وثائق من جنوب أفريقيا تثبت امتلاك اسرائيل للسلاح النووي
قمر أميركي صور وميض التجربة الذرية الاسرائيلية
لندن- كمال قبيسي
لو صحت وثائق موجودة في حوزة أكاديمي أميركي عن التعاون الاستراتيجي بين اسرائيل ونظام جنوب أفريقيا العنصري البائد في سبعينات القرن الماضي، فانها ستكون الدليل الدامغ على امتلاك تل أبيب للسلاح النووي منذ أكثر من 35 سنة.
ولا يبدو الأكاديمي ساشا بولاكو- سورانسكي، وهو يهودي من جنوب أفريقيا أصلا وحاصل على الجنسية الأميركية، مازحا في ما يقول عن الوثائق التي نشرتها صحيفة "ذي غارديان" أمس 23-5-2010 بعد أن تأكدت من أصالتها وشرعيتها، وهي سرية من أرشيف وزارة الدفاع بجنوب أفريقيا واستخدمها ليغني بها محتويات كتاب أصدره قبل أسبوع عن تعاون اسرائيل مع نظام "الأبارتهايد" العنصري في جنوب أفريقيا.
شحنات نووية بثلاثة مقاييس
ورد في الكتاب أيضا أن المسؤول عن أمن المؤسسة العسكرية باسرائيل، يحيئيل حوريف، حاول حتى بعد 30 سنة من ذلك الاتفاق السري منع نشره بعد أن تسربت بعض بنوده، بل أنه طالب السلطات في جنوب أفريقيا كتابيا في ابريل (نيسان) 2006 بعدم تسليم سورانسكي أي وثائق تتعلق بالاتفاق، لكن المسؤولين الأفريقيين سلموا مواطنهم الأكاديمي الوثائق بعد شطب بنود معينة منها، وهي ما نشره في كتابه ونشرتها "ذي غارديان" أمس.
وفي تفاصيل الاتفاق أن لقاء بيريس وبوتا في 1975 بزيوريخ، في سويسرا، تطرق الى مسألة صواريخ "أريحا" التي أبدى بوتا رغبة بشرائها شرط أن تكون مزودة "بالشحنة الصحيحة" فأجابه بيريز بأن الشحنة الصحيحة "متوفرة بثلاثة مقاييس" مشيرا بذلك الى السلاح النووي، مما يعني أن اسرائيل كانت قبل 35 سنة دولة نووية حافظت على سرية ترسانتها الذرية الى الآن.
ومع أن الصفقة لم تتم بسبب ارتفاع سعرها، الا أن الدولتين أبرمتا صفقات سلاح أخرى متنوعة جعلت من جنوب أفريقيا الممول الرئيسي لمشاريع الأبحاث والتطوير الاسرائيلية والسوق الأهم لصادرات السلاح الاسرائيلي حتى 1994 وهو عام سقوط نظام "الأبرتهايد" العنصري، اذ باعت اسرائيل لجنوب أفريقيا سفن صواريخ من طراز "ريشيف" وطائرات "كفير" وقطع غيار ومحركات للدبابات ومدافع ومعدات استخباراتية بمليارات الدولارات.
كشف الكتاب أيضا أن وزير المناجم الجنوب أفريقي، ستيفانوس بوتا، وصل الى اسرائيل في 1976 في مهمة سرية، وأدار مفاوضات حول مصير 500 طن يورانيوم سبق لجنوب أفريقيا أن سربتها لاسرائيل في 1975 وباستخدام هذه الكمية أفلحت اسرائيل بانتاج بلوتونيوم يكفي لانتاج 12 قنبلة نووية. وخلال الزيارة أبلغ رئيس الحكومة الجنوب أفريقية الاسرائيليين موافقته على بيع تل أبيب 100 طن أخرى من اليورانيوم من نوع "الكعكة الصفراء " الكافي لانتاج قنبلتين نوويتين، ومقابل الموافقة حصلت جنوب أفريقيا على 30 غراما من التريتيوم، وهي مادة حيوية للتفجير النووي.
ثم ساد صمت في العلاقات.. صمت قطعته مفاجئة لم تعرف بها الا الولايات المتحدة: في صباح 22 سبتمبر (أيلول) 1979 التقط قمر تجسس أميركي اسمه "فيلاه" وميضا غامضا مزدوجا شعّ فوق المحيط الهندي وأضاء مساحة كبيرة من العتمة المخيمة على المياه، لكن الولايات المتحدة التي قام قمرها بتصوير كل شيء لم تكشف عن حقيقة الوميض لأحد، بل لاذت بالصمت.
وحده وزير خارجية جنوب أفريقيا، عزيز فهد، كشف بعد 18 سنة عن سره في مقابلة مع صحيفة "هآرتس" الاسرائيلية حين قال ان الوهج العملاق لم يكن سوى تجربة نووية. لكنه لم يكشف بدوره عمن قام بها، واحتفظ بالسر لنفسه. الا أن سورانسكي يقول في كتابه، استنادا الى شهادة أحد كبار المسؤولين في المشروع النووي الجنوب أفريقي، ان القنبلة التي عملت عليها جنوب أفريقيا لم تكن جاهزة على الاطلاق في ذلك العام، ولا في الأعوام التي تلته، وما كان ذلك الوميض الذي أضاء ليل المحيط الهندي سوى تجربة نووية قامت بها اسرائيل.
وما اصطاده سورانسكي من وثائق هو ثمين جدا، فاحداها تتحدث عن اجتماع تم في 21 مارس (آذار) 1975 بين وزير الدفاع الاسرائيلي آنذاك، الرئيس الاسرائيلي الحالي شيمون بيريس، ونظيره الجنوب أفريقي الراحل منذ 4 سنوات، بيتر دبليو بوتا، أو الرجل الذي طلب من بيريس أن يبيعه بضاعة نادرة لا أحد يعثر عليها في الأسواق: صواريخ محملة برؤوس نووية جاهزة للاستخدام.
وتوضح وثيقة ثانية تفاصيل اتفاق أمني وعسكري بين البلدين يتضمن مادة تلزم الطرفين بالحفاظ على بنود الاتفاق تحت خانة "سري جدا" والحفاظ على سريتها بشكل دائم، وفق ما نقلت "ذي غارديان" عن لسان سورانسكي الذي ذكر بأن تل أبيب كانت تعرف بنواياه للحصول على الوثائق "لذلك حاولت منع حكومة جنوب أفريقيا بعد نظام الابارتهايد بتسليمها اليه" كما قال.
وسمى الأكاديمي سورانسكي كتابه "الحلف غير المعلن: العلاقات السرية لاسرائيل مع ابارتهايد جنوب أفريقيا" وهو يركز فيه على دور شيمون بيريس كمعزز رئيسي للعلاقات بين البلدين وابرام الاتفاقيات بينهما، وهو معزز بصور ووثائق ومعلومات جمعها مؤلفه العامل حاليا محررا لشؤون الاستخبارات بمجلة "فورين أفيرز" الأميركية.
ويبين الكتاب أن بيريس زار جنوب أفريقيا في نوفمبر (تشرين الثاني) 1974 كما وفي 1975 حيث عقد لقاء بين المسؤولين بوزارتي دفاع البلدين عرضت فيه اسرائيل بيع جنوب أفريقيا صواريخ "أريحا"برؤوس نووية جاهزة. وبعد 3 أيام من اللقاء اجتمع بيريس الى وزير الدفاع الجنوب أفريقي، ولكن في سويسرا هذه المرة، ووقعا اتفاقا للتعاون العسكري تضمن أن الدولتين ستخزنان الواحدة من أجل الثانية أسلحة وقطع غيار.
قمر أميركي صور وميض التجربة الذرية الاسرائيلية
لندن- كمال قبيسي
لو صحت وثائق موجودة في حوزة أكاديمي أميركي عن التعاون الاستراتيجي بين اسرائيل ونظام جنوب أفريقيا العنصري البائد في سبعينات القرن الماضي، فانها ستكون الدليل الدامغ على امتلاك تل أبيب للسلاح النووي منذ أكثر من 35 سنة.
ولا يبدو الأكاديمي ساشا بولاكو- سورانسكي، وهو يهودي من جنوب أفريقيا أصلا وحاصل على الجنسية الأميركية، مازحا في ما يقول عن الوثائق التي نشرتها صحيفة "ذي غارديان" أمس 23-5-2010 بعد أن تأكدت من أصالتها وشرعيتها، وهي سرية من أرشيف وزارة الدفاع بجنوب أفريقيا واستخدمها ليغني بها محتويات كتاب أصدره قبل أسبوع عن تعاون اسرائيل مع نظام "الأبارتهايد" العنصري في جنوب أفريقيا.
شحنات نووية بثلاثة مقاييس
ورد في الكتاب أيضا أن المسؤول عن أمن المؤسسة العسكرية باسرائيل، يحيئيل حوريف، حاول حتى بعد 30 سنة من ذلك الاتفاق السري منع نشره بعد أن تسربت بعض بنوده، بل أنه طالب السلطات في جنوب أفريقيا كتابيا في ابريل (نيسان) 2006 بعدم تسليم سورانسكي أي وثائق تتعلق بالاتفاق، لكن المسؤولين الأفريقيين سلموا مواطنهم الأكاديمي الوثائق بعد شطب بنود معينة منها، وهي ما نشره في كتابه ونشرتها "ذي غارديان" أمس.
وفي تفاصيل الاتفاق أن لقاء بيريس وبوتا في 1975 بزيوريخ، في سويسرا، تطرق الى مسألة صواريخ "أريحا" التي أبدى بوتا رغبة بشرائها شرط أن تكون مزودة "بالشحنة الصحيحة" فأجابه بيريز بأن الشحنة الصحيحة "متوفرة بثلاثة مقاييس" مشيرا بذلك الى السلاح النووي، مما يعني أن اسرائيل كانت قبل 35 سنة دولة نووية حافظت على سرية ترسانتها الذرية الى الآن.
ومع أن الصفقة لم تتم بسبب ارتفاع سعرها، الا أن الدولتين أبرمتا صفقات سلاح أخرى متنوعة جعلت من جنوب أفريقيا الممول الرئيسي لمشاريع الأبحاث والتطوير الاسرائيلية والسوق الأهم لصادرات السلاح الاسرائيلي حتى 1994 وهو عام سقوط نظام "الأبرتهايد" العنصري، اذ باعت اسرائيل لجنوب أفريقيا سفن صواريخ من طراز "ريشيف" وطائرات "كفير" وقطع غيار ومحركات للدبابات ومدافع ومعدات استخباراتية بمليارات الدولارات.
كشف الكتاب أيضا أن وزير المناجم الجنوب أفريقي، ستيفانوس بوتا، وصل الى اسرائيل في 1976 في مهمة سرية، وأدار مفاوضات حول مصير 500 طن يورانيوم سبق لجنوب أفريقيا أن سربتها لاسرائيل في 1975 وباستخدام هذه الكمية أفلحت اسرائيل بانتاج بلوتونيوم يكفي لانتاج 12 قنبلة نووية. وخلال الزيارة أبلغ رئيس الحكومة الجنوب أفريقية الاسرائيليين موافقته على بيع تل أبيب 100 طن أخرى من اليورانيوم من نوع "الكعكة الصفراء " الكافي لانتاج قنبلتين نوويتين، ومقابل الموافقة حصلت جنوب أفريقيا على 30 غراما من التريتيوم، وهي مادة حيوية للتفجير النووي.
ثم ساد صمت في العلاقات.. صمت قطعته مفاجئة لم تعرف بها الا الولايات المتحدة: في صباح 22 سبتمبر (أيلول) 1979 التقط قمر تجسس أميركي اسمه "فيلاه" وميضا غامضا مزدوجا شعّ فوق المحيط الهندي وأضاء مساحة كبيرة من العتمة المخيمة على المياه، لكن الولايات المتحدة التي قام قمرها بتصوير كل شيء لم تكشف عن حقيقة الوميض لأحد، بل لاذت بالصمت.
وحده وزير خارجية جنوب أفريقيا، عزيز فهد، كشف بعد 18 سنة عن سره في مقابلة مع صحيفة "هآرتس" الاسرائيلية حين قال ان الوهج العملاق لم يكن سوى تجربة نووية. لكنه لم يكشف بدوره عمن قام بها، واحتفظ بالسر لنفسه. الا أن سورانسكي يقول في كتابه، استنادا الى شهادة أحد كبار المسؤولين في المشروع النووي الجنوب أفريقي، ان القنبلة التي عملت عليها جنوب أفريقيا لم تكن جاهزة على الاطلاق في ذلك العام، ولا في الأعوام التي تلته، وما كان ذلك الوميض الذي أضاء ليل المحيط الهندي سوى تجربة نووية قامت بها اسرائيل.
وما اصطاده سورانسكي من وثائق هو ثمين جدا، فاحداها تتحدث عن اجتماع تم في 21 مارس (آذار) 1975 بين وزير الدفاع الاسرائيلي آنذاك، الرئيس الاسرائيلي الحالي شيمون بيريس، ونظيره الجنوب أفريقي الراحل منذ 4 سنوات، بيتر دبليو بوتا، أو الرجل الذي طلب من بيريس أن يبيعه بضاعة نادرة لا أحد يعثر عليها في الأسواق: صواريخ محملة برؤوس نووية جاهزة للاستخدام.
وتوضح وثيقة ثانية تفاصيل اتفاق أمني وعسكري بين البلدين يتضمن مادة تلزم الطرفين بالحفاظ على بنود الاتفاق تحت خانة "سري جدا" والحفاظ على سريتها بشكل دائم، وفق ما نقلت "ذي غارديان" عن لسان سورانسكي الذي ذكر بأن تل أبيب كانت تعرف بنواياه للحصول على الوثائق "لذلك حاولت منع حكومة جنوب أفريقيا بعد نظام الابارتهايد بتسليمها اليه" كما قال.
وسمى الأكاديمي سورانسكي كتابه "الحلف غير المعلن: العلاقات السرية لاسرائيل مع ابارتهايد جنوب أفريقيا" وهو يركز فيه على دور شيمون بيريس كمعزز رئيسي للعلاقات بين البلدين وابرام الاتفاقيات بينهما، وهو معزز بصور ووثائق ومعلومات جمعها مؤلفه العامل حاليا محررا لشؤون الاستخبارات بمجلة "فورين أفيرز" الأميركية.
ويبين الكتاب أن بيريس زار جنوب أفريقيا في نوفمبر (تشرين الثاني) 1974 كما وفي 1975 حيث عقد لقاء بين المسؤولين بوزارتي دفاع البلدين عرضت فيه اسرائيل بيع جنوب أفريقيا صواريخ "أريحا"برؤوس نووية جاهزة. وبعد 3 أيام من اللقاء اجتمع بيريس الى وزير الدفاع الجنوب أفريقي، ولكن في سويسرا هذه المرة، ووقعا اتفاقا للتعاون العسكري تضمن أن الدولتين ستخزنان الواحدة من أجل الثانية أسلحة وقطع غيار.