الأسلحة السرية للمخابرات الأمريكية

طيار سعودي

عضو مميز
إنضم
27 مارس 2008
المشاركات
881
التفاعل
13 0 0
بتاريخ 4 يناير 2006م، وفي يوم من أيام الشتاء في واشنطن، استدعى الرئيس الأمريكي (جورج بوش) الملحقين الصحفيين في البيت الأبيض، وكّلفهم آنذاك أن ينقلوا إلى العالم كله رسالة تقول: "إن الولايات المتحدة لم تسمح ولن تسمح أبداً بأعمال التعذيب المزعومة التي قامت بها القوات المسلحة والأجهزة السرية للبلاد، وبخاصة وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية، للحصول على معلومات مفيدة ضد الإرهاب، والتي قد بدأت قبل خمس سنوات بعد التفجيرات التي استهدفت برجي التجارة العالمية في نيويورك، ووزارة الدفاع في واشنطن".
إن وكالة الاستخبارات المركزية قد طوّرت - منذ بداية فترة الحرب الباردة، التي سادت في العلاقات بين المعسكرين الرأسمالي والاشتراكي منذ مطلع سنوات الخمسينيات في القرن الماضي - عدداً من (برامج البحث)، على أساس استخدام التعذيب الجسدي والعقلي، وصولاًًً إلى الأسلحة الكيماوية.
وكانت الوكالة قد موّلت في الخمسينيات مستوصفات أمريكية، قامت باستخدام كميات كبيرة من المخدرات لأشخاص أبرياء، يعانون من حالة إحباط نفسي، أو لمرضى عقليين، أو عرّضتهم لصدمات كهربائية، ومعاملات لا إنسانية أخرى، وكان الهدف من ذلك هو الحصول على معلومات حول (آلية تصرّف) أعداء الولايات المتحدة من الشيوعين آنذاك.
ويؤكد بعض المحللين على أنه جرى تجريب مواد قاتلة، مثل(الانثراكس)، على مستوى واسع على العدو، وأثناء الحرب الكورية في مطلع خمسينيات القرن الماضي، وعلى المساجين وأصحاب الآراء المناهضة، وكان وجود مثل هذه الأسلحة بالتحديد وراء تبرير الحرب ضد العراق في ربيع 2003م.
إن أشكال التعذيب والإذلال التي شهدها سجن (أبو غريب) وغيره في العراق، أو في عدد من بلدان أوروبا الشرقية نفسها، أو في معتقل (جوانتانامو)، ليست انحرافاً مرتبطاً بظروف استثنائية ولدتها الحرب ضد الإرهاب، وإنما هي بالأحرى سلوكيات لها جذورها، بل لها تعليماتها المحددة في كتاب دليل أعدته وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية.
وقد لجأت وكالة الإستخبارات المركزية الأمريكية إلى آلية متمثلة في (التحويل الاستثنائي) لمعتقليها إلى مراكز استجواب موجودة خارج إطار حماية العدالة الأمريكية. وقد جاء في تقرير يحمل عنوان: "التقنيات المحسنة للاستجواب"، أنه من المسموح اللجوء إلى الضرب على البطن في مستوى المعدة، وكذلك ترك الخاضع للاستجواب واقفًا لفترة طويلة، ولمدة قد تصل إلى (40) ساعة، وقدماه متسمرتان على الأرض.
ويؤكد بعض المراقبين على أن وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية لجأت خلال عام 2006م إلى إبرام عقود مع العديد من الأطباء في بلدان مختلفة لحضور جلسات الاستجواب، التي حدد أشكالها دليلان صادران عن الوكالة، ويتم التذكير فيهما على أنه عندما يتم تحضير صالة الاستجواب ينبغي أولاً القيام بدراسة جيدة للإنشاءات الكهربائية كي تكون المحولات أو أجهزة تغيير قوة التيار الأخرى جاهزة في لحظة الشروع بالصدمات الكهربائية.
ويتم التحذير من إمكانية أن يؤدي الألم الجسدي الحاد إلى القيام باعترافات كاذبة، ولذلك، ينبغي حساب حدة الألم المثار بدقة، وبالتالي، فإنه من الأفضل حضور طبيب، ويمكن للمخدرات أن تكون فعالة من أجل التغلب على المقاومة التي لم تنجح التقنيات الأخرى في قهرها. ويجب أن تؤخذ بالحسبان شخصية الخاضع للاستجواب، وكمية الجرعة، ومدتها، والأشخاص الذين يسحقهم الإحساس بالعار، والإحساس بالذنب، قد يستجيبون بسهولة لإراحة ضمائرهم بواسطة المخدرات.
إن سجن (جوانتانامو) يعج بالسجناء الأفغان أو الباكستانيين، الذين جرى اعتقالهم من دون أسباب جدية، وهم في أغلب الأحيان رجال وشى بهم أشخاص يولون اهتماماً أكبر بالمكافأة المالية. ويؤكد المحامون المختصون بحقوق الإنسان أن 8% فقط من المعتقلين جرى تصنيفهم كأعضاء في تنظيم القاعدة، وأن أقل من نصفهم قاموا بأعمال معادية ضد الولايات المتحدة الأمريكية. لكن البيت الأبيض رفض القيام بأي تعليق حول ما يجري في معتقل جوانتانامو، أو في "المواقع السوداء" الأخرى، التي لا تتماشى مع إتفاقية الأمم المتحدة الموقعة عام 1984م، والتي تمنع اللجوء إلى التعذيب، والموقعة من قبل الولايات المتحدة، والتي تعرّف التعذيب بأنه: "القيام بأي عمل بدني أو معنوي يستهدف قصداً شخصاً ما من أجل الحصول منه أو من شخص آخر على معلومات أو اعترافات، ومعاقبته أو معاقبة شخص آخر لأعمال يظن باقترافها، أو ابتزازه والضغط عليه". كذلك، تمنع الاتفاقية إرسال المشبوهين إلى بلدان هناك أسبابٌ وجيهةٌ تدعو للاعتقاد بأنه سيتم تعذيبهم فيها.
وفي تقرير - أعدّه في نهاية يناير 2006م، المحامي المكلف من قبل المجلس الأوروبي للتحقيق في مسألة تحويل السجناء إلى المواقع السوداء - ذكر أن مائة شخص، على الأقل، طالتهم تلك العملية منذ عام 2004م، وقد جرى منع هذا المحامي من زيارة مواقع الاستجواب، ولذلك اكتفى في تقريره بالمعلومات التي أدلى بها شهود مستقلون.
 
بالفعل التعذيب منهجي ومنظم ... وهم يدعون أنه أعمال فردية ...
 
عودة
أعلى