رد: موضوع الاسبوع (المناورات العربية الغربية من المستفيد الاكبر وما هيا اهدافها ؟؟)
دعوها فإنها منتنة!!
الحمد لله رب العالمين، والعاقبة للمتقين، ولا عدوان إلا على الظالمين، والصلاة والسلام على رسوله الأمين، وعلى آله وصحبه الميامين، وعلى التابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين.
أما بعد:
فقد جاء الإسلام والناس في جاهلية جهلاء، جاهلية في المعتقد، جاهلية في العبادات، جاهلية في المعاملات، جاهلية في الأخلاق، جاهلية بكل ما تحمله كلمة جاهلية من معنى، فأخرج الله به الناس من الظلمات إلى النور، ومن الجور والظلم إلى القسط والعدل، ومن المعتقدات الفاسدة إلى العقيدة الصحيحة، عقيدة خلاصتها (لا معبود بحق إلا الله)، ومن الأخلاق المنحلة إلى الأخلاق الحسنة.
جاء الإسلام فوضع الضوابط، وقعد القواعد، وأصل الأصول، لحياة البشرية؛ ومن القواعد التي وضعها الإسلام؛ قاعدة: أنَّه لا فضل لعربي على عجمي إلا بالتقوى؛ فعن أبي نضرة قال حدثني من سمع خطبة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في وسط أيام التشريق، فقال: (
يا أيها الناس: ألا إنَّ ربكم واحد، وإنَّ أباكم واحد، ألا لا فضل لعربي على أعجمي، ولا لعجمي على عربي، ولا لأحمر على أسود، ولا أسود على أحمر إلا بالتقوى، أبلغت؟)؛ قالوا: بلغ رسول الله -صلى الله عليه وسلم-...
1. واسمع إلى الحق-جل وعلا- وهو يقول: {
يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ}سورة الحجرات: (13).
جاء الإسلام وكان أصحاب الجاهلية لديهم بعض الأخلاق الحسنة من نجدةٍ الملهوف، وإكرام الضيف، ونصر للمظلوم، وغيرها، وجاء الإسلام لتثبيت ذلك والحث عليه. ولكن الإسلام جاء وعند أصحاب الجاهلية أخلاق سمجة قبيحة مستهجنة، ومن الأخلاق التي كانت في الجاهلية؛ خلق العصبية للقبيلة على الباطل، فجاء الإسلام ونفّر منها، وصور ذلك الفعل القبيح تصويراً بليغاً، فقال الرسول -صلى الله عليه وسلم-: (
مثل الذي يعين عشيرته على غير الحق مثل البعير ردي في بئر فهو يُنْزع بذنبه)
2. وفي الحديث الشريف: (
من قاتل تحت راية عُمِّيَّة يغضب لعصَبة أو يدعو إلى عصبة أو ينصر عصبة فقُتل فقِتْلةٌ جاهليةٌ)
3، والعمية هي الأمر الأعمى لا يستبين وجهه. وقال تعالى: {
لا تَجِدُ قَوْماً يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ والْيَوْمِ الآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ ورَسُولَهُ ولَوْ كَانُوا آبَاءَهُمْ أَوْ أَبْنَاءَهُمْ أَوْ إخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ} سورة المجادلة: (22). قال أهل العلم في سبب نزول هذه الآية: إنها نزلت في أبي عبيدة حين قتل أباه يوم أحد، وفي أبي بكر حين دعا ابنه للمبارزة يوم بدر، وفي عمر حيث قتل خاله العاص بن هشام يوم بدر، وفي علي وحمزة حين قتلوا عتبة وشيبة ابني ربيعة والوليد بن عتبة يوم بدر
4.
جاء الإسلام والقبائل متناحرة فيما بينها، كل قبيلة تحط من شأن الأخرى، كل فرد أفراد القبيلة يقاتل من أجل قبيلته، ويفرح لفرحها ويغضب لغضبها؛ حاله كما صوره دريد بن الصمة:
وما أنا إلا من غزية إن غوت *** غويت وإن ترشد غزية أرشد
فعمل الإسلام على غرس ربطة الدين، ووشيجة العقيدة،لأنها هي الوشيجة التي "يتجمع عليها الناس في هذا الدين، ليست وشيجة الدم والنسب، وليست وشيجة الأرض والوطن، وليست وشيجة القوم و العشيرة، وليست وشيجة اللون واللغة ولا الجنس والعنصر، ولا الحرفة والطبقة إنها وشيجة العقيدة". فقد جمعت هذه العقيدة صهيباً الرومي، وبلالاً الحبشي، وسلمان الفارسي، وأبا بكر العربي القرشي تحت راية واحدة، راية الإسلام، وتوارت العصبية، عصبية القبيلة والجنس والقوم والأرض، وهاهو مربي هذه الأمة وقائدها -عليه الصلاة والسلام- يعلم ويربى إذ يقول لخير القرون كلها مهاجرين وأنصار: (
دعوها فإنها منتنة)..
وما هي؟
صيحة نادى بها أنصاري: ياللأنصار، وردَّ مهاجري: ياللمهاجرين فسمعها رسول الله فقال: (
ما بالُ دعوى جاهلية؟) قالوا: يا رسول الله كسَعَ رجل من المهاجرين رجلاً من الأنصار، فقال: (
دعوها فإنها منتنة)
5. حقاً إنها منتنة..
وقال صلى الله عليه وسلم: (
ليس منَّا من دعا إلى عصبية، وليس منَّا من قاتل على عصبية، وليس منَّا من مات على عصبية)
6. فانتهى أمر هذا النتن، وماتت نعرة الجنس واختفت لوثة القوم.. ومنذ ذلك اليوم لم يعد وطن المسلم هو الأرض، وإنما وطنه هو دار الإسلام تلك الدار التي تسيطر عليها عقيدته وتحكم فيها شريعة الله وحده
7.فالعقيدة تذيب العصبية، وتستفيد من رابطة القرابة، وتستعلي على المصلحة الشخصية والقبلية، ويكون المسلم ضد هواه، صلته بربه قوية، علاقته مع إخوانه المؤمنين وطيدة.. وكلما ضعف رابط العقيدة، وتخلخل صفاء التوحيد، برزت العصبية من جديد، والهوى والنزوات
8. والله الموفق
الخطبة الثانية:
الحمد لله العلي الأعلى الذي خلق فسوى، والذي قدر فهدى، والصلاة والسلام على النبي المجتبى، وعلى آله وصحبه ومن اقتفى.
أما بعد:
<FONT face="traditional arabic">كما ذكرنا سابقاً أن التعصب للقبيلة على الباطل خصلة من خصال أهل الجاهلية، فقد قال النبي-عليه الصلاة والسلام- لأبي ذر الغفاري-رضي الله عنه- لما بلغه أنه عير بلالاً بأمه: (
إنك امرؤٌ فيك جاهلية) أي ما زال فيك خصلة من خصال الجاهلية؛ لأنهم كانوا يتفاخرون بالأحساب، ويطعنون في الأنساب؛ كما جاء في الحديث الصحيح: (
أربع في أمتي من أمر الجاهلية لا يتركونهن: الفخر في الأحساب، والطعن في الأنساب، والاستسقاء بالنجوم، والنياحة)9. وعن أبي هريرة-رصي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- : (<FONT color=blue>اثنتان في الناس هما بهم كفر: الطعن في النسب، والنياحة %