بلدان الخليج العربي في التفكير الستراتيجي الإيراني ليست سوى مشاريع غزو وضم والحاق
هل كان الاكتشاف الأمني الكويتي الأخير لشبكة تجسس إيرانية عميلة للحرس الثوري الإيراني مجرد "كلام فاضي" أو أوهام و تخرصات صحافية ? او "فبركات" إعلامية ? او مؤامرة صهيونية كما يشيع النظام الإيراني على الدوام ? و لا أدري هنا أيضا هل ان تهديدات قادة الحرس الثوري لدولة الإمارات العربية هي دعاية صهيونية ? وهل شبكات غسيل الأموال ودعم الجماعات الإيرانية في البحرين وغيرها هي مؤامرة امبريالية ? وهل كان خطف طائرة "الجابرية" الكويتية قبل عشرين عاما و نيف عملا من اعمال الجن لا علاقة للنظام الإيراني به أبدا ? وهل من دبر تفجيرات الحرم المكي عام 1989 كان من جماعة الجيش الأحمر الياباني أم منظمة "بادر ماينهوف" اليسارية الألمانية ? وهل من حاول اغتيال أمير الكويت الراحل الشيخ جابر الأحمد كان منظمة "الدرب المضيء" في البيرو ? أم ثوار الأدغال و الغابات الكويتية من جماعة الرفيق ماوتسي تونغ المنتشرة في غابات شرق حولي وفق رأي المطرب محمد البلوشي? أم أنه تجسيد حقيقي و نموذجي لطبيعة الخطر الكامن في سلوكيات و تصرفات و أجندة المؤسسات الأمنية الإيرانية التي تعمل منذ عقود ثلاثة لتمهيد الساحة الخليجية ليوم الهيمنة و السيطرة الإيرانية الموعود وهي عملية مصيرية جندت إلى ادواتها فيها إيران كل احتياطياتها وخططها و سلسلة عملائها الطويلة إضافة لأدواتها ووسائلها التبشيرية و التمويلية في المؤسسات الدينية و المذهبية التي تستثمرها من اجل تحقيق مآربها , الأطماع الإيرانية في دول الخليج العربي ليست جديدة و لا طارئة أبدا بل إنها ذات مسار تاريخي متسلسل و متصاعد يبدأ من محاولات التسلل الطائفي و لا ينتهي عند التسلل و الاختراق للمؤسسات الأمنية و السيادية و الحساسة في دول الخليج العربي و محاولة اختراق منظوماتها الأمنية بأدوات محلية قد تكون بعيدة كل البعد من إثارة الشبهات و بوسائل و أساليب تجنيد استخبارية معروفة و عصرية من بينها الإبتزاز و الجنس و الإغراءات المادية وحتى النفسية غير الولاءات الدينية و الطائفية و الأمور الأخرى المعروفة و من أهمها وجود اللوبي الإيراني المالي الضخم في الخليج العربي و الذي يوفر مساحات تجنيد و توسيع هائلة لشبكة الاتصالات وهي قصة و ملف ليس غائبا بالمرة عن تفكير وخطط الأجهزة الأمنية في الخليج العربي ولكن هناك العديد من الاعتبارات السياسية والديبلوماسية وحتى المصلحية التي تجعل الأمور عائمة رغم أن كل الحقائق معروفة للجميع , الانكار الإيراني لحقيقة شبكات التجسس التابعة للحرس الثوري او لجهاز "إطلاعات" لا يغير من الأمر شيئا بالمرة , فالستراتيجية الأمنية الإيرانية منذ عام 1980 تتبنى مبدأ اسقاط الأنظمة السياسية في الخليج العربي و استبدالها بمجاميع تدين بالولاء الإيراني التام تمهيدا للضم و الهيمنة الإيرانية الكاملة على المنطقة تحت شعار "الوحدة الإسلامية" و أكبر العقبات التي تواجه هذا المشروع العراق و المملكة العربية السعودية ,ففي الحالة العراقية انتهت الدراما هناك بقصة الاحتلال الأميركي و إنهاء العراق بالكامل بعد تسليم مفاتيح السلطة و الحكم هناك لعملاء النظام الإيراني بسبب الغباء الستراتيجي و الهمجي لنظام صدام حسين الذي أجهز على العراق قبل أن يجهز عليه الآخرون , وتبقى السعودية اليوم هي الهدف الإيراني المركز حيث تصاغ الستراتيجية الإيرانية بشكل يهدف للمساعدة على تقسيم المملكة وزرع الفوضى الداخلية و تشجيع تيارات التطرف ك¯ "القاعدة" وغيرها عبر توفير الملاذات الآمنة لهااضافة إلى شن الحملات الإعلامية المغرضة وهي عملية تخصص بها تلفزيون "العالم" الإيراني ? ورغم بؤس وفشل تلك الحملات كما فشلت حملات كثيرة قبلها فإن الإصرار الإيراني على اختراق المنظومة الأمنية الخليجية هو أمر مصيري لا رجعة عنه فتلك البلدان في التفكير الستراتيجي الإيراني ليست سوى مشاريع غزو وضم والحاق مؤجلة , وحجم الخلايا السرية الإيرانية و الجواسيس المتواجدة في دول المنطقة أكبر من كل ماهو متوقع و معلن , وما طفا أخيراً على السطح في البحرين و الكويت ليس سوى الجزء الظاهر من جبل الجليد الإيراني المختفية تضاريسه الحادة تحت مياه الخليج العربي الدافئة , الحقائق و المعلومات غير القابلة للتداول تقول إن النظام الإيراني يمتلك شبكات واسعة جدا من العملاء بعضهم قد يكون مفاجأة ولكن ليس كل ما يعرف يقال في ظل الفوضى المعلوماتية القائمة و التحسب المبالغ به من ردود الأفعال الإيرانية و التخوف من سيناريوهات التصعيد الإقليمية المقبلة , المفاجآت المقبلة ستكون رهيبة.. و الله يستر.
كاتب عراقي
[email protected]