الكثير من الأعضاء يختلف علي تجربة الباتريوت في عاصفة الصحراء
ما بين كاره للسلاح الأمريكي و يقول انه فشل فشلا ذريعا
و الآخرين – ونخص الأعضاء السعوديين الذين عايشوا الحرب بالذكر – يقولون انهم استمتعوا بمبارة جميلة بين الباتريوت و السكود
فماذا حدث...؟
اولا تقييم اداء البايريوت المبدئي
في 30 يناير 1991، بعد بداية حرب الخليج بأسبوعين، قال شوارتزكوف لوسائل الإعلام: "إن نجاح الباتريوت أمر معروف، بالتأكيد للجميع. لقد أجرى 33 اشتباكاً، أسقط فيها 33 صاروخ سكود، بنسبة نجاح 100%". وفي 15 فبراير، كان الرئيس جورج بوش George Bush يزور أحد خطوط إنتاج الباتريوت في مصنع (Andover) فقال إن الباتريوت أجرى 42 اشتباكاً أسقط فيها 41 صاروخاً من نوع سكود.
وفي ذلك الوقت أشاعت وسائل الإعلام شعاراً يقول: "إذا صعـد الباتريوت … هوى السكود".
غير أن دان شمرون، رئيس الأركان الإسرائيلي، كان له رأي مخالف. فقد ظهر على شاشة التليفزيون، أثناء الحرب، وذهب إلى حدّ القول أن نجاح نظام باتريوت Patriot، ليس سوى "أكذوبة".
ثانيا التقييم الحقيقي
في إسرائيل، قال المسؤولون إن نجاح صواريخ باتريوت في اعتراض صواريخ سكود، لا يزيد على مرتين. وإن الخسائر نتيجة القصف العراقي، كانت كبيرة
.
وفي فرنسا، قال رئيس مجلس إدارة شركة (Aeromissile)، السيد دانيال بيكليه: "في إمكاني القول، إن الباتريوت قد أتم مهمته، من الناحية النفسية. ولكنه لم ينجح، فنياً. والجميع يعرفون ذلك. وما يقوله الإسرائيليون صحيح". أما السيد إيفاميشو، مدير عام مجموعة (Aerospatiale) الفرنسية، فقد قال: "لقد أدى استخدام الباتريوت إلى زيادة الخسائر".
وكان الرد على ذلك، أن الفرنسيين يريدون فتح المجال لبيع صواريخ، (ASTER-15.30)، المصممة، أساساً، للدفاع المضادّ للصواريخ. أمّا إسرائيل، فإنها تريد أن تقضي على الباتريوت، حتى لا يكون منافساً لصاروخها المضادّ للصواريخ، "Arrow" (معروف في إسرائيل باسم حيتس)، والذي تدفع الولايات المتحدة الأمريكية 80% من نفقات إنتاجه، إضافة إلى المساعدات الفنية.
وفي أكتوبر 1991، توجّه وفد عسكري إسرائيلي إلى واشنطن. وفي لقائه المسؤولين في وزارة الدفاع الأمريكية، عرضوا مجموعة من أفلام الفيديو، سجلوا فيها اثني عشر اشتباكاً بين صاروخ باتريوت وصاروخ سكود. وأوضحت هذه الأفلام فشل الباتريوت في اعتراض أي صاروخ سكود. لذا، بدأ جدل واسع في شأن هذا الموضوع، واستمر أكثر من عام، وشاركت فيه مجموعة من المؤسسات، العسكرية والسياسية والإعلامية، إضافة إلى شـركة (Raytheon)، المنتجة صـاروخ Patriot، وأستاذ جامعي شهير في معهد Massachusetts Institute of Technology MIT.
وشكّل الكونجرس الأمريكي لجنة لتقصّي الحقائق، بالتعاون مع مكتب المحاسبة العام، وعقد عدّة جلسات استماع. وانضم الجيش الأمريكي إلى شركة Raytheon في الدفاع عن أداء صواريخ Patriot، أثناء الحرب. ويمكن إيجاز هذه الأبحاث والمناقشات في الآتي:
أ. جرى إطلاق 157 صاروخ باتريوت ضد 51 صاروخ سكود.
ب. لم يتم اعتراض 35 ـ 40 صاروخ Scud، لأنها كانت خارج مناطق نيران صواريخ Patriot، أو كانت تتجه نحو مناطق خالية من الأهداف الحيوية.
ج. أعلنت شركة (Raytheon)، أن نسبة نجاح صواريخ Patriot في اعتراض صواريخ Scud كانت 90% في المملكة العربية السعودية، و 50% في إسرائيل. أما الجيش الأمريكي، فقد قدّر هذا النجاح بنسبة 80% في المملكة، و 50% في إسرائيل. وأرجعت شركة (Raytheon) هذا التفاوت في أداء صواريخ Patriot، هنا وهناك، إلى انخفاض مستوى تدريب الأطقم الإسرائيلية، وكثرة المباني وأجهزة الرادار بالقرب من المواقع، التي تمركزت فيها بطاريات Patriot في إسرائيل، واستخدام الأطقم لنظام التتبع اليدوي، بدلاً من التتبع الآلي.
د. في جلسة استماع في الكونجرس في 7 أبريل 1992، أقرّ مندوب الجيش الأمريكي، للمرة الأولى، بأن تسعة صواريخ Scud، انفجرت في أو بالقرب من مناطق سكنية. وفي الجلسة عينها قلّل من تقديرات الجيش لنجاح صواريخ Patriot، لتصبح أكثر من 70% في المملكة العربية السعودية، وأكثر من 40% في إسرائيل. وأضاف قائلاً إن لديه بيانات مؤكدة بنجاح 40% من إصابات صواريخ Patriot لصواريخ Scud. وبمناقشـته، تبيّن أن كلمة "إصابة"، تشمل نجاح صواريخ Patriot في جعل الصاروخ Scud ينحرف عن مساره، ويتجه إلى مناطق ذات كثافة سكانية أقلّ، أو حدوث إصابات في جسم الصاروخ، بسبب شظايا الرأس الحربي لصاروخ Patriot، أو سقوط صاروخ Scud من دون أن ينفجر رأسه الحربي. بينما كان الكونجرس يرى أن نجاح صاروخ Patriot في اعتراض صاروخ Scud، يعني تدمير رأسه الحربي في الجو، عالياً، وبعيداً عن الأهداف الحيوية المُدافَع عنها.
هـ. قال وزير الدفاع الأمريكي السابق، وليم بيري William Perry، في شهادته أمام الكونجرس، عام 1992، إن صاروخ Patriot الذي صُمِّم، أساساً، كسلاح مضادّ للطائرات، ليس سلاحاً فعالاً ضد الصواريخ الباليستية.
و. كانت خلاصة أبحاث مكتب المحاسبة العام General Accounting Office GAO، ولجنة تقصّي الحقائق، التي شكّلها الكونجرس، أن نجاح عمليات اعتراض صواريخ Patriot لصواريخ Scud، تُعَد على الأصابع. وبعد مراجعة هذه التقارير من قِبل لجنة التشريع والأمن القومي، كان قرارها النهائي أن صواريخ Patriot، لم تُحقِّق النجاح الذي أعلنه ممثلو الحكومة وشركة (Raytheon)، وأن عدد عمليات الاعتراض الناجحة، يراوح بين صفر وأربع عمليات
والآن: ما أسباب هذا الفشل؟
والإجابة تحتاج، في البداية، إلى استعراض الخواصّ العامة لطرفَي الصراع : صاروخ Scud، وصاروخ Patriot.
(1) صاروخ Scud – B
اشترى العراق عدة صفقات ضخمة من صواريخ "Scud – B" السوفيتية. أطلق منها 361 صاروخاً ضد إيران، في الثمانينيات. ثم أجرى عليها عدة تعديلات، هدفت إلى زيادة المدى، على حساب كمية المتفجرات في الرأس الحربي. وأنتج نوعين معدلين تحت، اسـمَي: "الحسين"، و"العباس". ونتيجة لهذه التعديلات، وصل مدى صاروخ "الحسين" من 600 ـ 650 كم، بدلاً من 300 كم، وازداد زمن طيرانه من 6.5 ـ 7.5 دقيقة، وأصبح طوله 12.2 متراً. ومن ثَم، صار من السهل اكتشافه وتتبّعه رادارياً، خاصة أن محرك الدفع، لا ينفصل عن جسم الصاروخ، بعد نهاية احتراق الوقود، كما يحدث في باقي أنواع الصواريخ. أما قطر الصاروخ، فظل كما هو (88 سم). ووزنه عند الإطلاق سبعة أطنان. أما رأسه الحربي، فيزن 500 كجم، أي نصف وزن الرأس الحربي لصاروخ سكود ـ بي، تقريباً. ولم يستخدم العراق في الحرب، إلاّ الرؤوس التقليدية المعبأة بالمواد شديدة الانفجار. والصاروخ يُوجَّه بالقصور الذاتي، ودرجة دقته متواضعة، إذ يقدّر الخطأ الدائري المحتمل له
CEP Circular Error Probable ـ 1000 م. وهو ما يعني أن نصف قطْر الدائرة، التي يسقط فيها 50% من الصواريخ، يساوى 1000م. وينفصل الرأس الحربي عن جسم الصاروخ، قبْل الاصطدام بالهدف، عندما يكون الصاروخ على ارتفاع 500 متر من سطح الأرض، بوساطة شحنة ناسفة، وأحياناً يصدر عن الصاروخ انفجاران، مما يؤدى إلى الاعتقاد أن صاروخين قد سقطا، وليس واحداً.
وتستخدم هذه الصواريخ الوقود السائل، ومن ثمّ، فإن إجراءات تجهيز الصاروخ للإطلاق، تحتاج إلى وقت طويل نسبياً. وهذا يؤثر، سلباً، في معدل الإطلاق.
ومما يزيد من قوة الصاروخ التدميرية أن الرأس الحربي، وبقايا جسم الصاروخ، التي تزن أكثر من طن، بعد استهلاك الوقود، يصطدمان بالأرض بسرعة عالية، تزيد على أربعة أضعاف سرعة الصوت، فتسبب خسائر كبيرة في الأماكن ذات الكثافة السكانية العالية.
وخلاصة القول، أن هذا الصاروخ به بعض مواطن القوة، إضافة إلى بعض نقاط الضعف. ولكنه كصاروخ باليستي تكتيكي أرض ـ أرض، لا يمكِن اعتباره نموذجاً للتهديد، المتوقع مواجهته في أي حرب مقبلة، فقد تطورت هذه الفئة من الصواريخ، في مجالات متعددة
) صاروخ MIM – 104 Patriot[2]
صُمِّم هذا الصاروخ، أساساً، ليكون سلاحاً مضادّاً لطائرات القتال الحديثة، السريعة المُناِورة، التي تُحلِّق على ارتفاعات، تبدأ من 60 متراً وحتى 24.24 كم. ويمكِنه الاشتباك بتسع طائرات، في وقت واحد، على مسافات حتى 160 كم. كما يتميز بسرعة رد الفعل، وكِبَر احتمال إصابة الهدف. ويستخدم طريقة جديدة في التتبع، هي طريقة التتبع من خلال الصاروخ Tracking Via Missile TVM، تعتمد على تقنية متقدمة، وتُمكِّن الصاروخ من مقاومة الإعاقة الإلكترونية. وسرعة الصاروخ 5 سرعة صوت (ماخ). وتحتاج المنظومة إلى عدد قليل من الأفراد لتشغيلها.
وأدخلت بطاريات Patriot في خدمة العمليات في الجيش الأمريكي، عام 1984، ثم أصبحت العمود الفقري في منظومة الدفاع الجوي الأرضية عن حلف شمال الأطلسي North Atlantic Treaty Organization NATO واشترتها اليابان وعدد من الدول الأوروبية.
وفي ذلك الوقت، بدأ اهتمام واضح بتطوير الصواريخ الباليستية التكتيكية أرض ـ أرض، وأخذت تنتشر في كثير من الدول. ولم يكُن هناك سلاح مضادّ لهذه الصواريخ، آنذاك. ومن ثَم، فكرت وزارة الدفاع الأمريكية في تطوير صاروخ Patriot، ليصبح قادراً على اعتراض الصواريخ الباليستية التكتيكية، إضافة إلى مهمته الأصلية. وشمل هذا التطوير تكبير الرأس الحربي، وتحديث طبة التفجير، وتحسين نظام التوجيه، ليعطي الصاروخ القدرة على اعتراض الصواريخ الباليستية ذات الانقضاض الحادّ. كما استُخدم نوع جديد من الطابات، يعمل بنظرية دوبلر. وعندما ينفجر الرأس الحربي، يتحـول إلى 700 شظية، بدلاً من 100 شظية. ورُمز للنوع الجديد بالأحرف (PAC – 2) وهي الأحرف الأولى من الكلمات Patriot Anti-tactical Missile Capability. وفي عام 1986، تم تجربة هذا الجيل (الثاني) ضد صاروخ Lance، ونجحت عملية الاعتراض. ولكن الصاروخ Lance لم يُدمّر، وإنما انحرف عن مساره. وتجدر الإشارة إلى أن الصاروخ Lance، هو سلاح قديم، بدأ إنتاجه عام 1962، ومداه لا يتجاوز 120 كم. وبعد عدة تعديلات، نجحت تجربة اعتراض صاروخ Patriot لصاروخ Patriot آخر، في نوفمبر 1987. ومن ثَم، بدأ تعميم التطوير الجديد (AC – 2n) على باقي بطاريات الباتريوت. ونشطت العملية عندما احتل العراق الكويت. وفي شهر سبتمبر 1990، أُجريت تجربة أخرى لاختبار الجيل المتطور في اعتراض صواريخ باليستية تكتيكية، وأذيع أنه حقق إصابة مباشرة.
وصاروخ Patriot ذو مرحلة واحدة. ويعمل بالوقود الجافّ، ورأسه الحربي تقليدي، يحتوى على 73 كجم من المواد شديدة الانفجار. ويُعدّ الحاسب الإلكتروني والرادار من أهم عناصر نظامه. ومدى كشف جهاز الرادار للطائرات 170 كم.
تحليل أوجُه القصور وأسبابها
لا تقاس الكفاءة القتالية لسلاح ما من وجهة النظر الفنية فقط، لأن الناتج القتالي لأي منظومة حربية، هو حصيلة مجموعة من العوامل، تشمل التخطيط الجيد، وكفاءة الأطقم في استخدام السلاح، إضافة إلى الخواصّ الفنية للسلاح. علاوة على مجموعة أخرى من العوامل. وفيما يلي تحليل لأسباب القصور، من النواحي الفنيـة والتكتيكية والتدريبية فقط.
أ. الأسباب الفنية
(1) لم تكن التعديلات التي أُدخِلت على منظومة Patriot كافية، لكي تحقق الكفاءة المطلوبة للاشتباك بالصواريخ الباليستية. فقد ظلت قدرة جهاز الإرسال أقلّ مما يجب، وحساسية جهاز الاستقبال دون المستوى المطلوب لالتقاط الإشارات، المنعكسة من الصواريخ الهجومية، من مسافات بعيدة. كما كانت قوة دفع المحرك أقلّ من اللازم، واستطراداً، كان مداه قصيراً. وعلاوة على ذلك، فقد ثبت أن الطريقة المستخدمة في التوجيه، وهى طريقة التوجيه عبر الصاروخ، لا تلاءم الصواريخ الباليستية، على الرغم من أنها مناسبة جداً للتعامل مع الطائرات؛ وذلك، لأن سرعة الطائرة، أثناء الهجوم، تقلّ عن سرعة الصوت، بينما سرعة صاروخ Scud، تزيد على أربعة أمثال سرعة الصوت.
(2) وثمة عيب آخر، وهو أن سرعة صاروخ Patriot، لا تتجاوز 5 ماخات، والمفروض أن تكون سرعة الصاروخ الدفاعي المعترض أكبر مرة ونصف المرة، على الأقل، من سرعة الصاروخ الهجومي، حتى يستطيع ملاحقته.
(3) وإضافة إلى ما سبق، فإن صاروخ Patriot، يعتمد على الشظايا الناجمة عن انفجار الرأس الحربي، لتدمير الهدف المعادي. ولم يكُن وزن الشظية كافياً لتدمير صواريخ سكود.
(4) وأخيراً، فقد كان هناك عيوب في برامج تشغيل الحاسب الآلي (Software)، أدت إضافة إلى عدم خبرة أطقم القتال، إلى حدوث مجموعة من الأخطاء. فمثلاً، كانت انعكاسات المنشآت وغيرها، تظهر على شاشات أجهزة الرادار، كما لو كانت أهدافاً حقيقية، ومن ثَم، كان يتم إطلاق صواريخ Patriot إليها، من دون طائل. والدليل على ذلك كثرة الصواريخ، التي استهلكت في العمليات (157 صاروخاً)، مقارنة بعدد مرات الاعتراض التي تمت (51 عملية). كما أدى هذا القصور في البرامج، إلى عجز بطاريات Patriot عن التمييز بين الصاروخ وحطامه. وكانت تتعامل مع كل جزء من الحطام، على أنه هدف قائم بذاته، ولهذا كان الرأس الحربي للصاروخ Scud يفلت من الاعتراض، في كثير من الحالات، وتتجه إلى هدفها. وقد تم اكتشاف هذا القصور، وجرى تعديل برامج الحاسب، في 4 فبراير 1991. ثم أُجري تعديل آخر، في 26 فبراير، أي قبْل نهاية العمليات بيومين فقط. زِدْ أنه لا يمكِن إعفاء أطقم القتال من المسؤولية عن هذا الخطأ. فلو كان مستواهم أعلى من ذلك، لكان في مقدورهم التمييز بين الأهداف الحقيقية وغيرها.
ب. الأسباب التكتيكية
(1) كان الافتقار إلى الإنذار المبكر الكافي، واحداً من أهم أسباب القصور في أداء الباتريوت، إذ إن أي سلاح أرض/ جو، يحتاج إلى وسيلة لاكتشاف الأهداف مبكراً، وتتّبعها والإنذار منها واستمرار الإمداد بمعلوماتها، إلى أن تدخل في مجال كشف جهاز الرادار الخاص بهـذا السلاح. وقد اعتمدت القيادة الأمريكية، في هذه المهمة، على أجهزة رادار صواريخ Patriot، ثم على شبكة الإنذار الإستراتيجي المبكر Defense Support Program DSP. ومدى جهاز رادار Patriot 170كم، بينما مدى صاروخ Scud المعدل 600 – 650 كم. وهذا يعنى أن الإنذار، الذي ستوفره أجهزة الرادار، لن يكون مبكراً بالقدر المطلوب. وبما أن سرعة صاروخ Scud تساوي 4.2 ماخاً، فإنه يقطع مسافة 170 كم في أقلّ من دقيقتين، وهذا هو أقصى زمن إنذار، تستطيع أن توفره أجهزة رادار منظومة Patriot.
أمّا شبكة الإنذار الإستراتيجي المبكر (DSP)، التي تستخدم الأقمار الصناعية، فقد صُمِّمت على أساس مجموعة مختلفة من العوامل، من أهمها أن زمن طيران الصاروخ عابر القارات، الذي صممت، أساساً، لاكتشافه وتوفير الإنذار منه، يراوح بين 25 و30 دقيقة، بينما متوسط زمن طيران صاروخ Scud، هو سبع دقائق ونصف. ولهذا السبب، كان زمن الإنذار، الذي استطاعت هذه الشبكة أن توفره، من صواريخ Scud، يراوح بين 90 و120 ثانية فقط. وهو زمن غير كافٍ. فهناك معادلة تقضي بأن زمن الإنذار من الصاروخ المعادي، يجب ألاّ يقلّ عن مجموع الأزمنة اللازمة لتقدير الموقف واتخاذ القرار، وعمل حسابات الاشتباك والتجهيز للإطلاق، وإطلاق صاروخ الاعتراض، زيادة على زمن طيرانه إلى أن يصطدم بهدفه على أقصى مدى. وذلك حتى يمكن الاشتباك به غير مرة، وتدميره بعيداً عن المنطقة المدافَع عنها، لكي لا يتساقط حطامه فوقها.
ونظراً إلى عدم تحقيق هذه المعادلة، فقد كانت بطاريات Patriot مجبرة على اعتراض صواريخ Scud، على مسافات قريبة، وارتفاعات منخفضة. ولهذا، فقد كان حطام الصاروخين، يتساقط فوق المنشآت والمناطق السكانية، ويزيد من الخسائر، وذلك في حالة نجاح عملية الاعتراض.
(2) كان المفروض أن ينظم الدفاع على أنساق في المستويين، الأفقي والرأسي. بمعنى أن يتم الاعتراض، في البداية، بوساطة خط الدفاع الأول، بأسلحة ذات مدى بعيد وارتفاع عالٍ. يلي ذلك دفاع المرحلة الثانية، على مسافات وارتفاعات أقلّ. وأخيراً، تتم متابعة الصواريخ الهجومية، التي تفلت من النطاقين، الأول والثاني بوساطة أسلحة النطاق الثالث. ولكن ما حدث هو أن العبء كله قد ألقي على عاتق صواريخ Patriot، بسبب الافتقار إلى أسلحة أخرى، مضادّة للصواريخ الباليستية. (اُنظر شكل الدفاع المضاد لصواريخ المسرح) و(شكل المرحلة الأولى) و(شكل المرحلة الثانية)، و(شكل المرحلة الثالثة) و(شكل المرحلة الرابعة) و(شكل المرحلة الخامسة) و(شكل المرحلة السادسة)
(3) وثمة سبب آخر لفشل نظام Patriot في إسرائيل، هو أن النظام لم يكن مصمماً لحماية المناطق السكنية الكبيرة (دفاع منطقة)، بل كان مصمماً للدفاع عن نقاط محددة مثل القواعد الجوية والمنشآت النفطية ومراكز القيادة (انظر المكونات الرئيسية لبطارية Patriot ).
(4) كانت خطة الدفاع عن إسرائيل غير مناسبة. فقد نُشِرت المواقع خلف المدن، وبالقرب من البحر. وكان ذلك سبباً في عدم تحقيق أقصى استفادة من المدى المحدود لمنظومة Patriot.
(5) أعلن الجيش الأمريكي، في تبرير حادثة الظهران، في 25 فبراير 1991، التي لم يتم فيها اعتراض صاروخ Scud، أن سرعة طيران هذا الصاروخ بالذات، كانت خارج حدود المتغيرات التي وُضِعت في برامج الحاسب الآلي. ولهذا، فإن البطارية لم تستطع اكتشاف الهدف، وقد توجّه طاقم من الخبراء إلى الموقع، وظلوا أسبوعاً، يدرسون ويحللون، إلى أن اكتشفوا السبب، وقاموا بتعديل البرامج.
وهذا غير صحيح، لأن هناك بطاريات أخرى، في الشمال، اكتشفت هذا الصاروخ على شاشاتها، وأبلغته إلى قيادة وحدات Patriotبالصوت وبوصلة البيانات. وعلى أي حال، فإن حدوث الأعطال أمر وارد. وكان المفترض أن تقوم القيادة بتخصيص وحدة أخرى بهذا الهدف (صاروخ) Scud ولكن البطارية المجاورة، كانت تقوم بأعمال الصيانة الدورية. وهذا خطأ واضح، ويتنافى مع مبادئ القتال، إذ من المفترض أن يكون هناك موقع بديل واحد، على الأقل، جاهزاً للاشتباك، أثناء العمليات، ولاسيما في مثل هذه المناطق المعرضة للقصف.
ج. الأسباب التدريبية
(1) كانت أطقم التشغيل، الأمريكية والإسرائيلية، تنقصها خبرة القتال. علماً بأن هذه الأخيرة، قد استُدعيت على وجْه السرعة، قبْل أن تتم تدريبها في مدرسة الدفاع الجوي للجيش الأمريكي في Fort Bliss, Texas كما أنها كانت المرة الأولى، التي تُكلف فيها القيادات والأطقم بالقتال. وهناك فرْق كبير بين الخبرات المكتسبة بالتدريب في ميادين الرماية، وتلك المكتسبة بالقتال الفعلي.
(2) استُخِدم في إسرائيل نوعان من صواريخ Patriot. وهما الجيل الأول (PAC–1)، والجيل الثاني (PAC–2) وكان هناك بطاريتان من الجيل الأول، لم تتمكنا من تدمير صواريخ Scud، وإنما جعلتاها فقط تنحرف عن مسارها، لتسقط فوق أهداف حيوية أخرى. وتصور قادة الأطقم، أن في إمكانهم التغلب على هذه المشكلة، لو استخدموا الطريقة اليدوية في توجيه صواريخ Patriot، بدلاً من الطريقة الآلية. وكان هذا خطأً واضحاً. ومع هذا، فقد استمروا في استخدام هذا الأسلوب، الذي يناسب الأهداف، البطيئة نسبياً.
(3) وفي إسرائيل، كذلك، تأخرت الأطقم، خلال عمليات الاعتراض الأولى، في تجهيز المواقع للاشتباك، مما أدى إلى إطلاق أربعة صواريخ Patriot، ضد صواريخ Scud، على ارتفاعات منخفضة، فسقطت داخل المدينة.
ونتيجة للخبرات المكتسبة إبّان حرب تحرير الكويت، قامت شركة Raytheon بتطوير منظومة Patriot. كما بدأ الجيش الأمريكي برنامجاً شاملاً، لبناء منظومة حديثة مضادّة للصواريخ أرض ـ أرض الباليستية.