هذه هي الجزائر..../ قسم الثوار

الحاج سليمان

صقور الدفاع
إنضم
5 سبتمبر 2007
المشاركات
6,063
التفاعل
15,441 157 33
الدولة
Algeria
قسم الثوار... ''النصر أو الاستشهاد''
كان المناضل علي بوحجة عند اندلاع الثورة عاملا بمقلع الرخام. وقد تلقى ورفاقه قبيل هذا الحدث التاريخي تعليمات محددة، حافظوا على استعدادكم؛ لأن ساعة الثورة قد أذنت.
وفي حدود 20 نوفمبر (1954) اتصل بهم المناضل خزوز بواسطة حلاق في سكيكدة. وقد أصبح مسؤولا بقطاع رمضان جمال (سان شارل)- الذي يشمل ناحية فلفلة- ليؤكد لهم التعليمات السابقة، بعد أن أصبحوا حلقة في النظام السري لجبهة التحرير الوطني. الأمر الذي يقتضي منهم الشروع في جمع الأموال والسلاح والمواد المتفجرة (من المقلع والمنجم)... مع التزام السرية المطلقة والحذر الشديد من رجال الأمن وعيونهم.
كانت مصالح الأمن قد شرعت منذ اندلاع الثورة في حملة اعتقالات واسعة، بناء على بطاقية المناضلين الوطنيين المعروفين لديها...
وفي هذا الإطار ألقت القبض في ربيع 1955على المناضل علي وزميله محمد عميرة على سبيل الاحتياط والاستعلام... فقد كانت مساءلتها تدور حول عملهما يومئذ، وإن كانا على صلة ما بالثوار، وسئل علي بصفة خاصة عن نشاط شقيقه المنتخب في بلدية سكيكدة. غير أن مصالح الأمن لم تظفر بكبير شيء من المناضلين، فقامت بالإفراج عنهما بعد ثلاثة أيام.
وبعد أسابيع معدودة دعيت جماعة فلفلة لحضور اجتماع هام بمشتى الزمان، ترأسه قائد المنطقة الثانية، يوسف زيغود، بمساعدة نائبه اسماعيل زيفات. وعرف المناضل علي بالمناسبة أن العديد من شباب سكيكدة قد التحقوا بالثوار.
شهد الاجتماع كذلك تعيين مسؤول جديد على القطاع الذي يضم ناحية فلفلة في شخص عمر القسنطيني (بوركايب) بمساعدة المناضل مسعود بن غرس الله. وبعد نحو شهر اتصل المسؤول الجديد بعلي ورفاقه فطلب منهم أن يؤكدوا مرة أخرى انضمامهم لجبهة وجيش التحرير بأداء اليمين؛ يمين الوفاء للثورة حتى النصر أو الاستشهاد.
وما لبث أن كلف بن غرس الله بدخول مدينة سكيكدة لتنظيم خلايا الفداء بها. وفي تلك الأثناء قام مجاهدو القطاع بعمليات استهدفت بعض الخونة خاصة، فشنت مصالح الأمن حملة اعتقالات أخرى ردا على ذلك، شملت عددا من المناضلين منهم الطاهر خزوز المسؤول السابق للقطاع، فضلا عن اعتقال الإخوة بوحجة ويتقدّمهم الشقيق الأكبر.
وقد تعرض المعتقلون هذه المرة للتعذيب الذي كان شديدا على المناضل خزوز خاصة، كما تعرضوا للتشنيع بعد التطواف بهم عبر شوارع سكيكدة أمام عيون المستوطنين الحاقدة ولعناتهم وشتائمهم لتلك العينة من الفلافة.. القتلة!
أفرج عن علي مرة أخرى ربما لصغر سنه، أو لتحميل شقيقه الأكبر الذي بقي في السجن، مسؤولية ''انحراف''! وقد أتاح له الأمن الاستعماري بذلك، دون أن يدري، الفوز بشرف المشاركة في انتفاضة 20 أوت 1955 التاريخية. وتحضيرا لهذه العملية بفلفلة، العالية، دعي مناضلو الناحية لاجتماع بمزرعة القايد بوصاع؛ حيث أدوا اليمين مرة أخرى على الوفاء لمثل الثورة وأهدافها.
وعقب ذلك طلب منهم الاستعداد للعملية دون تحديد موعدها بتوفير المؤونة وتخزينها بالجبال المجاورة؛ لأنها تستغرق ثلاثة أو أربعة أيام.
كان المسلّحون من ثوار الناحية ستة، عُين كل واحد منهم على رأس مجموعة من المسبلين والمواطنين، وقبل48 ساعة من الموعد المحدد تم تبليغ الأمر المنتظر.
وبناء على ذلك قام قادة المجموعات الستة، بجمع المتطوعين والخروج بهم إلى المرتفعات المجاورة أفواجا أفواجا لقضاء الليلة هناك. وفي مساء 19 أوت تحركت المجموعات للاقتراب من الأهداف المحددة لكل منها.
كانت المحطة المركزية بالعالية هدف مجموعة علي بوحجة. وهي عبارة عن ورشة لإصلاح الآلات يتجمع بها عادة بعض الأوروبيين، بينما استهدفت مجموعات أخرى مقلع الرخام بفلفلة، وقرية العالية؛ حيث تقيم عائلات العمال الأوروبيين، ونصب كمين لعرقلة وحدات النجدة. وابتداء من الساعة11 من 20 أوت زحفت مختلف المجموعات على أهدافها، بنية إحداث المفاجأة، في منتصف النهار تماما.
وقد خلفت هذه الهجومات قتلى وجرحى في صفوف الأوروبيين، أكثرهم بالعالية؛ حيث قتل حوالي30 فرنسيا. وقد سقط من الثوار شهيدان أحدهما عمار عميرة قائد الهجوم على العالية، كما أصيب ثالث بجروح.
ونظرا لعنصر المفاجأة، كان رد فعل قوات الاحتلال خلال اليوم الأول بطيئا متهيبا، علما أن الثوار زرعوا طرق النجدة بأكوام من الحجارة والأخشاب. وجاء تدخل الطيران متأخرا كذلك. غير أن الرد ما لبث أن اكتسى ابتداء من21 أوت طابع إبادة جماعية عشوائية وموجهة أحيانا باستهداف عائلات بعض المهاجمين الذين تم التعرف عليهم، مثل عائلتي عميرة وويشاوي اللتين أبديتا عن آخرهما تقريبا. ولم تنج عائلتا بوحجة وحمودة من غائلة الانتقام، بدءا بشقيقه الأكبر المعتقل الذي قتل رفقة المناضل الطاهر خزوز بمعتقل ''جان دارك'' (ابن مهيدي حاليا)، وقتل كذلك من عائلة حمودة صهره وأحد أقاربه الذي قتل رفقة أبنائه، رغم أنه من الموالين للإدارة سابقا.
ويقدر ضحايا الانتقام الاستعماري بفلفلة والعالية فقط، بحوالي250 قتيل.
وبعد تنفيذ العمليات بالناحية تجمعت المجموعات المشاركة في الهجوم بنقاط اتصال محددة سلفا. وقد طلب من المتطوعين العودة إلى ديارهم فتردد بعضهم خوفا من سوء العاقبة، لاسيما أن إدارة الاحتلال وأعوانها شنت حملة استدراج للفارين من السكان. أما علي بوحجة ورفاقه من قادة المجموعات الستة، فقد تقرر أن يلتحقوا نهائيا بجيش التحرير الوطني.

 
عودة
أعلى