وداعا مائير داغان
توفيق أبو شومر
توفيق أبو شومر
مرّ خبر إحالة رئيس الموساد السابق للتقاعد مرور الكرام في وسائل الإعلام، وأشارت بعض الصحف إلى احتفال سريٍّ صغير، جرى يوم الخميس 14/1/2011 توديعا لرئيس الموساد السابق مائير داغان، وهو رجل الموساد الأول منذ عقود عمل مع ثلاث وزارات:
وزارة شارون ، وأولمرت، ونتنياهو.
هذا الرجل الغامض الذي عاد إلى (بشريته) يوم الاحتفال وابتسم للحاضرين وأظهر لهم رقته وطيبته وتواضعه البشري،قدّم اعتذارا (رقيقا) للمحتفين به عن تقصيره في حق عائلة إيلي كوهن لأنه لم ينجح في إعادة رفاته إلى إسرائيل وكان إيلي كوهين هو جاسوس إسرائيلي في دمشق في ستينيات القرن الماضي،وتمكن من الوصول إلى مراكز قيادية عليا زمن الرئيس أمين الحافظ،، وعندما اكتشف أمره جرى تنفيذ حكم الإعدام فيه شنقا في ساحة المرجة في دمشق عام 1965 ، واعتذر كذلك لعائلة الطيار الإسرائيلي المختفي رون أراد، لأنه فشل في استعادته، ولم تشر الأخبار لعائلة جلعاد شاليت!
وما أثار انتباهي في هذا الاحتفال، هو أن رئيس الوزراء السابق إيهود أولمرت الصديق الحميم لمائير داغان، نهض وقرأ رسالة غير عادية من الرئيس السابق بوش، وكانت الرسالة ضمن كتابٍ مُهدى لمائير داغان، وقرأ أولمرت كلمات بوش لداغان بصوتٍ عالٍ في حفل التكريم:
" أشكرك على كل ما فعلته، لقد كان شرفا كبيرا لي أن أعمل معكم "!!
توقفتُ عند مدلول هذه الرسالة القصيرة:
( شرفٌ لي أن أعمل معكم!!)
إذن فالحكومة الفعلية الآمرة الناهية المسيرة للأمور، ليست هي حكومات رؤساء الوزارات، ورؤساء إسرائيل والقيادة الأمريكية ، بل هي ملك خالصٌ لجهاز الموساد!
إذن فهو الحاكم الفعلي، وما رموز السياسة وقادة الأحزاب سوى كمبارس !!
لذا فإنه يستحق اللقب الذي أطلقته عليه القناة الثانية:
( رجل إسرائيل لعام 2009 ).
نعم إنه الرجل الذي يثبت صدق المقولة، التي رددها الروائي الإسرائيلي دافيد غروسمان :
"قدرٌ لإسرائيل أن تقتاتُ على الحرب ، وتُسَمِّن أبناءها عليها !"
إنها إسرائيل التي وصفها أبناؤها أيضا بأنها الدولة الوحيدة في العالم التي لا تنشغل إلا بأمرين:
" إما أنها تخوض حربا ، أو تستعد لخوض حرب أخرى!"
نعم إنها الدولة الوحيدة حتى الآن التي تحصي إنجازاتها وتحتفل في زمن الألفية الثالثة بعدد عمليات القتل والتصفية والتدمير والحصار والقمع والعنصرية، التي ينفذها جهازُ الموساد!
فمائير داغان يستحق بطولة إسرائيل لعام 2009 للأسباب التالية:
لأنه فجَّر وفتَّتَ جسدا بشريا في لبنان اسمه عماد مغنية بسيارة مملوءة بالمتفجرات، بلا محاكمات أو إجراءات قضائية!
وهو أيضا الذي قام بإصدار الأوامر للطائرات الحربية بقصف المفاعل النووي السوري في دير الزور.
وهو أيضا بطل قصف القافلة السودانية المحملة بالسلاح والمتوجهة إلى غزة! وهو أيضا المسؤول عن قتل محمود المبحوح في دبي باستخدام عشرات القتلة المجندين، وعشرات جوازات السفر المزورة، أيضا بلا محاكم أو قضاة.
وهو أيضا بطل تصفيات العلماء الإيرانيين،وسيظل ما لم يُكشف من وثائق الموساد عن عمليات القتل هو الأكثر خطورة!
وهو أيضا صاحب المقولة المشهورة:
الفلسطيني الجيد هو فقط الفلسطيني المقتول، فكان يطمئن في كل عملية على أن المصابين يجب قتلهم، وألا يعطوا فرصة للنجاة! وهو المسؤول المباشر عن أبشع جرائم الألفية الثالثة، وهي ( القتل الطائر) بواسطة الطائرات غير المأهولة لمعظم المناضلين الفلسطينيين !
وهو يستحق لقب رجل إسرائيل لعام 2009 ،بالإضافة إلى كل إنجازاته السابقة، لأنه تمكن من إحالة قطاع غزة إلى كومة من الركام في ديسمبر 2009 في ثلاثة أسابيع فقط !
أليس واجبا علينا أن نعلن اسم مائير داغان في كل أنحاء العالم بوصفه سفاح العدالة لعام 2010 ؟!
وأخيرا ... ما اللقب الذي يمكن أن يُطلق على خليفته الجديد، ونائبه السابق تامير باردو؟!!