اسرائيل اصبحت عبئا على الغرب

SEOOO!

عضو
إنضم
29 أغسطس 2009
المشاركات
9
التفاعل
0 0 0
بعد نهاية الحرب الباردة، تغيّر العالم، وتبدّلت الاولويات في التحالفات، كما تبدلت المصالح والمقاربات والمعادلات والادوار الجديدة. الجغرافيا الجيوستراتيجية الاقليمية والدولية لم تعد كما كانت خلال الحرب الباردة، وهناك تسارع في التغيير الحاصل، لا تنفع معه ديناميكية الجمود.
تؤدي القراءة الجيدة لما يجري حولنا وفي العالم، الى تقييم سليم لمجريات الاحداث، تنتج عنه اجراءات وسياسات مدروسة تعزز السلم الاهلي والاقليمي والدولي. يتطلب هذا الامر قرارات جريئة تتميز بالحكمة وبعد النظر، من كل صانعي القرار، لان الامور لا تسلم بالتطرف الدائم.

ازمة اسطول الحرية
الازمة الكبيرة التي حصلت مؤخرا بين تركيا واسرائيل، لها انعكاسات دولية واقليمية لا يمكن تجاهلها على الاطلاق. كانت تركيا قد طلبت من اسرائيل رفع حصارها عن قطاع غزة، والسماح لاسطول الحرية، الذي ينقل مساعدات انسانية من مؤسسات خيرية تركية غير حكومية - العبور الى القطاع المذكور لتسليم المساعدات الى الفلسطينيين. وكانت هذه المؤسسات غير الحكومية، قد رفضت سابقا عرضا اسرائيليا لتسليم هذه المساعدات عبر المرافىء الاسرائيلية. لقد فوجىء العالم بالمجزرة التي حصلت عندما صعد الكوماندوس الاسرائيلي الى احدى قطع هذا الاسطول، وساندته بعض الطوافات الاسرائيلية المقاتلة، وكانت الحصيلة سقوط حوالي عشرة ضحايا معظمهم من الاتراك بالاضافة الى عشرات الجرحى من جنسيات مختلفة. كل هذا حصل في المياه الدولية وليس الاقليمية!..

الحدث بحد ذاته محدود في الزمان والمكان. لكن انعكاساته الاقليمية والدولية لا سيما عند حلفاء الولايات المتحدة الاميركية، لها ابعاد كبيرة. فالتصرفات الاحادية الجانب من قبل اسرائيل بدأت منذ زمن تحرج الولايات المتحدة الاميركية والدول الحليفة لها في كل انحاء المعمورة. والقضية الفلسطينية، وبعد ستين سنة، لا تزال تلقي بثقلها على ضمائر الحكام. هذه القضية تحتاج الى حل عادل دائم وشامل، ولا يمكن ان يرتاح العالم عن طريق تأجيل الخيارات السياسية والانسانية العادلة. فمن الصعب على معظم الدول التضحية بمصالحها ومصالح شعوبها حتى حدود اللامعقول.
ان العلاقات الحالية بين ادارة الرئيس الاميركي باراك اوباما، ورئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو، ليست علاقات مثالية بل اصبحت صعبة ومحرجة. كما ان العلاقات التركية الاسرائيلية قد تدهورت جدا بعد مجزرة اسطول الحرية، بالاضافة الى الاحراج الكبير الذي تعانيه دول اوروبية عدة، ومعظم دول العالم.
ويراود تركيا لا سيما مؤخرا، حلم العودة الى لعب دور الدولة العظمى، وبالتالي فان حلفها مع اسرائيل منذ ستة عقود من الزمن، بدأ يزعجها بآثاره السلبية، وتشعر ان عليها الان الاعتماد على خطوات وقرارات جريئة في هذا المضمار. تسعى تركيا لان تلعب دور الرائد في العالم الاسلامي الواسع. وهذا يوضح اسباب غضبة رئيس الوزراء التركي رجب طيب اردوغان، خلال مؤتمر "دافوس" الاخير حين انتقد بشدة الهجوم العسكري الاسرائيلي على قطاع غزة، مما ادى الى انهيار في العلاقات بين البلدين.
يحرج هذا الوضع ايضا الولايات المتحدة الاميركية التي تتجنب الاساءة الى المشاعر التركية. فتركيا دولة حليفة تحتاج اليها في الكثير من الامور الاقليمية. وهي جسر العبور بين اوروبا وآسيا، تستطيع ان تلعب دورا جيوستراتيجيا مهما. وعندما يحين الوقت، يمكن لنفوذها ان يمتد في اتجاهات عدة، من الشرق الاوسط حتى البلقان والقوقاز وآسيا الوسطى. وهي حاليا تلعب دورا مهما في حلحلة الازمة الكبيرة الناشئة عن النشاطات النووية الايرانية، وقد ظهر هذا الدور واضحا في اتفاق المبادلة النووي الثلاثي مع ايران والبرازيل. للجغرافيا تأثير كبير على التفاعلات الدبلوماسية والاقتصادية بين الدول.
تسربت في هذا الصدد معلومات من مسؤولين كبار في البيت الابيض - بعد مجزرة اسطول الحرية - "ان حصار غزة من قبل القوات الاسرائيلية، لم يعد مقبولا واصبح عبئا، وان ما حصل يعيق المقاربة الاميركية بالنسبة الى قطاع غزة". وقد اتت هذه التسريبات، بعد التصريح الذي ادلى به رئيس الوزراء التركي "ان اسرائيل ستخسر اقرب حليفة لها في الشرق الاوسط، اذا لم تغير اسلوب تفكيرها".

العزلة الاسرائيلية
ليس من دولة تستطيع ان تتحمل العزلة لا سيما اسرائيل، فهناك حقائق مؤلمة تعيشها القضية الفلسطينية منذ ستة عقود، وعلى اسرائيل ان تتعظ من الاحداث، وان تسعى الى اعتماد تغيير كبير في ادائها واساليبها ونظرتها الى الامور. ان تهجير الناس والاستيلاء على املاكهم، امور يرفضها كل ضمير حي في هذا العالم.
بالإضافة الى ما سبق، فإن اسرائيل دولة صغيرة محاطة بدول ينمو فيها الحقد بسبب الممارسات الاسرائيلية اللامشروعة، والأوضاع الفلسطينية المأساوية، وبسبب اراض محتلة تأبى اسرائيل الانسحاب منها. بالاضافة الى ان هذه الدول تقع على شواطىء حوض البحر الأبيض المتوسط حيث مصالح الدول العظمى ناشطة، وتحرجها وتعيقها السياسات الاسرائيلية. لذلك بدأت الدول العظمى تتساءل عن مستقبل اسرائيل في هذه الأجواء المشحونة، لا سيما اذا لم تعرف كيف تخرج من عزلتها وتحديها للمجتمع الاقليمي والدولي.
تجد الولايات المتحدة الأميركية نفسها محرجة في الاختيار بين حليفين في الشرق الأوسط: تركيا واسرائيل. لقد حاولت التصرف بتوازن بين الطرفين، ولكن ليس لديها الخيار سوى التعاطف مع الأتراك في ازمة اسطول الحرية. لا سيما ان بعض التباعد مع السياسة الاسرائيلية، يمنح الولايات المتحدة الأميركية بعضاً من الصدقية في هذه المنطقة من العالم.
أما تركيا فإنها تعني ما تقول حين تعلن ان علاقتها باسرائيل لن تعود الى سابق عهدها، ومن الصعب على اسرائيل بعد اليوم الاعتماد على تركيا كحليفة. يقود كل هذا الى القول ان اسرائيل قد تصبح مع الوقت عبئاً على حليفاتها، اذا بقيت مصرة على اساليبها وتعنتها.
وفي العودة الى التاريخ فإن اهتمام فرنسا بإسرائيل كان قد بدأ يتراجع منذ نهاية الحرب الأهلية الجزائرية عام ١٩٦٢. وبدأت باريس في حينه النظر الى اسرائيل كعائق امام مساعيها لتوسيع نفوذها في منطقة الشرق الأوسط. اما الولايات المتحدة الأميركية فكانت قد سعت عام ١٩٦٧ الى تأسيس حلف استراتيجي مع اسرائيل في وجه هجمة النفوذ السوفياتي نحو شرقي البحر الأبيض المتوسط. ومن خلال حلفها الثنائي مع تركيا واسرائيل خلال الحرب الباردة، استطاعت الولايات المتحدة الأميركية تأمين موقعين استراتيجيين للضغط على الاتحاد السوفياتي في حوض البحر الأبيض المتوسط، واعاقة نفوذه في مصر وسوريا والعراق. في ذلك الحين كانت تركيا واسرائيل حليفتين طبيعيتين في وجه عدو مشترك.
أما الآن فالأمور تغيرت، تركيا لم تعد بحاجة الى حماية في وجه الاتحاد السوفياتي. ويبدو أن الحياة بدأت تتحرك في جذورها العثمانية في مناطق الشرق الأوسط، والقوقاز، وأوروبا، وآسيا الوسطى، وتعتمد على جذورها الاسلامية كي ينشط نفوذها في العالم الاسلامي. ولذلك فإن حلفها مع اسرائيل لم يعد يتجانس مع طموحها لتوسيع دورها الجديد ويشكل عبئاً عليه.
من ناحية اخرى، ترغب الولايات المتحدة الأميركية في الحفاظ على موطىء قدم شرق اوسطي، وفي الوقت ذاته تسعى الى الانسحاب من العراق، والوصول الى حد ادنى من التفاهم مع ايران، وبوضوح أكبر، فإن تركيا تستطيع ان تلبي الولايات المتحدة الأميركية بفعالية أكبر مما تستطيعه اسرائيل. والأسباب واضحة وهي ان علاقة تركيا بإيران والدول العربية جيدة وتستطيع القيام بأدوار ايجابية اكثر بكثير مما تقدر عليه اسرائيل.

العلاقات الأميركية - الاسرائيلية
اللافت جداً هي التصاريح التي صدرت عن اشخاص لهم موقعهم وأهميتهم في اسرائيل والولايات المتحدة الأميركية، بعد الأحداث والتطورات التي حصلت مؤخراً.
فقد صرّح الجنرال مائير داغان رئيس جهاز الموساد في اسرائيل - حسبما ورد في الأخبار - "أن اسرائيل تتحول تدريجياً من سند للولايات المتحدة الأميركية، الى عبء عليها".
وكانت مؤسسة "ستراتفور" الأميركية قد اشارت مراراً منذ زمن، الى ان المصالح الاميركية بدأت تتباعد عن المصالح الاسرائيلية.
كما ان "ميخائيل اورين" سفير اسرائيل في الولايات المتحدة الأميركية، كان قد أخبر في اواخر آذار"مارس ٢٠١٠، قناصل اسرائيل هناك، "أن العلاقات الأميركية، الاسرائيلية تواجه اصعب ازمة منذ ٣٥ سنة".
أما وزيرة الخارجية الأميركية "هيلاري كلينتون"، فقد تكلمت هاتفياً مع رئيس الوزراء الاسرائيلي، "بنيامين نتنياهو" خلال آذار"مارس ٢٠١٠ أيضاً، منتقدة بشدة الاعلان عن مخطط توسيع منطقة "رامات شلومو" القريبة من القدس الشرقية، أثناء زيارة "جو بيدن" نائب الرئيس الأميركي الى اسرائيل.
وكانت جريدة "هاآرتز" قد علمت ان السيدة كلينتون تقدمت في اتصالها بمطالب، تتمثل بحدها الأدنى، بأربع خطوات يقتضي على نتنياهو اتخاذها لإعادة الثقة الى العلاقات الثنائية، وتسهيل متابعة مفاوضات السلام مع الفلسطينيين، وهي:
أ - التحقيق في مسألة الاعلان عن مخططات بناء "رامات شلومو" في منتصف زيارة نائب الرئيس الأميركي. فالجانب الأميركي طلب جواباً رسمياً بهذا الصدد مع الأسباب.
ب - التراجع عن قرار لجنة التخطيط والبناء لمنطقة اورشليم الذي ينص على بناء ١٦٠٠ وحدة سكنية في "رامات شلومو".
ح - القيام بخطوة ايجابية نحو الفلسطينيين تمهد لتجديد مباحثات السلام، واقترح الأميركيون اخلاء سبيل مئات من السجناء الفلسطينيين، كما وانسحاب قوات الدفاع الاسرائيلية من مناطق اضافية في الضفة الغربية واعادتها للسلطة الفلسطينية. وبالاضافة الى ما سبق، التخفيف من حصار غزة، وازالة حواجز من الضفة الغربية.
د - اصدار اعلان رسمي ان المباحثات مع الفلسطينيين، حتى غير المباشرة ستغطي كل المشاكل الأساسية بين الطرفين: الحدود، واللاجئين، وأورشليم، والاجراءات الأمنية، والمياه والمستوطنات.
هكذا، وفي حين ارادت اسرائيل ان تضع حداً لأسطول الحرية في اختراق الحصار، تجد نفسها محاصرة باستياء وإدانة معظم اعضاء المجموعة الدولية، وعلى رأسها الولايات المتحدة الأميركية. والعقدة الكبيرة التي تلازم اسرائيل، هي ان تتحول غزة الى منطقة مسلحة ضدها في حال تم رفع الحصار.
تعب الرأي العام الدولي من التطرف الاسرائيلي، وعدم الرغبة الاسرائيلية في الوصول الى حل دائم وشامل وعادل ومتجرد للقضية الفلسطينية. هذا ما يحرج الادارة الأميركية، والرأي العام الغربي بشكل عام. فالموضوع لم يعد قضية صداقة بين اسرائيل والولايات المتحدة الأميركية، بل يتعدى ذلك الى الجغرافيا السياسية والمصالح الوطنية الأميركية. واسرائيل ترفض الاقتناع انها السبب الرئيسي في تعاظم مشاعر العدائية ضد الولايات المتحدة الأميركية ولا سيما في هذه المنطقة من العالم.

وكخاتمة للموضوع
، لا بد من ان نذكر ما ورد في مقال للكاتب الأميركي "جورج فريدمان": "لنفترض ان اسرائيل هي موضوع حساس بالنسبة للولايات المتحدة الأميركية، فإن الاستراتيجية الأميركية كانت دوماً مشتقة من الاستراتيجية الكبيرة البريطانية. فالولايات المتحدة الأميركية، تسعى للحفاظ على توازن للقوى على المستوى الإقليمي، وذلك لتجنب نشوء قوى أكبر تهدد المصالح الأميركية. فالحرب الباردة كانت تجربة عارمة في توازن القوى، جمعت تحت الرعاية الأميركية عدداً كبيراً من الحلفاء ضد الاتحاد السوفياتي. كما ان الولايات المتحدة الأميركية، ومنذ نهاية الحرب الباردة، عملت مراراً ضد دكتاتوريات اقليمية مثل العراق عامي ١٩٩٠ - ١٩٩١ وصربيا عام ١٩٩٩".
ويضيف "جورج فريدمان" قائلاً: "ان مهمة الرئيس أوباما الآن هي اقناع نتنياهو ان لإسرائيل قيمة استراتيجية بالنسبة للولايات المتحدة الأميركية، ولكن فقط ضمن اطار المصالح الأميركية في المنطقة. وفي حال اصبحت اسرائيل جزءاً من المشكلة الأميركية وليست حلاً، فان على الولايات المتحدة السعي الى حلول اخرى. ان توازن القوى هو في شرق البحر الأبيض المتوسط، وهناك ديمقراطية اخرى تستطيع الولايات المتحدة التعامل معها وهي تركيا".
ويخلص الى القول: "ان الولايات المتحدة الأميركية حالياً ليست بحاجة الى مزيد من التحديات والمتاعب، كما انها ليست بحاجة الى مزيد من الأزمات. فإذا كانت مصلحة اسرائيل ان تبني المساكن شرق اورشليم، فإن اميركا ليس لها مصلحة في ذلك. وهذا يؤطر الحوار بين أوباما ونتنياهو، وكل ما عداه مجرد نظريات".

بقلم: العميد الركن الطيار م فوزي ابو فرحات
 
رد: اسرائيل اصبحت عبئا على الغرب

صحيح يا اخي اسرائيل اصبحت عبئا كبيرا على الغرب شعبا لكن ليس عبئل على القادة هذه الدول
 
عودة
أعلى