوة مجلس الأمن الى الوقوف أمام مسؤولياته والتزاماته واتخاذ الاجراءات التي من شأنها حماية أرواح وممتلكات عرب الأحواز والمسلمين السنة في ايران ووقف كل أشكال التمييز والتطهير العرقي والطائفي ضدهم, خصوصا بعد لجوء السلطات الايرانية إلى آلة البطش والقهر لاخماد التظاهرات التي اندلعت يوم الجمعة الماضية للمطالبة باستقلال الأحواز وتحريره من قبضة"الملالي", وهو الاقليم العربي الذي سلمه الاحتلال البريطاني إلى ايران العام .1925
أضافت الأوساط: إن"مراكز صناعة القرار في الدول الست ترى أن الوقت قد حان لوقف الانتهاكات الايرانية بحق العرب والسنة ووضع حد للتمييز ضدهم والذي يشمل منعهم من بناء المساجد وحرمانهم من شغل الوظائف العامة ومن الترقي الى المناصب القيادية في الجيش والشرطة والأجهزة الأمنية ومعاملتهم على أنهم مواطنون من الدرجة الثانية أو الثالثة, فضلا عن اهمال مناطقهم اقتصاديا واجتماعيا الأمر الذي أسهم في تدني مستوى المرافق والخدمات الصحية والتعليمية حتى باتأهل الاحواز يصفون أنفسهم بأنهم"أفقر شعب على أغنى أرض".
الأوساط الخليجية ذاتها أكدت أن الشكوى المرتقب توجيهها الى السكرتير العام للأمم المتحدة خلال الأيام المقبلة ليست إلا بداية وحلقة في سلسلة اجراءات تتجه دول الخليج الى الاعلان عنها تباعا بعدما بلغ السيل الزبى وفاض الكيل بالتدخل الايراني السافر في شؤونها ووصل سكين اطماع وتهديدات"ملالي طهران" إلى العظم ولم يعد الحديث عنها سرا.
وبينت الأوساط الخليجية أن الخطوة الثانية في هذا السياق هي استصدار قرار جماعي بطرد كل السفراء والبعثات الديبلوماسية والقنصلية الايرانية من عواصم الدول الست, وسحب البعثات الخليجية كافة من طهران, لا سيما بعد تعرض الكثير منها لاعتداءات سافرة ومكشوفة على أيدي عناصر تابعة للحرس الثوري و"الباسيج" والاستخبارات رغم محاولات الخارجية الايرانية نفي صلتها بهذه الاعتداءات والزعم بأنها احتجاجات متظاهرين غاضبين على مواقف بعض دول الخليج.
في الوقت ذاته شددت هذه الأوساط على أن خلاف دول مجلس التعاون هو مع النظامالايراني الذي استمرأ لغة التهديد والوعيد والتجسس والتخريب وليس مع الشعب الايراني الذي عاش جنبا الى جنب مع الشعوب العربية على مدى قرونطويلة من دون أن يكدر صفوهم أي مشكلات. وقالت: إن"دول المجلس حاولت على الدوام تحاشي الصدام مع النظام الايراني وتحلت على مدى سنوات بالحكمة والصبر والعقلانية, وتجاوزت عن كثير من الأخطاء ¯ بل الخطايا ¯ حتى أنها وقفت الى جانب ايران في أزمتها مع الدول الغربية على خلفية برنامجها النووي ورفضت وبشكل قاطع سيناريوهات ومشاريع شبه مؤكدة لتوجيه ضربات عسكرية موجعة إلى إيران يمكن أن تعيدها إلى القرون الوسطى, وتشهد على تلك المواقف مؤتمرات القمة ومحاضر اجتماعات وزراء الخارجية العرب والخليجيين, لكن السلطات الايرانية لم تقدر هذه المواقف حق قدرها ولم تحفظ الجميل وصمت آذانها عن سماع الأصوات الداعية إلى التعاون لما فيه خير دول المنطقة والتبرؤ من خطط وأوهام التوسع والضم والالحاق.
في غضون ذلك وصفت الأوساط الخليجية نظام طهران بأنه"مغتصب للسلطة من الشعب الايراني", وقالت: إن"جوهر الأزمة في العلاقات الخليجية الايرانية هي نظام الملالي وحكومات الولي الفقيه التي جاءت لتشعل النزعات الطائفية وتثير الفتن والقلاقل وتحرق الأخضر واليابس في المنطقة".
وأماطت اللثام عن اتصالات أجرتها دول مجلس التعاون مع عدد كبير من دول العالم لاطلاعها على خطط النظام الايراني لتفكيك المجتمعات الخليجية وتهديد أمنها واستقرارها وضرب وحدتها الوطنية, وهي الخطط التي لم تنجح حتى اللحظة إلا في اختلاق المشكلات في العراق ولبنان وسورية على طريق اثارة الحروب الاهلية في الدول الثلاث, ورغم ذلك لم يتعظ النظام الايراني ويتوقف عن غيهوضلاله.
وفي شأن ذي صلة ألمحت الأوساط الخليجية إلى أن ما تعانيه سورية هذه الأيام من فوضى وعدم استقرار ومظاهرات عارمة تجتاح معظم المدن ليس إلا نتيجة طبيعية وثمرة من ثمار التدخل الايراني في الشأن السوري, وقالت: إن" أدلة شبه مؤكدة تشير إلى ضلوع ايران في أعمال القتل والعنف ضد المتظاهرين خصوصا وأن"سافاك" ايران الجدد مستعدون لذبح المتظاهرين السوريين والسير في جنازاتهم"!
إلى ذلك أكدت الأوساط الخليجية أن دول مجلس التعاون باتت أقرب من أي وقت مضى الى اصدار قرارين حاسمين باعلان الكونفدرالية وتعزيز قوة درع الجزيرة على أن تكون قيادتها من النخبة العسكرية الموثوقة جدا وغير القابلة للاختراق.
وكانت دول مجلس التعاون الخليجي قد طالبت المجتمع الدولي ومجلس الأمن بالتحرك من أجل وقف التدخلات والاستفزازات الايرانية السافرة في الشؤون الخليجية, وأكد وزراء خارجية دولالمجلس في البيان الختامي الذي صدر في ختام اجتماع عقد في الرياض أول من أمس ¯ رفضهم لما تضمنته رسالة وزيرخارجية ايران إلى أمين عام الامم المتحدة, حول الاوضاع في البحرين وما حوته من تهديدات تعكس استمرار النهج الايراني في التدخل في شؤون دول المجلس لنشر الادعاءات والأكاذيب بصورة مستمرة ومتكررة, مما يثير القلاقل وعدم الاستقرار في المنطقة, ويمثل انتهاكا لقواعد القانون الدولي وعلاقاتحسن الجوار بين الدول.
ودعا الوزراء مجلس الأمن إلى اتخاذ ما يلزم من اجراءات لوقف التدخلات والاستفزازات والتهديدات الايرانية السافرة والتي تسعى لاشعال الفتن والتخريب بداخل دول مجلس التعاون بهدف زعزعة الأمن والاستقرار فيها رغم كل النوايا الطيبة التي ابدتها هذه الدول تجاه ايران.