مقاومة القبائل الصحراوية للاحتلال الفرنسي في الثلث الأول من القرن العشرين
الأستاذ علال الخديمي
الأستاذ علال الخديمي
مدخل :
الهدف من هذه الدراسة، هو إلقاء نظرة عامة وموجزة، تضع مقاومة القبائل الصحرواية في إطارها الوطني الشامل، لأن هذه الحقيقة تجاهلتها الدراسات الأجنبية، التي وإن أشارت إلى تبادل الدعم بين أبناء المغرب، أي بين الشمال والجنوب، فبدافع الضغط على الدولة المغربية آنذاك لتحقيق أهداف المحتلين في فصل أجزاء المغرب ووضع الحواجز بين المغاربة في الشمال والوسط والجنوب الصحراوي.
وبادئ ذي بدئ، يجب أن ننبه إلى الملاحظات الآتية :
1- إننا سنقتصر على مقاومة الاحتلال الفرنسي، لأن معظم معارك الصحراء جرت ضد الفرنسيين.
2- سنقتصر على أشهر المعارك، ولن نتعرض لكل أسماء القبائل لأن كل القبائل الصحراوية، سواء المنتمية اليوم للدولة الموريطانية أو المنتمية للوطن الأم، المغرب، كلها شاركت في الجهاد ضد المحتلين وقدمت التضحيات الكبيرة في سبيل الدفاع عن استقلال المغرب ووحدته إلى حدود 1934، حيث تمكن الاحتلال الفرنسي من إخضاع المغرب.
3- إننا إذا قلنا جنوب المغرب فإننا نقصد به الجنوب الصحراوي إلى حدود السينغال، انسجاما ممع الحقائق التاريخية، ما دمنا نتحدث عن الفترة الممتدة من نهاية القرن الماضي إلى 1934، مثلما نتحدث اليوم عن جنوب المغرب الذي ينتهي عند الحدود الموريطانية.
4- ولقد قسمنا هذه الدراسة إلى مقدمة، ومرحلتين، تعرضنا في المرحلة الأولى لفشل مشروع التدخل السلمي الذي بدأه الفرنسيون مبكرا انطلاقا من السينغال، ثم عرضنا أهم الأحداث التي ميزت مقاومة القبائل الصحراوية ابتداء من سنة 1905 التي كانت سنة متميزة في تاريخ المغرب.
مقدمة منهجية :
من أخطر ما تمنى به الشعوب في تاريخها هو تشويه مبادئها النضالية، وطمس مظاهر توحدها ووحدة أهدافها وآمالها وتطلعاتها. وإذا كان دعاة الاستعمار والهيمنة، قد بذلوا أكبر الجهود الفكرية والمادية، لزرع أسباب الفرقة بين عناصر الشعب الواحد، ليسهل عليهم التغلب انسجاما مع الموجة الاستعمارية التي كانت تتحكم فيها نواميس التوسع الإمبريالي، فإن الشعب المغربي كان في مقدمة الشعوب التي تعرضت للتفتيت والتمزيق بهدف التغلب على صموده ومقاومته.
ولقد أبان المغاربة خلال تاريخهم الطويل، عن وحدة شاملة كان سداها الإسلام ولحمتها التاريخ المشترك بمآثره ومحاسنه ومساوئه ومآسيه، ميدانها أرض معطاء، جللها خالقها بأكاليل الجمال الطبيعي، وعقود التنوع البيئي. فما شئت من جبال شاهقة خضراء وسهول خصبة فيحاء، وصحاري ممتدة، تحتضن جنات تجري من تحتها الأنهار تغري بحب الحرية الحرية والشجاعة والتواصل الإنساني.
إن مآثر الشعب المغربي الوحودي، وغناه الطبيعي، كل تلك المزايا كانت سندا ودافعا للصمود في وجه أعتى موجات الاحتلال الأجنبي منذ عهد رومان إلى عهد الاستعمار الحديث.
هذه مميزات أصيلة للتكامل، قلما ينعم بها بلد مثلما هو حال المغرب، ولهذا
حاولت الأوساط الاستعمارية، بكل ما أوتيت من خبرة وقوة وتنظيم وعلم، أن تعزل المغاربة عن بعضهم، حتى لا يتبادلوا "الدعم والعون، وحتى يئسوا من تحقيق آمالهم في الحرية والاستقلال، كما حاولت أن تطمس كل ما يثير الوعي والحمية الدينية وتنشر كما يبعث على اليأس والإحباط. وهكذا جزئ المغرب إلى مناطق نفوذ إسبانية ودولية وفرنسية وإلى مناطق أخرى قالوا عنها إنها أرض خلاء.
وعن مقاومة المغاربة تحدثوا عن مقاومة سهلية وأخرى جبلية وعن مقاومة ريفية وبربرية وصحراوية غافلين عن الروابط الدينية والوطنية التي كانت تدفع المجاهدين إلى تبادل العون والنصح والتشجيع تقاسم الآلام والآمال في طرد الغزاة الأجانب.
وإذا كان من الطبيعي أن تعمد الأوساط الاستعمارية إلى الدس وإلى تشويه الحقائق لإنجاح مخططاتها، فإن الأمر الشاذ هو ان يتحدث المغاربة كما تحدث الأجانب عن مقاومة الشعب المغربي وكأنها حركات مفصولة العرى المادية والثقافية والروحية. وإن الحديث عن مقاومة أي إقليم من الأقاليم أو أي قبيلة من القبائل ينبغي رؤيته متصلا بمحيطه البشري المغربي الشامل.
إن من يجتهد ليقف في صفوف المجاهدين المغاربة، الدين قارعوا الاحتلال الاستعماري سيعرف - بالاعتماد على التحقيق التاريخي العلمي - بأن جهاد المغاربة في الجنوب الصحراوي كان يستمد العون والدعم المادي والمعنوي من إخوانهم في الشمال، سواء على المستوى الرسمي أو على المستوى الشعبي. إن هذه الحقيقة واضحة وثابتة ومؤكدة. لأن الأمر كان يتعلق باحتلال أجنبي نصراني لأرض مغربية مسلمة.
وهكذا، لا مندوحة لنا، من التأكيد في النهاية، على أن عمليات الجهاد التي كانت القبائل الصحراوية تنفذها ضد القوات الفرنسية في أدرار والترارزة وتكانت وفي باقي الأقاليم الصحراوية كالحوض والساقية الحمراء ووادي الذهب، كانت تنظم بأموال الشعب المغربي وأسلحته ودعمه، وكانت لشيوخ القبائل ومقدميها وضمانها الحرية الكاملة في التخطيط والتنفيذ انسجاما مع المميزات المحلية، هذا من جهة.
ومن جهة أخرى، فكم من عقبة وضعها المغاربة أمام المحتلين في شمال البلاد وعرقلوا بها أهدافهم، كان العنصر الصحراوي أساسيا فيها.
ويكفي دليلا، على ترابط وتلاحم المغاربة في جهادهم، أن خطط الاستعمار لم تكن تنجح إلا بعد التنسيق بين جيوش الاحتلال في الشمال والجنوب، وأن نجاح المحتلين في إنهاء جهاد القبائل الصحراوية لم يتم إلا بعد أن تمت السيطرة على الشمال في سنة 1934.
أولا : حركة الجهاد في المرحلة الأولى 1905-1913.
1- فشل مشروع كوبولاني :
بعد مسلسل طويل من "التدخل السلمي" الذي بناه المستعرب الفرنسي (Xavier Coppolani)، على الدسائس واستغلال المنافسات بين الفرق القبلية، وبين زعماء الدينيين والسياسيين، تمكن الفرنسيون من بسط نفوذهم على منطقة الترارزة والبراكنة بين 1998 و 1904. ولما حاول كوبولاني مد الاحتلال الفرنسي إلى إقليم تكانت صادف مقاومة عنيدة تزعمها أمير المنطقة الشيخ بكار ولد سويد، شيخ قبائل إدواعيش وزعيم الإقليم منذ 1836. فقد جمع هذا المجاهد الصحراوي الكبير حوله كل المعارضين لسياسة التوسع الفرنسي شمال نهر السنغال، وحارب المحتلين إلى أن سقط شهيدا في أبريل 1905(1).
والملاحظ أن هذه السنة 1905، التي جعلناها بداية للحديث عن جهاد صحراويين، تعتبر ذات دلالة عميقة في تاريخ المغرب، فلقد توترت العلاقات الفرنسية المغربية بشكل كبير خلالها وظهرت عواقب ذلك التوتر في الضغوط العسكرية التي مارسها الفرنسيون في الشمال والجنوب.
وغير خاف أن توتر العلاقات الفرنسية سنة 1905، يرجع إلى ما أعقب
الاتفاق الودي بين أنجلترا وفرنسا سنة 1904 من تطورات. فقد اتهم المغاربة
الفرنسيين والإنجليز بالتصرف في مصير الشعب المغربي دون استشارته وترتب عن ذلك
رفض المغرب لكل تعاون منفرد مع فرنسا، وأفشل السلطان مولاي عبد العزيز مشروع "الإصلاحات" الذي أرادت فرنسا بواسطة فرض حماية مبكرة على المغرب(2).
ومن مظاهر التوتر في علاقات المغرب مع فرنسا دعوة المغرب لعقد مؤتمر دولي، وتأييد ألمانيا لدعوته بزيارة الإمبراطور الألماني لمدينة طنجة في مارس 1905.
أما الرد الفرنسي، فقد جاء متنوعا : صراع دبلوماسي ضد ألمانيا، ضغط عسكري ضد المغرب ظهر في الحدود الجزائرية المغربية، وفي تشجيع الثائر (بوحمارة) في المغرب الشرقي وفي تنشيط التدخل العسكري شمال نهر النهر. أمام هذا التهديد الواضح لمصير المغرب كدولة مستقلة دعا سلطان المغرب شعبة للاتحاد وبذل العون للمخزن، بهدف المحافظة "على توفر القوة الإسلامية وأسبابها" وبين له الأضرار التي ستصيب البلاد والعباد إذ لم يبادر المغاربة للإتحاد والتعاون(3).
وإذا اعتمد المركز على الدفاع السياسي أو "سياسة الدفاع" فإن الشعب حمل السلاح وانتشرت بينه الدعوات المتكررة للجهاد ولقد كان اغتيال زعيم مسلسل "التدخل السلمي" في الصحراء كوبولاني في 12 ماي 1905، من طرف الشريف ولد سيدي مولاي الزين إعلانا بارزا بفشل مشروع التدخل السلمي المزعوم في جنوب المغرب وبداية لحرب طويلة بين المغاربة من جهة، وجيوش الاحتلال الجنبية من جهة أخرى.
2- تصعيد المقاومة الصحراوية بتشجيع من المخزن :
وقد تدخل السلطان مولاي عبد العزيز لمساعدة القبائل الصحراوية لما اتضح عزم
الفرنسيين إلى توسيع احتلالهم، وهكذا أرسل وفدا مخزنيا اتصل بوفود قبائل
الترارزة، والبراكنة وتكانت والحوض ووادي الذهب والساقية الحمراء، وعقد الاجتماع في السمارة بمقر الشيخ ماء العينين الذي أصبح هو المنسق لحركة الجهاد في الصحراء مع خليفة السلطان مولاي إدريس بن عبد الرحمان الذي تولى قيادة المجاهدين(4).
وقد حاصر المجاهدون بقيادة مولاي إدريس، الطلائع الأولى للفرنسيين في المراكز المتقدمة بتكانت وأذروهم بضرورة إخلاء تمانت. ثم نشبت معركة شديدة بين الجانبين في شهر نونبر 1906 تسمى معركة النييملان، كبد فيها الصحراويون قوات الاحتلال خسائر فادحة، وإثر هذه المعركة شدد المجاهدون الحصار على مركز تجيكجا مدة شهر. ثم تخلوا عن الحصار بعد وصول قوات فرنسية من السنغال مزودة بالمدفعية والرشاشات(5).
فورة الجهاد تعم المغاربة من المتوسط إلى نهر السنغال 1907-1909 :
أ- ظرفية سنة 1907 :
تعرض الذين درسوا الاحتلال الفرنسي للأقاليم الصحراوية لظرفية الجهاد سنة 1907، فأشاروا إلى هدوء في المقاومة. وذكروا أن سبب هدوء عمليات الجهاد يرجع بالدرجة الأولى إلى تراجع المجاهدين من أدرار نحو الشمال وإلى تردد كثير من القبائل الصحراوية في حمل السلاح ضد الفرنسيين(6).
والواقع أن هدوء 1907، يرجع بالدرجة الأولى إلى الضغط الذي مارسته الحكومة الفرنسية على المخزن المغربي. وقد ظهر ذلك الضغط بوضوح عندما دخلت القوات الفرنسية لمدينة وجدة واحتلها في 29 مارس 1907. فبعد هذا الاحتلال الذي وقع بمناسبة مقتل أحد الفرنسيين بمدينة مراكش، تقدمت فرنسا بمطالب تعجيزية للمغرب مقابل الجلاء عن وجدة. وقد جاء في مقدمة تلك المطالب، مطلب سحب الخليفة السلطاني من الأقاليم الصحراوية، والتوقف عن تحريض القبائل الصحراوية على الجهاد، ومنع إرسال الأسلحة إلى الشيخ ماء العينين.
حاول المخزن أن يصمد في وجه هذه المطالب أو التخفيف منها، لكنه اضطر في النهاية إلى قبولها وهو يعلم صعوبة تنفيذها، لأن نفوس المغاربة كانت محرصة ضد الاحتلال الفرنسي. لقد تخوف المخزن من تصعيد الاحتلال عبر الحدود الجزائرية، ورغب في جلاء القوات المحتلة عن مدينة وجدة، ولهذا أصدر أمره إلى الشيخ ماء العينين بإرسال مولاي إدريس بن عبد الرحمان إلى فاس للتشاور معه وبتهديء الوضع بالصحراء ريثما تنتهي المفاوضات مع الجانب الفرنسي بالطرق الدبلوماسية(7).
ومما جاء في رسالة السلطان إلى الشيخ ماء العينين :
وبعد، فإن الدولة الفرنسوية كانت تشتكي بأمور من جملتها، ما يدعونه من الأضرار اللاحقة بهم من رعيتنا السعيدة في نواحي الحدود بالصحراء وغير ذلك، ولما حدثت حادثة الطبيب الفرنسوي القتيل بمراكش إثر حوادث أخرى بالقتل والجرح لبعض الفرنسويين في غيرها من المدن، ظهر منها تشديد في طلب الإنصاف لها في كل ما تشتكي به ...(8)
هكذا إذن فسبب هدوء الوضع خلال سنة 1907 شمال نهر السنغال يرجع إلى ما كان من تطورات في عاصمة المغرب على أثر احتلال وجدة. وكأن هذا الاحتلال لم يكف الفرنسيين، لما رأوا صمود المغرب، فعمدوا إلى قنبلة الدارالبيضاء وشرعوا في احتلال بلاد الشاوية منذ غشت 1907. وهكذا أرغموا محزن مولاي عبد العزيز على "التعاون" معهم. وبذلك قضوا على مصداقيته لدى الشعب، الأمر الذي أدى إلى بيعة خليفة السلطان وأخيه مولاي عبد الحفيظ بهدف إخراج المحتلين من الأراضي المغربية(9).
ب- بيعة مولاي عبد الحفيظ وتصاعد حركة الجهاد :
كتب الضابط الفرنسي (Gillier) يقول : "بعد هدوء سنة 1907، أعقبته الفترة الأكثر اضطرابا في احتلالنا (للصحراء).
إن عودة السرية التي ذهبت تطلب المساعدة من سلطان المغرب جاءت معها إلى أدرار عناصر محبة للحرب ومسلحة جيدا، زادها تحريض ووعظ مرابط سمارة حدة وحماسا. وكانت توافقها جماعة من التلاميذ يتزعمها الشيخ حسانة بن ماء العينين الذي كلف بتنظيم القتال والذي سيؤدي مهمته بكثير منالذكاء والحنكة إن هذه الجماعة المشاغبة جعلتنا في حالة استنفار طيلة ما يقرب من سنة"(10).
الواقع أن وفرة الجهاد التي صاحبت بيعة سلطان الجهاد بفاس عمت المغرب من أقصاه إلى أقصاه. وهكذا نشبت المعارك في حدود المغرب الشرقية "بني يزناسن" وسواحل الغربية "الشاوية" وخاصة في الأقاليم الصحراوية.
وقد دفع حماس الجهاد الصحراويين، إلى بذل أقصى الجهود والتضحيات بهدف طرد المحتلين، فبين شهر مارس ودجنبر 1908 تعرضت القوات الفرنسية بالصحراء إلى أكثر من 135 هجوما، وبلغ عدد القتلى حسب الروايات الفرنسية 142 جنديا وضابطا وأهم نتيجة لهذه الفورة الجهادية هي انتشار الإشاعات بقرب انسحاب الفرنسيس من الأراضي التي احتلوها(11).
وتشير الدراسات الفرنسية إلى أن المغاربة ركزوا جهودهم في اتجاهين اثنين خلال هذه المدة :
أولهما : حماية أكجوجت بأدرار وكانت اهم نقطة متقدمة في الاحتلال.
ثانيهما : الوحدات العسكرية المهارية المتحركة، التي نظمت بتكانت بقيادة الضابط مانجان (Mangin)، الذي كان الصحراويون يقلبونه "بودرس" والذي اشتدت وطأته على المجاهدين بأدرار(12).
وقد توصل المجاهدون الصحراويون بعد معارك عديدة طاحنة، وبعد هجمات موفقة صادروا خلالها جمال القوات الفرنسية، وبعد ضربات متتالية لخطوط التموين وخطوط المواصلات، توصلوا إلى تحقيق الهدفين المشار إليهما. قال جيليي (Gillier) : "إن المغاربة تمكنوا من تحقيق الهدفين الرئيسيين المحددين : تحطيم مركز أكجوجت العسكري المتقدم، والقضاء على قواتنا المتحركة"(13).
ولإبراز هذه النتيجة علينا أن نروي ما حدث خلال معركة من المعارك العديدة. إن الأمر يتعلق بمعركة المعينن التي جرت وقائعها يوم 12 يونيو 1908.
فقبل أن ينشب الصحراويون القتال مع القوات الفرنسية، بعثوا برسالة إلى الضابط الفرنسي يقولون فيها : "ما الذي جاء بك إلى أرض الله هذه ... إن شهرتك تعدت حدود هذه البلاد، أما نحن فلا نخافك وسنقاتلك وجها لوجه وعددا بعدد، إنكم مائة وعشرون وسنكون نحن كذلك مائة وعشرين وسننتصر عليكم بإذن الله"(14).
وقد هاجم المجاهدون والقوة الفرنسية المتحركة بقيادة مانجان وقضوا عليها نهائيا، ثم قطعوا رأس مانجان وأرسلوه مع أحد الرماة قائلين له : "اذهب وبين للنصارى ما فعلنا ببودرس"(15).
وهكذا كان لبيعة مولاي عبد الحفيظ كسلطان للجهاد، ومساندته للمجاهدين الصحراويين، أثر فعال عظيم في الانتصارات التي حققوها سنة 1908 ضد القوات الفرنسية بالأقاليم الصحراوية الجنوبية، مثلما كان لتلك البيعة من أثر في تشجيع حركة الجهاد بالشاوية. ولمحاصرة حركة الجهاد المغربية، مارست الأوساط الاستعمارية ضغوطا كبيرة على عبد الحفيظ، وامتنعت عن الاعتراف به إلا بعد التخلي عن الدعوة للجهاد. وقد قررت في الوقت نفسه سلوك نهج جديد في الاحتلال بالأقاليم الصحراوية.
ج- حملة كورو واحتلال أدرار 1909 :
لما تبين للأوساط الاستعمارية بإفريقيا الغربية فشل العمليات العسكرية المحدودة جنوب المغرب أي في الأقاليم الموريطانية اليوم، قررت تهييئ حملة كبيرة وقوية لاحتلال أدرار أي بلاد شنقيط التي كانت مركزا رئيسيا للمقاومة الصحراوية وإبعاد القبائل المجاهدة نحو الشمال(16).
اعتمدت خطة كورو، وهو ايضا الضابط الذي كلف بقيادة الحملة، على نهج خطط عسكرية وسياسية واقتصادية ماكرة، بهدف إرغام القبائل المجاهدة على الخضوع للاحتلال. هكذا تقرر احتلال الواحات والآبار وفرض غرمات كثيرة على سكان الواحات، خاصة من المواد الغذائية ومصادرة قطعان الماشية، وبها ثم النقل لتوفير احتياجات الجيش الغازي من الغذاء والمركوب وبالتالي سلب وسائل القوة والصمود من يد القبائل(17)، وفي الوقت نفسه اتبع كورو خطة الحملات المتحركة أي نفس النهج الذي كان يتبعه الرحل، لكي يؤثر في القبائل المجاهدة مع بناء مراكز عسكرية ووضع قوات لحراستها. أما من الناحية السياسية فقد بحث قائد الحملة الفرنسية عن تكوين تحالفات سياسية، بهدف استغلال أطراف من السكان ضد أطراف أخرى وكان الهدف من العمل السياسي هو محاولة تخريب الهياكل الاجتماعية القبلية من الداخل(18).
وبعد معارك عديدة خاضتها القبائل المجاهدة بقيادة سيدي أحمد ولد أحمد عيدة أمير أدرار، تمكنت القوات الفرنسية من احتلال مدينة أطار في يناير 1909(19) وقد مثل احتلال أطار ضربة مؤلمة لحركة الجهاد، لأن المدينة كانت عاصمة الإقليم ومركزا للدارة والتنظيم وتموين المجاهدين.
وبعد احتلال أدرار أصبحت منطقة وادي الذهب الملجأ الآمن لقبائل أدرار حيث كانت تتزود بالمؤن والسلاح، وتنسق عمليات الجهاد مع قبائل المنطقة.
وقد عرفت سنوات 1910-1912 فتورا نسبيا ف عمليات الجهاد وإذا كان احتلال الواحات وأماكن الرعي والآبار قد حرم القبائل الصحراوية من إمكانية التزود بالماء والغذاء بسهولة، ودفعها - أو دفع بعضها - إلى مهادنة المحتل والتعايش معه؛ فإن فتور عمليات الجهاد الصحراوي سنتي 1910-1911 لا يجد تفسيره إلا بالوضع الذي كان يسود عاصمة البلاد، وما كان يمر به السلطان عبد الحفيظ من صعوبات خارجية وداخلية.
فعلى مستوى العلاقات المغربية الفرنسية، نلاحظ أن الفرنسيين شغلوا السفارة المغربية التي كان يقودها محمد المقري مدة طويلة في باريز. ورفضوا الجلاء عن وجدة وبلاد الشاوية والدار البيضاء. واشترطوا شروطا ثقيلة على السلطان مقابل إقراض المغرب لتصفية ديونه السابقة(20).
وإذا تحدث الفرنسيون عن ضرورة التعاون معهم لحل مشاكل المغرب، فإن إنذارهم للسلطان في فبراير 1910 بضرورة إبعاد المدربين الأتراك من الجيش المغربي، وبضرورة الموافقة على اتفاقيات المخزن مع الحكومة الفرنسية، قد تبين منه عزمهم على إخضاع السلطان عبد الحفيظ لهيمنتهم. يتضح ذلك من الخطوة العسكرية التي أقدم عليها جيش الاحتلال بالشاوية في يونيو 1910، عندما تدخل في تادلا بهدف إلقاء القبض على الشيخ ماء العينين الذي كان في طريقه من تزنيت إلى فاس(21).
وهكذا ففي الوقت الذي كان الفرنسيون يتحدثون عن التعاون المزعوم مع السلطان، كانوا يخربون علاقاته مع شعبه. ويجعلون مهمة صموده مستحيلة.
وبالفعل فقد أثاروا قضية أخرى مع المغرب هي قضية زعير التي زادت في تأزيم العلاقات الفرنسية سنة 1911. فمن مشروع احتلال قبائل زعير، تدخلت القوات الفرنسية لاحتلال عاصمة المغرب فاس في ماي 1911، وبهذا الاحتلال فتحت الطريق لفرض الحماية سنة 1912 بعد اتفاق ألمانيا مع فرنسا في نونبر 1911(22).
وعلى الرغم من هذه الوضعية التي كانت تنبئ بقرب نهاية مقاومة المغاربة تحددت عملية الجهاد بأشد ما يكون من الحماس والحدة. والواقع أن احتلال فاس، وعقد اتفاقية الحماية مارس 1912، قد أثار حمية المغاربة للجهاد وخاصة لما انتفضت طوابير الجيش المغربي ضد ضباطها الفرنسيين في أبريل 1912(23).
وازداد حماس القبائل للجهاد في الشمال والجنوب لما بويع الشيخ الصحراوي أحمد الهبة بن ماء العينين أميرا للجهاد بسوس غشت 1912 بعد شيوع أخبار تنازل مولاي عبد الحفيظ أو قتله من طرف الفرنسيين(24).
في هذه الظرفية تصاعدت حركة الجهاد بالأقاليم الصحراوية وانسحبت فرق عديدة من القبائل التي كانت قد هادنت المحتلين نحو الشمال لتنضم إلى المجاهدين. وألقى الفرنسيون القبض على أمير أدرار ولد عيدة بتهمة التواطؤ مع المجاهدين بعد الاتفاق مع الفرنسيين على الخضوع.
د- معركة البويرات 1913 :
واستجابة لهذه التطورات تزعم الأغظف بن ماء العينين بتنسيق مع أخيه أحمد الهيبة، حركة كبيرة من المجاهدين من قبائل وادي الذهب والساقية الحمراء. وقد حاصرت هذه الحركة قوة فرنسية كان يقودها الضابط (Martin)، وقضت عليها واستولت على جميع أسلحتها وجمالها وذخيرتها(25).
وقد أثارت هذه الواقعة ضجة داخل فرنسا. وإثرها نظم الفرنسيون حملة عسكرية قوية كان هدفها سحق القبائل بوادي الذهب والساقية الحمراء(26).
دخلت الحملة الفرنسية بقيادة موري (Mouret) وادي الذهب قرب كتلة زمور. كما دخلت الساقية الحمراء لكنها لم تصادف إلا الفراغ. وعندما وصلت إلى مدينة السمارة وخربتها، واضطرت إلى التراجع جنوبا بعد أن لاحظت أحشاد المجاهدين حواليها. ولم يلبث القتال أن نشب بين القوة الفرنسية والمجاهدين في معركة شرسة تواجه فيها الجانبان بالسلاح الأبيض احيانا.
وقد أسفرت معركة وادي "تكلعيت" أو معركة سمارة (1 دجنبر 1913) عن استشهاد حوالي 100 صحراوي وخسر الفرنسيون حوالي 62 بين قتيل وجريح حسب الرواية الفرنسية(27).
ثانيا : حركة الجهاد في المرحلة الثانية
1- الجهاد الصحراوي خلال الحرب العالمية الأولى :
عندما نشبت الحرب العالمية الأولى، أصبح المجال الصحراوي من شنقيط إلى سوس بخاصة، والمجال المغربي بصفة عامة مسرحا للدعايات المتصارعة للحلفاء ودول المحور.
فمن جهة حاولت ألمانيا إثارة ثورة عامة في المغرب ضد فرنسا، وفي شمال إفريقيا عامة، وقد استخدمت في سبيل ذلك كل ما لديها من اتصالات وعلاقات مع زعماء مغاربة. وصرفت الأموال وقدمت السلاح(28). وقد استفاد المجاهدون المغاربة من العون المادي والمعنوي الألماني، خاصة لما دخلت تركيا الحرب بجانب ألمانيا في أكتوبر 1914. والملاحظ أن الدعاية الألمانية القوية، والنشاط السري للمخابرات الألمانية(29) لم يتوج بنزول عسكري في سواحل المغرب الشمالية أو الجنوبية، كما كان منتظرا. وكان بالإمكان، كذلك نجاح نزول ألماني في سواحل الصحراء بالتنسيق مع المجاهدين لو قدمت الأسلحة الثقيلة. ولكن يبدو أن الألمان انشغلوا أكثر بالتدخل في ليبيا لتهديد الوجود البريطاني في مصر. وبذلك غامروا في منطقة قريبة منهم بعيدة عن تهديد الوجود الفرنسي بالمغرب.
ولم تقف فرنسا مكتوفة الأيدي، بل جندت بدورها - كل ما ليدها من قوة عسكرية وبشرية بالمغرب لمراقبة السواحل المغربية وإحباط الدعاية الألمانية، وهكذا دفعت المتعاونين معها، إلى نشر فتاوي مضادة للدعاية التركية والألمانية "فتوى الشيخ سعد بوه. والشيخ سيديل بابا)، كما عمل الفرنسيون على استمالة الرحل فلم يحاربوهم ولم يمنعوهم من انتجاع الأقاليم الواقعة شمال نهر السنغال(30).
وقد مارست فرنسا ضغوطا متوالية على الحكومة الإسبانية، واتهمتها بتسهيل مهمة ألمانيا في المغرب، خاصة لما تمت اتصالات بين عملاء ألمان وزعماء الجهاد المغاربة في شمال المغرب وفي سوس وسربت الأموال الألمانية إلى المغرب، وهكذا بدأ نوع من التنسيق بين الفرنسيين والإسبان في السواحل الصحراوية، واشتد ضغط الفرنسيين على حركة الجهاد بسوس بزعامة أحمد الهبة، ودفعت فرنسا بالقواد الكبار الكنتاوي والكلاوي إلى بذل أقصى الجهود للقضاء على المجاهدين. وأشهر الحملات قادها الضابط الفرنسي دولاموط (De la Mothe) سنة 1917 رد على هزيمة القائد حيدة أميس الذي قتله المجاهدون وكان من أقوى أعمدة السياسة الفرنسية بسوس(31).
وبعد نهاية الحرب العالمية الأولى، عرفت حركة الجهاد الصحراوية بعض الهدوء. ثم استؤنف الجهاد في كل أنحاء المغرب ابتداء من 1921.
2- حركة الجهاد 1921-1934 :
عرفت حركة الجهاد بالأقاليم الصحراوية خلال الفترة الممتدة من 1920 إلى 1934، عدة تحولات، ويمكن التمييز بين فتريتين :
الأولى من 1921 إلى 1926، والثانية من 1927 إلى 1934 أي السنة التي تمكنت فيها قوات الاحتلال من فرض مراقبتها على مجموع المغرب.
- فخلال الفترة الأولى تميزت حركة الجهاد بنوع من الحدة، حيث كثرت الاشتباكات وتعددت المعارك بشكل يسمح بنا بالقول إن حركة الجهاد بعد الحرب العالمية الثانية، تحولت في الأقاليم الصحراوية إلى حرب استنزاف طويلة الأمد ضد المحتلين الفرنسيين.
وهكذا بدأ المجاهدون ينظمون غزوات كبيرة تنطلق من مراكز بعيدة في جنوب سوس أو الساقية الحمراء أو من وادي الذهب وتهاجم المحتلين في أدرار وفي الترارزة وفي تكانت، وأحيانا في الحوض والأزوارد. وقد اشتهر خلال هذه الفترة زعماء قادوا حملات أشهرهم محمد تقي الله المعروف بوجاهة، وإسماعيل ولد الباردي ومحمد المامون وأحمد ولد حمادي وغيرهم كثير. ولقد خاض هؤلاء المجاهدون معارك عديدة كبدوا خلالها الفرنسيين خسائر فادحة في الرجال والأموال، وغنموا خلالها الأسلحة وبهائم النقل والركوب(32) وأشهر المعارك التي قادها أولئك الزعماء هي على سبيل المثال لا الحصر :
*- معركة أشريرك (اشريرق ؟) وقعت يوم 28 نونبر 1923 قادها الوجاهة وسحقت خلالها قوة فرنسية بقيادة الضابط Bedeines(33).
*- معركة بوكرن في 5 ماي 1924 استشهد خلالها الوجاهة.
*- معركة لقديم في 23 أكتوبر 1924 قادها إسماعيل ولد البارودي وأحمد ولد حمادي وأتباع الوجاهة والوالي بن ماء العينين وانتصر فيها المجاهدون(34).
*- معركة رأس الرمت قادها ولد المامون. وانهزم فيها المجاهدون في يوليوز 1925.
*- معركة الطريفية أبريل 1926. دامت حوالي ثلاثة أيام وهي من أكثر المعارك دموية، وقد شاركت فيها كل القبائل الصحراوية وتميز فيها الرماة من الرقيبات بمهارتهم في التصويب(35).
إن هذه المعارك قد بينت الجهود الجبارة التي بذلها الصحراويون دفاعا عن وحدة بلادهم واستقلالها، كما يمكن أن نعتبرها من آكد الشواهد على الالتحام الذي كان يجمع بين المغاربة آنذاك، فكل الغزوات كانت تهيأ في الأقاليم الصحراوية الشمالية بمساندة مادية ومعنوية من المغاربة في الشمال والوسط والجنوب، وبالفعل لقد ربطت التقارير العسكرية الفرنسية هذه المعارك بما كان يجري في الشمال وسوس من صراع بين المغاربة والإسبان والفرنسيين وردت أسباب تصاعد حدة المقاومة إلى تشجيع محمد بن عبد الكريم الخطابي، للمجاهدين بالدعاية والمال والسلاح الذي غنمه من الإسبان(36).
كما أشارت التقارير الفرنسية، إلى ظهور جمعيات إسلامية عملت على تحيري البلدان الإسلامية في شمال إفريقيا كلها منها :
"عصبة تحرير الأهالي في مستعمرات إفريقيا"، تأسست سنة 1924 بموسكو و"لجنة مستقبل الإسلام" تأسست بدورها سنة 1924 بكونيا (Konia)(37).
وقد ألحت كل التقارير العسكرية على ضرورة التنسيق بين الجيوش الفرنسية المحتلة للجزائر والموجودة بمراكش وبالأقاليم الصحراوية. وهو الأمر الذي تم سنة 1925 عندما عقد مؤتمر بين قيادات هذه الجيوش في مدينة مراكش في 16 يناير وقرر القيام بأعمال مشتركة ومنسقة ضد القبائل الصحراوية. وكان الهدف هو قطع كل الإمدادات الآتية من وسط المغرب والتضييق على حركة الجهاد(38).
أما في المرحلة الخيرة الممتدة من 1927 إلى 1934 فنلاحظ ان حدة المعارك قد خفت، ويفسر ذلك التطور بالتضييق الذي مارسته فرنسا وإسبانيا على حركة محمد بن عبد الكريم، التي أنهيت باستسلامه سنة 1926، وبتوغل الجيوش الفرنسية في التخوم الجزائرية ومن مراكش نحو الجنوب الصحراوي، حيث حاصرت المجاهدين بتافيلالت ودرعة والساقية الحمراء، وفي الوقت نفسه تمنكت إسبانيا من تركيز وجودها في السواحل الصحراوية، واذخلت قوات جديدة وأسلحة عصرية كالطائرات. كما سمحت للفرنسيين بملاحقة القبائل في وادي الذهب والساقية. وإذا أضفنا لهذه التطورات، ما أصاب الأقاليم الصحراوية من جفاف وخاصة سنة 1933. فإننا نفهم لماذا تحولت كثير من الهجمات الجهادية إلى غزوات هدفت إلى قتل الرجال ومصادرة الأموال. وقد أصابت هذه الغزوات الفرنسيين والقبائل الصحراوية الخاضعة لهم على السوء.
وبعد معارك شهيرة وقعت سنة 1931 و 1932 خاصة، تراجعت حركة الجهاد وانتهى الفرنسيون بأن أخضعوا لنفوذهم الرحل كما أخضعوا حركة الجهاد في وسط المغرب وتافيلالت وسوس والجنوب الصحراوي. وقد تميزت المرحلة الأخيرة من حركة الجهاد بقتل الفرنسيين للأمير أحمد ولد عيدة سنة 1932 بتهمة الإستمرار في مساندة المجاهدين. وكانت آخر المعارك هي التي خاضعها مجاهدو أولاد الدليم في مركز أطار في 8 يناير 1934.
خاتمة :
هكذا نكون بعد هذه النظرة الموجزة، قد تعرفنا على الخطوط العامة للمقاومة الصحراوية ضد الاحتلال الفرنسي بين 1905 و 1934 وقد تبين أن تلك المقاومة كانت وطنية أي مغربية ضد الاحتلال الأجنبي.
إن الفوارق المحلية والصعوبات الجغرافية والجيوسياسية، لم تكن إلا لتزيد المغاربة آنذاك تكاملا وتواصلا وتوحدا ضد الأخطار الخارجية. إن المغاربة جميعا كانوا يصدرون من معين واحد هو الإسلام، ومن رغبة عظيمة في الدفاع عن كرامة الإنسان المغربي المعتز بكيانه الحضاري الشامخ في التاريخ.
وخير ما نختم به هذه الخاتمة القصيرة، جزء من رسالة بعثها البطل الصحراوي المجاهد بكار ولد سويد أحمد إلى أحد قادة جيش الإحتلال، في 20 يناير 1904 يقول فيها :
.... أما بعد، فمن بكار ولد سويد أحمد، أمير تكانت إلى صاحب النصارى في قرية كهيدي موجبه بلغ النصارى مني أن المسلمين من مغربها إلى مشرقها أمرهم واحد ودينهم واحد وما هم إلا كالجمع الواحد ... وردت عليهم كتب القبائل من كل ناحية في أمرهم ووردت عليهم كتب مولانا السلطان المنصور مولاي عبد العزيز ... فالآن كفوا عن المسلمين ولا تعتدوا ببناء ولا غيره ... واعلموا أن أرض المسلمين ليست لأحد منهم يختلي بها دون الآخر. ولا يعطيها إلا سلطان العامة واتفاق المسلمين. فبهذا فكفوا ... وإلا فقد تعرضتم لنقض العهد ولا يخفى ما فيه(39).
الهوامش:
(1) نور الدين أسريدي، مساهمة في دراسة تاريخ موريطانيا، رسالة دبلوم دراسات عليا، كلية الآداب والعلوم الإنسانية، الرباط 199.
Vuillemin (D), Contribution à l’histoire de la Mauritanie, Dakar, 1962, pp. 130-134 et p. 303.
(2) علال الخديمي، "مجلس الأعيان ومشروع الإصلاحات الفرنسية بالمغرب سنة 1905" في ندوة الإصلاح والمجتمع المغربي خلال القرن التاسع عشر، 1983، نشر كلية الآداب والعولم الإنسانية بالرباط 1986.
(3) رسالة من مولاي عبد العزيز، إلى القبائل مؤرخة في 27 ربيع الثاني 1323 الموافق، 1 يونيو 1905. قارن علال الخديمي، التدخل الأجنبي والمقاومة بالمغرب 1894-1910. نشر إفريقيا الشرق، الدارالبيضاء، الطبعة الثانية، صص. 57-60.
(4) محمد الغربي، الساقية الحمراء ووادي الذهب، الجزء الأول، ص. 348.
(5) نور الدين أسريدي، المرجع السابق، صص. 240-241.
(6) B. gillier, La pénétration en Mauritanie, Paris 1926, p. 151
(7) علال الخديمي، "الشيخ ماء العينين ومقاومة التدخل الفرنسي بالمغرب 1884-1910". مجلة دراسات، كلية الآداب بأكادير 1987، العدد الأول، ص. 37.
(8) نفسه، وانظر النص الكامل للرسالة في كناش الخزانة العامة رقم د 1695 وهي مؤرخة ب 8 ربيع النبوي 1325 الموافق ل 21 أبريل 1907. وجدير بالذكر أن الفرنسيين نيقوا ضغطهم على المغرب مع الإسبان. ولهذا أرسلت الدولتان سفنا حربية للشواطئ المغربية لمنع تهريب السلاح إلى المغاربة في الجنوب خاصة.
قارن نور الدين بلحداد، التسرب الإسباني إلى شواطئ الصحراء المغربية (1860-1934)، دبلوم دراسات عليا، كلية الآداب بالرباط، 1994، صص. 185-186.
(9) قارن علال الخديمي، التدخل الأجنبي، م.س.، صص. 317-320.
(10) Gillier, op. cit.; p. 155
(11) Ibid., pp. 174-175؛ بلحداد، م.س، ص. 190.
(12) "إن تأسيس المركز العسكري بأكجوجت في يناير 1908 كان مناسبة لأولى خيبات أملنا" Gillier, op. cit., p. 156.
(13) انسحب الفرنسيون من أكجوجت تحت ضغط المجاهدين في 10 شتنبر 1908. انظر : جيلي، صص. 163-169.
(14) Gillier, p. 165
(15) نفسه، ص. 166.
(16) Gl Gouraud, Mauritanie Dakar, plon. Paris, 1945
(17) قدم الشيخ سيدي بابا دعما لحملة كورو على أكرار في شكل أدلاء وحيوانات للنقل والركوب.
(18) قارن محمد الشيخ الطالب اخيار، صفحات من دفاع المغاربة عن السيادة والوحدة الترابية ما بين 1900-1913، نماذج من الصحراء المغربية؛ ندوة المقاومة المغربية ضد الاستعمار، كلية الآداب والعلوم الإنسانية، اكادير، 1991، صص. 150-151.
(19) نور الدين أسريدي، م.س.، ص. 266.
(20) علال الخديمي، التدخل الأجنبي والمقاومة، 1994، الفصل الأخير.
(21) علال الخديميم، "الشيخ ماء العينين ومقاومة التدخل الفرنسي"، دراسات، عدد 1، 1987.
(22) علال الخديم، "حادث أكادير والعلاقات المغربية الألمانية، ندوة أكادير الكبرى : المحور التاريخي؛ "حملة فاس 1911، المقاومة والانعكاسات الدولية"، ندوة المقاومة في المنطقة الوسطى الشمالية، فاس، 1955 (تحت الطبع).
(23) Aubert Jacques, Les journées sanglantes de Fés, Casablanca 1926
(24) يتهم ليوطي مولاي عبد الحفيظ بالتواطظ مع أحمد الهبة، وتشير بعض الروايات إلى ان السلطان راسل الهبة وحثه على الجهاد.
(25) Gillier, op. cit., pp. 226-228
(26) قارن أسريدي نور الدين، م.س.، ص. 280.
(27) Gillier, op. cit., pp. 229-235
جدير بالذكر أننا نكتب أسماء المعارك بكثير من التحفظ، لأن المصادر الفرنسية لا تنطق في كثير من الأحيان أسماء الأماكن بدقة، زد على ذلك اختلاف المحتلين والمجاهدين في تسمية المعارك، وبهذا تبقى الرواية الشفوية ضرورية في هذا المجال.
(28) ركزت ألمانيا في البداية على إثارة انتفاضة عامة انطلاقا من شمال المغرب، واستخدمت في ذلك عبد الملك بن محيي الدين بن الأمير عبد القادر الجزائري، كما نسقت عملها مع مولاي عبد الحفيظ الذي كان موجودا بإسبانيا. وفي هذه الإطار تدخل حركة المجاهد الصحراوي محمد المامون بنواحي تازة وحركة عبد القادر الجزائري منذ 1915 إلى 1918.
(29) Gaulis, La France et le Maroc, Paris, 1921
(30) انظر نور بلحداد، المرجع السابق، وكذلك نور الدين أسريدي، م. س.
(31) قارن محمد المختار السوسي، المعسول، الجزء الرابع من جهاد أحمد الهيبة والقبائل السوسية والصحراوية؛ وعن دور القواد الكبار في المنطقة وكذلك الجزء 20.
(32) راجع نور الدين بلحداد، م. س.، ونور الدين أسريدي، م. س.
(33) Gillier, op. cit., pp. 252-254
(34) Ibidem, p. 262.
عن دور إسماعيل ولد الباردي يمكن مراجعة :
Sophie Carantini, « Ismaël Ould Bardi, héros de la résistance saharienne », R.O.M.M., n° 41/42, 1987.
(35) جيليي، م. س، ص. 263.
(36) جيليي، م.س، ص. 292.
(37) المرجع نفسه، ص. 293.
(38) المرجع نفسه، ص. 301.
(39) وردت هذه الفقرة في مؤلف نور الدين أسريدي المذكور أعلاه.
عن مجلة التاريخ العربي العدد 5