''استقالة'' هيئة الأركان العامة في 15 ـ 07 ـ 1961
البيان رقم 1 في الانقلاب على الحكومة المؤقتة
في يوليو 1961 أعلن العقيد هواري بومدين استقالة قيادة هيئة الأركان العامة لجيش التحرير الوطني التي تضم إلى جانبه الرواد: علي منجلي، أحمد قايد (سليمان)، رابح زرّاري (عزالدين)· وفي 15 من نفس الشهر وجهت الهيئة مذكرة مطولة (*) إلى كل من رئيس الحكومة المؤقتة للجمهورية الجزائرية فرحات عباس وأمانة المجلس الوطني للثورة الجزائرية، بهدف ترسيم قرار الاستقالة من جهة وشرح أسبابها ''تجنبا لكل تأويل مغرض'' من جهة ثانية·
وتكشف المذكرة عن نوعين من الأسباب:
ـ مشكلة طارئة تتمثل في ''الأزمة'' الناجمة عن الطيار الفرنسي الأسير·
ـ قرارات الدورة السابقة لمجلس الثورة والتي بقيت تقريبا ''حبرا على ورق''، حسب تقدير العقيد بومدين ورفاقه·
أولا: حادث ''الطائرة ف ''84
في 21 يونيو 1961، قام سرب من الطيران الفرنسي بمهمة استطلاع، استهدفت نقاطا حساسة في الشريط الحدودي الشمالي الشرقي، وأطلق الطيران النار متسببا في استشهاد مجاهدين وإصابة اثنين آخرين بجروح·
وفي إطار نفس المهمة، حلقت طائرة من نوع (ف 84) على ارتفاع منخفض، فوق مركز التدريب بملاف، فأطلق جنود جيش التحرير النار عليها فأسقطوها، وأسروا طيارها الذي تمكن من تشغيل مظلته···
وبما أن الطيار أسر فوق التراب التونسي، فقد كانت هيئة الأركان تنوي تسليمه إلى الحكومة المؤقتة، كي تتولى تسليمه بدورها إلى نظيرتها التونسية، غير أن هذه الأخيرة سارعت بفرض حصار حقيقي على جيش التحرير بالمناطق الحدودية، مشفوع بسيل من المطالب والاحتجاجات، ما لبث أن تحوّل إلى ''تهديد وضغط وابتزاز'' حسب تعبير المذكرة·
هذا الموقف المتشدد من الحكومة التونسية نقله كل من بن طبال، وزير الداخلية، وبوالصوف، وزير الاتصالات العامة، إلى هيئة الأركان بغارديماو في شكل ابتزاز: ''إن حكومة بورفيبة تعتزم الإعلان في صحافتها عن وجود هيئة الأركان العامة في حالة تمرد على الحكومة المؤقتة''!
أمام هذا الابتزاز، لم يبق لهيئة الأركان ما يحفظ ماء الوجه، بعد أن وجدت نفسها أمام اختيار وحيد: ''الانبطاح والزحف لرفع الحصار البورفيبي المتواصل حتى كتابة هذه السطور''·
ويتساءل أصحاب المذكرة مستنكرين عاتبين: ''أية حكومة جديرة بهذه التسمية يمكن أن تعامل جيشها بمثل هذا المنطق''·
ثانيا: قرارات مجلس الثورة
اتخذ مجلس الثورة (في دورة 16 ديسمبر 1959 ـ 18 يناير 1960) بطرابلس سلسلة من القرارات، تؤكد مذكرة هيئة الأركان أن الحكومة المؤقتة لم تبد حرصا كبيرا على تطبيقها·· متسائلة في هذا الصدد: ''ماذا بقي من اليمين التي تم أداؤها في ختام الدورة؟''· في إشارة إلى قسم المشاركين على المصحف الشريف بتنفيذ ما التزموا به من قرارات· من هذه القرارات:
1 ـ القانون الأساسي لجبهة التحرير الذي يطبق ـ رقم تواضعه ـ أسوة بالقانون الداخلي المنبثق عنه·
2 ـ هيكلة جيش التحرير ماديا وبشريا، هذا القرار الذي لم يجد طريقه إلى التطبيق المأمول بعد تجاهل الحكومة لشعار ''كل شيء للجيش'' الذي رفعه مجلس الثورة بطرابلس·
3 ـ تكوين لجنة مراقبة ومحاسبة مالية بهدف وضع حد لبعض ''التلاعبات المالية المخزية في مختلف الوزارات تقريبا''، هذا القرار بدوره ظل حبرا على ورق أسوة بتوصية مجلس الثورة المتعلقة بالصراحة، في تسيير ميزانية الحكومة·
وكانت هيئة الأركان تنتظر الدورة العادية لمجلس الثورة المفترض أن تنعقد في يناير 1961، وخلال الأشهر الأولى من نفس السنة على أبعد تقدير، لكن تأجيل هذه الدولة (حتى أوت) أدى إلى مزيد من التأزم والاحتقان في علاقة بومدين ورفاقه بالحكومة المؤقتة ''والثلاثي القوي'' فيها على وجه التحديد، أي بلقاسم كريم وبن طبال وبوالصوف·
البيان رقم 1 في الانقلاب على الحكومة المؤقتة
وتكشف المذكرة عن نوعين من الأسباب:
ـ مشكلة طارئة تتمثل في ''الأزمة'' الناجمة عن الطيار الفرنسي الأسير·
ـ قرارات الدورة السابقة لمجلس الثورة والتي بقيت تقريبا ''حبرا على ورق''، حسب تقدير العقيد بومدين ورفاقه·
أولا: حادث ''الطائرة ف ''84
في 21 يونيو 1961، قام سرب من الطيران الفرنسي بمهمة استطلاع، استهدفت نقاطا حساسة في الشريط الحدودي الشمالي الشرقي، وأطلق الطيران النار متسببا في استشهاد مجاهدين وإصابة اثنين آخرين بجروح·
وفي إطار نفس المهمة، حلقت طائرة من نوع (ف 84) على ارتفاع منخفض، فوق مركز التدريب بملاف، فأطلق جنود جيش التحرير النار عليها فأسقطوها، وأسروا طيارها الذي تمكن من تشغيل مظلته···
وبما أن الطيار أسر فوق التراب التونسي، فقد كانت هيئة الأركان تنوي تسليمه إلى الحكومة المؤقتة، كي تتولى تسليمه بدورها إلى نظيرتها التونسية، غير أن هذه الأخيرة سارعت بفرض حصار حقيقي على جيش التحرير بالمناطق الحدودية، مشفوع بسيل من المطالب والاحتجاجات، ما لبث أن تحوّل إلى ''تهديد وضغط وابتزاز'' حسب تعبير المذكرة·
هذا الموقف المتشدد من الحكومة التونسية نقله كل من بن طبال، وزير الداخلية، وبوالصوف، وزير الاتصالات العامة، إلى هيئة الأركان بغارديماو في شكل ابتزاز: ''إن حكومة بورفيبة تعتزم الإعلان في صحافتها عن وجود هيئة الأركان العامة في حالة تمرد على الحكومة المؤقتة''!
أمام هذا الابتزاز، لم يبق لهيئة الأركان ما يحفظ ماء الوجه، بعد أن وجدت نفسها أمام اختيار وحيد: ''الانبطاح والزحف لرفع الحصار البورفيبي المتواصل حتى كتابة هذه السطور''·
ويتساءل أصحاب المذكرة مستنكرين عاتبين: ''أية حكومة جديرة بهذه التسمية يمكن أن تعامل جيشها بمثل هذا المنطق''·
ثانيا: قرارات مجلس الثورة
اتخذ مجلس الثورة (في دورة 16 ديسمبر 1959 ـ 18 يناير 1960) بطرابلس سلسلة من القرارات، تؤكد مذكرة هيئة الأركان أن الحكومة المؤقتة لم تبد حرصا كبيرا على تطبيقها·· متسائلة في هذا الصدد: ''ماذا بقي من اليمين التي تم أداؤها في ختام الدورة؟''· في إشارة إلى قسم المشاركين على المصحف الشريف بتنفيذ ما التزموا به من قرارات· من هذه القرارات:
1 ـ القانون الأساسي لجبهة التحرير الذي يطبق ـ رقم تواضعه ـ أسوة بالقانون الداخلي المنبثق عنه·
2 ـ هيكلة جيش التحرير ماديا وبشريا، هذا القرار الذي لم يجد طريقه إلى التطبيق المأمول بعد تجاهل الحكومة لشعار ''كل شيء للجيش'' الذي رفعه مجلس الثورة بطرابلس·
3 ـ تكوين لجنة مراقبة ومحاسبة مالية بهدف وضع حد لبعض ''التلاعبات المالية المخزية في مختلف الوزارات تقريبا''، هذا القرار بدوره ظل حبرا على ورق أسوة بتوصية مجلس الثورة المتعلقة بالصراحة، في تسيير ميزانية الحكومة·
وكانت هيئة الأركان تنتظر الدورة العادية لمجلس الثورة المفترض أن تنعقد في يناير 1961، وخلال الأشهر الأولى من نفس السنة على أبعد تقدير، لكن تأجيل هذه الدولة (حتى أوت) أدى إلى مزيد من التأزم والاحتقان في علاقة بومدين ورفاقه بالحكومة المؤقتة ''والثلاثي القوي'' فيها على وجه التحديد، أي بلقاسم كريم وبن طبال وبوالصوف·