أهي حرب بدأت مقدماتها؟

black sky

عضو
إنضم
12 ديسمبر 2009
المشاركات
230
التفاعل
61 0 0
في نوفمبر‏2009‏ نقلت صحيفة هاآرتس عن خبراء وسياسيين إسرائيليين توقعهم نشوب حرب جديدة في المنطقة في الصيف أو الخريف القادمين‏,‏ وأنها ليست مرتبطة بالضرورة باحتمال شن هجوم جوي علي المفاعلات النووية الإيرانية‏.‏


ولما كنا الآن في قلب فصل الصيف وعلي أبواب فصل الخريف اللذين توقعا نشوب الحرب في أي منهما‏,‏ يغدو السؤال ضروريا عما إذا كانت عودة التوتر الي لبنان مجددا هي مقدمة لهذه الحرب بغض النظر عن دلالة الاشتباك الحدودي الذي حدث بين جيشه والقوات الإسرائيلية يوم الثلاثاء الماضي‏.‏
فإذا كان صحيحا أن هذا اشتباك موضعي معزول عن سياق التوتر المستأنف‏,‏ فقد ساهم في زيادة حدة هذا التوتر وتجسيد السؤال عن الحرب الجديدة‏.‏
وإذا كان هذا الاشتباك‏,‏ الذي حدث في يوم الذكري الرابعة لانتهاء حرب‏2006,‏ قد مر بدون مضاعفات فليس في كل مرة يسلم الأمر‏.‏ ولذلك يبدو سؤال الحرب ملحا اليوم في ضوء معطيات تدفع الي ترجيح أن يكون لبنان هو ميدانها هذه المرة إذا لم يتسن نزع الفتيل الذي يحمله قرار الاتهام في قضية الحرير خلال الأسابيع القادمة‏.‏
وبالعودة الي ما نشرته هاآرتس قبل تسعة أشهر عن الحرب القادمة‏,‏ يجدر الوقوف مليا أمام ما طرحه موشي أرنس وزير الدفاع الأسبق والمعروف بقربه من بنيامين نيتانياهو‏.‏
فقد توقع أن تكمل إسرائيل المهمة التي بدأتها في حربي‏2006‏ و‏2008‏ ـ‏2009,‏ انطلاقا من اعتقاده في أن هاتين الحربين نجحتا في تأمين حدودها الشمالية ثم الجنوبية‏,‏ ولكنهما لا تكفيان لضمان الأمن الذي تسعي إليه‏.‏
أما اللواء جادي ايزنكوت قائد اللواء الشمالي فقد رأي أن الحرب القادمة لن تكون جديدة وإنما امتداد لهاتين الحربين تأسيسا علي فكرة أن‏(‏ عصر الحروب التي كنا نهزم فيها العدو بضربة خاطفة قد ولي‏)‏ وأن الحرب أصبحت تدار علي مراحل‏.‏
وكان الاتجاه السائد في أوساط من استطلعت الصحيفة الإسرائيلية توقعاتهم هو أن العام‏2010‏ قد يكون حاسما أو شبه حاسم بالنسبة الي الدولة العبرية‏.‏
ولذلك ربما يكون حديث الرئيس السوري بشار الأسد في الأول من أغسطس الحالي عن أن‏(‏ احتمال الحرب يزداد وطيف السلام يبتعد‏)‏ أكثر من مجرد محاولة لشحذ همة قواته المسلحة التي كان هذا الحديث موجها إليها في عيدها السنوي‏.‏ ولكن هذا لا يعني أن سوريا ستكون طرفا في الحرب القادمة التي يرجح الآن أن تبقي محدودة إذا ولدت من رحم التوتر العائد الي لبنان‏,‏ بالرغم من ازدياد الحديث عن مواجهة ضد إيران‏.‏ فليس هناك جديد فيما يقال عن هذه المواجهة بما في ذلك حديث رئيس هيئة الأركان الأمريكية الجنرال مايكل بولن قبل أيام عن وجود خطة للهجوم عن إيران‏.‏ فاستدراكه بأن عواقب مثل هذا الهجوم هي مما يصعب توقعه يضع حديثه في الإطار المتداول منذ سنوات‏.‏
أما سيناريو الهجوم الجوي الإسرائيلي المنفرد علي إيران‏,‏ والذي بدا احتماله قويا في بعض الفترات خلال العامين الأخيرين‏,‏ فقد بات أقل احتمالا في ضوء معلومات تفيد أن نيتانياهو استجاب الي طلب واشنطن إعطاء العقوبات الجديدة الوقت الكافي قبل إعادة تقييم الموقف‏.‏
وظهر‏,‏ منذ أن اتهمت إسرائيل حزب الله قبل ثلاثة أشهر تقريبا بتهريب صواريخ سكود عبر الحدود مع سوريا‏,‏ أن بوصلتها العسكرية تتجه نحو القوي التي تطلق عليها‏(‏ الجبهة المتطرفة‏)‏ مع تركيز خاص علي حزب الله وفضلا عن أثر السياسة الأمريكية في هذا التوجه‏,‏ يري استراتيجيون إسرائيلييون أن إضعاف قدرة حزب الله العسكرية ينطوي علي أولوية لحرمان إيران من القدرة علي توجيه ضربة انتقامية من مكان قريب‏.‏
وإذا صح أن هذا هو الاتجاه الذي تشير إليه البوصلة الإسرائيلية الآن‏,‏ يصبح السؤال الأساسي علي سيناريو الحرب التي قد يكون لبنان هو ميدانها ويمكن‏,‏ مبدئيا‏,‏ تصور ثلاثة سيناريوهات لهذه الحرب‏:‏ أولها السيناريو الذي يرتبط بإمكان انفجار الوضع الداخلي في لبنان نتيجة عدم التوافق علي كيفية التعامل مع قرار الاتهام المتوقع في قضية الحريري‏.‏ فقد تصيب بعض شظايا هذا الانفجار قوات يونيفيل في جنوب لبنان‏,‏ فينهار قرار مجلس الأمن‏1701‏ الذي انهي حرب‏2006,‏ مما يدفع إسرائيل الي التدخل عسكريا‏.‏
ولكن هذا السيناريو يتوقف علي عاملين أساسيين‏,‏ فضلا عن إخفاق التحرك العربي الراهن‏,‏ وهما اقتناع صانع القرار الإسرائيلي بأن المعلومات الاستخبارية المتاحة لديه عن حزب الله أصبحت أفضل مما كانت عليه‏,‏ واستعداده لتحمل قصف صاروخي مكثف قد تصل معدلاته الي أكثر من مائة صاروخ يوميا‏.‏
والسيناريو الثاني ينطلق من اشتباك الأسبوع الماضي تأسيساعلي تهديد السيد حسن نصر الله بأن مقاتليه لن يقفوا صامتين إذا تكرر هذا الاشتباك‏,‏ فتدخل حزب الله في اشتباك من هذا النوع قد يقود الي توسيع نطاقه باتجاه حرب جديدة‏.‏
أما السيناريو الثالث والأقل احتمالا فهو أن يستبق حزب الله المأزق الذي يمكن أن يتعرض له حال عدم التوافق لبنانيا وعربيا علي كيفية التعامل مع قرار الإتهام في قضية الحريري‏,‏ ويبادر بعملية فدائية صغيرة تنتج حربا كبيرة علي نسق ما حدث في يوليو‏2006.‏
وإذا كان عدم تدخل حزب الله في الاشتباك الحدودي الأسبوع الماضي يضعف هذا السيناريو‏,‏ فهو لا يبعده تماما لأن هذا الاشتباك حدث في لحظة يبدو الأمل فيها كبيرا في نتائج إيجابية للتحرك العربي‏.‏ ولذلك قد يختلف تقدير قيادة حزب الله للموقف إذا مر الوقت بدون أن تظهر هذه النتائج المنتظرة‏.‏
ومع ذلك‏,‏ يظل هذا السيناريو هو الأضعف لأن الحرب القادمة ستكون أكثر تدميرا في ظل نية إسرائيل جعل لبنان ميدانا لجرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية لا سابق لها منذ الحرب العالمية الثانية‏.‏ وقد هدد وزير دفاعها إيهود باراك بذلك علنا قبل أيام عندما أعلن أن قواته ستضرب مؤسسات الحكومة اللبنانية‏,‏ ولن تكتفي بالركض وراء عناصر حزب الله ومطلقي الصواريخ‏,‏ مؤكدا أن الأمر سيكون مغايرا تماما لما حدث في حرب‏2006(‏ عندما طالبتنا واشنطن بعدم المساس بحكومة فؤاد السنيورة وامتثلنا لذلك‏).‏
وهذا التهديد قد يجعل موقف حزب الله أكثر صعوبة وأقل قدرة علي تبرير إقدامه علي تفجير شرارة حرب للمرة الثانية خلال أقل من خمس سنوات‏.‏ ولكن لا يكفي لإبعاد شبح حرب قد تري إسرائيل فرصة سانحة لها‏.‏
المصدر
 
عودة
أعلى