لبنان سبق إسرائيل في صناعة الصواريخ. بين "الأرز 1" و "الأرز 8" إنجاز أسقطته المصالح دولية

إنضم
7 مارس 2008
المشاركات
386
التفاعل
38 0 0
166503_131266026935621_100001566734450_210186_4762025_n.jpg






بينما كان الإتحاد السوفياتي والولايات المتحدة الأميركية يتصارعان للهيمنة على العالم في حرب استخباراتية وتكنولوجية بامتياز، ويتسابقا على غزو الفضاء، كانت للبنان حصته في الإبتكار التكنولوجي إذ تمكن في عام 1960 عبر مجموعة طلاب في جامعة هايكازيان من إطلاق صاروخ لبناني الهوية والتصنيع سقط في المياه الإقليمية القبرصية.

قد يسخر البعض من هذه المعلومة ويعتبرها هذياناً أو ضرباً من الجنون، لكنها ليست الحقيقة الوحيدة التي سيكشفها هذا التحقيق، إنما هناك أيضا حقائق أخرى في الموضوع أبرزها أن لبنان كان البلد الأول في الشرق الأوسط الذي يطلق صاروخا من انتاجه وابتكاره، حتى انه سبق اسرائيل في صناعة الصواريخ.

وليست هذه الواقعة إلا واحدة في سلسلة الأمجاد اللبنانية التي دفنتها الحسابات السياسية المحلية الدولية، والتي ترى في قوة لبنان تهديداً لمصالحها ومصالح حلفائها في المنطقة. فالمعطيات الشعبية المتداولة تشير الى ان صناعة الصواريخ اللبنانية توقفت بسبب انفجار وقع في 21 تموز 1964 في جامعة هايكازيان جراء مزج الطلاب بعض المواد المتفجرة التي كادت ان تودي بحياتهم. ونشرت "النهار" عن وقائع الإنفجار في صفحتها الأولى صباح الأربعاء 22 تموز 1964.

في 9 أيلول 2010 نشر عبد الفتاح خطاب في صفحة "فوروم" في "نهار الشباب" مقالة بعنوان "رسالة إلى وزير الدفاع"، تتضمن في سطورها ان "الرئيس فؤاد شهاب تلقى نصيحة فرنسية شخصية من صديقه الرئيس شارل ديغول، مضمونها انكم أثبتّم قدراتكم في المجال العلمي وانه لا داع لتعريض لبنان إلى الخطر، وعمل الرئيس شهاب بتلك النصيحة"، وبالتالي كانت "نصيحة ديغول السبب الحقيقي لإيقاف التجارب".

للتحقق من المعلومات اتصلنا بخطاب، فكشف الأخير أنه حصل عليها من ضابط استخبارات متقاعد رفض كشف اسمه. ولما كانت "النهار" قد أوردت إسم الملازم الأول يوسف وهبة المشرف على عمل الطلاب في إحدى تغطياتها التي نشرت في أيار 1962 بعنوان "بعد نجاح كارنيتر في دورته حول الأرض أول صاروخ لبناني مؤلف من طبقتين يرتفع 11500 متر ويسقط على جبل الباروك"، استفسرنا من خطاب اذا كان وهبة صاحب المعطيات فصمت لبرهة ثم قال "كلا، بل أحد المقربين منه".

ومع تقدّم البحث يُظهر أرشيف جامعة هايكازيان ان التجارب لم تتوقف عام 1964 برغم مزاعم البعض ان الإنفجار كان سبب توقفها، بل توقفت عام 1966 أي بعد سنتين من الحادثة، مما يجعل حجة الإنفجار هزيلة أمام "نصيحة ديغول".

وأمام التضارب في المعلومات والمعطيات، التقى "نهار الشباب" رئيس جامعة هايكازيان بول هايدوستيان في محاولة للاطلاع على التفاصيل، وقد استهل حديثه بالاعجاب بما حققته كلية صغيرة كان قد مضى على تأسيسها عام 1960 خمس سنوات فقط، وقد انجزت عملها بمساعدة أستاذ الرياضيات والفيزياء الدكتور مانوك مانوكيان ومجموعة صغيرة من الطلاب المهتمين بالعلوم والتطور العلمي الذين أنشأوا "نادي الصواريخ لكلية هايكازيان" (Haygazian College Rocket Society).

وما يزيد من تعجب هايدوستيان هو ان "أي مؤسسة تُقبل على خطوات كبيرة ومهمة تعد لذلك بدراسات واجتماعات وخطط عمل، لكن بعد اطلاعي على وقائع اجتماعات اللجنة الإدارية للجامعة اكتشفت ان احدا لم يخطط للمشروع ولم يكن هناك قرار مركزي بل مبادرة عفوية واكبها اهتمام كبير من الطلاب وأستاذهم الشاب الذي لم يتعدّ الثلاثين". وأضاف: "عملوا على انتاج الصاروخ في غرفتين أو ثلاث في المعهد، والتجربة الاولى لإطلاقه كانت في منطقة عين سعادة، وقد فشلت طبعا".

لكن التجربة الأولى الفاشلة تلتها تجارب ناجحة، "في العامين 1961 و 1962، تطور العمل من نواحٍ عدة أولا لناحية نوعية الصواريخ، وثانيا لناحية شكل الصاروخ، فنحن نعرف ان للصواريخ أجزاء تنفصل عن بعضها، وقد نجح فريق العمل في تطويرها".

النادي اللبناني للصواريخ
يقول هايدوستيان ان "الدولة والجيش تحديداً طلبا الإنضمام إلى النادي عام 1962 عبر عناصر علمية وعسكرية، نظرا لما حققه من نتائج ناجحة، فتحوّل الى "النادي اللبناني للصواريخ" بعد انضمام عضوين إليه من الجامعة الأميركية في بيروت والجيش اللبناني. ولكن المشروع بقي مرتبطا بالجامعة، وبقي النادي قائما على تطور الصواريخ بدعم من عدد من المساهمين".

كان النائب إميل البستاني أول الممولين للنادي، "وانهمرت الهبات على الفريق من الأشخاص والكنائس ومؤسسي هايكازيان بعد زيارتهم للرئيس فؤاد شهاب الذي منحهم الدعم، حتى توصل النادي إلى وقت تمكن من تقديم المنح الدراسية للمهتمين بعلوم الصواريخ. ثم أسس الجيش منصة لإطلاق الصواريخ في ضبيه، وكان ذلك على ما اعتقد عام 1963، وكان النادي حينها يحقق تطورا علميا ونوعيا ملحوظا من سنة إلى أخرى، إذ وصلت الصواريخ الى حدود قبرص فوقعت في المياه الإقليمية القبرصية قبالة الشواطئ".

وجد العمل التقدير، "فأصدرت الدولة اللبنانية عام 1964 طوابع بريد خاصة بالنادي، مما يعني ان الموضوع تحول فخراً لبنانياً، حتى أن الطلاب أطلقوا على الصاروخ إسم "الالأرز" قبل ان يتحول المشروع وطنياً. كذلك أصدرت الجمهورية اللبنانية كتيّباً لمناسبة عيد الإستقلال حمل إسم "النادي اللبناني للصواريخ".

مميزات "الأرز 3"
يقدّم الكتيّب المكوّن من 17 صفحة نموذجاً عن الصاروخ الجديد الذي أصدره النادي وهو "الأرز 3"، كما يتضمن معلومات باللغات العربية والإنكليزية والفرنسية عن النادي اللبناني للصواريخ، "وهو جمعية تأسست صيف عام 1962 بعدما أدخلت عناصر جديدة من الشباب اللبناني المثقف. والغاية كانت جمع جهود جميع اللبنانيين الذين تؤهلهم علومهم أو تخصصاتهم والذين يرغبون بالعمل في حقل الصواريخ في نطاق واحد". ويذكر الكتيب الأسماء المؤلفة للجنة العليا التي اشرفت على أعمال النادي كالآتي: "السيد مانوكيان: أستاذ في كلية هايكازيان، الدكتور بيار مراد: أستاذ علم الحرارة في الجامعة الأميركية، السيد كارا مانوكيان: أستاذ في كلية هايكازيان، السيد جوزف صفير: مهندس إلكترونيك، السيد إيلي قاعي: مهندس جو ذرّي، والضابط الخبير المشرف من قيادة الجيش". إلى ذلك "كانت توجد لجان فرعية تقوم بتنفيذ الأعمال، وهي لجنة الوقود الصلب ولجنة الوقود السائل واللجنة الفنية...".

وأورد الكتيّب مميزات "الأرز 3"، "فهو صاروخ ذو مدى بعيد يعمل بوقود صلب في طبقاته الثلاث ومعد لدراسة أحوال طبقات الجو العليا. طوله: 680 سم، قطره: 52 سم، وزنه: 1250 كلغ، قوة الدفع: 1400 كلغ للطبقة الأولى و8000 كلغ للطبقة الثانية و2000 كلغ للطبقة الثالثة". أما الحمل فيزن "25 كلغ من الأدوات الكهربائية والإلكترونية والأجهزة. المدى: إذا أطلق على 90 درجة يعلو 256 كلم مع حمولة 25 كلغ و180 كلم بحمولة 100 كلغ. أما إذا أطلق على 45 درجة فيذهب حتى مدى 600 كلم مع 25 كلغ و450 كلم مع 100 كلغ. وسرعته 9000 كلم في الساعة".

ويورد الكتيّب بعنوان "اشتغال الأرز 3"، تفاصيل تتناول الطبقتين الأولى والثانية من الصاروخ، "مهمة الأولى ان ترفع الصاروخ حتى علو 1500 متر وتعطيه سرعة 250 مترا/ ثانية. ومن ثم ينفصل عنه بعد إشعال الطبقة الثانية بواسطة جهاز إلكتروني خاص، وهو يعمل بواسطة 7 محركات تساوي قوتها 7000 حصان". أما الطبقة الثانية "فترتفع حتى تبلغ سرعته 1250 متر/ ثانية ثم ينفصل بدوره بواسطة جهاز إلكتروني آخر مثبت ما بينه وبين الطبقة الثالثة فتتابع هذه الطبقة الإرتفاع حاملة معها بيضية الرأس التي تحتوي على معظم أجهزة القياس والإرسال". وتوضح التفاصيل: "يبث الأرز 3 على موجة 33 و31 و29 و27 ميغاسيكل. على الموجة الأولى يرسل ذبذبات قاعدة زمنية، وعلى الثانية يعطي تسارعه وعلى الثالثة قيمة ارتفاعه عن سطح البحر وعلى الرابعة معلومات عما إذا كان قد انحرف عن المسار المحدد له سابقا. وتسجل كل هذه المعلومات على 4 أشرطة تسجيل لدراستها وتفسير رموزها بعد انتهاء الإطلاق".

إلى ذلك، يتضمن الكتيب مجموعة من الصور التي توثق لحظات عمل الطلاب وإطلاق الصواريخ، إلى رسوم بيانية وتفسيرات رياضية. ويختم الكتيّب بكلمة للدكتورة سلوى نصار أستاذة الفيزياء الذرية في الجامعة الأميركية في بيروت.

الأسباب الكامنة خلف وقف التجارب
سألنا هايدوستيان عن الأسباب والدوافع الحقيقية الكامنة خلف وقف التجارب، فقال: "أذكر جيدا خلال سبعينات القرن الماضي عندما كنت مراهقا وكان والدي في لجنة أمناء هايكازيان، أنهم عندما كانوا يتكلمون عن الصاروخ كانوا يأتون على ذكر الحادث الذي وقع أو الحريق. ففي عام 1964 كان طالبان يعملان في غرفة أستاذ الفيزياء الدكتور الأميركي هارت وكانا يخلطان بعض المواد، فوقع إنفجار نجم عنه حريق كبير وفقد أحدهما البصر في احدى عينيه فيما انتقل الحريق من غرفة إلى أخرى". واستطرد موضحا، أن "الحادث أثر على العمل، اذ ورد في محضر اجتماع لجنة الأمناء "كنا قد منعنا الطلاب من مزج المواد في غرف الجامعة من أجل السلامة العامة، ولا بد من التنبه أكثر لهذا الأمر". لكن برغم الآثار السلبية استمر العمل.

أما عن الدور الذي أدته نصحية ديغول في وقف التجارب فقال: "السبب المتداول ما بين الناس عن توقف العمل هو الإنفجار الذي دفع الإدارة والدولة إلى شد الحبال قليلا وصولا الى وقف المشروع نهائيا. وقد يكون للحادث دورا، ومع الوقت سمعنا عن نصيحة ديغول، لكن لا معلومات دقيقة لدي عن هذا الموضوع". واستدرك موضحا، "في احتفال اليوبيل الخمسين للجامعة عام 2005 سمعت من ضابط الإرتباط جوزف وهبة ان لا علاقة للحادث بالموضوع، إنما كان هناك قرار سياسي وأمر بالتوقف عن العمل. وبرأيي، إن التحاليل والمنطق يكشفان قرارات خارجة عن إرادة النادي اللبناني للصواريخ ونادي الصواريخ في هايكازيان، كانت هي السبب الأساسي في وقف العمل بالمشروع".

وعما اذا كانت الجامعة تحتفظ بنماذج عن الصواريخ المصنعة اتى الجواب "كلا، فالذاكرة اللبنانية وحتى ذاكرة هايكازيان وضعت تاريخ الصاروخ جانباً، فمعظم المنخرطين في المشروع هاجروا عام 1957 ومنهم من توفي أيضا".

حتى أن هايدوستيان لم يقع على أي معلومات توضح في ما اذا كان لقبرص ردة فعل لوقوع الصاروخ في مياهها الإقليمية. وفي جوابه عما إذا كانت الجامعة تفكر في إعادة إحياء التجربة، قال: "هناك بعض العلوم التي تطورت وأخذت مداها وانتشرت في العالم، والعلوم الإلكترونية اليوم هي الأهم لتطور الجامعات. وهناك مؤسسات متخصصة في كل بلدان العالم تعمل على تطوير الصواريخ، لذلك بات من الصعب على الجامعات الدخول في هذه المواضيع التقنية العلمية، لا سيما وان الثقافة البشرية تغيرت، فمواضيع الصواريخ تحولت من العلمية إلى مواضيع استراتيجية وسياسية وعسكرية".

وحاول "نهار الشباب" الحصول على نسخة عن قرار المنع، لكن هايدوستيان أوضح أنه لا يملك أي نص مكتوب عن القرار. ولدى محاولتنا التواصل مع وهبة، قال لنا أنه "كبير في العمر ومن الصعب جدا الحصول على معلومات منه أو التواصل معه".

تفاصيل من مانوكيان
كانت لـ"نهار الشباب" فرصة التواصل مع الدكتور مانوك مانوكيان في الولايات المتحدة الأميركية الذي زودنا تفاصيل شيّقة ودقيقة عن الموضوع. فمانوكيان المولود في أورشليم والذي تعلم في مدرسة القديس جورج فيها، كان مهووسا منذ صغره بالصواريخ التي كانت تزين طاولته على مقاعد الدراسة. روى مانوكيان لـ"نهار الشباب" مسيرته مع طلاب هايكازيان، "فبعدما حصلت على إجازة في جامعة تكساس عام 1960 انضممت إلى جامعة هايكازيان كأستاذ للرياضيات والفيزياء، بعدها تم تعييني مستشاراً لنادي العلوم في الجامعة، مما منحني فرصة لتحقيق أحلامي وتطويرها في علوم الصواريخ. وهكذا انشأت مع مجموعة من الطلاب المهتمين نادي الصواريخ لمعهد هايكازيان". وعدّد مانوكيان أسماء الطلاب الذين كانوا في عداد النادي، تماما كما وردت اسماؤهم في عدد من أعداد مجلة الجامعة كالآتي: "سيمون أفراميان وغارابيت بسمادجيان وهمبارتسوم كاراغوزيان وهرير كيليشيان ومايكل لادا". وانضم إليهم لاحقا "جون تيليكيان وهرير أينتالبيان وهرير ساهاجيان وجيرار زينيان وجان جاك غوفليكجيان".

وحدد مانوكيان هدفين رئيسيين للنادي، "أولهما تلقين طلابي قواعد العلوم عبر الرياضيات والفيزياء المتخصصة بعلم الصواريخ. وثانيهما تحفيزهم في السعي للحصول على مهن في مجال الرياضيات والهندسة والعلوم". وشدد على أنه كان واضحا منذ البداية في ان "المشروع لم يكن لأهداف عسكرية إنما شكل رحلة علمية في علم الصواريخ". وانضم الشباب إلى الرحلة الشيقة ملتزمين مواعيد الإجتماعات الأسبوعية التي كان مانوكيان يشرح خلالها الدروس النظرية التي تحولت سريعا عملية مما زاد الرحلة إثارة".

ومع انتقال المشروع إلى الجزء العملي "أصبحنا في حاجة إلى مواد مولدة لطاقة الدفع ونجحنا في إيجادها. ونظرا لخطورة هذه المواد قمنا بمحاولتنا الأولى لإطلاق الصاروخ بعيدا من الجامعة في مزرعة تملكها عائلة هرير كيليشيان. وبعد محاولات عدة وأطلقنا الصاروخ لمسافة قصيرة بلغت 45 متراً".

بعد المحاولة الأولى بدأت الحماسة تدبّ في طلاب الجامعة بحسب مانوكيان "وتمكنا في نيسان عام 1961 من تصنيع صاروخ بلغ طوله 1.75 مترا ودعونا جميع الطلاب لمشاهدة إطلاقه في منطقة عين سعادة، وارتفع حتى 1000 متر مع أن من أطلقه كان مبتدئا وقد وجهه نحو اتجاه خاطئ لم نكن قد اتفقنا عليه. ودفعتنا هذه الحادثة إلى مطالبة الحكومة اللبنانية بضبط المواقع، حيث نقوم بتجارب الإطلاق".

كان طلاب هايكازيان بعد شهر، أي في أيار عام 1961 على موعد مع إطلاق جديد، "قمنا بالمحاولة هذه المرة في صنين عبر صاروخ مماثل للذي أطلقناه في عين سعادة، وقد وصل ارتفاعه حتى 2300 مترا". ومن باب الصدفة يقول مانوكيان: "أطلقت إسرائيل أول صاروخ لها في تموز عام1961 مما يعني ان جامعة هايكازيان ولبنان هما اول من أطلق صاروخا في الشرق الأوسط". وأضاف: "كنت معجبا جدا بالجهود والإلتزام الواضح عند أعضاء النادي وحتى من طلاب الجامعة الذين كانوا يساعدوننا في أعمال تطوعية عبر مزج المواد والتحضير".

واستمر العمل في التطوير، إذ قرر مانوكيان عند هذه المرحلة "اختبار الصواريخ المتعددة الطبقة، فابتكرنا نظاما في إمكانه ان يفصل الطبقتين الأولى والثانية من الصاروخ أثناء الطيران. وفي أيلول عام 1961 تمكنا في إشراف الملازم حوزف وهبة من إطلاق طبقتين في صاروخ طوله 2.85 مترين وأطلقنا عليه إسم "الأرز 2"، وكان قطر الطبقة الأولى 10 سم في حين أن قطر الثانية 7.5 سم. وارتفع الصاروخ نحو 2500 مترا. وبعد هذا الإنجاز ازداد تعاون الملازم وهبة مع النادي".

ولم يلبث النادي ان جذب انتباه الرئيس فؤاد شهاب "الذي دعانا في آب 1961 إلى القصر للتهنئة. وكان النائب إميل البستاني من أكبر الداعمين لعملنا، كما منحتنا الحكومة اللبنانية دعما ماليا إلى جانب مؤازرة الجيش لنا لإنتاج الصواريخ". وعدّد حجم الهبات المالية التي حصل عليها النادي "بدءا بـ500 ليرة لبنانية، ثم 25 ألفاً عام 1962، ومثلها عام 1963. وقد شجع ذلك العديد من الشخصيات اللبنانية البالأرزة على تأسيس لجنة دعم لنادي هايكازيان تكونت من الدكتور ابرهيم داغر والدكتور بيدروس أزنافوريان وعصام حسامي وهوغيت كريشاتي وماري بوليت كارايان".

كذلك اثارت التجارب الناجحة للنادي اهتمام الصحافة اللبنانية وغير اللبنانية بما فيها News Review of the U.S. Information Service وAmerican Friends of the Middle East وتلفزيونVoice of America. كذلك أبدت سفارات اهتمامها بنشاطات النادي عبر ملحقيها الثقافيين خصوصا الولايات المتحدة الأميركية والإتحاد السوفياتي". وأضاف: "التقيت أيضا السفير الأميركي في لبنان بورتر، وأشك في اننا كنا مراقبين من وكلاء أو عملاء أجانب، لكنني لا أملك إثباتاً على ذلك، إلا أنني كنت دائما ألحظ تعديلات وبعثرة في الأوراق الموجودة على مكتبي".

في صيف 1962 قرر مانوكيان العودة إلى تكساس لإكمال دراسته، "وكان النادي حينها قد حقق إنجازات مهمة، لاسيما مع تأسيس النادي اللبناني للصواريخ والحصول على دعم الدولة وتأسيس الجيش لمنصة إطلاق الصواريخ في ضبيه وإطلاق صاروخ من طبقتين... حتى أنني قبل أن أغادر إلى الولايات المتحدة كان وهبة قد ناقش مع الفريق مشروع إطلاق صاروخ من ثلاث طبقات. وقد تمكنوا عبر التعاون ما بين النادي اللبناني ونادي هايكازيان والجيش من إطلاق "الأرز 3" في مناسبة عيد الإستقلال عام 1962 و"الأرز 4" في 21 تشرين الثاني 1963، وكان ذلك أثناء غيابي ما بين عامي 1962 و1964، وقد تولى حينها البروفسور إدوارد هارت منصب مستشار نادي هايكازيان".

عاد مانوكيان إلى منصبه في هايكازيان عام 1964 بعدما نال شهادة الماجستير ليعلم بالحادث الذي أصاب إثنين من طلابه وهما هرير وهمبار أثناء مزجهما لبعض المواد. لكن مانوكيان لم يذكر أي آثار سلبية للإنفجار كتنبيه الدولة مثلا بوقف العمل، لا بل على العكس تحدث عن معرض علمي أقامه النادي في الجامعة لتلامذة المدارس عرض فيه للإنجازات والخطط المستقبلية المقررة لسنتين مقبلتين.

ولفت مانوكيان إلى ان "البرنامج المقرر لعامي 1964 و1966 تضمن تصنيع صواريخ أقوى وموثوقة للقيام بتجارب الإتصالات السلكية واللاسلكية للصواريخ في الجو، وقد تلقينا مواد مساعدة من فرنسا وقمنا بتجاربنا في ضبيه... وأطلقنا في 23 أيلول 1964 "الأرز 6" وكان طوله ثلاثة أمتار ويزود أجهزة الكترونية حضّرها الضابط جوزف صفير. ارتفع الصاروخ حتى 14 كلم مع امتداد 40 كلم".

في 12 أيار 1966 كان "الأرز 7" جاهزاً للإطلاق "وكان من طبقة واحدة مع حمولة 20 كلغ ومصمم ليرتفع حتى 70 كلم مع امتداد 100 كلم. وكان الصاروخ مجهزاً بآلة لدراسة تصميم الصاروخ والقياس والتسجيل".

ولأن النجاحات لا تتحقق من دون إخفاقات "انفجر "الأرز 7" بعنف على طريق المنحدر، وحددنا الخلل حينها على أنه ضعف في تكوين جسم الصاروخ، وأذكر أن الحادث وقع قبل أيام من نجاح رائد الفضاء الأميركي أوجين سيرنين في السير في الفضاء".

بعد أيام على إطلاق "الأرز 8" عاد مانوكيان إلى تكساس للحصول على شهادة الدكتوراه في الرياضيات، "تاركا ورائي جامعة رائدة في التعليم العالي. فعندما أنظر إلى الخلف أشعر بالحنين والرضى حيال رحلة نادرة تمكنت خلالها عبر دعم جامعة هايكازيان وطلابي والدولة اللبنانية من تحقيق حلمي، وسأبقى دائما ممتنا لهم".
عند هذا الحد توقف مانوكيان عن السرد الشيق، وكأنه يضع حدا لقصة لم تنته نرغب في قراءة المزيد عنها. لكن اللافت أن نهاية مانوكيان لم تتضمن أي إشارة للأسباب الحقيقية التي وضعت حدا للمشروع وكتبت نهايته، فهو لم يأت على ذكر الأسباب رغم استفسارنا عن السبب في لائحة الأسئلة التي أرسلناها عبر البريد الإلكتروني. المؤكد بحسب ما أوردناه، أن الإنفجار لم يكن السبب، وبالتالي يعود بنا المنطق إلى "نصيحة ديغول" ودوامة مصالح الدول الكبرى.

ملفات الاختراع
لا ملفات ولا وثائق في الجامعة، ولا يعلم رئيسها الحالي شيئاً عن مكانها، فهم لم يكن آنذاك في عداد طاقمها، ولم يعثر في الارشيف على شيء يذكر. في المقابل، لا يؤكد اي من الذين عملوا على الصواريخ "مصادرة" الجيش للوثائق كاملة خوفاً من إفادة أعداء لبنان منها، وثمة من يقول ان الملفات "ضاعت" بعدما كان مجهولون عبثوا بها كما صرح مانوكيان اكثر من مرة. فهل تكون سرقت من عملاء لسفارات أو أجهزة استخبارات؟ط
بين ميرنا واميل البستاني
تروي النائبة السابقة ميرنا البستاني تحمس والدها النائب الراحل اميل البستاني لمشروع الصاروخ وكيف مدّه بالدعم اللازم مادياً ومعنوياً، وكيف اتصل بالمسؤولين في الدولة وبمؤسسات لتوفير الدعم للطلاب في مشروعهم المتقدم. وتأسف لأن التاريخ لم يسجل هذا الانجاز، وقد اقترحت إثارة الموضوع في "النهار" او "نهار الشباب" ليس فقط للتاريخ... وانما للمستقبل
__________________



 
رد: لبنان سبق إسرائيل في صناعة الصواريخ. بين "الأرز 1" و "الأرز 8" إنجاز أسقطته المصالح دو

معلومات وافرة وغنية جدا احلي تقييم نعم لبنان والبعض لا يعرف متميز جدا كان في الصناعات العسكرية وكان يوجد قاعدة صواريخ في لبنان والصواريخ كانت تعمل بالوقود الصلب ولو اكملنا لجارينا دول العالم
ولاسف اخي المخترعين اللبناني وهم كانو طلاب في وقتها الان يعمل بعضهم في دول الغربية والبعض في وكالة الفضاء الامريكية
22724bfa85bccd245.jpg
 
رد: لبنان سبق إسرائيل في صناعة الصواريخ. بين "الأرز 1" و "الأرز 8" إنجاز أسقطته المصالح دو

صورة صاروخ ارز على الطابع

rocket.jpg
 
رد: لبنان سبق إسرائيل في صناعة الصواريخ. بين "الأرز 1" و "الأرز 8" إنجاز أسقطته المصالح دو


شكراً اخي المغاوير على المجهود والمشاركة
الف تحية .




.
 
رد: لبنان سبق إسرائيل في صناعة الصواريخ. بين "الأرز 1" و "الأرز 8" إنجاز أسقطته المصالح دو

58495894898956.png
 
رد: لبنان سبق إسرائيل في صناعة الصواريخ. بين "الأرز 1" و "الأرز 8" إنجاز أسقطته المصالح دو

بعض أعضاء النادي أصبحوا في ذمّة الله، ولكن المحزن أن غالبيتهم استجابوا للعروض المغرية للعمل والإقامة في الولايات المتحدة الأميركية وحصلوا على وظائف ومراكز بارزة.

saidaonline2011z.jpg

 
رد: لبنان سبق إسرائيل في صناعة الصواريخ. بين "الأرز 1" و "الأرز 8" إنجاز أسقطته المصالح دو

والله فعلا خساره بس التحسر ماينفع

لازم يعدون ترتيب اوراقهم من جديد
 
رد: لبنان سبق إسرائيل في صناعة الصواريخ. بين "الأرز 1" و "الأرز 8" إنجاز أسقطته المصالح دو

بارك الله في الاخ على الموضوع
صححت لنا بعض المعلومات نجهلها على لبنان الشقيق
كنا نعتقد ان العراق الحبيب كان الاول من دخل مجال صناعة الصواريخ
 
عودة
أعلى