التربية الإسلامية بين المعلمين والمتعلمين/د. بدر عبد الحميد هميسة

Nabil

خـــــبراء المنتـــــدى
إنضم
19 أبريل 2008
المشاركات
22,784
التفاعل
17,901 114 0
التربية الإسلامية بين المعلمين والمتعلمين

الدكتور بدر عبد الحميد هميسه

1- معني التربية ونشأتها في الإسلام :

تعني كلمة التربية كما وردت في معاجم اللغة ( التنمية ) يقال :رباه: نماه , والتربية ببساطة : وسيلة أي نظام أو مجتمع لبناء الإنسان وفق تصورات هذا النظام , أو ذلك المجتمع , وبناء الإنسان هنا , يعني تهذيبه وإصلاحه , وتنمية قدراته العقلية والجسدية , والروحية والعاطفية , والأخلاقية والسلوكية, وذلك لاقداره علي كسب حياته الدنيا في مستوى يليق بكرامته كإنسان ,وكسب حياته الأخرى في مستوى يرضى عنه ربه وخالقة , والتربية بهذا المعنى جزء من صميم النظام الإجتماعى الإسلامي , ولقد قامت التربية في الإسلام علي عنصرين مهمين هما : القران الكريم والسنة المطهرة , وبهذين المصدرين سبق الإسلام ما عداه من حضارات في صيغة مثل وقيمة ذات خصائص واضحة المعالم , بارزة السمات , فكانت التربية , وكان التعلم هما الأصل الذي يقوم علية الدين , ويهدف إليه , فليس الهدف من التعلم حشو الذهن بالمعلومات , إنما الهدف منه : تربية الإسلام , وإنتاج إنسان منتج يخدم نفسه ومجتمعة وامتة ومن هنا فقد وضع الإسلام الأساس التي ينبغي أن يسير عليها كل من المعلمين والمتعلمين .

2- خصائص المعلم الجيد :

المعلم الجيد هو من يضع نفسه موضع القدوة لمن يأخذ العلم عنه , قال عقبة بن أبي سفيان لمؤدب ولده : " ليكن أول ما تبدأ به من إصلاح بني إصلاح نفسك فإن أعينهم معقودة عليك , فالحسن عندهم ما استحسنت , والقبح عندهم ما استقبحت ".
كما أن على المعلم أن يتجرد لله عز وجل فيبتغي من علمه مرضاة الله وإرشاد الخلق إلى الحق , وتكثير العلماء , وتقليل الجهلاء , كما أن عليه أن يظل مشتغلاً بالعلم قراءة وإقراءً ومطالعة ومذاكرة وتصنيفا.
ومن الآداب التي يجب أن يراعاها المعلم في نفسه :المداومة على الطهارة والنظافة والتطيب , ويصون مجلسه من اللغط والغلط .
ومن آدابه مع طلبته :أن يرغبهم في العلم ويخلص نيته لله في ذلك ويعامل طلبته كبعض ولده , ويعدل بينهم ويسعى في مصالحهم ويقومهم على الطريق القويم .

3- بعض آداب المتعلمين :

للمتعلم آداب يجب أن يراعيها في نفسه , ومع علمه , وفي درسه م هذه الآداب : تطهير قلبه من آفاق القلوب الكثيرة , وأن يحسن النية , ويأخذ نفسه بالورع وينقاد لمعلمه ويحترمه , ويعرف له حقه , فقد رفع الله قدر العلماء في كتابه الكريم وكرمهم حيث قال : { يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ }(11) سورة المجادلة . وعَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : لَيْسَ مِنْ أُمَّتِي مَنْ لَمْ يُجِلَّ كَبِيرَنَا وَيَرْحَمْ صَغِيرَنَا وَيَعْرِفْ لِعَالِمِنَا حَقَّهُ. أخرجه البخاري في " الأدب المفرد " ( 358 ) و أحمد ( 2 / 207 ).
ومن آداب المتعلم – كذلك- الانتظام في الدراسة والتحصيل وبذل الجهد في ذلك ،
قال الشاعر :
بقدر الكد تكتسب المعالي* * * ومن طلب العلى سهر الليالي
تروم العز ثم تنام ليلا* * * يغوص في البحر من طلب اللآلئ
علو الكعب بالهمم العوالى* * * وعن المرء في سهر الليالي
تركت النوم ربى في الليالي * * * لأجل رضاك يا مولى الموالى
ومن رام العلى من غير كد * * * أضاع العمر في طلب المحال
فوفقنى إلى تحصيل علم * * * وبلغني إلى أقصى المعالي​
وقال آخر :
إذا كان يؤذيك ريح الخريف* * * ويؤذيك حرّ المصيف وبرد الشتا
ويُلهيك حُسن زمان الربيع* * * فأخذك العلم قل لي: متى؟!​

وهكذا نرى شمولية الإسلام وعظمة منهجه في التربية والتي راعى فيها جميع جوانب العملية التربوية ووضع الأسس الشاملة التي يسير عليها الناس في هذا الأمر .

المراجع:

1- المعجم الوسيط 1/326.
2- النووي : المجموع 1/30.
3- الجاحظ : البيان والتبيين 2/53.
4- ابن جماعة : تذكرة السامع والمتكلم في أدب العالم والمتعلم ص 15 وما بعدها

عن رابطة أدباء الشام
 
التعديل الأخير:
عودة
أعلى