حكاية «الأمير الأخضر» الذى خان «حماس»
هذه القصة أقرب إلى الطب النفسى منها للصحافة.. فبطلها مصعب حسن يوسف- 32 عاما- الابن الأكبر للشيخ حسن يوسف أحد مؤسسى حركة حماس وزعيمها فى الضفة الغربية، فعل عكس ما فعله أبوه بالضبط، بل زاد عليه بأن أصبح عميلا للشاباك وهو ما يشبه عندنا مباحث أمن الدولة.
فهل سربت إسرائيل هذه القصة فى هذا التوقيت بالذات لتغطى على «النجاح بطعم الفشل» الذى منى به الموساد فى دبى فى أعقاب عملية قتل المبحوح؟
الواضح الآن أن ما فعلته كاميرات شرطة دبى للموساد يفعله كتاب مصعب أو «الأمير الأخضر» وهو الاسم الكودى له فى الشاباك، الذى صدر مؤخرا فى الولايات المتحدة بعنوان ابن حماس Son of Hamas.
فهو فى كتابه يكشف الوسائل التى استخدمها الشاباك فى القضاء على الشبكة التى نجح أفرادها فى قتل مئات الإسرائيليين خلال العمليات الانتحارية التى وقعت ما بين عامى 2000 و2005.
ولذلك كان الشاباك الإسرائيلى أمام خيارين لا ثالث لهما: إما أن يعمل على وقف نشر هذا الكتاب الصادر عن دار نشر Saltriver وإما أن يسلم به ويجارى ما ورد فيه على أمل الحصول على مكسب ما. وبإمكاننا أن نفترض أن رئيس الشاباك، يوفال ديسكين، يذكر الآن سابقة أوستروفسكى. فأوستروفسكى هذا كان عميلا للموساد فى السابق وأراد أن ينشر مذكراته فى كندا عام 1990، ووقتها حاول كل من رئيس الوزراء الإسرائيلى، اسحق شامير ورئيس الموساد، شبتاى شافيط، منع نشر الكتاب عن طريق القضاء.
فكانت النتيجة عكس ما تمنياه تماما إذ رفض القضاء الكندى التدخل فى هذا الموضوع من ناحية. وأعطت الخطوة الإسرائيلية المتسرعة من ناحية أخرى ثقلا للكتاب رغم أن بعض ما ورد به مبالغ فيه للغاية مما دفع به إلى قائمة الكتب الأكثر مبيعا فى دول كثيرة.
وعلى أية حال فإنهم فى الشاباك قرروا ألا يقرروا شيئا بهذا الخصوص بل إنهم لم يحاولوا منع نشر شهادات الضباط الذين قاموا بتشغيل مصعب حسن يوسف، وهم الذين خدموا فى السابق وتولوا مراكز مرموقة داخل صفوف الجهاز.
وعلى حد علمنا لم تمارس على مصعب أى ضغوط للتغاضى لقد عاش مصعب حسن يوسف لسنوات طوال على الحافة عندما تخلى عن ولائه لأبيه الشيخ حسن يوسف زعيم حماس فى الضفة وتخلى عن ولائه لحركة حماس ولشعبه الفلسطينى وعرض حياته للخطر لكى ينقذ كما يقول فى كتابه حياة إسرائيليين أبرياء.
وهو منذ أن هرب من الضفة عام 2007 أحرق كل الجسور لاحتمال عودته، بدءا من المقابلة الصحفية التى أدلى بها لصحيفة هاآرتس قبل حوالى عام ونصف العام وأدان فيها حركة حماس وأعلن عن تحوله إلى المسيحية، وانتهاء بكتابه الذى بين أيدينا والذى يكشف فيه عن السر الكبير الذى احتفظ به فى داخله لمدة 14 عاما: عمله وعمالته للشاباك الإسرائيلى.
إخراج إسرائيلى
وفى الكتاب الذى بين أيدينا يحكى مصعب حسن يوسف تفاصيل خيانته لشعبه ووطنه فيقول: ذات مساء فى مارس 2002 سمعت طرقا على باب بيت العائلة. ذهبت لأفتح الباب فوجدت أناسا على الباب قالوا لى نحن نريد الشيخ حسن يوسف فسألتهم بخصوص ماذا؟ فقالوا إنهم آتون من طرف خمسة انتحاريين قادمين من الأردن للقيام بعمليات انتحارية فى إسرائيل. وأضافوا أن الشخص المسئول عنهم تم القبض عليه وأنهم فى حاجة لمكان آمن. فقلت لهم إنهم وصلوا إلى المكان الصحيح فقالوا إن معهم سيارة محملة بالمواد المتفجرة. فطلبت منهم أن يتركوا السيارة فى مكانها وأعطيتهم نقودا ووجهتهم إلى مكان آمن يختبئون فيه. وعلى الفور نقلت المعلومة إلى «لؤى» - الاسم الحركى للضابط الإسرائيلى الذى يقوم بتشغيله- وبعد حوالى نصف الساعة اتضح أن رئيس الوزراء الإسرائيلى آنذاك أرئيل شارون صدق على تصفيتهم.
ويضيف مصعب فى كتابه: قلت لهم إذا ما حدث أى مكروه لهم فسأتوقف عن العمل مع الشاباك، فسألنى لؤى: هل تهددنا؟ فأجبت بأننى لا أوافق على قتل أحد. فما بالكم بخمسة شبان صغار لا يدركون الفارق بين ما هو جيد وما هو سيىء؟! وعرفت أن محاولة إلقاء القبض عليهم تحمل فى طياتها مخاطر كبيرة سواء للجنود أولى شخصيا، لأنهم الآن يعرفوننى وسوف يشكون فى أننى وشيت بهم.
والشاباك الذى- على حد قوله- لم يرغب فى أن يخسره، وافق فى النهاية لكن طلب معرفة كل ما يدور داخل الغرفة التى يبيت فيها الشبان الخمسة. ويقول مصعب: ذهبت إليهم ومعى بعض الأثاث لزوم الشقة، لكنهم لم يكونوا يعرفون أن فى داخل قطع الأثاث تم تركيب أجهزة تنصت حساسة للغاية وفى 16 مارس أحاطت قوات خاصة بالبناية التى يقيمون بها وسط رام الله.
وانتظرت القوات إلى أن تأكدنا أنهم نائمون، وعندئذ اقتحموا الباب مستخدمين مواد متفجرة. وحاول أحدهم القفز من النافذة مع سلاحه فأطلقت القوات الإسرائيلية النار عليه. وعندئذ وفى الوقت الذى قاموا فيه بإدخال الأربعة الباقين فى العربة الجيب فى الطريق إلى المعتقل ذكر أحدهم اسمى. وكنت واثقا من أننى أصبحت بذلك «محروقا» بلغة المخابرات ولم أكن أعرف ماذا أفعل إلى أن قام «لؤى» بطرح فكرة جيدة وقام بتنفيذها على الفور: أطلق سراح الشخص الذى ذكر اسمى وأعاده إلى الأردن فاعتقد الآخرون أنه هو الذى وشى بهم. وفى التحقيقات التى جرت مع الثلاثة الباقين اتضح أن أحدهم كان مكلفا بمهمة اغتيال الحاخام عوفاديا يوسيف.
وفى موضع آخر من الكتاب يتحدث مصعب عن مسرحية بإخراج إسرائيلى فيقول: كان من الواضح للشاباك أننى معرض لخطر الكشف، ولذلك كنا أمام خيارين: إما أن يعيدوننى للسجن وإما أن نلعب لعبة على حد قول لؤى، بأن يخرج لى محاولة اعتقال حقيقية ضخمة وذات صدى يخدع بها ليس حماس فقط ولكن الجيش أيضا: قام الشاباك بتسريب معلومة لقوة من «المستعربين» فحواها أننى مسلح وخطر وسوف أحضر لزيارة قصيرة لمنزل والدتى فى ذلك الوقت، أمرونى بأن أذهب لمنزل والدتى وأن انتظر فى السيارة لحين تلقى تعليمات الشاباك. وعندما تلقيت المكالمة الهاتفية من «لؤى» تحركت بالسيارة بأقصى سرعة، وذهبت إلى مكان اختبائى الجديد. وخلال دقيقة وصل المستعربون فى عشر سيارات تحمل لوحات فلسطينية، وأحاطوا بالبيت ودعوا ساكنيه إلى الخروج: أمى وأخى وأخواتى.
ويضيف مصعب فى كتابه: فى تلك الأثناء ولكى أتأكد من أن الغارة الإسرائيلية على منزل العائلة سوف تحظى بالنشر على نطاق واسع سربت خبرا لقناة «الجزيرة» بأنهم يحاولون قتل والدى الشيخ حسن يوسف. فسارع طاقم التصوير الخاص بهم بالوصول إلى المكان. لكن الجنود أخذوا ينادون عبر الميكروفون على «مصعب حسن يوسف» ويأمرونه بالخروج وليس «حسن يوسف». وبدأ العشرات من المسلحين الفلسطينيين فى الاقتراب بعد أن أدركوا أن هناك عملية عند منزل الشيخ، وأخذت طائرات الهيلوكبتر الإسرائيلية تطلق النار فى اتجاههم. فى تلك المرحلة كنت أجلس أمام التليفزيون فى الشقة الجديدة التى اختبئ بها وأشاهد كل هذه الدراما وبالبث الحى المباشر.
وقام الجيش لحبك المسرحية بإطلاق صاروخ على الطابق الثانى من منزلنا تسبب فى تدميره تماما. وبين ليلة وضحاها أصبحت من كبار المطلوبين للجيش الإسرائيلى وكل العالم العربى أصبح على يقين من ذلك!
انتقام الرجوب
وفى موضع آخر من الكتاب يقول مصعب: خلال عملية «السور الواقى» وعلى الرغم من طلب «لؤى» بالبقاء فى الفندق الذى «اختبئ» فيه أخذت أتجول فى كل أنحاء رام الله. وكان والدى مختبئا فى إحدى الشقق السكنية، وعندما قام الجيش بعملية تمشيط للمنازل تخطى الجنود بصورة تثير الاستغراب المنزل الذى يختبئ فيه والدى لدرجة أنه قال لى بعد ذلك: هذه معجزة لقد فتشوا كل البيوت المحيطة إلا البيت الذى أختبئ فيه.
وثمة قصة أخرى يكشفها مصعب فى كتابه خاصة بالعلاقة بين رئيس الأمن الوقائى آنذاك جبريل الرجوب والشاباك فعندما دخل الجيش منطقة رام الله، كان من بين الأهداف الأولى له الإغارة على مقر قيادة الأمن الوقائى فى بيتونيا. وقد شهد المكان قتالا عنيفا إلى أن تلقى أفراد الشرطة الفلسطينية أمرا من قائدهم بالاستسلام. فى ذلك الوقت، أمر الجنود الإسرائيليون كل المتواجدين فى المكان بخلع ملابسهم والخروج بالملابس الداخلية فقط فقام رجال الأمن الوقائى بفعل ذلك لكن أيضا المسجونين من أفراد حماس فى ذلك المكان قاموا بنفس العمل وخرجوا بملابسهم الداخلية. ثم ارتدى المئات ملابسهم وتم نقلهم بالأتوبيسات إلى معتقل عوفير.
عندئذ فقط أدرك الشاباك على حد قول مصعب الخطأ الذى وقع فيه: كيف يمكنه أن يحدد من هو مطلوب اعتقاله ومن هو من أفراد الأمن الوقائى فى الوقت الذى ظلت فيه كل بطاقات الهوية فى المبنى المدمر عن آخره؟
ويضيف مصعب: كان عوفر ديكل وقتئذ هو قائد قطاع القدس فى الشاباك وقرر الاتصال بجبريل الرجوب شخصيا وطلب منه المجىء للتعرف على رجاله فى الأمن الوقائى. فوافق الرجوب وسافر إلى معتقل عوفير وتعرف على كل المطلوبين من رجاله. وقام الشاباك بإطلاق سراح كل المطلوبين فيما عدا بلال البرغوثى الذى تعرفوا عليه وأبقوه مع الآخرين.
وعندما اكتشفوا الخطأ غضب ديكل وسأل الرجوب لماذا فعلت ذلك؟ فأجاب الرجوب بصوت هادئ: «أنتم دمرتم مقر قيادتى». وكان ذلك بمثابة إحراج كبير للشاباك، ولم يبق أمامه إلا الانتقام من الرجوب فأشاع أن الرجوب قام بتسليم المطلوبين للشاباك فى إطار صفقة كبيرة مع السى. آى. إيه!
ويضيف مصعب أن الرجوب فقد الكثير من قوته السياسية فى أعقاب هذه القصة. فقد اتهمه رجال حماس وفتح بالخيانة رغم أنه فى الواقع أنقذ المطلوبين من حماس.
جوهرة التاج
فى 31 يوليو 2002 انفجرت شحنة ناسفة فى حرم الجامعة العبرية بالقدس. وفى أعقاب هذه العملية فقد مصعب حسن يوسف العلاقة التى بناها خلال سنوات مع رجل الذراع العسكرية لحماس صلاح التلاحمة. يقول مصعب فى كتابه: لقد أصبحنا أصدقاء حقيقيين، بل إنه ساعدنى كثيرا بدروس خاصة فى الاقتصاد. ويضيف: كما أن المحيطين بالتلاحمة مثل النتشه ورمانة وحامد وقاسم اختفوا. وأدت التحريات التى أعقبت الانفجار إلى خمسة من سكان قرية سلوان ومن بينهم محمد عرمان، الذى اعترف تحت ضغط التحقيقات والتعذيب بأن «الشيخ» هو الذى يقوم بتشغيله، لكنه لا يعرف اسمه. وعندما عرضوا عليه صورة إبراهيم حامد تعرف عليه على الفور.
وبعد مرور ما يقرب من سنة وأربعة أشهر، بدأت قوات الأمن الإسرائيلية تتعقب أكثر الخلايا العاملة فى الضفة خطورة. وبعد معركة استمرت طوال الليل، تم قتل التلاحمة وقاسم ورمانة الذين كانوا يختبئون فى أحد مبانى رام الله. وأبلغنى الكابتن «لؤى» أن أفضل أصدقائى صلاح التلاحمة قد قتل، وطلب منى الحضور إلى المستشفى فى رام الله للتعرف على الجثة. يقول مصعب: تعرفت على جثة صلاح التلاحمة على الفور، لكننى لم أنجح فى التعرف على قاسم الذى كان مقطعا إربا وكذلك رمانة. وفى ظل غياب نشطاء حماس الآخرين، اضطررت لترتيب جنازة صلاح والآخرين.
لم يكن إبراهيم حامد متواجدا معهم فى المبنى. وقام الشاباك بزرع أجهزة تنصت كثيرة فى منزله على أمل أن يتفوه أى أحد من أبناء عائلته بأى شىء، لكنهم كانوا حذرين للغاية، واختفى حامد تماما ولم يعثروا على مكانه.
فى نوفمبر 2004 تم إطلاق سراح الشيخ حسن يوسف من السجن. وتوافد مئات الأشخاص على مكتبه بعد ذلك طلبا للمساعدة، فقد كان الشيخ زعيما لحماس فى الضفة لكن مصعب يقول فى كتابه إن أباه لم يكن يملك المال ولا إمكانية اللجوء إلى مصادر المال فى منظمة حماس. وتوصل مصعب إلى نتيجة مؤداها أنه مادامت المنظمة مستمرة فى عملها حتى بعد قتل معظم زعمائها أو اعتقالهم، فهذا يعنى أن لها قيادة سرية لها اتصالاتها المباشرة مع قيادة حماس فى دمشق ومع الذراع العسكرية.
وكان «لؤى» قد طلب من مصعب قبل ذلك بعدة أشهر الذهاب إلى أحد مقاهى الإنترنت فى رام الله، حيث يقوم شخص ما من هناك بالاتصال بقيادة حماس فى دمشق عبر البريد الإلكترونى. لم يكن الشاباك يعرف هذا الشخص وطلب من «الأمير» أن يتشمم المكان. وعندما وصل مصعب إلى المكان كان هناك ما يقرب من عشرين شخصا. أخذ مصعب يبحث عن الشخص الملتحى بينهم لكنهم كانوا جميعا حليقى الذقون. وبعد مرور عدة أسابيع قام مصعب بعرض أحد المنازل فى رام الله للبيع، فاتصل به تليفونيا شخص ما وحضر لمعاينة المكان. تعرف عليه مصعب على الفور كواحد من العشرين الذين كانوا جالسين فى مقهى الإنترنت، وقدم الرجل نفسه باسم عزيز كايد وقال إنه يدير مركزا للدراسات الإسلامية يدعى «البراق» لكنه ترك انطباعا عاديا كواحد من الناس.
وبعد إطلاق سراح والده من السجن، سافر معه مصعب إلى نابلس لمقابلة قادة حماس فى المدينة. وأبدى أحدهم ملاحظة فحواها أن الشيخ يجب أن يكون على اتصال مع «عزيز كايد من مركز البراق». طلب مصعب من الشاباك دراسة ماضى كايد هذا فاتضح أنه خلال مرحلة الدراسة بالجامعة كان من كبار نشطاء حماس فى اتحاد الطلاب، لكن قبل ما يقرب من عشر سنوات توقف عن العمل بأى نشاط سياسى، ومارس حياة عادية بل سافر مرارا إلى الخارج دونما إزعاج.
تذكر مصعب عددا من الشبان الذين عرفهم فى السابق لكنهم توقفوا عن العمل بأى نشاط سياسى. وأظهرت التحقيقات أنهم جميعا كانوا على اتصال ببعضهم البعض وأنهم عملوا فى «البراق».
وقد أدت المتابعة التى قام بها الشاباك لهؤلاء الشبان إلى نتائج درامية: فقد اتضح أن هؤلاء الشباب هم الذين يديرون النشاط الاقتصادى لحركة حماس فى الضفة ويمولون النشاط العسكرى.
يقول مصعب فى كتابه: ذات يوم تعقبنا شخصا يدعى ناجى مهدى من شقته شمالى رام الله إلى جراج فى المنطقة التجارية وفجأة لاحظنا أنه يرفع باب الجراج ويدخل ثم يغلق الباب وراءه. وعلى مدى أسبوعين أخذنا نراقب المكان إلى أن حدث ذات يوم وفتح باب الجراج من الداخل وإذا بإبراهيم حامد يظهر أمامنا. تركه الشاباك آنذاك يعود إلى الداخل مرة أخرى ثم أحاط بالبناية.
لم يحاول حامد إظهار أية مقاومة واستجاب لمطلب الجنود بالخروج بملابسه الداخلية فقط حيث تم اعتقاله.
ويضيف مصعب حسن يوسف فى فخر: كانت عملية الكشف هذه والقبض على حامد وأعضاء القيادة السرية لحماس هى أهم العمليات التى قمت بها طوال عملى مع الشاباك. ذلك لأن حامد كان هو المسئول عن مقتل ما يقرب من ثمانين إسرائيليا. وكانت هذه أيضا مهمتى الأخيرة فى الشاباك.
فى سبتمبر 2005 أبلغ الشاباك مصعب أنه فى أعقاب التصعيد فى غزة تقرر إلقاء القبض مرة أخرى على والده. ومن خلال تفهمه أنه بهذه الطريقة فقط يمكنه إنقاذ الوالد، وافق مصعب على اعتقاله.
والشيخ حسن يوسف دون أدنى شك هو إحدى الشخصيات المعتدلة للغاية داخل حركة حماس وهو لا يزال قابعا فى السجن الإسرائيلى حتى اليوم. ومؤخرا فقط سمع لأول مرة أن ابنه كان يعمل لسنوات فى خدمة الشاباك الإسرائيلى.
http://www.octobermag.com/issues/1748/artDetail.asp?ArtID=97688
هذه القصة أقرب إلى الطب النفسى منها للصحافة.. فبطلها مصعب حسن يوسف- 32 عاما- الابن الأكبر للشيخ حسن يوسف أحد مؤسسى حركة حماس وزعيمها فى الضفة الغربية، فعل عكس ما فعله أبوه بالضبط، بل زاد عليه بأن أصبح عميلا للشاباك وهو ما يشبه عندنا مباحث أمن الدولة.
فهل سربت إسرائيل هذه القصة فى هذا التوقيت بالذات لتغطى على «النجاح بطعم الفشل» الذى منى به الموساد فى دبى فى أعقاب عملية قتل المبحوح؟
الواضح الآن أن ما فعلته كاميرات شرطة دبى للموساد يفعله كتاب مصعب أو «الأمير الأخضر» وهو الاسم الكودى له فى الشاباك، الذى صدر مؤخرا فى الولايات المتحدة بعنوان ابن حماس Son of Hamas.
فهو فى كتابه يكشف الوسائل التى استخدمها الشاباك فى القضاء على الشبكة التى نجح أفرادها فى قتل مئات الإسرائيليين خلال العمليات الانتحارية التى وقعت ما بين عامى 2000 و2005.
ولذلك كان الشاباك الإسرائيلى أمام خيارين لا ثالث لهما: إما أن يعمل على وقف نشر هذا الكتاب الصادر عن دار نشر Saltriver وإما أن يسلم به ويجارى ما ورد فيه على أمل الحصول على مكسب ما. وبإمكاننا أن نفترض أن رئيس الشاباك، يوفال ديسكين، يذكر الآن سابقة أوستروفسكى. فأوستروفسكى هذا كان عميلا للموساد فى السابق وأراد أن ينشر مذكراته فى كندا عام 1990، ووقتها حاول كل من رئيس الوزراء الإسرائيلى، اسحق شامير ورئيس الموساد، شبتاى شافيط، منع نشر الكتاب عن طريق القضاء.
فكانت النتيجة عكس ما تمنياه تماما إذ رفض القضاء الكندى التدخل فى هذا الموضوع من ناحية. وأعطت الخطوة الإسرائيلية المتسرعة من ناحية أخرى ثقلا للكتاب رغم أن بعض ما ورد به مبالغ فيه للغاية مما دفع به إلى قائمة الكتب الأكثر مبيعا فى دول كثيرة.
وعلى أية حال فإنهم فى الشاباك قرروا ألا يقرروا شيئا بهذا الخصوص بل إنهم لم يحاولوا منع نشر شهادات الضباط الذين قاموا بتشغيل مصعب حسن يوسف، وهم الذين خدموا فى السابق وتولوا مراكز مرموقة داخل صفوف الجهاز.
وعلى حد علمنا لم تمارس على مصعب أى ضغوط للتغاضى لقد عاش مصعب حسن يوسف لسنوات طوال على الحافة عندما تخلى عن ولائه لأبيه الشيخ حسن يوسف زعيم حماس فى الضفة وتخلى عن ولائه لحركة حماس ولشعبه الفلسطينى وعرض حياته للخطر لكى ينقذ كما يقول فى كتابه حياة إسرائيليين أبرياء.
وهو منذ أن هرب من الضفة عام 2007 أحرق كل الجسور لاحتمال عودته، بدءا من المقابلة الصحفية التى أدلى بها لصحيفة هاآرتس قبل حوالى عام ونصف العام وأدان فيها حركة حماس وأعلن عن تحوله إلى المسيحية، وانتهاء بكتابه الذى بين أيدينا والذى يكشف فيه عن السر الكبير الذى احتفظ به فى داخله لمدة 14 عاما: عمله وعمالته للشاباك الإسرائيلى.
إخراج إسرائيلى
وفى الكتاب الذى بين أيدينا يحكى مصعب حسن يوسف تفاصيل خيانته لشعبه ووطنه فيقول: ذات مساء فى مارس 2002 سمعت طرقا على باب بيت العائلة. ذهبت لأفتح الباب فوجدت أناسا على الباب قالوا لى نحن نريد الشيخ حسن يوسف فسألتهم بخصوص ماذا؟ فقالوا إنهم آتون من طرف خمسة انتحاريين قادمين من الأردن للقيام بعمليات انتحارية فى إسرائيل. وأضافوا أن الشخص المسئول عنهم تم القبض عليه وأنهم فى حاجة لمكان آمن. فقلت لهم إنهم وصلوا إلى المكان الصحيح فقالوا إن معهم سيارة محملة بالمواد المتفجرة. فطلبت منهم أن يتركوا السيارة فى مكانها وأعطيتهم نقودا ووجهتهم إلى مكان آمن يختبئون فيه. وعلى الفور نقلت المعلومة إلى «لؤى» - الاسم الحركى للضابط الإسرائيلى الذى يقوم بتشغيله- وبعد حوالى نصف الساعة اتضح أن رئيس الوزراء الإسرائيلى آنذاك أرئيل شارون صدق على تصفيتهم.
ويضيف مصعب فى كتابه: قلت لهم إذا ما حدث أى مكروه لهم فسأتوقف عن العمل مع الشاباك، فسألنى لؤى: هل تهددنا؟ فأجبت بأننى لا أوافق على قتل أحد. فما بالكم بخمسة شبان صغار لا يدركون الفارق بين ما هو جيد وما هو سيىء؟! وعرفت أن محاولة إلقاء القبض عليهم تحمل فى طياتها مخاطر كبيرة سواء للجنود أولى شخصيا، لأنهم الآن يعرفوننى وسوف يشكون فى أننى وشيت بهم.
والشاباك الذى- على حد قوله- لم يرغب فى أن يخسره، وافق فى النهاية لكن طلب معرفة كل ما يدور داخل الغرفة التى يبيت فيها الشبان الخمسة. ويقول مصعب: ذهبت إليهم ومعى بعض الأثاث لزوم الشقة، لكنهم لم يكونوا يعرفون أن فى داخل قطع الأثاث تم تركيب أجهزة تنصت حساسة للغاية وفى 16 مارس أحاطت قوات خاصة بالبناية التى يقيمون بها وسط رام الله.
وانتظرت القوات إلى أن تأكدنا أنهم نائمون، وعندئذ اقتحموا الباب مستخدمين مواد متفجرة. وحاول أحدهم القفز من النافذة مع سلاحه فأطلقت القوات الإسرائيلية النار عليه. وعندئذ وفى الوقت الذى قاموا فيه بإدخال الأربعة الباقين فى العربة الجيب فى الطريق إلى المعتقل ذكر أحدهم اسمى. وكنت واثقا من أننى أصبحت بذلك «محروقا» بلغة المخابرات ولم أكن أعرف ماذا أفعل إلى أن قام «لؤى» بطرح فكرة جيدة وقام بتنفيذها على الفور: أطلق سراح الشخص الذى ذكر اسمى وأعاده إلى الأردن فاعتقد الآخرون أنه هو الذى وشى بهم. وفى التحقيقات التى جرت مع الثلاثة الباقين اتضح أن أحدهم كان مكلفا بمهمة اغتيال الحاخام عوفاديا يوسيف.
وفى موضع آخر من الكتاب يتحدث مصعب عن مسرحية بإخراج إسرائيلى فيقول: كان من الواضح للشاباك أننى معرض لخطر الكشف، ولذلك كنا أمام خيارين: إما أن يعيدوننى للسجن وإما أن نلعب لعبة على حد قول لؤى، بأن يخرج لى محاولة اعتقال حقيقية ضخمة وذات صدى يخدع بها ليس حماس فقط ولكن الجيش أيضا: قام الشاباك بتسريب معلومة لقوة من «المستعربين» فحواها أننى مسلح وخطر وسوف أحضر لزيارة قصيرة لمنزل والدتى فى ذلك الوقت، أمرونى بأن أذهب لمنزل والدتى وأن انتظر فى السيارة لحين تلقى تعليمات الشاباك. وعندما تلقيت المكالمة الهاتفية من «لؤى» تحركت بالسيارة بأقصى سرعة، وذهبت إلى مكان اختبائى الجديد. وخلال دقيقة وصل المستعربون فى عشر سيارات تحمل لوحات فلسطينية، وأحاطوا بالبيت ودعوا ساكنيه إلى الخروج: أمى وأخى وأخواتى.
ويضيف مصعب فى كتابه: فى تلك الأثناء ولكى أتأكد من أن الغارة الإسرائيلية على منزل العائلة سوف تحظى بالنشر على نطاق واسع سربت خبرا لقناة «الجزيرة» بأنهم يحاولون قتل والدى الشيخ حسن يوسف. فسارع طاقم التصوير الخاص بهم بالوصول إلى المكان. لكن الجنود أخذوا ينادون عبر الميكروفون على «مصعب حسن يوسف» ويأمرونه بالخروج وليس «حسن يوسف». وبدأ العشرات من المسلحين الفلسطينيين فى الاقتراب بعد أن أدركوا أن هناك عملية عند منزل الشيخ، وأخذت طائرات الهيلوكبتر الإسرائيلية تطلق النار فى اتجاههم. فى تلك المرحلة كنت أجلس أمام التليفزيون فى الشقة الجديدة التى اختبئ بها وأشاهد كل هذه الدراما وبالبث الحى المباشر.
وقام الجيش لحبك المسرحية بإطلاق صاروخ على الطابق الثانى من منزلنا تسبب فى تدميره تماما. وبين ليلة وضحاها أصبحت من كبار المطلوبين للجيش الإسرائيلى وكل العالم العربى أصبح على يقين من ذلك!
انتقام الرجوب
وفى موضع آخر من الكتاب يقول مصعب: خلال عملية «السور الواقى» وعلى الرغم من طلب «لؤى» بالبقاء فى الفندق الذى «اختبئ» فيه أخذت أتجول فى كل أنحاء رام الله. وكان والدى مختبئا فى إحدى الشقق السكنية، وعندما قام الجيش بعملية تمشيط للمنازل تخطى الجنود بصورة تثير الاستغراب المنزل الذى يختبئ فيه والدى لدرجة أنه قال لى بعد ذلك: هذه معجزة لقد فتشوا كل البيوت المحيطة إلا البيت الذى أختبئ فيه.
وثمة قصة أخرى يكشفها مصعب فى كتابه خاصة بالعلاقة بين رئيس الأمن الوقائى آنذاك جبريل الرجوب والشاباك فعندما دخل الجيش منطقة رام الله، كان من بين الأهداف الأولى له الإغارة على مقر قيادة الأمن الوقائى فى بيتونيا. وقد شهد المكان قتالا عنيفا إلى أن تلقى أفراد الشرطة الفلسطينية أمرا من قائدهم بالاستسلام. فى ذلك الوقت، أمر الجنود الإسرائيليون كل المتواجدين فى المكان بخلع ملابسهم والخروج بالملابس الداخلية فقط فقام رجال الأمن الوقائى بفعل ذلك لكن أيضا المسجونين من أفراد حماس فى ذلك المكان قاموا بنفس العمل وخرجوا بملابسهم الداخلية. ثم ارتدى المئات ملابسهم وتم نقلهم بالأتوبيسات إلى معتقل عوفير.
عندئذ فقط أدرك الشاباك على حد قول مصعب الخطأ الذى وقع فيه: كيف يمكنه أن يحدد من هو مطلوب اعتقاله ومن هو من أفراد الأمن الوقائى فى الوقت الذى ظلت فيه كل بطاقات الهوية فى المبنى المدمر عن آخره؟
ويضيف مصعب: كان عوفر ديكل وقتئذ هو قائد قطاع القدس فى الشاباك وقرر الاتصال بجبريل الرجوب شخصيا وطلب منه المجىء للتعرف على رجاله فى الأمن الوقائى. فوافق الرجوب وسافر إلى معتقل عوفير وتعرف على كل المطلوبين من رجاله. وقام الشاباك بإطلاق سراح كل المطلوبين فيما عدا بلال البرغوثى الذى تعرفوا عليه وأبقوه مع الآخرين.
وعندما اكتشفوا الخطأ غضب ديكل وسأل الرجوب لماذا فعلت ذلك؟ فأجاب الرجوب بصوت هادئ: «أنتم دمرتم مقر قيادتى». وكان ذلك بمثابة إحراج كبير للشاباك، ولم يبق أمامه إلا الانتقام من الرجوب فأشاع أن الرجوب قام بتسليم المطلوبين للشاباك فى إطار صفقة كبيرة مع السى. آى. إيه!
ويضيف مصعب أن الرجوب فقد الكثير من قوته السياسية فى أعقاب هذه القصة. فقد اتهمه رجال حماس وفتح بالخيانة رغم أنه فى الواقع أنقذ المطلوبين من حماس.
جوهرة التاج
فى 31 يوليو 2002 انفجرت شحنة ناسفة فى حرم الجامعة العبرية بالقدس. وفى أعقاب هذه العملية فقد مصعب حسن يوسف العلاقة التى بناها خلال سنوات مع رجل الذراع العسكرية لحماس صلاح التلاحمة. يقول مصعب فى كتابه: لقد أصبحنا أصدقاء حقيقيين، بل إنه ساعدنى كثيرا بدروس خاصة فى الاقتصاد. ويضيف: كما أن المحيطين بالتلاحمة مثل النتشه ورمانة وحامد وقاسم اختفوا. وأدت التحريات التى أعقبت الانفجار إلى خمسة من سكان قرية سلوان ومن بينهم محمد عرمان، الذى اعترف تحت ضغط التحقيقات والتعذيب بأن «الشيخ» هو الذى يقوم بتشغيله، لكنه لا يعرف اسمه. وعندما عرضوا عليه صورة إبراهيم حامد تعرف عليه على الفور.
وبعد مرور ما يقرب من سنة وأربعة أشهر، بدأت قوات الأمن الإسرائيلية تتعقب أكثر الخلايا العاملة فى الضفة خطورة. وبعد معركة استمرت طوال الليل، تم قتل التلاحمة وقاسم ورمانة الذين كانوا يختبئون فى أحد مبانى رام الله. وأبلغنى الكابتن «لؤى» أن أفضل أصدقائى صلاح التلاحمة قد قتل، وطلب منى الحضور إلى المستشفى فى رام الله للتعرف على الجثة. يقول مصعب: تعرفت على جثة صلاح التلاحمة على الفور، لكننى لم أنجح فى التعرف على قاسم الذى كان مقطعا إربا وكذلك رمانة. وفى ظل غياب نشطاء حماس الآخرين، اضطررت لترتيب جنازة صلاح والآخرين.
لم يكن إبراهيم حامد متواجدا معهم فى المبنى. وقام الشاباك بزرع أجهزة تنصت كثيرة فى منزله على أمل أن يتفوه أى أحد من أبناء عائلته بأى شىء، لكنهم كانوا حذرين للغاية، واختفى حامد تماما ولم يعثروا على مكانه.
فى نوفمبر 2004 تم إطلاق سراح الشيخ حسن يوسف من السجن. وتوافد مئات الأشخاص على مكتبه بعد ذلك طلبا للمساعدة، فقد كان الشيخ زعيما لحماس فى الضفة لكن مصعب يقول فى كتابه إن أباه لم يكن يملك المال ولا إمكانية اللجوء إلى مصادر المال فى منظمة حماس. وتوصل مصعب إلى نتيجة مؤداها أنه مادامت المنظمة مستمرة فى عملها حتى بعد قتل معظم زعمائها أو اعتقالهم، فهذا يعنى أن لها قيادة سرية لها اتصالاتها المباشرة مع قيادة حماس فى دمشق ومع الذراع العسكرية.
وكان «لؤى» قد طلب من مصعب قبل ذلك بعدة أشهر الذهاب إلى أحد مقاهى الإنترنت فى رام الله، حيث يقوم شخص ما من هناك بالاتصال بقيادة حماس فى دمشق عبر البريد الإلكترونى. لم يكن الشاباك يعرف هذا الشخص وطلب من «الأمير» أن يتشمم المكان. وعندما وصل مصعب إلى المكان كان هناك ما يقرب من عشرين شخصا. أخذ مصعب يبحث عن الشخص الملتحى بينهم لكنهم كانوا جميعا حليقى الذقون. وبعد مرور عدة أسابيع قام مصعب بعرض أحد المنازل فى رام الله للبيع، فاتصل به تليفونيا شخص ما وحضر لمعاينة المكان. تعرف عليه مصعب على الفور كواحد من العشرين الذين كانوا جالسين فى مقهى الإنترنت، وقدم الرجل نفسه باسم عزيز كايد وقال إنه يدير مركزا للدراسات الإسلامية يدعى «البراق» لكنه ترك انطباعا عاديا كواحد من الناس.
وبعد إطلاق سراح والده من السجن، سافر معه مصعب إلى نابلس لمقابلة قادة حماس فى المدينة. وأبدى أحدهم ملاحظة فحواها أن الشيخ يجب أن يكون على اتصال مع «عزيز كايد من مركز البراق». طلب مصعب من الشاباك دراسة ماضى كايد هذا فاتضح أنه خلال مرحلة الدراسة بالجامعة كان من كبار نشطاء حماس فى اتحاد الطلاب، لكن قبل ما يقرب من عشر سنوات توقف عن العمل بأى نشاط سياسى، ومارس حياة عادية بل سافر مرارا إلى الخارج دونما إزعاج.
تذكر مصعب عددا من الشبان الذين عرفهم فى السابق لكنهم توقفوا عن العمل بأى نشاط سياسى. وأظهرت التحقيقات أنهم جميعا كانوا على اتصال ببعضهم البعض وأنهم عملوا فى «البراق».
وقد أدت المتابعة التى قام بها الشاباك لهؤلاء الشبان إلى نتائج درامية: فقد اتضح أن هؤلاء الشباب هم الذين يديرون النشاط الاقتصادى لحركة حماس فى الضفة ويمولون النشاط العسكرى.
يقول مصعب فى كتابه: ذات يوم تعقبنا شخصا يدعى ناجى مهدى من شقته شمالى رام الله إلى جراج فى المنطقة التجارية وفجأة لاحظنا أنه يرفع باب الجراج ويدخل ثم يغلق الباب وراءه. وعلى مدى أسبوعين أخذنا نراقب المكان إلى أن حدث ذات يوم وفتح باب الجراج من الداخل وإذا بإبراهيم حامد يظهر أمامنا. تركه الشاباك آنذاك يعود إلى الداخل مرة أخرى ثم أحاط بالبناية.
لم يحاول حامد إظهار أية مقاومة واستجاب لمطلب الجنود بالخروج بملابسه الداخلية فقط حيث تم اعتقاله.
ويضيف مصعب حسن يوسف فى فخر: كانت عملية الكشف هذه والقبض على حامد وأعضاء القيادة السرية لحماس هى أهم العمليات التى قمت بها طوال عملى مع الشاباك. ذلك لأن حامد كان هو المسئول عن مقتل ما يقرب من ثمانين إسرائيليا. وكانت هذه أيضا مهمتى الأخيرة فى الشاباك.
فى سبتمبر 2005 أبلغ الشاباك مصعب أنه فى أعقاب التصعيد فى غزة تقرر إلقاء القبض مرة أخرى على والده. ومن خلال تفهمه أنه بهذه الطريقة فقط يمكنه إنقاذ الوالد، وافق مصعب على اعتقاله.
والشيخ حسن يوسف دون أدنى شك هو إحدى الشخصيات المعتدلة للغاية داخل حركة حماس وهو لا يزال قابعا فى السجن الإسرائيلى حتى اليوم. ومؤخرا فقط سمع لأول مرة أن ابنه كان يعمل لسنوات فى خدمة الشاباك الإسرائيلى.
http://www.octobermag.com/issues/1748/artDetail.asp?ArtID=97688