دفتر يوميات جمال عبدالناصر في حرب فلسطين

يحي الشاعر

كبير المؤرخين العسكريين
عضو مميز
إنضم
2 فبراير 2008
المشاركات
1,560
التفاعل
98 0 0
مذكرات عبد الناصر التى دونها بيده عن تطورات حرب فلسطين 1948 ، تعتبر ميراث قومي ، يملكه كل شخص عربي وليس شخص واحد مهما كان إسمه ... ولو محمد حسنين هيكل ، الذي يحتفظ بهم عنده

لا حق له في الأحتفاظ بهذه الوثائق التاريخية ... ويجب عليه أن يرجعهم إل متحف جمال عبدالناصر الذي سيقام في الفيلا التي كان يقيم فيها الرئيس جمال عبدالناصر في منطقة "منشية البكري" بالقاهرة والت وتوفي أيضا فيها


جمال عبدالناصر ....

رجـــل ... كانت فى قلبه أمة عربية واحدة ... ولما توفاه الله .. أصبح فى قلب أمة ... عربية .... ممزقة مشتته .... ولكنها ستبقى واحدة
.........
....

حقيقة ... وواقع .... ومباديء ..... وهدف....وتحدي

كيف ولدت الثورة في قلب الرجل ... وفي عقل جمال عبدالناصر ... ؟؟؟؟

إقتباس:

الله يسامحك يا رجل لقد تسببت فى عدم نومى ليلة كاملة بدأت السادسة مساء الجمعة وانتهت السادسة صباحا عقب آذان فجر السبت واستأنفت القراءة بعد الصلاة وحتى منتصف النهار ، لكن بعدما انتهيت من قراءة العدد الممتع الأخيرللجريدة قلت شكرا يا عبد الله انك فكرتنا بأيام خوال حلوة ، وفكرتنا وهذا هو الأهم باخوةسلاح واخوة كفاح ومنهم من كانوا قادة لنا وأساتذة لنا سواء فى الكلية الحربية او فى مراحل متقدمة من عملنا فى القوات المسلحة أو فى حياتنا العملية و السياسية فيما بعد الثورة منهم من مضى ومنهم من مد الله فى عمره والله أدعو ان يمتعهم بالصحة .

فكرتنا بقادة عسكريين لنا وإن اختلفت فيهم الآراء ما بين قادة عظام وآخرين لم يكن بعضهم على مستوى المسئولية خصوصا وان تلك المرحلة كانت مجال لاختبار الرجال وأعنى بذلك فترة ما حدث ما بين عامى 1948 و1949 التى سميت بحرب فلسطين .

كما انك أكدت فى نفس الوقت مقولتى من انه لا يصح إلا الصحيح وإن طال الزمن .
.......
....
.......


كانت هذه بداية سطور رسالة تعليق سامي شرف ، إلي الأخ وصديقه العزيز الأستاذ عبد الله السناوى ، رئيس تحرير جريدة العربى ... عندما نشر نشر فى جريدة العربى الناصرى، موضوعا بعنوان " دفتر يوميات عبد الناصر " التي كتبها الرئيس جمال عبد الناصر بخط يده فى أثناء حرب فلسطين عن المدة من سنة 1948 حتى نهاية سنة 1949 ، وإحتفظ بها محمد حسنين هيكل لمدة 55 "خمسة وخمسون عاما"

...
.....

طبعا ... لا بد أن تأخذ سطور "مذكرات" عبدالناصر ، مكانهم أيضا في موقع الرجل الذي لازمه وقضي معه 18 عاما ... أي 6480 يوما .... وما يقارب ... 15520 ساعة من حياته ...

فقمنا بإعادة نشر المذكرات في موقع سامي شرف ... وننشر هنا حلقاتهم بالتالي ...
من دفتر يوميات جمال عبدالناصر خلال حرب فلسطين 1948...


فيما يلي الروابط التي تسهل قراءة الموضوع ، تبعا للتقسيم الوقتي













د. يحي الشاعر


دفتر يوميات جمال عبدالناصر في حرب فلسطين

على غلافه بقعة من دمه
دفتر يوميات جمال عبدالناصر الشخصية في حرب فلسطين التي أفرج عنها هيكل بعد 55 عاماً

مقدمة قبل أن تقرأ اليوميات بقلم : عبد الله السناوي

فجأة.. توقف رجل يوليو القوي “جمال عبدالناصر” عن الاستطراد في حديثه المستفيض مع الصحافي الشاب -وقتها- “محمد حسنين هيكل” عن تجربته في حرب فلسطين وشهادته على ما جرى فيها.
طلب “جمال عبدالناصر” من ضيفه الانتظار قليلاً، وغادر حجرة الاستقبال في بيته المتواضع بشارع الجلالي في الوايلي، ليعود بعد قليل ومعه صور ومتعلقات شخصية ورزمة خطابات، بعضها تلقاها بعد العودة من الحرب من “أهالي الفالوجة”، وبعضها من زوجته تحية ووالده وعمه، وبرطمان مملوء بتراب المنطقة التي حارب فيها، معتقداً أنه سوف يعود إليها، لتستكمل القوات المصرية المهمة التي لم تقم بها، وأن مصر لم تخض حرباً حقيقية في عام ،1948 فالحرب تشترط أن تكون واعياً بأهدافها ومستعداً لمقتضياتها، والنظام السياسي -وقتها- بدا غير مدرك أنه قد دخل حرباً فعلاً، أو ماذا يفعل بالضبط في فلسطين.
غير أن أخطر ما أحضره معه “جمال عبدالناصر” دفتر مذكرات شخصية على غلافه الخارجي بقعة من دمه.. وقال ل”هيكل” : “يمكنك أن تأخذ معك هذا الدفتر، وأن تقرأ فيه، وأن تكتشف بنفسك ما جال بخاطري تحت وهج النيران في حرب فلسطين، وما كتبته يوماً بيوم في خنادق القتال على ضوء لمبة جاز”.
في ذلك اليوم البعيد من مطلع عام ،1953 عندما أخذ “هيكل” يتصفح دفتر المذكرات، وعلى غلافه الخارجي بقعة من دم “جمال عبدالناصر” سأله : “هل هذه إصابة حرب..؟”.. فأجاب على الفور : “لا”.. وأخذ يروي “جمال عبدالناصر” قصة بقعة الدم على غلاف دفتر مذكرات، فأثناء كتابته اليومية مسجلاً وقائع القتال، وانتقاداته الحادة لمستوى الأداء العسكري للقيادات العليا، الذي كان مزريا، حدث أن قصفت القوات اليهودية مقر رئاسة الكتيبة المصرية السادسة، وكان رئيس هيئة أركانها، وأدى الارتجاج الشديد الذي نتج عن القصف إلى سقوط لمبة الجاز، وخشي “جمال عبدالناصر” أن يؤدي سقوطها على أرضية الغرفة إلى حريق، فحاول أن يمسك بها دون جدوى، فأدى ذلك إلى جرح في يده، وسقطت قطرات من دمه على الدفتر الذي كان يكتب فيه.
وبدا النفي القاطع، والقصة الإنسانية البسيطة التي رواها “جمال عبدالناصر” مثيرة للالتفات من صحافي شاب غطى العمليات العسكرية في فلسطين، وتعرف على أعداد كبيرة من أبطال هذه الحرب، ويعرف -باليقين- أن البطولات فيها بلا حصر، وأنها حقيقية، ولكنه يعرف -باليقين أيضا- أن عددا آخر ادعوا الإصابات فيها، وحصلوا على أنواط ونياشين. ثم إنه يعرف -وهو شاهد كمحرر عسكري في ميادين القتال في فلسطين- أن “جمال عبدالناصر” هو واحد من أبطال هذه الحرب، ومن أبطال الصمود الأسطوري في “حصار الفالوجة”، وأنه أصيب أكثر من مرة، وقاد عمليات بطولية هددت حياته، كأنه كان على موعد مع الموت في هذه الحرب كل لحظة، ولكن المقادير ادخرته ليقوم بعد أربع سنوات بأكبر عملية تغيير سياسي في تاريخ مصر والمنطقة في العصور الحديثة.
كانت مصر في مطلع عام ،1953 الثورة في أولها، وصراع السلطة داخلها يوشك أن يشتعل بعد عام فيما عرف ب”أزمة مارس”.
.. وكان الحوار في هذا اليوم الشتوي البعيد بين الرجلين -زعيم يوليو والصحافي الشاب الذي قدر له أن يصحبه محاوراً وصديقاً إلى نهاية الرحلة- منصبا حول شخصية وأفكار “جمال عبدالناصر”.. وكانت فكرة “محمد حسنين هيكل”، رئيس تحرير مجلة “آخر ساعة” -في ذلك الوقت- إجراء “حوار في العمق” مع الرجل الذي بدا له أنه زعيم الثورة وقائدها الحقيقي يكشف عن شخصيته وأفكاره وتجاربه في “فلسطين” و”السودان” و”منقباد” وخلفيته الاجتماعية.
وبعد حلقتين كان قد كتبهما “هيكل” باسم “أحاديث مع جمال عبدالناصر” أخذت صورة مقالات موقعة باسمه، بدا ل”جمال عبدالناصر” أن ما هو منشور يعبر بدقة عنه، طالباً من “هيكل” أن يستمر في تلك السلسلة من الأحاديث، واضعاً في حوزته مذكراته الشخصية في حرب فلسطين، ومفسحاً أمامه المجال واسعاً، بغير تكلف رسمي.. وفي بيته، أن يسأل كما يشاء.. وفي الخلفية أزمة سلطة توشك أن تشتعل في مارس/ آذار.. بدا “عبدالناصر” واثقا من نفسه ومن قدرته على حسم صراع السلطة، وتجاهل الحديث في هذا الموضوع، وأخذ يتحدث عن “فلسفة الثورة”، وكانت المفاوضات مع الإنجليز للجلاء عن مصر على رأس مشاغله. وفيما كان هدف “هيكل” بأحاديثه مع “جمال عبدالناصر” معرفة ما في داخل هذا الرجل الذي تبدى أمامه من اللحظة الأولى الرجل القوي في النظام الجديد لثورة يوليو، كان “عبدالناصر” راغباً في تأسيس فكرة جوهرية عن ثورة يوليو ومستقبلها، ووجد فيما كتبه “هيكل” تعبيراً حقيقياً عنه.
في هذه اللحظة بالذات تجسرت العلاقة بين الرجلين، وذاب الجليد، فقبلها بدا أن الأساتذة “إحسان عبدالقدوس” و”أحمد أبو الفتح” و”حسين فهمي” و”حلمي سلام” أقرب إلى يوليو ورجالها، ورغم أن “هيكل” التقى “ناصر” قبل الثورة وبعدها عدة مرات، بعضها مثير، إلا أنه لم يكن الأقرب.. حتى هذا اليوم البعيد من مطلع عام ،1953 فيومها تلاقت أفكار، ووضع “ناصر” ثقته في “هيكل”، الذي تولى صياغة خطاباته ووثائق الثورة، محاوراً وصديقاً.. حتى نهاية الرحلة.
و.. كانت تلك الأحاديث مع “جمال عبدالناصر”، مضافا إليها دفتر مذكراته اليومية في حرب فلسطين، هي الأساس الذي صيغت عليه “فلسفة الثورة”.. ثم ما أطلق عليه “يوميات الرئيس جمال عبدالناصر في حرب فلسطين”، التي نشرت على حلقات في مجلة “آخر ساعة” خلال شهري مارس/ آذار وإبريل/ نيسان من عام ،1955 والمذكرات المنشورة ليست يوميات بالمعنى الحرفي، ولكنها تصريحات أدلى بها “عبدالناصر” إلى “هيكل”، الذي صاغها مستندا لدواعي التدقيق في التواريخ على دفتر اليوميات الشخصية، الذي لم يتسن لأحد غيره أن يطلع عليه على مدى ستين عاماً منذ كتابتها.
وترجع أهمية هذه الوثيقة الخطية إلى أنها تكشف دواخل نفس “جمال عبدالناصر”، وشخصيته، بخطه هو، لا بأي خط آخر، ولم يكن في تصور “جمال عبدالناصر” عند كتابتها الدور الاستثنائي الذي سوف يلعبه -فيما بعد- على مسارح التاريخ.
وهذا هو الفارق الجوهري بين هذه الوثيقة الأصلية، والمرويات المتعددة التي كتبت عن حرب فلسطين ونسبت إلى عبدالناصر ما نسبت. ومضاهاة اليوميات المنشورة في “آخر ساعة” بهذا الدفتر الذي ينشر نصه الحرفي للمرة الأولى تثبت الاتساق في الروايات، لكن مواطن التركيز مختلفة، فاعتبارات المقاتل الغاضب تختلف -بطبائع الأمور- عن حسابات رجل الدولة.. وتكشف الوثيقة التاريخية، التي ربما تسبق في الأهمية “فلسفة الثورة”، رؤية عبدالناصر للصراع العربي - “الإسرائيلي”، أو خلفيات هذه الرؤية.
يمكنك أن تلحظ بسهولة -وهو شاب في الثلاثين- إدراكه لطبيعة الصراع، وان من طبائع العدو عدم الالتزام بالاتفاقيات الموقعة والعهود المبرمة، ولكنه يسجل بخط يده مواطن القوة عند هذا العدو، وبخاصة في أسلوب الحياة داخل المستعمرات والآلات الزراعية الحديثة فيها.
وقد زار مع قائده العسكري “الضبع الأسود” الاميرالاي “السيد طه” مستعمرة “جات” للتفاوض، وفي هذا التفاوض رفض القائد المصري تسليم الضباط والأسلحة، وكان القرار إجماعيا بالقتال حتى آخر جندي.. وربما تجد في هذا الموقف أصول “صرخة السويس” : “سنقاتل.. ولن نستسلم أبداً”.
وفي اليوميات تكتشف صلابة وجسارة عبدالناصر، ونسقه الأخلاقي، وارتباطه العاطفي بأسرته، وعمق هذا الارتباط، وسخطه على القيادة العسكرية والسياسية للبلاد، وبخاصة اللواء أحمد باشا المواوي قائد حملة فلسطين، وتأهبه للموت استشهادا بلا وجل، وعلاقة الصداقة المتينة ب”عبدالحكيم عامر”، وتصافح أسماء شهيرة من قيادات “الضباط الأحرار”، وأسماء أخرى لضباط قاتلوا بشراسة، واستشهد أغلبهم، ولا يعرف عنهم شيئا حتى اليوم.. والأهم أنك يمكن أن تلحظ العدد الكبير من الضباط الأقباط الذين قاتلوا أو استشهدوا في فلسطين، ويذكر عبدالناصر أسماءهم، وبعضهم مقرب منه، دون أن يرفق بالأسماء أدنى إشارة للهوية الدينية للمقاتلين من ضباط وجنود.
ويبدو أن مصر -الآن- لديها أزمة في ذاكرتها، وأزمة في نسيجها الاجتماعي الواحد، فأخذنا نفرق مالا يفرق.
على مدى (55) عاماً احتفظ “هيكل” في مأمن وثائقه بدفتر مذكرات “جمال عبدالناصر”، غير أن “الأستاذ” أشار إلى دفتر المذكرات في إحدى حلقات “مع هيكل” على قناة “الجزيرة”.. وقد اتصلت به بعد خمس دقائق من نهاية هذه الحلقة المثيرة، مستغرباً أن يحتفظ بوثيقة خطيرة، عمرها ستون عاماً، دون أن ينشرها.. وكانت إجابته : “لها وقت تنشر فيه.. في حياتي أو بعدها”.. وكان تعليقي : “ما وصلت إليه في عوالم السياسة والصحافة من مكانة رفيعة جعلت منك الصحافي الأول في القرن العشرين -بحسب تعبير النيويورك تايمز- لم يكن من فراغ”.. فرد على الفور : “عبدالناصر هو الذي لم يولد من فراغ”.. والمعنى أنه كان مؤهلا للقيادة والزعامة.. وأن نصوص المذكرات، مع ملاحظة أنه كتبها في الثلاثين من عمره.. وهي بالأساس مذكرات مقاتل، كاشفة لما جرى يوم 23 يوليو/ تموز وما بعده، كأنه شهاب انطلق من تحت نيران حرب فلسطين إلى أوسع عملية تغيير في مصر والمنطقة.
وفيما بعد قرر الأستاذ “هيكل” أن ينشرها، وطلب مني -وقد ألححت عليه قبلها باسم “جمال عبدالناصر” والولاء له أن تنشر هذه الوثيقة الخطيرة في عيد ميلاده التسعين- أن أذهب إليه، وأخذنا في مكتبه على نيل الجيزة نتصفح معاً دفتر اليوميات، قبل أن يبدأ مكتبه في تصوير نسخة خطية كاملة. وقال الأستاذ : “أنت تعرف خطوط الريس.. انظر معي، فهناك على بعض الصفحات خطوط أخرى لرجال آخرين، تسجل أوضاع التعيينات في الكتيبة بتواريخ سبقت وصول “جمال عبدالناصر” إلى غزة يوم 3 يونيه 1948 في قطار، وكان معه في الرحلة إلى ميادين القتال “عبدالحكيم عامر” و”زكريا محيي الدين”.
وبطريقة ما وصل الدفتر إلى “اليوزباشي جمال عبدالناصر”، وأخذ يسجل يومياته من لحظة الوصول.. وفي وقت لاحق، وقبل أن يعود الدفتر التاريخي الثمين إلى مأمنه في محفوظات “مؤسسة هيكل”، اكتشف “الأستاذ” مفاجأة مدوية، وهي أن “عبدالناصر” بعد أن سجل آخر يومية له في هذا الدفتر يوم (30 ديسمبر 1948)، عاد إلى الصفحة الأولى فيه (1 يناير)، معدلا تاريخ السنة (1948) ب(1 يناير 1949).. ومضت المذكرات الجديدة مسجلة شهادته على ما جرى في شهور يناير وفبراير ومارس من العام التالي للحرب.. وقبل أن يعود ل”القاهرة”.
وهي شهادة مضافة، وجزء لا يتجزأ من هذه اليوميات، على رؤية رجل ولدت إرادة الثورة فيه تحت وهج النيران.. سوف نزيح الستار عنها في وقت لاحق. ومن المعروف أن “جمال عبدالناصر” شرع في تأسيس “تنظيم الضباط الأحرار” قبل حرب فلسطين، ولكن فكرة الثورة على النظام بأكمله ولدت في ميادين القتال. وعندما عاد إلى القاهرة بدأ في إعادة بناء التنظيم وتشكيل لجنته التأسيسية تحت قيادته.. وكان لافتا في نصوص اليوميات إطلاق “عبدالناصر” على كل من هو أعلى منه رتبة لقب “بك”، غير أنه هو نفسه -بعد سنوات قليلة- من ألغى الألقاب في مصر، وافتتح صفحة اجتماعية جديدة فيها.
ولدت الثورة في قلب رجل عندما كتب بخط يده في يوميات القتال : “لقد فقدنا ثقتنا في قيادة الجيش.. وفي قيادة البلاد”. ولعل هذه العبارة -بالذات- هي المشهد الافتتاحي لإزاحة النظام الملكي بالكامل.. تمهيدا لعصر يوليو التي خاض معاركها، انتصر وخسر، وربما أكثر ما أوجعه بعد هزيمة (1967) أن بعض ما انتقده في عام (1948) تكرر معه عام (1967).
ثغرات النظام أدت إلى الانقضاض عليه والنيل منه.. وكانت تلك محنة رجل متسق مع نفسه ومع أفكاره، يصدق نفسه ويصدقه الشعب، لا يكذب ولا يدعي.. حتى وهو يكتب في مطلع شبابه يوميات قتال لا يتوقع أن يراها أحد.. أو أن المقادير سوف تصحبه إلى سدة السلطة العليا في مصر، وأن يكون بعد أربع سنوات الرجل القوي في مصر وبعد ثماني سنوات الرجل الذي يسقط الإمبراطوريتين الإنجليزية والفرنسية، ويصعد بالأحلام العربية -في تجربة الوحدة مع سوريا- إلى ذراها العالية بعد عشر سنوات فقط من كتابة مذكراته في خندق قتال على ضوء لمبة جاز.. كأنه شهاب انطلق من فلسطين إلى القاهرة.. كأنه نسر محلق في سماء المنطقة حملنا على جناحيه، قبل أن يهبط إلى مثواه.. ونهبط بعده إلى المأساة.

__________________

كيف ولدت الثورة في قلب رجل؟ ... (1)

وهنا تبدأ يوميات عبدالناصر :

الخميس 3 يونيو :

وصلت إلى غزة ك3 - ك 4.
قابلت شفيق معوض.
ذهبت إلى أبو عوف.. وبلغني أن محمود بك لبيب موجود في معسكر المتطوعين. ذهبت إلى هناك مع أبو عوف ولكن لم أجده. وفي الطريق إلى غزة قابلته مع الشيخ فرغلي.
اتفقنا على أن نصلي الجمعة سوية في معسكر المتطوعين.
في الساعة 00 :20 سمعنا إطلاق النار في قطاع “السرية 2”.. وظهر أنهم اشتبهوا في تقدم قوات معادية.

الجمعة 4 يونيو :

كنت أستعد للذهاب إلى محمود بك لبيب عندما صدرت أوامر بالتحرك من غزة إلى أسدود لغيار الكتيبة التاسعة. تعينت قائدا لجماعة الاستكشاف.تحركت الساعة 30 :13. مريت على دير سنيد لأخذ جماعة هاون وجماعة 6 رطل لنا هناك.
مريت على المجدل.. ووصلت أسدود الساعة 00 :16. قابلت عبدالحكيم والرحماني بك.. مريت مع عبدالحكيم على المواقع الدفاعية.. وكان الدفاع غريبا جدا فهو أشبه بالنقط الخارجية.
لا يوجد احتياط مطلقا من الفصيلة إلى اللواء. الجماعات على خط واحد.. فواجهة الكتيبة حوالي 4 كيلو. قابلت خليف وهين ومصطفى حامد.. وكان كل شيء هادئا.
عرفت من عبدالحكيم أن هذا الهدوء نادر وان الوضع الدفاعي عبارة عن دائرة من كتيبتين تحيطها المستعمرات من كل جهة تقريبا وان المناوشات الليلية مستمرة.. وحكى لي عن هجوم اليهود ليلة 2-3 يونيو بقوات كبيرة والخسائر التي تكبدوها.
وذهبت إلى محل الهجوم.. وكانت الرائحة لا تطاق.. والمخلفات التي تعبر عن العار. وهذه النقطة هي أقصى ما وصل إليه الجيش حتى الآن شمال أسدود.
إن الخط الدفاعي ليس به عمق ولا احتياط وهو عبارة عن موانع نقط خارجية فيه ثغرات تسمح بالتسلل ولا يوجد أسلاك أو أي تحصينات سوى الحفر.

السبت 5 يونيو :

وصلت الكتيبة السادسة الساعة 00 :11. وقابلها أحد الضباط عند أول أسدود واستلمت محلاتها.. وقد بلغنا القائد والضباط أن الموقف هنا يختلف جدا عن غزة.. فنحن محاطون بالمستعمرات من جميع الجهات ونشاط العدو ملحوظ.
وبقيت في مركز رئاسة الكتيبة في إحدى الحدائق المجاورة للطريق.. واستمر كل شيء هادئا.
الساعة 1830 حين بدأت مدفعية العدو تصب نيرانها فجأة على الحديقة.. وكانت القنابل تسقط في مواضع متفرقة.. وابتدأ الضرب حين كنت جالسا مع جاد بك الذي كان يلبس البيجامة ويجلس على السجادة.. وفوجئنا بصفير فوق رؤوسنا تبعه انفجار قريب رج أرض الحديقة. وكانت مفاجأة وجرى كل منا إلى حفرته. وكنت مع محب وكمال بشارة في حفرة واحدة.
واستمر الضرب حتى بلغ عدد القنابل اثنتين وعشرين.. وكانت جميعها تسقط قريبة ولكن لم تحصل أي إصابة. وتبع ذلك عواء الذئاب التي يعتقد أنها أصوات اليهود.. وتبعه إطلاق النيران.
وتلاحظ أن طلقات نارية تضرب من مكان قريب منا جدا.
وأخرجت دورية لتفتيش الحديقة.
وفجأة حوالي الساعة 00 :21 بدأ الخط بفتح نيران وطلب العوضي نيران نجدة في المدفعية. وبلغني أن ذخيرة الهاون (67) نفدت.. وطلبت من المدفعية نيران نجدة فأعطتها في الحال. وبلغني العوضي أنه يرى أنوارا متحركة أمامه.
وعرفته أن ذلك ربما يكون الغرض منه استهلاك ذخيرتنا.. واني لن استطع أن أرسل له ذخيرة في أثناء الليل.. وفعلا كان الإسراف شديدا في الذخيرة.. ولم يطمئن الجنود إلا بعد إطلاق ذخيرة كاشفة ورؤيتهم أنه لا يوجد عدو مطلقا.

الاثنين 28 يونيو :

وصل أمر إنذاري بالاستعداد للهجوم يوم ،28 ومؤتمر يوم 29 الساعة 00 :10

الثلاثاء 29 يونيو :

حضرنا المؤتمر.. كان عبارة عن عدة مؤتمرات.. واحد بخصوص التأمين الاجتماعي.. وواحد بخصوص طلبات لإدارة الجيش.
حضر الشاذلي الذي كان في منتهي الوقاحة إذ قال إن أي ضابط في المدفعية أحسن من بتوع المشاة الذين أظهروا الجبن.. وقوبل بثورة من الجميع.
وقال له أحد الموجودين قبل ما تتكلم تعال امسك سرية.. وقال نعمة الله بك إن عساكر وضباط المشاة بيهجموا على المواقع اليهودية بالقميص وبدون أي أسلحة مدرعة الأمر الذي لم تسمع عنه.. والحقيقة أن موقف الشاذلي كان في غاية السخافة.
تكلمنا مع الوالد وتحية

الأربعاء 30 يونيو :

حضر عبدالحكيم وثروت.. وتكلمنا بخصوص الجواب المطلوب إرساله لمصر.. وأخبرتهم أني أرسلته فعلا بالأمس مع عبدالله مهدي.
تكلمنا مع الوالد وتحية بالتليفون الساعة 30 :15. وكانت تحية تكرر السؤال دائما عن ميعاد العودة الذي لا يعلمه إلا الله.
في الساعة 30 :16 حضرت مع جاد بك مؤتمرا لشرح الخطة المقبلة على تختة الرمل. وكان يشرح الأرض جبر ويساهم في ذلك رزق الله الفسخاني ونعمة الله بك.. وأخيرا تكلموا عن الخطة.
أما الوقت فهو عبارة عن تكرار لليوم السابق : صحيان الساعة 00 :6 وشغل مرور وبوستة حتى الساعة 30 :13 ويشمل ذلك الكتب ثم الغداء.
وبعد ذلك حتى الغروب تكملة الأعمال المطلوبة.. والنوم الساعة 00 :22.

الخميس أول يوليو :

خرجت مع القائد في الصباح للاستكشاف من تبة المغناطيس ولكن لم نتقدم عن التبة.. وطلبت منه الخروج باكرا للاستكشاف مع ضابط المخابرات وضابط الحمالات.

الجمعة 2 يوليو :

خرجت الساعة 700 مع حسن رأفت وإسماعيل محيي الدين للاستكشاف ومعنا مدفعا برن وثلاثة تومي وتوجهنا إلى تبة الفنطاس. وقابلنا ضابطا سودانيا وعرفناه عن اتجاهنا وتوجهنا. وقابلنا عربيين وأخذناهما معنا. وتوجهنا بالعربة إلى مكان مزروع بالذرة خلف تبة.. وتركنا العربة وتوجهنا إلى (النبي صالح).
وأشرفنا من هناك على (كامب جوليس) وكان غرضنا استكشاف الصوافير الغربية ولكن لم أتمكن من رؤيتها.. وبلغنا العربي الموجود معنا أن اليهود موجودون بالجنينة شمال النبي صالح ففتشناها ولم نجد بها يهودا.
وكنا في موقع بين الكامب وبيت دراس. وبعد مدة طويلة تبلغ ساعتين عدنا إلى العربة.. وعندما ركبنا العربة بلغني إسماعيل أن التبة التي خلفنا عليها يهودي.
وركب الجميع وتحركت العربة.
وبلغني إسماعيل أن العدد زاد وأصبح حوالي خمسة عشر.. وتحركنا في وسط التبة وخرجنا بسلام..

السبت 3 يوليو :

ذهبت مع القائد وقواد السرايا إلى تبة المغناطيس لشرح الأرض.. وتوجهنا إلى البيت الأبيض قرب التبة.

الأحد 4 يوليو :

حاولت الكلام بالتليفون ولكن الخط كان مشغولا.. وتكلمت الساعة 00 :19 ولكن لم يرد أحد.

الاثنين 5 يوليو :

علمنا أن جلالة الملك سيزور المواقع غدا.

الثلاثاء 6 يوليو :

حضر صاحب الجلالة الملك للمرور على المواقع ووصل إلى أقصى المواقع الأمامية الساعة 30 :7.
.....
.....
خرجت للاستكشاف (معسكر جوليس) ومعي حسن عثمان والفيومي ولبيب وثابت ورأفت وكمال بشارة ويسري.. وتوجهنا إلى النبي صالح والتبة الموجودة جنوبه.. واستكشفنا المعسكر جيدا.. ووجدنا دشمة مبنية خلف المعسكر القديم... ورأينا مصفحتين خلف المعسكر متجهتين إلى الجنوب.
واستمر الاستكشاف من الساعة 00 :15 إلى الساعة 00 :،18 وعدنا بسلام وكنا على مسافة 1100 ياردة من المعسكر.

الأربعاء 7 يوليو :

طلب القائد لحضور مؤتمر يرأسه اللواء.. تكلمت مع تحية بالتليفون حوالي الساعة 00 :،17 وقبل الكلام بالتليفون حضر مراسلة يطلبني لمقابلة القائد.
ذهبت فوجدت أن الأوامر صدرت للكتيبة السابعة بنقض الهدنة ليلة 7-8 ومهاجمة بيت دراس في عملية ليلية... يقوم بها السودانيون.

الخميس 8 يوليو :

كانت أخبار الغارة على بيت دراس سيئة جدا فإن القوات السودانية استطاعت التسلل والدخول إلى البلدة وبدلا من أن يقوم القائد بإطلاق إشارة النجاح أرسل إشارة طلب النيران الدفاعية فأطلقت المدفعية نيرانها على القوات ولم يحصل أي تعزيز.
وعاد السودانيون بعد أن أسر قائدهم وتكبدوا بعض خسائر.. ولكن بعد أن ذبحوا عددا كبيرا من اليهود.

الجمعة 9 يوليو :

وصلنا أمر إنذاري الساعة 00 :14. الكتيبة تستعد للهجوم.. تسلم المواقع الدفاعية.. الغرض جوليس.. يتم الاستكشاف قبل المساء.
توجهنا للاستكشاف الساعة 00 :16 ودخلت ومعي إسماعيل ورأفت وبشارة إلى آخر جنينة تشرف على جوليس.. وقمنا بعمل رسم للبلدة.. عملنا خطة للهجوم وكان جاد بك يعتد برأيه.
وكانت الخطة.. سرية نيران وسرية تتقدم من الغرب وسرية من الجنوب وسرية احتياط.

السبت 10 يوليو :

تحركت الكتيبة إلى منطقة التجمع الساعة 00 :7. وأعطى القائد الأوامر الساعة 30 :9. وحدد ساعة الصفر الساعة 00 :11. وبدأت العملية وكنت في مركز الرئاسة في عربة اللاسلكي مع جاد بك وبشارة وكمال عبدالحميد.
استمر التقدم بانتظام ولكن القائد فقد أعصابه.. طلب التقدم وعاد وطلب تغيير محل الرئاسة إلى طريق عراق سويدان.
وتقدمت الرياسة وتركها القائد وطلبني لأقدم جماعتي هاون لأساعد السرية الأولى.. تقدمت ومعي عيسى سراج الدين ضابط المراقبة الأمامي.. وكانت تطلق علينا مدافع الماكينة وتمر فوق الرأس.
وعدت إلى مركز الرئاسة فلم أجد القائد ووجدت طلبات من السرايا تريد الإجابة عليها.
السرية الأولى تطلب ذخيرة.. وتطلب إخلاء الجرحى.. السرية الثانية فقدت اتجاه فصيلتين.. السرية الثالثة لا ترد.. السرية الرابعة وصلت إلى غرضها.
وعندما بدأت أرد على طلبات هذه السرايا علمت أن إسماعيل محيي الدين توفي وهو داخل الحمالة وأن اليهود يستعملون 20 مم..
وصلني مراسله راكباً يقول إن القائد يطلب سحب الكتيبة إلى الجناين.. وانه موجود عند بعض السرايا الاحتياطية.. طلبت قائد اللواء بالتليفون فطلب مني أن ابقى في مواقعي.
ولكن وصلني مراسله وأخبرني أن القائد سحب جميع السرايا ما عدا السرية الأولى وأنه طلب سحبها.
أخبرت اللواء بذلك وعملت ترتيب سحب السرية وتم الانسحاب بخسائر قليلة.. وكانت الخسائر 15 قتيلا و30 جريحا..

الأحد 11 يوليو :

اتخذت الكتيبة موقعا دفاعيا حول محطة التجارب.. وقضينا الليلة هناك.
وفي الصباح وصل أمر للكتيبة باحتلال جوليس اليوم.. وعزل جاد سالم من القيادة.. وتسليم الكتيبة لحسين كامل.
كان حال الكتيبة لا يشجع أي هجوم.. توجهنا للمجدل وأفهمناهم حال الكتيبة.
وصل أمر لنا باحتلال تقاطع عراق سويدان - المجدل - كوكبة - جوليس.
ذهبت مع قائد اللواء وأركان حرب اللواء وقائد الكتيبة وقادة السرايا..وغيرنا سرية من ك 9 غرب نجبة.
وطلب منا وضع سرية على تقاطع الطرق نجبة - جوليس.. وسرية على تقاطع الطرق عبديس - جوليس.
احتل لبيب محله بعد السرية الموجودة تحت نيران المدفعية.. وتواجدت مع السرية الثانية غرب نجبة.
وكانت نيران مدافع الماكينة من نجبة تتناثر حولي والمدفعية تسحل الطريق بين السرية الثانية والرابعة.
عدت إلى تقاطع عراق سويدان.. فوجدت أن سرية حسني (السرية الأولى) لم تتحرك وأن حسني لم يعد من استكشافه.. وعاد حسني في حالة عصبية وأخبرني أن اليهود فتحوا عليه نيرانا وأن الحمالات تركته وأنه لا يستطيع أن يحتل محلاته الآن فاتفقنا على أن يحتل محلاته قبل أول ضوء.. وكان في حالة يرثى لها ويقول إنه لا داعي لاحتلال هذه المواقع.. وعدته أن أذهب معه في الصباح إلى الموقع.
فقدت الأمل في النجاة

الاثنين 12 يوليو :

توجهت مع السرية الأولى إلى محلاتها عند تقاطع الطريق جوليس - عبديس.. وكان الموقع مغمورا بالنيران من التباب غرب عبديس.. واتخذت السرية مواقعها تحت النيران.. واستترت مع عبدالعزيز في حافة الطريق.. وكان الرصاص يتساقط حولنا.
بعد أن استقرت السرية حوالي الساعة 600 في محلها ركبت حمالة وعدت إلى السرية الرابعة وقد تعطلت الحمالة.
ذهبت إلى السرية الرابعة وكان يطلق على مواقعها نيراناً أوتوماتيكية من نجبة.. وكان الرصاص يمر فوق رؤوسنا.
ووصل سامي يس إلى موقع السرية وطلب مني أن نذهب إلى السرية الأولى فذهبنا وكانت النيران قد تزايدت على مواقع السرية.
وحاولنا معرفة مواقع العدو ولكنها كانت مختفية فاستترنا خلف إحدى الحمالات..ثم ركبت مع سامي حمالة وتوجهنا إلى المحلات التي يطلق علينا منها.. ولكن لم نتمكن من تمييز محلها.
وعدنا ولكن لاحظت أن هناك دما يتساقط على القميص.. فسألت الجاويش عبدالحكيم الذي أخبرني أن هناك جرحا بسيطا في ذقني.. ثم قمت مع سامي للعودة فقام العدو بإطلاق نيران شديدة على الحمالة فشعرت أني أصبت في الصدر من الجهة اليسرى.
ونظرت فوجدت أن الدماء تبلل القميص حول الجيب الشمال وأن القميص به خرم متسع..وكان محل الإصابة يظهر في منتهي الخطورة.. فوق القلب.. فأخبرت سامي الذي أخذني إلى محطة الغيار الأمامية.
وقد كان منظر الجرح يدعو إلى القلق ولكن عندما فحصه الطبيب قال انها شظية وليست رصاصة. ونقلت في الحال إلى مستشفى المجدل. ودخلت غرفة العمليات وبالفحص وُجدت بالجرح شظيتان صغيرتان أخرجهما الدكتور وخيط الجرح.
وقد ارتفعت روحي المعنوية وحمدت الله فأول ما خطر على بالي عند الإصابة كان الأولاد وأمهم.. والحقيقة أنه عندما عرفت محل الإصابة فقدت الأمل في النجاة ولكن الله كريم.

الثلاثاء 13 يوليو :

عدت إلى الكتيبة حوالي الساعة 1100 وكانت حالتي متعبة إلى حد ما.. ولكن كان لابد لي من العودة وكل عمل الكتيبة في يدي.. كانت السرية الأولى في موقف حرج.. وفي الساعة 1300 صدر أمر بسحبها.
وتوجهت مع ضابط المراقبة الأمامي إلى محل السرية (الذي أصبت فيه بالأمس) لإعطاء مساعدة لها وعمل شارة دخان.
وكان الجنود المشاة قد انسحبوا فعلا أما 6 رطل فكان في محله.. وكان هناك حسن عثمان والفيومي وحسني.
بعد تسجيل الأغراض عدت إلى مركز الرئاسة.. وكلمني الفيومي بالتليفون وقال إن اليهود هجموا خلاص.. رحنا خلاص.
وانقطعت المكالمة.
اتصلت بلبيب (س 4) وطلبت منه إرسال فصيلة وجماعة م م لستر انسحاب الفيومي وحسن عثمان.
وعاد لبيب وقال إنهم انسحبوا وسحبوا مدفعا وتركوا مدفعين وأخذوا ترابيسهم.. ووصل حسن والفيومي في حالة يرثى لها.. عندهم صدمة عصبية ونقلوا للمستشفى.

الأربعاء 14 يوليو :

سقطت قنابل على مركز الرئاسة فقتلت أربعة وأصابت ثلاثة.. واستمر سقوط القنابل.
فطلبت من المدفعية ضرب المكان الذي أعتقد أن المدفع به.. فسكت.
بلغتني س2 أن اليهود يحتلون الآن مكان س1. فعملت على ضرب هذا المكان بالمدفعية.
صدر أمر بتغييرنا بالكتيبة التاسعة.. ونقل الكتيبة إلى القشلاق المهجور الإنجليزي جنوب شرق نيتساليم. استلم مني رؤوف محفوظ سرية إلى أسدود.

الخميس 15 يوليو :

سرية توجهت إلى تقاطع طرق عراق سويدان.. هجمت ك3 على (بيرون إسحق).
بعد أن دخلت المستعمرة لم تؤمن الطرق فحصل هجوم مضاد.. أرسلت سرية من ك6 لإنقاذها.. ولكن وصلت متأخرة وعادت.
وبلغني لبيب أن العويس توفي وأن شفيق معوض حالته خطرة.
مجلس الأمن قرر وقف القتال في إذاعة المساء.

الجمعة 16 يوليو :

س4 اتخذت مواقع دفاعية جنوب تبة المغناطيس.
س1 توجهت إلى اللواء الثاني.. هجوم من اليهود على طول الجبهات أثناء الليل ورد خاسرا.

السبت 17 يوليو :

علمت بوفاة فيليب بقطر في موقعه أمس بالكتيبة الخامسة. أوقف القتال نهائيا بالقدس.. التقطت إشارة أن العدو حول ستة آلاف مدد أمام أسدود.

الأحد 18 يوليو :

صدرت أوامر بإيقاف القتال الساعة 00 :17.
كانت السرية الأولى تقوم بعملية تثبيتية عند جوليس.
وكانت السرية الثانية تقوم مع قوات أخرى بالهجوم على كراتية لفتح الطريق إلى الفالوجة.
في الساعة 1720 فوجئنا بمعركة في الجو بين خمس طائرات سقطت إحداها فوق خطوطنا.. اعتقدنا أنها يهودية ولكن ظهر أنها مصرية بقيادة الجنزوري فاجأتها ثلاث طائرات يهودية بعد الهدنة.

الاثنين 19 يوليو :

زارني ثروت عكاشة ووحيد حلمي.
المواوي في منتهى السماجة والغرور

السبت 24 يوليو :

ابتدأ الملل يسري في دمائنا.. الحالة اليومية متكررة.. الواحد بدأ يقرف من كل شيء ولا يعمل شيء.

الأحد 25 يوليو :

مرور المواوي على الخط الدفاعي.. الذي لم يمر عليه مطلقا قبل الآن إلا مع جلالة الملك.. يمر عليه الآن بعد انتهاء القتال.
كان في منتهى السماجة والغرور والجهل.. كل ملاحظاته تقريبا غلط.. الراجل نسي نفسه وركبه الغرور.. كان يقول مبادئ 100 سنة هدمتموها.. ويتكلم في النقط الهايفة.. ولم يرتد ثوب القائد الذي يكلم جنوده بعد معارك أصيبوا فيها بخسائر جسيمة وصمدوا.
كلمني عبدالحكيم وأنا أمر مع المواوي فلم يجدني.. قال إنه سيتكلم في المساء.
لم أستطع الكلام مع المنزل.. اتصل بي عبدالحكيم الساعة 00 :،23 ولكن لم أستطع الكلام معه إلا الساعة 00 :11. وكلمني حمدي عاشور.. زارني عبدالمنعم والمنشاوي.

الأربعاء 28 يوليو :

قام اليهود بنقض الهدنة في الساعة 00 :1 عند الفالوجة وكان إطلاق النار مستمرا حتى الصباح.
وعلمت أنهم أرادوا المرور إلى المستعمرات الجنوبية فحاولت القوات منعهم وحدث اشتباك.. وفي الصباح بدأت المدفعية تشترك في المعركة ثم اشترك الطيران.. ويقال إن خسائر اليهود كثيرة.. واستمرت المعركة حتى الغروب.
وصلني جواب من حسن إبراهيم.. قدمت طلب إجازة من 2 إلى 6 أغسطس.. كلمت تحية في التليفون.
غيرت رتبة اليوزباشي برتبة الصاغ.

الاثنين 23 أغسطس :

علمت اليوم خبراً لم أصدقه لأول وهلة.
إن أحمد عبدالعزيز قتل أمس عند عودته من بيت لحم.. وتفصيل الأمر أن أحمد عبدالعزيز وصلاح سالم والورداني عادوا بعد مؤتمر العرب واليهود بالقدس لمقابلة المواوي.
وعندما اقتربوا من عراق المنشية حوالي الساعة 00 :20 فتحت عليهم نيران من المواقع المصرية.
فكان أحمد عبدالعزيز هو الضحية.
ولقواتنا بعض العذر فإن اليهود يخرقون الهدنة يوميا في هذا المكان محاولين العبور إلى المستعمرات الجنوبية.
قد تألمت جدا فإن أحمد عبدالعزيز كان يحب أبناءه.. وكان في عز مجده الذي لم يجاز عليه ولم يره الشعب ولم يستقبله.. مات أحمد عبدالعزيز وكله أمل في الحياة.. لقد تألمت جدا.. لهذه الآمال التي انهارت.. كان آخر ما قاله لصلاح سالم.

الأربعاء 8 سبتمبر :

تكلمت مع تحية في التليفون وبلغتها أني سأحضر يوم 10 بعد بكرة..طلبني اللواء تليفونيا.. وطلب مني أن أذهب وأقابله.
وبلغني في المقابلة طلب رئاسة القوات بأن أتواجد مع القائد وقائد اللواء وأركان اللواء الساعة 00 :8 باكر.

__________________
 
التعديل الأخير:
كيف ولدت الثورة في قلب رجل ؟ ... (2)

__________________

كيف ولدت الثورة في قلب رجل ؟ ... (2)
تواصل “الخليج” نشر يوميات عبد الناصر الشخصية في حرب فلسطين.. وهذا الجزء من اليوميات ينتقد فيه عبد الناصر قيادة الجيش المصري ويحملها مسؤولية كل المصائب ويصفها بالعجز والنفاق وخداع المواطنين ويقول عنهم إنهم مضللون وممثلون، ويشير في يومياته بصراحة إلى أن اليهود كانوا الأفضل عسكريا، وأنهم لا يحتفظون بالعهد ولا أمان لهم.. ونبدأ في استكمال اليوميات كما تركها بخط يده :
الخميس 9 سبتمبر :

ذهبت لرئاسة القوات وطلبوا من الكتيبة احتلال خط عراق المنشية بيت جبرين، اتصلت بعبد الحميد وبلغته أن إجازتي تأجلت.. وقمت مع صلاح سالم إلى عراق المنشية..
وصلت السرية الأولى.. احتلت خربة الأمير..
رأيت محل الكمين الثاني (الذي) عمله تهامي وأثر العربات اليهودية التي نسفت..
كانت ك 1 في عملية لاسترداد أبو جابر.. توجهت مع صلاح إلى بيت جبرين..

الجمعة 10 سبتمبر :

تركت معسكر نتسانيم إلى عراق الأمير.. وصل لبيب واحتل عراق المنشية..

السبت 11 سبتمبر :

وصل المواوي باشا عراق المنشية وذهبت معه إلى بيت جبرين.. وعدنا سويا.. وكان يطلب تعديل الدفاعات في عراق المنشية..

الأحد 21 سبتمبر :

الحمد لله..
دخلت في حقل ألغام بنوع الخطأ.. فبعد استكشاف عراق الخراب مع عبد الفتاح فؤاد وعبد العزيز كامل طلب السير في طريق غزة بير سبع.. وقد عأرضته لأني أعرف أن في هذا الطريق ألغاماً.. ولكنه صمم على السير..
ووجدت فجأة أن العربة وسط الألغام الموجودة خلف عراق الأمير ومنسوف فيها لغمان وآثار عربات اليهود حولنا.. رفعنا محلينا.. وخرجنا بعون الله..
ذهبت للمجدل لأكلم تحية.. كلمتها الساعة 17،00 وقابلت عبد الحكيم..
وفي العودة اصطدمت بعربة من ك 1. ولكن الله سلم.. كنت مسرعا حتى أصل بيت جبرين قبل الساعة 18،00 وصلت الساعة 18،00 والحمد لله..

الجمعة 17 سبتمبر :

سافرت في الإجازة في قطار الساعة 6،20 في غزة..

الأربعاء 22 سبتمبر :

عدت بعد انتهاء الإجازة الساعة 11،30.

الخميس 23 سبتمبر :

وصلت الكتيبة الساعة 1،00. زكرين.. ودير الريان.. عجور.. بيت الجمال.. تهاجم.. تحركت إلى بيت جبرين..

الجمعة 24 سبتمبر :

قام القائد في إجازة.. تسلمت قيادة الكتيبة..

الأربعاء 29 سبتمبر :

مر المواوي باشا وموسى لطفي باشا على مواقع الكتيبة.. وقد أعجبوا بالمواقع الدفاعية..

الجمعة أول أكتوبر :

وصلتني الساعة 9،00 ورقة من لطفي واكد الحاكم الإداري ببيت جبرين يقول إن اليهود احتلوا خربة المجحز وأنه مع المناضلين يناوشونهم ويطلب النجدة..
أرسلت كمال بشارة لمقابلة واكد واستكشاف مواقع العدو.. وصدرت أوامر بأن يطرد العدو من موقعه..
فاتصلت بكمال على أن يقابلني في الكتيبة.. وقمت ومعي خمس حمالات برن بقيادة الشاويش عبد الفتاح وفصيلتان مشاة وجماعة هاون 2ر4 بوصة وجماعة فكرز بقيادة الحديدي وعربيتان هامر بقيادة فايز يكن..
وصلنا إلى منطقة التجمع وتحركت للاستكشاف..
خربة المجحز عبارة عن عدد من المنازل فوق تبة عالية تشرف على الأرض المحيطة بها.. والعرب مشتبكون معهم..
وضعت الخطة كالآتي.. ساعة صفر ،16،00 من صفر + 10 إلى صفر + 10 نيران هاون ومدافع ماكينة..
ستتقدم الحمالات من الجنب الأيمن إلى البلدة رأسا.. تتقدم المشاة من الجانب الشمالي بقيادة الشاهد..
حدث الآتي :
فتحت نيران المدفعية ومدافع الماكينة ولكن لم تتقدم المشاة..
وكان الاتصال بها بالمراسلة لتعطل اللاسلكي.. اتصلت بنا الحمالات وبلغتنا أنه يوجد خور يمنع تقدمها..
كانت الساعة 17،00 ولم تتقدم الحمالات ولم تتقدم المشاة وكان المسلحون العرب معرضين لنيران العدو..
وفي الساعة 17،30 بلغ قائد الحمالات أنه استطاع أن يعبر الخور مسافة مفتوحة رأسا إلى العزبة..
وفي الساعة 17،40 بلغ أنه دخل البلدة وقتل جميع اليهود الموجودين بها..
توجهت في عربة هامر إلى البلد.. سلمتها لمحمد عبد الهادي قائمقام الخليل وعدنا إلى عراق المنشية الساعة 22،00.
لم تحصل أي خسائر..
التحموا مع اليهود وانتصروا

السبت 2 أكتوبر :

حضر قائد اللواء..
قام كمال بشارة إلى المجحز.. وجد أن العرب مثلوا بالقتلى اليهود.. قام بتأنيبهم.. وأحضر بعض الألغام وجوابات القتلى..
أحضرت فصيلة الحمالات الأسلحة الآتية من اليهود :
مدفع هاون 3 بالقاعدة الجديدة.. مدفع هاون 2 بالقاعدة الجديدة.. مدافع بيات وقنابل كثيرة.. واحضروا مأكولات وسجاير وعلب بيرة..
وقد أخذنا الأسلحة وأعطيناهم المأكولات والسجاير..
كانت هذه المعركة سببا كبيرا في رفع الروح المعنوية..
أصبحت روح عساكر فصيلة الحمالات عالية جدا.. لقد التحموا مع اليهود وجها لوجه.. وانتصروا بدون خسائر..
كان حسن التهامي وفايز يكن موجودين لحماية الجانب الأيمن.. وقال الجميع إنها أبسط عملية للآن..
وكان الهاون 2ر4 بوصة عظيما جدا.. ضرب مواقع العدو من مسافة 3100 متر..وكان العدو يستعمل هاوناته ومدافع اللافايت ولكنها لا تفلح.. كانت جماعة مدافع الماكينة ومعها الحديدي تضرب على مسافة 2000 متر.. وكان ضربها مؤثرا جدا..
بعد المعركة وجدت خوذات للعدو بكل منها دفعة..
كان لطفي واكد من أسباب نجاح المعركة.. فعندما علم باحتلال المجحز.. قام ومعه المناضلون.. واشتبك مع العدو..
ومنعه من عمل أي تحصينات.. فلم تقم أسلاك ولم توضع ألغام..

الأحد 3 أكتوبر :

حضر بعض العرب وقالوا إن اليهود استولوا على المجحز مرة أخرى وطردوا المناضلين..
بلغنا اللواء الرابع.. فقال إنها مسؤولية لواء المتطوعين..
بلغنا لواء المتطوعين.. فقال إنها مسؤولية الكتيبة..
أعطيت العرب صندوقي ذخيرة.. وطلبت منهم عدم تمكين اليهود من عمل أسلاك..
فأنا أعرف أن تأخير الهجوم سيفيد اليهود في عمل التحصينات، وأعرف أيضا أنه لابد وسيصدر أمر لأي شخص بعد مدة من التردد بالاستيلاء على البلد..المواوي في بيت لحم..
نعمة الله ملخوم.. مش عارف يعمل إيه..مضى اليوم بدون أي تصرف..
معركة المجحز الثانية

الاثنين 4 الثلاثاء 5 أكتوبر :

استمر العرب في مناوشة العدو ويطلبون نجدة..
حضر نعمة الله بك وفؤاد بك ثابت.. لم يتخذا أي قرار..
الساعة 16،00 صدرت أوامر بالاستيلاء على المجحز..
القوة.. سرية في ك1.. جماعة حمالات من ك1.. وجماعة حمالات من ك6.. وجماعة فكرز من ك1.. جماعة هاون 2ر4 بوصة من ك6.. وجماعة هاون 3 من ك1.. على أن تكون القيادة من ك 6.
استعددت للخروج.. ولكن عدلت القيادة على أن تكون من ك 1.
خرجت القوة بقيادة زكريا وخرجت معه.. كان الوقت متأخرا..
فقررنا تأجيل الهجوم للصباح على أن تبيت القوة في (الخليل)..
عمل اللازم للدفاع ووضعت الخطة على أن تبدأ العملية في أول ضوء.. ونمنا أنا وكمال بشارة على الأرض على بطانية.. واتغطينا ببطانية..
وقمنا في الساعة 4،00 صباحا يوم 5 أكتوبر.. وبدأت العملية..
الهجوم كان مقدرا له الساعة ،5،30 ولكن تأجل للساعة 7،00 لقلة ذخيرة الهاون 4ر2 بوصة..
بدأ الهجوم..
الحمالات من اليمين والمشاة من الشمال، وبدأ الهاون 2ر4 والهاون 3 في ضرب الغرض..
قطعت المواصلات مع المشاة، وطلبنا من الحمالات التقدم ولكن الملاح لم ينفذ، كان قريبا من محلات العدو..
ولم يقتحم وكان بذلك معرضا لنيران شديدة من العدو وهاوناته..
غالي مسيحة قائد المشاة لم يبذل أي مجهود لكي يتقدم..
الحمالات لم تتقدم..
الساعة 2،00 هبطت حدة الهجوم..
أوقفنا العملية على أن نبدأ عملية أخرى الساعة 15،00.
طلبنا الملاح.. فقال إنه لن يستطيع التقدم إلى الخربة مطلقا.. وهو مستعد لحماية جنب أو شيء..
طلبنا الشاويش عبد الفتاح من الكتيبة.. ومعه جماعة حمالات.. وصل عبد الفتاح الساعة ،14،00 طلبنا منه التقدم إلى المجحز رأسا، على أن توضع جميع حمالات الكتيبة السادسة تحت قيادته.. وكانت روحه عالية..
.....
.....
المعركة.. قطع الطريق بواسطة جات وكراتيا
الساعة 15،00 بدأت المعركة بنيران شديدة.. الهاون 2ر4 بوصة..
وتقدم عبد الفتاح مع الحمالات.. وفي الساعة 15،20 كان داخل المجحز يطلب المشاة..
وصلت إلى المجحز.. وكانت تحت نيران شديدة من العدو..
انفجار جوي.. هاون أسلحة صغيرة..
وكان غالي مسيحة قد وصل إلى هناك مع سريته واتخذ مواقع دفاعية وانسحبت الحمالات.. عدت إلى محل التشكيل.. وجدت زكريا.. واتفقنا على أن يأخذ الأسلحة المساعدة.. الفكرز والذخيرة والأسلاك والألغام ويذهب للمجحز حيث سيبيت هناك.. وآخذ أنا المتبقي وأبيت في الكتيبة..
وصلتني فصيلة من ك ،6 وفي نفس الوقت وصل أحمد شريف..
وبلغني أن العدو استرد المجحز، وأن القوة انسحبت..
بقيت فوصل زكريا وبلغني أنه قابل القوة منسحبة في الطريق.. ويظن أن السرية انسحبت بدون أدنى مقاومة.. جمعنا نفسنا وبتنا في الكتيبة..

الأربعاء 6 أكتوبر :

عودتي إلى عراق المنشية..
معركة المجحز الثالثة

الخميس 7 أكتوبر :

قطع الطريق ضرب عراق المنشية بالطائرات..
1500 اتصل الشافعي بنا.. وطلب إرسال سرية بسرعة وجماعة هاون 2ر4 بوصة.. وكان صوته يدل على منتهى الانزعاج.. أرسلت سرية بقيادة حسن عثمان..

الجمعة 8 أكتوبر :

طلبت وضع سرية بالكتيبة وسرية بالدرايمة..وقلت إن اليهود بنشاطهم في ذكرين ودير الريان في آنستا، ونشاطهم في المجحز وفي أبو جابر في الجنوب.. ينوون على ما اعتقد فتح طريق في هذا القطاع..
وبينت ذلك لفؤاد بك وثابت وصلاح سالم وعبد الفتاح فؤاد..
أرسلوا لنا سرية على أن تقوم بدورية ليلية على المجحز باستمرار..
فاعترضت على ذلك، وقلت إن اليهود لابد وأن يضعوا كمينا لها.. والأجدى هو وضعها بالكتيبة..
وقد وافق قائد اللواء على ذلك..
سافر عبد الحكيم وزكريا بالإجازة، وكلموني بالتليفون من عراق سويدان..

السبت 9 أكتوبر :

أوامر من اللواء الرابع بوضع 300 عسكري من الإمداد بالرجال تحت قيادة الكتيبة..

الأحد 10 أكتوبر :

ساعة 1200.
وصل محمد السيد ومعه 300 من الإمداد بالرجال.. صدر أمر بإلغاء الهجوم الثقيل على المجحز..

الاثنين 11 أكتوبر :

صدرت أوامر أمس بسحب السرية الأولى من هربيا من قيادة القوات الضاربة وتنضم إلى الكتيبة..
وصلت الساعة 10،00 ووضعت بالاحتياط..

الثلاثاء 12 أكتوبر :

عادت القوة الخاصة بالإمداد إلى غزة.. وتركت سرية مع الكتيبة..
أوامر باحتلال أبو طر والسكرية كل منها بفصيلة..
الأوامر من صلاح سالم وعبد الفتاح فؤاد..
عارضت هذه الفكرة..

الأربعاء 13 أكتوبر :

بلغني الساعة 20،00 من الشاهد بخربة الأمير أن العدو يحاول اتخاذ مواقع أمامه..
أمرت الهاون 2ر4 بوصة بضربه..
وطلبت من حسني عبد العزيز الذي كان وصل اليوم أن يأخذ فصيلتين ويقوم دورية قتال..
وصل فلم يجد شيئا فطلبت منه المبيت..

الخميس 14 أكتوبر :

بلغني حسني أنه وجد طلقات فارغة في المحل الذي كان به العدو وسلك شائك..
أخذنا مندوبي لجنة الهدنة لمعاينة المكان..

الجمعة 15 أكتوبر :

12،00 طلبت لمقابلة أركان اللواء الساعة 15،00.
15،00 بلغت أن العدو استطاع أن يمرر في الليلة الماضية بين التقاطع والمجدل عددا كبيرا من العربات..
16،00 طلب مني أن أرسل تحت قيادة اللواء السرية الأولى وسرية الإمداد..
قابلت عبد السلام عفيفي في رئاسة اللواء وصلاح سالم..

السبت 16 أكتوبر :

من الساعة 20،30 أمس..
نشاط للعدو في خربة الأمير.. احتل خربة عطا الله..
الساعة 5،00 بدأت القنابل تسقط على عراق المنشية ثم بدأ الهجوم الكبير..
دبابات طائرات مشاة..
النصر الكبير
خرق اليهود للهدنة في قطاع ك 6.
الساعة 20،30 أمس اتصل الشاهد بي من خربة الأمير، وقال إنه يسمع حركة، فطلبت منه أن يعمل على إرسال دورية استكشاف..
عادت.. وقالت إن العدو يحاول احتلال خربة عطا الله والتبة جنوب الطريق، فطلبت منه أن يعمل على إرسال دورية استكشاف، عادت وقالت إن العدو يحاول احتلال خربة عطا الله والتبة جنوب الطريق.. فطلبت منه إرسال دورية قتال وإزعاجه بالهاون.. واستمرت المناوشات طيلة الليل..
وفي الساعة 4،30 اتصلت بعبد الفتاح فؤاد وبلغته فطلب طرده..
في الساعة 5،00.
وكل شيء هادئ بعراق المنشية.. فوجئنا بنيران هاون شديدة.. تجمعات من جات على البلدة.. وكان الضرب في كل أنحاء البلدة حتى أصبحت وكأنها ضباب..
في الساعة 5،30 اتصل بي حسن عثمان، وقال إن اليهود يهجمون جهة المدرسة وإن معهم دبابات ثقيلة..
عملت على سحب المدفع 6 رطل الموجود في الجهة الشرقية وإرساله للجهة الغربية حتى يكون هناك مدفعية..
وفي الساعة 5،50 اتصلت بأركان حرب اللواء.. فقال إنه سيكلم أركان حرب ك 1 لإرسال سرية.. اتصلت ك 1 فقال إنها ستصل بعد ساعة..
اتصل بي حسن عثمان وقال إن دبابات العدو اقتحمت الفصيلة التي بالمدرسة وإن العدو دخل عراق المنشية..
طلبت س2 سودانية.. وطلبت أن يقوموا بهجوم مضاد..
حسن عثمان بلغني أن المدفعية 6 رطل عطلوا.. طلبت أبو سبع.. وطلبت منه أن يرسل الحمالات لعمل هجوم مضاد ومعها أكبر عدد من آليات الاستعانة..توجهت للسرية السودانية.. فبلغني الضابط أن بشير توجه إلى المدرسة..
توجهت إلى الحملة وطلبت إخراج كل عسكري للدفاع..
كان العدو داخل عراق المنشية.. دبابة من دباباته شرق المدرسة..
عدت من عند السودانية فوجدت أن بشير الأمين قائد السودانية والحمالات استطاعوا طرد العدو وتعطيل 3 دبابات اثنتين بالألغام وواحدة ضربها عبد الخالق شوقي بعد أن اقتحمت الموقع..
وكان قتلى العدو كثيرين..كانت الدبابة الثانية على السلك والدبابة الثالثة على بعد ألف متر..
ستر العدو انسحابه بالدخان ونيران.
وفي الساعة 9،00 عاود الهجوم مرة أخرى.. ولكن ضرب عليه بالهاون فانسحب..
ذخيرة الهاون 2ر4 بوصة قربت من النفاذ..
طلبنا ذخيرة.. استعملنا الطريق الخلفي..
طلبت من أبو زيد قائد س 5 سودانية مساعدة خربة الأمير.. وكذلك من الفيومي..طلبنا 6 رطل..
وصل 4 الساعة 13،00 وبعد ذلك بخمس دقائق حصل الهجوم الثالث لسحب الدبابات المعطلة.. ولكن انسحبوا.. وتركوا ثلاث دبابات أخرى في الخور حرقها الهاون..وبلغتنا دوريتنا الليلية بذلك..
قام الطيران أثناء الهجوم بضرب البلد بمدافع الماكينة..بعد الانسحاب ضربت عراق المنشية بحوالي 500 قنبلة..
كان يوم 16 تابع يوم العيد.. وكان عيدا حقا بعون الله.. هجم العدو باثنتي عشرة دبابة.. ترك ستة وسحب اثنتين عاطلتين..
أصبحنا محاصرين وموقف الذخيرة سيئ

الأحد 17 أكتوبر :

مهاجمة الفالوجة بالطائرات.. قطع الطريق عند التقاطع.. إلغاء الإجازات.. وإجازتي باكر..
ضرب جات بالطائرات.. قطع الاتصال مع المجدل وبيت جبرين..
وأصبحنا محصورين.. لا تصل لي أي تموينات.. موقف الذخيرة سيئ وكذلك التعيين..

الاثنين 18 أكتوبر :

قامت طائراتنا بضرب جات بالقنابل..
وصل خليل من الفالوجة بعد أن قضى ليلته هناك.. كان ذاهبا لإحضار بطاريات وتوصيل بطاريات للملء..
حصلت غارة على الفالوجة بمجرد وصوله.. تهشمت العربة..
مات الشاويش جرجس.. تكسرت البطاريات..
ضربت جات علينا قنابل هاون قبل ضربها بالطائرات..
سحبنا دبابة من دبابات العدو المعطلة بواسطة عربة النجدة الثقيلة.. الدبابة مكتوب عليها G11. Hotchicuss Fbrs مسلحة بمدفع 2 رطل ومدفع هوتشكس بها ترسان سمكهما أكثر من بوصة..
هذه الدبابة كانت دخلت البلدة وضربها عبد الخالق شوقي بالبيات في الجنزير الشمال فقطع الجنزير..
وكان الضارب على مسافة 5 ياردة منها.. وقد رمى طاقم الدبابة مولد دخان ونزل منها.. ولكن مدافع الماكينة قتلته..
القتلى اليهود منثورون أمام السلك.. عددهم كبير..
خرجت دوريات لإحضار أسلحتهم..
نقض اليهود الهدنة بعد استكمال التسليح..وقد قاموا بهجوم عام..
فبدأ أول نقض للهدنة عندنا في عراق المنشية يوم السبت 16.
استعملوا مدفعية شديدة. تجمعات.. سقطت قنابل لا حصر لها.. واستعملوا الدبابات.. ثم استعملوا الطائرات ذات الأربع محركات..
كل الغارات الجوية أثناء الليل..
الآن الساعة 18،45 ضربت الطائرات الفالوجة..
كان استعمال الدبابات في هجوم يوم السبت على عراق المنشية مضافا إلى خرق الهدنة أكبر مفاجأة في هذه الحرب..
عندما بلغني ضابط الموقع الذي هوجم أن اليهود يهجمون ومعهم دبابات ثقيلة..لم أصدق..
ولكن عاد وقال إن الدبابات اخترقت الموقع.. وعند ذلك صدقت..
لأول مرة يستعمل اليهود دبابات..

الثلاثاء 19 أكتوبر :

أحضرنا ثلاثة أجهزة للاسلكي من دبابات العدو.. وأخذنا أسلحة كثيرة من القتلى..
مدافع استن وهوتشكس ومدافع بيات وبنادق.. استعملنا الأجهزة اللاسلكية 19 ماركة 2.
أرسلت النادي مع الحمالات لاستكشاف طريق خلفي إلى الكتيبة عن طريق السكرية وأبو طر..بلغني أبو زيد الساعة 1،00 أن اليهود استولوا على خربة حامد.. فطلبت منه أن يطرد العدو من هذا الموقع بأي حال..
في الساعة 11،00 بلغني أن العدو ترك الموقع..
عاد المنياوي وأخبرني أنه استكشف طريقاً آمناً.. واتفقت مع السيد بك طه على ترحيل الجرحى من هذا الطريق إلى مستشفى الخليل..الجرحى بالفالوجة كثيرون نتيجة للغارات الجوية..
والجرحى عندنا لا يمكن إخلاؤهم.. وذلك بعد إخلاء جرحى يوم السبت نظرا لقطع الطريق..
إن حالة الجرحى مؤلمة..فالدكتور لا حول له ولا قوة..
حصلت أمس حالة “مصران” أعور وكان لا يمكن التصرف فيها.. وفي الظهر أبلغ الدكتور أن “المصران” انفجر..
وفي المساء قال إنه توفي..قامت جات بضربنا بالهاون.. لا يمكن الرد عليها لأننا في حاجة إلى القنابل..
طلب أبو زيد مني ذخيرة.. أرسلت له خمسة صناديق..
الباقي خمسة عشر صندوقا فقط.. اتصلت بالفيومي وطلبت منه أن يرسل تعيينات لنا.. فقال سيتصل بالخليل لطلب تعيينات على أن ترسل لنا باكر.. وطلبت ذخيرة فقال إنه سيحاول..
علمت أن اليهود استولوا على التقاطع وكوكبة.. وأن الرياسة نقلت إلى غزة.. وأن العدو هاجم عراق سويدان والمواقع التي أمام كراتيه..وصد بخسائر جسيمة..
وقام العدو بضرب البلد بالطيران في المساء.. ولكن سقطت خارج البلد..
عرّفني حكيم أن هدى ومنى بخير
__________________
 
كيف ولدت الثورة في قلب رجل ؟ ... (3)


كيف ولدت الثورة في قلب رجل ؟ ... (3)

الأربعاء 20 أكتوبر :

أرسلنا الجرحى ومعهم الحمالات إلى الكتيبة لينقلوا إلى مستشفى الخليل.. ضمن الجرحى طفل مصاب في رجله..
بلغني الفيومي من بيت جبرين أن التعيينات وصلت في الخليل وأنه أرسلها إلى الكتيبة..
فطلبت من المنياوي إرسالها مع حمالتين..
سمعت أخبار الشرق الأدنى..
وهم يقولون إن العدو محاصر غزة.. وأنه فتح طريقاً بجوار الكتيبة..
أما في الكتيبة فهو قطع طريقنا الرئيسي إلى بيت جبرين.. ولكن لا يستطيع المرور..
وصل التعيين ومعه عدد قليل من الذخيرة..
أرسلت ثلث التعيين وكل الذخيرة إلى ك1 لإرسالها إلى ك2.
قام العدو بضربنا بالهاون من جات الساعة 16،00 لمدة ساعة..
كلمني عبد الحكيم وزكريا وكمال بشارة باللاسلكي.. عرفني حكيم أن هدى ومنى بخير..
سمعت في الراديو أن مجلس الأمن أمر بإيقاف القتال..
إن قطع طرق التموين يدعو للقلق..
فنحن مقطوعون من الشرق والغرب.. وأمامنا عدو وخلفنا عدو..
خفض التعيين بنسبة النصف.. وصلنا دقيق..
سنعمل ترتيب خبز عيش وشراء لحوم بمعرفتنا.
تصورت منظر الأطفال والنساء عند انسحابنا

الخميس 21 أكتوبر :

مؤتمر الفالوجة أمر الانسحاب إلى الخليل المعارضة فيه أمر بإلغاء الانسحاب غارة جوية على عراق المنشية وصول الإجازات عن طريق الخليل.
طلب القائد إلى مؤتمر في الفالوجة فذهبت معه.. واجتمعنا مع السيد طه وأركان حربه وأحمد توفيق وأركان حربه وحسين كامل وأركان حربه..
وتكلمنا في أمر الانسحاب..
الأمر ينفذ الساعة 18،30 وكان أمرا إنذاريا فقط..
كلفني السيد بك بكتابة أمر الانسحاب بعد أن اختلف مع أحمد توفيق على طريقة انسحاب كتيبته..
جهزت أمر الانسحاب مع الفسخاني..
صدر أمر بإلغاء أمر الانسحاب.. وأن الحالة ستتحسن..
وأن أمر القتال سيصدر في مصلحتنا..
عادت الإجازات عن طريق غزة بير سبع الخليل الدوايمة..
عندما صدر الأمر بالانسحاب انتابتني أفكار عدة.. فان انسحابنا سيعرض جميع السكان التي من عراق سويدان إلى بيت جبرين إلى التشرد..
أو الوقوع في قبضة اليهود..
تصورت منظر الأطفال والنساء والعائلات عند انسحابنا.. وكيف سيحتل اليهود عراق المنشية والفالوجة الخ.. وكيف إذا استمرت الحرب سنحاول استعادة هذه البلاد التي حصّناها..
عراق المنشية مثلا التي وقفت أمام دبابات العدو وجموعه، كل ذلك سيستولي عليه اليهود.. وسيكون من العسير بل من المحال استرجاعها..
ومن ناحية أخرى فإن وجود ثلاث كتائب ومعها أسلحة مساعدة.. في هذا الوضع يدعو إلى التفكير..
لقد كان الغرض من وجودنا فصل الشمال عن الجنوب.. والآن اتصل الشمال بالجنوب..
ووجود هذا اللواء في الخليل يمكن أن يغير من مجرى الأمور هناك..

الجمعة 22 أكتوبر :

استيلاء اليهود على خربة حمدي العملين..أمر ايقاف القتال الساعة 14،00.
إيقاف ضرب النار..
بلغني أبو زيد الموجود بالكتيبة أن العدو استولى على خربة العملين..
وكنت قد أرسلته للمنياوي ليطلب منه احتلال هذه الخربة بواسطة قوات من سريته لا بواسطة المناضلين.. ولكنه لم ينفذ ذلك..
استمر ضرب الهاون علينا.. وصدرت لنا أوامر بإيقاف القتال الساعة 14،00 وفي الساعة 14،00 أوقف القتال..
بلغنا أن الملازم أول بشري من قوة السرية السودانية بالكتيبة استشهد..
السبت 23 أكتوبر :
قطع الطريق مع الكتيبة..
امتداد مواقع اليهود من خربة عطا الله إلى أبو طر..
أمر جديد بالانسحاب من الخليل..
الاعتراض عليه لقطع الطريق..
بلغنا في الصباح أن العدو احتل خربة أبو رحمة وخربة كركرة..
وبذلك قطع الطريق مع الكتيبة..
وأصبحنا محصورين من الشرق ومن الغرب..
صدر أمر جديد بالانسحاب إلى الخليل.. وقد بلغنا أن العدو قطع طريق الانسحاب.. وصدر أمر آخر بالبقاء في محلاتنا..
لقد حوصرنا وقطع طريق المواصلات مع المجدل ومع الخليل..
خفض التعيين الذي يصرف إلى الربع..

الاحد 24 أكتوبر :

ذهبت إلى خربة الأمير.. رأيت اليهود على التبة شرق خربة الأمير.. والمواقع جنوبها..
وصلت إشارة من رئاسة اللواء تدعو للاطمئنان..
السرية السودانية تترك الكتيبة..
بلغنا الفيومي أن شوكت بك انسحب من رئاسته إلى الخليل، وأن الخط زكرين دير الريان استولى عليها العدو..

الاثنين 25 أكتوبر :

يوجد طعام يكفي اثني عشر يوما فقط..
خبر من الرئاسة عن التموين من الجو.. طلبنا ذخيرة وأدوية..
العدو يهاجم بيت جبرين الليلة الماضية..
العدو يحتل الكبيبة دون قتال..
القيادة الهزيلة سبب كل المصائب
الثلاثاء 26 أكتوبر :
العدو هاجم بيت جبرين الليلة الماضية من الساعة 11،30 إلى الساعة 5،00 بدون جدوى..
احتل بيت العزة.. لم يتمكن من احتلال المركز..
وأخيرا قام بإخلاء البلدة..
أرسل الفيومي إشارات طلب نجدة.. وكان يقول سندافع لآخر طلقة وآخر عسكري والنصر لنا..
في الساعة 9،00 أرسل يقول إن الذخيرة نفدت، ويطلب ذخيرة..
وبلغنا أنه ذهب إلى الخليل..الساعة 19،00 بلغنا عامل الإشارة أن السرية تنقل للخليل..
وبذلك تركت بيت جبرين بدون دفاع..

الأربعاء 27 أكتوبر :

طلبني السيد بك طه وقال إنه وصلته إشارة باحتلال بيت جبرين، وكان هذا الخبر من الأسباب التي تؤكد أن القيادة تتخبط..
لقد أخطرناهم أن الطريق إلى بيت جبرين محتل بالعدو، ولا توجد ذخيرة من يوم 16 الجاري منذ عشرة أيام، ولكن رغم ذلك يتجاهلون ويصدرون أوامر..
هذه القيادة الهزيلة هي التي تسببت في كل هذه المصائب..
والحقيقة أنه لا توجد قيادة للجيش المصري في فلسطين..
نفس التقاليد العتيقة، ونفس المظاهر والتمثيل بدون إنتاج..
لقد كون اليهود جيشا به دبابات وقوة دافعة في أربعة أشهر، واستطاعوا أن يقطعوا أوصال الجيش المصري، ويعزلوه في جيوب متفرقة، ويقطعوا خطوط مواصلاته في عملية استغرقت ثلاثة أيام..
لقد ضربوا النقاط الضعيفة ونفذوا منها.. إلى الخلف، وقطعوا خطوط المواصلات، أما قيادتنا فعاجزة كل العجز..
لا يوجد عسكري واحد احتياطي ليستعيدوا به الموقف.. ففكروا في شيء واحد وهو الهرب والنجاة بأنفسهم..
كان المواوي عاجزا، فإنه قائد بدون جنود وبدون جيش..
اللواء الثاني منعزل في أسدود، واللواء الرابع منعزل في النقب..
واللواء الجديد في مصر منذ خمسة أشهر.. وهو كل ما فكر فيه قادتنا.. لم يكمل تدريبه، أما اليهود فقد كونوا سلاح طيران سيطر على الجو طوال مدة العمليات..
قادتنا المنافقون يصدرون بلاغات كاذبة.. بعدما استولى اليهود على بئر سبع فعلا رغم تكذيب النقراشي..
وصلنا في مدة الهدنة بعض مدافع الفكرز والهاون في الوقت الذي كون اليهود فيه سلاح طيران ودبابات..

الخميس 28 أكتوبر :

حلقت طائرات الساعة 6،00 وألقت منشورات تطالب منا التسليم، وتشرح موقفنا جيدا بأسماء الوحدات..
طبعا كلام فارغ قابله الجميع بالسخرية، فبالرغم من أننا محاصرون من يوم 16 وبالرغم من طلبنا تعيينات وذخيرة بواسطة الطيران..
وبالرغم من أن طلباتنا لم تجب، ولم يلتفت إليها.. فسنقاوم إلى آخر رجل..
لقد فقدنا الإيمان في قيادة الجيش.. وقيادة البلاد..
هؤلاء المضللون الممثلون، ماذا عملوا بعد أن دخلنا الحرب؟ لا شيء.. لم تصل أي إمدادات للأسلحة التي دخلنا بها..
هي هي..
إن اليهود لأفضل آلاف المرات، فبعد أن كانوا يدافعون عن أنفسهم ببنادق الرش، أصبحوا قوة كبرى بها طيران ودبابات ومشاة مجهزة بالهاون ومعها مدفعية ثقيلة..
عندما كان اليهود محاصرين قبل يوم 16 الحالي، كانت طائراتهم في الجو باستمرار لتموينهم..
أين سلاحنا الجوي؟ لقد اختفى..

الجمعة 29 أكتوبر :

وصول ست طائرات وإلقاء ذخيرة..
الموافقة على سحب قوة خربة الأمير على أن يتم ذلك في الليل..
سحب القوة يتم الساعة 22،00.

السبت 30 أكتوبر :

تقوية عراق المنشية والفالوجة والكوبري بقوة خربة الأمير..
إعادة تنظيم الخط الدفاعي في عراق المنشية.. تقوية الناحية الجنوبية بالأسلاك.. وضع المدافع بعمق..
إعادة توزيع القطاعات ومدافع 6 رطل.. وضع مدفع عند المدرسة.. ومدفع عند الطريق شمال شرق البلدة.. ومدفع عند تبة الثلاث شجرات.. ومدفع عند الطريق جنوب شرق البلدة.. العمل يرى ليلا..
العدو
ينقض اتفاقه

الأحد 31 أكتوبر :

القائد اليهودي يحضر في عربة عليها علم أبيض.. ذهبت لمقابلته.. يطلب منا التسليم.. نرفض..
يطلب أخذ جثث قتلاه..

الاثنين أول نوفمبر :

جمع جثث قتلى اليهود حسب الاتفاق..
العدو يحتل عراق الخراب..
وصول أربع طائرات بها تموين..
العدو ينقض اتفاقية إيقاف القتال بعد استلام جثث القتلى بساعة..
يضرب عراق المنشية بالمدفعية..
غارة جوية الساعة 20،00 العدو يحتل عراق الخراب ويضع فيها مدافع ماكينة، وبذلك أصبح الطريق الأسفلت الذي يخدم عراق المنشية محفورا بنيران الأسلحة الصغيرة.. وكذلك الناحية الشرقية..
والمواقع الشرقية من البلدة..

الثلاثاء 2 نوفمبر

ذهبت إلى مركز عراق سويدان للاستكشاف..
ماذا رأيت؟!.
وصول ست طائرات تموين..
العدو يضرب عراق المنشية بالهاونات بشدة من الساعة 15،00.
وصول طائرات مرة أخرى الساعة 16،00.
العدو يستمر في ضرب عراق المنشية طيلة الليل بالهاون..
نمت في الخندق.. هجوم الساعة التاسعة مساء على عراق سويدان..
انسحاب العدو بخسائر..

الأربعاء 3 نوفمبر :

الساعة 5،00 تجمعات كثيفة من مدفعية وهاونات العدو..
الساعة 6،00 هجوم من الناحية الجنوبية الشرقية بدبابات.. وانسحابه..
هاونات طوال اليوم.. تجمعات في الجنوب..
الساعة ،15،00 الضرب عليها..
تجمعات في جات الساعة 17،00 الضرب عليها..
الضرب الآن الساعة 17،30 على عراق المنشية.. مستمر بشدة..
توقفت عن الكتابة نظرا لقيام العدو بالهجوم في اتجاه المدرسة، وقد تم صد الهجوم..
كل عمليات اليوم وضرب الهاون تعدى ثلاثمائة قنبلة.. وخسائرنا قتيل وجريح..
ندافع فقط ونحن محاصرون

الخميس 4 نوفمبر :

الضرب مستمر علينا من الشمال والشرق والجنوب..
مدافع هاون بكثرة.. ومدافع ماكينة بكثرة.. ضرب الهاون غير منقطع..
الساعة 10،30 هجوم على قطاع السودانية..
لقد أظهروا منتهى النذالة.. حضر عدد منهم.. روحهم المعنوية بطالة..
يقولون إذا لم ينته الحال فإنهم سيتركون المواقع..
ولا يمنعهم من عمل ذلك إلا أن كل الطرق مقفلة..
ضربنا العدو بالمدفعية.. ويظهر أنه كان هجوما ضعيفا..
أو دورية.. فقد انسحبت..
الساعة الآن ،11،30 الحالة تزداد سوءا. العدو متفوق في كل شيء، ويتحرك كما يريد، ونحن في خنادقنا، ندافع فقط ومحاصرون..
مازالت الكتيبة الأولى تظهر روحا سيئة في مساعدتنا..
الذخيرة تقريبا نفدت.. الهاون 3 ليس له ذخيرة.. الهاون 2ر4 بوصة تبقى منه 130 طلقة فقط..
الذخيرة م م لا يوجد احتياطي.. بعد استعواض ما ضرب أمس..
أما الطعام فهو لحم ورز باستمرار للضباط.. ولحم وعدس للجنود..
الساعة الآن ،12،00 سقطت قنبلة داخل منزلنا.. وكنت بالحجرة..
والنار دخلت من الباب..أصيب عسكريان..

الجمعة 5 نوفمبر :

الأخبار تقول إن الجيش المصري انسحب من المجدل إلى غزة.. وإن العدو دخل مستعمرة دير سنيد.. سألنا.. فقيل إن هذا حقيقي..
السبت 6 نوفمبر :
العدو يسقط منشورات عن دخوله المجدل ودير سنيد، ويطلب منا التسليم، ويشترط الاحتفاظ بالأسلحة والعربات..
مستعمرة ترفع العلم الشيوعي

الأحد 7 نوفمبر :

أذاعت محطة لندن أن الحكومة طلبت من الصليب الأحمر سحبنا، ولكن العدو رفض، وطلب تسليم الضباط والأسلحة.
مستعمرة “الجات” ترفع العلم الشيوعي بمناسبة مرور 31 عاما على الثورة الشيوعية..
أخبار الساعة 24،00 أن العدو يتجمع في “جات”.. وأن هناك صوت عربات ذات جنزير..
انتظرنا هجوما.. ولكن لم يحدث..

الاثنين 8 نوفمبر :

أخبار الصباح تقول إن الجيش المصري انسحب من غزة إلى الحدود المصرية..
أخبار المساء تكذب ذلك بواسطة وزير الحربية.. خفف العدو من النيران المزعجة..
كلمت واكد ببيت لحم.. وصلت خطابات بواسطة إسقاطها من الجو..
ووصلتنا جريدة المصري والإخوان والزمان عن السبت 6 نوفمبر لأول مرة..

الثلاثاء 9 نوفمبر :

مهاجمة مركز عراق سويدان وبيت عفة من الساعة 9،00.
هجوم شديد جدا اشتركت فيه الطائرات والمدفعية والدبابات..
في العصر سقط مركز عراق سويدان.. خرج منه ضابط واحد وبعض الجنود..
هجم العدو علينا من الجنوب، ولكنه صد..وأحرقت المدفعية بعض عرباته..
مازال الطعام عبارة عن أرز وشوربة فقط..
بعد سقوط مركز عراق سويدان انسحبت الكتيبة الثانية انسحابا غير منظم إلى الفالوجة..وبذلك ضاق الجيب..
وأصبح محصورا في الفالوجة وعراق المنشية..

الأربعاء 10 نوفمبر :

في الفجر أسقط العدو منشورات يقول فيها إن مركز عراق سويدان سقط، ويطلب التسليم..
ضربت مدفعية الفالوجة مستعمرة جات وأحرقتها..
حضرت الساعة 15،00 مصفحة يهودية من الشرق عليها علم أبيض..
طلب الضابط الموجود في العربة أن يحدد ميعاداً ليتقابل فيه قائد الفرقة اليهودية مع قائد قواتنا..
سنتقابل باكر الساعة 10،00 لأخبره عن رد قائدنا..
أحضر جوابين من صلاح بدر قائد حصن عراق السويدان لوالدته وزوجته يقول إنه بالأسر وإنه بحالة جيدة..
أوقف العدو الضرب..

الخميس 11 نوفمبر :

تقابلت مع الضابط اليهودي الساعة ،10،00 وبلغته أن القائد وافق على مقابلة القائد اليهودي بين الساعة 15،00 والساعة 16،00.
فقال إنه يأسف لعدم اتفاقنا على المكان، وإن هذا المكان بين الخطوط.. في الشمس غير مناسب، إذ إن قائده يرغب في أن نتناول فنجانا من الشاي سويا، وهو يخيرنا بين جات وبيت جبرين، واتفقنا على الاجتماع في جات.. وسيقابلنا منتصف الطريق الساعة 15،15.
توجهنا السيد بك طه ورزق الله الفسخاني وجمال عبد الناصر وإبراهيم بغدادي وخليل إبراهيم إلى الجات.. وقوبلنا مقابلة حسنة، وكان الفرق شاسعا بين جات وعراق المنشية، فإن الشخص يشعر أنه بين قوم متمدنين..
الآلات الزراعية الميكانيكية والنظافة والنساء في ملابس زاهية يلبسن الشورت..
واجتمعنا مع اليهود، وتكلم القائد اليهودي، وقال إنه يرغب أن يمنع سفك الدماء، وإن موقفنا ميئوس منه.. وطلب أن نسلم..
فاعترض القائد المصري.. طلب الانسحاب إلى غزة أو رفح، فمانع اليهود.. وقالوا إنهم يوافقون على شرط أن يخرج الجيش المصري من كل فلسطين..
وطلبنا إخلاء الجرحى إلى غزة، ولكن رفضوا ذلك، وقالوا إنهم مستعدون أن يعطونا ما نرغب من الأدوية.. وأخيرا خرجنا..
وقد قدموا لنا عصير برتقال وبرتقالاً وسندوتش وشكولاته و”ملبّس” وبتي فور وبسكويت.. أبلغتنا الرياسة أن قافلة ستحضر..
كلمة السر “حصان”..
وأن جلالة الملك أرسل تلغراف يشكر فيه الجميع ويشجعهم..
وقد رقي السيد طه إلى أميرالاي مع رتبة البكوية..
كتبت خطابات سيأخذها أحد العرب إلى غزة..

الجمعة 12 نوفمبر :

بدأ العدو الساعة 23،00 أمس حتى الصباح.. يضربنا بالقنابل ضربا شديدا..
عقد مؤتمر الساعة ،10،00 وعرض علينا طلب من القيادة بالانسحاب، ولو بتكسير العتاد، وأبدينا آراءنا..
وكان الرأي أن ذلك مستحيل، فإن العدو من جهة الشرق يتحكم في كل الطرق.
وصلت إشارة عن وصول الخطابات المرسلة مع العرب..
غير أن الوسيط طلب مرور التموين و”إسرائيل” وافقت..
النساء تزغرط في عراق المنشية والرجالة تغشك..

السبت 13 نوفمبر :

يحاول العدو اتخاذ مواقع قريبة من مواقعنا من جهة الجنوب والجنوب الغربي..
وقد طلبنا من الرياسة أن تضرب عليه بالمدفعية..
ولكن لم يوافق السيد بك طه..
وأخيرا اتفقنا على تقوية موقع الكوبري، حتى لا تفصل الفالوجة عن عراق المنشية إذا استولى العدو عليه..
كان الصليب الأحمر منتظراً وصوله الساعة ،12،00 ولكن لم يصل..
وعلمنا في المساء أن اليهود منعوه من المرور عند التقاطعات، وضربوا أعضاءه..
سقطت أمطار غزيرة من الساعة 23،00 ومستمرة..
وصلني باللاسلكي أنهم اتصلوا بالبيت وأن الجميع بخير..
والسيد يوسف بك يبلغ سلامه.. والعم موجود..
يبدأ العدو في الضرب حوالي الساعة 16،30.
ويبدأ بعد ذلك في الإزعاج طيلة الليل بقنابل الهاون والمدفعية..
ونحن لا نرد عليه محافظة على الذخيرة..

الأحد 14 نوفمبر :

استمر العدو يطلق مدفعيته وهاوناته طوال الليل..
وفي الساعة 11،00 وصلت عربة عليها علم أبيض، وبلغنا الضابط اليهودي أنه مستعد لإعطائنا أدوية، وأخذ الجرحى إلى مستشفياتهم على أن يكونوا أسرى حرب، وافق القائد على أخذ الأدوية..
ولكنه قال إنه مصمم على إخلاء الجرحى بواسطة الصليب الأحمر إلى خطوطنا..
واتفقنا على أن نتصل الساعة 19،00 باللاسلكي مع اليهود لأخذ الرد بعد أن استلموا كشف الأدوية..
المطر مستمر..
وقد تقابلت مع الضابط اليهودي تحت الأمطار.. وتكلمنا في مواضيع عامة..
فقال إنه يرجو أن لا نكون متعبين في المطر.. وسأل.. هل بمصر الآن مطر بهذا الشكل..؟
وقال إنه يرجو أن يسود السلام.. وأن نرجع آمنين سالمين..
وتكلم فقال إن بريطانيا هي التي زجت بنا لتحقق أغراضها..
وإنهم قد تمكنوا من طرد الإنجليز من فلسطين.. ويرجون أن نطردهم كذلك.. وأن نتعاون سويا..
مازال الضرب كالعادة..
______________
 
كيف ولدت الثورة في قلب رجل ؟ ... (4)


كيف ولدت الثورة في قلب رجل ؟ ... (4) و الاخير

في الحلقة الأخيرة من هذه اليوميات يشير عبد الناصر إلى الوضع الذي فرضه الحصار على القوات المصرية ورفض المصريين للهدنة، واحتلال الخط الموصل إلى الفالوجة باعتباره أكبر مفاجأة وكارثة.

الاثنين 15 الثلاثاء 16 نوفمبر:

الضرب مستمر كالعادة.. توقفت الأمطار لكن الجو بارد..
لا يزال العدو يتخذ مواقع في الجنوب في الوحيدات وشمال العظاطة، وأصبح قريبا جدا ومشرفا على عراق المنشية، وجعلها تحت نيران أسلحته الصغيرة.. ولكنهم لم يضربوا مطلقا..
طلبت من السيد طه ضرب مواقع العدو بالمدفعية بقنابل الانفجار الجوي، ولكنه رفض وأيده الفسخاني..
لن يبدأ بالضرب.. قلت لهما إن العدو الآن لا يضرب على مواقعنا، لأنه لم يتخذ مواقع للآن..
ولكن التجربة أثبتت أن العدو بعد أن يتخذ مواقع دفاعية كاملة سيبدأ في فتح النيران.. وأن العدو حاول عدة مرات اتخاذ مواقع في العظاطة..
ولكن لما ضرب بالهاون 4.2 بوصة انسحب.. والآن لا يمكن استعمال الهاون لأن الذخيرة أصبحت لا تحتمل ذلك..
ولكن لم يستمع أحدا منهم لهذا الكلام.. إن أعصابهم جميعا مضطربة.. وللآن لم يتفهموا صفات العدو الذي نقاتله.. إنه لا يحتفظ بالعهد.. كل غرضه هو تكبيدنا أي خسائر ممكنة.. ما دام الحكام غير موجودين.. أما نحن فلا نزال نتمحك في إيقاف القتال.. حتى يبدأ اليهود السيطرة على الموقف...
في الساعة 2300 اتصل بي السودانية، وكنت نائما.. وفوجئت بصلاح سالم يتكلم ويقول أنا صلاح يا جمال، جيت لكم من غزة.. وقد فوجئت بذلك..
وقال إنه سيحضر مع أحد السودانية.. ووصل مساء بمعرفة عسكريين من السودانية.. وكان في حالة يرثي لها.. ملابسه ممزقة وكلها طين وقواه خائرة جدا..
وبعد أن استراح وأخذ كوبا من الشاي، قال إنه خرج من غزة أمس الساعة ،1600 ومعه زكريا محيي الدين وثلاثة عرب أولاد وثلاثة بغال محملة بالذخيرة والأدوية ومبلغ مائتي جنيه.. ومع زكريا مبلغ مائتي جنيه..
وإن الأولاد قالوا إن المسافة تقطع في ست ساعات.. ولكنهم استمروا طول الليل تحت الأمطار يسيرون بين خطوط الأعداء حتى طلع النهار.. فاختبأوا في بيت.. وكان البرد فظيعا.. ودفأوا أنفسهم تحت التبة.. وكان المشوار متعبا جدا.. فإن الحمولة وقعت من البغال مرات عدة.. وكانوا يحملونها.. وقابلوا دوريات يهودية مرات كثيرة في الطريق..
فكانوا يختبئون في مجاري السيول.. وكانوا يكممون أفواه البغال لمنع صوتها.. ونفدت المياه التي معهم.. وقاسوا كثيرا من العطش.. واستطاعوا بصعوبة بعد فك الحبال التي على البغال أن يستخرجوا قليلا من الماء من أحد الآبار في وعاء فخاري قذر.. وشربوا..
وعندما انتهي النهار بدأوا في السير في اتجاه عراق المنشية..
وحوالي الساعة 2200 فوجئوا بالنيران تطلق عليهم.. والعدو يشعر بهم.. ويخرج بعرباته في اتجاههم..
فجرى زكريا والعرب في جهة الشمال..
أما صلاح فقد خارت قواه من التعب وسقط مكانه..
وعثر اليهود على البغال، وانشغلوا بها.. وأخذ صلاح يزحف في اتجاه الشمال، حين تيقن أنهم لم يلتفتوا له..
وفوجئ عندما رأي تبة عراق المنشية.. وعادت له الحياة..
فأخذ يزحف حتى وصل للأسلاك..
وعندما مر من تحت أول سياج، ووصل للسياج الثاني، فتحت عليه نيران بنادق من خطوطنا، فثبت في الأرض، وصاح أنه ضابط مصري من غزة.. فخرج إليه أحد السودانية وأحضره.. وكان في شدة الانشغال على زكريا، ويعتقد أنه مسك، ونام معنا..
وكانت القنابل تتساقط طول الليل، والطائرات تغير علينا وعلى الفالوجة..
وفي الساعة 1100 عرفنا أن زكريا وصل الفالوجة، فتوجهت مع صلاح..
وقد أطلق علينا العدو مدافع الماكينة في طريقنا إلى العربة، ونفذنا بأعجوبة..
وعرفت أن زكريا أمضى الليلة في البئر الغربية من مواقعنا..
وصل العدو إلى البئر غرب عراق المنشية.. ولكن طرد من هناك..
عراق المنشية مكتسحة لنيران الأسلحة الصغيرة اليهودية..
ترقية عبد الحكيم وصلاح سالم

الأربعاء 17 نوفمبر:

عقد مؤتمر من قادة الكتائب وأركان حربها للنظر في موقف التعيين.. وهل من الممكن الانسحاب إلى الخليل بعد تهديد الأسلحة الثقيلة؟
كان الرأي الغالب أن العملية صعبة جدا..
وقد ترك قائد القوات الحرية لنا في هذا التصرف، الذي لم نوافق عليه..
علمت من صلاح أن ستة مراقبين كانوا في طريقهم إلينا.. ولكن اليهود منعوهم وأسروا اثنين منهم..
غارات جوية طوال الليل على الفالوجة وعراق المنشية، وضرب باستمرار بالمدفعية وقنابل محرقة..
عراق المنشية تضرب بالهاون باستمرار والأسلحة الصغيرة..

الخميس 18 نوفمبر:

احتلت ك2 موقعا يشرف على التبة والخور حتى لا يصل العدو..
إشارة تنتظر معروف.. معروف يصل ومعه لوكن وفورستاك الساعة ،2200 ومعهم ثمانية خيول، وخمسة وعشرون جنديا من شرق الأردن.. ومفرقعات..

الجمعة 19 نوفمبر:

توجهت مع معروف ولوكن لمقابلة السيد طه..
تعليمات عمليات من صبور.. السيد طه يعترض..

السبت 20 نوفمبر:

قابلنا السيد طه مع معروف ولكن، معروف ولوكن والجميع يعودون إلى الظاهرية، ويتركون فورستاك..
في أخبار الساعة 2030 من مصر أن عبد الحكيم رقي إلى رتبة صاغ.. وكذلك صلاح سالم.. استثنائي..

الاثنين 22 نوفمبر:

العدو نشط جدا..
عمل ستارة دخان صباحا.. يضرب انفجار جوي على ستارة دخان الساعة 1700.. وتقدم باثنتي عشرة مصفحة وفتح مدافع ماكينة..
فتحت نيران عليه.. انسحب..
فورستاك يقرر الخروج مع دليل عربي.. يخرج الساعة ،1900 ويعود مرعوبا بعد ساعتين..

الثلاثاء 23 نوفمبر:

إشارة تنتظر معروف ما بين 2200 و100.
العدو يتخذ مواقع جديدة.. ك1 تهاجم العدو أمام الكوبري..
معروف يصل الساعة 2230.

الأربعاء 24 نوفمبر:

توجهت مع معروف ونعمان إلى الفالوجة.. تناقشنا في موضوع الانسحاب.. معروف غادرنا مع (....) الساعة 1930.. ومعه جرحى..

الخميس 25 نوفمبر:

إشارة من الرئاسة أنها تتفاوض لحل الموقف.. وسحبنا..
إشارة من بيت لحم أن معروف هوجم في الطريق.. وأنه وصل سالما..
ولكن لم يصل الجمال ورياض والسروجي السيد.. وكل من باشكاتب ك،1 ك 2.

الجمعة 26 نوفمبر:

إشارة من بيت لحم أن الجميع وصلوا.. وأن السروجي فقط مفقود..
مطر شديد من الساعة 1500.

السبت 27 نوفمبر:

في الليل دورية قتال معادية في القطاع الجنوبي الغربي..
أطلق السودانيون نيرانا شديدة.. واستهلكوا عددا كبيرا من الذخيرة..
تكلمت مع قائد السرية في صباح اليوم.. وأفهمته أن العدو ربما سيتخذ هذه الطريقة لاستهلاك الذخيرة.. فإذا وصلت دورية قتال فلا تردوا عليها..

الأحد 28 نوفمبر:

وصلت دورية قتال في الليل كما تنبأنا، وأطلقت نيرانا شديدة على مواقع السرية السودانية، ولكن السرية لم تجب عليها بطلقة واحدة..

الاثنين 29 نوفمبر:

وصلت دورية قتال كاليومين الماضيين..
لم ترد عليها السرية السودانية..

الثلاثاء 30 نوفمبر:

كان الصول عوض بائتا في الفالوجة لإحضار أخشاب.. وعاد صباح اليوم الساعة 1000 في حمالة من ك ،1 ولكن قوبلوا بمفرقعات في الطريق..
نسفت الحمالة..
وتوفي الصول وجرح 3 عساكر..
في الساعة 1800 خرجت جماعة من فصيلة الاقتحام لرفع الألغام الموجودة في الطريق..فإن سلام بلغ أن الحمالة قابلت لغما.. وأن الطريق به ألغام..
ولكن لم نجد ألغاماً..
بل وجدنا كيساً به مفرقعات وحفرة كبرى عند الحمالة المنسوفة.. وعرفنا أن العدو وضع كيسين.. واحد على كل جانب من الطريق.. وعادت الدورية..
وأخذت قطن بارود لنسف الكيس..
ولكن لما وصلت وقعت في كمين دبره العدو..فقتل شاويش الاقتحام وجرح اثنان..
خرجت دورية بعد ذلك وأحضرت الجرحى..

الأربعاء 1 ديسمبر:

في الساعة 1800 خرجت دورية ونسفت الكيس..
بعثت دورية للمرور على الطريق يوميا الساعة 400.
أخبار.. أن قافلة تموين ستصل الساعة 1100 اليوم..
وفي المساء علمنا أن اليهود استولوا على القافلة عند عراق سويدان بعد تفتيشها..
بحجة أنهم وجدوا بها صندوق كراستات.. وأن المأكولات التي بها مصادرة من سفينة في مصر باسم اليهود..

الخميس 2 ديسمبر:

عند عودة دورية الساعة 400.
وجدت الشاويش رضوان قتيلا..
فأحضرته..
اعتكاف
السبت 4 ديسمبر:

وصل ثلاثة جوابات من الوالد.. وجواب من عز العرب..
أذيعت إنعامات عن حملة فلسطين.. أنعم على البك بنجمة فؤاد الذهبية..

الأحد 5 ديسمبر:

وصلني جواب من العم يقول إن تحية معتكفة في المنزل لا تخرج.. وإنهم بخير..
لقد تألمت جدا.. فلا يشغلني أي شيء إلا هي والأولاد، فإن حياتي ليس لها أي قيمة إلا لأجلهم..

الاثنين 6 ديسمبر:

قتل عسكري الساعة 1700 وهو قائم بالمراقبة بفعل نيران العدو..
لا يزال العدو يضرب البلدة بالأسلحة الصغيرة باستمرار..
حاول العدو التجمع الساعة 1100 جهة الجنوب، ولكن ضربناه بالهاون 4.2 بوصة والمدفعية.. فتشتت..

الثلاثاء 7 ديسمبر:

وصل من الفالوجة سجاير للضباط والعساكر.. وصابون للضباط والعساكر.. وجبنه فلمنك وبسطرمة وظروف وجوابات.. ومبلغ مائة جنيه وجرائد متفرقة حتى 4 ديسمبر..
عدد الجرحى من الكتيبة من 6 نوفمبر إلى اليوم 42 جريحا..

الجمعة 10 ديسمبر:

أذاع راديو لندن أن الحكومة اليهودية أرسلت إلى بانش أنها مستعدة للموافقة على سحب القوات المصرية الموجودة في الفالوجة إلى مكان آخر..
كان خبرا مفاجئا.. ولو أني لا آمن لكلام اليهود..
فإن اتفاقية إيقاف النار في أواخر أكتوبر لم تنفذ عندنا حتى الآن.. فمازال إطلاق النار مستمرا.. ولا يمر يوم بدون جرحى أو قتلى.. ولكن هذا الخبر كان له فرحة كبرى عند الجميع..
مطر طول الليل خفيف..

السبت 11 ديسمبر:

أذاع راديو “إسرائيل” أن القوات المصرية هاجمت قرية (ين يم) الدنجور..
مطر طوال الليل غزير..
قتال تحت المطر

الأحد 12 ديسمبر:

أكلت اليوم (كوسة) لأول مرة منذ 16 أكتوبر ،1948 ولا أعرف كيف عثروا عليها..
وصلت إشارة من نائب رئيس إدارة الجيش في الميدان يسأل: هل أرغب في تحويل جزء من مرتبي ولمن؟..
فهل معنى ذلك أن التحويل الذي أرسلته لم ينفذ؟..أذاع راديو “إسرائيل” أن اليهود سيعينون مندوبا من طرفهم للتباحث مع كبير المراقبين في الهدنة الدائمة مع مصر وسحب قوات الفالوجة..
مطر طول الليل غزير.. وكذلك طول النهار..
الأرض عبارة عن أوحال.. الشمس لم تظهر..

الاثنين 13 ديسمبر:

مازال المطر مستمرا..

الثلاثاء 14 ديسمبر:

فتحت قواتنا النار على قوة يهودية كانت تحاول نجدة القوات الموجودة حولنا.. ويعتقد أنها أصيبت بخسائر.. وكان معها جمل لأن الأرض لا تصلح لسير العربات..
وقد أصيب الجمل..

الأربعاء 15 ديسمبر:

عسكري جريح واثنان مدنيان من الأطفال في وقت الظهر.. الساعة ،2000 فتح العدو نيران مدافع الماكينة فجأة على عراق المنشية بشدة من الجنوب والشرق.. وأطلق قنابل الهاون..
وقد انتظرنا أن يقوم بهجوم..
ولكن استمر ذلك حتى الساعة 2200.
ثم هدأ إطلاق النيران..
لا خسائر رغم شدة النيران وتساقط الرصاص في كل مكان بكثرة..
وكان حوش المنزل الساكنين به ميدان لسقوط عدد كبير من الرصاص..
وصلني في الصباح جواب من تحية.. أول جواب منذ شهرين من قبل الحصار.. وفيه تقول إن جوابي وصلها.. وإنها مطمئنة.. وجوابان من الوالد.. وجواب من العم..
أرسلت جوابين لتحية.. وجواب للوالد، وجواب للعم، وجواب لعز العرب، وجواب لحمدي به شيك بخمسين جنيها لتوصيلها للمنزل..
وصلت لنا سجائر وشاي للجنود من الفالوجة..
وصلت جرائد الخميس والجمعة والسبت والأحد الماضية والمصور وأخبار اليوم..

الخميس 16 ديسمبر:

أذاع راديو “إسرائيل” أن رايلي ذهب إلى غزة للاتفاق مع المصريين..
ولكن لم يجد اهتماما بالمفاوضات من اليهود.. وأن موقف “الإسرائيليين” من قوات الفالوجة متوقف على قبول المصريين المفاوضة مع “إسرائيل”..

الجمعة 17 ديسمبر:

أصيبت امرأة برصاصة في بطنها، وقد عمل لها الدكتور صفوت عملية استغرقت 4 ساعات في ظروف عجيبة غير مناسبة..
ووجد في المصارين (16 خرم)..
ولكنها توفيت في الصباح بعد أن نجحت العملية نتيجة إهمال التمرجي الذي لم يبلغ الدكتور أن حالتها ساءت..
إذ أنه انتظر وبلغه أنها توفيت..

السبت 18 ديسمبر:

كلمت كمال بشارة.. وطلبت منه أن يطلب المنزل (السيد بك يوسف) ويبلغه أني بخير..
اتصلنا صدفة ببشير وقال إنه قريب منا وسيفتح معنا الساعة 1500 يوميا..
عسكري جريح جرحاً غير ثاقب..

الاثنين 20 ديسمبر:

أذاعت “إسرائيل” أن رايلي عاد من مصر بعد مقابلة حيدر باشا..

الثلاثاء 21 ديسمبر:

أذاعت “إسرائيل” أن رايلي قد أبلغ حكومة “إسرائيل” (المزعومة) أن الحكومة المصرية رفضت الكلام في شؤون الهدنة الدائمة حسب قرار مجلس الأمن بتاريخ 16 نوفمبر قبل إخلاء اليهود للنقب حسب قرار مجلس الأمن السابق بتاريخ 4 نوفمبر..
وقالت إن الحكومة “الإسرائيلية” كانت إظهارا لحسن نيتها قد وافقت على سحب القوات المصرية من الفالوجة على دفعات..
وأذاعت أن رد وزارة الخارجية على ذلك سيقدم إلى رايلي باكرا صباحا..
قمح ولحم

الأربعاء 22 ديسمبر:

حلقت أربع طائرات وضربت الفالوجة..
وقد أصابت “البوفرز” واحدة منها وأسقطت خلف الجسر..
ونزل الباقون في مطار بير توفيا..
أرسل بشير من أدنا يقول إن عنده ثلاثة رجال من عراق المنشية.. وماذا نريد حتى يرسله معهم..
أرسلنا له أننا نريد طلقات إشارة وذخيرة ألماني وأي مأكولات وفواكه..
والحقيقة أن الأكل الآن عبارة عن قمح ولحم..
القمح منه عيش ومنه دشيشة تطبخ كالفريك ومنه بليلة..
وصلت إشارة من الرياسة أن العدو سيحاول الهجوم هذا المساء أو باكر..
أذاعت “إسرائيل” رد وزارة الخارجية على رايلي وهو أن حكومة “إسرائيل” تعتبر نفسها حرة التصرف بعد أن رفض المصريون الهدنة للدفاع عن فلسطين وعن كيان “إسرائيل”..
وإن أرادت مصر السلام فلها السلام وإن أرادت الحرب فلها الحرب..

هجوم مضاد

السبت 25 ديسمبر:

حلقت طائرة معادية الساعة 500 وضربت الفالوجة بحوالي 65 قنبلة..
وضرب العدو عراق المنشية بالهاون والأسلحة الصغيرة.. ضربا شديدا لمدة ساعة..
اتصل بي السيد بك طه وقال إنه وصلته إشارة من الرئاسة تقول الآتي:
قام العدو بالهجوم على دير البلح وخان يونس، ونجح في احتلال موقع أمامي، ولكن قواتنا قامت بهجوم مضاد، واستطاعت طرد العدو من مواقعه بعد أن تكبد خسائر شديدة..
واستولت قواتنا على قافلة من 40 عربة وأسلحة ثقيلة.. وجميع خطوطنا سليمة.. والكل متشوقون لملاقاة العدو..
وصل ابن المختارة الذي توجه إلى غزة لإحضار فلوس ثمن ما أخذ من الأهالي 1500 جنيه..
وقد حكى عما قابله في غزة..
فالقوات كثيرة جدا والعدو ضرب وغرقت إحدى سفنه الحربية وسقطت طائرتان.. والجميع يشيدون بذكر ما تبديه القوات في عراق المنشية والفالوجة..

الأحد 26 ديسمبر:

حلقت طائرة في المساء وضربت عراق المنشية.. وحلقت طائرات وضربت الفالوجة.. والنشاط مزداد جدا بالنسبة للعدو..
لا أزال أنام في الحجرة مع القائد.. ويظهر أنه لابد من الذهاب إلى الخندق..
الطائرات تمر طول الليل.. تحلق الطائرة مدة طويلة تضرب أثناءها عشر قنابل..
هي حرب أعصاب أكثر من تأثير القنابل.. ولو أن القنابل لا تؤثر..
سقطت قنبلتا هاون على مجموعة من الأهالي فجرح 12 ومات 3.
الدكتور كثرت أعماله وجرحاه..

اليوم العصيب

الاثنين 27 ديسمبر:

كان هذا اليوم يوما عصيبا جدا.. وبدأت شدته في الساعة 830 عندما حلقت فوقنا خمس طائرات معادية..
وضربت البلدة بالقنابل الثقيلة جدا..
كانت الطائرة تعمل Dive وتنزل القنبلة فنسمع لها صوتاً أثناء نزولها أشنع من صوت الطائرة..
يعقبه انفجار شنيع يهز كل البلدة الصغيرة.. والخندق أيضا..
وفي الساعة 900 بدأ العدو يضرب عراق المنشية بالمدفعية الثقيلة.. وكان الضرب شنيعا حتى أننا فضلنا عليه ضرب الطائرات.. واستمر هذا الضرب طول النهار حتى الساعة 2200 ليلا.. وكان المعدل طلقة كل دقيقة..
وقد سقطت قنبلة على منزل المنياوي فدمرته وجرح المنياوي جرحا بسيطا.. وخرج ومعه مدكور ليوصله إلى المستشفى.. فسقطت بجوارهما قنبلة أخرى.. جرح فيها مدكور جرحا بليغا ونقل إلى المستشفى.. وكان الدكتور في حالة عصبية شنيعة، فلم يتمكن تحت هذا الضرب من الوصول للمستشفى.. وسقطت قنابل على المستشفى.. فمات مدكور.. ومات عدد من الجرحى ومن الممرضين.. وكانت الحالة شنيعة جدا..
وفي الساعة 1600 حلقت ست طائرات معادية..
ضربت البلدة بقنابلها الثقيلة.. وكانت البلدة الصغيرة عبارة عن جحيم مطلق.. وكانت الهاونات تشترك في ذلك..
وفي الليل كانت جميع الخطوط التليفونية التي تعمل بين الرئاسة والسرايا قطعت بعد إصلاحها في النهار تحت الضرب الشديد.. وبذلك كان الاتصال مع المواقع الدفاعية عسيرا..
وكانت الطريقة الوحيدة هي المراسلة.. وقد اتصلنا بالفالوجة باللاسلكي على شبكة رئاسة القوات..
معركة حامية

الثلاثاء 28 الأربعاء 29 ديسمبر:

في الساعة 230 وصل عبد الله أفندي قائد السرية السودانية.. وبلغني أن العدو دخل عراق المنشية من الجهة الجنوبية الغربية.. وأن الفصيلة السودانية الثانية انسحبت بدون قتال..
وأن الخط من الخور الموصل إلى الفالوجة إلى مواقع الفكرز و6 رطل قد احتله العدو بدون قتال..
وكانت أكبر مفاجأة وكارثة قابلتني.. وأرسلت مراسلة إلى الإبراشي حيث أنه أول من سيقابل العدو، وكانت جميع الخطوط مقطعة.. وأرسلت إلى خالد ليقوم بفصيلتي الاحتياط، ويمنع تقدم العدو إلى البلدة..
إلى حسن عثمان ليجهز فصيلة من سريته..
واتصلت بأبو سبع ليجهز فصيلة والهاون 2.4 بوصة ليكون مستعدا..
حيث إنه سيكون أول نقطة بعد الحملة..
وأرسلت للمعاونة لتثبت في مواقعها وتحمي جنبها الشمال..
وصارت المعركة كالآتي:
توجه خالد ومعه الفصيلتان إلى الحملة ليسد الثغرة..
ففوجئ بالعدو الذي قذفه بالقنابل اليدوية، فقتل عشرة وتفرق الباقون..
ودخل خالد إلى منزل الإبراشي..
تقدم اليهود ودخلوا المنزل المواجه للإبراشي، وكان به الترزية الملكية فضربوهم بالدشم.. واحتلوا المنزل بعد أن رموا فيه قنابل يدوية.. وكانت الأخبار مائعة والليل يوشك على الانتهاء..
أرسلت فصيلة السرية الثانية إلى محل الهاون 4.2 بوصة.. وأرسلت فصيلة س 4 إلى الحلة عن طريق المعاونة..
وطلبت من الفالوجة أن تضرب الخط الذي احتله العدو في مواقعنا بالمدفعية..
وكذلك طلبت من الهاون 2.4 بوصة بضربه.. وطلبت من الفالوجة سرية وحمالات وهاون..
بدأ النهار في الظهور.. وبذلك بدأنا نلم بالموقف..
العدو محتل المنزل المواجه للحملة ومنزل المختار في أعلى البلد ومنزلاً آخر والتين الشوكي..
اندفعت حمالتان من الكتيبة (ولم يكن هناك بنزين لتشغيل غيرهما) في طريق المعاونة..
وتجمعت الجنود في ميدان الجامع..
ووصل عمر وقال إن العساكر متفرقون.. فخرج معه خليل.. وعاد خليل.. ووصل عمر مرة أخرى، وقال إن العساكر مازالوا متفرقين، فخرج معه القائد..وعاد..
ووكل عمر مرة أخرى، وقال إن مافيش فايدة.. فالعساكر مازالت متفرقة..
فطلب منه القائد أن يجمعهم.. فقال أنا تعبان لما أستريح..
وكنت حتى ذلك الوقت موجودا بالرئاسة حتى ألم بالموقف أولا بأول، وحتى أستطيع التصرف في الحال..
ولكن على إثر كلام عمر قررت الخروج فخرجت معه، وجدت عساكر في طريق الجامع وفي شارع الرئاسة، فأخذتهم معي وتوجهت إلى ميدان الجامع..
وكان العدو مازال محتلا للمنزل المواجه للحملة الذي يطل على الميدان فحاصرته قواتنا من جهة الحملة ومن جهة الجامع..
وضربوا المنزل بالقنابل اليدوية واقتحموه، وقد قتل في هذا المنزل حوالي خمسين يهوديا..
وبلغت أن العدو مازال في منزل المختار..
وقبل ذلك وصلت الساعة 620 جماعة حمالات من الفالوجة ووصلت قبلها حمالة فيها وحيد جودة وشديد وجماعة فكرز..
فتقدم إلى التين الشوكي عند الخور شمال المعاونة وفتح نيرانا على العدو الموجود في التين الشوكي فقتل عددا وفر الباقي.. ولكن نيران الفكرز لاحقتهم..
وحضر شكري في عربة هامر إلى الميدان وجماعة حمالات ك1 وحمالتين من ك 6.
فطلبت منهم التقدم وتطهير التين الشوكي وسد الثغرة في الخط الدفاعي..
فتقدموا وأدوا واجبهم كاملا..
وقد كان منزل المختار منزلا حجريا فطلبت مدفع 6 رطل لضربه.. ولكن لم أجد عربة بها بنزين لسحب المدفع..
وعليه أرسلت قوة للمنزل.. وتوجهت إليه مع كمال رؤوف الذي كان معي في كل العملية..
وقد فر العدو إلى التين الشوكي بعد أن قتل منه عدد كبير..
وبذلك طهرت البلدة، وأرسلت لأبوسبع حتى ينشر سريته ويشترك مع السودانية في سد الثغرة التي تركها السودانيون وذهبوا إلى مواقعنا الشرقية ورفضوا التقدم..
وقد انتهت المعركة حوالي الساعة 1000 بعد أن طهرت البلدة جميعها.. وكان القتلى في البلدة (84) والأسرى (5)..
وفي الساعة 1100 وصلت السرية التي طلبت من الفالوجة فاحتلت الجزء الخالي الذي تركه السودانية.. وكانت الحمالات قفلته..

استجواب
الخميس 30 ديسمبر

كان قتلانا 50 والجرحى 64.
وقد ارتفعت الروح المعنوية جدا بعد المعركة..
أبلغني قائد السرية السودانية أن أحد عشر عسكريا من السرية قد هربوا من المواقع إلى الخليل.. وأن خمسة عشر آخرين يرفضون العمل ويريدون الذهاب إلى غزة، وقد أرسلناهم إلى الفالوجة..
استجوبت الأسرى وعرفت منهم الخطة.. وهي أن القوة المهاجمة عبارة عن قوة جمعت من المستعمرات من الكتيبة 33.
وقد وصلوا عراق سويدان ومكثوا بها 3 أيام.. ثم وصلوا خربة عطا الله ومكثوا بها 24 ساعة.. وتحركوا منها يوم 28 الساعة 2000 لغرض احتلال عراق المنشية..
القوة كانت ست سرايا.. تتقدم 3 سرايا في وادي العظاطة الساعة 200 يوم 29.
سرية تحتل الخط الدفاعي عند الوادي..
وسرية تتقدم لاحتلال البلدة..
وسرية تتقدم لاحتلال ............ (يتوقف عند هذه الكلمة الصاغ جمال عبد الناصر عن كتابة يومياته)..
وقد توقفت الكتابة في منتصف الصفحة بما قد يعني أنه توقف لأسباب اضطرارية من عودة الهجوم اليهودي على المواقع المصرية.. وبقيت في الدفتر صفحة أخيرة في نهاية عام عاصف لم يكتب فيها.. وعلى غلافه الخارجي بقعة من دمه).

__________________

__________________

إنتهي نقل مذكرات جمال عبدالناصر التي كتبها بخط يده ، خلال حرب فلسطين 1948




د. يحي الشاعر
 
تعليق سامى شرف على دفتر يوميات جمال عبدالناصر

فيما يلي تعليق الأستاذ سامي شرف علي نشر المذكرات


د. يحي الشاعر

تعليق سامى شرف على دفتر يوميات جمال عبدالناصر
الأخ والصديق العزيز الأستاذ عبد الله السناوى
رئيس تحرير جريدة العربى
تحية ناصرية عربية وبعد
الله يسامحك يا رجل لقد تسببت فى عدم نومى ليلة كاملة بدأت السادسة مساء الجمعة وانتهت السادسة صباحا عقب آذان فجر السبت واستأنفت القراءة بعد الصلاة وحتى منتصف النهار ، لكن بعدما انتهيت من قراءة العدد الممتع الأخيرللجريدة قلت شكرا يا عبد الله انك فكرتنا بأيام خوال حلوة ، وفكرتنا وهذا هو الأهم باخوةسلاح واخوة كفاح ومنهم من كانوا قادة لنا وأساتذة لنا سواء فى الكلية الحربية او فى مراحل متقدمة من عملنا فى القوات المسلحة أو فى حياتنا العملية و السياسية فيما بعد الثورة منهم من مضى ومنهم من مد الله فى عمره والله أدعو ان يمتعهم بالصحة .
فكرتنا بقادة عسكريين لنا وإن اختلفت فيهم الآراء ما بين قادة عظام وآخرين لم يكن بعضهم على مستوى المسئولية خصوصا وان تلك المرحلة كانت مجال لاختبار الرجال وأعنى بذلك فترة ما حدث ما بين عامى 1948 و1949 التى سميت بحرب فلسطين .
كما انك أكدت فى نفس الوقت مقولتى من انه لا يصح إلا الصحيح وإن طال الزمن .
فكرتنا بالسيد بك طه ــ الضبع الأسود ــ وثروت عكاشة وعبد الحكيم عامر وعبد الله مهدى وحسن رأفت وعيسى سراج الدين وعبد الخالق شوقى وسامى يسى ورءوف محفوظ وشفيق معوض وفيليب بقطر واحمد عبد العزيز وصلاح سالم وعبد الفتاح فؤاد وحمدى عاشور وفايز يكن ولطفى واكد وزكريا محيى الدين ومحمد السيد وحسنى عبد العزيز واحمد ابوزيد المنياوى وصلاح بدر وابراهيم بغدادى والسيد بك يوسف والدكتور محمد صفوت ومحمد على بشير وخالد فوزى وعمر محمود على وكمال رءوف ، وهؤلاء وغيرهم لهم بصمة ولهم دور سواء فى قضية الحرب والمقاومة أو فى الحياة العامة بعد ذلك وهذه الرسالة لن تكفى للكتابة عن دور كل من ورد اسمه فيها بخط الرئيس جمال عبد الناصر فى مذكراته سواء فى ميدان القتال أو فى الفترة التى اعقبت الثورة وإلى الآن . وإذا كان فى العمربقية فقد أستطيع أن اسجل بعض ما قام به هؤلاء الرجال من اعمال تكتب بحروف من ذهب من أجل مصر وامتنا العربية .
فكرتنى انا شخصيا بأول لقاء بينى وبين البكباشى جمال عبد الناصر فى ديسمبر1951 عندما استدعانى لمكتبه ليقول لى أننى ضابط مجتهد وأنه سيكون لى مستقبل " كويس " ، وكسر القواعد العسكرية بأن أجلسنى وقدم لى سيجارة كرافن أ وكانت بداية العلاقة بين قائد ثورة يوليو وبين ضابط برتية الملازم أول وقبل ايام من حريق القاهرة فى يناير 1952 ، وكيف أثر هذا اللقاء الحميم فى شخصى وكان بداية علاقة استمرت دون انقطاع حتى 28سبتمبر 1970 يوم الرحيل الحزين .
أعود واقول لك يا صديقى أنى ازددت اقتناعا بمقولتى أنه لا يصح إلا الصحيح وإن طال الزمن وذلك من واقع ما كتبه اليوزباشى ثم الصاغ جمال عبد الناصر وليسمح لى القارىء العزيز أن أعيد كتابة ما سطره سنة 1948 :
" . . قادتنا المنافقون يصدرون بلاغات كاذبة . .
بعد ما استولى اليهود على بئر سبع فعلا رغم تكذيب النقراشى . .
فبالرغم من اننا محاصرون من يوم 16 . .
وبالرغم من طلبنا تعيينات وذخيرة بواسطة الطيران . .
وبالرغم من أن طلباتنا لم تجب . .
ولم يلتفت إليها . .
فسنقاوم إلى آخر رجل . .
لقد فقدنا الإيمان فى قيادة الجيش . . وقيادة البلاد . .
هؤلاء المضللون الممثلون . .
ماذا عملوا بعد أن دخلنا الحرب . . لا شىء . .
لم تصل أى إمدادات للأسلحة التى دخلنا بها . .
هى هى . . "

وبعد ذلك بأربعة أيام يكتب ما نصه :
" القائد اليهودى يحضر فى عربة عليها علم أبيض . .
ذهبت لمقابلته . .
يطلب منا التسليم . .
نرفض . . يطلب اخذ جثث فتلاه . . "
فى اليوم التالى جمعت الجثث حسب الاتفاق .

أعود لسياق رسالتى فأقول لك أليست هذه السطور تعبير عن ثوابت ظلت تلازم جمال عبد الناصر قائد الثورة ورئيس الدولة ؟
من تفعيل العمل الثورى ، ووضوح الرؤية سواء فى العمل اليومى اوفيما يتعلق بالقضية المركزية الفلسطينية باعتبارها قضية مصرية ومصيرية ، الاستنتاج السليم ، الحسم ، عدم التفاوض مع العدو أو الرضوخ تهديداته أو الاستسلام له ، التدين ، التسامح ، القلب الكبير ، احترام الأقدمية ، ارتباط الأسرة .
لقد قام جمال عبد الناصر بالثورة وكان عمره لا يتجاوز الخامسة والثلاثين ورحل عن هذه الدنيا فى الثانية والخمسين من عمره وفى هذه السن الشبابية المبكرة وفى شباب سن الرجولة عمل وانجز وقاوم وواجه كل القوى المعادية داخليا وخارجيا ، واجه انجلترا وفرنسا وأمريكا وواجه القوى الرجعية العربية بقلوسها وبترولها . . قاوم ولم يستسلم ولم يخاف .
جمال عبد الناصر قرأ وكتب مبكرا وحدد دائرة الأعداء وأبعاد الصراع .
ارجو ايها الصديق العزبز أن اكون قد عبرت بشكل موجز عما خرجت به من انطباعات سريعة بعد قراءة هذ المذكرات الخطية الصادقة والمعبرة لقائد ومعلم أمة واجيال سوف تظل تفتكره ما دامت هناك حياة على هذه الأرض لأن جمال عبد الناصركان رجلا فى قلبه أمة والآن أصبح يعيش فى قلب الأمة .
ولا يصح إلا الصحيح وإن طال الزمن .
تقبل أخى عبدالله اطيب المنى والتقدير والشكر
اخوك المحب
سامى شرف
سكرتير الرئيس جمال عبد الناصر للمعلومات
وزير شئون رئاسة الجمهورية الأسبق

مصر الجديدة فى 20يناير2008
 
وتلاه تعليق الأستاذ طلعت حسانين ، الذي يضيف البعض من الضوء علي ردود فعل نشر هذه المذكرات


د. يحي الشاعر

طلعت حسانين

مفكرون ورموز السياسة فى مص علي نشر يوميات الزعيم الراحل جمال عبدالناصر

أكدت ردود أفعال العديد من المثقفين فى مصر حول ما قامت به جريدة العربى من سبق. عندما نشرت يوميات الزعيم الراحل جمال عبدالناصر التى كتبها بخط يده أن العربى بما قدمته فى عددها الماضى قد أضاءت شمعة كبيرة وسط الظلام الدامس الذى فرضته أحداث المنطقة العربية وما وصل إليه حال شعوبها بعد أن أغلق الحكام نوافذ الوطنية، الإصدار الاستثنائى لصحيفة العربى نال استحسان عدد كبير من رموز الفكر والسياسة فى مصر مطالبين بتكراره بعد أن أيقظ روح الثورة وأعاد إلى الأذهان ذكرى الزمن الجميل للعروبة والمد القومي، الذى توارى خلف أبواب الإعلام المستورد والموجه بذهب الغرب ولسيف عملائه تعليقاً على مشاعرهم تجاه ما انفردت به العربى من نشر عشرة آلاف وخمسمائة كلمة بخط يد جمال عبدالناصر أعرب العديد من السياسيين عن تلك المشاعر حيث يقول: عبدالغفارشكر نائب رئيس حزب التجمع لقد قدمت لنا هذه الوثائق التاريخية التى نشرتها العربى بعد أن ظلت سنوات طويلة فى حوزة الكاتب الكبير محمد حسانين هيكل، حيث أظهرت للأجيال الجديدة التى لم تعاصر ثورة يوليو كيف كان يفكر الرجل الذى صنع الثورة هو ورفاقه بعد أن وصلت مصر والوطن العربى إلى مرحلة أقرب للانهيار قبل هذه الثورة، حيث كانت المنطقة تعد وتجهز لزرع الكيان الصهيونى فى فلسطين وكان الحكام العرب أقرب إلى الرجعية والتخلف منها إلى النهوض بأوطانهم، ورغم أن العديد من الحقائق قد سبق نشرها، ولكن نشر الوثائق بخط يد الزعيم الراحل تعد خطوة جيدة لا تقبل الجدل حول رؤى عبدالناصر حول الإعداد لثورة فى مصر، كما أن هذه الوثائق توضح للجميع الجوانب الإنسانية فى شخص الزعيم عبدالناصر. وأضاف شكر قائلاً: إن نشر هذه الوثائق فى ذكرى مرور تسعين عاماً على ميلاد زعيم الثورة أراها فكرة عظيمة لإنعاش ذاكرة الوطن واستدعاء لروح الثورة لتصل للأجيال الجديدة. من جانبه أعلن الدكتور جمال زهران عضو مجلس الشعب وأستاذ الأقتصاد والعلوم السياسية بجامعة قناة السويس عن سعادته وتقديره لما قامت به العربى فى عددها الماضى مضيفاً: لقد قدمت لنا هذه الوثائق التى نشرت من دفتر المذكرات الشخصية لزعيم ثورة يوليو العديد من الجوانب التى تحيط بشخص وفكر عبدالناصر وأظهرت بما لا يدع مجال للشك كيف ولدت الثورة فى قلب الرجل فعلا، ولذلك فإننى أعلن عن تقديرى البالغ لما قدمته صحيفة الحزب الناصرى فهو بمثابة جرعة كبيرة هزت الوجدان وحركت الشعور المدفون فى العديد من أبناء الوطن الذين باعدت الأيام والسبل بينهم وبين مناهل الثورة، كما أن هذه الوثائق تعيد الاعتبار لشخص عبد الناصر الزعيم والعبقرى والثائر الذى بدأ حياته بالنضال فى فلسطين وفقد حياته وهو يناضل من أجل فلسطين والعروبة. لم يختلف جمال أسعد عبدالملاك عضو مجلس الشعب الأسبق فى تقييمه لما قدمته العربى من وثائق تاريخية عن سابقيه حيث قال: هذه الوثائق وما تضمنته من معلومات وأفكار للزعيم الراحل جمال عبدالناصر، وكيف كانت حالة القوات العربية فى حرب 1948 وكذلك ما قدمه رجال القصر من أسلحة فاسدة لم تساعد الجيوش العربية فى مهمتها بل كانت تخدم عصابات الهاجانا والشتير وغيرها والتى كانت تتلقى الأسلحة من مختلف المصادر وساعدها ذلك فى تكريس احتلالها لفلسطين، وقد أثبتت مذكرات الزعيم الراحل أنه كان مثالاً للعطاء لوطنه وكيف التقى بزملائه من الأحرار وكيف تولدت فكرة الثورة فى عقولهم، وأضاف عبدالملاك نحن فى حاجة إلى إعادة الاعتبار لثورة يوليو وزعمائها بعد أن شوه الإعلام الحكومى والإعلام الرجعى صورتها فى أذهان الأجيال التى لم تعاصر الثورة بقيادة القائد العظيم جمال عبدالناصر. أما الدكتور محمد السيد سعيد الباحث بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية ورئيس تحرير >البديلالعربي< من وثائق تعد هى الأهم لأنها بخط يد زعيم يوليو وتمثل يومياته التى ترصد كيف كان يفكر والظروف المحيطة به فى فترة تعد من أصعب الفترات فى تاريخ الأمة العربية حيث كان يتقاذفها تياران أحدهما للملوك والأمراء والحكام الذين ارتضوا بالعروش المحروسة من الدول الأجنبية وشعوبهم التى تعانى القهر والمهانة وبين تيار آخر بدا يظهر فى الأجيال التى عاصرت نكبة فلسطين وتنبهت لما تعده الدول الاستعمارية للمنطقة من كوارث أشدها زرع الكيان الصهيونى فى قلب الأمة العربية وما حدث من عمليات قتل وتدمير ومحاولات تهجير وطرد للشعب العربى فى فلسطين، وكانت مشاركة الجيوش العربية للاستعراض رغم علم الملوك العرب بأنهم لم يقدموا الأسلحة والمعدات التى تكفى لمواجهة العصابات الصهيونية ولذلك فإن رصد عبدالناصر لما حدث يعد تجربة فذة، وما قامت به العربى من نشر لهذه الوثائق يعد عملا فذاً أيضاً. ومن ناحية أخري، أعرب الدكتور حسن بكر أستاذ العلوم السياسية بجامعة أسيوط عن تقديره للخطوة الجريئة التى قامت بها صحيفة العربى فى الذكرى التسعين لميلاد الزعيم قائلا: نشر الوثائق التى كتبها الزعيم الراحل فى مفكرته التى قدمها الكاتب الكبير محمد حسانين هيكل للجريدة يعد عملا صحفى متميزا ولا يقلل من أهمية نشر بعض ما ورد فى المذكرات فى الصحف قبل ذلك، وهذا ليس بغريب على هذه الصحيفة التى تعد مصدر احترام من الجميع، لأنها تحاول التغلب على كل الصعوبات وتقدم مادة هادئة واثقة رغم ضعف الإمكانات، ولذلك فإن نشر 321 يومية بخط يد جمال عبدالناصر، هو عمل جيد وجدير بالاحترام لأنه يقيم للمتنازعين حول شخص وفكر مفجر ثورة يوليو دليلا قاطعا للجوانب الإنسانية والشخصية لقائد الثورةالحقيقى وكيف اختمرت فكرتها فى وجدانه هو وعدد من قياداتها عندما خرجوا من حرب فلسطين بعد قرار التقسيم وتخاذل بعض الجيوش العربية. جورج اسحق المنسق العام المساعد لحركة كفاية تحدث عن رأيه فيما قدمته العربى بنشرها الوثائق التى كتبها عبدالناصر بخط يده فقال: هى مادة خصبة لمن يريد أن يقرأ فى فكر الزعيم ويتذكر كيف ألهمت نكبة فلسطين وتردى الأوضاع فى العديد من البلدان العربية التى ساعدت فى تنفيذ فكرة الوطن القومى لليهود فى فلسطين ونرى كيف كانت حالة الشعب المصرى وقياداته قبل ثورة يوليو فى ظل غياب الديمقراطية الحقيقية، وتحكم القصر وراءه الإنجليز فى مقدرات الوطن وما كان يحدث فى تلك السنوات عقب حرب48 وحتى قيام الثورة يتشابه مع ما تتعرض له الشعوب العربية من ظلم وفقر وكبت وكذلك غياب روح المد الثورى وسيطرة الدول الأجنبية خاصة الولايات المتحدة على الحكام العرب الذين تحولوا إلى دمى فى أيديها مما جعل البلاد تستعد لثورات قد تكون من أجل رغيف العيش أو الحق فى حياة كريمة بعد تفشى الجوع والبطالة وانتشار الفساد. وعن رد فعله تجاه السبق الذى قدمته العربى بنشر الوثيقة التاريخية أكد الدكتور هشام صادق على تقديره البالغ لمبادرة جريدة الناصرى قائلاً: إنها وثيقة جميلة جداً عندما قرأتها سعدت بها، ولكنى لم تصيبنى المفاجأة لما ورد فيها لأننى كنت قد رسمت نفس الصورة العظيمة للزعيم الإنسان جمال عبدالناصر وهى صورة صادقة لزعيم تاريخى أبرزتها هذه الوثيقة، كما أننى أرى أن جمال عبدالناصر كانت أفكاره واضحة وظهرت الجوانب الإنسانية بوضوح فى شخصيته، وأضاف الدكتور صادق أن ما أوردته الوثيقة من أحداث ووقائع وبين ما تمر به مصر الآن من ظروف، ولأننى عايشت هذه الفترة التى تحدثت عنها الوثيقة حيث كنت تلميذاً بالمدرسة الإعدادية والثانوية وقتها ونشأت فى منزل لأسرة متوسطة، وكانت المناقشات فى منزلنا تدور حول نفس الأحداث التى تناولها الزعيم فى مذكراته، وكان والدى يؤكد على وجود الفساد قبل الثورة وكان يتحدث عن تعرض مصر للتدمير من رجال القصر ورجال الأحزاب الفاسدين والإنجليز وفى نفس الوقت، وكان هناك شعور عام بوجود فساد، وكانت هناك صفقة الأسلحة الفاسدة وكان يتم شراء الألقاب، ولفت الدكتور هشام صادق إلى الديمقراطية الزائفة التى يتشدقون بها قبل الثورة بقوله: التزوير كان موجودا على نطاق واسع وتحت إشراف السفارة البريطانية والقصر فهناك 25 عاماً منذ عام27وحتى قيام الثورة كانت أحزاب الأقلية هى التى تحكم باستثناء 6 سنوات فقط حكم فيها حزب الوفد فى ذلك الوقت وهو كان يمثل غالبية الشعب المصري، وكان والدى من الأوائل الذين خرجوا للتعليم فى الولايات المتحدة ضمن مجموعة أرسلتها حكومة الوفد للخارج ليحلوا محل الموظفين الأجانب وقد تسلم وظيفته من مواطن إنجليزي، وهذا الجيل كان يتحدث عن تأييده لمجموعة الضباط الأحرار وعندما سألته وأنا شاب صغير: لماذا لا تخاف من العسكر؟! فكان رده: إن الأحزاب لم تقدم شيئا لمصر فلماذا لا نعطى الفرصة لهؤلاء الشباب، وأضاف صادق: إن جمال عبدالناصر لم يكن يجسد الثورة فقط، ولكنه كان ضميرها وروحها وكان يجسد مسلكا إنسانيا جميلا وكان من أحرص الناس على أن يحرم أقاربه والمقربين منه من أى مميزات،وهذه صفة لا يجادله فيها أحد وكان يتمتع بعفة وطهارة يد يصعب تكرارها فى أقرانه من الحكام، ونبه الدكتور هشام إلى أن ما فعلته العربى توجه وطنى وسابقة صادقة ولا أجامل العربى لأنها الصحيفة التى تتميز دون غيرها بأنها متفقة مع مبادئها ولا تقول إلا ما تؤمن به كما أنها مصممة على خطها الواضح وكانت حربها قديمة ضد الفساد ومطالبها مبكرة بالحريات والعدالة، كما أنها تؤمن بالفكر الديمقراطى الصحيح، وهذا موقف يحسب لها لأنه فكر موضوعي
 
أخيرا ... أعيد نشر الروابط ، التي تسهل الرجوع إليهم لقراءة المذكرات بشكل منفصل ، كل حسب فترته التاريخية




فيما يلي الروابط التي تسهل قراءة الموضوع ، تبعا للتقسيم الوقتي












د. يحي الشاعر
 
التعديل الأخير:
رحم الله عبدالناصر واسكنه فسيح جناته
 
رحم الله عبدالناصر واسكنه فسيح جناته


تقبل الله دعواتك

كان رجل ...

كانت في قلبه أمة ... وعندما توفي أصبح في قلب أمة

وستأتي الأيام ... وسيتحسر العديد علي ايام جمال عبدالناصر



د. يحي الشاعر
 

331133108854ip5.jpg


رجل لم يسجد سوي لخالق الكون وحده ...رب العالمين ... ألله سبحانه وتعالي وإنحني فقط لإرادة الشعب ... ولم ينسي يوما أنه من الشعب ....
فهل رد الشعب له .... ما تستحقه ذكراه ... ؟؟؟؟
هـــنـــا وفي هذا المنزل ...ولد عبدالناصر ..... وهــنــا ... نري ما وصل إليه منزل عبدالناصر الذي ولد فيه
يمكن مشاهدة الفيلم والتمعن فيه .عند النقر ..
ولنقارنه بمنازل غيره ... وبالقري التي ولدوا فيهم ... حتي نري الفرق





للأســــد في مماته ما لألف كلب في حياتهم

أهكذا نتذكر الأنسان ... الرجل .... الزعيم .... رئيس الجمهورية السابق ( عربية متحدة أم مصرية)
قرار بسيط ... محافظة الأسكندرية
لا نطالب بشيء ... ولكن بالمحافظة علي كرامة هذا الرجل ....
أين محافظة ألأسكندرية ... وبلدية ألإسكندرية ... ولماذا هذا الأهمال ... ولماذا لا تزال القمامة ....؟؟؟؟
عــــــــــــار في جبين كل من يمكنه إتخاذ القرار .... ولا يصدره



إســــــــلمي يــــــــامـــصــــــــــر

د. يحي الشاعر
 
التعديل الأخير:
عودة
أعلى