مذكرات عبد الناصر التى دونها بيده عن تطورات حرب فلسطين 1948 ، تعتبر ميراث قومي ، يملكه كل شخص عربي وليس شخص واحد مهما كان إسمه ... ولو محمد حسنين هيكل ، الذي يحتفظ بهم عنده
لا حق له في الأحتفاظ بهذه الوثائق التاريخية ... ويجب عليه أن يرجعهم إل متحف جمال عبدالناصر الذي سيقام في الفيلا التي كان يقيم فيها الرئيس جمال عبدالناصر في منطقة "منشية البكري" بالقاهرة والت وتوفي أيضا فيها
جمال عبدالناصر ....
رجـــل ... كانت فى قلبه أمة عربية واحدة ... ولما توفاه الله .. أصبح فى قلب أمة ... عربية .... ممزقة مشتته .... ولكنها ستبقى واحدة
.........
....
حقيقة ... وواقع .... ومباديء ..... وهدف....وتحدي
كيف ولدت الثورة في قلب الرجل ... وفي عقل جمال عبدالناصر ... ؟؟؟؟
إقتباس:
الله يسامحك يا رجل لقد تسببت فى عدم نومى ليلة كاملة بدأت السادسة مساء الجمعة وانتهت السادسة صباحا عقب آذان فجر السبت واستأنفت القراءة بعد الصلاة وحتى منتصف النهار ، لكن بعدما انتهيت من قراءة العدد الممتع الأخيرللجريدة قلت شكرا يا عبد الله انك فكرتنا بأيام خوال حلوة ، وفكرتنا وهذا هو الأهم باخوةسلاح واخوة كفاح ومنهم من كانوا قادة لنا وأساتذة لنا سواء فى الكلية الحربية او فى مراحل متقدمة من عملنا فى القوات المسلحة أو فى حياتنا العملية و السياسية فيما بعد الثورة منهم من مضى ومنهم من مد الله فى عمره والله أدعو ان يمتعهم بالصحة .
فكرتنا بقادة عسكريين لنا وإن اختلفت فيهم الآراء ما بين قادة عظام وآخرين لم يكن بعضهم على مستوى المسئولية خصوصا وان تلك المرحلة كانت مجال لاختبار الرجال وأعنى بذلك فترة ما حدث ما بين عامى 1948 و1949 التى سميت بحرب فلسطين .
كما انك أكدت فى نفس الوقت مقولتى من انه لا يصح إلا الصحيح وإن طال الزمن .
.......
....
.......
كانت هذه بداية سطور رسالة تعليق سامي شرف ، إلي الأخ وصديقه العزيز الأستاذ عبد الله السناوى ، رئيس تحرير جريدة العربى ... عندما نشر نشر فى جريدة العربى الناصرى، موضوعا بعنوان " دفتر يوميات عبد الناصر " التي كتبها الرئيس جمال عبد الناصر بخط يده فى أثناء حرب فلسطين عن المدة من سنة 1948 حتى نهاية سنة 1949 ، وإحتفظ بها محمد حسنين هيكل لمدة 55 "خمسة وخمسون عاما"
...
.....
طبعا ... لا بد أن تأخذ سطور "مذكرات" عبدالناصر ، مكانهم أيضا في موقع الرجل الذي لازمه وقضي معه 18 عاما ... أي 6480 يوما .... وما يقارب ... 15520 ساعة من حياته ...
فقمنا بإعادة نشر المذكرات في موقع سامي شرف ... وننشر هنا حلقاتهم بالتالي ...
من دفتر يوميات جمال عبدالناصر خلال حرب فلسطين 1948...
فيما يلي الروابط التي تسهل قراءة الموضوع ، تبعا للتقسيم الوقتي
http://samy-sharaf.bravehost.com/NASSER-ALL/NSR-MEMOIRES-00.html
http://samy-sharaf.bravehost.com/NASSER-ALL/NSR-MEMOIRES-1.html
http://samy-sharaf.bravehost.com/NASSER-ALL/NSR-MEMOIRES-2.html
http://samy-sharaf.bravehost.com/NASSER-ALL/NSR-MEMOIRES-3.html
http://samy-sharaf.bravehost.com/NASSER-ALL/NSR-MEMOIRES-4.html
د. يحي الشاعر
لا حق له في الأحتفاظ بهذه الوثائق التاريخية ... ويجب عليه أن يرجعهم إل متحف جمال عبدالناصر الذي سيقام في الفيلا التي كان يقيم فيها الرئيس جمال عبدالناصر في منطقة "منشية البكري" بالقاهرة والت وتوفي أيضا فيها
جمال عبدالناصر ....
رجـــل ... كانت فى قلبه أمة عربية واحدة ... ولما توفاه الله .. أصبح فى قلب أمة ... عربية .... ممزقة مشتته .... ولكنها ستبقى واحدة
.........
....
حقيقة ... وواقع .... ومباديء ..... وهدف....وتحدي
كيف ولدت الثورة في قلب الرجل ... وفي عقل جمال عبدالناصر ... ؟؟؟؟
إقتباس:
الله يسامحك يا رجل لقد تسببت فى عدم نومى ليلة كاملة بدأت السادسة مساء الجمعة وانتهت السادسة صباحا عقب آذان فجر السبت واستأنفت القراءة بعد الصلاة وحتى منتصف النهار ، لكن بعدما انتهيت من قراءة العدد الممتع الأخيرللجريدة قلت شكرا يا عبد الله انك فكرتنا بأيام خوال حلوة ، وفكرتنا وهذا هو الأهم باخوةسلاح واخوة كفاح ومنهم من كانوا قادة لنا وأساتذة لنا سواء فى الكلية الحربية او فى مراحل متقدمة من عملنا فى القوات المسلحة أو فى حياتنا العملية و السياسية فيما بعد الثورة منهم من مضى ومنهم من مد الله فى عمره والله أدعو ان يمتعهم بالصحة .
فكرتنا بقادة عسكريين لنا وإن اختلفت فيهم الآراء ما بين قادة عظام وآخرين لم يكن بعضهم على مستوى المسئولية خصوصا وان تلك المرحلة كانت مجال لاختبار الرجال وأعنى بذلك فترة ما حدث ما بين عامى 1948 و1949 التى سميت بحرب فلسطين .
كما انك أكدت فى نفس الوقت مقولتى من انه لا يصح إلا الصحيح وإن طال الزمن .
.......
....
.......
كانت هذه بداية سطور رسالة تعليق سامي شرف ، إلي الأخ وصديقه العزيز الأستاذ عبد الله السناوى ، رئيس تحرير جريدة العربى ... عندما نشر نشر فى جريدة العربى الناصرى، موضوعا بعنوان " دفتر يوميات عبد الناصر " التي كتبها الرئيس جمال عبد الناصر بخط يده فى أثناء حرب فلسطين عن المدة من سنة 1948 حتى نهاية سنة 1949 ، وإحتفظ بها محمد حسنين هيكل لمدة 55 "خمسة وخمسون عاما"
...
.....
طبعا ... لا بد أن تأخذ سطور "مذكرات" عبدالناصر ، مكانهم أيضا في موقع الرجل الذي لازمه وقضي معه 18 عاما ... أي 6480 يوما .... وما يقارب ... 15520 ساعة من حياته ...
فقمنا بإعادة نشر المذكرات في موقع سامي شرف ... وننشر هنا حلقاتهم بالتالي ...
من دفتر يوميات جمال عبدالناصر خلال حرب فلسطين 1948...
فيما يلي الروابط التي تسهل قراءة الموضوع ، تبعا للتقسيم الوقتي
http://samy-sharaf.bravehost.com/NASSER-ALL/NSR-MEMOIRES-00.html
http://samy-sharaf.bravehost.com/NASSER-ALL/NSR-MEMOIRES-1.html
http://samy-sharaf.bravehost.com/NASSER-ALL/NSR-MEMOIRES-2.html
http://samy-sharaf.bravehost.com/NASSER-ALL/NSR-MEMOIRES-3.html
http://samy-sharaf.bravehost.com/NASSER-ALL/NSR-MEMOIRES-4.html
د. يحي الشاعر
دفتر يوميات جمال عبدالناصر في حرب فلسطين
على غلافه بقعة من دمه
دفتر يوميات جمال عبدالناصر الشخصية في حرب فلسطين التي أفرج عنها هيكل بعد 55 عاماً
مقدمة قبل أن تقرأ اليوميات بقلم : عبد الله السناوي
فجأة.. توقف رجل يوليو القوي “جمال عبدالناصر” عن الاستطراد في حديثه المستفيض مع الصحافي الشاب -وقتها- “محمد حسنين هيكل” عن تجربته في حرب فلسطين وشهادته على ما جرى فيها.
طلب “جمال عبدالناصر” من ضيفه الانتظار قليلاً، وغادر حجرة الاستقبال في بيته المتواضع بشارع الجلالي في الوايلي، ليعود بعد قليل ومعه صور ومتعلقات شخصية ورزمة خطابات، بعضها تلقاها بعد العودة من الحرب من “أهالي الفالوجة”، وبعضها من زوجته تحية ووالده وعمه، وبرطمان مملوء بتراب المنطقة التي حارب فيها، معتقداً أنه سوف يعود إليها، لتستكمل القوات المصرية المهمة التي لم تقم بها، وأن مصر لم تخض حرباً حقيقية في عام ،1948 فالحرب تشترط أن تكون واعياً بأهدافها ومستعداً لمقتضياتها، والنظام السياسي -وقتها- بدا غير مدرك أنه قد دخل حرباً فعلاً، أو ماذا يفعل بالضبط في فلسطين.
غير أن أخطر ما أحضره معه “جمال عبدالناصر” دفتر مذكرات شخصية على غلافه الخارجي بقعة من دمه.. وقال ل”هيكل” : “يمكنك أن تأخذ معك هذا الدفتر، وأن تقرأ فيه، وأن تكتشف بنفسك ما جال بخاطري تحت وهج النيران في حرب فلسطين، وما كتبته يوماً بيوم في خنادق القتال على ضوء لمبة جاز”.
في ذلك اليوم البعيد من مطلع عام ،1953 عندما أخذ “هيكل” يتصفح دفتر المذكرات، وعلى غلافه الخارجي بقعة من دم “جمال عبدالناصر” سأله : “هل هذه إصابة حرب..؟”.. فأجاب على الفور : “لا”.. وأخذ يروي “جمال عبدالناصر” قصة بقعة الدم على غلاف دفتر مذكرات، فأثناء كتابته اليومية مسجلاً وقائع القتال، وانتقاداته الحادة لمستوى الأداء العسكري للقيادات العليا، الذي كان مزريا، حدث أن قصفت القوات اليهودية مقر رئاسة الكتيبة المصرية السادسة، وكان رئيس هيئة أركانها، وأدى الارتجاج الشديد الذي نتج عن القصف إلى سقوط لمبة الجاز، وخشي “جمال عبدالناصر” أن يؤدي سقوطها على أرضية الغرفة إلى حريق، فحاول أن يمسك بها دون جدوى، فأدى ذلك إلى جرح في يده، وسقطت قطرات من دمه على الدفتر الذي كان يكتب فيه.
وبدا النفي القاطع، والقصة الإنسانية البسيطة التي رواها “جمال عبدالناصر” مثيرة للالتفات من صحافي شاب غطى العمليات العسكرية في فلسطين، وتعرف على أعداد كبيرة من أبطال هذه الحرب، ويعرف -باليقين- أن البطولات فيها بلا حصر، وأنها حقيقية، ولكنه يعرف -باليقين أيضا- أن عددا آخر ادعوا الإصابات فيها، وحصلوا على أنواط ونياشين. ثم إنه يعرف -وهو شاهد كمحرر عسكري في ميادين القتال في فلسطين- أن “جمال عبدالناصر” هو واحد من أبطال هذه الحرب، ومن أبطال الصمود الأسطوري في “حصار الفالوجة”، وأنه أصيب أكثر من مرة، وقاد عمليات بطولية هددت حياته، كأنه كان على موعد مع الموت في هذه الحرب كل لحظة، ولكن المقادير ادخرته ليقوم بعد أربع سنوات بأكبر عملية تغيير سياسي في تاريخ مصر والمنطقة في العصور الحديثة.
كانت مصر في مطلع عام ،1953 الثورة في أولها، وصراع السلطة داخلها يوشك أن يشتعل بعد عام فيما عرف ب”أزمة مارس”.
.. وكان الحوار في هذا اليوم الشتوي البعيد بين الرجلين -زعيم يوليو والصحافي الشاب الذي قدر له أن يصحبه محاوراً وصديقاً إلى نهاية الرحلة- منصبا حول شخصية وأفكار “جمال عبدالناصر”.. وكانت فكرة “محمد حسنين هيكل”، رئيس تحرير مجلة “آخر ساعة” -في ذلك الوقت- إجراء “حوار في العمق” مع الرجل الذي بدا له أنه زعيم الثورة وقائدها الحقيقي يكشف عن شخصيته وأفكاره وتجاربه في “فلسطين” و”السودان” و”منقباد” وخلفيته الاجتماعية.
وبعد حلقتين كان قد كتبهما “هيكل” باسم “أحاديث مع جمال عبدالناصر” أخذت صورة مقالات موقعة باسمه، بدا ل”جمال عبدالناصر” أن ما هو منشور يعبر بدقة عنه، طالباً من “هيكل” أن يستمر في تلك السلسلة من الأحاديث، واضعاً في حوزته مذكراته الشخصية في حرب فلسطين، ومفسحاً أمامه المجال واسعاً، بغير تكلف رسمي.. وفي بيته، أن يسأل كما يشاء.. وفي الخلفية أزمة سلطة توشك أن تشتعل في مارس/ آذار.. بدا “عبدالناصر” واثقا من نفسه ومن قدرته على حسم صراع السلطة، وتجاهل الحديث في هذا الموضوع، وأخذ يتحدث عن “فلسفة الثورة”، وكانت المفاوضات مع الإنجليز للجلاء عن مصر على رأس مشاغله. وفيما كان هدف “هيكل” بأحاديثه مع “جمال عبدالناصر” معرفة ما في داخل هذا الرجل الذي تبدى أمامه من اللحظة الأولى الرجل القوي في النظام الجديد لثورة يوليو، كان “عبدالناصر” راغباً في تأسيس فكرة جوهرية عن ثورة يوليو ومستقبلها، ووجد فيما كتبه “هيكل” تعبيراً حقيقياً عنه.
في هذه اللحظة بالذات تجسرت العلاقة بين الرجلين، وذاب الجليد، فقبلها بدا أن الأساتذة “إحسان عبدالقدوس” و”أحمد أبو الفتح” و”حسين فهمي” و”حلمي سلام” أقرب إلى يوليو ورجالها، ورغم أن “هيكل” التقى “ناصر” قبل الثورة وبعدها عدة مرات، بعضها مثير، إلا أنه لم يكن الأقرب.. حتى هذا اليوم البعيد من مطلع عام ،1953 فيومها تلاقت أفكار، ووضع “ناصر” ثقته في “هيكل”، الذي تولى صياغة خطاباته ووثائق الثورة، محاوراً وصديقاً.. حتى نهاية الرحلة.
و.. كانت تلك الأحاديث مع “جمال عبدالناصر”، مضافا إليها دفتر مذكراته اليومية في حرب فلسطين، هي الأساس الذي صيغت عليه “فلسفة الثورة”.. ثم ما أطلق عليه “يوميات الرئيس جمال عبدالناصر في حرب فلسطين”، التي نشرت على حلقات في مجلة “آخر ساعة” خلال شهري مارس/ آذار وإبريل/ نيسان من عام ،1955 والمذكرات المنشورة ليست يوميات بالمعنى الحرفي، ولكنها تصريحات أدلى بها “عبدالناصر” إلى “هيكل”، الذي صاغها مستندا لدواعي التدقيق في التواريخ على دفتر اليوميات الشخصية، الذي لم يتسن لأحد غيره أن يطلع عليه على مدى ستين عاماً منذ كتابتها.
وترجع أهمية هذه الوثيقة الخطية إلى أنها تكشف دواخل نفس “جمال عبدالناصر”، وشخصيته، بخطه هو، لا بأي خط آخر، ولم يكن في تصور “جمال عبدالناصر” عند كتابتها الدور الاستثنائي الذي سوف يلعبه -فيما بعد- على مسارح التاريخ.
وهذا هو الفارق الجوهري بين هذه الوثيقة الأصلية، والمرويات المتعددة التي كتبت عن حرب فلسطين ونسبت إلى عبدالناصر ما نسبت. ومضاهاة اليوميات المنشورة في “آخر ساعة” بهذا الدفتر الذي ينشر نصه الحرفي للمرة الأولى تثبت الاتساق في الروايات، لكن مواطن التركيز مختلفة، فاعتبارات المقاتل الغاضب تختلف -بطبائع الأمور- عن حسابات رجل الدولة.. وتكشف الوثيقة التاريخية، التي ربما تسبق في الأهمية “فلسفة الثورة”، رؤية عبدالناصر للصراع العربي - “الإسرائيلي”، أو خلفيات هذه الرؤية.
يمكنك أن تلحظ بسهولة -وهو شاب في الثلاثين- إدراكه لطبيعة الصراع، وان من طبائع العدو عدم الالتزام بالاتفاقيات الموقعة والعهود المبرمة، ولكنه يسجل بخط يده مواطن القوة عند هذا العدو، وبخاصة في أسلوب الحياة داخل المستعمرات والآلات الزراعية الحديثة فيها.
وقد زار مع قائده العسكري “الضبع الأسود” الاميرالاي “السيد طه” مستعمرة “جات” للتفاوض، وفي هذا التفاوض رفض القائد المصري تسليم الضباط والأسلحة، وكان القرار إجماعيا بالقتال حتى آخر جندي.. وربما تجد في هذا الموقف أصول “صرخة السويس” : “سنقاتل.. ولن نستسلم أبداً”.
وفي اليوميات تكتشف صلابة وجسارة عبدالناصر، ونسقه الأخلاقي، وارتباطه العاطفي بأسرته، وعمق هذا الارتباط، وسخطه على القيادة العسكرية والسياسية للبلاد، وبخاصة اللواء أحمد باشا المواوي قائد حملة فلسطين، وتأهبه للموت استشهادا بلا وجل، وعلاقة الصداقة المتينة ب”عبدالحكيم عامر”، وتصافح أسماء شهيرة من قيادات “الضباط الأحرار”، وأسماء أخرى لضباط قاتلوا بشراسة، واستشهد أغلبهم، ولا يعرف عنهم شيئا حتى اليوم.. والأهم أنك يمكن أن تلحظ العدد الكبير من الضباط الأقباط الذين قاتلوا أو استشهدوا في فلسطين، ويذكر عبدالناصر أسماءهم، وبعضهم مقرب منه، دون أن يرفق بالأسماء أدنى إشارة للهوية الدينية للمقاتلين من ضباط وجنود.
ويبدو أن مصر -الآن- لديها أزمة في ذاكرتها، وأزمة في نسيجها الاجتماعي الواحد، فأخذنا نفرق مالا يفرق.
على مدى (55) عاماً احتفظ “هيكل” في مأمن وثائقه بدفتر مذكرات “جمال عبدالناصر”، غير أن “الأستاذ” أشار إلى دفتر المذكرات في إحدى حلقات “مع هيكل” على قناة “الجزيرة”.. وقد اتصلت به بعد خمس دقائق من نهاية هذه الحلقة المثيرة، مستغرباً أن يحتفظ بوثيقة خطيرة، عمرها ستون عاماً، دون أن ينشرها.. وكانت إجابته : “لها وقت تنشر فيه.. في حياتي أو بعدها”.. وكان تعليقي : “ما وصلت إليه في عوالم السياسة والصحافة من مكانة رفيعة جعلت منك الصحافي الأول في القرن العشرين -بحسب تعبير النيويورك تايمز- لم يكن من فراغ”.. فرد على الفور : “عبدالناصر هو الذي لم يولد من فراغ”.. والمعنى أنه كان مؤهلا للقيادة والزعامة.. وأن نصوص المذكرات، مع ملاحظة أنه كتبها في الثلاثين من عمره.. وهي بالأساس مذكرات مقاتل، كاشفة لما جرى يوم 23 يوليو/ تموز وما بعده، كأنه شهاب انطلق من تحت نيران حرب فلسطين إلى أوسع عملية تغيير في مصر والمنطقة.
وفيما بعد قرر الأستاذ “هيكل” أن ينشرها، وطلب مني -وقد ألححت عليه قبلها باسم “جمال عبدالناصر” والولاء له أن تنشر هذه الوثيقة الخطيرة في عيد ميلاده التسعين- أن أذهب إليه، وأخذنا في مكتبه على نيل الجيزة نتصفح معاً دفتر اليوميات، قبل أن يبدأ مكتبه في تصوير نسخة خطية كاملة. وقال الأستاذ : “أنت تعرف خطوط الريس.. انظر معي، فهناك على بعض الصفحات خطوط أخرى لرجال آخرين، تسجل أوضاع التعيينات في الكتيبة بتواريخ سبقت وصول “جمال عبدالناصر” إلى غزة يوم 3 يونيه 1948 في قطار، وكان معه في الرحلة إلى ميادين القتال “عبدالحكيم عامر” و”زكريا محيي الدين”.
وبطريقة ما وصل الدفتر إلى “اليوزباشي جمال عبدالناصر”، وأخذ يسجل يومياته من لحظة الوصول.. وفي وقت لاحق، وقبل أن يعود الدفتر التاريخي الثمين إلى مأمنه في محفوظات “مؤسسة هيكل”، اكتشف “الأستاذ” مفاجأة مدوية، وهي أن “عبدالناصر” بعد أن سجل آخر يومية له في هذا الدفتر يوم (30 ديسمبر 1948)، عاد إلى الصفحة الأولى فيه (1 يناير)، معدلا تاريخ السنة (1948) ب(1 يناير 1949).. ومضت المذكرات الجديدة مسجلة شهادته على ما جرى في شهور يناير وفبراير ومارس من العام التالي للحرب.. وقبل أن يعود ل”القاهرة”.
وهي شهادة مضافة، وجزء لا يتجزأ من هذه اليوميات، على رؤية رجل ولدت إرادة الثورة فيه تحت وهج النيران.. سوف نزيح الستار عنها في وقت لاحق. ومن المعروف أن “جمال عبدالناصر” شرع في تأسيس “تنظيم الضباط الأحرار” قبل حرب فلسطين، ولكن فكرة الثورة على النظام بأكمله ولدت في ميادين القتال. وعندما عاد إلى القاهرة بدأ في إعادة بناء التنظيم وتشكيل لجنته التأسيسية تحت قيادته.. وكان لافتا في نصوص اليوميات إطلاق “عبدالناصر” على كل من هو أعلى منه رتبة لقب “بك”، غير أنه هو نفسه -بعد سنوات قليلة- من ألغى الألقاب في مصر، وافتتح صفحة اجتماعية جديدة فيها.
ولدت الثورة في قلب رجل عندما كتب بخط يده في يوميات القتال : “لقد فقدنا ثقتنا في قيادة الجيش.. وفي قيادة البلاد”. ولعل هذه العبارة -بالذات- هي المشهد الافتتاحي لإزاحة النظام الملكي بالكامل.. تمهيدا لعصر يوليو التي خاض معاركها، انتصر وخسر، وربما أكثر ما أوجعه بعد هزيمة (1967) أن بعض ما انتقده في عام (1948) تكرر معه عام (1967).
ثغرات النظام أدت إلى الانقضاض عليه والنيل منه.. وكانت تلك محنة رجل متسق مع نفسه ومع أفكاره، يصدق نفسه ويصدقه الشعب، لا يكذب ولا يدعي.. حتى وهو يكتب في مطلع شبابه يوميات قتال لا يتوقع أن يراها أحد.. أو أن المقادير سوف تصحبه إلى سدة السلطة العليا في مصر، وأن يكون بعد أربع سنوات الرجل القوي في مصر وبعد ثماني سنوات الرجل الذي يسقط الإمبراطوريتين الإنجليزية والفرنسية، ويصعد بالأحلام العربية -في تجربة الوحدة مع سوريا- إلى ذراها العالية بعد عشر سنوات فقط من كتابة مذكراته في خندق قتال على ضوء لمبة جاز.. كأنه شهاب انطلق من فلسطين إلى القاهرة.. كأنه نسر محلق في سماء المنطقة حملنا على جناحيه، قبل أن يهبط إلى مثواه.. ونهبط بعده إلى المأساة.
__________________
كيف ولدت الثورة في قلب رجل؟ ... (1)
وهنا تبدأ يوميات عبدالناصر :
الخميس 3 يونيو :
وصلت إلى غزة ك3 - ك 4.
قابلت شفيق معوض.
ذهبت إلى أبو عوف.. وبلغني أن محمود بك لبيب موجود في معسكر المتطوعين. ذهبت إلى هناك مع أبو عوف ولكن لم أجده. وفي الطريق إلى غزة قابلته مع الشيخ فرغلي.
اتفقنا على أن نصلي الجمعة سوية في معسكر المتطوعين.
في الساعة 00 :20 سمعنا إطلاق النار في قطاع “السرية 2”.. وظهر أنهم اشتبهوا في تقدم قوات معادية.
الجمعة 4 يونيو :
كنت أستعد للذهاب إلى محمود بك لبيب عندما صدرت أوامر بالتحرك من غزة إلى أسدود لغيار الكتيبة التاسعة. تعينت قائدا لجماعة الاستكشاف.تحركت الساعة 30 :13. مريت على دير سنيد لأخذ جماعة هاون وجماعة 6 رطل لنا هناك.
مريت على المجدل.. ووصلت أسدود الساعة 00 :16. قابلت عبدالحكيم والرحماني بك.. مريت مع عبدالحكيم على المواقع الدفاعية.. وكان الدفاع غريبا جدا فهو أشبه بالنقط الخارجية.
لا يوجد احتياط مطلقا من الفصيلة إلى اللواء. الجماعات على خط واحد.. فواجهة الكتيبة حوالي 4 كيلو. قابلت خليف وهين ومصطفى حامد.. وكان كل شيء هادئا.
عرفت من عبدالحكيم أن هذا الهدوء نادر وان الوضع الدفاعي عبارة عن دائرة من كتيبتين تحيطها المستعمرات من كل جهة تقريبا وان المناوشات الليلية مستمرة.. وحكى لي عن هجوم اليهود ليلة 2-3 يونيو بقوات كبيرة والخسائر التي تكبدوها.
وذهبت إلى محل الهجوم.. وكانت الرائحة لا تطاق.. والمخلفات التي تعبر عن العار. وهذه النقطة هي أقصى ما وصل إليه الجيش حتى الآن شمال أسدود.
إن الخط الدفاعي ليس به عمق ولا احتياط وهو عبارة عن موانع نقط خارجية فيه ثغرات تسمح بالتسلل ولا يوجد أسلاك أو أي تحصينات سوى الحفر.
السبت 5 يونيو :
وصلت الكتيبة السادسة الساعة 00 :11. وقابلها أحد الضباط عند أول أسدود واستلمت محلاتها.. وقد بلغنا القائد والضباط أن الموقف هنا يختلف جدا عن غزة.. فنحن محاطون بالمستعمرات من جميع الجهات ونشاط العدو ملحوظ.
وبقيت في مركز رئاسة الكتيبة في إحدى الحدائق المجاورة للطريق.. واستمر كل شيء هادئا.
الساعة 1830 حين بدأت مدفعية العدو تصب نيرانها فجأة على الحديقة.. وكانت القنابل تسقط في مواضع متفرقة.. وابتدأ الضرب حين كنت جالسا مع جاد بك الذي كان يلبس البيجامة ويجلس على السجادة.. وفوجئنا بصفير فوق رؤوسنا تبعه انفجار قريب رج أرض الحديقة. وكانت مفاجأة وجرى كل منا إلى حفرته. وكنت مع محب وكمال بشارة في حفرة واحدة.
واستمر الضرب حتى بلغ عدد القنابل اثنتين وعشرين.. وكانت جميعها تسقط قريبة ولكن لم تحصل أي إصابة. وتبع ذلك عواء الذئاب التي يعتقد أنها أصوات اليهود.. وتبعه إطلاق النيران.
وتلاحظ أن طلقات نارية تضرب من مكان قريب منا جدا.
وأخرجت دورية لتفتيش الحديقة.
وفجأة حوالي الساعة 00 :21 بدأ الخط بفتح نيران وطلب العوضي نيران نجدة في المدفعية. وبلغني أن ذخيرة الهاون (67) نفدت.. وطلبت من المدفعية نيران نجدة فأعطتها في الحال. وبلغني العوضي أنه يرى أنوارا متحركة أمامه.
وعرفته أن ذلك ربما يكون الغرض منه استهلاك ذخيرتنا.. واني لن استطع أن أرسل له ذخيرة في أثناء الليل.. وفعلا كان الإسراف شديدا في الذخيرة.. ولم يطمئن الجنود إلا بعد إطلاق ذخيرة كاشفة ورؤيتهم أنه لا يوجد عدو مطلقا.
الاثنين 28 يونيو :
وصل أمر إنذاري بالاستعداد للهجوم يوم ،28 ومؤتمر يوم 29 الساعة 00 :10
الثلاثاء 29 يونيو :
حضرنا المؤتمر.. كان عبارة عن عدة مؤتمرات.. واحد بخصوص التأمين الاجتماعي.. وواحد بخصوص طلبات لإدارة الجيش.
حضر الشاذلي الذي كان في منتهي الوقاحة إذ قال إن أي ضابط في المدفعية أحسن من بتوع المشاة الذين أظهروا الجبن.. وقوبل بثورة من الجميع.
وقال له أحد الموجودين قبل ما تتكلم تعال امسك سرية.. وقال نعمة الله بك إن عساكر وضباط المشاة بيهجموا على المواقع اليهودية بالقميص وبدون أي أسلحة مدرعة الأمر الذي لم تسمع عنه.. والحقيقة أن موقف الشاذلي كان في غاية السخافة.
تكلمنا مع الوالد وتحية
الأربعاء 30 يونيو :
حضر عبدالحكيم وثروت.. وتكلمنا بخصوص الجواب المطلوب إرساله لمصر.. وأخبرتهم أني أرسلته فعلا بالأمس مع عبدالله مهدي.
تكلمنا مع الوالد وتحية بالتليفون الساعة 30 :15. وكانت تحية تكرر السؤال دائما عن ميعاد العودة الذي لا يعلمه إلا الله.
في الساعة 30 :16 حضرت مع جاد بك مؤتمرا لشرح الخطة المقبلة على تختة الرمل. وكان يشرح الأرض جبر ويساهم في ذلك رزق الله الفسخاني ونعمة الله بك.. وأخيرا تكلموا عن الخطة.
أما الوقت فهو عبارة عن تكرار لليوم السابق : صحيان الساعة 00 :6 وشغل مرور وبوستة حتى الساعة 30 :13 ويشمل ذلك الكتب ثم الغداء.
وبعد ذلك حتى الغروب تكملة الأعمال المطلوبة.. والنوم الساعة 00 :22.
الخميس أول يوليو :
خرجت مع القائد في الصباح للاستكشاف من تبة المغناطيس ولكن لم نتقدم عن التبة.. وطلبت منه الخروج باكرا للاستكشاف مع ضابط المخابرات وضابط الحمالات.
الجمعة 2 يوليو :
خرجت الساعة 700 مع حسن رأفت وإسماعيل محيي الدين للاستكشاف ومعنا مدفعا برن وثلاثة تومي وتوجهنا إلى تبة الفنطاس. وقابلنا ضابطا سودانيا وعرفناه عن اتجاهنا وتوجهنا. وقابلنا عربيين وأخذناهما معنا. وتوجهنا بالعربة إلى مكان مزروع بالذرة خلف تبة.. وتركنا العربة وتوجهنا إلى (النبي صالح).
وأشرفنا من هناك على (كامب جوليس) وكان غرضنا استكشاف الصوافير الغربية ولكن لم أتمكن من رؤيتها.. وبلغنا العربي الموجود معنا أن اليهود موجودون بالجنينة شمال النبي صالح ففتشناها ولم نجد بها يهودا.
وكنا في موقع بين الكامب وبيت دراس. وبعد مدة طويلة تبلغ ساعتين عدنا إلى العربة.. وعندما ركبنا العربة بلغني إسماعيل أن التبة التي خلفنا عليها يهودي.
وركب الجميع وتحركت العربة.
وبلغني إسماعيل أن العدد زاد وأصبح حوالي خمسة عشر.. وتحركنا في وسط التبة وخرجنا بسلام..
السبت 3 يوليو :
ذهبت مع القائد وقواد السرايا إلى تبة المغناطيس لشرح الأرض.. وتوجهنا إلى البيت الأبيض قرب التبة.
الأحد 4 يوليو :
حاولت الكلام بالتليفون ولكن الخط كان مشغولا.. وتكلمت الساعة 00 :19 ولكن لم يرد أحد.
الاثنين 5 يوليو :
علمنا أن جلالة الملك سيزور المواقع غدا.
الثلاثاء 6 يوليو :
حضر صاحب الجلالة الملك للمرور على المواقع ووصل إلى أقصى المواقع الأمامية الساعة 30 :7.
.....
.....
خرجت للاستكشاف (معسكر جوليس) ومعي حسن عثمان والفيومي ولبيب وثابت ورأفت وكمال بشارة ويسري.. وتوجهنا إلى النبي صالح والتبة الموجودة جنوبه.. واستكشفنا المعسكر جيدا.. ووجدنا دشمة مبنية خلف المعسكر القديم... ورأينا مصفحتين خلف المعسكر متجهتين إلى الجنوب.
واستمر الاستكشاف من الساعة 00 :15 إلى الساعة 00 :،18 وعدنا بسلام وكنا على مسافة 1100 ياردة من المعسكر.
الأربعاء 7 يوليو :
طلب القائد لحضور مؤتمر يرأسه اللواء.. تكلمت مع تحية بالتليفون حوالي الساعة 00 :،17 وقبل الكلام بالتليفون حضر مراسلة يطلبني لمقابلة القائد.
ذهبت فوجدت أن الأوامر صدرت للكتيبة السابعة بنقض الهدنة ليلة 7-8 ومهاجمة بيت دراس في عملية ليلية... يقوم بها السودانيون.
الخميس 8 يوليو :
كانت أخبار الغارة على بيت دراس سيئة جدا فإن القوات السودانية استطاعت التسلل والدخول إلى البلدة وبدلا من أن يقوم القائد بإطلاق إشارة النجاح أرسل إشارة طلب النيران الدفاعية فأطلقت المدفعية نيرانها على القوات ولم يحصل أي تعزيز.
وعاد السودانيون بعد أن أسر قائدهم وتكبدوا بعض خسائر.. ولكن بعد أن ذبحوا عددا كبيرا من اليهود.
الجمعة 9 يوليو :
وصلنا أمر إنذاري الساعة 00 :14. الكتيبة تستعد للهجوم.. تسلم المواقع الدفاعية.. الغرض جوليس.. يتم الاستكشاف قبل المساء.
توجهنا للاستكشاف الساعة 00 :16 ودخلت ومعي إسماعيل ورأفت وبشارة إلى آخر جنينة تشرف على جوليس.. وقمنا بعمل رسم للبلدة.. عملنا خطة للهجوم وكان جاد بك يعتد برأيه.
وكانت الخطة.. سرية نيران وسرية تتقدم من الغرب وسرية من الجنوب وسرية احتياط.
السبت 10 يوليو :
تحركت الكتيبة إلى منطقة التجمع الساعة 00 :7. وأعطى القائد الأوامر الساعة 30 :9. وحدد ساعة الصفر الساعة 00 :11. وبدأت العملية وكنت في مركز الرئاسة في عربة اللاسلكي مع جاد بك وبشارة وكمال عبدالحميد.
استمر التقدم بانتظام ولكن القائد فقد أعصابه.. طلب التقدم وعاد وطلب تغيير محل الرئاسة إلى طريق عراق سويدان.
وتقدمت الرياسة وتركها القائد وطلبني لأقدم جماعتي هاون لأساعد السرية الأولى.. تقدمت ومعي عيسى سراج الدين ضابط المراقبة الأمامي.. وكانت تطلق علينا مدافع الماكينة وتمر فوق الرأس.
وعدت إلى مركز الرئاسة فلم أجد القائد ووجدت طلبات من السرايا تريد الإجابة عليها.
السرية الأولى تطلب ذخيرة.. وتطلب إخلاء الجرحى.. السرية الثانية فقدت اتجاه فصيلتين.. السرية الثالثة لا ترد.. السرية الرابعة وصلت إلى غرضها.
وعندما بدأت أرد على طلبات هذه السرايا علمت أن إسماعيل محيي الدين توفي وهو داخل الحمالة وأن اليهود يستعملون 20 مم..
وصلني مراسله راكباً يقول إن القائد يطلب سحب الكتيبة إلى الجناين.. وانه موجود عند بعض السرايا الاحتياطية.. طلبت قائد اللواء بالتليفون فطلب مني أن ابقى في مواقعي.
ولكن وصلني مراسله وأخبرني أن القائد سحب جميع السرايا ما عدا السرية الأولى وأنه طلب سحبها.
أخبرت اللواء بذلك وعملت ترتيب سحب السرية وتم الانسحاب بخسائر قليلة.. وكانت الخسائر 15 قتيلا و30 جريحا..
الأحد 11 يوليو :
اتخذت الكتيبة موقعا دفاعيا حول محطة التجارب.. وقضينا الليلة هناك.
وفي الصباح وصل أمر للكتيبة باحتلال جوليس اليوم.. وعزل جاد سالم من القيادة.. وتسليم الكتيبة لحسين كامل.
كان حال الكتيبة لا يشجع أي هجوم.. توجهنا للمجدل وأفهمناهم حال الكتيبة.
وصل أمر لنا باحتلال تقاطع عراق سويدان - المجدل - كوكبة - جوليس.
ذهبت مع قائد اللواء وأركان حرب اللواء وقائد الكتيبة وقادة السرايا..وغيرنا سرية من ك 9 غرب نجبة.
وطلب منا وضع سرية على تقاطع الطرق نجبة - جوليس.. وسرية على تقاطع الطرق عبديس - جوليس.
احتل لبيب محله بعد السرية الموجودة تحت نيران المدفعية.. وتواجدت مع السرية الثانية غرب نجبة.
وكانت نيران مدافع الماكينة من نجبة تتناثر حولي والمدفعية تسحل الطريق بين السرية الثانية والرابعة.
عدت إلى تقاطع عراق سويدان.. فوجدت أن سرية حسني (السرية الأولى) لم تتحرك وأن حسني لم يعد من استكشافه.. وعاد حسني في حالة عصبية وأخبرني أن اليهود فتحوا عليه نيرانا وأن الحمالات تركته وأنه لا يستطيع أن يحتل محلاته الآن فاتفقنا على أن يحتل محلاته قبل أول ضوء.. وكان في حالة يرثى لها ويقول إنه لا داعي لاحتلال هذه المواقع.. وعدته أن أذهب معه في الصباح إلى الموقع.
فقدت الأمل في النجاة
الاثنين 12 يوليو :
توجهت مع السرية الأولى إلى محلاتها عند تقاطع الطريق جوليس - عبديس.. وكان الموقع مغمورا بالنيران من التباب غرب عبديس.. واتخذت السرية مواقعها تحت النيران.. واستترت مع عبدالعزيز في حافة الطريق.. وكان الرصاص يتساقط حولنا.
بعد أن استقرت السرية حوالي الساعة 600 في محلها ركبت حمالة وعدت إلى السرية الرابعة وقد تعطلت الحمالة.
ذهبت إلى السرية الرابعة وكان يطلق على مواقعها نيراناً أوتوماتيكية من نجبة.. وكان الرصاص يمر فوق رؤوسنا.
ووصل سامي يس إلى موقع السرية وطلب مني أن نذهب إلى السرية الأولى فذهبنا وكانت النيران قد تزايدت على مواقع السرية.
وحاولنا معرفة مواقع العدو ولكنها كانت مختفية فاستترنا خلف إحدى الحمالات..ثم ركبت مع سامي حمالة وتوجهنا إلى المحلات التي يطلق علينا منها.. ولكن لم نتمكن من تمييز محلها.
وعدنا ولكن لاحظت أن هناك دما يتساقط على القميص.. فسألت الجاويش عبدالحكيم الذي أخبرني أن هناك جرحا بسيطا في ذقني.. ثم قمت مع سامي للعودة فقام العدو بإطلاق نيران شديدة على الحمالة فشعرت أني أصبت في الصدر من الجهة اليسرى.
ونظرت فوجدت أن الدماء تبلل القميص حول الجيب الشمال وأن القميص به خرم متسع..وكان محل الإصابة يظهر في منتهي الخطورة.. فوق القلب.. فأخبرت سامي الذي أخذني إلى محطة الغيار الأمامية.
وقد كان منظر الجرح يدعو إلى القلق ولكن عندما فحصه الطبيب قال انها شظية وليست رصاصة. ونقلت في الحال إلى مستشفى المجدل. ودخلت غرفة العمليات وبالفحص وُجدت بالجرح شظيتان صغيرتان أخرجهما الدكتور وخيط الجرح.
وقد ارتفعت روحي المعنوية وحمدت الله فأول ما خطر على بالي عند الإصابة كان الأولاد وأمهم.. والحقيقة أنه عندما عرفت محل الإصابة فقدت الأمل في النجاة ولكن الله كريم.
الثلاثاء 13 يوليو :
عدت إلى الكتيبة حوالي الساعة 1100 وكانت حالتي متعبة إلى حد ما.. ولكن كان لابد لي من العودة وكل عمل الكتيبة في يدي.. كانت السرية الأولى في موقف حرج.. وفي الساعة 1300 صدر أمر بسحبها.
وتوجهت مع ضابط المراقبة الأمامي إلى محل السرية (الذي أصبت فيه بالأمس) لإعطاء مساعدة لها وعمل شارة دخان.
وكان الجنود المشاة قد انسحبوا فعلا أما 6 رطل فكان في محله.. وكان هناك حسن عثمان والفيومي وحسني.
بعد تسجيل الأغراض عدت إلى مركز الرئاسة.. وكلمني الفيومي بالتليفون وقال إن اليهود هجموا خلاص.. رحنا خلاص.
وانقطعت المكالمة.
اتصلت بلبيب (س 4) وطلبت منه إرسال فصيلة وجماعة م م لستر انسحاب الفيومي وحسن عثمان.
وعاد لبيب وقال إنهم انسحبوا وسحبوا مدفعا وتركوا مدفعين وأخذوا ترابيسهم.. ووصل حسن والفيومي في حالة يرثى لها.. عندهم صدمة عصبية ونقلوا للمستشفى.
الأربعاء 14 يوليو :
سقطت قنابل على مركز الرئاسة فقتلت أربعة وأصابت ثلاثة.. واستمر سقوط القنابل.
فطلبت من المدفعية ضرب المكان الذي أعتقد أن المدفع به.. فسكت.
بلغتني س2 أن اليهود يحتلون الآن مكان س1. فعملت على ضرب هذا المكان بالمدفعية.
صدر أمر بتغييرنا بالكتيبة التاسعة.. ونقل الكتيبة إلى القشلاق المهجور الإنجليزي جنوب شرق نيتساليم. استلم مني رؤوف محفوظ سرية إلى أسدود.
الخميس 15 يوليو :
سرية توجهت إلى تقاطع طرق عراق سويدان.. هجمت ك3 على (بيرون إسحق).
بعد أن دخلت المستعمرة لم تؤمن الطرق فحصل هجوم مضاد.. أرسلت سرية من ك6 لإنقاذها.. ولكن وصلت متأخرة وعادت.
وبلغني لبيب أن العويس توفي وأن شفيق معوض حالته خطرة.
مجلس الأمن قرر وقف القتال في إذاعة المساء.
الجمعة 16 يوليو :
س4 اتخذت مواقع دفاعية جنوب تبة المغناطيس.
س1 توجهت إلى اللواء الثاني.. هجوم من اليهود على طول الجبهات أثناء الليل ورد خاسرا.
السبت 17 يوليو :
علمت بوفاة فيليب بقطر في موقعه أمس بالكتيبة الخامسة. أوقف القتال نهائيا بالقدس.. التقطت إشارة أن العدو حول ستة آلاف مدد أمام أسدود.
الأحد 18 يوليو :
صدرت أوامر بإيقاف القتال الساعة 00 :17.
كانت السرية الأولى تقوم بعملية تثبيتية عند جوليس.
وكانت السرية الثانية تقوم مع قوات أخرى بالهجوم على كراتية لفتح الطريق إلى الفالوجة.
في الساعة 1720 فوجئنا بمعركة في الجو بين خمس طائرات سقطت إحداها فوق خطوطنا.. اعتقدنا أنها يهودية ولكن ظهر أنها مصرية بقيادة الجنزوري فاجأتها ثلاث طائرات يهودية بعد الهدنة.
الاثنين 19 يوليو :
زارني ثروت عكاشة ووحيد حلمي.
المواوي في منتهى السماجة والغرور
السبت 24 يوليو :
ابتدأ الملل يسري في دمائنا.. الحالة اليومية متكررة.. الواحد بدأ يقرف من كل شيء ولا يعمل شيء.
الأحد 25 يوليو :
مرور المواوي على الخط الدفاعي.. الذي لم يمر عليه مطلقا قبل الآن إلا مع جلالة الملك.. يمر عليه الآن بعد انتهاء القتال.
كان في منتهى السماجة والغرور والجهل.. كل ملاحظاته تقريبا غلط.. الراجل نسي نفسه وركبه الغرور.. كان يقول مبادئ 100 سنة هدمتموها.. ويتكلم في النقط الهايفة.. ولم يرتد ثوب القائد الذي يكلم جنوده بعد معارك أصيبوا فيها بخسائر جسيمة وصمدوا.
كلمني عبدالحكيم وأنا أمر مع المواوي فلم يجدني.. قال إنه سيتكلم في المساء.
لم أستطع الكلام مع المنزل.. اتصل بي عبدالحكيم الساعة 00 :،23 ولكن لم أستطع الكلام معه إلا الساعة 00 :11. وكلمني حمدي عاشور.. زارني عبدالمنعم والمنشاوي.
الأربعاء 28 يوليو :
قام اليهود بنقض الهدنة في الساعة 00 :1 عند الفالوجة وكان إطلاق النار مستمرا حتى الصباح.
وعلمت أنهم أرادوا المرور إلى المستعمرات الجنوبية فحاولت القوات منعهم وحدث اشتباك.. وفي الصباح بدأت المدفعية تشترك في المعركة ثم اشترك الطيران.. ويقال إن خسائر اليهود كثيرة.. واستمرت المعركة حتى الغروب.
وصلني جواب من حسن إبراهيم.. قدمت طلب إجازة من 2 إلى 6 أغسطس.. كلمت تحية في التليفون.
غيرت رتبة اليوزباشي برتبة الصاغ.
الاثنين 23 أغسطس :
علمت اليوم خبراً لم أصدقه لأول وهلة.
إن أحمد عبدالعزيز قتل أمس عند عودته من بيت لحم.. وتفصيل الأمر أن أحمد عبدالعزيز وصلاح سالم والورداني عادوا بعد مؤتمر العرب واليهود بالقدس لمقابلة المواوي.
وعندما اقتربوا من عراق المنشية حوالي الساعة 00 :20 فتحت عليهم نيران من المواقع المصرية.
فكان أحمد عبدالعزيز هو الضحية.
ولقواتنا بعض العذر فإن اليهود يخرقون الهدنة يوميا في هذا المكان محاولين العبور إلى المستعمرات الجنوبية.
قد تألمت جدا فإن أحمد عبدالعزيز كان يحب أبناءه.. وكان في عز مجده الذي لم يجاز عليه ولم يره الشعب ولم يستقبله.. مات أحمد عبدالعزيز وكله أمل في الحياة.. لقد تألمت جدا.. لهذه الآمال التي انهارت.. كان آخر ما قاله لصلاح سالم.
الأربعاء 8 سبتمبر :
تكلمت مع تحية في التليفون وبلغتها أني سأحضر يوم 10 بعد بكرة..طلبني اللواء تليفونيا.. وطلب مني أن أذهب وأقابله.
وبلغني في المقابلة طلب رئاسة القوات بأن أتواجد مع القائد وقائد اللواء وأركان اللواء الساعة 00 :8 باكر.
__________________
التعديل الأخير: