حقيقة صفقة طائرات الميج الروسية لإنشاء محطات نووية في مصر
يسرا زهران
حقيقة صفقة طائرات الميج الروسية لإنشاء محطات نووية في مصر
كانت القصة مجرد سطر في خبر.. مجرد «احتمال» يقبل الصواب ويقبل الخطأ.. قصة عن صفقة سلاح بين مصر وروسيا تحولت إلي لعبة سياسية وحسبة توازنات بين الدول.. نسجت تفاصيلها علي مدي عام كامل.. قبل أن تتضح الصورة أخيرا.
بدأت الحكاية عندما أعلنت مصر عن نيتها لإنتاج طاقة نووية تستخدم لأغراض سلمية.. وقف السيد جمال مبارك في سبتمبر الماضي، ليعلن أن مصر قررت دخول العصر النووي «السلمي» في ذلك اليوم انقلبت الدنيا ولم تقعد علي تصريحات نجل الرئيس، التي اعتبرها البعض مجرد دعاية سياسية، واعتبرها البعض الآخر الخطوة الأولي في مشروع توريث السلطة لجمال مبارك.. لكن.. كانت الدول الكبري هي الوحيدة التي أخذت تلك التصريحات علي محمل الجد.. ووضعتها في حجمها الحقيقي: مجرد مشروع طموح لدولة تبحث لنفسها عن مصادر طاقة أخري.. مما يعني فتح الباب لمزيد من البيزنس والاستثمارات والصفقات معها.
تحتاج مصر إلي عشرات التجهيزات.. والمنشآت.. والمعدات، لكي تبدأ إنتاج الطاقة النووية.. وهذه التجهيزات لا يمكن أن تتم من الداخل، فالمنطقي هو أن تقوم الدول الكبري التي تمتلك خبرة في المجال النووي بتزويد مصر بما تحتاجه من تجهيزات، في المرحلة الأولي علي الأقل.. وبدأت الخطوة الأولي في البرنامج النووي المصري عندما أعلن وزير الكهرباء حسن يونس عن طرح مناقصة عالمية لإنشاء 4 محطات لتوليد الطاقة النووية في مصر.. وسارعت عدة دول بالتقديم في هذه المناقصة وإن انحصرت المنافسة تقريباً بين بلدين هما روسيا والصين لما لهما من خبرات سابقة واسعة وقليلة التكلفة إلي حد ما في هذا المجال.
كانت مؤشرات كثيرة تلمح بفوز الصين بهذه المناقصة التي لم يعلن عن نتيجتها حتي اليوم لكن روسيا كانت تدخر لنفسها تحركاً آخر.. تلعب فيه «بأسلحة» مختلفة للفوز بهذه المناقصة.. وربما بما بعدها.
ذكرت وكالة «ميدل إيست نيوز أونلاين» في نوفمبر الماضي أن مصر تتفاوض مع روسيا لشراء طائرة حربية متطورة هي طائرة الميج 29 إس إم تي.. وهي طراز متطور وحديث من طائرات الميج الحربية الشهيرة، وذكرت مصادر في صناعة السلاح الروسية أن موسكو عرضت الطراز الحديث من الميج علي مصر بسعر مخفض للغاية وقدمت تسهيلات عديدة للقاهرة لكي تكون صفقة أسلحة الميج مغرية جداً بالنسبة لها.
من ضمن هذه التسهيلات أو الإغراءات، عرضت وكالة تصدير الأسلحة الروسية المملوكة للدولة، والمعروفة باسم «روزوبورون ايكسبورت» أن تقدم طائرات الميج 29 إلي مصر كجزء من برنامج روسي أكثر شمولاً يتضمن خطوات لتطوير احتياطي الغاز الطبيعي المصري، وبناء منشآت لتصنيع الطاقة النووية السلمية.
وبدأت التقاريرالصحفية تشير إلي أن «روزوبورن ايكسبورت» تتفاوض مع مصر علي بيع طائرات الميج 29 منذ عام 2006 وأنها تسعي بكل جهدها إلي أن تعود مصر إلي قائمة شركات السلاح الروسية في الشرق الأوسط.. خاصة أن مصر كانت تتعامل مع الأسلحة الروسية لفترة طويلة في عهد الاتحاد السوفيتي.
اتخذت هذه التقارير شكلاً رسمياً بعد زيارة الرئيس مبارك إلي موسكو في أوائل نوفمبر الماضي التي التقي فيها بالرئيس الروسي فلاديمير بوتين لتعزيز العلاقات الاقتصادية والتجارية وبحث التعاون في مجال تطوير الطاقة النووية السلمية، في تلك الزيارة التقي الرئيس مبارك بعمالقة شركات الطاقة في روسيا، مثل شركات جاسبروم، ولوكويل، ويو إي إس.. وشركة تصنيع السيارات أفتوفاز. إلا أن الزيارة الأهم كانت الزيارة التي قام بها الرئيس إلي وكالة تصدير الأسلحة الروسية، وإلي شركة ميج لتصنيع الطائرات الحربية كماجاء في تقرير لصحيفة «فريميا نوفوستي» الروسية.
زيارة الرئيس لمصانع الميج زادت من قوة التكهنات عن قرب اتفاق بين مصر وروسيا لكي تحصل مصر علي منشآت تصنيع الطاقة النووية من روسيا ضمن إطار صفقة شراء الميج 29، إلا أن القصة كانت تحمل أبعاداً سياسية أكثر عمقاً، رأي المحللون أن اتجاه مصر نحو روسيا، في مسألة حساسة مثل مسألة إنتاج الطاقة النووية، أمر يسبب صداعاً مزمناً للولايات المتحدة التي تهضم بسهولة ميل مصر إلي روسيا، عدوتها اللدودة منذ الحرب الباردة، خاصة أن مصر تمثل حليفاً رئيسياً للولايات المتحدة في الشرق الأوسط.. مما سيشكل ورقة ضغط قوية، يمكن أن تلعب بها مصر ضد الولايات المتحدة عند اللزوم.
معادلة سياسية لا يمكن أن يخرج سوق السلاح منها، كما قال روسلان بوخوف، أحد خبراء التسليح في موسكو، اعتبر بوخوف أن سوق السلاح ملعب سياسي، وأنه من المهم أن تكون مصر من عملاء صناعة السلاح في روسيا لما لها من ثقل سياسي في الشرق الأوسط، ورجح بوخوف أن تتم صفقة لشراء طائرات الميج من روسيا بعد زيارة الرئيس خاصة بعد أن أشاد الرئيس مبارك في حواره مع صحيفة فريميا نوفوستي بالأنظمة المضادة للصواريخ والطائرات الروسية المقاتلة، ووصفها بأنها «أفضل أنظمة دفاع وطائرات في العالم كله».
مازالت التقارير الصحفية تتوالي عن صفقة الميج 29 بين مصر وروسيا.. ومازال البرنامج النووي المصري ينتظر.
http://www.elfagr.org/NewsDetails.aspx?nwsId=6827&secid=3235
يسرا زهران
حقيقة صفقة طائرات الميج الروسية لإنشاء محطات نووية في مصر
كانت القصة مجرد سطر في خبر.. مجرد «احتمال» يقبل الصواب ويقبل الخطأ.. قصة عن صفقة سلاح بين مصر وروسيا تحولت إلي لعبة سياسية وحسبة توازنات بين الدول.. نسجت تفاصيلها علي مدي عام كامل.. قبل أن تتضح الصورة أخيرا.
بدأت الحكاية عندما أعلنت مصر عن نيتها لإنتاج طاقة نووية تستخدم لأغراض سلمية.. وقف السيد جمال مبارك في سبتمبر الماضي، ليعلن أن مصر قررت دخول العصر النووي «السلمي» في ذلك اليوم انقلبت الدنيا ولم تقعد علي تصريحات نجل الرئيس، التي اعتبرها البعض مجرد دعاية سياسية، واعتبرها البعض الآخر الخطوة الأولي في مشروع توريث السلطة لجمال مبارك.. لكن.. كانت الدول الكبري هي الوحيدة التي أخذت تلك التصريحات علي محمل الجد.. ووضعتها في حجمها الحقيقي: مجرد مشروع طموح لدولة تبحث لنفسها عن مصادر طاقة أخري.. مما يعني فتح الباب لمزيد من البيزنس والاستثمارات والصفقات معها.
تحتاج مصر إلي عشرات التجهيزات.. والمنشآت.. والمعدات، لكي تبدأ إنتاج الطاقة النووية.. وهذه التجهيزات لا يمكن أن تتم من الداخل، فالمنطقي هو أن تقوم الدول الكبري التي تمتلك خبرة في المجال النووي بتزويد مصر بما تحتاجه من تجهيزات، في المرحلة الأولي علي الأقل.. وبدأت الخطوة الأولي في البرنامج النووي المصري عندما أعلن وزير الكهرباء حسن يونس عن طرح مناقصة عالمية لإنشاء 4 محطات لتوليد الطاقة النووية في مصر.. وسارعت عدة دول بالتقديم في هذه المناقصة وإن انحصرت المنافسة تقريباً بين بلدين هما روسيا والصين لما لهما من خبرات سابقة واسعة وقليلة التكلفة إلي حد ما في هذا المجال.
كانت مؤشرات كثيرة تلمح بفوز الصين بهذه المناقصة التي لم يعلن عن نتيجتها حتي اليوم لكن روسيا كانت تدخر لنفسها تحركاً آخر.. تلعب فيه «بأسلحة» مختلفة للفوز بهذه المناقصة.. وربما بما بعدها.
ذكرت وكالة «ميدل إيست نيوز أونلاين» في نوفمبر الماضي أن مصر تتفاوض مع روسيا لشراء طائرة حربية متطورة هي طائرة الميج 29 إس إم تي.. وهي طراز متطور وحديث من طائرات الميج الحربية الشهيرة، وذكرت مصادر في صناعة السلاح الروسية أن موسكو عرضت الطراز الحديث من الميج علي مصر بسعر مخفض للغاية وقدمت تسهيلات عديدة للقاهرة لكي تكون صفقة أسلحة الميج مغرية جداً بالنسبة لها.
من ضمن هذه التسهيلات أو الإغراءات، عرضت وكالة تصدير الأسلحة الروسية المملوكة للدولة، والمعروفة باسم «روزوبورون ايكسبورت» أن تقدم طائرات الميج 29 إلي مصر كجزء من برنامج روسي أكثر شمولاً يتضمن خطوات لتطوير احتياطي الغاز الطبيعي المصري، وبناء منشآت لتصنيع الطاقة النووية السلمية.
وبدأت التقاريرالصحفية تشير إلي أن «روزوبورن ايكسبورت» تتفاوض مع مصر علي بيع طائرات الميج 29 منذ عام 2006 وأنها تسعي بكل جهدها إلي أن تعود مصر إلي قائمة شركات السلاح الروسية في الشرق الأوسط.. خاصة أن مصر كانت تتعامل مع الأسلحة الروسية لفترة طويلة في عهد الاتحاد السوفيتي.
اتخذت هذه التقارير شكلاً رسمياً بعد زيارة الرئيس مبارك إلي موسكو في أوائل نوفمبر الماضي التي التقي فيها بالرئيس الروسي فلاديمير بوتين لتعزيز العلاقات الاقتصادية والتجارية وبحث التعاون في مجال تطوير الطاقة النووية السلمية، في تلك الزيارة التقي الرئيس مبارك بعمالقة شركات الطاقة في روسيا، مثل شركات جاسبروم، ولوكويل، ويو إي إس.. وشركة تصنيع السيارات أفتوفاز. إلا أن الزيارة الأهم كانت الزيارة التي قام بها الرئيس إلي وكالة تصدير الأسلحة الروسية، وإلي شركة ميج لتصنيع الطائرات الحربية كماجاء في تقرير لصحيفة «فريميا نوفوستي» الروسية.
زيارة الرئيس لمصانع الميج زادت من قوة التكهنات عن قرب اتفاق بين مصر وروسيا لكي تحصل مصر علي منشآت تصنيع الطاقة النووية من روسيا ضمن إطار صفقة شراء الميج 29، إلا أن القصة كانت تحمل أبعاداً سياسية أكثر عمقاً، رأي المحللون أن اتجاه مصر نحو روسيا، في مسألة حساسة مثل مسألة إنتاج الطاقة النووية، أمر يسبب صداعاً مزمناً للولايات المتحدة التي تهضم بسهولة ميل مصر إلي روسيا، عدوتها اللدودة منذ الحرب الباردة، خاصة أن مصر تمثل حليفاً رئيسياً للولايات المتحدة في الشرق الأوسط.. مما سيشكل ورقة ضغط قوية، يمكن أن تلعب بها مصر ضد الولايات المتحدة عند اللزوم.
معادلة سياسية لا يمكن أن يخرج سوق السلاح منها، كما قال روسلان بوخوف، أحد خبراء التسليح في موسكو، اعتبر بوخوف أن سوق السلاح ملعب سياسي، وأنه من المهم أن تكون مصر من عملاء صناعة السلاح في روسيا لما لها من ثقل سياسي في الشرق الأوسط، ورجح بوخوف أن تتم صفقة لشراء طائرات الميج من روسيا بعد زيارة الرئيس خاصة بعد أن أشاد الرئيس مبارك في حواره مع صحيفة فريميا نوفوستي بالأنظمة المضادة للصواريخ والطائرات الروسية المقاتلة، ووصفها بأنها «أفضل أنظمة دفاع وطائرات في العالم كله».
مازالت التقارير الصحفية تتوالي عن صفقة الميج 29 بين مصر وروسيا.. ومازال البرنامج النووي المصري ينتظر.
http://www.elfagr.org/NewsDetails.aspx?nwsId=6827&secid=3235