من سمات الحرب البرية الحديثة إن دبابات القتال الرئيسية والمركبات المدرعة، بجميع أنواعها، استفادت على نطاق واسع، من مقومات الحماية التي تتمتع بها الأسلحة الجوية والبحرية. فإلى جانب المنظومات التسليحية الرئيسية، جرى تطوير أنظمة مساعدة الغاية منها زيادة فعالية القدرات الهجومية من جهة، ثم تأمين الحماية القصوى من جهة ثانية، لا سيما وأن الوسائط الهجومية المضادة بلغت حداً من الدقة والذكاء تطلب بدوره اللجوء إلى وسائل ردع فعالة، حتى لا تتعرض الدبابات والمركبات المدرعة لعمليات هجوم مباغتة. والهدف الأكبر من تطوير هذه الأنظمة هو سد الفجوة التكنولوجية، التي عانتها مؤقتاً الأسلحة البرية، العالية التكاليف بالمقارنة مع الأسلحة الجوية والبحرية. وأصبح لا يمكن فصل هذه الأنظمة المساعدة عن الأنظمة الهجومية الأصيلة.
وقد صممت المركبات المدرعة الحديثة، للعمل في بيئات طبيعية مختلفة، وداخل محيط إلكتروني مكثف، بحيث تؤدي مهامها القتالية الرئيسية في مختلف الظروف وبأقل الخسائر الممكنة، إلا أن التركيز على الآليات المدمجة والتقدم التكنولوجي المتسارع الذي واكبها، لا يضمن، على أهميته، السلامة الكاملة. ومن هنا كان اللجوء المتزايد إلى الأنظمة المساعدة المصممة خصيصاً للوقاية من القذائف المدفعية والصاروخية، إلى جانب مقاومة التأثيرات المفترضة لأسلحة الدمار الشامل، البيولوجية، والكيمائية، والنووية. ويعني ذلك أن ترسانة الردع أصبحت تشمل أكثر فأكثر، عناصر جديدة يجب أن تتفاعل في ما بينها بأقصى ما يمكن من الاندماج.
ونتيجة الدراسات والاختبارات والتجارب، ثبت أن استخدام الوسائط الرادارية والأجهزة الليزرية، وتلك العاملة بالأشعة تحت الحمراء يوفر قدرة إضافية وفعالة لحماية الدبابات والمركبات المدرعة من الصواريخ أو قذائف المدفعية البعيدة المدى. وإذا كانت المركبات الحديثة مجهزة بكل الأدوات للقيام بالرد المناسب، فإن المهم في ذلك، هو سرعة رد فعل هذه المركبات على الأخطار المتوقعة، انطلاقاً من التحذيرات التي ترسلها، أكثر فأكثر، المستشعرات المتخصصة.
الاستفادة من تقنيات التخفي
والمدرعات الحديثة على غرار الطائرات، تتمتع بمزايا التخفي، وذلك من خلال خفض إشارات الرادار والأشعة تحت الحمراء المنعكسة عنها، لتجنب التهديدات المضادة المباشرة، أو غير المباشرة. فخفض البصمات، على أنواعها يعتبر الآن جزءاً من المفهوم الصناعي ذاته. إضافة على سبيل المثال، إلى أن العادم الذي كان في الأجيال السابقة من الدبابات والمركبات المدرعة ينبعث مباشرة إلى الخارج، فإنه يأخذ في التصميمات والأجيال الجديدة، وجهة الاندفاع نحو قنوات أو فتحات هواء جانبية، تخفض بنسبة كبيرة من البصمة الحرارية, وتساعد بالتالي على توفير الحماية الذاتية.
التمييز بين العدو والصديق
ولقد استفادت تقنيات المركبات القتالية الحديثة من تقنيات الطائرات المقاتلة، من خلال تعميم منظومة التمييز بين الصديق والعدو، كحلقة أساسية في سلسلة النظم الدفاعية المساعدة. ولعل من الأجهزة التي أثبتت فعاليتها في هذا المجال، يمكن ذكر منظومة BCES من تطوير الشركة الأمريكية TRW، التي أدت إلى نتائج مرضية، لدى استخدامها مع دبابة القتال الرئيسية MI أبرامز ومركبة القتال برادلي Bradely. ومن مميزاتها أنها تعمل حسب مفهوم التردد القافز Hopping frequency لتجنب اكتشاف ومقاومة التشويش، ثم من خلال تقنية الموجة الميكروية Micro waves لفك كود الإشارات وتشفيرها.
أنظمة التحذير