الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله
أما بعد : لقد بدا من الضروري طرح قضية الزي الإسلامي أو الالتزام بالمظهر الخارجي للمرأة أو الفتاة فى صورة عملية ومناقشة ما يدور فى عقل كل واحدة بشأنه , و حتى يتبين الطريق ولأن الأمر جد خطير والعلة هى انتشار روح الاستهانة بأوامر الله ونواهيه , وما ينتج عن ذلك من أضرار هى لا تضر صاحبها فقط وإنما تعود على الجميع , قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إن الناس إذا رأوا المنكر فلم يغيروه أوشك أن يعمهم الله بعقابه " صحيح رواه أحمد , فهذه تكاد تكون معظم ما يدور فى عقل كل واحدة سواء على لسانها أو فى قرارة نفسها , وسنعالجها إن شاء الله بشكل موضوعي مقنع و مختصر حتى تستفيد منه من هى متردده أو تجهل بعض الأمور , ولا نقصد فى هذا السرد أهل الجدل أو العناد فالجدل العقيم والعناد لا نعرف لهما دواء يقول الله تعالى سأصرف عن ءايا تي الذين يتكبرون فى الأرض بغير الحق و إن يروا كل ءاية لا يؤمنوا بها و إن يروا سبيل الرشد لا يتخذوه سبيلا ذلك بأنهم كذبوا بآياتنا و كانوا عنها غافلين) الأعراف:146 أما الجهل والنسيان والخطأ فميسور إن شاء الله مداواتهم وذلك لأن كل بنى آدم خطاء وخير الخطاءين التوابون , فمن باب فذكر فإن الذكرى تنفع المؤمنين نفتح صدورنا ونصارح أنفسنا بالداء والدواء , وإنما أوجه هذه الرسالة إلى كل أخت فاضلة - نسأل الله أن يبارك فى أخواتنا ويهدينا ويهديهن إلى ما يحب ويرضى - من باب الضرورة الملحة وخطورة هذا الأمر , فأنت كفتاة أو امرأة لست محل اتهام وتنقيص وإنما نلح فى دعوتك لأنك أنت عماد المجتمع فمن منا رباه أبوه دون أمه ؟ فالمرأة أو الفتاة المسلمة هى الزاد والمنبع الأصيل ومنها ومن خلالها سنستعيد قوتنا لأنها هى المصدر والممول والدافع لهذا الرجل فلن تنهض أبدأ الأمة بدونها وكذلك لا تحدث الانتكاسات إلا والمرأة من أهم المقومات للانتكاسة , ولقد علم أعداء الأمة قيمة المرآة فى الإسلام فلم يهنأ لهم بال إلا وهم يدرسون كيف نهدم المرآة ونطمس هويتها حتى ينهد بنيان هذا الإسلام , فبصلاحك ينصلح المجتمع المسلم وبطمس معالمك الأصيلة تكون ضربة قوية ضد الإسلام , فوالله نحن فى أشد الحاجة إليك فى عملية البناء بناء الإسلام فإن لم تستطيعي البناء فلا تكوني معول هدم , فعلى هذا نبدأ فى سرد معظم ما يخطر على بال من هى غير ملتزمه بالزي الإسلامي الصحيح:
1) ألا يعتبر المظهر الخارجي حرية شخصية ؟
نقول أن كلمة الحرية الشخصية هى كلمة دخيلة علينا من الغرب فأولا ننظر إليها عند مصدريها , فالحرية عندهم تعنى أن تفعل ما تشاء و تأكل ما تشاء وتلبس ما تشاء وتعتقد ما تشاء وتنام مع من تشاء فإذا كان هذا هو الحال فما هى النتيجة ؟ الجواب مسموع ومشاهد و معلوم للقاصي و الداني أن أعلى معدلات الجريمة و القتل والسرقة و الاختطاف و الاغتصاب و الشذوذ والخيانة والسكر و الانحلال الخلقي الغير مسبوق هذا كله و أكثر موطنه فى هذه البلاد الراعية والداعية إلى الحرية ! فسيقول قائل لا نقصد هذه الحرية المطلقة فلا نقصد الحرية التي تدعوا الفتاة للخروج بملابس شنيعة المنظر لا ترتديها إلا فتيات الليل فى أقذر الأماكن بل نقصد الحرية المقيدة , نقول هذا كلام حسن فنحن نتفق على وضع حدود و قيود على الحرية حتى لا تكون انحلال فهل توافقون على أن من يضع الحدود و القيود على الحريات أن يكون له العلم الكامل بالإنسان و حاجاته و ميوله و تركيبته و ما يصلحه و ما يفسده فى الماضي و الحاضر و المستقبل ؟ و هل هناك أحد يعلم الصنعة إلا صانعها ؟ وهل يعلم ما يصلح الإنسان و ما يفسده إلا الله ؟ يقول الله تعالىألا يعلم من خلق و هو اللطيف الخبير)الملك:14,فما من مسلم يؤمن بوجود الله إلا و يؤمن بأن الله عز و جل هو أولى و أحق من يشرع المنهج السليم الذى يصلح الإنسان , يقول الله تعالىإنما كان قول المؤمنين إذا دعوا إلى الله و رسوله ليحكم بينهم أن يقولوا سمعنا و أطعنا و أولئك هم المفلحون)النور:51,ويقول تعالىوما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمرا أن يكون لهم الخيرة من أمرهم و من يعص الله و رسوله فقد ضل ضلالا مبينا)الأحزاب:36,ويقول تعالىو ربك يخلق ما يشاء و يختار ما كان لهم الخيرة سبحن الله وتعلى عما يشركون)القصص:68, ولكي يتضح الأمر يجب علينا فهم مغزى و معنى أوامر الله و نواهيه , فعند ذهاب أحدنا إلى أحد الأطباء المتخصصين فينهاه عن تناول بعض المأكولات و لو كانت محببة إلى النفس و يأمر بتناول أدوية و لو كانت مرة الطعم , فهذا الطبيب قيد حرية المريض ولكن لماذا ؟ الجواب حتى يتم له النفع و الشفاء , ولله المثل الأعلى فالله عز و جل قيد الحرية بوضع نواهي وحدود حتى لا تؤدى الحرية إلى هلاك الإنسان و انحلاله بل إن الله عز و جل له العلم المطلق بالإنسان , فهذا الطبيب يعلم الكثير ويخفى عليه الأكثر و مع ذلك نسلم له و نرضى بكل أوامره و نواهيه بالحرف الواحد ولا يعارض أمره ونهيه بقول (حرية شخصية) ! أليس من الأولى أن نسلم لله صاحب العلم المطلق والكمال المطلق سبحانه وتعالى وعز و جل بكل أوامره و نواهيه من غير مكابرة و عناد ؟!
2) الالتزام بالزي الإسلامي ليس من الأولويات الضرورية بل هناك ما هو أهم منه و أولى :
والجواب على ذلك أنه من المعلوم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يأمر إلا بأمر من الله , فأمر رسول الله هو من الله , فما بالك وأن أمر الالتزام بالزي الإسلامي لم يأت من الرسول بل من الله عز وجل مباشرة , و ما بالك أنه لم يأت فى صورة أمر لعامة المؤمنين فلم يقل يأيها الذين آمنوا , بل وجه الله سبحانه وتعالى أمره للمؤمنين مبتدأ بالنبى مما يدل على أن الأمر ليس مهما فحسب بل هو أمر خطير ! فقد قال الله تعالى: (يأيها النبي قل لأزواجك وبناتك ونساء المؤمنين يدنين عليهن من جلابيبهن..) 59 :الأحزاب فلو صح أن هناك أولويات لكان من أهم وأولى الأشياء على المرأة هو التزامها بالمظهر الخارجي الصحيح لخطورة هذا الأمر ليس لها فحسب بل على المجتمع كله.
3) الكلام عن أهمية المظهر الخارجى وفتنة النساء للرجال لا نسمع عنه فى الدول المتقدمة كأمريكا وأوربا , فهل نحن أكثر منهم علماً وتقدماً وأكثر دراية بما يصلح المجتمع عنهم؟
الجواب على هذا أن هذا الأمر واضح وضوح الشمس فهذه الدول لا يوجد فى قاموسها اللغوى شئ أسمه عفة المرأة وفتنة النساء للرجال؛ وما ينتج عن الانحلال فى المظهر الخارجي يتم معالجته بالفحشاء فى أقرب مكان أو على قارعة الطريق وكفى بإحصائيات الخيانة الزوجية والشذوذ رداً على ذلك , فإنه لا تكاد الفتاة تبلغ الثانية عشرة أو الرابعة عشرة إلا ولها صديق- له ما للزوج تماما-ً فإذا كان الأمر هكذا فهل المظهر الخارجي يعتبر محور أساسي؟ الجواب بالطبع لا لأنه كما ذكرنا ما ينتج عن العرى وإثارة الشهوات بسبب المظهر الخارجي للمرأة يعالج بالفاحشة فى أقرب وقت و مكان من غير عقبات ولا رادع ديني أو قانوني ولا عرفاً عندهم يمنع ذلك , أما عندنا نحن فهذه الفتاة التي تلح فى إظهار مفاتنها نظن بها الخير أنها عفيفة ومحترمة ولكنها تفتقد تقدير الأمور فى نصابها فهي تقوم بقصد أو بغير قصد بإثارة الفتنة وإيقاظ الغرائز الطبيعية فى الرجل ثم بعد ذلك لا يتم تصريف هذه الغرائز , وذلك لأن أمر الفاحشة فى ديننا ومجتمعنا أمر عظيم جداً , ثم من قال أن الغرب لا يعانى من مسألة المظهر الخارجي للمرأة وفتنتها للرجل ؟ فإنه ومع سهولة أمر الفاحشة عندهم إلا أن الأمر يزداد سوءاً , فلقد أجمع المنصفون من أهل هذه البلاد أن هذه المجتمعات بما تحويه من انحلال خلقي وانهيار اجتماعي ما هو إلا خطوة كبيرة من خطوات انهيار هذه الحضارة المزعومة , فإن العبرة من التقدم والحضارة هو ما يضيفه هذا التقدم إلى المجتمع والفرد من قيم و أخلاق , فإذا كانت إضافته هى اانحلال خلقي وتشرذم الأسرة وانتشار جميع أنواع الفواحش بكل يسر وسهولة فهذا هو التخلف بعينه و بعيدا عن هذا كله فإن الله عز وجل يقولقل لا يستوي الخبيث والطيب ولو أعجبك كثرة الخبيث فاتقوا الله يا أولي الألباب لعلكم تفلحون)100:المائدة وعن ابن مسعود رضى الله عنه قاللا تكونن إمعة, قالوا : وما الإمعة ؟ قال : يقول إنا مع الناس إن اهتدوا اهتديت و إن ضلوا ضللت , ألا ليوطئن أحدكم نفسه على انه إذا كفر الناس ألا يكفر)
4) الكلام عن الحجاب أو الزي الإسلامي لا يخصني وغير موجه لي لأنني أرتدى الحجاب على رأسي فأنا ملتزمة بتعاليم الإسلام !
والجواب على ذلك من الذى قال أن الحجاب هو غطاء الرأس فحسب ! هذا خلط للأمور وسوء فهم فإذا غطت المرأة رأسها وكشفت ذراعها أو بدنها سواء بصورة مباشرة (كالقصير) أو غير مباشرة (كالضيق والملون اللافت للنظر أو الخفيف) فهذا ليس حجاب أبداً بل هو التبرج بعينه , وإذا غطت كل هذا بشكل صحيح ثم تكسرت فى مشيتها أو صوتها أو وضعت العطر فى الطريق فهذا أيضاً هو التبرج بعينه , أما الحجاب الصحيح الذى لا روغان فيه هو أن تكون المرأة أو الفتاة عند خروجها مجتهدة أن لا تلفت النظر إليها وذلك عملياً بمنافاة ما ذكرناه , أما مخادعة النفس والشعور والقناعة بالرضا عن الخطأ فهذا يصعب مداواته يقول الله تعالىقل هل ننبئكم بالأخسرين أعملا. الذين ضل سعيهم فى الحياة الدنيا و هم يحسبون أنهم يحسنون صنعا)103,104 :الكهف, فأنت لست فى انتظار أن يقال لك أن الزي الإسلامي هو كذا وكذا وأن تلبسى كذا وأن تلبسي كذا وإنما أنت لو كان عندك صدق فى طلب الحق فبالفطرة السليمة والحياء المركب داخلك يكيفان لأن يرشداك إلى ما يكون منك من فتنة تثير الغرائز وسدها سواء كان فى الملبس أو المشية وطريقة الكلام والتعطر , فأنت أدرى من غيرك بهذا فإن كنت تظني أنه يمكن الروغان حول أوامر الله ونواهيه فاعلمى أنه من فوقك ينظر إليك ويسمعك فإن استطعت مخادعة من حولك أو مخادعة نفسك بأن الصواب خطأ والخطأ صواب فإن الله يعلم السر وأخفى فاحذري إن كنت وقعت فى فخ مخادعة النفس أن يختم الله على قلبك وبصيرتك فلا تكادي تفقهي شيئاً من أمور الدين ويصير عندك الحلال كالحرام والحرام كالحلال.
5) يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم إن فى الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله وإذا فسدت فسد الجسد كله) فما دام قلبى طاهراً ولا أحمل شراً إذن فإنا صالحه.
والجواب أن هذا من الخطأ فى الفهم , فبداية ما هو معنى الصلاح ؟ فمهمة القلم هى الكتابة فإذا كتب فهو قلم صالح وإلا فهو فاسد , والساعة وظيفتها الاستدلال على الوقت بالضبط فإن دلتنا فهي صالحة وإلا فهي فاسدة , فكذلك الجسد وظيفته الركوع والسجود لله وإتباع أوامر الله واجتناب نواهيه والسعي فى طلب الحلال فإذا قام الجسد بهذا كان صالحاً وإلا فهو غير صالح , وعلى هذا يكون صلاح القلب ناتج عن صلاح الجسد, بمعنى أن من يدعى صلاح قلبه وجسده لا يقوم بالمهمات الواجب القيام بها فهو يكذب على نفسه لأنه لو كان القلب صالح لظهر هذا الصلاح على الجسد وذلك بالوقوف على أوامر الله ونواهيه , وما دام الجسد لا ينصاع لأوامر الله فهذا دليل أن القلب غير صالح أو سليم.
6) الالتزام بالمظهر الخارجي والزي الإسلامي من القشور إنما المهم هو الداخل والقلب..
وجواب هذا أن أى ثمرة لابد ولها قشرة فلو سلمنا أن هذه القشرة ليست بذات أهمية فى حد ذاتها , ولكن هل يمكن للثمرة أن تبقى من غير هذه القشرة؟ الجواب لا والدليل تخيلى أنك ذهبت لشراء نوع من الفاكهة الموز مثلاً وإذا بالبائع ينزع القشر عن هذا الموز , ثم إذا سألتيه يقول لك أن القشر غير مهم المهم هو قلب الثمرة! هل يرضى عقلك بهذا ؟! ولسوف تجدين أن كل ثمرة لا قشرة لها فستفسد بالتأكيد , وأن كل ثمرة محافظة على قشرتها فهي سليمة إلا القليل النادر , وعلى هذا فإن مقولة الزي الإسلامي من القشور المهم هو القلب مقولة تفتقر إلى العقل و المنطق فضلاً عن الدين.
7) لماذا الرجل إذا خرج يلبس ما يشاء وليس عليه قيود نسبياً أما المرأة فعلى العكس من ذلك؟
والجواب على ذلك أن الله سبحانه وتعالى جعل الفطرة والطبيعة أن الرجل هو الذى يطلب المرأة , فتزين الطالب(الرجل) لا يؤثر ولا يفتن المطلوب(المرأة) كما يؤثر و يفتن تزين المطلوب فى الطالب , فالرجل مركب داخله طلب المرأة والتأثر بها من خلال مظهرها الخارجي وعلى العكس من ذلك فإن المرأة لا يبهرها أو يفتنها مظهر الرجل الخارجي بل أنها قد تنفر من الرجل الذى يبالغ فى مظهره الخارجي,وإنه ليبدو واضحاً فى الطريق مثلاً أن المرأة لا تلتفت إلى الرجل وإن كانت غير ملتزمة ولا تجد فى ذلك مشقة ولا عناء فى هذا ؛ هذه هى طبيعتها بينما الرجل و ان كان تقياً فإنه يجاهد طبيعته فى عدم النظر أو الالتفات , فهل رأيتي امرأة ولو كانت سيئة الخلق تتفحص الرجال فى الطريق كما يفعل أحد الدون من الرجال من إمعان النظر؟؟
8) لماذا لا يتم توجيه الكلام إلى الرجال بغض البصر حتى لا تحدث الفتنة؟
وجواب هذا أن الفطرة السليمة تحتم على المرأة الستر والحياء وطبع الرجل هو الميل إلى المرأة فأيهما أولى وأيسر العودة إلى الفطرة أم مجاهدة الطبع؟ فعودة المرأة إلى فطرتها بالتزام المظهر الصحيح تسد باب الفتنة أصلاً, فمرد عملها يعود عليها وعلى الجميع , أما الرجل وهو فعلاً مأمور من الله عز وجل بغض البصر ومرد غضه لبصره يعود عليه وعلى سلامة قلبه , إذن فالتزام المرأة بمظهرها الخارجي أولى وأوجب من غض الرجل لبصره , فإنه من الإجحاف مطالبة هذا الشاب وتحميله المسئولية عن هذه التي تلح فى عرض جسدها بكل ما تستطيع وتبذل جهد مضني فى لفت نظر الجميع إليها قصدت ذلك أم لم تقصد ثم بعد هذا تستنكر على هذا الذى يتفحصها كالمسعور , أولم تعملي حسابه ؟! فإذا غض الصالحون أبصارهم عنك امتثالا لأمر الله فما بقى إلا هؤلاء الدون الذين لا يتقون الله وأنت فى نظرهم واحدة تعرض ما لديها عليهم ليتفحصوه !!! وكما ذكرنا لا يشترط أنك تقصدي ذلك أم لا , فإن ما يؤخر العلاج زماناً طويلاً عدم الاعتراف بالمرض وإلقاء الأسباب الحقيقية وراء ظهورنا.
9) ألا يمكن أن نأخذ حلاً وسطاً بين الأناقة والمظهر الخارجى وبين الزى الإسلامى الصحيح؟
وجواب هذا أن هذا القول من الحيل الخبيثة المتقنة التي استخدمها من يريد أن ينشر الفساد بيننا , وللأسف أن هذه الحيلة الخبيثة أدت مهمتها على أتم وجه فقد لاقت هذه الفكرة إيجاباً وقبولاً بين الفئة التي تريد أن تكسب كل شئ من غير أن تفقد أى شئ , فهي مجازاً محجبة فهي تغطى شعرها وبدنها ولا يظهر منها إلا الوجه والكفين , ولكنها بماذا سترت رأسها وبدنها؟ فإنها عصبت رأسها وحزمتها كما تحزم علبة الحلوى وذلك باستخدام قطعة قماش تجتلب النظر البعيد قبل القريب , فما الفرق بينها وبين من كشفت شعرها ؟! إنما الفرق أنها وفرت على نفسها تسريح الشعر وتزيينه واستعاضت عن ذلك بما يقوم بنفس المهمة كهذه القماشة الملونة بألوان مختلفة ومحزمة بشكل يلفت النظر , هذا وإن باقي الملبس على نفس الطريقة , فهي تلبس الجيب الضيقة أو الخفيفة أو ما يمليه عليها عقلها بالتشبه بالرجال فتلبس البنطلون وتقول هو أفضل من الجيبة حتى يسهل الحركة وهى ما تدرى أنها دخلت تحت من لعنهم رسول الله للتشبه بالرجال, المقصود من هذا أنها تساير الموضة تماماً وفى نفس الوقت تظن أنها محجبة لماذا؟ لأنها تغطى شعرها وهكذا ابتلعت هذه المسكينة الطعم وانخدعت أو خدعت نفسها فهي لا تدرى أنها على هذه الصورة متبرجة قلباً وقالباً وأن كل الوعيد الذى وصف به المتبرجات ينطبق عليها تماماً إن لم تراجع نفسها .
10) لو كان عدم الالتزام بالمظهر الإسلامي يغضب الله لعاقبني ولكن الحمد لله ربنا يوفقني ولا أشعر بعقاب؟
والجواب على هذا أن لله سنن وقوانين للتعامل مع الإنسان لا يشترط أن تكون موافقة لما عليه المنطق البشرى , فصحيح هذا القول لو طبقناه على بعضنا البعض فإن فلان من الناس إذا رضى عن أحد كافأه وجازاه بالخير والعكس صحيح , ولكن هذا فى حدود كأن يكون عمر الإنسان , فإن العقاب والثواب من الإنسان للإنسان لا يمتد بعد موته, ولكن الله عز وجل يقدر أن يمهل العاصي أو الظالم إلى أى أجل يشاء , فهو سبحانه الباقي وهذا الإنسان لا يخرج عن ملكه , فالمقصود أن لله سنن وقوانين قد لا تتفق مع قوانين الإنسان فى المعاملات, فالله يملى للظالم يقول صلى الله عليه وسلم إن الله ليملى للظالم فإذا أخذه لم يفلته) متفق عليه , والله يستدرج الظالم بالوقوع فى المزيد من الظلم حتى إذا أخذه جازاه بالصغيرة قبل الكبيرة يقول الله تعالىسنستدرجهم من حيث لا يعلمون)44:القلم , والله سبحانه وتعالى حليم يصبر على عبده حتى يرجع إليه , والله ودود يتودد إلى عبده بالنعم والخير , ولكن بعد هذا إن لم يشكر العبد ربه وذلك بالوقوف على أوامره ونواهيه لا باللسان فقط فإن هذا الإنسان أين سيذهب من الله ؟ فإن أمهله اليوم فغداً , و إن كان بعد ذلك فأين يذهب بعد موته؟ يقول الله تعالىحتى إذا جاء أحدهم الموت قال رب ارجعون. لعلى أعمل صلحا فيما تركت كلا إنها كلمة هو قائلها ومن ورائهم برزخ إلى يوم يبعثون)99,100المؤمنون وسؤال يلزم جوابه يسير من العقل هل يأمرني الله بشيء ولا أفعله ثم يغرني حلم الله وإمهاله على التمادي فى مغالطته ومعصيته؟؟!
ولو كان الأمر بمنطق الإنسان فلماذا ترك الله فرعون هذه المدة , ولماذا أبتلى حبيبه محمد صلى الله عليه وسلم بالمرض وأنواع البلاء , أذن فليس معنى الصبر والإمهال الرضى عن العبد وليس معنى الابتلاء الغضب على العبد وإنما العبرة هنا والفيصل هو هل هذا العبد ملتزم بأوامر الله ونواهيه أم لا؟ فإذا كان ملتزم فإن النعم التي أنعم الله عليه بها هى نتيجة لرضا الله عنه , وأن ابتلاء الله له هو لتكفير السيئات ورفع الدرجات , فعلى العكس من ذلك إذا كان العبد عاصي لله معرض عن أمره ونهيه متبع لهواه ورأيه فإن النعم والمنح من الله هى من قبيل الاستدارج وحتى لا يكون له حجة , وإذا بلاه الله بمصيبة فهي من غضب الله عليه , وهذه الأصول من أهم الأصول على الإطلاق.
11) إذا كان الالتزام بالزى الإسلامى يعنى أن تخفى المرأة كل مفاتنها وزينتها وما يرغب فيها الرجال فكيف ستتزوج؟
الجواب على هذا أن نسبة الطلاق فى السنة الأولى وصلت إلى 40% وهذا فى ظل الانخلاع عن التقاليد الشرعية , وأن أكبر نسبة زواج ناجح تكون بين المتزوجين عن طريق الأهل أو بطريقة غير مباشرة أى لم يتم التعارف إلا بعد هذا الارتباط وهذا أقرب ما يكون إلى الشرع والسلامة. وإذا كان الزواج هو من الطاعة فهل تنال هذه الطاعة بمعصية الله , بل إن الناظر إلى هذا المنطق العقيم يجد أن الذى تبهره المرأة لا لشيء إلا لهذا المظهر فإنه ينظر إليها كما ينظر إلى قميص جميل أو ساعة جميله ويصل الأمر إلى أن يباهى الناس بهذه المرأة آسف أقصد القميص أو الساعة !! هذه هى النوعية التي ترغبين فيها؟ إن من تخفى مفاتنها الظاهرة هى أكثر منك ذكاءً وأقوى منك شخصية فوالله لا يقدر سليم الفطرة إلا أن يضعها فى أعلى المراتب احتراماً وتقديراً و طلباً للزواج , ولقد بدا معلوماً أن نسبة الزواج من الملتزمات بالزي الإسلامي تصل إلى ضعفى الطلب على الزواج من غير الملتزمات بالزي الإسلامي الصحيح .
12) إن الله جميل يجب الجمال وتزين الوجه من الجمال فهل يرضى الله أن أخرج بشكل قبيح؟
والجواب على هذا أن الأمر ليس بهذه الصورة , فإن الله نعم يحب الجمال ولكن الذى لا ينتج عنه فساد أوضرر , فإن كان نتيجة هذا الجمال نشر الفتنة وإيقاظ الغرائز فإنه لا يجلب إلا سخط الله , ولنا وقفة مع تزيين الوجه فقد ثبت علمياً أن البشرة التي يوضع عليها أنواع المساحيق أو الزينة لا يزيد عمرها عن عامين و يقول الدكتور وهبة أحمد حسن(كلية الطب- جامعة الإسكندرية):
(إن إزالة شعر الحاجب بالوسائل المختلفة ثم استخدام أقلام الحواجب وغيرها من ماكياجات الجلد لها تأثيرها الضار ، فهي مصنوعة من مركبات معادن ثقيلة، مثل: الرصاص والزئبق. تذاب في مركبات دهنية مثل زيت الكاكاو)انتهى... ومع ذلك فإذا كانت هذه البشرة جميلة بطبعها فإن هذه الزينة بتركيباتها الكيماوية (ولا يغرك كذب المنتجين) تتفاعل مع الجو الخارجي فتقوم بحرق هذه البشرة والتعجيل بوجود التجاعيد فى الوجه وحول العينين , كما أن صاحبة هذا الوجه المزين فى الخارج لا يقدر أحد النظر إليها داخل البيت فهي لا يمكن أن تخرج بغير هذه الأقنعة فوجهها تقبح بها ومع ذلك فهي لا تقدر أن تستغني عنها لأنها هى الغطاء لما هى أفسدته , وبالنظر إلى من التزمت بالحكم الإلهي فهي لا تحمل هما لوجهها ولا يكلفها عبأ فهي لا ترتعد من حرارة الشمس ولا تخشى غسله مائة مرة فى اليوم فلا تحمل هم الوضوء للصلاة كهذه , أليست الطبيعة أفضل من التصنع المضر؟
13) أنا لا أقصد إثارة الفتنة فى الشباب مطلقاً بهذا اللبس والعطر فهذا ليس قصدى أبداً.
وجواب هذا سهل ويسير , فإنه لا يشترط القصد فى المضرة وإنما العبرة والحكم بوقوع الضرر فأنت مثلاً إذا جلست بجانب أحد المدخنين فى أحد المواصلات ثم أخذ ينفخ فى وجهك الدخان فإذا نهيتيه وقلت له هذا لا يصح أنت تضرني بهذا الدخان يقول لك أنا لا أقصد أبداً إيذائك وضررك بهذا الدخان هذا ليس قصدي , فهل يشفع جوابه هذا عندك ؟ أم أنك تقولين لا يهمني قصدك هذا وإنما العبرة بما يوقعه على من ضرر ؛ وإنه لمن المعلوم أن من أهم مهمات العقل هى قياس المصالح والمفاسد, المنافع والمضار وترجيح الأولى عن ما دونه فإذا كانت نتيجة هذا المظهر إثارة الفتنة فى الشباب وإيقاظ الغرائز الطبيعية المجبول عليها الرجل وفوق هذا كله غضب الله وسخطه لعصيانك أوامره وإتباعك للشيطان وهواك وإتباعك لرأيك ووجهة نظرك , فهل هذا كله يرجح أمامه مصلحة أو فائدة ؟ هل هناك عذر أمام هذا كله؟
14) أنا لا ألتزم بالزي الإسلامي بشكل كامل , ولكن مع ذلك أنا لا أعتقد أن مظهري الخارجي يثير الغرائز أو الفتنة كما يقال وأرى أن هذه مبالغة.
الجواب على هذا أن الفتنة وإثارة الغرائز لا تحكمين أنت عليها فأنت لست رجل ولو كنت رجل لعرفتي معنى هذا الكلام , فهل يصح أن تقول فتاة لم تتزوج أن تربية الأولاد شئ عادى جداً وبسيط؟ هى أصلاً لا أولاد عندها ولم تجرب أو تعيش تربية الأولاد فكيف تحكم أنها شئ عادى جداً وبسيط , فكذلك بما أنك امرأة ولست رجل فلن تحيطي أبداً أو تدركي خطورة فتنة المرأة للرجل بمظهرها الخارجي , ونبين شئ خطير قد تحسب المرأة أو الفتاة أن شيئاً لا يثير الفتنة فى مظهرها هذا (بتقديرها) ولكن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال أن المرأة إذا خرجت استشرفها الشيطان أخرجه الترمذي , أى يزينها للناظرين فقد يكون مظهرها الخارجي محتشم نسبياً أو قد تكون غير جميلة , ومع ذلك فإن الشيطان يزينها ويجعل كل عيوبها محاسن وهذا شئ واضح جداً في الطرقات , فكيف إذا كانت هي أصلاً جميلة وتجتهد في لفت النظر إليها تقصد ذلك أم لم تقصد فالعبرة بالنهاية. أما ما يقال بأنه مبالغة فإذا كنا نحن نبالغ فهل رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ يصر ويكرر بيان حقيقة فتنة النساء على الرجال كان يبالغ؟ أم أن الأمر خطير و أنت لا تشعرين ؟! فقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم (ما تركت بعدى فتنة هى أضر على الرجال من النساء)متفق عليه ، (وفتنة بنو إسرائيل كانت فى النساء)صحيح أخرجه مسلم بل إن الأمر يصل لأعظم من هذا فإن نبي الرحمة الذى بعث رحمة للعالمين يأمر بلعن الكاسيات العاريات فقد قال صلى الله عليه وسلم (سيكون فى آخر أمتي نساء كاسيات عاريات على رؤوسهن كأسنمة البخت ألعنوهن فإنهن الملعونات) صحيح.. ومعنى كاسيات عاريات أى كاسيات فى الصورة عاريات فى الحقيقة , لأنهن يلبسن ملابس لا تستر جسداً ولا تخفى عورة فالغرض من الملابس الستر فإذا لم يستر الملبس كان صاحبه عارياً وهذا ينطبق تماماً على الملابس الضيقة والمفتوحة , أما اللعن فهو الطرد من رحمة الله وكذلك لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم: (الرجل يلبس لبسة المرأة والمرأة تلبس لبسة الرجل) رواه أبو داوود بإسناد صحيح وصححه الألبانى وهذا البنطلون أليس من ملابس الرجال , هذا إن كان واسعاً وإن كان ضيقاً فهو مصيبة أخرى فوق هذا, وهذا الكلام بصريح فتاوى أهل العلم , فقد أفتى الشيخ صالح العثيميين عضو هيئة كبار العلماء بالسعودية أنه (لا يجوز لبس البنطلون حتى ولو كان البنطلون واسعاً فضفاضاً لأن تميز رجل عن أخرى يكون به شئ من عدم الستر ولأن البنطال من ألبسة الرجال) وأيضاً أفتت دار الإفتاء المصرية بما يلي : (لبس المرأة للبنطلون الضيق المفصل لجسدها حرام شرعاً) وكذلك استهان بعض النساء بوضع العطر وترقيق الحاجب وقد قال النبى (أيما امرأة استعطرت ثم خرجت فمرت على قوم ليجدوا ريحها فهي زانية) رواه أبو داود و النسائى , وقال أيضاً ( لعن الله الواشمات والمستوشمات والنامصات والمتنمصات والمتفلجات للحسن المغيرات خلق الله) متفق عليه , والنامصة هى من تقوم بعملية ترقيق الحواجب للنساء , والمتنمصة هى من تطلب ذلك والمتفلجة هى التي تبرد أسنانها ليتباعد بعضها من بعض قليلا وتحسنها. فإذا كان هذا وصف رسول الله صلى الله عليه وسلم لبعض الأشياء التي تستهين بها الكثيرات وإذا حدثك أحد عنها تقولين أنها مبالغة فهل مازلت تقولين كلمة مبالغة؟.
15) أنا أقوم بأعمال صالحة كثيرة وعبادات كثيرة كالصلاة وقراءة القرآن ولا أكذب وهذه الطاعات ستمحوا معصية عدم الالتزام بالزى الإسلامي الصحيح.
وجواب هذا أن الإنسان عموماً يظن أن طاعته أكثر من معاصيه وأن عباداته ستمحوا سيئاته , وهذا ينتج عن أن الإنسان يحفظ عدد حسناته ولا يحاسب نفسه على سيئاته , فإذا صنع جرابين أحدهما للحسنات وآخر للسيئات فإنه يقطع جراب السيئات أما جراب الحسنات فهو سليم فكلما وضع فى جراب السيئات يظل فارغاً بينما جراب الحسنات يراه منتفشاً وهكذا, ومع ذلك فإن قبول الطاعة أمر لا يعلمه إلا الله , وإن عدم الالتزام بالمظهر الخارجي وإبداء المفاتن ليس من صغائر الذنوب بل هو من الكبائر! نعم لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم صور الكاسيات العاريات بأنهن ملعونات , واللعن لا يكون إلا على كبائر الذنوب , فأحسني إلى نفسك ولا تخاطري بالمقارنة بين الحسنات والسيئات من غير علم بحجم السيئات ومن غير أن تعلمى أن التبرج كبيرة تستوجب عذاب جهنم , وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (كل أمتي معافى إلى المجاهرين) ألا تصدقى أن من خالفت أوامر الله ورسوله الصريحة بشأن عدم إبداء الزينة والمفاتن وتخرج إلى الطريق بهذا الشكل هى مجاهرة بالمعاصي؟
16) إن الله غفور رحيم ورحمة الله واسعة , وهل يقارن عدم الالتزام بالزى الإسلامى برحمة الله وعفوه؟
يقول صلى الله عليه وسلمالكيس من دان نفسه وعمل لما بعد الموت والعاجز من أتبع نفسه هواها وتمنى على الله) حسن والترمذى , و قد قال بعض العلماء: من رجا شيئاً طلبه ومن خاف شيئاً هرب منه ومن رجا الغفران مع الإصرار فهو مغرور, والعجب أن القرن الأول عملوا وخافوا ثم أهل هذا الزمان آمنوا مع التقصير واطمأنوا , أتراهم عرفوا من كرم الله تعالى ما لم يعرفه الأنبياء والصالحون؟! ولو كان هذا الأمر يدرك بالمنى فلما تعب أولئك وكثر بكائهم من خشية الله فرحمة الله يلزمها عمل , وقال معروف: رجاؤك لرحمة من لا تطيعه من الخذلان والحمق .
17) قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من قال لا إله إلا الله دخل الجنة , وعدم الالتزام بالزي الإسلامي لا يخرجني عن كوني مسلمة
وجواب هذا أن هذا كلام صحيح ولكن الله تعالى يقول(ولكل درجات مما عملوا ليوفيهم أعمالهم وهم لا يظلمون)19لأحقاف
فنعم من قال لا إله إلا الله خالصاً من قلبه دخل الجنة ولكن بعدما يوفى جزاءه بعد أن ينقيهم الله من المعاصي التي ماتوا وهم مصرين عليها , وذلك بالأمراض والمصائب فى الدنيا فإن بقى عليهم ذنوب تشدد عليهم سكرات الموت فإن بقى ذنوب عذب فى القبر فإن بقى ذنوب لم يأمن فزع يوم القيامة فإن بقى ذنوب عذب فى النار حتى يطهر من الذنوب التي لم يرجع عنها فى الدنيا , ثم لا يبقى فى النار من فى قلبه مثقال ذرة من الإيمان , فهل تصبرين على هذا كله؟ هل أنت جريئة إلى هذا الحد؟ يقول الله تعالى: " أفمن يلقى فى النار خير أم من يأتي أمناً يوم القيامة" فلماذا لا تكون همتك عالية وتطمعين فى مصاحبة الأنبياء والصديقين والشهداء ؟ وما هذا بعسير وإنما بمجاهدة الهوى والوقوف على أوامر الله ونواهيه.
18) أنا أنتظر الهداية من الله ..
وجواب هذا أن هذا القول فيه ظلم لله سبحانه وتعالى إذ أنه هدى الآخرين ولم يهديك, فالله جل وعلا هدى الناس جميعاً, فالهداية نوعان: هداية إرشاد وهداية إعانة , أما هداية الإرشاد: فقد هدى الله الناس جميعاً إلى ما يصلحهم وما يفسدهم وبين لهم المسلم والكافر على سواء , يقول الله سبحانه وتعالى (وهديناه النجدين)البلد:10 أى هدى الإنسان إلى الطريقين الخير والشر وهذه هى هداية الإرشاد , فمن الناس من استجاب ومنهم من أعرض عن أمره فأما من استجاب لأوامر الله ونواهيه هداه الله هداية أخرى وهى هداية الإعانة: يقول الله تعالى (والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا) 69العنكبوت وهداية الإعانة يختص بها الله من سلك الطريق إليه وبذل فيه الجهد , وأما من أعرض فيقول الله تعالى (ومن يعش عن ذكر الرحمن نقيض له شيطاناً فهو له قرين)الزخرف36 أى من يغفل ويعرض نهيأ له شيطاناً يصاحبه ولا يفارقه وتكون مهمته تزيين الدنيا وترغيبه فيها وترغيبه عن الآخرة , وهذه هى الهداية بمعانيها حتى يتبين الأمر ويتضح , ولزيادة الفهم نضرب مثلاً : فإذا كنت أسير فى أحد الشوارع و قابلني شخصين وقالا لي نريد أن نذهب إلى المكان كذا , هل نمشى يميناً أم يساراً ؟ فأرشدتهما إلى السير يميناً (هداية إرشاد للجميع) ثم إذا بأحدهما يمشى يساراً بعكس ما أرشدته فما على إلا أن أتركه وما اختار و ليتحمل هو عواقب اختياره، أما الآخر فقد اتجه حيث أرشدته وسار فى الطريق ولكنه قد يواجه بعض العوائق والعقبات فى الطريق أو كان الجو حاراً مثلاً فإذا بي اصطحبه معي فى سيارتي وأوصله إلى ما يريد (هداية إعانة للمستجيب) إذاً لماذا ساعدت الثاني وتركت الأول ؟ وذلك لأن الأول لم يستمع لكلامي أما الثاني فاستجاب فكان من واجبي مساعدة من استجاب لنصحي . ولله المثل الأعلى فهو قد أرشدنا جميعاً إلى الحق وبين لنا وإن مما بين التزام المرأة بمظهرها الخارجي لما فى ذلك من مصالح ولما فى تركه من مفاسد عليها وعلى المجتمع , فمن أعرضت عن أمر الله تركها وما أختارت بل وقيض لها من يلهما الجدال و الرأي ومخادعة النفس بعدم الاقتناع , وأما من استجابت لإرشاد الله وهدايته هذه فكان حقاً على الله عونها وهدايتها هداية الإعانة وتذليل العقبات . وبشكل أخر إذا فرضنا أن هناك مريضا يعانى آلام المرض ثم يجلس ويقول أن الله هو الشافي , من غير أن يأخذ بالأسباب و يذهب إلى الطبيب ويأخذ الدواء هل تقبلين هذا ؟ كذلك من تقول أنا أنتظر الهداية من غير أن تقدم أسباب لهذه الهداية تتطابق تماما مع من يترك العلاج ويقول أنتظر الشفاء من الله , فقد جعل الله عز وجل لكل شيء سببا .
19) ألسنا كلنا أصحاب معاصي ولسنا ملائكة ؟؟
وجواب هذا أن هذا أمر صحيح ولكنه ناقص فالمعصية شئ وارد ومتوقع من الإنسان لأنه ينسى , ولكن هناك طريقين للمعصية لهما بداية واحدة ولكن تختلف نهايتهما , فآدم عليه السلام أمره الله ألا يأكل من الشجرة فعصى الله وأكل منها , وإبليس أمره الله بالسجود لآدم فعصى الله ولم يسجد له , فهذه معصية وهذه معصية ولكن لماذا لعن الله إبليس وأجتبى آدم عليه السلام , أما إبليس فلعنه الله لأنه أصرّ على ما فعل من معصية الله وأضاف إلى ذلك أنه أخذ يجادل , فالإصرار على المعصية والجدال هما سبب الطرد من رحمة الله ,أما آدم فأعترف بذنبه وأستغفر ربه بعد الندم الشديد فلم يصرّ على ذنبه ولم يجادل , فالندم والاعتراف بالذنب والتوبة هم سبب الاجتباء وحصول الرحمة والمغفرة من الله , فإذا كانت المعصية ولابد فلنأخذ طريق آدم عليه السلام ولا نأخذ طريق إبليس الملعون .
20) الالتزام بالزي الإسلامي الصحيح شئ لابد منه وأنا لا أرى أى مانع بل أنا أنوى فى المستقبل الالتزام.
والجواب أن هذه ليست نية للالتزام وإنما هى أمنية تتمناها , والفرق بينهما شئ واحد ألا وهو العمل , فالنية من غير عمل تكون أمنية , واسمعي قول الله تعالى على لسان الشيطان (ولأمنينهم) أى يجعل نطاق الخير والصلاح محصور فى الأماني المنشودة المفتقرة للعمل , فهي تتمنى أن تصلى وتتمنى أن تقلع عن سماع الغناء ولا تأخذ لهذا كله خطوة عملية فإذا وافاها الأجل وجدت نفسها لا تحمل شئ أو تقول لحظة انقضاء الأجل رب ارجعون لعلى أعمل صالحاً فيما تركت , ولو تخيل أصحاب الأماني ما يؤول إليه حالهم من الندم وتمنى الرجوع للدنيا ليعملوا لما أخروا العمل لحظة واحدة , فالعمل بأوامر الله لا يكون أبدا بالتراخي والتسويف وإنما بالمسارعة وبقوه يقول الله تعالى وسارعوا إلي مغفرة من ربكم وجنة عرضها السماوات و الأرض أعدت للمتقين)آل عمران:133 ,ويقول أيضا خذوا ما أتيناكم بقوة)البقرة:63 ومعنى القوة ليس العنف وإنما أن يكون أمر الله ونهيه مأخوذ بجديه وحزم .
21) الالتزام بالزي الإسلامي يعتبر بمثابة إعلان مواجهة قد لا أنجح فى الثبات مقابلها هذا غير الإحراج الذى قد يسببه لي.
وجواب ذلك لن نذكر لك حال من التزموا وكيف بدلوا إصرارهم على المعصية بالإصرار على الطاعة والمواجهة بثبات وحكمة , وإنما سنقول لك أن هناك إحدى الهالكات قالت وهى تفتخر: أنا أول من لبست شورت فى الجامعة , وكان هذا فى أوائل القرن الماضي فى مصر , وكان الحياء والحشمة هما سمة المرأة فى ذلك الوقت. أرأيت هذه المرأة كيف صبرت على هذا الباطل , فإن الأمر لم يكن سهل بالنسبة لها فلقد واجهت المجتمع بكل إصرار وصبر , هل هى تستطيع و لها الصبر على الباطل وعدم الإحراج منه وأنت لا تقدري أن تصبري والحق معك وكلام الله ورسوله معك ويؤيدك ويؤيد عملك ؟! أم تثقى فى دعم شياطين الإنس والجن لباطلها أكثر من ثقتك فى دعم الله والصالحين لك؟! ثم من قال أنك لم تعلني المواجهة ؟! إنك منذ أول لحظة خالفت فيها أوامر الله بالتزام الزي الإسلامي أنت فى مواجهة و لكن تواجهين الله سبحانه و تعالى , تواجهين رسوله صلى الله عليه و سلم , فأولى بك أن تصالحي الله و رسوله ولا تجعلي الله أهون الناظرين إليك , فإن اخترت طريق الصلاح فدعوات الصالحين ستمنحك القدرة على مجابهة كافة ما تخافين منه وفوق ذلك ربك عز وجل يقول (يأيها الذين ءامنوا إن تنصروا الله ينصركم ويثبت أقدامكم)محمد:7 أى إن تنصري الله بالتزام الزي الإسلامي والمظهر الخارجي الصحيح الذى أمرك به , فإنه حقاً على الله أن ينصرك ويثبتك.
22) أنا مقصرة فى عبادات كثيرة كالصلاة وبر الوالدين أو الغيبة وسماع الأغاني مما يجعل أمر الالتزام بالزي الإسلامي صعب وغير عملي.
وجواب هذا أنك مثلاً كنت فى لجنة الامتحان وجاءتك الأسئلة ولا يحضر فى ذهنك إجابة معظمها؛ أمامك حل من اثنين إما أن تقولي لا قدرة لي على حل الباقي فسأترك الأسئلة كلها , وهذا الحل لاشك سيمنحك رسوباً لا بأس به ,أما الحل الثاني فإنك ستبدئين ولو حتى بسؤال واحد وتقومي بكتابة خطوات الحل بقدر ما تستطيعين ثم السؤال الثاني كذلك وهكذا.. وهذا الحل يمنحك احتمالات نجاح كبيرة , فلربما أعطاك المصحح على هذه الخطوات ما يساعدك على النجاح , وهكذا بعكس الحل الأول , فلو نقلنا ذلك إلى المعاملة مع الله عز وجل ستجدين أنه أمرك بأشياء ونهاك عن أشياء فلو فشلت فى بعض الأشياء ليس من الحكمة أن تضيعي الباقي- فما لا يدرك جله لا يترك كله- فإذا قمت ببعض الخطوات العملية على طريق الطاعة ولو فى أشياء هينه فسوف لا يحاسبك الله عليها فحسب بل سيأخذ بيدك , ولكن بشرط أن تقومي بخطوات عملية ويقيناً ستجدين من الله العون فالله تعالى يقول: (ومن يتق الله يجعل له مخرجاً)الطلاق:2 فالله يقول أن على الإنسان أن يتقى الله أولاً ثم الله سيجعل له مخرجاً وليس العكس.
23) أنا الآن فى صورة من عدم الالتزام عموماً يجعلني من المستحيل أو غير المتخيل أن أكون صالحة بشكل يرضى الله ويرضى نفسي.
وجواب هذا أنه ذكر فى الهجرة الأولى للمسلمين إلى الحبشة أن امرأة من المهاجرات كانت تعد رحالها لترك مكة فمر عليها عمر بن الخطاب- و لم يكن قد أسلم بعد- فقال لها إلى أين يا أمة الله ؟ فقالت نترك لكم هذا المكان فنخرج لنعبد ربنا , فقال لها عمر صحبكم الله فكأنها رأت منه عطفاً , فلما جاء زوجها ذكرت له ما حدث فقال لها كأنك تظنين أن يسلم عمر بن الخطاب فوالله لو أسلم حمار ابن الخطاب ما أسلم عمر بن الخطاب , وكان ما كان من إسلام عمر وصار فاروق الأمة وخليفة خليفة رسول الله , وكم من عاصي قد فعل ما لا يصدق وقال متعللا لقد فعلت ما لا يخطر على بال أحد , ثم وقف مع نفسه وبدل حاله من أقصى المعاصي وأعظمها إلى العبادة التامة , والأمثلة على ذلك كثيرة فقد أثر أن عامة الصحابة قبل مبعث النبي ودخولهم فى الإسلام كانوا يشربون الخمر ما يقارب خمس مرات يوميا , ثم ما أن أسلموا وحرم الله الخمر فاستجابوا لأمره و قالوا انتهينا ربنا صاروا خير القرون وخير خلق الله بعد الأنبياء , وما أروع هذه الآية التي تظهر لنا مدى رحمة الله , هذه الآية فى سورة البروج والقصة المعروفة عن هذا الطاغية الذى أجج نارا لمن يؤمن بالله , فمن وحد الله ألقاه فيها , فمع هذا الجبروت المتناهي يقول الله تعالى : ( إن الذين فتنوا المؤمنين والمؤمنات ثم لم يتوبوا فلهم عذاب جهنم ولهم عذاب الحريق )البروج:10 انظروا إلى (ثم لم يتوبوا ) يعرض الله التوبة على من ؟! على من يلقى بالمسلمين فى النار ! يا لرحمة الله , فإذا كانت الفطرة السوية للإنسان يتم إفسادها أليس من الأقرب والأسهل هو رد هذه الفطرة إلى طبيعتها ؟! ولكن لابد من العمل أو السير فى خطوات عملية فى هذا الطريق.
24) إذا رجعت إلى الله عموماً وتركت معصية ما ثم عدت إليها فهذه سخرية من الله واستهزاء فالأولى أن أكون على ما أنا عليه حتى يأتي الوقت المناسب.
وجوب هذا يكمن فى معرفة التوكل وخلع الحول والقوة من النفس بعد الاعتراف بالذنب , فأنا عبد لله لا قوة لي إلا به ولا أقدر أن أتوب تماماً إلا إذا أعانني الله , فعلى أن آخذ بأسباب التوبة كترك المعصية وأسبابها ومن يشجعني عليها وهكذا بصدق مع الله فإذا ما حدث وأن وقعت فى نفس الذنب أو فى غيره بعد أن تبت إلى الله وأخلصت التوبة والصدق فلا بأس أبداً وهذا شئ وارد , ومن قال أن هذا استهزاء بالله فهو جاهل, نعم وبملء الفم هو جاهل, وما عليك إلا أن تندمي على هذا الذنب تارة أخرى وتعيدي التوبة والاجتهاد بالأسباب العملية وصدق اللجوء إلى الله بعدم العودة , عن عقبة بن عامر الجهني أن رجلا قال: "يا رسول الله أحدنا يذنب قال: يكتب عليه قال: ثم يستغفر منه ويتوب قال: يغفر له ويتاب عليه قال: فيعود ويذنب قال: يكتب عليه قال: ثم يستغفر منه ويتوب قال: يغفر له ويتاب عليه قال: فيعود ويذنب قال: يكتب عليه قال: ثم يستغفر منه ويتوب قال: يغفر له ويتاب عليه، ولا يمل الله حتى تملوا, أى أن الله لا يمل من التوبة والمغفرة على عبده حتى يمل العبد من الاستغفار والندم والتوبة إلى الله , وقد قال الله تعالى (إن الله يحب التوابين ويحب المتطهرين)البقرة:222 ولم يقل أن الله يحب التائبين لأن التواب هو كثير التوبة و الرجوع فإذا وقع فى ذنب اعترف وندم ونوى ألا يصر باتخاذ الأسباب المعينة على ذلك وصدق اللجأ إلى الله فيتوب فإذا وقع ثانية بادر ثانية وإذا وقع ثالثة بادر ثالثة وهكذا حتى لو كان ألف مرة أو أكثر , فإن رسول الله قال إن الله سبحانه وتعالى يقبل التوبة من العبد مالم يغرغر) حسن الترمذي فهل شجعك هذا كله على الدخول فى أى عبادة أو ترك أى معصية من غير خوف من الوقوع ثانية؟
(وسنعرض لك لاحقا بحثا ملخصا عن عوامل الثبات على الالتزام وعدم التقهقر والانتكاس)
25) الالتزام بالزي الإسلامي الصحيح قد يضطرني إلى ترك أشياء تعودت عليها ولا أقدر مفارقتها.
وجواب هذا أن هذا الرأي يعتبر فى صالحك , فالعبرة بالفائدة فى النهاية , فإذا كان ما تعودتى عليه يضر بمصلحتك مع الله فإن هذا الالتزام هو من باب التشجيع أو الدواء أو السبب الذى يسمو بك إلى أعلى , فأنت قد تكوني تعودت على سماع الغناء ومصلحتك مع الله لا تستقيم فى وجود الغناء , فيكون الالتزام دواء قد يكون مر الطعم ولكنه يصح البدن , وقد تكوني تعودت على الانبساط فى معاملة الرجال والتساهل نسبياً فيكون الالتزام بالمظهر الخارجي الإسلامي نافعاً لك وسبباً ومنقياً لعدة شوائب وأمراض وعادات قد تعودت عليها وهى لا ترضى الله , لم تكوني لتقلعي عنها وتتركيها إلا بهذا الدواء الذى قد يكون مراً بعض الشيء كما ذكرنا ولكنك ستشعرين بحلاوة الإيمان التي حقاً على الله أن يهبها لمن أطاعه وخاصة إذا كانت طاعة تستوجب خلع عادات أو تقاليد قد تعود الإنسان عليها وهى لا ترضى الله.
ألم تلاحظي شيئاً هاماً جداً فكثير ممن اشتغلن بالفن والغناء قديماً وحديثاً ما كان دوائهم؟ فإنهم لم يقولوا التزمت فلانة بالصلاة أو بالصيام مثلاً بل قيل التزمت فلانة بالحجاب، أو ارتدت فلانة الحجاب فكان فاتحة خير لها لمزيد من الطاعة كالصلاة والصيام وتغيير نظام الحياة كلها إلى الأفضل , فالحجاب والالتزام بالمظهر الخارجي يعتبر فاتحة خير على المرأة أو الفتاة بمزيد من الصلاح والتقرب إلى الله , فلا تحملي نفسك هما إذا أردت الدخول فى طاعة وإنما توكلي على الله وأسلمي نفسك إلى طاعة الله ولن تندمي أبداً , ولا يخدعنك الشيطان والحاسدين أن الأمر ليس باستطاعتك أو أنك أقل من أن تقومي بهذا التغيير .
26) الالتزام بالزي الإسلامي على الوجه الصحيح سيضر بعلاقتي مع الأهل والأقارب والأصدقاء.
يقول الله تعالىإن الذين ءامنوا وعملوا الصالحات سيجعل لهم الرحمن ودا)(96:مريم) فتيقن من أن طاعتك لله و قصد مرضاته وحده ستوجب لك محبة الناس فى النهاية و على العكس من ذلك فطلب مرضاة الناس عن طريق معصية الله ستوجب لك بغض الناس فى النهاية , يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم إن الله تعالى إذا أحب عبداً دعا جبريل, فقال: إني أحب فلانا فأحببه, فيحبه جبريل, ثم ينادى فى السماء, فيقول: إن الله يحب فلانا فأحبوه فيحبه أهل السماء ثم يوضع له القبول فى الأرض , وإذا أبغض عبدا دعا جبريل , فيقول: إني أبغض فلانا , فأبغضه, فيبغضه جبريل, ثم ينادى فى أهل السماء : إن الله يبغض فلانا فابغضوه, فيبغضه أهل السماء ثم يوضع له البغضاء فى الأرض)رواه مسلم
وستجدين عند الالتزام عموماً مواجهة مع من هم فى محيط تعاملك , هذه المواجهة تكون من فريقين, أما الفريق الأول: فهم المخلصون فى حبهم لك ويتمنون الخير لك ولكنهم لا يصدقون الواقع الذى تغيرت إليه وفوجئوا به , وهؤلاء سرعان ما يتغير موقفهم منك ويقفوا بجانبك وفى صفك بل ويشجعوك وهذا أمر مجرب ,أما الفريق الثاني فأولائك يواجهونك من باب الحقد والحسد , فكثير من الأقران يحسبهم الإنسان يحبوه ولكن إذا حصل على فائدة أو شئ عظيم يبدوا عليهم الحسد والحقد وذلك بالمواجهة التي تكون بأشكال شتى كالسخرية أوالزجر أوالوسوسة وأن هذا الطريق صعب وفيه كذا وكذا وأنك لا قدرة لك على هذا الأمر؛ فأمعني النظر فيمن حولك ولا تكوني ساذجة فإن من لا يفرح لك بفائدة تحصيلها أو شئ عظيم تدركيه- وليس أعظم من الرجوع إلى الله فائدة- فإن هذه الفئة تحقد عليك ولا تستحق إخلاصك.أما إن كان لهؤلاء الأصدقاء أو غيرهم أو التقليد هو الذى يمنعكن الالتزام بالزي الإسلامي فى قول الله تعالىويوم يعض الظالم على يديه يقول ياليتني اتخذت مع الرسول سبيلا.ياويلتى لم اتخذ فلاناً خليلا)(27.28:الفرقان)
27) إذا التزمت بالمظهر الإسلامي الخارجي مع وقوعي فى بعض المعاصي والذنوب فهذا يعتبر نفاق.
وجواب هذا أن هذا سوء فهم يوحى به الشيطان إليك ليصدك عن أمر الالتزام ويشعرك بصعوبته , فسؤال هل كل من التزمت بالزي الإسلامي هى نقيه تماماً من الذنوب والمعاصي؟ لو كان الأمر هكذا فلن يلتزم أحد أبداً بالمظهر الإسلامي الصحيح ,وإنما لحل هذا الإشكال يجب عليك أن تعرفي أن الالتزام بالزي الإسلامي عبادة والصلاة عبادة وعدم الغيبه والنميمة عبادة وعدم سماع الأغاني عبادة وكل عبادة هى مستقلة عن الأخرى , فرسول الله صلى الله عليه وسلم يقول( ما نهيتكم عنه فاجتنبوه وما أمرتكم به فأتوا منه ما استطعتم) رواه البخاري ومسلم. فلم يقل أبداً من لم ينتهي عن المعصية فلا طاعة مقبولة له , فلم يبنى عبادة على عبادة أخرى بل إن الله سبحانه وتعالى يقول(إن الحسنات يذهبن السيئات)(114:هود)ولم يقول إن السيئات يذهبن الحسنات ويقول صلى الله علية وسلم(الصلوات الخمس والجمعة إلى الجمعة كفارة لما بينهن ما لم تغش الكبائر)رواه مسلم. فالواقع فى الذنوب أمر وارد ولكن أن يصدنا هذا عن التوبة وعن إستئناف فعل الطاعات فهذا من التلبيس, فلا تنصاعي للشيطان أن يصدك عن الدخول فى الطاعة أو مجرد التفكير فى ذلك فأنت أوعى من أن يخدعك الشيطان بمختلف العقبات الواهية التي يبنيها ويضعها فى وجهك حتى تشعري أن الطريق صعب , فاذكري قول الله تعالى : (إن كيد الشيطان كان ضعيفاً)(76:النساء) فهو يكيد ويمكر ويزين المعصية ويكرهك فى الطاعة ويقول لك إذا التزمت بالظاهر ثم وقعت فى معصية فإن هذا نفاق , وذلك من غير سلطان ولا إجبار, إنما إذا قابل ذلك هوى عندك يحدث الوقوع والانصراف عن الطاعة , وهذا قول الله تعالى على لسان الشيطان فى النار وقال الشيطان لما قضى الأمر أن الله وعدكم وعد الحق ووعدتكم فأخلفتكم وما كان لي عليكم من سلطان إلا أن دعوتكم فاستجبتم لي فلا تلوموني ولوموا أنفسكم).. 22 إبراهيم.
28) الالتزام بالمظهر الخارجي المأمور به قد يجعلني أبدو كأني معقدة وسيفقدني روح المرح والانبساط مع الجميع.
وجواب هذا أنك إذا كنت تقصدين بالمرح والانبساط مع الجميع بما فى ذلك الرجال من غير المحارم فنعم الالتزام بالزي الإسلامي سيمنعك من هذا لما ينتج عنه من ضرر قد لا تشعرين به , فإن المرح والانبساط مع هؤلاء من غير محارمك وإن كان من غير قصد سوء منك فإنه ينتج عنه أضرار كبيرة , فقد قال الله تعالى لزوجات النبي (فلا تخضعن بالقول فيطمع الذي في قبله مرض.وقلن قولاً معروفا)(32:الأحزاب) أي لا تلن القول ولا يكن فى صوتكن ميوعة عندما تخاطبن الرجال(وهن الطاهرات العفيفات) والقول المعروف : هو الكلام المعتدل الذى لا ميوعة فيه فما بالك بالمرح والانبساط , نعم أنت قد تكوني طاهرة القلب ولكن أنت لا تتدركي قلب هذا الذي تنبسطي معه ولا تعرفي كيف ينظر إليك , فكان الالتزام بالزي الإسلامي و ما ينتج عنه من وقار وأدب وعدم تبسط في معاملة الرجال هو من قبيل حمايتك من طمع مريض القلب وأنت لا تدركين أو من غير قصد منك. وإذا كان المقصود بالمرح والانبساط مع المحارم كالأب والعم والأخ والخال والزوج (وليس منهم ابن العم والعمة وابن الخال و الخالة) وكذلك الانبساط مع النساء بما فيهم أهلك كأمك وعمتك وخالتك وباقي النساء فهذا أمر لا بأس به أبداً ولا مانع منه , فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان طلق الوجه منبسطاً وكان صلى الله عليه وسلم يمزح ولا يقول إلا صدقا .
29) كلما أردت النهوض للقيام بعمل صالح أو الانتهاء عن معصية أجد شيئاً ثقيلاً يمنعني ولا أعرفه.
وجواب هذا تخيلي مثلاً أن علاقة صداقة حدثت بينك وبين أحد زميلاتك ثم جاء وقت الفراق فماذا ستشعرين ناحيتها ؟ ستشعرين بالوحشة وأنك لا تريدين مفارقتها وقد تتشبثي بها ,فكذلك أنت أقمت علاقة قوية مع الشيطان غناء ونميمة وكذب واستخفاف بأوامر الله ورسوله وجراءة على ما نهى عنه الله و رسوله , ثم تريدين خلع كل هذا وهذا لا يكون سهلاً بالدرجة التي تتخيلها , فإذا أردت الخروج عن طاعة الشيطان سوف لا يفرط فيك الشيطان بسهولة ولكن ليس معنى هذا أنه شئ غير ممكن ولكن هو يحتاج منك بعض الجهد , وقد تغلب على هذا الأمر الكثير والكثير , فهم لا يملكون ما لا تملكيه وليست عندهم قوة أنت تفقديها وإنما هى الرغبة فى ما عند الله و تفضيله على ما سواه و التوكل عليه , ثم اعتبري بحال هاجر عليها السلام لما تركها سيدنا إبراهيم فى صحراء مكة من غير أنيس فسألته مرارا أين تذهب و تتركنا ؟ فجعل لا يلتفت إليها , فقالت له: آلله أمرك بهذا ؟ قال: نعم, قالت: إذن لا يضعنا الله . تخيلي امرأة مع رضيعها فى صحراء موحشة من غير أنيس ولا ما يكفى من الطعام و الشراب ثم ترضى بأمر الله و تقول إذن لا يضيعنا الله , أليس من الأولى أنك إذا أمرك الله بالتزام الزي الإسلامي الصحيح أن تستجيبي و تقولي : إذن لا يضيعني الله ؟!
30) أنا غير متفقهة فى الدين وليس عندى ثقافة إسلامية جيدة هذا يعيقني عن اتخاذ قرار الالتزام بالزي الإسلامي الصحيح؟
وجواب هذا أنه أمر يسير جداً وهذا ليس كلامي فقد قال الله تعالى ولقد يسرنا القرآن للذكر فهل من مدكّر)القمر:17 قد يكون بعدك فقط عن السؤال وطلب العلم الشرعي هو الذى يشعرك أن الأمر عظيم وإنما هو على العكس من ذلك تماماً , فإنه بكتيب صغير لا يتعدى ثمنه نصف جنيه يمكنك معرفة الكثير من الأمور الشرعية الهامة, وهناك العديد من الوسائل المساعدة كالشرائط الإسلامية للخطب والدروس العلمية , وكذلك الكتب باختلاف أنواعها وأحجمها وأساليبها ؛ فمن اليسير جداً أن تسألي إحدى الملتزمات أو المكتبات الإسلامية عن الموضوع أو الأسلوب الذى تريديه , فهناك الكتب الكبيرة والصغيرة والقديمة والحديثة وهناك أسلوب قد يكون ثقيلاً عليك بعض الشيء وهناك ما هى بأساليب مبسطة جداً تصل لدرجة فهم الأطفال , فستجدى معروضاً كبيراً ليس عليك إلا السؤال والطلب , وستجدي فى وقت قصير جداً أنك بعد القراءة والتعلم ومعرفة الأوامر والنواهى وكذلك الفتاوى الشرعية وآراء العلماء فى الأمور المختلفة ما يجعلك فى درجة جيدة جداً من المعرفة والإلمام بأغلب أمور الشرع التي تهمك واستعيني بالله.
31) ما هو الحافز والعائد على من الالتزام بالزي الإسلامي؟
وجواب ذلك أن أكبر فائدة هى أن الالتزام بالمظهر الإسلامي هو فى حد ذاته طاعة لله و عبادة كالصلاة والصيام مفروضة لا خيار فيها , فمن فعلتها فهي طائعة ولها الأجر العظيم عند الله ومن تعرض فهى عاصية لله ولأمر من أهم أوامره ,فأنت بالتزامك بالزي الإسلامي تضعي نفسك فى ركاب الطائعات العابدات لله , وللطاعة نور فى القلب والوجه ومحبة فى قلوب الخلق لأن الله يحب الطائعين ويقول رسول الله صلى الله عليه وسلم إن الله تعالى إذا أحب عبداً دعا جبريل, فقال: إنى أحب فلانا فأحببه, فيحبه جبريل, ثم ينادى فى السماء, فيقول: إن الله يحب فلانا فأحبوه فيحبه أهل السماء ثم يوضع له القبول فى الأرض , وإذا أبغض عبدا دعا جبريل , فيقول: إنى أبغض فلانا , فأبغضه, فيبغضه جبريل, ثم ينادى فى أهل السماء : إن الله يبغض فلانا فابغضوه, فيبغضه أهل السماء ثم يوضع له البغضاء فى الأرض)رواه مسلم , وهذا يفسر طهارة القلب والوجه للطائع , فعند النظر إليه يهدأ القلب ويستريح إليه لا لشيء إلا أن طاعته أوجبت حب الله له وحب الله أوجب حب الناس له , وعلى العكس من ذلك إذا نظرتي إلى أحد العصاة تجدي ظلام القلب على وجهه ولا يستريح قلبك إليه لا لشيء إلا لأن معصيته أوجبت له سخط الله وسخط الله أوجب له بغض الخلق له.
- وأيضاً نجد الطاعة تساعد على القيام بطاعة أخرى وتكون حاجزاً عن القيام بمعصية , فإن من التزمت بالزي الإسلامي تجديها كثيرة الطاعات ويسهل عليها فعل الخير ويكون التزامها بالزي الإسلامي والمظهر الخارجي فاتحة خير لها لفعل المزيد من الطاعات والعبادات.
- وإذا قامت بمعصية تكون ثقيلة تفكر كثيراً قبلها وإن وقعت فيها فإنها توفق للتوبة أسرع من غيرها وما هذا إلا لأنها محفوظة بحفظ هذه الطاعة , وعلى العكس من ذلك من عصت الله وأظهرت مفاتنها إذا حاولت القيام بطاعة أو عبادة تحسب لها ألف حساب وتكون ثقيلة أما المعصية عندها فهى شئ تافه يسهل خلق ألف عذر وعذر والجدال عشر ساعات , ولا تشعر بألم فى الضمير من جراء هذا الذنب الذى هى لا تشعر أنه ذنب أصلاً وللأسف , وما هذا إلا لأنها عندما تهاونت صار الأمر عندها عادة وألفت عليه فإذا نبهها أحد تشعر وكأن الكلام لا يخصها أصلاً.
- ولكي تضح فائدة الالتزام بالزي الإسلامي نعرض جزء مما تعانيه الغير ملتزمة بالمظهر الإسلامي الصحيح :
( الغفلة والتغافل ) عما يدور حولها , فإنها عند خروجها بمظهر يثير الغرائز الفطرية
-سواء عن قصد أو غير قصد- فإن من حولها إن كانوا فاسدين فهي تعتبر وسيلة لزيادة إفسادهم -شعرت بذلك أم لم تشعر- أما إن كانوا يتقون الله فوالله لا يرونها إلا عنصراً هداماً فى المجتمع منهم من يسأل الله لها الهداية وكثير منهم من يدعوا عليها موافقة لأمر النبي على الكاسيات العاريات (العنوهن فإنهن الملعونات) ثم تظن جاهلة أنها ما دامت لا تمكن أيدي الرجال من جسدها فهي الشريفة العفيفة و هذا من غفلتها و جهلها ألم تعلم أن العين وسيلة إدراك كما أن اللمس واليد وسيلة إدراك ؟! هذا بالنسبة للرجال , أما نتيجة فعلها على أقرانها من بنات جنسها فهي قدوة لهم وعذر عندهم يحتجون بها حتى يفعلوا مثلها , كما أنها تكثر سواد العاصيات المبارزات لله بالمعاصي المجاهرات بمخالفة أوامره , فهي وإن لم تقل بلسانها فهي تقول بفعلها (وقول الفعل أمضى وأشد تأثيراً من قول اللسان) تقول: (ها أنا ذا أعصى الله فقد أمر بالستر وعدم إظهار المفاتن وأنا لا أرضى بهذا فهلموا إلى من أراد أن ينظر فلينظر من غير مقابل فما تزينت إلا من أجلكم ومن أرادت أن تشابهني فلتفعل فأنا أمامكم من غير مكروه هيا انظروا إلي!!!!) طبعاً هذا الكلام لو سمعته من تبيع نفسها بالمال لقالت والله أنا لا أقول هذا , ونحن لا نكذبك أنت لا تقولينه بلسانك ولكن حالك ومظهرك هو الذى يتكلم بهذا- قصدت أم لم تقصدي شعرتي بذلك أم لم تشعري- ولكن هذا والله هو نتيجة استخفافك بأوامر الله وأنت غافلة , ومع ذلك لك على كل هذا عقوبات ومنها ومن أشدها عدم الشعور بأنك على معصية , فإذا تكلم أحد عن المظهر الإسلامي كأن الأمر لا يعنيك وتشعرين فى قرارة نفسك أن هذا غير موجه لك أنت شخصياً فيؤدى ذلك إلى الإصرار والتمادي فى الزيادة وينتج عن هذا كله العقوبة من الله فى الدنيا , وتبدو وتظهر فى صورة الهم والحزن والغم الغير معلوم سببه (بالنسبة لها كغافلة) ألم تسمعي قول الله تعالى ومن أعرض عن ذكرى فإن له معيشة ضنكا)طه:124 فهي قد تقوم من النوم صباحاً وهى تشعر بغم وضيق فى الصدر ولا تدرى ما السبب و يزداد عندها الشعور بالخوف من المجهول ولحظات الحسرة والمبالغة فى الانفعالات وعدم تقدير الأمور والإحساس بالاكتئاب و بالملل من كل شئ وعدم الصبر على الوحدة أوالانفراد بالنفس و استثقال سماع القرآن وكلام الصالحين , كل هذا وغيره كثير هو من عقوبات الله على المعاصي وهذه هى بعض العقوبات الدنيوية فما بالك بما فى الآخرة , فالعجب كل العجب أن تقول أنا أشعر بهذا كله ولا أعرف ما هو السبب ؟! ألم تعلمي أنها المعاصي ؟! أما تعلمي أن الله لا يظلم الناس شيئاً ؟! هل كل من أصيب منك بنظرة أصابته حسرة وتمنى يذهب هكذا من غير عقوبة؟! هل من تأست بك وقلدتك لا تحاسبي عليها واحدة واحدة ؟! هل أوامر الله ونواهيه التي لم تجد عندك إلا الجدال والروغان حولها ستذهب هكذا من غير عقوبة؟!
وعلى الخلاف من ذلك تجدي من التزمت بأمر الله والتزمت المظهر الإسلامي الصحيح إذا سارت فى الطريق دعا لها الصالحون وقالوا أكثر الله من أمثالك وبارك فيك لأنك سلمتينا من الفتنة وإيقاظ الغرائز باحتشامك وعدم إلحاحك فى لفت النظر إليك وأدبك ووقارك يا ليت كل الفتيات والنساء مثلك , وإذا رآها الفجرة أعرضوا عنها فهل أبدا رأيت ملتزمة بالزي الإسلامي يضايقها فى الطريق فاسد أو ينظر إليها أحد الدون نظرة تخدش حيائها هل رأيت أحد المنحلين يفترس من هى ملتزمة بالزي الإسلامي بعينه ويقلب نظرة فى معالمها كالمسعور فهذا الفاجر المنحل لا يجرأ على هذا كله فهو على قلة الوازع الديني عنده يقر لها بالاحترام لأنها هى التي أجبرته على ذلك بالتزامها منهج ربها , وكذلك إذا رأتها أخرى وقلدتها وتأست بها فلها أجر من تأست بها فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلممن سن فى الإسلام سنة حسنة فله أجرها وأجر من عمل بها من بعده من غير أن ينقص من أجورهم شيء, و من سن فى الإسلام سنة سيئة كان عليه وزرها و وزر من عمل بها من بعده من غير أن ينقص من أوزارهم شيء) صحيح رواه مسلم .
فهي لها على كل حال الأجر العظيم من الله لأنها أطاعته بما أمر به ونهى عنه ولم تجادل ولم تراوغ وإنما قالت يا رب سمعت وأطعت فسلمها الله وحفظها الله وأنار قلبها ووجهها ونتيجة ذلك كله هدوء البال والطمأنينة وعدم الخوف يكفى أنها تشعر أنها من الطائعات لله ومحفوظة من الله فرسول الله صلى الله عليه وسلم قال : (احفظ الله يحفظك)رواه الترمذي فهي حفظته بالوقوف على أوامره ونواهيه وهو سبحانه حفظها فى الدنيا والآخرة .
- وأيضاً من صفات الغير ملتزمة بالمظهر الإسلامي ضعف الشخصية فهي لا تستطيع التفرد بقرار شخصي إيجابي دون الرجوع إلى غيرها فهي تحسب ألف حساب عند خروجها من سيراها ومن سيقابلها وكيف يكون حالها حيال ذلك ,و المصيبة الكبرى لو سارت فى الطريق و لم يلتفت إليها أحد فيضيق صدرها بعكس ما لو التفت الجميع إليها و لو كان بكلام جارح فإنها تشعر براحة و إن أظهرت عكس ذلك فإن همتها تنصب على إعجاب الآخرين بشكلها و انبهارهم بها حتى لو كان الملتفتين إليها السفلة والمنحطين .
- ومن صفاتها أنها تخلط بين (الجراءة) وقلة الحياء وهذا أمر خطير جداً فالمرأة هى مضرب المثل فى الحياء أما ما يبدو من الجرأة فى الملبس والتعامل مع الرجال فهذه جراءة على الله وعلى أحكامه ليست غير ذلك , يقول صلى الله عليه وسلمالحياء من الإيمان و الحياء خير كله)متفق عليه
- أما (الجدال) فحدث ولا حرج فلا تكاد تقيم لها حجة حتى تجادل فى أخرى وهى لا تعلم أن الشيطان من خلفها لن يمل فى أن يلقنها ما تجادل به حتى تهلك نفسها .
- و من صفاتها أيضاً ( مخادعة النفس ) فهي ترى أنها على خير فهي أفضل من فلانة وفلانة تفعل كذا وكذا, فما تفعله هى فقليل بالنسبة لهؤلاء وأن ما تقوم هى به لا يحتاج إلى توبة أصلاً, ومن المعلوم أن الإنسان لا يكاد ينظر إلى من هو أسوأ منه حالاً حتى يحصله وترى أن ما تقوم به يسير وبسيط لا يستدعى كثير اهتمام فهو شئ تافه يقول الله تعالى (وتحسبونه هيناً وهو عند الله عظيم)النور:15 فهذا من أضر الأمراض فإنه فى علم الطب أن الأمراض الخبيثة الفتاكة لا يشعر المريض بأي ألم إلا عندما يستمكن المرض ويتفشى فى سائر البدن نسأل الله العافية, فالألم الحسي إذن نعمة إذ أنه ينبه المريض إلى موقع الألم فيسعى فى مداواته وكذلك الألم المعنوي أى الندم والشعور بالذنب وعظم الخطأ هو أيضاً ينبه ويكون بادرة طيبة للعلاج.
- ومن الأمور الواضحة أيضاً أمر( الهمة ) فإن الملتزمة بالزي الإسلامي الصحيح تتمتع بهمة عالية وطموح واقعي وعملي وفى نفس الوقت عظيم, فقدوتها الصحابيات والصالحات من نساء المؤمنين فهي تضع نصب عينها مثلاً الخنساء التي أوصت أبنائها الأربع يوم القادسية فقالت: (أيا بنى إنكم أسلمتم طائعين وهاجرتم مختارين والله الذى لا إله إلا هو إنكم لبنوا رجل واحد كما أنكم بنو امرأة واحدة ما هجنت حسبكم وما غيرت نسبكم وأعلموا أن الدار الآخرة خير من الدار الفانية ، اصبروا ، ورابطوا، واتقوا الله لعلكم تفلحون، فإذا رأيتم الحرب قد شمرت عن ساقها وجللت ناراً على أرواقها فيمموا وطيسها وجا لدوا رسيسها تظفروا بالغنم والكرامة فى دار الخلد والمقامة) فلما علمت بقتلهم قالت: (الحمد لله الذى شرفني بقتلهم وأرجو من الله أن يجمعني بهم فى مستقر الرحمة ) هذه أحد الأمثلة التي تقتدي بها الملتزمة تقتدي بنساء هن أفضل من ألف رجل , وذلك بعكس الأخرى التي همتها لا تعلوا عن موضع قدمها فإن أعظم أمانيها أن تشبه وتحاكى المغنية الفلانية أو الممثلة الفلانية أو تعرف معلومات شخصية عن هذا المطرب أو هذا الممثل وترى أن الأولاد يأتون بعد الزواج على أى شكل ولا يهم أن يكون صالحاً أم يزيد الفاشلين فاشلاً بعكس التي ترجو من تربية ليصلح الله به الأمة وينفع به الإسلام والمسلمين.
- ومن فوائد الالتزام بالزي الإسلامي توفير المال وعدم الخيلاء والاعتزاز بالهوية الإسلامية , فإن الملتزمة بالزي الإسلامي لا تبتلى بالإسراف والخيلاء فهى تلبس ما يستر جسدها من غير تكبر ولا تبغي من وراء ذلك لفت نظر الآخرين , وإذا سارت تسير بسكينة وطمأنينة بعكس من يجبرها مظهرها - المطابق لما جاءت به وفرضته الموضة- من تصنع فى مشيتها وتكبر وصلف وكأن الكبر والغرور ملئها.
- وإذا كنا قد ذكرنا ( الموضة ) فلابد أن نقف عندها قليلاً فمن المعلوم للجميع إلا من يتجاهل أن صناع الأزياء ومصممي الموضة فى العالم معظمهم من اليهود ولا تظني أن الموضة والأزياء والصيحات العالمية لا تتعدى فساتين السهرة أو الملابس العارية بشكل صارخ وإنما أيضاً تمتد لتصل إلى غطاء الرأس والعبائة وما شابه ذلك فإن المرأة التي لا تستطيع خلع غطاء الرأس مثلاً يمكن الوصول إليها من نواحي أخرى عديدة مثل شكل غطاء الرأس ولونه وطريقة لفه على الرأس وكذلك أيضا أشكال الملابس وألوانها التي يصفونها بملابس المحجبات وهذه هى مهمتهم , وإن ما تطفح به الموضة علينا عموماً والقبول بها هى من قبيل التشبه بالكفار فقد قال صلى الله عليه وسلم (من تشبه بقوم فهو منهم )صحيح, فأين أنت من هذا ؟ فيكون بذلك الالتزام بالزي الإسلامي من أفضل فوائده الشعور بالهوية والاعتزاز بالهوية الإسلامية فلا تصير المرأة أو الفتاة لعبة فى يد اللاعبين يوماً يلبسونها قصيراً فتلبس ويوماً ضيقاً فتلبس ويوماً مفتوحاً فتلبس ويوماً هذا اللون اللافت فتلبس وهكذا وكأنها أداة عرض يعرضون عليها ما يرونه هم وليس لها حتى أن تقتنع أو تناقش أو تجادل كما تفعل مع من يدعوها للالتزام وإنما تقول للموضة ما علينا إلا السمع والطاعة0
- أما أمر ( الهوية ) هذا فأمر خطير يحسب له ألف حساب إلا عندنا نحن فهذا الرئيس الأمريكي الأسبق فى كتابه (انتهز الفرصة) يقول: (إننا لا نخشى الضربة النووية ولكننا نخشى الإسلام والحرب العقائدية التي قد تقضى على الهوية الذاتية للغرب) ومع هذا فينا من يطلب التقدم بالتبعية المطلقة للغرب وليس هذا إلا بسبب الانهزامية وروح العجز والفشل وانعدام الشخصية الذاتية وهذه كلها جزء من فوائد الالتزام بالزي الإسلامي الصحيح وهذا بعكس من تلتزم هواها وما يمليه عليها أعدائها فهي تشعر بفجوة بينها وبين الله وبينها وبين الخيرين.
32) ما هى صفات المظهر الإسلامي والزي الإسلامي الكامل الصحيح الذى يرضى الله عز وجل؟
وجواب هذا أن الزي الإسلامي للمرأة ليست له صفات إنما هى صفة واحدة لا ثاني لها ألا وهى: عدم إظهار المرأة لزينتها ومفاتنها فقط أى أنها تلبس الملبس الذى لا يظهر مفاتنها حتى لا تلفت أنظار الرجال وتحدث الفتنة.. وما الفتنة؟ هى نظر الرجال إليها والنظر يتبعه إدراك والإدراك يتبعه تفكير وتخيل فإما أن يكون المراد صعب المنال فينكسر القلب وينشغل أو يكون المراد سهل المنال فتنتشر الفاحشة فلهذا سد الله عز وجل عنا هذه الفتنة من أولها وذلك بستر المرأة مفاتنها وزينتها وكل ما يلفت نظر الرجال إليها , وعلى هذا يصح السؤال بكيف تستر المرأة زينتها؟؟؟
وقبل الرد على هذا السؤال أعرض لك قصة قصيرة , الشاهد منها له علاقة وطيدة بالرد على هذا السؤال وسأترك لك ربط هذه القصة بالرد على السؤال.
كان هناك قوم من اليهود من بعد موسى عليه السلام وكانوا يسكنون بجوار البحر وقد حرم الله عليهم الصيد يوم السبت فعمد رجل منهم فأخذ حوتاً سراً يوم السبت فربطه بحبل ثم أرسله فى الماء و أوتد له وتداً فى الساحل وأوثقه ثم تركه حتى إذا كان الغد جاء فأخذه (أى أنه لم يأخذه فى يوم السبت) فانطلق فأكله حتى إذا كان يوم السبت الآخر عاد لمثل ذلك (ففعل الناس كما فعل هذا الرجل) ثم كان العقاب من الله بأن مسخهم قردة وخنازير. والشاهد من هذه القصة أن الاحتيال والدوران حول أوامر الله ونواهيه شئ ميسور ولكن عقابه شديد فى الدنيا والآخرة .
وبعد هذا (نعرض) لك كيفية ستر المرأة زينتها من خلال كلام الله عز وجل ورسوله صلى الله عليه وسلم :
1- قول الله تعالىوقرن فى بيوتكن ولا تبرجن تبرج الجاهلية الأولى...)الأحزاب:33,أى ألزمن بيوتكن و لا تكثرن من الخروج, ولا تبرجن : أى لا تبدين الزينة و المحاسن الواجب سترها .
2- قول الله تعالى : (يأيها النبي قل لأزواجك وبناتك ونساء المؤمنين يدنين عليهن من جلابيبهن ذلك أدنى أن يعرفن فلا يؤذين و كان الله غفورا رحيما)الأحزاب:59, يدنين عليهن من جلابيبهن : أى يرخين ويسدلن عليهن ما يستترن به و تسدلها حتى تقترب من الأرض .
3- قول الله تعالى : (ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها وليضربن بخمرهن على جيوبهن)النور:31, أى لا يظهرن مواضع زينتهن من الجسد, وليضربن بخمرهن على جيوبهن : أى وليلقين و يسدلن أغطية رؤوسهن على موضع فتحة الثوب فى أعلى الصدر.
3- قول الله تعالى ولا يضربن بأرجلهن ليعلم ما يبدين من زينتهن)النور:31
4- قول رسول الله سيكون فى آخر أمتي نساء كاسيات عاريات على رؤوسهن كأسنمة البخت العنوهن فإنهن الملعونات) صحيح , ومعنى كاسيات عاريات: أى كاسيات فى الصورة عاريات فى الحقيقة لأنهن يلبسن ملابس لا تستر جسداً ولا تخفى عورة فالغرض من الملابس الستر فإذا لم يستر الملبس كان صاحبه عارياً.
و لزيادة التوضيح:
1- أن يكون الجلباب أو الخمار أو الإسدال نازلاً من الرأس إلى أسفل مروراً بفتحة الصدر(الدى كولتيه) والأكتاف ، بحُريه , وغطاء الرأس الذى يلف ويحزم به الرأس ويكورها ليس من ذلك , إنما المقصود هو النزول من الرأس إلى أسفل بحُرية.
2- أن يكون واسعاً ولا يكون ضيقاً , كأنواع البلوزات والبنطلونات المطاطة (الاسترتش) وكذلك غطاء الرأس الذى يلف ويحزم به الرأس ويكورها , وكذلك لا يكون مساو لحجم الجسد كالعباءة والجلباب و(التونيك) المساوي لحجم الجسم فيرسم السمينة كأنها رفيعة والنحيفة كأنها ممتلئة ، مع مراعاة حركات الجسم فيكون أوسع من الحركات أيضاً كطول الخطوة مثلاً.
3- أن تكون نوعية القماش سميكة , لأن الرقيق أن لم يشف ما خلفه التصق به ووصفه فقد يكون طويلاً وواسعاً ولكن نوعية القماش رقيقة مما يجعلها مع الحركة أو السكون ملتصقة بالجسد بشكل يظهر كل ما بطن.
4- أن يكون غير مبهرج بألوان جذابة تلفت النظر (كألوان غطاء الرأس وباقي الملابس) فكانت الألوان القاتمة هى الأنسب للزي الإسلامي الكامل الصحيح , لأنه لا يلفت النظر وهذا هو المقصود .
5- ألا يشبه ملابس الرجال (كالبنطلون الذى انتشر كالوباء المعدي وقد أفتى أهل العلم بعدم جواز لبس المرأة للبنطلون لأنه من ألبسة الرجال وأن مقترفة هذا الإثم واقعة تحت حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم الرجل يلبس لبسة المرأة والمرأة تلبس لبسة الرجل ). صحيح وعن بن عباس رضى الله عنه قال : لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم المخنثين من الرجال والمترجلات من النساء)صحيح أخرجه البخاري .. ولكن الغافلات من النساء قالوا أنه يسهل الحركة ولا يصف ما تحته الهواء إذا جاء هواء ، أومن أجل خوفك أن يصف الهواء رجليك تعرضيهما مقدماً ؟!! سبحان الله .
6- ويلزم لهذا كله عدم التعطر لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: (أيما امرأة استعطرت فمرت على قوم ليجدوا ريحها فهي زانية) حسن , وعدم التكسر فى الكلام أو ترقيق الصوت لقول الله تعالى فلا تخضعن بالقول فيطمع الذى فى قلبه مرض و قلن قولا معروفا)الأحزاب:32, وعدم التكسر فى المشية لقول الله تعالى فجاءته أحداهما تمشى على استحياء)القصص:25.
وبهذه الكيفية تكون المرأة قد سترت زينتها ومفاتنها وتكون بذلك فى مأمن من غضب الله عليها , وعند الإخلال بواحدة من هذه الصفات ينطبق عليك تماماً صفة المتبرجة , وليس معنى التزامك ببعض هذه الصفات ومخالفة أخرى أنك فى مأمن بعكس التي تخالف كل هذه الصفات فهذا ليس صحيح , فالذي يدخن فى نهار رمضان أكثر جرأة على الله من الذى يدخن بعد الإفطار ولكن كلاهما عاصي مستحق لعقاب الله وعقاب الله درجات !
- ولسوف تلاحظين شيئاً هاماً جداً.. وهو أن مخالفة صفات الزي الإسلامي هى الأركان الأساسية التي يقوم عليها كل بيوت الأزياء والموضة قديماً وحديثاً بلا استثناء !!
وكيف ذلك ؟؟؟ الأمر واضح جداً ولكن التقليد الأعمى والأتباع من غير تفكير هو سبب المشكلة, فبيوت الأزياء والموضة هذه كل وظيفتها هى أن تبرز مفاتن المرأة وهذا بعكس تماماً ما أمر الله به فى الزي الإسلامي الذى مقصده ستر المرأة ومفاتنها (ولا يبدين زينتهن)النور:31, فقد أمر الله بارتداء الجلباب إلى أسفل فصنعوا الملابس القصيرة وأمر سبحانه بالملابس الواسعة السميكة فصنعوا هم الملابس الضيقة المفصلة للعورات والملابس الرقيقة التي لا تستر مثل ما تبدى وأمر سبحانه بعدم إبداء الزينة الخارجية لعدم لفت أنظار الرجال فإذا بهؤلاء الشياطين يتفننون فى لفت الانتباه بالألوان المبهرجة اللافتة للنظر والعطور المثيرة للغرائز, إن هذا كله أمر واضح ومعلوم فى بيوت الأزياء والموضة , ألم تلحظي حتى طريقة المشي التي أمر الله سبحانه بالسكينة والوقار فى المشية تجدي هذه العارضة تترنح وتتكسر بشكل مبالغ فيه ؟! ويا للأسف لم تسلم كلمة الحجاب من هؤلاء فصنعوا ما يسمى بالأزياء والموضة المناسبة للمحجبات فيكف يلتقي الضدان؟؟ فهذا غرضه العرض وهذا غرضه الستر.
ويستعملون فى ذلك كلمات رنانة كلمسات الجمال والأناقة والحيوية والشباب والألوان المبهجة , والعاقل الذى عنده شئ يسير من العقل ليتضح له أن هذا كله ما هو إلا عملية عرض لسلعة وذلك بتزيينها , نعم أنت هذه السلعة وهؤلاء الشياطين يريدون عرضك فى أحسن صورة . . . . .
ولكن ألا توافقينى الرأي أنه ليس من العجيب أن تعرض المرأة نفسها من أجل المال ولكن العجاب أن تعرض المرأة نفسها بالمجان!!
وأختم هذه النقطة بقول رسول الله صلى الله عليه وسلمان الحلال بيّن والحرام بيّن وبينهما أمور مشتبهات لا يعلمهن كثير من الناس فمن أتقى الشبهات فقد استبرأ لدينه وعرضه ومن وقع فى الشبهات وقع فى الحرام كالراعي يرعى حول الحمى يوشك أن يرتع فيه)رواه البخاري و مسلم .
33) وقد تقولى أليست هذه الصفات مبالغ فيها أو تعتبر من التزمت والتشدد؟؟
نقول لك من الذى يقول أن الشيء مبالغ فيه أم لا ؟ إذا أردنا أن نعرف هل الشيء مبالغ فيه أم لا فيجب علينا أن نعود إلى الأصل ونقارن الأصل بالأمر المختلف عليه فإذا بحثنا عن أمر الله سنجد أن هذه الصفات هى الأصل وهى المأمور بها تماماً من الله من غير زيادة أو نقصان ( والأدلة عليها من الله ورسوله صحيحة وصريحة كما ذكرناها ) وإنما العيب فيك أنت لما أسرفت فى مخالفة ما فرضه الله فى الزي الإسلامي الصحيح بدا لك أن هذه الصفات كلها تعتبر تشدد ومن تقوم بهذه الصفات بأكملها متشددة !!! ومثل ذلك كأن يأتي أحد الشباب المنحل وقد أقام علاقات غير شرعية مع عشرات الغافلات فإذا سمع أو رأى شاب آخر ليس له علاقة مع النساء فإنه يستغرب الأمر ويراه متشدد ، لماذا؟؟ لأنه يقيس الأمر على نفسه وليس على الأصل فالأصل أنه لا يجوز إقامة علاقة بين الشاب والفتاة وليس العكس فكذلك أنت لا تقيسي مظهر الملتزمة على نفسك وإنما عودي للأصل والأصل عندنا كمسلمين هو كلام الله ورسوله وإجماع أهل العلم.
وقفة مع النفس
- اعلمي ان الأمر لا يتطلب كثير تفكير وجدال فإنا لا ندعوا إلى بدعة أو شئ جديد على الأذهان وإنما هو شئ فطرى فإن الحياء فطرى فى الإنسان وما نريد إلا معالجة ما طرأ على هذه الفطرة من انتكاس وهذه المعالجة قد تكون صعبة ولكنها ليست مستحيلة إنما الصعب والمستحيل والذي لن يكون مطلقاً هو أن يكون من مات وانتهى أجله فى الدنيا يعود مرة أخرى ليصلح ما كان فاسداً من عمله ! فتخيلي هذا المشهد من كلام الله عز و جل :
من سورة المؤمنون :
الأية103: (و من خفت موازينه) أى قلت خيراته فرجحت عليها السيئات (فأولئك الذين خسروا أنفسهم فى جهنم خلدون) .
104: (تلفح وجوههم النار) أى تحرقها و تشويها (و هم فيها كالحون) أى شمرت شفاهم العليا و السفلى عن أسنانهم .
105: فيقال لهم (ألم تكن ءاياتي تتلى عليكم) من القرآن (تتلى عليكم) أى تخوفون بها (فكنتم بها تكذبون) .
106: (قالوا ربنا غلبت علينا شقوتنا) أى استولت علينا و ملكتنا فساد أنفسنا (و كنا قوما ضالين) .
107: (ربنا أخرجنا منها فإن عدنا) إلى المخالفة (فإنا ظالمون) .
108: (قال اخسئوا فيها) يرد الله عليهم بلسان مالك خازن النار و ذلك بعد زمن قدر الدنيا مرتين : ابعدوا فى النار أذلاء (و لا تكلمون) فى رفع العذاب عنكم, لينقطع رجاؤهم .
ومن سورة التحريم :
الأية 6: يأيها الذين ءامنوا قوا أنفسكم و أهليكم نارا وقودها الناس و الحجارة عليها ملائكة غلاظ شداد لا يعصون الله ما أمرهم و يفعلون ما يؤمرون) أى احملوا أنفسكم و أهليكم على طاعة الله لتتقوا النار التي من فرط حرارتها أنها لا تتقد بالحطب بل بالناس و الحجارة كما أن خزنتها ملائكة غلاظ القلوب شداد البطش لا يعصون أمر الله .
ومن سورة فاطر :
الأية36: (و هم يصطرخون فيها ربنا أخرجنا نعمل صلحا غير الذى كنا نعمل أولم نعمركم ما يتذكر فيه من تذكر و جاءكم النذير فذوقوا فما للظالمين من نصير)
يقول الله تعالى أفحسبتم أنما خلقنكم عبثا و أنكم إلينا لا ترجعون) المؤمنون:115, ما ظنك برب العالمين أيخلق هذا الكون ويسخره من أجلك و يأمر و ينهى ثم لا يكون يوم الجزاء, من أطاعه نعمه ومن عصاه عذبه ؟!
هل تظنين أن النار مقتصرة على الكفار فقط ؟!
إنما بينك وبين هذا الوعيد كله ارتكاب المعصية , إن الله لا يحابى أحد , فهذا رسول الله صلى الله عليه و سلم يقول الله تعالى له قل إني أخاف إن عصيت ربى عذاب يوم عظيم) الأنعام:15
ثم اعلمي أن التزامك بهذا الفرض لست أنت أول من فكر به وعالجه إنما سبقك آلاف وآلاف ونجحوا , فإن هذه الملتزمة بالزي الإسلامي أو تلك لم تولد هكذا وإنما معظمهن مررن بنفس ما مررت به بل إن منهن من واجهن أضعاف ما تواجهي من عقبات و مغريات , وما عليك إلا التقدم بخطوات عملية , واعلمي أنك أدرى بنفسك من غيرك ولن يرتاح بالك وأنت تخدعي نفسك فتقدمي فى هذا الطريق بصدق ولن يخذلك الله فمن تقرب إلى الله شبراً تقرب الله إليه ذراعاً وهكذا , واعلمي أن الشيطان (سواء شيطان الإنس أو الجن) يخوفك من الإقدام على طاعة الله عموماً (إنما ذلكم الشيطان يخوف أولياءه فلا تخافوهم وخافون إن كنتم مؤمنين) 75 آل عمران فيضع كل الهموم والعقبات أمامك حتى يثقل عليك أمر الطاعة وفى نفس الوقت يزين المعصية ويهونها ويشكلها فى نظرك شئ تافه , ولكن نقول لك وعن تجربة كل من سلك هذا الطريق من قبلك أن هذه العقبات التي يضعها شياطين الإنس والجن ما هى إلا سراب لا أساس له وعند اتخاذك لهذه الخطوات العملية فى طريق الالتزام بمنهج الله والوقوف على أوامره ونواهيه ستجدين منح من الله لا تتخيليها منها إيمان فى القلب يمنحك قوة لمواجهة العقبات ونور فى الوجه هو من قبيل نور الإيمان وشعورك بالأمان لأنك قريبة من الله .
واعلمي أن أهل العلم ما أكثرهم وما عليك إلا أن تتوجهي إليهم ولكن بشرط أن تكوني صادقة مع نفسك معترفة بذنبك وتقصيرك عازمة على السير فى هذا الطريق , وسترشدك فطرتك السليمة ومنهج الله وسنة نبيه إلى كل الخير.
وإياك أن يكون مانع الرجوع إلى الصواب والحق هو الكبر والقناعة بصحة ما تقومين به أو أنه شئ بسيط وإن كان مخالفاً لما أمر الله به فما لعن الله إبليس إلا لأنه اقتنع برأيه ورضى بالمعصية وأصر عليها وتكبر على الله أن يرجع ويعترف ويندم و اعلمي أن الاعتراف والندم لا يكون فى ميدان عام أو لأي أحد , إنما هذا يكون بينك وبين الله من القلب من غير واسطة .
فأوصيك بارك الله فيك بالسرعة فى الرجوع إلى الله, الآن ...الآن وأنت صحيحة معافاة , فكم ممن قبلك عادوا وعدن إلى الله بسبب مصيبة أو موت عزيز أو مرض عضال أو غير ذلك , فبالله عليك لا تنتظري أن تكون أحد هذه المصائب- لا قدر الله- هى منبهتك وموقظتك , فالعاقل من اتعظ بغيره , فلا تتأخري فيتعظ بك غيرك .
ومع هذا استعيني بالله واسجدي له وقولي يا رب لقد خلقتني وأنت أعلم بما يصلحني و يفسدني فأينما توجهني سأتوجه وأسألك العون يا معين فأنا لا أقدر وأنت تقدر, لا حول ولا قوة لي إلا بك , يا رب عليك أتوكل فساعدني ولا تكلني إلى نفسي , وأنا يا رب سأكون على طاعتك وعبادتك والامتثال لأمرك ما استطعت إلى ذلك سبيلاً , وأعترف إليك بتقصيري وبذنوبي وأندم ولا أعود , وهذه هى الخطوة الأولى على الطريق أما الخطوة الثانية فهي اتخاذك أحد الطريقين العمليين للإلزام كما سنذكرهما :
34) هل هناك خطوات عملية أقوم بها لأسير فى هذا الطريق؟
وجواب هذا يمكن إن شاء الله إيجاد أفضل الطرق العملية للالتزام بمنهج الله فى كل الحالات والفرائض وعلى رأسها الالتزام بالزى الإسلامي:
أولاً: هناك فتاة تتميز بقوة الشخصية والذكاء الاجتماعي والقدرة العقلية والمنطقية لمواجهة البيئة الخارجية والظروف المحيطة بها فهذه يجب عليها دراسة وتعلم الفقه الذى تريد إتباعه كأن تحيط بالحجج المؤيدة للالتزام بالزى الإسلامي من كلام الله سبحانه وتعالى وأوامره الصريحة بهذا الأمر وكذلك أوامر النبي صلى الله عليه وسلم وسير الصالحات ودراسة الشبهات الموجهة لهذا الأمر الإلهي والرد عليها ثم بعد ذلك تأخذ القرار بالالتزام بالزى الإسلامي الصحيح على أتم وجه وسيعينها الله فى ذلك ثم قوة شخصيتها وقوة منطقها وما حصلته من معرفة الحجج الظاهرة لهذا الأمر فيمكنها هذا من الدوران 180 درجة , مهما كانت على باطل ومهما كان مظهرها الخارجي بعيداً عن الفطرة والإسلام ومهما كانت هى أصلاً بعيدةً عن منهج الله فهذه الشخصية يسهل عليها مواجهة البيئة الخارجية والظروف المحيطة بها دون أى ضرر فهي كانت قبل الالتزام إذا طلبت أى أمر حصلته ولو كان باطلاً ولها القدرة على الدفاع عن رأيها بأساليبها الخاصة حتى تقنع الجميع بوجهة نظرها ولها القدرة على احتواء الجميع وقد يصل الأمر بها أن تقنع من حولها برأيها وهذا الصنف من النساء و الفتيات من فصيلة عمر بن الخطاب رضى الله عنه فلما أراد الهجرة من مكة إلى المدينة أتباعاً لأمر الله ورسوله وكان المهاجرون يهاجرون سراً خوفاً من بطش رجالات قريش فماذا فعل عمر؟ لقد ذهب إليهم فى وضح النهار ونادى فيهم إني مهاجر إلى المدينة فمن كان يريد أن ييتم أطفاله ويثكل نسائه فليقابلني خلف الجبل فلم يقدر أن يعترضه أحد وهذا لقوته وجراءته , فكذلك أنت يمكنك أن تضعي الجراءة والإقدام والشجاعة موضعها فهذه الصفات ليست حكراً على الرجال وإنما للأسف أنت استخدمت الجراءة على الله بسهوله فلا يثقل عليك استخدامها للوصول إلى الله فهذا هو وقتها فأتى بها.
ثانياً: إذا كنت من اللاتي ينقصهن قوة الشخصية أو القوة الكافية لمواجهة الظروف أو أن الظروف أقوى من اللازم , كأن تكوني ابتليت بأهل يعارضون هذا الأمر بشكل مبالغ فيه ، فمثلاً الأم تري أن التزامك بالزي الإسلامي يمنعك عن الزواج كحال اكثر الأمهات زد إلي ذلك أن تكون الأم والأهل غير ملتزمين بأوامر الله ، فهنا تكون المواجهة صعبة فما العمل ؟ هل تعلنين مخالفة الأهل بشكل جاف وبأسلوب غير مهذب حتى تنفذي أوامر الله أم ترضي والديك بالاستمرار في معصية الله ؟ وحتى نفرق بين هذه الحالة والحالة السابقة ، فإننا ذكرنا في الفرض االسابق أنها لا تواجه ضغوط كبيرة وأنها عندما تغير نفسها تماما إلى طاعة الله سوف لا تقابل بمواجهات شديدة ، بل يستقر الوضع سريعاً من غير مضايقة من الأهل أو أن الأهل متفهمين ومؤمنين بأوامر الله ووجوب تنفيذها فيستقبلون التغير علي الرحب والسعة ، أما الفرض الثاني والذي نحن بصدده وهو الضغط الشديد من قبل المحيطين سواء ألوالدين أو الزوج أو ما إلى ذلك وصعوبة التغير والإصلاح من غير إغضابهم ففي هذا الوضع يجب إثبات أمرين يجب تحقيقهما معاً : بر الوالدين وطاعة الله ورسوله .
فعن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال : سألت النبي صلي الله عليه وسلم : أي العمل أحب إلى الله تعالي ؟ قال : "الصلاة علي وقتها "قلت ثم أي ؟قال:"بر لوالدين " ، قلت : ثم أي ؟قال" الجهاد في سبيل الله " (متفق عليه) .
ويقول صلي الله عليه وسلم : " لا طاعة لأحد في معصية الله تعالي إنما الطاعة في المعروف " (صحيح الجامع) ، فأنت الآن بصدد إشكال وهو كيف تنفذين هذين الأمرين والواقع العملي يخبرك بتعارضهما ؟ فإن أطعت الله والتزمت المظهر والزي الإسلامي الصحيح غضب الأهل ومنعوك وان اتبعت أمرهم كنت عاصية لأمر الله فما هو المخرج ؟ والجواب أن الشرع الحكيم المنزل من رب العالمين لا أشكال فيه أبدا ، وإنما نحن نفتقد إلى النظرة الشاملة لإسقاط منهج الله وشرعه علي ارض الواقع ويتضح هذا الأمر علي الوجه التالي فما بدا لك انه أشكال لتعارض أمرين هو فى الحقيقة اختبار من الله لك ( أحسب الناس أن يتركوا أن يقولوا آمنا وهم لا يفتنون ) (العنكبوت :2) ، فبعدما علمت أن الالتزام بالمظهر الإسلامي فرض من فروض الله عليك والتفريط فيه معصية عظيمة تصل إلى حد الكبيرة ، ثم أردت التنفيذ فلا بد أن يكون هناك اختبار من الله هل أنت حقاً راغبة وعازمة علي المضي في هذا الطريق أم لا ؟ هل تصبري علي هذا الأمر أم تنتكسي من أول شوكة ؟ ( ومن الناس من يعبد الله علي حرف فإن أصابه خير اطمأن به وان أصابته فتنة انقلب علي وجهه خسر الدنيا والآخرة ذلك هو الخسران المبين ) (الحج :11) ويقول تعالي : ( ومن الناس من يقول آمنا بالله فإذا أوذي في الله جعل فتنة الناس كعذاب الله ) (العنكبوت :1) .
هل أي ضغط مهما كان أو بلاء هل كعذاب الله ؟ كلا والله ، فيا من تعانين من مواجهة الأهل والظروف فبداية اعلمي وتيقني انه اختبار وامتحان لك من الله ،
فإن صبرت كافأك الله عليه في الدنيا قبل الآخرة ، وبأكثر بكثير من التي نشأت في بيئة صالحة أو لم تواجه ما تواجهينه فالله شكور ولن يبخس عملك (هل جزاء الإحسان إلا الإحسان ) (الرحمن : 60) ثم بعد ذلك يقول صلي الله عليه وسلم "ما من شيء يوضع في الميزان أثقل من حسن الخلق وأن صاحب حسن الخلق ليبلغ به درجة صاحب الصوم والصلاة "(صحيح الجامع).
ويقول الله تعالي : ( واخفض جناحك للمؤمنين) (الحجر:88) ، ويقول تعالي : ( ولو كنت فظاً غليظ القلب لانفضوا من حولك ) (آل عمران :159) ، فهذا هو الحل بين يديك المتمثل في أمر الله ورسوله بحسن الخلق , وللتطبيق العملي نقول هناك ثلاث خطوات للتوفيق بين بر الوالدين وطاعة الله .
أولاً : يجب أن تعلمي يقينا أن الالتزام بالمظهر الإسلامي وهو فرض كما تبين والتفريط فيه يستوجب غضب الله وعقابه ،وأنك حتما ولا بد ستقومين به وإن أغضبت الناس جميعاً ، وهذا في قرارة نفسك من غير أن تصرحي به .
ثانياً : بذل كل طاقتك في الحصول علي رضا الوالدين عن طريق حسن العرض والأدب واللين ، وهذه خطوة غاية في الأهمية .فكما ذكرنا أن النبي صلي الله عليه وسلم بين أن حسن الخلق يعطي صاحبه ثواب الصوم وصاحب الصلاة ، وهل هناك ثواب أعظم من هذا ؟ (وطبعا المقصود أنه يأخذ الثواب ولا يسقط الفرائض) فإذا كان هذا أجر ومنزلة صاحب حسن الخلق فبالتأكيد ليس الأمر سهلاً هيناً ، ولكن العلم بمنهج الله يهون الكثير ، فمثلاً يستكبر كثير من الأبناء أن يصل التعامل مع الوالدين إلى مرحلة قهر أو ذل من الوالدين إلى الأبناء ، ويري الأبناء أن هذا ظلماً يجب دفعه ، فلا يقبل الصبر علي هذا الأمر وتحمله ، ويأتي قول الله تعالي : (واخفض لهما جناحا من الذل والرحمة ) (الإسراء :24) ليضع أصلاً من أهم الأصول ، إن الذل هو أدني مراتب التعامل بين البشر ، فالله عز وجل لم يمنح هذا الحق ولا حتى الرسل والأنبياء في تعاملنا معهم ، إنما أمرنا أن نصل إلى مرحلة الذل في التعامل مع الوالدين ، فلماذا لا تتعبدي لله بالتذلل لوالديك والصبر عليهما ، وإن كان الحق معك والخطأ في صفهمٍ؟ فوالديك ليسوا من أقرانك فلا تخطئيهم صراحة ، بل تبسمي إليهم ولا تحدقي النظر إليهم ، أنصتي لحديثهم ولا ترفعي صوتك عليهم ، قدمي لهم المساعدة والهدايا ، بالغي في شكرهما وإن أعطوا القليل ، وبالغي في عذرهما ولو منعوا الكثير ، اشرحي لهما أمر الله وفرضه ، اعرضي أمر رسوله ونهيه بلباقة ولين وحب وهدوء ، استخدمي كل الوسائل المحببة إليهم ، ادفعي إليهم من يحبونهم ويثقون بهم ليشرحوا موقفك ، أكثري من الصلاة والدعاء لهم أن يألف الله قلوبهم ويهديهم ، ألحي عليهم بأدب وتذلل من غير ضجر ولا ملل ، واعلمي انك في كل هذا تنالين من الأجر ما هو افضل من الجهاد في سبيل الله كما ذكر نبينا صلي الله عليه وسلم وبأجر الصلاة والصيام ، عند ذلك حتماً ستحصلين علي رضا والديك وكل من عارضك ، بل سيباركون عملك إن شاء الله ، إذ كما قالوا : (من أدمن الطرق ولج ) ، فبهذا الأسلوب تستطيعين أن تحصلي علي رضا الله بتنفيذ أمره ورضا والديك بإقناعهم باللين والتذلل والتواضع ، وقبل أن أنهي هذه النقطة أوضح أن منهج الله السليم بريء تماماً من كل من يهمل هذه القضية (حسن الخلق ) ويدفع بأمر الله في مواجهة الوالدين من غير أدب وتقدير لحقوقهما .
ثالثاً : إذا كان من الولدين إصرار علي رفض التزامك بالمظهر الإسلامي الصحيح بعدما بذلت ما ذكرناه في الخطوة السابقة (وهي نسبة ضئيلة جداً من الأهل إن وجدت ) ففي هذه الحالة يسقط عنك تماماً طاعتها في هذه النقطة التي سبق من الله ورسوله فيها أمر أو نهي ( ووصينا الإنسان بوالديه حسنا وإن جاهداك لتشرك بى ما ليس لك به علم فلا تطعهما ) (العنكبوت:8) ويقول تعالي : ( وإن جاهداك علي أن تشرك بي ما ليس لك به علم فلا تطعهما وصاحبهما في لدنيا معروفا ) (لقمان : 15) وطبعاً لا تغفلي عن الشق الأخر من الأية فليس معني أنك لم تطيعي والديك في مخالفة أمر الله أن تعلني الحرب عليهما ، كلا بلا يجب أن تستمري في كل ما ذكرناه سابقاً من تذلل وطاعة وتواضع ومشاورة ولين واحترام.
والخلاصة : أن أمر الله بالتزام المظهر الخارجي والزي الإسلامي أمر واجب التنفيذ أيضاً ، فإذا طلب منك والدك مخالفة أمر الله يجب أن تقدمي أمر الله ورسله علي أمر والديك بشرط ، أن تقدمي الحجة والبيان بكل أدب ولين وذل وتواضع .
، وتذكرى أنه عند إسلام سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه يقول ( كنت باراً بأمي فلما أسلمت قالت يا سعد: ما هذا الدين الذي أحدثت؟. لتدعن دينك هذا أو لا آكل ولا أشرب حتى أموت فتعير بي، فيقال يا قاتل أمه. قلت لا تفعلي يا أمي إني لا أدع ديني هذا لشيء، فمكثت يوماً وليلة لا تأكل ولا تشرب وأصبحت وقد جهدت فلما رأيت ذلك قلت: يا أمة تعلمين والله لو كان لك مائة نفس فخرجت نفساً نفساً، ما تركت ديني، إن شئت كلي أولا تأكلي فلما رأت ذلك أكلت, فلما لم تجد منه تراجع تراجعت هى , وهكذا تكون العقيدة الناتجة عن العلم , ولكن مع ذلك عليك بالرفق فى كلا الحالتين واعلمي أنك تستحملي شعار الإسلام فيجب أن تكوني قدوة وذلك بحسن أخلاقك والرفق فى الأمور كلها يقول صلى الله عليه وسلمإن الله رفيق يحب الرفق فى الأمر كله)متفق عليه, ولكن لا يكون هذا على حساب مضيك فى هذا الطريق , وبهذا نكون أوضحنا لك طريقين يمكنك الاختيار أيها أنسب لك ولظروفك ولشخصيتك.
إلى كل مؤمن و مؤمنة يخشى من التقهقر بعد التزام طاعة أو ترك معصية
عوامل الثبات على طريق الالتزام بأي عبادة وعدم التقهقر مرة أخرى :
أولا : اخلص نيتك لله :
يقول الله تعالى عن الشيطان: ( إنما سلطانه على الذين يتولونه والذين هم به مشركون )النحل:100, أى أن الشيطان لا ولاية له ولا قهر إلا على الذين يتخذونه وليا مطاعا يخضعون لوسوسته والذين هم بالله مشركون فلا يكن الهدف من الالتزام بالعبادة ( الأوامر والنواهى ) أى شئ إلا طلب مرضاة الله طاعة لله فإن كان غير ذلك فصحح نيتك وإلا سرى فيك وتحقق ما يوسوس به الشيطان إليك فهو لا سلطان له على من قصد وجه الله أما إن كان القصد غير وجه الله سلط عليه , وقد روى أنه كانت شجرة تعبد من دون الله فلما هم رجل بقطعها غضبا لله تمثل له الشيطان فى صوره رجل فدعاه الشيطان للرجوع عن ذلك وسيجد كل يوم تحت وسادته دينارين فرجع الرجل ، فلما أخلف الشيطان وعده عاد الرجل مرة أخرى ليقطع الشجرة فأمسك به الشيطان وخنقه وضرب به الأرض ، فسأله الرجل من أنت ؟
فقال له : أنا الشيطان ولماَ خرجتَ فى المرة الأولى لله لم أُسلط عليك أما فى الثانية فخرجتَ للدنانير فسُلط عليك .
ثانيا:ادخل الالتزام و توكل على الله :
يقول الله تعالىقال رجلان من الذين يخافون أنعم الله عليهما ادخلوا عليهم الباب فإذا دخلتموه فإنكم غالبون و على الله فتوكلوا إن كنتم مؤمنين)المائدة:23,نعم ليكن يقينك فى الله أنك إذا دخلت طريق الالتزام أن الله سيثبتك و يمنع عنك التقهقر و يمنع عنك وساوس الشيطان و مكائده , (وعلى الله فتوكلوا) أيضا يجب الإيمان بأنه لا حول و لا قوة لك تعينك على الثبات على هذا الطريق إلا الله عز و جل فتوكل عليه و ادعوه أن يثبتك, و اعلم أن فائدة التوكل على الله هى سد باب الخوف الذى يقذفك به الشيطان ليثنى عزيمتك .
ثالثا:خذ الالتزام بقوة :
يقول الله تعالىخذوا ماء أتينكم بقوة)البقرة:63 ,و يقول الله تعالىييحي خذ الكتب بقوة)مريم:12,و معنى القوة فى هذه الآيات كما قال أهل العلم هو الجد و الاجتهاد, أى أن الله عز و جل يأمر المؤمنين و الأنبياء بأن يأخذوا أوامره و نواهيه بجد و اجتهاد من غير تراخى , و يقول تعالىيأيها الذين ءامنوا ادخلوا فى السلم كافة)البقرة:208,والسلم هنا بمعنى الإسلام , فالله يأمرنا بالتزام شرائع الإسلام كلها , و حتى لا يختلط الأمر نفرق بين أمرين هما : أخذ الدين بشرائعه بقوة و بين الغلو فى الدين :
فأخذ الدين بقوة : أى التزام ما شرعه الله و رسوله صلى الله عليه و سلم و ذلك بجد واجتهاد من غير تراخى و لا تفريط .
أما الغلو فى الدين : فهو التزام ما لم يشرعه الله ولا رسوله صلى الله عليه و سلم .
رابعا: إياك و الفرح بالعبادة :
يقول الله تعالىإذ قال له قومه لا تفرح إن الله لا يحب الفرحين)القصص:76, وقال صلى الله عليه و سلم ثلاث مهلكات شح مطاع و هوى متبع و إعجاب المرء بنفسه)صحيح: السلسلة الصحيحة , و قال مطرف رحمه الله : لأن أبيت نائما و أصبح نادما أحب إلى من أن أبيت قائما(يصلى) و أصبح معجبا . و أعلم أن الشيطان لم يهزم أحد أسهل من المعجب بعبادته و التزامه , فاتهم نفسك و أعمالك الصالحة دوما ودائما و متى رءايت أنك فى مأمن و أنك حققت ما يحميك من الرجوع و التقهقر فتيقن أنك منذ هذه اللحظة و قد بدأت العد التنازلي للانتكاس و التقهقر.
خامسا : استمسك بالاستغفار:
ليس الاستغفار مقصورا على من يقوم بمعصية فيستغفر فحسب بل إن الله سبحانه وتعالى يأمرنا أن نستغفره عقب القيام بالأعمال الصالحة لما فى ذلك من مصلحة و فائدة عظيمة فى مسألة الثبات , فما أعظم الصلاة و قد أمرنا الرسول صلى الله عليه و سلم بالاستغفار ثلاث مرات عقبها مباشرة و كذلك بعد أداء فريضة الحج مباشرة , يقول الله تعالثم أفيضوا من حيث أفاض الناس و استغفروا الله إن الله غفور رحيم)البقرة:199,و كذلك بعد ما أتم النبي صلى الله عليه و سلم الرسالة على أفضل وجه أمره الله سبحانه و تعالى بالاستغفار , يقول الله تعالفسبح بحمد ربك و استغفره إنه كان توابا)النصر:3, و على هذا فإن التزامك يجب أن يعقبه و يتخلله دائما الاستغفار, و إياك أن تغرك حلاوة الإيمان الناتجة عن الالتزام أن تقف عن الاستغفار أو تستهين به أو تظن أنه ليس لك حاجة به و اذكر أحب خلق الله إليه صلى الله عليه و سلم المعصوم إذ يقول و الله إني لأستغفر الله و أتوب إليه فى اليوم أكثر من سبعين مرة)صحيح البخاري
سادسا: التزم مقام الذل لله :
أى يكون الإنسان منكسرا لله فهو لا ينسى ذنوبه بل يستحضرها ويستحضر تقصيره فى حق الله و كيف أن الله حلم عليه و ستره و صبر عليه و كيف أنه أسبغ عليك نعمه ظاهرة و باطنة , قيل لسعيد بن جبير من أعبد الناس ؟ قال: رجل اجترح من الذنوب , فكلما ذكر ذنوبه احتقر عمله , واعلم أن ذنبا تذِل به لله خير من طاعة تدل بها على الله , ومن علامات تحقيق الإنسان لمقام الذل لله التعامل مع المؤمنين بتواضع و رحمة , يقول الله تعالىمحمد رسول الله والذين ءامنوا معه أشداء على الكفار رحماء بينهم..)الفتح:29.
سابعا: التزم مقام الخوف :
1- الخوف من عدم قبول الأعمال الصالحة :
يقول الله تعالىو الذين يؤتون ما أتوا و قلوبهم وجلة أنهم إلى ربهم راجعون)المؤمنون:60,قالت السيدة عائشة رضى الله عنها: يا رسول الله (الذين يؤتون ما أتوا و قلوبهم وجلة) هو الذى يسرق و يزنى و يشرب الخمر و هو يخاف الله عز و جل ؟ قال: لا يا بنت أبى بكر يا بنت الصديق, ولكنه الذى يصلى و يصوم و يتصدق و هو يخاف الله عز و جل ألا يتقبل منهم .رواه أحمد والترمذى
2- الخوف من الانتكاس مرة أخرى :
يقول الله تعالىو إذ قال إبراهيم رب اجعل هذا البلد ءامنا و اجنبنى و بنى أن نعبد الأصنام) إبراهيم:35, سبحان الله هذا إبراهيم عليه السلام الذى ألقي فى النار من أجل أنه حطم الأصنام , فما من أحد على الأرض يبغض الأصنام و يكفر بها مثله و لو قال:أجنب بنى أن يعبدوا الأصنام لكان أمرا عاديا أن يخشى على من يأتي من بعده عبادة الأصنام ولكنه قال و اجنبنى و بنى أن نعبد الأصنام) فهو يخاف على نفسه ولا يأمن من الانتكاس , و كذلك نبينا صلى الله عليه و سلم كان أكثر دعائه : اللهم يا مقلب القلوب ثبت قلبى على دينك , فهذا نبينا صلى الله عليه و سلم أيضا يخاف على دينه ويسأل الله الثبات , وكذلك الملائكة الذين لم يعصوا الله قط , يقول الله تعالى فى وصفهم يخافون ربهم من فوقهم و يفعلون ما يؤمرون)النحل:50, ونخلص من هذا أن الخوف ليس بكثرة الذنوب و لكن بصفاء القلوب , فاعلم أن درجة ثباتك على طريق الالتزام يبينها درجة خوفك من الله و عظمته و من عدم القبول و من الانتكاس فإن استمسكت بالخوف فلك من الله الأمان, يقول صلى الله عليه و سلم قال الله عز و جل: و عزتى و جلالى لا أجمع على عبدى خوفين ولا أجمع على عبدى أمنين , إن أمننى فى الدنيا أخفته يوم القيامة و إن خافنى فى الدنيا أمنته يوم القيامة)حسن:أخرجه بن حبان فى صحيحه .
ثامنا: التزم مقام الرجاء :
فحاشا لله أن يرد من قصده أو يهمل من اعتمد عليه , يقول صلى الله عليه و سلم قال الله عز و جل: أنا عند ظن عبدى بي و أنا معه حين يذكرني , والله لله أفرح بتوبة عبده من أحدكم يجد ضالته بالفلاة , و من تقرب إلى شبرا تقربت إليه ذراعا ومن تقرب إلى ذراعا تقربت إليه باعا وإذا أقبل إلى يمشى أقبلت إليه أهرول) متفق عليه , و معنى الحديث : أن الله يفرح بتوبة عبده أكثر من فرح من يجد دابته التي فرت منه و هو فى الصحراء , ومن تقرب إلى بطاعتي تقربت إليه برحمتي و إن زاد زدت فإن أتاني يمشى و أسرع فى طاعتي أتيته هرولة أى صببت عليه الرحمة وسبقته بها و لم أحوجه إلى المشي الكثير في الوصول إلى المقصود , فلا يحملنك الخوف من الله على اليأس من رحمته و لا يحملنك الرجاء على الأمن من غضبه و عقابه .
تاسعا: عظم حرمات الله :
يقول الله تعالى ذلك و من يعظم حرمت الله فهو خير له عند ربه)الحج:30, و كما قال أهل العلم أن تعظيم حرمات الله لا تعنى عدم شرب الخمر فحسب بل عدم السير فى طريق فيه خمر أى أن المقصود من تعظيم حرمات الله المبالغة فى البعد عنها , فأيما شئ تبت عنه و تركته لله فلا تتركه فحسب بل بالغ فى تركه و البعد عنه , بالغ فى البعد عن الطرق المؤدية إليه , بالغ فى البعد عن الموسوسين و المعينين لك عليه , فإن كانت لك علاقة حب و ألفة بين ما ترغب فى تركه طاعة لله فلا تكتفي بان تضعه فى مرتبه عدم الحب وعدم الطلب بل يجب عليك أن تضعه فى مرتبة البغض لله و إعلانك لهذا البغض لله هو من المبالغة المطلوبة لترك هذا الأمر و عدم العودة إليه مرة أخرى .
عاشرا: اصبر على هذا الطريق :
يقول الله تعالىأحسب الناس أن يتركوا أن يقولوا ءامنا و هم لا يفتنون0 و لقد فتنا الذين من قبلهم فليعلمن الله الذين صدقوا و ليعلمن الكاذبين)العنكبوت:2,3 , فالفتنة و الاختبار أمر لازم لمن هو على طريق الالتزام حتى يتبين من طلب هذا الطريق بصدق و من هو غير ذلك , و هذه الاختبارات من الله هى بحكمة قد تكون ظاهرة أو غير ظاهرة , يقول صلى الله عليه و سلميبتلى الرجل على حسب دينه, فإن كان فى دينه صلابة زيد فى بلائه و إن كان فى دينه رقه خفف عنه و ما يزال البلاء بالعبد حتى يمشى على الأرض و ليس عليه خطيئة) صحيح: الترمذي و يهون أمر البلاء إستحضارالعاقبة الدائمة فى جنات الله و نعيمه , يقول صلى الله عليه و سلميود أهل العافية يوم القيامة حين يعطى أهل البلاء الثواب لو أن جلودهم كانت تقرض فى الدنيا بالمقاريض) صحيح الجامع , وأيضا يهون أمر الصبر كرامة و فضل الأمر الذى تصبر عليه و هو الالتزام بالدين ففي مسند الإمام أحمد قال صلى الله عليه و سلمإن الله يعطى الدنيا من يحب و من لا يحب ولا يعطى الدين إلا لمن أحب) فالتزامك بمنهج الله هو دليل و علامة أن الله يحبك و فهل يضرك بعد هذا شئ ؟
بين الشاب والفتاه بين المرأة والرجل هل توجد علاقة بريئة وأخرى غير بريئة؟
أولاً: العلاقة الغير بريئة : وهى العلاقة التي تتصف بعدم وجود موانع وعوائق لرغبات كلا الطرفين , وقد تكون بدايتها بريئة كالصداقة والزمالة وتنتهي بهما إلى الفاحشة أو فى أفضل الحالات الزواج العرفي , فهذه العلاقة ليست محل نقاشنا لان أهل العقل فضلاً عن أهل الدين يجمعون على حرمة هذه العلاقة ودناءة أهلها ونسأل الله الهداية للجميع.
ثانياً: العلاقة البريئة: وهى محل النقاش , وتكون بين رجل وامرأة أو فتى وفتاة ولكنها يحدها حدود ويفترض أنها لا تتطور ويشملها الأدب العام والعرف ويصل الأمر إلى المصارحات والصدق والألفة والثقة بين الطرفين ولا بأس بمعرفة الأهل بهذه العلاقة إلى حد ما وقد تتعدى الصداقة إلى الأخوية وكلا الطرفين يحرص على مصلحة الأخر وذلك دون الوصول إلى ما حرمه الله , وقد يكون أحد الطرفين متزوج ولكن لا بأس فإنها علاقة بريئة ويكون الحديث فيها فى الأمور الحياتية العادية أو المشاكل الشخصية العادية ومناقشتها , ومن أكبر مميزات هذه العلاقة أن المجتمع يرعاها ويعترف بها والخلاصة أن أصحاب هذه العلاقة على قناعة بصحتها وبراءتها من الفحش وأنها علاقة طبيعية مادامت لا تصل إلى ما حرمه الله ومادامت هذه العلاقة فى العلن!!!
ولحل هذا الإشكال نوضح لب وأساس هذه العلاقة بكل صراحة من زاويتين:
أولاً: الواقعية.
ثانياً: الشرعية.
أولاً: من الناحية الواقعية والعملية:
1.إن المصارحة والصدق والثقة فى هذه العلاقة كالسم فى العسل , إذ أن هذا الصدق ما هو إلا قناع لعملية تمثيلية يصور كل واحد نفسه فى أحسن صورة ويزين مظهره ويتزين فى كلامه ولا يقبل أن يتعرف الطرف الأخر على عيوبه , فهلاً ذكر عيباً من نفسه حتى يكون صريحاً ولو حدث فإنه يمدح نفسه فى صورة الذم كأن تقول أو يقول أكبر عيب عندي أنى صريح ، وإني أعيب على نفسي قول الحق بدون مجاملة فأين الصدق والصراحة؟ بل على العكس أوضح ما فى هذه العلاقة الكذب والمخادعة سواء على نفسه أو على الآخر ،، ومن أوضح ما يبين مسألة التظاهر الكاذب طرح كلا الطرفين في بعض الأحيان موضوعات تبدو هامة ، كأن تكون قضية سياسية أو نفسية أو دينية ويتنافس كلا الطرفين بإبداء رأيه في هذه القضية ووجهة نظره لا لشيء إلا ليظهر أنه على دراية وإلمام بشتى لعلوم والثقافات ، وهذا أمر واضح جداً.
2.هذه العلاقة يفترض أنها لا تتعدى الصداقة والزمالة البريئة , ولكن ما يدرى كلا الطرفين أن الآخر طور أو يطور هذه العلاقة ولو من طرف واحد؟
3.يجد الرجل فى هذه العلاقة الراحة والتسلية , إذ أنه ينشرح صدره وينسى همومه ويأنس بهذه المحادثات والمناقشات , هو لا يبحث عن حل أو يريد أن يحقق غرض وإنما يريد أن يفرغ همه وهذا حاصل فى هذه العلاقة , فليس مهماً أن تكون الفتاة جميلة المنظر وإنما هى كفتاة تحمل مراده وتحقق غايته من تسلية النفس وانشراح الصدر أثناء المجالسة سواء عياناً أو هاتفياً وهذا الأنس مركب فى طبع الرجل تجاه المرأة لا ينكره عاقل , ويقابل ذلك عند المرأة زيادة على هذا تحقيق الشعور بالذات والأهمية وزيادة الثقة بالنفس نتيجة لطلب الفتى أو الرجل إياها والتظاهر باحترامها , وكما ذكرنا أنه لا يتورع عن مخادعة وتمثيل فهي تحكمه بدلالها وهو يحكمها بدهائه.
4.وإذا كانت هذه العلاقة لا تدعو إلى الفاحشة فهذا ليس دليلاً على صحتها وشرعيتها فقد كان أهل الجاهلية قبل الإسلام يقولون ( الحب يطيب بالنظر ويفسد بالغمز ) وكانوا لا يرون بالمحادثة والنظر للأجنبيات بأساً مادام فى حدود العفاف وهذا كان من دين الجاهلية وهو مخالف للشرع والعقل فإن فيه تعريضاً للطبع لما هو مجبول على الميل إليه ، والطبع يسرق ويغلب. والمقصود أن أصحاب هذه العلاقة رأوا عدم العفاف يفسد هذه العلاقة فغاروا عليها مما يفسدها فهم لم يبتعدوا عن الفاحشة تديناً!(1)
5.ومنذ متى واعتراف المجتمع يعد معياراً فهل اعترافه بعلانية بيع الخمور يبيح الخمر؟ إن معيار المجتمع معيار ناقص وكذلك معيار كثرة المترددين على الأمر لا يعد دليلاً على صحته. فيقول الله تعالى ( قل لا يستوي الخبيث والطيب ولو أعجبك كثرة الخبيث فاتقوا الله يا أولى الألباب لعلكم تفلحون)المائدة100
6.ومن أوضح ما يلاحظ في هذه العلاقة أن كلا الطرفين يرى الآخر في أحسن صورة حتى لو كان عكس ذلك بمعنى أنه قد يكون الشاب أو الرجل تافه وسمج وغير متزن والفتاة التي معه قد لا تقبله زوجاً ولكن مع ذلك فهي تراه في صورة محببة إلى نفسه بدليل استمرار هذه العلاقة بينهما وكذلك الفتاة أو المرأة قد تكون لها من التفاهة نصيب كبير و أفكارها ساذجة وليس لها همة في عمل شئ مفيد ومواضيعها المطروحة تنم عن فراغ في العقل ، بل زد على ذلك أنها قد تكون غير جميلة وأيضاً لا يقبلها الشاب زوجة ، ومع كل هذا يشعر تجاهها بارتياح وقبول وقد يتفقدها ويسأل عنها إذا غابت بل قد يغار عليها .. إذاً ما سر هذا الترابط واستمرار هذه العلاقة على الرغم من علم كلا الطرفين بنقائص الآخر ؟؟؟
وجواب هذا :أنه من تزيين الشيطان إذ يزين كل طرف للآخر ، فإذا رأى أحدهما من الآخر عيباً أو نقصاً يستحسنه ويقبله ، والدليل على ذلك أن صاحب هذه العلاقة لا يقيمها مع أخته أو زوجته إن كان متزوجاً ، بل قد تكون أخته أكثر اتزاناً وعقلاً من التي يبني معها هذه العلاقة ، بل إنه لا يقبل من أخته ما يقبله منها ، وكذلك الفتاة صاحبة هذه العلاقة قد يكون لها أخٌ شقيق هو أفضل من هذا الذي تبني معه هذه العلاقة ، ولكن مع هذا فهو لا يغنيها عن هذا الشاب أو الرجل ، فهكذا يتضح جلياً مدى تزيين الشيطان ، ويكثر في القرآن الكريم قوله تعالى ( وزَيَّن لهم الشيطان أعمالهم) ... والمقصود أن الشيطان لا يدعو إلى الشيء ويسميه باسمه أو بصفته بل يبسط الصعب ويهون العظيم ، حتى إذا دعا إلى الفاحشة يقول هذا أمر طبيعي وعادي ، إن فلان وفلان يفعلونه ، إن كثيراً من الناس يقومون به ، إنه ليس بالأمر الكبير ، قد يكون خطأ ولكنه ليس جريمة.......وهكذا ولا ينتبه إلى هذا إلا من أنار الله قلبه بالإيمان به ، والوقوف على أوامره ونواهيه.
7.هذه العلاقة تقوم على الاستغلال , وذلك من قبل الرجل أكثر منه من قبل المرأة , فالمرأة عاطفية أكثر من الرجل بكثير لذا فهي ترى أن أهم مكسب لها من هذه العلاقة هو الإشباع العاطفي المتمثل في وجود شخص يهتم بها ويحترمها , والمكسب الأخر الذى لا يقل أهمية عنه هو المشاركة الوجدانية وذلك متمثل فى وجود شخص ينصت إلى مشاكلها وآلامها ويبادلها الرأي باهتمام , هذه هى المرأة وهذه هى تركيبتها عموما ولا محل هنا للبيئة أو التربية أو الالتزام , فأي امرأة يكفيها أن تجد من يهتم بها وفى نفس الوقت ينصت إليها ويشاركها مشاكلها , ولا يشترط أن يجد لها حل , ثم يأتي دور الرجل أو الصديق فالرجل لا ينظر للأمور بنظرة عاطفية كالمرأة مما يؤهله أن يكون هو الطرف المستغل لهذه العلاقة فيأتي هنا دوره التمثيلي , فيتفنن فى إظهار الاحترام والتقدير لهذه الفتاة ويعطيها الثقة فى نفسها ثم ينفذ المرحلة الثانية باقتدار أيضا , فينصت إلى ما تطرحه من مشاكل أو أفكار ثم يشعرها بأنه كالطبيب المعالج وكالفقيه الحكيم , فإذا كان غرض الفتاة من هذه العلاقة كما ذكرنا هو الإشباع العاطفي والمشاركة الوجدانية فهل يمنحها هذا الشاب كل هذا من غير مقابل , لوجه الله مثلا ! أبدا , فكما ذكرت سابقا أن الرجل يكفيه من المرأة ولو حتى سماع صوتها أو رؤيتها والأنس بها والتسلي , هذا فى إطار العلاقة البريئة ! وغالبا ما ينفلت الزمام من أيديهما , هذه هى العلاقة بين الرجل والمرأة أو الفتى والفتاة وهذا هو وبكل صراحة ما يقوم به الرجل أو الشاب من استغلال واستغفال للفتاة أو المرأة فى هذه العلاقة ألمسماه بالبريئة .
ثانياً : من ناحية الشرع والدين:
1.إنه من المعلوم يقيناً أن أصحاب هذه العلاقة يتبادلان النظر ولو بعفوية أو حسن نية أليس كذلك؟ يقول الله تعالى ( قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم ويحفظوا فروجهم ذلك ازكى لهم إن الله خبير بما يصنعون (30) وقل للمؤمنات يغضضن من أبصارهن ) وهذا أمر من الله يقتضي الوجوب للمؤمنين والمؤمنات بغض البصر وهنا ليس لحسن النية أو سوء النية محل , وإنما استثنى نظرة الفجأة فقط فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم لعلى ( يا على لا تتبع النظرة النظرة فإنما لك الأولى وليست لك الآخرة ) ثم إن الأمر من الله بغض البصر ليس مقتصرا على الرجال فقط ,تقول أم سلمة: كنت عند رسول الله صلى الله عليه وسلم و عنده ميمونة فأقبل ابن أم مكتوم و ذلك بعد أن أُمرنا بالحجاب فقال النبي صلى الله عليه وسلم : احتجبا منه , فقلنا : أليس هم أعمى لا يبصرنا و لا يعرفنا ؟ فقال صلى الله عليه وسلم : أفعمياوان أنتما ؟! ألستما تبصرانه ؟! رواه أبو داود و الترمذي و قال حديث حسن صحيح .
2.يقول صلى الله عليه وسلم ( خير صفوف الرجال أولها وشرها اخرها وخير الصفوف النساء أخرها وشرها أولها ) هذا بشأن الصلاة فى المسجد فوصف المتأخرات بالخير لبعدهن عن رؤية الرجال وتعلق القلب بهم عند رؤية حركاتهم وسماع كلامهم. يا الله 000 هذا بشأن المسجد الذى هو مكان العبادة وبحضرة النبي فما بال من تتجرأ وتقول هذا زميلي في الجامعة أو العمل أو تقول أنها علاقة بريئة أو أن نيتها سليمة هل أنت نيتك سليمة ومن أمرهن النبي بتجنب مخالطة الرجال نيتهن سوء ؟! أم أنه أمر واجب التنفيذ على الفور.
3.قوله صلى الله عليه وسلم ( ما تركت بعدى فتنة هى أضر على الرجال من النساء ) رواه البخاري ومسلم , فقد وصف النبي النساء بأنهن فتنة على الرجال فكيف يجلس الفاتن مع المفتون؟ أم كيف تكون هناك صداقة بين الفاتن والمفتون.
4.قوله صلى الله عليه وسلم ( لأن يطعن فى رأس أحدكم بمخيط من حديد خير من أن يمس امرأة لا تحل له ). فأين الذين يتجرأون على المصافحة -وما شابه- من أمر النبي؟
ومن هذا كله يتضح أنه لا توجد علاقة بريئة أو صداقة بين الرجل والمرأة أو الفتى والفتاة سواء فى الجامعة أو العمل أو أى مكان , أما كلمة علاقة بريئة فقد أطلقها كل مخادع لنفسه وغيره على علاقة لا ترضى الله ورسوله , وبعيداً عن هذا كله نهمس فى أذن من كان مقتنع بهذه العلاقة ونسأله ونسألها إن الوقت والأعمال تسجل إما فى ديوان الحسنات أو ديوان السيئات ففي أي الديوانين يسجل الوقت الذى قضيته أو قضيتيه تحت عنوان العلاقة البريئة أفي الحسنات أم السيئات؟؟؟؟
إذاً البدار البدار إلى التوبة والرجوع وعدم الإصرار والمكابرة و التجرؤ على ما نهى الله عنه , فإنه من أعظم العقوبات في الدنيا على المعاصي ألا يشعر العاصي بها بل يصر عليها.
(وأخيراً لا تنخدعي بمن يدعى أن بناء علاقة بين الرجل والمرأة أو الفتى والفتاة خاصة فى الجامعات وغيرها هى الحضارة والمدنية. كذبوا والله بل إنه الشر كل الشر ولا ينهانا ربنا الا عن الشر وما يوصل إليه.
وما لنا وللغرب ليذهب الغرب بنسائه إلى الجحيم إنها ممتهنة فى عقر دارها تربح المال من لديها جمال فإن ذهب جمالها رموها كما ترمى ليمونة امتص ماؤها , لكننا قلدناهم تركنا الحسن وأخذنا القبيح , أما كفانا تفكيراً برؤوس غيرنا أما كفانا نظراً بعيون عدونا أما كفانا تقليداً كتقليد القردة , ليصنع بنات الغرب ما شئن وما شاء لهن رجالهن فما لنا ولهم وتكوني أنت كما يريد لك الله ربك فليس فى الدنيا أكرم منك وأطهر ما تمسكت بدينك وحافظت على حجابك وتخلقت بأخلاقك الحسنة ).(2)
وهذا ما قاله المستشرق شاتليه: ( إذا أردتم أن تغزو الإسلام وتخضدوا شوكته وتقضوا على هذه العقيدة التي قضت على كل العقائد السابقة واللاحقة لها ، والتي كانت السبب الأول والرئيسي لاعتزاز المسلمين بشموخهم وسبب سيادتهم وغزوهم للعالم ، عليكم أن توجهوا جهود هدمكم إلى نفوس الشباب المسلم بإماتة روح الاعتزاز بماضيهم وكتابهم القرآن ، وتحويلهم عن كل ذلك بواسطة نشر ثقافاتكم وتاريخكم ونشر روح الإباحية وتوفير عوامل الهدم المعنوي ، وحتى لو لم نجد إلا المغفلين منهم والسذج والبسطاء لكفانا ذلك لأن الشجرة يجب أن يتسبب لها في القطع أحد أغصانها).(3)
1)روضه المحبين ونزهة المشتاقين للعلامة ابن القيم
2)حكم الاختلاط للشيخ محمد إبراهيم آل الشيخ
3) هويتنا أو الهاوية للشيخ محمد إسماعيل المقدم
أسأل الله العلى القدير أن يوفقك و يهديني و إياك إلى ما يحب و يرضى , و اعلمي بأن النجاة النجاة فى أن تزنى الأمور كلها صغيرها وكبيرها على ميزان الشرع , والشرع هو أمر أو نهى من الله أو رسوله أو إجماع العلماء.
أما بعد : لقد بدا من الضروري طرح قضية الزي الإسلامي أو الالتزام بالمظهر الخارجي للمرأة أو الفتاة فى صورة عملية ومناقشة ما يدور فى عقل كل واحدة بشأنه , و حتى يتبين الطريق ولأن الأمر جد خطير والعلة هى انتشار روح الاستهانة بأوامر الله ونواهيه , وما ينتج عن ذلك من أضرار هى لا تضر صاحبها فقط وإنما تعود على الجميع , قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إن الناس إذا رأوا المنكر فلم يغيروه أوشك أن يعمهم الله بعقابه " صحيح رواه أحمد , فهذه تكاد تكون معظم ما يدور فى عقل كل واحدة سواء على لسانها أو فى قرارة نفسها , وسنعالجها إن شاء الله بشكل موضوعي مقنع و مختصر حتى تستفيد منه من هى متردده أو تجهل بعض الأمور , ولا نقصد فى هذا السرد أهل الجدل أو العناد فالجدل العقيم والعناد لا نعرف لهما دواء يقول الله تعالى سأصرف عن ءايا تي الذين يتكبرون فى الأرض بغير الحق و إن يروا كل ءاية لا يؤمنوا بها و إن يروا سبيل الرشد لا يتخذوه سبيلا ذلك بأنهم كذبوا بآياتنا و كانوا عنها غافلين) الأعراف:146 أما الجهل والنسيان والخطأ فميسور إن شاء الله مداواتهم وذلك لأن كل بنى آدم خطاء وخير الخطاءين التوابون , فمن باب فذكر فإن الذكرى تنفع المؤمنين نفتح صدورنا ونصارح أنفسنا بالداء والدواء , وإنما أوجه هذه الرسالة إلى كل أخت فاضلة - نسأل الله أن يبارك فى أخواتنا ويهدينا ويهديهن إلى ما يحب ويرضى - من باب الضرورة الملحة وخطورة هذا الأمر , فأنت كفتاة أو امرأة لست محل اتهام وتنقيص وإنما نلح فى دعوتك لأنك أنت عماد المجتمع فمن منا رباه أبوه دون أمه ؟ فالمرأة أو الفتاة المسلمة هى الزاد والمنبع الأصيل ومنها ومن خلالها سنستعيد قوتنا لأنها هى المصدر والممول والدافع لهذا الرجل فلن تنهض أبدأ الأمة بدونها وكذلك لا تحدث الانتكاسات إلا والمرأة من أهم المقومات للانتكاسة , ولقد علم أعداء الأمة قيمة المرآة فى الإسلام فلم يهنأ لهم بال إلا وهم يدرسون كيف نهدم المرآة ونطمس هويتها حتى ينهد بنيان هذا الإسلام , فبصلاحك ينصلح المجتمع المسلم وبطمس معالمك الأصيلة تكون ضربة قوية ضد الإسلام , فوالله نحن فى أشد الحاجة إليك فى عملية البناء بناء الإسلام فإن لم تستطيعي البناء فلا تكوني معول هدم , فعلى هذا نبدأ فى سرد معظم ما يخطر على بال من هى غير ملتزمه بالزي الإسلامي الصحيح:
1) ألا يعتبر المظهر الخارجي حرية شخصية ؟
نقول أن كلمة الحرية الشخصية هى كلمة دخيلة علينا من الغرب فأولا ننظر إليها عند مصدريها , فالحرية عندهم تعنى أن تفعل ما تشاء و تأكل ما تشاء وتلبس ما تشاء وتعتقد ما تشاء وتنام مع من تشاء فإذا كان هذا هو الحال فما هى النتيجة ؟ الجواب مسموع ومشاهد و معلوم للقاصي و الداني أن أعلى معدلات الجريمة و القتل والسرقة و الاختطاف و الاغتصاب و الشذوذ والخيانة والسكر و الانحلال الخلقي الغير مسبوق هذا كله و أكثر موطنه فى هذه البلاد الراعية والداعية إلى الحرية ! فسيقول قائل لا نقصد هذه الحرية المطلقة فلا نقصد الحرية التي تدعوا الفتاة للخروج بملابس شنيعة المنظر لا ترتديها إلا فتيات الليل فى أقذر الأماكن بل نقصد الحرية المقيدة , نقول هذا كلام حسن فنحن نتفق على وضع حدود و قيود على الحرية حتى لا تكون انحلال فهل توافقون على أن من يضع الحدود و القيود على الحريات أن يكون له العلم الكامل بالإنسان و حاجاته و ميوله و تركيبته و ما يصلحه و ما يفسده فى الماضي و الحاضر و المستقبل ؟ و هل هناك أحد يعلم الصنعة إلا صانعها ؟ وهل يعلم ما يصلح الإنسان و ما يفسده إلا الله ؟ يقول الله تعالىألا يعلم من خلق و هو اللطيف الخبير)الملك:14,فما من مسلم يؤمن بوجود الله إلا و يؤمن بأن الله عز و جل هو أولى و أحق من يشرع المنهج السليم الذى يصلح الإنسان , يقول الله تعالىإنما كان قول المؤمنين إذا دعوا إلى الله و رسوله ليحكم بينهم أن يقولوا سمعنا و أطعنا و أولئك هم المفلحون)النور:51,ويقول تعالىوما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمرا أن يكون لهم الخيرة من أمرهم و من يعص الله و رسوله فقد ضل ضلالا مبينا)الأحزاب:36,ويقول تعالىو ربك يخلق ما يشاء و يختار ما كان لهم الخيرة سبحن الله وتعلى عما يشركون)القصص:68, ولكي يتضح الأمر يجب علينا فهم مغزى و معنى أوامر الله و نواهيه , فعند ذهاب أحدنا إلى أحد الأطباء المتخصصين فينهاه عن تناول بعض المأكولات و لو كانت محببة إلى النفس و يأمر بتناول أدوية و لو كانت مرة الطعم , فهذا الطبيب قيد حرية المريض ولكن لماذا ؟ الجواب حتى يتم له النفع و الشفاء , ولله المثل الأعلى فالله عز و جل قيد الحرية بوضع نواهي وحدود حتى لا تؤدى الحرية إلى هلاك الإنسان و انحلاله بل إن الله عز و جل له العلم المطلق بالإنسان , فهذا الطبيب يعلم الكثير ويخفى عليه الأكثر و مع ذلك نسلم له و نرضى بكل أوامره و نواهيه بالحرف الواحد ولا يعارض أمره ونهيه بقول (حرية شخصية) ! أليس من الأولى أن نسلم لله صاحب العلم المطلق والكمال المطلق سبحانه وتعالى وعز و جل بكل أوامره و نواهيه من غير مكابرة و عناد ؟!
2) الالتزام بالزي الإسلامي ليس من الأولويات الضرورية بل هناك ما هو أهم منه و أولى :
والجواب على ذلك أنه من المعلوم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يأمر إلا بأمر من الله , فأمر رسول الله هو من الله , فما بالك وأن أمر الالتزام بالزي الإسلامي لم يأت من الرسول بل من الله عز وجل مباشرة , و ما بالك أنه لم يأت فى صورة أمر لعامة المؤمنين فلم يقل يأيها الذين آمنوا , بل وجه الله سبحانه وتعالى أمره للمؤمنين مبتدأ بالنبى مما يدل على أن الأمر ليس مهما فحسب بل هو أمر خطير ! فقد قال الله تعالى: (يأيها النبي قل لأزواجك وبناتك ونساء المؤمنين يدنين عليهن من جلابيبهن..) 59 :الأحزاب فلو صح أن هناك أولويات لكان من أهم وأولى الأشياء على المرأة هو التزامها بالمظهر الخارجي الصحيح لخطورة هذا الأمر ليس لها فحسب بل على المجتمع كله.
3) الكلام عن أهمية المظهر الخارجى وفتنة النساء للرجال لا نسمع عنه فى الدول المتقدمة كأمريكا وأوربا , فهل نحن أكثر منهم علماً وتقدماً وأكثر دراية بما يصلح المجتمع عنهم؟
الجواب على هذا أن هذا الأمر واضح وضوح الشمس فهذه الدول لا يوجد فى قاموسها اللغوى شئ أسمه عفة المرأة وفتنة النساء للرجال؛ وما ينتج عن الانحلال فى المظهر الخارجي يتم معالجته بالفحشاء فى أقرب مكان أو على قارعة الطريق وكفى بإحصائيات الخيانة الزوجية والشذوذ رداً على ذلك , فإنه لا تكاد الفتاة تبلغ الثانية عشرة أو الرابعة عشرة إلا ولها صديق- له ما للزوج تماما-ً فإذا كان الأمر هكذا فهل المظهر الخارجي يعتبر محور أساسي؟ الجواب بالطبع لا لأنه كما ذكرنا ما ينتج عن العرى وإثارة الشهوات بسبب المظهر الخارجي للمرأة يعالج بالفاحشة فى أقرب وقت و مكان من غير عقبات ولا رادع ديني أو قانوني ولا عرفاً عندهم يمنع ذلك , أما عندنا نحن فهذه الفتاة التي تلح فى إظهار مفاتنها نظن بها الخير أنها عفيفة ومحترمة ولكنها تفتقد تقدير الأمور فى نصابها فهي تقوم بقصد أو بغير قصد بإثارة الفتنة وإيقاظ الغرائز الطبيعية فى الرجل ثم بعد ذلك لا يتم تصريف هذه الغرائز , وذلك لأن أمر الفاحشة فى ديننا ومجتمعنا أمر عظيم جداً , ثم من قال أن الغرب لا يعانى من مسألة المظهر الخارجي للمرأة وفتنتها للرجل ؟ فإنه ومع سهولة أمر الفاحشة عندهم إلا أن الأمر يزداد سوءاً , فلقد أجمع المنصفون من أهل هذه البلاد أن هذه المجتمعات بما تحويه من انحلال خلقي وانهيار اجتماعي ما هو إلا خطوة كبيرة من خطوات انهيار هذه الحضارة المزعومة , فإن العبرة من التقدم والحضارة هو ما يضيفه هذا التقدم إلى المجتمع والفرد من قيم و أخلاق , فإذا كانت إضافته هى اانحلال خلقي وتشرذم الأسرة وانتشار جميع أنواع الفواحش بكل يسر وسهولة فهذا هو التخلف بعينه و بعيدا عن هذا كله فإن الله عز وجل يقولقل لا يستوي الخبيث والطيب ولو أعجبك كثرة الخبيث فاتقوا الله يا أولي الألباب لعلكم تفلحون)100:المائدة وعن ابن مسعود رضى الله عنه قاللا تكونن إمعة, قالوا : وما الإمعة ؟ قال : يقول إنا مع الناس إن اهتدوا اهتديت و إن ضلوا ضللت , ألا ليوطئن أحدكم نفسه على انه إذا كفر الناس ألا يكفر)
4) الكلام عن الحجاب أو الزي الإسلامي لا يخصني وغير موجه لي لأنني أرتدى الحجاب على رأسي فأنا ملتزمة بتعاليم الإسلام !
والجواب على ذلك من الذى قال أن الحجاب هو غطاء الرأس فحسب ! هذا خلط للأمور وسوء فهم فإذا غطت المرأة رأسها وكشفت ذراعها أو بدنها سواء بصورة مباشرة (كالقصير) أو غير مباشرة (كالضيق والملون اللافت للنظر أو الخفيف) فهذا ليس حجاب أبداً بل هو التبرج بعينه , وإذا غطت كل هذا بشكل صحيح ثم تكسرت فى مشيتها أو صوتها أو وضعت العطر فى الطريق فهذا أيضاً هو التبرج بعينه , أما الحجاب الصحيح الذى لا روغان فيه هو أن تكون المرأة أو الفتاة عند خروجها مجتهدة أن لا تلفت النظر إليها وذلك عملياً بمنافاة ما ذكرناه , أما مخادعة النفس والشعور والقناعة بالرضا عن الخطأ فهذا يصعب مداواته يقول الله تعالىقل هل ننبئكم بالأخسرين أعملا. الذين ضل سعيهم فى الحياة الدنيا و هم يحسبون أنهم يحسنون صنعا)103,104 :الكهف, فأنت لست فى انتظار أن يقال لك أن الزي الإسلامي هو كذا وكذا وأن تلبسى كذا وأن تلبسي كذا وإنما أنت لو كان عندك صدق فى طلب الحق فبالفطرة السليمة والحياء المركب داخلك يكيفان لأن يرشداك إلى ما يكون منك من فتنة تثير الغرائز وسدها سواء كان فى الملبس أو المشية وطريقة الكلام والتعطر , فأنت أدرى من غيرك بهذا فإن كنت تظني أنه يمكن الروغان حول أوامر الله ونواهيه فاعلمى أنه من فوقك ينظر إليك ويسمعك فإن استطعت مخادعة من حولك أو مخادعة نفسك بأن الصواب خطأ والخطأ صواب فإن الله يعلم السر وأخفى فاحذري إن كنت وقعت فى فخ مخادعة النفس أن يختم الله على قلبك وبصيرتك فلا تكادي تفقهي شيئاً من أمور الدين ويصير عندك الحلال كالحرام والحرام كالحلال.
5) يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم إن فى الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله وإذا فسدت فسد الجسد كله) فما دام قلبى طاهراً ولا أحمل شراً إذن فإنا صالحه.
والجواب أن هذا من الخطأ فى الفهم , فبداية ما هو معنى الصلاح ؟ فمهمة القلم هى الكتابة فإذا كتب فهو قلم صالح وإلا فهو فاسد , والساعة وظيفتها الاستدلال على الوقت بالضبط فإن دلتنا فهي صالحة وإلا فهي فاسدة , فكذلك الجسد وظيفته الركوع والسجود لله وإتباع أوامر الله واجتناب نواهيه والسعي فى طلب الحلال فإذا قام الجسد بهذا كان صالحاً وإلا فهو غير صالح , وعلى هذا يكون صلاح القلب ناتج عن صلاح الجسد, بمعنى أن من يدعى صلاح قلبه وجسده لا يقوم بالمهمات الواجب القيام بها فهو يكذب على نفسه لأنه لو كان القلب صالح لظهر هذا الصلاح على الجسد وذلك بالوقوف على أوامر الله ونواهيه , وما دام الجسد لا ينصاع لأوامر الله فهذا دليل أن القلب غير صالح أو سليم.
6) الالتزام بالمظهر الخارجي والزي الإسلامي من القشور إنما المهم هو الداخل والقلب..
وجواب هذا أن أى ثمرة لابد ولها قشرة فلو سلمنا أن هذه القشرة ليست بذات أهمية فى حد ذاتها , ولكن هل يمكن للثمرة أن تبقى من غير هذه القشرة؟ الجواب لا والدليل تخيلى أنك ذهبت لشراء نوع من الفاكهة الموز مثلاً وإذا بالبائع ينزع القشر عن هذا الموز , ثم إذا سألتيه يقول لك أن القشر غير مهم المهم هو قلب الثمرة! هل يرضى عقلك بهذا ؟! ولسوف تجدين أن كل ثمرة لا قشرة لها فستفسد بالتأكيد , وأن كل ثمرة محافظة على قشرتها فهي سليمة إلا القليل النادر , وعلى هذا فإن مقولة الزي الإسلامي من القشور المهم هو القلب مقولة تفتقر إلى العقل و المنطق فضلاً عن الدين.
7) لماذا الرجل إذا خرج يلبس ما يشاء وليس عليه قيود نسبياً أما المرأة فعلى العكس من ذلك؟
والجواب على ذلك أن الله سبحانه وتعالى جعل الفطرة والطبيعة أن الرجل هو الذى يطلب المرأة , فتزين الطالب(الرجل) لا يؤثر ولا يفتن المطلوب(المرأة) كما يؤثر و يفتن تزين المطلوب فى الطالب , فالرجل مركب داخله طلب المرأة والتأثر بها من خلال مظهرها الخارجي وعلى العكس من ذلك فإن المرأة لا يبهرها أو يفتنها مظهر الرجل الخارجي بل أنها قد تنفر من الرجل الذى يبالغ فى مظهره الخارجي,وإنه ليبدو واضحاً فى الطريق مثلاً أن المرأة لا تلتفت إلى الرجل وإن كانت غير ملتزمة ولا تجد فى ذلك مشقة ولا عناء فى هذا ؛ هذه هى طبيعتها بينما الرجل و ان كان تقياً فإنه يجاهد طبيعته فى عدم النظر أو الالتفات , فهل رأيتي امرأة ولو كانت سيئة الخلق تتفحص الرجال فى الطريق كما يفعل أحد الدون من الرجال من إمعان النظر؟؟
8) لماذا لا يتم توجيه الكلام إلى الرجال بغض البصر حتى لا تحدث الفتنة؟
وجواب هذا أن الفطرة السليمة تحتم على المرأة الستر والحياء وطبع الرجل هو الميل إلى المرأة فأيهما أولى وأيسر العودة إلى الفطرة أم مجاهدة الطبع؟ فعودة المرأة إلى فطرتها بالتزام المظهر الصحيح تسد باب الفتنة أصلاً, فمرد عملها يعود عليها وعلى الجميع , أما الرجل وهو فعلاً مأمور من الله عز وجل بغض البصر ومرد غضه لبصره يعود عليه وعلى سلامة قلبه , إذن فالتزام المرأة بمظهرها الخارجي أولى وأوجب من غض الرجل لبصره , فإنه من الإجحاف مطالبة هذا الشاب وتحميله المسئولية عن هذه التي تلح فى عرض جسدها بكل ما تستطيع وتبذل جهد مضني فى لفت نظر الجميع إليها قصدت ذلك أم لم تقصد ثم بعد هذا تستنكر على هذا الذى يتفحصها كالمسعور , أولم تعملي حسابه ؟! فإذا غض الصالحون أبصارهم عنك امتثالا لأمر الله فما بقى إلا هؤلاء الدون الذين لا يتقون الله وأنت فى نظرهم واحدة تعرض ما لديها عليهم ليتفحصوه !!! وكما ذكرنا لا يشترط أنك تقصدي ذلك أم لا , فإن ما يؤخر العلاج زماناً طويلاً عدم الاعتراف بالمرض وإلقاء الأسباب الحقيقية وراء ظهورنا.
9) ألا يمكن أن نأخذ حلاً وسطاً بين الأناقة والمظهر الخارجى وبين الزى الإسلامى الصحيح؟
وجواب هذا أن هذا القول من الحيل الخبيثة المتقنة التي استخدمها من يريد أن ينشر الفساد بيننا , وللأسف أن هذه الحيلة الخبيثة أدت مهمتها على أتم وجه فقد لاقت هذه الفكرة إيجاباً وقبولاً بين الفئة التي تريد أن تكسب كل شئ من غير أن تفقد أى شئ , فهي مجازاً محجبة فهي تغطى شعرها وبدنها ولا يظهر منها إلا الوجه والكفين , ولكنها بماذا سترت رأسها وبدنها؟ فإنها عصبت رأسها وحزمتها كما تحزم علبة الحلوى وذلك باستخدام قطعة قماش تجتلب النظر البعيد قبل القريب , فما الفرق بينها وبين من كشفت شعرها ؟! إنما الفرق أنها وفرت على نفسها تسريح الشعر وتزيينه واستعاضت عن ذلك بما يقوم بنفس المهمة كهذه القماشة الملونة بألوان مختلفة ومحزمة بشكل يلفت النظر , هذا وإن باقي الملبس على نفس الطريقة , فهي تلبس الجيب الضيقة أو الخفيفة أو ما يمليه عليها عقلها بالتشبه بالرجال فتلبس البنطلون وتقول هو أفضل من الجيبة حتى يسهل الحركة وهى ما تدرى أنها دخلت تحت من لعنهم رسول الله للتشبه بالرجال, المقصود من هذا أنها تساير الموضة تماماً وفى نفس الوقت تظن أنها محجبة لماذا؟ لأنها تغطى شعرها وهكذا ابتلعت هذه المسكينة الطعم وانخدعت أو خدعت نفسها فهي لا تدرى أنها على هذه الصورة متبرجة قلباً وقالباً وأن كل الوعيد الذى وصف به المتبرجات ينطبق عليها تماماً إن لم تراجع نفسها .
10) لو كان عدم الالتزام بالمظهر الإسلامي يغضب الله لعاقبني ولكن الحمد لله ربنا يوفقني ولا أشعر بعقاب؟
والجواب على هذا أن لله سنن وقوانين للتعامل مع الإنسان لا يشترط أن تكون موافقة لما عليه المنطق البشرى , فصحيح هذا القول لو طبقناه على بعضنا البعض فإن فلان من الناس إذا رضى عن أحد كافأه وجازاه بالخير والعكس صحيح , ولكن هذا فى حدود كأن يكون عمر الإنسان , فإن العقاب والثواب من الإنسان للإنسان لا يمتد بعد موته, ولكن الله عز وجل يقدر أن يمهل العاصي أو الظالم إلى أى أجل يشاء , فهو سبحانه الباقي وهذا الإنسان لا يخرج عن ملكه , فالمقصود أن لله سنن وقوانين قد لا تتفق مع قوانين الإنسان فى المعاملات, فالله يملى للظالم يقول صلى الله عليه وسلم إن الله ليملى للظالم فإذا أخذه لم يفلته) متفق عليه , والله يستدرج الظالم بالوقوع فى المزيد من الظلم حتى إذا أخذه جازاه بالصغيرة قبل الكبيرة يقول الله تعالىسنستدرجهم من حيث لا يعلمون)44:القلم , والله سبحانه وتعالى حليم يصبر على عبده حتى يرجع إليه , والله ودود يتودد إلى عبده بالنعم والخير , ولكن بعد هذا إن لم يشكر العبد ربه وذلك بالوقوف على أوامره ونواهيه لا باللسان فقط فإن هذا الإنسان أين سيذهب من الله ؟ فإن أمهله اليوم فغداً , و إن كان بعد ذلك فأين يذهب بعد موته؟ يقول الله تعالىحتى إذا جاء أحدهم الموت قال رب ارجعون. لعلى أعمل صلحا فيما تركت كلا إنها كلمة هو قائلها ومن ورائهم برزخ إلى يوم يبعثون)99,100المؤمنون وسؤال يلزم جوابه يسير من العقل هل يأمرني الله بشيء ولا أفعله ثم يغرني حلم الله وإمهاله على التمادي فى مغالطته ومعصيته؟؟!
ولو كان الأمر بمنطق الإنسان فلماذا ترك الله فرعون هذه المدة , ولماذا أبتلى حبيبه محمد صلى الله عليه وسلم بالمرض وأنواع البلاء , أذن فليس معنى الصبر والإمهال الرضى عن العبد وليس معنى الابتلاء الغضب على العبد وإنما العبرة هنا والفيصل هو هل هذا العبد ملتزم بأوامر الله ونواهيه أم لا؟ فإذا كان ملتزم فإن النعم التي أنعم الله عليه بها هى نتيجة لرضا الله عنه , وأن ابتلاء الله له هو لتكفير السيئات ورفع الدرجات , فعلى العكس من ذلك إذا كان العبد عاصي لله معرض عن أمره ونهيه متبع لهواه ورأيه فإن النعم والمنح من الله هى من قبيل الاستدارج وحتى لا يكون له حجة , وإذا بلاه الله بمصيبة فهي من غضب الله عليه , وهذه الأصول من أهم الأصول على الإطلاق.
11) إذا كان الالتزام بالزى الإسلامى يعنى أن تخفى المرأة كل مفاتنها وزينتها وما يرغب فيها الرجال فكيف ستتزوج؟
الجواب على هذا أن نسبة الطلاق فى السنة الأولى وصلت إلى 40% وهذا فى ظل الانخلاع عن التقاليد الشرعية , وأن أكبر نسبة زواج ناجح تكون بين المتزوجين عن طريق الأهل أو بطريقة غير مباشرة أى لم يتم التعارف إلا بعد هذا الارتباط وهذا أقرب ما يكون إلى الشرع والسلامة. وإذا كان الزواج هو من الطاعة فهل تنال هذه الطاعة بمعصية الله , بل إن الناظر إلى هذا المنطق العقيم يجد أن الذى تبهره المرأة لا لشيء إلا لهذا المظهر فإنه ينظر إليها كما ينظر إلى قميص جميل أو ساعة جميله ويصل الأمر إلى أن يباهى الناس بهذه المرأة آسف أقصد القميص أو الساعة !! هذه هى النوعية التي ترغبين فيها؟ إن من تخفى مفاتنها الظاهرة هى أكثر منك ذكاءً وأقوى منك شخصية فوالله لا يقدر سليم الفطرة إلا أن يضعها فى أعلى المراتب احتراماً وتقديراً و طلباً للزواج , ولقد بدا معلوماً أن نسبة الزواج من الملتزمات بالزي الإسلامي تصل إلى ضعفى الطلب على الزواج من غير الملتزمات بالزي الإسلامي الصحيح .
12) إن الله جميل يجب الجمال وتزين الوجه من الجمال فهل يرضى الله أن أخرج بشكل قبيح؟
والجواب على هذا أن الأمر ليس بهذه الصورة , فإن الله نعم يحب الجمال ولكن الذى لا ينتج عنه فساد أوضرر , فإن كان نتيجة هذا الجمال نشر الفتنة وإيقاظ الغرائز فإنه لا يجلب إلا سخط الله , ولنا وقفة مع تزيين الوجه فقد ثبت علمياً أن البشرة التي يوضع عليها أنواع المساحيق أو الزينة لا يزيد عمرها عن عامين و يقول الدكتور وهبة أحمد حسن(كلية الطب- جامعة الإسكندرية):
(إن إزالة شعر الحاجب بالوسائل المختلفة ثم استخدام أقلام الحواجب وغيرها من ماكياجات الجلد لها تأثيرها الضار ، فهي مصنوعة من مركبات معادن ثقيلة، مثل: الرصاص والزئبق. تذاب في مركبات دهنية مثل زيت الكاكاو)انتهى... ومع ذلك فإذا كانت هذه البشرة جميلة بطبعها فإن هذه الزينة بتركيباتها الكيماوية (ولا يغرك كذب المنتجين) تتفاعل مع الجو الخارجي فتقوم بحرق هذه البشرة والتعجيل بوجود التجاعيد فى الوجه وحول العينين , كما أن صاحبة هذا الوجه المزين فى الخارج لا يقدر أحد النظر إليها داخل البيت فهي لا يمكن أن تخرج بغير هذه الأقنعة فوجهها تقبح بها ومع ذلك فهي لا تقدر أن تستغني عنها لأنها هى الغطاء لما هى أفسدته , وبالنظر إلى من التزمت بالحكم الإلهي فهي لا تحمل هما لوجهها ولا يكلفها عبأ فهي لا ترتعد من حرارة الشمس ولا تخشى غسله مائة مرة فى اليوم فلا تحمل هم الوضوء للصلاة كهذه , أليست الطبيعة أفضل من التصنع المضر؟
13) أنا لا أقصد إثارة الفتنة فى الشباب مطلقاً بهذا اللبس والعطر فهذا ليس قصدى أبداً.
وجواب هذا سهل ويسير , فإنه لا يشترط القصد فى المضرة وإنما العبرة والحكم بوقوع الضرر فأنت مثلاً إذا جلست بجانب أحد المدخنين فى أحد المواصلات ثم أخذ ينفخ فى وجهك الدخان فإذا نهيتيه وقلت له هذا لا يصح أنت تضرني بهذا الدخان يقول لك أنا لا أقصد أبداً إيذائك وضررك بهذا الدخان هذا ليس قصدي , فهل يشفع جوابه هذا عندك ؟ أم أنك تقولين لا يهمني قصدك هذا وإنما العبرة بما يوقعه على من ضرر ؛ وإنه لمن المعلوم أن من أهم مهمات العقل هى قياس المصالح والمفاسد, المنافع والمضار وترجيح الأولى عن ما دونه فإذا كانت نتيجة هذا المظهر إثارة الفتنة فى الشباب وإيقاظ الغرائز الطبيعية المجبول عليها الرجل وفوق هذا كله غضب الله وسخطه لعصيانك أوامره وإتباعك للشيطان وهواك وإتباعك لرأيك ووجهة نظرك , فهل هذا كله يرجح أمامه مصلحة أو فائدة ؟ هل هناك عذر أمام هذا كله؟
14) أنا لا ألتزم بالزي الإسلامي بشكل كامل , ولكن مع ذلك أنا لا أعتقد أن مظهري الخارجي يثير الغرائز أو الفتنة كما يقال وأرى أن هذه مبالغة.
الجواب على هذا أن الفتنة وإثارة الغرائز لا تحكمين أنت عليها فأنت لست رجل ولو كنت رجل لعرفتي معنى هذا الكلام , فهل يصح أن تقول فتاة لم تتزوج أن تربية الأولاد شئ عادى جداً وبسيط؟ هى أصلاً لا أولاد عندها ولم تجرب أو تعيش تربية الأولاد فكيف تحكم أنها شئ عادى جداً وبسيط , فكذلك بما أنك امرأة ولست رجل فلن تحيطي أبداً أو تدركي خطورة فتنة المرأة للرجل بمظهرها الخارجي , ونبين شئ خطير قد تحسب المرأة أو الفتاة أن شيئاً لا يثير الفتنة فى مظهرها هذا (بتقديرها) ولكن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال أن المرأة إذا خرجت استشرفها الشيطان أخرجه الترمذي , أى يزينها للناظرين فقد يكون مظهرها الخارجي محتشم نسبياً أو قد تكون غير جميلة , ومع ذلك فإن الشيطان يزينها ويجعل كل عيوبها محاسن وهذا شئ واضح جداً في الطرقات , فكيف إذا كانت هي أصلاً جميلة وتجتهد في لفت النظر إليها تقصد ذلك أم لم تقصد فالعبرة بالنهاية. أما ما يقال بأنه مبالغة فإذا كنا نحن نبالغ فهل رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ يصر ويكرر بيان حقيقة فتنة النساء على الرجال كان يبالغ؟ أم أن الأمر خطير و أنت لا تشعرين ؟! فقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم (ما تركت بعدى فتنة هى أضر على الرجال من النساء)متفق عليه ، (وفتنة بنو إسرائيل كانت فى النساء)صحيح أخرجه مسلم بل إن الأمر يصل لأعظم من هذا فإن نبي الرحمة الذى بعث رحمة للعالمين يأمر بلعن الكاسيات العاريات فقد قال صلى الله عليه وسلم (سيكون فى آخر أمتي نساء كاسيات عاريات على رؤوسهن كأسنمة البخت ألعنوهن فإنهن الملعونات) صحيح.. ومعنى كاسيات عاريات أى كاسيات فى الصورة عاريات فى الحقيقة , لأنهن يلبسن ملابس لا تستر جسداً ولا تخفى عورة فالغرض من الملابس الستر فإذا لم يستر الملبس كان صاحبه عارياً وهذا ينطبق تماماً على الملابس الضيقة والمفتوحة , أما اللعن فهو الطرد من رحمة الله وكذلك لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم: (الرجل يلبس لبسة المرأة والمرأة تلبس لبسة الرجل) رواه أبو داوود بإسناد صحيح وصححه الألبانى وهذا البنطلون أليس من ملابس الرجال , هذا إن كان واسعاً وإن كان ضيقاً فهو مصيبة أخرى فوق هذا, وهذا الكلام بصريح فتاوى أهل العلم , فقد أفتى الشيخ صالح العثيميين عضو هيئة كبار العلماء بالسعودية أنه (لا يجوز لبس البنطلون حتى ولو كان البنطلون واسعاً فضفاضاً لأن تميز رجل عن أخرى يكون به شئ من عدم الستر ولأن البنطال من ألبسة الرجال) وأيضاً أفتت دار الإفتاء المصرية بما يلي : (لبس المرأة للبنطلون الضيق المفصل لجسدها حرام شرعاً) وكذلك استهان بعض النساء بوضع العطر وترقيق الحاجب وقد قال النبى (أيما امرأة استعطرت ثم خرجت فمرت على قوم ليجدوا ريحها فهي زانية) رواه أبو داود و النسائى , وقال أيضاً ( لعن الله الواشمات والمستوشمات والنامصات والمتنمصات والمتفلجات للحسن المغيرات خلق الله) متفق عليه , والنامصة هى من تقوم بعملية ترقيق الحواجب للنساء , والمتنمصة هى من تطلب ذلك والمتفلجة هى التي تبرد أسنانها ليتباعد بعضها من بعض قليلا وتحسنها. فإذا كان هذا وصف رسول الله صلى الله عليه وسلم لبعض الأشياء التي تستهين بها الكثيرات وإذا حدثك أحد عنها تقولين أنها مبالغة فهل مازلت تقولين كلمة مبالغة؟.
15) أنا أقوم بأعمال صالحة كثيرة وعبادات كثيرة كالصلاة وقراءة القرآن ولا أكذب وهذه الطاعات ستمحوا معصية عدم الالتزام بالزى الإسلامي الصحيح.
وجواب هذا أن الإنسان عموماً يظن أن طاعته أكثر من معاصيه وأن عباداته ستمحوا سيئاته , وهذا ينتج عن أن الإنسان يحفظ عدد حسناته ولا يحاسب نفسه على سيئاته , فإذا صنع جرابين أحدهما للحسنات وآخر للسيئات فإنه يقطع جراب السيئات أما جراب الحسنات فهو سليم فكلما وضع فى جراب السيئات يظل فارغاً بينما جراب الحسنات يراه منتفشاً وهكذا, ومع ذلك فإن قبول الطاعة أمر لا يعلمه إلا الله , وإن عدم الالتزام بالمظهر الخارجي وإبداء المفاتن ليس من صغائر الذنوب بل هو من الكبائر! نعم لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم صور الكاسيات العاريات بأنهن ملعونات , واللعن لا يكون إلا على كبائر الذنوب , فأحسني إلى نفسك ولا تخاطري بالمقارنة بين الحسنات والسيئات من غير علم بحجم السيئات ومن غير أن تعلمى أن التبرج كبيرة تستوجب عذاب جهنم , وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (كل أمتي معافى إلى المجاهرين) ألا تصدقى أن من خالفت أوامر الله ورسوله الصريحة بشأن عدم إبداء الزينة والمفاتن وتخرج إلى الطريق بهذا الشكل هى مجاهرة بالمعاصي؟
16) إن الله غفور رحيم ورحمة الله واسعة , وهل يقارن عدم الالتزام بالزى الإسلامى برحمة الله وعفوه؟
يقول صلى الله عليه وسلمالكيس من دان نفسه وعمل لما بعد الموت والعاجز من أتبع نفسه هواها وتمنى على الله) حسن والترمذى , و قد قال بعض العلماء: من رجا شيئاً طلبه ومن خاف شيئاً هرب منه ومن رجا الغفران مع الإصرار فهو مغرور, والعجب أن القرن الأول عملوا وخافوا ثم أهل هذا الزمان آمنوا مع التقصير واطمأنوا , أتراهم عرفوا من كرم الله تعالى ما لم يعرفه الأنبياء والصالحون؟! ولو كان هذا الأمر يدرك بالمنى فلما تعب أولئك وكثر بكائهم من خشية الله فرحمة الله يلزمها عمل , وقال معروف: رجاؤك لرحمة من لا تطيعه من الخذلان والحمق .
17) قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من قال لا إله إلا الله دخل الجنة , وعدم الالتزام بالزي الإسلامي لا يخرجني عن كوني مسلمة
وجواب هذا أن هذا كلام صحيح ولكن الله تعالى يقول(ولكل درجات مما عملوا ليوفيهم أعمالهم وهم لا يظلمون)19لأحقاف
فنعم من قال لا إله إلا الله خالصاً من قلبه دخل الجنة ولكن بعدما يوفى جزاءه بعد أن ينقيهم الله من المعاصي التي ماتوا وهم مصرين عليها , وذلك بالأمراض والمصائب فى الدنيا فإن بقى عليهم ذنوب تشدد عليهم سكرات الموت فإن بقى ذنوب عذب فى القبر فإن بقى ذنوب لم يأمن فزع يوم القيامة فإن بقى ذنوب عذب فى النار حتى يطهر من الذنوب التي لم يرجع عنها فى الدنيا , ثم لا يبقى فى النار من فى قلبه مثقال ذرة من الإيمان , فهل تصبرين على هذا كله؟ هل أنت جريئة إلى هذا الحد؟ يقول الله تعالى: " أفمن يلقى فى النار خير أم من يأتي أمناً يوم القيامة" فلماذا لا تكون همتك عالية وتطمعين فى مصاحبة الأنبياء والصديقين والشهداء ؟ وما هذا بعسير وإنما بمجاهدة الهوى والوقوف على أوامر الله ونواهيه.
18) أنا أنتظر الهداية من الله ..
وجواب هذا أن هذا القول فيه ظلم لله سبحانه وتعالى إذ أنه هدى الآخرين ولم يهديك, فالله جل وعلا هدى الناس جميعاً, فالهداية نوعان: هداية إرشاد وهداية إعانة , أما هداية الإرشاد: فقد هدى الله الناس جميعاً إلى ما يصلحهم وما يفسدهم وبين لهم المسلم والكافر على سواء , يقول الله سبحانه وتعالى (وهديناه النجدين)البلد:10 أى هدى الإنسان إلى الطريقين الخير والشر وهذه هى هداية الإرشاد , فمن الناس من استجاب ومنهم من أعرض عن أمره فأما من استجاب لأوامر الله ونواهيه هداه الله هداية أخرى وهى هداية الإعانة: يقول الله تعالى (والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا) 69العنكبوت وهداية الإعانة يختص بها الله من سلك الطريق إليه وبذل فيه الجهد , وأما من أعرض فيقول الله تعالى (ومن يعش عن ذكر الرحمن نقيض له شيطاناً فهو له قرين)الزخرف36 أى من يغفل ويعرض نهيأ له شيطاناً يصاحبه ولا يفارقه وتكون مهمته تزيين الدنيا وترغيبه فيها وترغيبه عن الآخرة , وهذه هى الهداية بمعانيها حتى يتبين الأمر ويتضح , ولزيادة الفهم نضرب مثلاً : فإذا كنت أسير فى أحد الشوارع و قابلني شخصين وقالا لي نريد أن نذهب إلى المكان كذا , هل نمشى يميناً أم يساراً ؟ فأرشدتهما إلى السير يميناً (هداية إرشاد للجميع) ثم إذا بأحدهما يمشى يساراً بعكس ما أرشدته فما على إلا أن أتركه وما اختار و ليتحمل هو عواقب اختياره، أما الآخر فقد اتجه حيث أرشدته وسار فى الطريق ولكنه قد يواجه بعض العوائق والعقبات فى الطريق أو كان الجو حاراً مثلاً فإذا بي اصطحبه معي فى سيارتي وأوصله إلى ما يريد (هداية إعانة للمستجيب) إذاً لماذا ساعدت الثاني وتركت الأول ؟ وذلك لأن الأول لم يستمع لكلامي أما الثاني فاستجاب فكان من واجبي مساعدة من استجاب لنصحي . ولله المثل الأعلى فهو قد أرشدنا جميعاً إلى الحق وبين لنا وإن مما بين التزام المرأة بمظهرها الخارجي لما فى ذلك من مصالح ولما فى تركه من مفاسد عليها وعلى المجتمع , فمن أعرضت عن أمر الله تركها وما أختارت بل وقيض لها من يلهما الجدال و الرأي ومخادعة النفس بعدم الاقتناع , وأما من استجابت لإرشاد الله وهدايته هذه فكان حقاً على الله عونها وهدايتها هداية الإعانة وتذليل العقبات . وبشكل أخر إذا فرضنا أن هناك مريضا يعانى آلام المرض ثم يجلس ويقول أن الله هو الشافي , من غير أن يأخذ بالأسباب و يذهب إلى الطبيب ويأخذ الدواء هل تقبلين هذا ؟ كذلك من تقول أنا أنتظر الهداية من غير أن تقدم أسباب لهذه الهداية تتطابق تماما مع من يترك العلاج ويقول أنتظر الشفاء من الله , فقد جعل الله عز وجل لكل شيء سببا .
19) ألسنا كلنا أصحاب معاصي ولسنا ملائكة ؟؟
وجواب هذا أن هذا أمر صحيح ولكنه ناقص فالمعصية شئ وارد ومتوقع من الإنسان لأنه ينسى , ولكن هناك طريقين للمعصية لهما بداية واحدة ولكن تختلف نهايتهما , فآدم عليه السلام أمره الله ألا يأكل من الشجرة فعصى الله وأكل منها , وإبليس أمره الله بالسجود لآدم فعصى الله ولم يسجد له , فهذه معصية وهذه معصية ولكن لماذا لعن الله إبليس وأجتبى آدم عليه السلام , أما إبليس فلعنه الله لأنه أصرّ على ما فعل من معصية الله وأضاف إلى ذلك أنه أخذ يجادل , فالإصرار على المعصية والجدال هما سبب الطرد من رحمة الله ,أما آدم فأعترف بذنبه وأستغفر ربه بعد الندم الشديد فلم يصرّ على ذنبه ولم يجادل , فالندم والاعتراف بالذنب والتوبة هم سبب الاجتباء وحصول الرحمة والمغفرة من الله , فإذا كانت المعصية ولابد فلنأخذ طريق آدم عليه السلام ولا نأخذ طريق إبليس الملعون .
20) الالتزام بالزي الإسلامي الصحيح شئ لابد منه وأنا لا أرى أى مانع بل أنا أنوى فى المستقبل الالتزام.
والجواب أن هذه ليست نية للالتزام وإنما هى أمنية تتمناها , والفرق بينهما شئ واحد ألا وهو العمل , فالنية من غير عمل تكون أمنية , واسمعي قول الله تعالى على لسان الشيطان (ولأمنينهم) أى يجعل نطاق الخير والصلاح محصور فى الأماني المنشودة المفتقرة للعمل , فهي تتمنى أن تصلى وتتمنى أن تقلع عن سماع الغناء ولا تأخذ لهذا كله خطوة عملية فإذا وافاها الأجل وجدت نفسها لا تحمل شئ أو تقول لحظة انقضاء الأجل رب ارجعون لعلى أعمل صالحاً فيما تركت , ولو تخيل أصحاب الأماني ما يؤول إليه حالهم من الندم وتمنى الرجوع للدنيا ليعملوا لما أخروا العمل لحظة واحدة , فالعمل بأوامر الله لا يكون أبدا بالتراخي والتسويف وإنما بالمسارعة وبقوه يقول الله تعالى وسارعوا إلي مغفرة من ربكم وجنة عرضها السماوات و الأرض أعدت للمتقين)آل عمران:133 ,ويقول أيضا خذوا ما أتيناكم بقوة)البقرة:63 ومعنى القوة ليس العنف وإنما أن يكون أمر الله ونهيه مأخوذ بجديه وحزم .
21) الالتزام بالزي الإسلامي يعتبر بمثابة إعلان مواجهة قد لا أنجح فى الثبات مقابلها هذا غير الإحراج الذى قد يسببه لي.
وجواب ذلك لن نذكر لك حال من التزموا وكيف بدلوا إصرارهم على المعصية بالإصرار على الطاعة والمواجهة بثبات وحكمة , وإنما سنقول لك أن هناك إحدى الهالكات قالت وهى تفتخر: أنا أول من لبست شورت فى الجامعة , وكان هذا فى أوائل القرن الماضي فى مصر , وكان الحياء والحشمة هما سمة المرأة فى ذلك الوقت. أرأيت هذه المرأة كيف صبرت على هذا الباطل , فإن الأمر لم يكن سهل بالنسبة لها فلقد واجهت المجتمع بكل إصرار وصبر , هل هى تستطيع و لها الصبر على الباطل وعدم الإحراج منه وأنت لا تقدري أن تصبري والحق معك وكلام الله ورسوله معك ويؤيدك ويؤيد عملك ؟! أم تثقى فى دعم شياطين الإنس والجن لباطلها أكثر من ثقتك فى دعم الله والصالحين لك؟! ثم من قال أنك لم تعلني المواجهة ؟! إنك منذ أول لحظة خالفت فيها أوامر الله بالتزام الزي الإسلامي أنت فى مواجهة و لكن تواجهين الله سبحانه و تعالى , تواجهين رسوله صلى الله عليه و سلم , فأولى بك أن تصالحي الله و رسوله ولا تجعلي الله أهون الناظرين إليك , فإن اخترت طريق الصلاح فدعوات الصالحين ستمنحك القدرة على مجابهة كافة ما تخافين منه وفوق ذلك ربك عز وجل يقول (يأيها الذين ءامنوا إن تنصروا الله ينصركم ويثبت أقدامكم)محمد:7 أى إن تنصري الله بالتزام الزي الإسلامي والمظهر الخارجي الصحيح الذى أمرك به , فإنه حقاً على الله أن ينصرك ويثبتك.
22) أنا مقصرة فى عبادات كثيرة كالصلاة وبر الوالدين أو الغيبة وسماع الأغاني مما يجعل أمر الالتزام بالزي الإسلامي صعب وغير عملي.
وجواب هذا أنك مثلاً كنت فى لجنة الامتحان وجاءتك الأسئلة ولا يحضر فى ذهنك إجابة معظمها؛ أمامك حل من اثنين إما أن تقولي لا قدرة لي على حل الباقي فسأترك الأسئلة كلها , وهذا الحل لاشك سيمنحك رسوباً لا بأس به ,أما الحل الثاني فإنك ستبدئين ولو حتى بسؤال واحد وتقومي بكتابة خطوات الحل بقدر ما تستطيعين ثم السؤال الثاني كذلك وهكذا.. وهذا الحل يمنحك احتمالات نجاح كبيرة , فلربما أعطاك المصحح على هذه الخطوات ما يساعدك على النجاح , وهكذا بعكس الحل الأول , فلو نقلنا ذلك إلى المعاملة مع الله عز وجل ستجدين أنه أمرك بأشياء ونهاك عن أشياء فلو فشلت فى بعض الأشياء ليس من الحكمة أن تضيعي الباقي- فما لا يدرك جله لا يترك كله- فإذا قمت ببعض الخطوات العملية على طريق الطاعة ولو فى أشياء هينه فسوف لا يحاسبك الله عليها فحسب بل سيأخذ بيدك , ولكن بشرط أن تقومي بخطوات عملية ويقيناً ستجدين من الله العون فالله تعالى يقول: (ومن يتق الله يجعل له مخرجاً)الطلاق:2 فالله يقول أن على الإنسان أن يتقى الله أولاً ثم الله سيجعل له مخرجاً وليس العكس.
23) أنا الآن فى صورة من عدم الالتزام عموماً يجعلني من المستحيل أو غير المتخيل أن أكون صالحة بشكل يرضى الله ويرضى نفسي.
وجواب هذا أنه ذكر فى الهجرة الأولى للمسلمين إلى الحبشة أن امرأة من المهاجرات كانت تعد رحالها لترك مكة فمر عليها عمر بن الخطاب- و لم يكن قد أسلم بعد- فقال لها إلى أين يا أمة الله ؟ فقالت نترك لكم هذا المكان فنخرج لنعبد ربنا , فقال لها عمر صحبكم الله فكأنها رأت منه عطفاً , فلما جاء زوجها ذكرت له ما حدث فقال لها كأنك تظنين أن يسلم عمر بن الخطاب فوالله لو أسلم حمار ابن الخطاب ما أسلم عمر بن الخطاب , وكان ما كان من إسلام عمر وصار فاروق الأمة وخليفة خليفة رسول الله , وكم من عاصي قد فعل ما لا يصدق وقال متعللا لقد فعلت ما لا يخطر على بال أحد , ثم وقف مع نفسه وبدل حاله من أقصى المعاصي وأعظمها إلى العبادة التامة , والأمثلة على ذلك كثيرة فقد أثر أن عامة الصحابة قبل مبعث النبي ودخولهم فى الإسلام كانوا يشربون الخمر ما يقارب خمس مرات يوميا , ثم ما أن أسلموا وحرم الله الخمر فاستجابوا لأمره و قالوا انتهينا ربنا صاروا خير القرون وخير خلق الله بعد الأنبياء , وما أروع هذه الآية التي تظهر لنا مدى رحمة الله , هذه الآية فى سورة البروج والقصة المعروفة عن هذا الطاغية الذى أجج نارا لمن يؤمن بالله , فمن وحد الله ألقاه فيها , فمع هذا الجبروت المتناهي يقول الله تعالى : ( إن الذين فتنوا المؤمنين والمؤمنات ثم لم يتوبوا فلهم عذاب جهنم ولهم عذاب الحريق )البروج:10 انظروا إلى (ثم لم يتوبوا ) يعرض الله التوبة على من ؟! على من يلقى بالمسلمين فى النار ! يا لرحمة الله , فإذا كانت الفطرة السوية للإنسان يتم إفسادها أليس من الأقرب والأسهل هو رد هذه الفطرة إلى طبيعتها ؟! ولكن لابد من العمل أو السير فى خطوات عملية فى هذا الطريق.
24) إذا رجعت إلى الله عموماً وتركت معصية ما ثم عدت إليها فهذه سخرية من الله واستهزاء فالأولى أن أكون على ما أنا عليه حتى يأتي الوقت المناسب.
وجوب هذا يكمن فى معرفة التوكل وخلع الحول والقوة من النفس بعد الاعتراف بالذنب , فأنا عبد لله لا قوة لي إلا به ولا أقدر أن أتوب تماماً إلا إذا أعانني الله , فعلى أن آخذ بأسباب التوبة كترك المعصية وأسبابها ومن يشجعني عليها وهكذا بصدق مع الله فإذا ما حدث وأن وقعت فى نفس الذنب أو فى غيره بعد أن تبت إلى الله وأخلصت التوبة والصدق فلا بأس أبداً وهذا شئ وارد , ومن قال أن هذا استهزاء بالله فهو جاهل, نعم وبملء الفم هو جاهل, وما عليك إلا أن تندمي على هذا الذنب تارة أخرى وتعيدي التوبة والاجتهاد بالأسباب العملية وصدق اللجوء إلى الله بعدم العودة , عن عقبة بن عامر الجهني أن رجلا قال: "يا رسول الله أحدنا يذنب قال: يكتب عليه قال: ثم يستغفر منه ويتوب قال: يغفر له ويتاب عليه قال: فيعود ويذنب قال: يكتب عليه قال: ثم يستغفر منه ويتوب قال: يغفر له ويتاب عليه قال: فيعود ويذنب قال: يكتب عليه قال: ثم يستغفر منه ويتوب قال: يغفر له ويتاب عليه، ولا يمل الله حتى تملوا, أى أن الله لا يمل من التوبة والمغفرة على عبده حتى يمل العبد من الاستغفار والندم والتوبة إلى الله , وقد قال الله تعالى (إن الله يحب التوابين ويحب المتطهرين)البقرة:222 ولم يقل أن الله يحب التائبين لأن التواب هو كثير التوبة و الرجوع فإذا وقع فى ذنب اعترف وندم ونوى ألا يصر باتخاذ الأسباب المعينة على ذلك وصدق اللجأ إلى الله فيتوب فإذا وقع ثانية بادر ثانية وإذا وقع ثالثة بادر ثالثة وهكذا حتى لو كان ألف مرة أو أكثر , فإن رسول الله قال إن الله سبحانه وتعالى يقبل التوبة من العبد مالم يغرغر) حسن الترمذي فهل شجعك هذا كله على الدخول فى أى عبادة أو ترك أى معصية من غير خوف من الوقوع ثانية؟
(وسنعرض لك لاحقا بحثا ملخصا عن عوامل الثبات على الالتزام وعدم التقهقر والانتكاس)
25) الالتزام بالزي الإسلامي الصحيح قد يضطرني إلى ترك أشياء تعودت عليها ولا أقدر مفارقتها.
وجواب هذا أن هذا الرأي يعتبر فى صالحك , فالعبرة بالفائدة فى النهاية , فإذا كان ما تعودتى عليه يضر بمصلحتك مع الله فإن هذا الالتزام هو من باب التشجيع أو الدواء أو السبب الذى يسمو بك إلى أعلى , فأنت قد تكوني تعودت على سماع الغناء ومصلحتك مع الله لا تستقيم فى وجود الغناء , فيكون الالتزام دواء قد يكون مر الطعم ولكنه يصح البدن , وقد تكوني تعودت على الانبساط فى معاملة الرجال والتساهل نسبياً فيكون الالتزام بالمظهر الخارجي الإسلامي نافعاً لك وسبباً ومنقياً لعدة شوائب وأمراض وعادات قد تعودت عليها وهى لا ترضى الله , لم تكوني لتقلعي عنها وتتركيها إلا بهذا الدواء الذى قد يكون مراً بعض الشيء كما ذكرنا ولكنك ستشعرين بحلاوة الإيمان التي حقاً على الله أن يهبها لمن أطاعه وخاصة إذا كانت طاعة تستوجب خلع عادات أو تقاليد قد تعود الإنسان عليها وهى لا ترضى الله.
ألم تلاحظي شيئاً هاماً جداً فكثير ممن اشتغلن بالفن والغناء قديماً وحديثاً ما كان دوائهم؟ فإنهم لم يقولوا التزمت فلانة بالصلاة أو بالصيام مثلاً بل قيل التزمت فلانة بالحجاب، أو ارتدت فلانة الحجاب فكان فاتحة خير لها لمزيد من الطاعة كالصلاة والصيام وتغيير نظام الحياة كلها إلى الأفضل , فالحجاب والالتزام بالمظهر الخارجي يعتبر فاتحة خير على المرأة أو الفتاة بمزيد من الصلاح والتقرب إلى الله , فلا تحملي نفسك هما إذا أردت الدخول فى طاعة وإنما توكلي على الله وأسلمي نفسك إلى طاعة الله ولن تندمي أبداً , ولا يخدعنك الشيطان والحاسدين أن الأمر ليس باستطاعتك أو أنك أقل من أن تقومي بهذا التغيير .
26) الالتزام بالزي الإسلامي على الوجه الصحيح سيضر بعلاقتي مع الأهل والأقارب والأصدقاء.
يقول الله تعالىإن الذين ءامنوا وعملوا الصالحات سيجعل لهم الرحمن ودا)(96:مريم) فتيقن من أن طاعتك لله و قصد مرضاته وحده ستوجب لك محبة الناس فى النهاية و على العكس من ذلك فطلب مرضاة الناس عن طريق معصية الله ستوجب لك بغض الناس فى النهاية , يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم إن الله تعالى إذا أحب عبداً دعا جبريل, فقال: إني أحب فلانا فأحببه, فيحبه جبريل, ثم ينادى فى السماء, فيقول: إن الله يحب فلانا فأحبوه فيحبه أهل السماء ثم يوضع له القبول فى الأرض , وإذا أبغض عبدا دعا جبريل , فيقول: إني أبغض فلانا , فأبغضه, فيبغضه جبريل, ثم ينادى فى أهل السماء : إن الله يبغض فلانا فابغضوه, فيبغضه أهل السماء ثم يوضع له البغضاء فى الأرض)رواه مسلم
وستجدين عند الالتزام عموماً مواجهة مع من هم فى محيط تعاملك , هذه المواجهة تكون من فريقين, أما الفريق الأول: فهم المخلصون فى حبهم لك ويتمنون الخير لك ولكنهم لا يصدقون الواقع الذى تغيرت إليه وفوجئوا به , وهؤلاء سرعان ما يتغير موقفهم منك ويقفوا بجانبك وفى صفك بل ويشجعوك وهذا أمر مجرب ,أما الفريق الثاني فأولائك يواجهونك من باب الحقد والحسد , فكثير من الأقران يحسبهم الإنسان يحبوه ولكن إذا حصل على فائدة أو شئ عظيم يبدوا عليهم الحسد والحقد وذلك بالمواجهة التي تكون بأشكال شتى كالسخرية أوالزجر أوالوسوسة وأن هذا الطريق صعب وفيه كذا وكذا وأنك لا قدرة لك على هذا الأمر؛ فأمعني النظر فيمن حولك ولا تكوني ساذجة فإن من لا يفرح لك بفائدة تحصيلها أو شئ عظيم تدركيه- وليس أعظم من الرجوع إلى الله فائدة- فإن هذه الفئة تحقد عليك ولا تستحق إخلاصك.أما إن كان لهؤلاء الأصدقاء أو غيرهم أو التقليد هو الذى يمنعكن الالتزام بالزي الإسلامي فى قول الله تعالىويوم يعض الظالم على يديه يقول ياليتني اتخذت مع الرسول سبيلا.ياويلتى لم اتخذ فلاناً خليلا)(27.28:الفرقان)
27) إذا التزمت بالمظهر الإسلامي الخارجي مع وقوعي فى بعض المعاصي والذنوب فهذا يعتبر نفاق.
وجواب هذا أن هذا سوء فهم يوحى به الشيطان إليك ليصدك عن أمر الالتزام ويشعرك بصعوبته , فسؤال هل كل من التزمت بالزي الإسلامي هى نقيه تماماً من الذنوب والمعاصي؟ لو كان الأمر هكذا فلن يلتزم أحد أبداً بالمظهر الإسلامي الصحيح ,وإنما لحل هذا الإشكال يجب عليك أن تعرفي أن الالتزام بالزي الإسلامي عبادة والصلاة عبادة وعدم الغيبه والنميمة عبادة وعدم سماع الأغاني عبادة وكل عبادة هى مستقلة عن الأخرى , فرسول الله صلى الله عليه وسلم يقول( ما نهيتكم عنه فاجتنبوه وما أمرتكم به فأتوا منه ما استطعتم) رواه البخاري ومسلم. فلم يقل أبداً من لم ينتهي عن المعصية فلا طاعة مقبولة له , فلم يبنى عبادة على عبادة أخرى بل إن الله سبحانه وتعالى يقول(إن الحسنات يذهبن السيئات)(114:هود)ولم يقول إن السيئات يذهبن الحسنات ويقول صلى الله علية وسلم(الصلوات الخمس والجمعة إلى الجمعة كفارة لما بينهن ما لم تغش الكبائر)رواه مسلم. فالواقع فى الذنوب أمر وارد ولكن أن يصدنا هذا عن التوبة وعن إستئناف فعل الطاعات فهذا من التلبيس, فلا تنصاعي للشيطان أن يصدك عن الدخول فى الطاعة أو مجرد التفكير فى ذلك فأنت أوعى من أن يخدعك الشيطان بمختلف العقبات الواهية التي يبنيها ويضعها فى وجهك حتى تشعري أن الطريق صعب , فاذكري قول الله تعالى : (إن كيد الشيطان كان ضعيفاً)(76:النساء) فهو يكيد ويمكر ويزين المعصية ويكرهك فى الطاعة ويقول لك إذا التزمت بالظاهر ثم وقعت فى معصية فإن هذا نفاق , وذلك من غير سلطان ولا إجبار, إنما إذا قابل ذلك هوى عندك يحدث الوقوع والانصراف عن الطاعة , وهذا قول الله تعالى على لسان الشيطان فى النار وقال الشيطان لما قضى الأمر أن الله وعدكم وعد الحق ووعدتكم فأخلفتكم وما كان لي عليكم من سلطان إلا أن دعوتكم فاستجبتم لي فلا تلوموني ولوموا أنفسكم).. 22 إبراهيم.
28) الالتزام بالمظهر الخارجي المأمور به قد يجعلني أبدو كأني معقدة وسيفقدني روح المرح والانبساط مع الجميع.
وجواب هذا أنك إذا كنت تقصدين بالمرح والانبساط مع الجميع بما فى ذلك الرجال من غير المحارم فنعم الالتزام بالزي الإسلامي سيمنعك من هذا لما ينتج عنه من ضرر قد لا تشعرين به , فإن المرح والانبساط مع هؤلاء من غير محارمك وإن كان من غير قصد سوء منك فإنه ينتج عنه أضرار كبيرة , فقد قال الله تعالى لزوجات النبي (فلا تخضعن بالقول فيطمع الذي في قبله مرض.وقلن قولاً معروفا)(32:الأحزاب) أي لا تلن القول ولا يكن فى صوتكن ميوعة عندما تخاطبن الرجال(وهن الطاهرات العفيفات) والقول المعروف : هو الكلام المعتدل الذى لا ميوعة فيه فما بالك بالمرح والانبساط , نعم أنت قد تكوني طاهرة القلب ولكن أنت لا تتدركي قلب هذا الذي تنبسطي معه ولا تعرفي كيف ينظر إليك , فكان الالتزام بالزي الإسلامي و ما ينتج عنه من وقار وأدب وعدم تبسط في معاملة الرجال هو من قبيل حمايتك من طمع مريض القلب وأنت لا تدركين أو من غير قصد منك. وإذا كان المقصود بالمرح والانبساط مع المحارم كالأب والعم والأخ والخال والزوج (وليس منهم ابن العم والعمة وابن الخال و الخالة) وكذلك الانبساط مع النساء بما فيهم أهلك كأمك وعمتك وخالتك وباقي النساء فهذا أمر لا بأس به أبداً ولا مانع منه , فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان طلق الوجه منبسطاً وكان صلى الله عليه وسلم يمزح ولا يقول إلا صدقا .
29) كلما أردت النهوض للقيام بعمل صالح أو الانتهاء عن معصية أجد شيئاً ثقيلاً يمنعني ولا أعرفه.
وجواب هذا تخيلي مثلاً أن علاقة صداقة حدثت بينك وبين أحد زميلاتك ثم جاء وقت الفراق فماذا ستشعرين ناحيتها ؟ ستشعرين بالوحشة وأنك لا تريدين مفارقتها وقد تتشبثي بها ,فكذلك أنت أقمت علاقة قوية مع الشيطان غناء ونميمة وكذب واستخفاف بأوامر الله ورسوله وجراءة على ما نهى عنه الله و رسوله , ثم تريدين خلع كل هذا وهذا لا يكون سهلاً بالدرجة التي تتخيلها , فإذا أردت الخروج عن طاعة الشيطان سوف لا يفرط فيك الشيطان بسهولة ولكن ليس معنى هذا أنه شئ غير ممكن ولكن هو يحتاج منك بعض الجهد , وقد تغلب على هذا الأمر الكثير والكثير , فهم لا يملكون ما لا تملكيه وليست عندهم قوة أنت تفقديها وإنما هى الرغبة فى ما عند الله و تفضيله على ما سواه و التوكل عليه , ثم اعتبري بحال هاجر عليها السلام لما تركها سيدنا إبراهيم فى صحراء مكة من غير أنيس فسألته مرارا أين تذهب و تتركنا ؟ فجعل لا يلتفت إليها , فقالت له: آلله أمرك بهذا ؟ قال: نعم, قالت: إذن لا يضعنا الله . تخيلي امرأة مع رضيعها فى صحراء موحشة من غير أنيس ولا ما يكفى من الطعام و الشراب ثم ترضى بأمر الله و تقول إذن لا يضيعنا الله , أليس من الأولى أنك إذا أمرك الله بالتزام الزي الإسلامي الصحيح أن تستجيبي و تقولي : إذن لا يضيعني الله ؟!
30) أنا غير متفقهة فى الدين وليس عندى ثقافة إسلامية جيدة هذا يعيقني عن اتخاذ قرار الالتزام بالزي الإسلامي الصحيح؟
وجواب هذا أنه أمر يسير جداً وهذا ليس كلامي فقد قال الله تعالى ولقد يسرنا القرآن للذكر فهل من مدكّر)القمر:17 قد يكون بعدك فقط عن السؤال وطلب العلم الشرعي هو الذى يشعرك أن الأمر عظيم وإنما هو على العكس من ذلك تماماً , فإنه بكتيب صغير لا يتعدى ثمنه نصف جنيه يمكنك معرفة الكثير من الأمور الشرعية الهامة, وهناك العديد من الوسائل المساعدة كالشرائط الإسلامية للخطب والدروس العلمية , وكذلك الكتب باختلاف أنواعها وأحجمها وأساليبها ؛ فمن اليسير جداً أن تسألي إحدى الملتزمات أو المكتبات الإسلامية عن الموضوع أو الأسلوب الذى تريديه , فهناك الكتب الكبيرة والصغيرة والقديمة والحديثة وهناك أسلوب قد يكون ثقيلاً عليك بعض الشيء وهناك ما هى بأساليب مبسطة جداً تصل لدرجة فهم الأطفال , فستجدى معروضاً كبيراً ليس عليك إلا السؤال والطلب , وستجدي فى وقت قصير جداً أنك بعد القراءة والتعلم ومعرفة الأوامر والنواهى وكذلك الفتاوى الشرعية وآراء العلماء فى الأمور المختلفة ما يجعلك فى درجة جيدة جداً من المعرفة والإلمام بأغلب أمور الشرع التي تهمك واستعيني بالله.
31) ما هو الحافز والعائد على من الالتزام بالزي الإسلامي؟
وجواب ذلك أن أكبر فائدة هى أن الالتزام بالمظهر الإسلامي هو فى حد ذاته طاعة لله و عبادة كالصلاة والصيام مفروضة لا خيار فيها , فمن فعلتها فهي طائعة ولها الأجر العظيم عند الله ومن تعرض فهى عاصية لله ولأمر من أهم أوامره ,فأنت بالتزامك بالزي الإسلامي تضعي نفسك فى ركاب الطائعات العابدات لله , وللطاعة نور فى القلب والوجه ومحبة فى قلوب الخلق لأن الله يحب الطائعين ويقول رسول الله صلى الله عليه وسلم إن الله تعالى إذا أحب عبداً دعا جبريل, فقال: إنى أحب فلانا فأحببه, فيحبه جبريل, ثم ينادى فى السماء, فيقول: إن الله يحب فلانا فأحبوه فيحبه أهل السماء ثم يوضع له القبول فى الأرض , وإذا أبغض عبدا دعا جبريل , فيقول: إنى أبغض فلانا , فأبغضه, فيبغضه جبريل, ثم ينادى فى أهل السماء : إن الله يبغض فلانا فابغضوه, فيبغضه أهل السماء ثم يوضع له البغضاء فى الأرض)رواه مسلم , وهذا يفسر طهارة القلب والوجه للطائع , فعند النظر إليه يهدأ القلب ويستريح إليه لا لشيء إلا أن طاعته أوجبت حب الله له وحب الله أوجب حب الناس له , وعلى العكس من ذلك إذا نظرتي إلى أحد العصاة تجدي ظلام القلب على وجهه ولا يستريح قلبك إليه لا لشيء إلا لأن معصيته أوجبت له سخط الله وسخط الله أوجب له بغض الخلق له.
- وأيضاً نجد الطاعة تساعد على القيام بطاعة أخرى وتكون حاجزاً عن القيام بمعصية , فإن من التزمت بالزي الإسلامي تجديها كثيرة الطاعات ويسهل عليها فعل الخير ويكون التزامها بالزي الإسلامي والمظهر الخارجي فاتحة خير لها لفعل المزيد من الطاعات والعبادات.
- وإذا قامت بمعصية تكون ثقيلة تفكر كثيراً قبلها وإن وقعت فيها فإنها توفق للتوبة أسرع من غيرها وما هذا إلا لأنها محفوظة بحفظ هذه الطاعة , وعلى العكس من ذلك من عصت الله وأظهرت مفاتنها إذا حاولت القيام بطاعة أو عبادة تحسب لها ألف حساب وتكون ثقيلة أما المعصية عندها فهى شئ تافه يسهل خلق ألف عذر وعذر والجدال عشر ساعات , ولا تشعر بألم فى الضمير من جراء هذا الذنب الذى هى لا تشعر أنه ذنب أصلاً وللأسف , وما هذا إلا لأنها عندما تهاونت صار الأمر عندها عادة وألفت عليه فإذا نبهها أحد تشعر وكأن الكلام لا يخصها أصلاً.
- ولكي تضح فائدة الالتزام بالزي الإسلامي نعرض جزء مما تعانيه الغير ملتزمة بالمظهر الإسلامي الصحيح :
( الغفلة والتغافل ) عما يدور حولها , فإنها عند خروجها بمظهر يثير الغرائز الفطرية
-سواء عن قصد أو غير قصد- فإن من حولها إن كانوا فاسدين فهي تعتبر وسيلة لزيادة إفسادهم -شعرت بذلك أم لم تشعر- أما إن كانوا يتقون الله فوالله لا يرونها إلا عنصراً هداماً فى المجتمع منهم من يسأل الله لها الهداية وكثير منهم من يدعوا عليها موافقة لأمر النبي على الكاسيات العاريات (العنوهن فإنهن الملعونات) ثم تظن جاهلة أنها ما دامت لا تمكن أيدي الرجال من جسدها فهي الشريفة العفيفة و هذا من غفلتها و جهلها ألم تعلم أن العين وسيلة إدراك كما أن اللمس واليد وسيلة إدراك ؟! هذا بالنسبة للرجال , أما نتيجة فعلها على أقرانها من بنات جنسها فهي قدوة لهم وعذر عندهم يحتجون بها حتى يفعلوا مثلها , كما أنها تكثر سواد العاصيات المبارزات لله بالمعاصي المجاهرات بمخالفة أوامره , فهي وإن لم تقل بلسانها فهي تقول بفعلها (وقول الفعل أمضى وأشد تأثيراً من قول اللسان) تقول: (ها أنا ذا أعصى الله فقد أمر بالستر وعدم إظهار المفاتن وأنا لا أرضى بهذا فهلموا إلى من أراد أن ينظر فلينظر من غير مقابل فما تزينت إلا من أجلكم ومن أرادت أن تشابهني فلتفعل فأنا أمامكم من غير مكروه هيا انظروا إلي!!!!) طبعاً هذا الكلام لو سمعته من تبيع نفسها بالمال لقالت والله أنا لا أقول هذا , ونحن لا نكذبك أنت لا تقولينه بلسانك ولكن حالك ومظهرك هو الذى يتكلم بهذا- قصدت أم لم تقصدي شعرتي بذلك أم لم تشعري- ولكن هذا والله هو نتيجة استخفافك بأوامر الله وأنت غافلة , ومع ذلك لك على كل هذا عقوبات ومنها ومن أشدها عدم الشعور بأنك على معصية , فإذا تكلم أحد عن المظهر الإسلامي كأن الأمر لا يعنيك وتشعرين فى قرارة نفسك أن هذا غير موجه لك أنت شخصياً فيؤدى ذلك إلى الإصرار والتمادي فى الزيادة وينتج عن هذا كله العقوبة من الله فى الدنيا , وتبدو وتظهر فى صورة الهم والحزن والغم الغير معلوم سببه (بالنسبة لها كغافلة) ألم تسمعي قول الله تعالى ومن أعرض عن ذكرى فإن له معيشة ضنكا)طه:124 فهي قد تقوم من النوم صباحاً وهى تشعر بغم وضيق فى الصدر ولا تدرى ما السبب و يزداد عندها الشعور بالخوف من المجهول ولحظات الحسرة والمبالغة فى الانفعالات وعدم تقدير الأمور والإحساس بالاكتئاب و بالملل من كل شئ وعدم الصبر على الوحدة أوالانفراد بالنفس و استثقال سماع القرآن وكلام الصالحين , كل هذا وغيره كثير هو من عقوبات الله على المعاصي وهذه هى بعض العقوبات الدنيوية فما بالك بما فى الآخرة , فالعجب كل العجب أن تقول أنا أشعر بهذا كله ولا أعرف ما هو السبب ؟! ألم تعلمي أنها المعاصي ؟! أما تعلمي أن الله لا يظلم الناس شيئاً ؟! هل كل من أصيب منك بنظرة أصابته حسرة وتمنى يذهب هكذا من غير عقوبة؟! هل من تأست بك وقلدتك لا تحاسبي عليها واحدة واحدة ؟! هل أوامر الله ونواهيه التي لم تجد عندك إلا الجدال والروغان حولها ستذهب هكذا من غير عقوبة؟!
وعلى الخلاف من ذلك تجدي من التزمت بأمر الله والتزمت المظهر الإسلامي الصحيح إذا سارت فى الطريق دعا لها الصالحون وقالوا أكثر الله من أمثالك وبارك فيك لأنك سلمتينا من الفتنة وإيقاظ الغرائز باحتشامك وعدم إلحاحك فى لفت النظر إليك وأدبك ووقارك يا ليت كل الفتيات والنساء مثلك , وإذا رآها الفجرة أعرضوا عنها فهل أبدا رأيت ملتزمة بالزي الإسلامي يضايقها فى الطريق فاسد أو ينظر إليها أحد الدون نظرة تخدش حيائها هل رأيت أحد المنحلين يفترس من هى ملتزمة بالزي الإسلامي بعينه ويقلب نظرة فى معالمها كالمسعور فهذا الفاجر المنحل لا يجرأ على هذا كله فهو على قلة الوازع الديني عنده يقر لها بالاحترام لأنها هى التي أجبرته على ذلك بالتزامها منهج ربها , وكذلك إذا رأتها أخرى وقلدتها وتأست بها فلها أجر من تأست بها فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلممن سن فى الإسلام سنة حسنة فله أجرها وأجر من عمل بها من بعده من غير أن ينقص من أجورهم شيء, و من سن فى الإسلام سنة سيئة كان عليه وزرها و وزر من عمل بها من بعده من غير أن ينقص من أوزارهم شيء) صحيح رواه مسلم .
فهي لها على كل حال الأجر العظيم من الله لأنها أطاعته بما أمر به ونهى عنه ولم تجادل ولم تراوغ وإنما قالت يا رب سمعت وأطعت فسلمها الله وحفظها الله وأنار قلبها ووجهها ونتيجة ذلك كله هدوء البال والطمأنينة وعدم الخوف يكفى أنها تشعر أنها من الطائعات لله ومحفوظة من الله فرسول الله صلى الله عليه وسلم قال : (احفظ الله يحفظك)رواه الترمذي فهي حفظته بالوقوف على أوامره ونواهيه وهو سبحانه حفظها فى الدنيا والآخرة .
- وأيضاً من صفات الغير ملتزمة بالمظهر الإسلامي ضعف الشخصية فهي لا تستطيع التفرد بقرار شخصي إيجابي دون الرجوع إلى غيرها فهي تحسب ألف حساب عند خروجها من سيراها ومن سيقابلها وكيف يكون حالها حيال ذلك ,و المصيبة الكبرى لو سارت فى الطريق و لم يلتفت إليها أحد فيضيق صدرها بعكس ما لو التفت الجميع إليها و لو كان بكلام جارح فإنها تشعر براحة و إن أظهرت عكس ذلك فإن همتها تنصب على إعجاب الآخرين بشكلها و انبهارهم بها حتى لو كان الملتفتين إليها السفلة والمنحطين .
- ومن صفاتها أنها تخلط بين (الجراءة) وقلة الحياء وهذا أمر خطير جداً فالمرأة هى مضرب المثل فى الحياء أما ما يبدو من الجرأة فى الملبس والتعامل مع الرجال فهذه جراءة على الله وعلى أحكامه ليست غير ذلك , يقول صلى الله عليه وسلمالحياء من الإيمان و الحياء خير كله)متفق عليه
- أما (الجدال) فحدث ولا حرج فلا تكاد تقيم لها حجة حتى تجادل فى أخرى وهى لا تعلم أن الشيطان من خلفها لن يمل فى أن يلقنها ما تجادل به حتى تهلك نفسها .
- و من صفاتها أيضاً ( مخادعة النفس ) فهي ترى أنها على خير فهي أفضل من فلانة وفلانة تفعل كذا وكذا, فما تفعله هى فقليل بالنسبة لهؤلاء وأن ما تقوم هى به لا يحتاج إلى توبة أصلاً, ومن المعلوم أن الإنسان لا يكاد ينظر إلى من هو أسوأ منه حالاً حتى يحصله وترى أن ما تقوم به يسير وبسيط لا يستدعى كثير اهتمام فهو شئ تافه يقول الله تعالى (وتحسبونه هيناً وهو عند الله عظيم)النور:15 فهذا من أضر الأمراض فإنه فى علم الطب أن الأمراض الخبيثة الفتاكة لا يشعر المريض بأي ألم إلا عندما يستمكن المرض ويتفشى فى سائر البدن نسأل الله العافية, فالألم الحسي إذن نعمة إذ أنه ينبه المريض إلى موقع الألم فيسعى فى مداواته وكذلك الألم المعنوي أى الندم والشعور بالذنب وعظم الخطأ هو أيضاً ينبه ويكون بادرة طيبة للعلاج.
- ومن الأمور الواضحة أيضاً أمر( الهمة ) فإن الملتزمة بالزي الإسلامي الصحيح تتمتع بهمة عالية وطموح واقعي وعملي وفى نفس الوقت عظيم, فقدوتها الصحابيات والصالحات من نساء المؤمنين فهي تضع نصب عينها مثلاً الخنساء التي أوصت أبنائها الأربع يوم القادسية فقالت: (أيا بنى إنكم أسلمتم طائعين وهاجرتم مختارين والله الذى لا إله إلا هو إنكم لبنوا رجل واحد كما أنكم بنو امرأة واحدة ما هجنت حسبكم وما غيرت نسبكم وأعلموا أن الدار الآخرة خير من الدار الفانية ، اصبروا ، ورابطوا، واتقوا الله لعلكم تفلحون، فإذا رأيتم الحرب قد شمرت عن ساقها وجللت ناراً على أرواقها فيمموا وطيسها وجا لدوا رسيسها تظفروا بالغنم والكرامة فى دار الخلد والمقامة) فلما علمت بقتلهم قالت: (الحمد لله الذى شرفني بقتلهم وأرجو من الله أن يجمعني بهم فى مستقر الرحمة ) هذه أحد الأمثلة التي تقتدي بها الملتزمة تقتدي بنساء هن أفضل من ألف رجل , وذلك بعكس الأخرى التي همتها لا تعلوا عن موضع قدمها فإن أعظم أمانيها أن تشبه وتحاكى المغنية الفلانية أو الممثلة الفلانية أو تعرف معلومات شخصية عن هذا المطرب أو هذا الممثل وترى أن الأولاد يأتون بعد الزواج على أى شكل ولا يهم أن يكون صالحاً أم يزيد الفاشلين فاشلاً بعكس التي ترجو من تربية ليصلح الله به الأمة وينفع به الإسلام والمسلمين.
- ومن فوائد الالتزام بالزي الإسلامي توفير المال وعدم الخيلاء والاعتزاز بالهوية الإسلامية , فإن الملتزمة بالزي الإسلامي لا تبتلى بالإسراف والخيلاء فهى تلبس ما يستر جسدها من غير تكبر ولا تبغي من وراء ذلك لفت نظر الآخرين , وإذا سارت تسير بسكينة وطمأنينة بعكس من يجبرها مظهرها - المطابق لما جاءت به وفرضته الموضة- من تصنع فى مشيتها وتكبر وصلف وكأن الكبر والغرور ملئها.
- وإذا كنا قد ذكرنا ( الموضة ) فلابد أن نقف عندها قليلاً فمن المعلوم للجميع إلا من يتجاهل أن صناع الأزياء ومصممي الموضة فى العالم معظمهم من اليهود ولا تظني أن الموضة والأزياء والصيحات العالمية لا تتعدى فساتين السهرة أو الملابس العارية بشكل صارخ وإنما أيضاً تمتد لتصل إلى غطاء الرأس والعبائة وما شابه ذلك فإن المرأة التي لا تستطيع خلع غطاء الرأس مثلاً يمكن الوصول إليها من نواحي أخرى عديدة مثل شكل غطاء الرأس ولونه وطريقة لفه على الرأس وكذلك أيضا أشكال الملابس وألوانها التي يصفونها بملابس المحجبات وهذه هى مهمتهم , وإن ما تطفح به الموضة علينا عموماً والقبول بها هى من قبيل التشبه بالكفار فقد قال صلى الله عليه وسلم (من تشبه بقوم فهو منهم )صحيح, فأين أنت من هذا ؟ فيكون بذلك الالتزام بالزي الإسلامي من أفضل فوائده الشعور بالهوية والاعتزاز بالهوية الإسلامية فلا تصير المرأة أو الفتاة لعبة فى يد اللاعبين يوماً يلبسونها قصيراً فتلبس ويوماً ضيقاً فتلبس ويوماً مفتوحاً فتلبس ويوماً هذا اللون اللافت فتلبس وهكذا وكأنها أداة عرض يعرضون عليها ما يرونه هم وليس لها حتى أن تقتنع أو تناقش أو تجادل كما تفعل مع من يدعوها للالتزام وإنما تقول للموضة ما علينا إلا السمع والطاعة0
- أما أمر ( الهوية ) هذا فأمر خطير يحسب له ألف حساب إلا عندنا نحن فهذا الرئيس الأمريكي الأسبق فى كتابه (انتهز الفرصة) يقول: (إننا لا نخشى الضربة النووية ولكننا نخشى الإسلام والحرب العقائدية التي قد تقضى على الهوية الذاتية للغرب) ومع هذا فينا من يطلب التقدم بالتبعية المطلقة للغرب وليس هذا إلا بسبب الانهزامية وروح العجز والفشل وانعدام الشخصية الذاتية وهذه كلها جزء من فوائد الالتزام بالزي الإسلامي الصحيح وهذا بعكس من تلتزم هواها وما يمليه عليها أعدائها فهي تشعر بفجوة بينها وبين الله وبينها وبين الخيرين.
32) ما هى صفات المظهر الإسلامي والزي الإسلامي الكامل الصحيح الذى يرضى الله عز وجل؟
وجواب هذا أن الزي الإسلامي للمرأة ليست له صفات إنما هى صفة واحدة لا ثاني لها ألا وهى: عدم إظهار المرأة لزينتها ومفاتنها فقط أى أنها تلبس الملبس الذى لا يظهر مفاتنها حتى لا تلفت أنظار الرجال وتحدث الفتنة.. وما الفتنة؟ هى نظر الرجال إليها والنظر يتبعه إدراك والإدراك يتبعه تفكير وتخيل فإما أن يكون المراد صعب المنال فينكسر القلب وينشغل أو يكون المراد سهل المنال فتنتشر الفاحشة فلهذا سد الله عز وجل عنا هذه الفتنة من أولها وذلك بستر المرأة مفاتنها وزينتها وكل ما يلفت نظر الرجال إليها , وعلى هذا يصح السؤال بكيف تستر المرأة زينتها؟؟؟
وقبل الرد على هذا السؤال أعرض لك قصة قصيرة , الشاهد منها له علاقة وطيدة بالرد على هذا السؤال وسأترك لك ربط هذه القصة بالرد على السؤال.
كان هناك قوم من اليهود من بعد موسى عليه السلام وكانوا يسكنون بجوار البحر وقد حرم الله عليهم الصيد يوم السبت فعمد رجل منهم فأخذ حوتاً سراً يوم السبت فربطه بحبل ثم أرسله فى الماء و أوتد له وتداً فى الساحل وأوثقه ثم تركه حتى إذا كان الغد جاء فأخذه (أى أنه لم يأخذه فى يوم السبت) فانطلق فأكله حتى إذا كان يوم السبت الآخر عاد لمثل ذلك (ففعل الناس كما فعل هذا الرجل) ثم كان العقاب من الله بأن مسخهم قردة وخنازير. والشاهد من هذه القصة أن الاحتيال والدوران حول أوامر الله ونواهيه شئ ميسور ولكن عقابه شديد فى الدنيا والآخرة .
وبعد هذا (نعرض) لك كيفية ستر المرأة زينتها من خلال كلام الله عز وجل ورسوله صلى الله عليه وسلم :
1- قول الله تعالىوقرن فى بيوتكن ولا تبرجن تبرج الجاهلية الأولى...)الأحزاب:33,أى ألزمن بيوتكن و لا تكثرن من الخروج, ولا تبرجن : أى لا تبدين الزينة و المحاسن الواجب سترها .
2- قول الله تعالى : (يأيها النبي قل لأزواجك وبناتك ونساء المؤمنين يدنين عليهن من جلابيبهن ذلك أدنى أن يعرفن فلا يؤذين و كان الله غفورا رحيما)الأحزاب:59, يدنين عليهن من جلابيبهن : أى يرخين ويسدلن عليهن ما يستترن به و تسدلها حتى تقترب من الأرض .
3- قول الله تعالى : (ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها وليضربن بخمرهن على جيوبهن)النور:31, أى لا يظهرن مواضع زينتهن من الجسد, وليضربن بخمرهن على جيوبهن : أى وليلقين و يسدلن أغطية رؤوسهن على موضع فتحة الثوب فى أعلى الصدر.
3- قول الله تعالى ولا يضربن بأرجلهن ليعلم ما يبدين من زينتهن)النور:31
4- قول رسول الله سيكون فى آخر أمتي نساء كاسيات عاريات على رؤوسهن كأسنمة البخت العنوهن فإنهن الملعونات) صحيح , ومعنى كاسيات عاريات: أى كاسيات فى الصورة عاريات فى الحقيقة لأنهن يلبسن ملابس لا تستر جسداً ولا تخفى عورة فالغرض من الملابس الستر فإذا لم يستر الملبس كان صاحبه عارياً.
و لزيادة التوضيح:
1- أن يكون الجلباب أو الخمار أو الإسدال نازلاً من الرأس إلى أسفل مروراً بفتحة الصدر(الدى كولتيه) والأكتاف ، بحُريه , وغطاء الرأس الذى يلف ويحزم به الرأس ويكورها ليس من ذلك , إنما المقصود هو النزول من الرأس إلى أسفل بحُرية.
2- أن يكون واسعاً ولا يكون ضيقاً , كأنواع البلوزات والبنطلونات المطاطة (الاسترتش) وكذلك غطاء الرأس الذى يلف ويحزم به الرأس ويكورها , وكذلك لا يكون مساو لحجم الجسد كالعباءة والجلباب و(التونيك) المساوي لحجم الجسم فيرسم السمينة كأنها رفيعة والنحيفة كأنها ممتلئة ، مع مراعاة حركات الجسم فيكون أوسع من الحركات أيضاً كطول الخطوة مثلاً.
3- أن تكون نوعية القماش سميكة , لأن الرقيق أن لم يشف ما خلفه التصق به ووصفه فقد يكون طويلاً وواسعاً ولكن نوعية القماش رقيقة مما يجعلها مع الحركة أو السكون ملتصقة بالجسد بشكل يظهر كل ما بطن.
4- أن يكون غير مبهرج بألوان جذابة تلفت النظر (كألوان غطاء الرأس وباقي الملابس) فكانت الألوان القاتمة هى الأنسب للزي الإسلامي الكامل الصحيح , لأنه لا يلفت النظر وهذا هو المقصود .
5- ألا يشبه ملابس الرجال (كالبنطلون الذى انتشر كالوباء المعدي وقد أفتى أهل العلم بعدم جواز لبس المرأة للبنطلون لأنه من ألبسة الرجال وأن مقترفة هذا الإثم واقعة تحت حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم الرجل يلبس لبسة المرأة والمرأة تلبس لبسة الرجل ). صحيح وعن بن عباس رضى الله عنه قال : لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم المخنثين من الرجال والمترجلات من النساء)صحيح أخرجه البخاري .. ولكن الغافلات من النساء قالوا أنه يسهل الحركة ولا يصف ما تحته الهواء إذا جاء هواء ، أومن أجل خوفك أن يصف الهواء رجليك تعرضيهما مقدماً ؟!! سبحان الله .
6- ويلزم لهذا كله عدم التعطر لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: (أيما امرأة استعطرت فمرت على قوم ليجدوا ريحها فهي زانية) حسن , وعدم التكسر فى الكلام أو ترقيق الصوت لقول الله تعالى فلا تخضعن بالقول فيطمع الذى فى قلبه مرض و قلن قولا معروفا)الأحزاب:32, وعدم التكسر فى المشية لقول الله تعالى فجاءته أحداهما تمشى على استحياء)القصص:25.
وبهذه الكيفية تكون المرأة قد سترت زينتها ومفاتنها وتكون بذلك فى مأمن من غضب الله عليها , وعند الإخلال بواحدة من هذه الصفات ينطبق عليك تماماً صفة المتبرجة , وليس معنى التزامك ببعض هذه الصفات ومخالفة أخرى أنك فى مأمن بعكس التي تخالف كل هذه الصفات فهذا ليس صحيح , فالذي يدخن فى نهار رمضان أكثر جرأة على الله من الذى يدخن بعد الإفطار ولكن كلاهما عاصي مستحق لعقاب الله وعقاب الله درجات !
- ولسوف تلاحظين شيئاً هاماً جداً.. وهو أن مخالفة صفات الزي الإسلامي هى الأركان الأساسية التي يقوم عليها كل بيوت الأزياء والموضة قديماً وحديثاً بلا استثناء !!
وكيف ذلك ؟؟؟ الأمر واضح جداً ولكن التقليد الأعمى والأتباع من غير تفكير هو سبب المشكلة, فبيوت الأزياء والموضة هذه كل وظيفتها هى أن تبرز مفاتن المرأة وهذا بعكس تماماً ما أمر الله به فى الزي الإسلامي الذى مقصده ستر المرأة ومفاتنها (ولا يبدين زينتهن)النور:31, فقد أمر الله بارتداء الجلباب إلى أسفل فصنعوا الملابس القصيرة وأمر سبحانه بالملابس الواسعة السميكة فصنعوا هم الملابس الضيقة المفصلة للعورات والملابس الرقيقة التي لا تستر مثل ما تبدى وأمر سبحانه بعدم إبداء الزينة الخارجية لعدم لفت أنظار الرجال فإذا بهؤلاء الشياطين يتفننون فى لفت الانتباه بالألوان المبهرجة اللافتة للنظر والعطور المثيرة للغرائز, إن هذا كله أمر واضح ومعلوم فى بيوت الأزياء والموضة , ألم تلحظي حتى طريقة المشي التي أمر الله سبحانه بالسكينة والوقار فى المشية تجدي هذه العارضة تترنح وتتكسر بشكل مبالغ فيه ؟! ويا للأسف لم تسلم كلمة الحجاب من هؤلاء فصنعوا ما يسمى بالأزياء والموضة المناسبة للمحجبات فيكف يلتقي الضدان؟؟ فهذا غرضه العرض وهذا غرضه الستر.
ويستعملون فى ذلك كلمات رنانة كلمسات الجمال والأناقة والحيوية والشباب والألوان المبهجة , والعاقل الذى عنده شئ يسير من العقل ليتضح له أن هذا كله ما هو إلا عملية عرض لسلعة وذلك بتزيينها , نعم أنت هذه السلعة وهؤلاء الشياطين يريدون عرضك فى أحسن صورة . . . . .
ولكن ألا توافقينى الرأي أنه ليس من العجيب أن تعرض المرأة نفسها من أجل المال ولكن العجاب أن تعرض المرأة نفسها بالمجان!!
وأختم هذه النقطة بقول رسول الله صلى الله عليه وسلمان الحلال بيّن والحرام بيّن وبينهما أمور مشتبهات لا يعلمهن كثير من الناس فمن أتقى الشبهات فقد استبرأ لدينه وعرضه ومن وقع فى الشبهات وقع فى الحرام كالراعي يرعى حول الحمى يوشك أن يرتع فيه)رواه البخاري و مسلم .
33) وقد تقولى أليست هذه الصفات مبالغ فيها أو تعتبر من التزمت والتشدد؟؟
نقول لك من الذى يقول أن الشيء مبالغ فيه أم لا ؟ إذا أردنا أن نعرف هل الشيء مبالغ فيه أم لا فيجب علينا أن نعود إلى الأصل ونقارن الأصل بالأمر المختلف عليه فإذا بحثنا عن أمر الله سنجد أن هذه الصفات هى الأصل وهى المأمور بها تماماً من الله من غير زيادة أو نقصان ( والأدلة عليها من الله ورسوله صحيحة وصريحة كما ذكرناها ) وإنما العيب فيك أنت لما أسرفت فى مخالفة ما فرضه الله فى الزي الإسلامي الصحيح بدا لك أن هذه الصفات كلها تعتبر تشدد ومن تقوم بهذه الصفات بأكملها متشددة !!! ومثل ذلك كأن يأتي أحد الشباب المنحل وقد أقام علاقات غير شرعية مع عشرات الغافلات فإذا سمع أو رأى شاب آخر ليس له علاقة مع النساء فإنه يستغرب الأمر ويراه متشدد ، لماذا؟؟ لأنه يقيس الأمر على نفسه وليس على الأصل فالأصل أنه لا يجوز إقامة علاقة بين الشاب والفتاة وليس العكس فكذلك أنت لا تقيسي مظهر الملتزمة على نفسك وإنما عودي للأصل والأصل عندنا كمسلمين هو كلام الله ورسوله وإجماع أهل العلم.
وقفة مع النفس
- اعلمي ان الأمر لا يتطلب كثير تفكير وجدال فإنا لا ندعوا إلى بدعة أو شئ جديد على الأذهان وإنما هو شئ فطرى فإن الحياء فطرى فى الإنسان وما نريد إلا معالجة ما طرأ على هذه الفطرة من انتكاس وهذه المعالجة قد تكون صعبة ولكنها ليست مستحيلة إنما الصعب والمستحيل والذي لن يكون مطلقاً هو أن يكون من مات وانتهى أجله فى الدنيا يعود مرة أخرى ليصلح ما كان فاسداً من عمله ! فتخيلي هذا المشهد من كلام الله عز و جل :
من سورة المؤمنون :
الأية103: (و من خفت موازينه) أى قلت خيراته فرجحت عليها السيئات (فأولئك الذين خسروا أنفسهم فى جهنم خلدون) .
104: (تلفح وجوههم النار) أى تحرقها و تشويها (و هم فيها كالحون) أى شمرت شفاهم العليا و السفلى عن أسنانهم .
105: فيقال لهم (ألم تكن ءاياتي تتلى عليكم) من القرآن (تتلى عليكم) أى تخوفون بها (فكنتم بها تكذبون) .
106: (قالوا ربنا غلبت علينا شقوتنا) أى استولت علينا و ملكتنا فساد أنفسنا (و كنا قوما ضالين) .
107: (ربنا أخرجنا منها فإن عدنا) إلى المخالفة (فإنا ظالمون) .
108: (قال اخسئوا فيها) يرد الله عليهم بلسان مالك خازن النار و ذلك بعد زمن قدر الدنيا مرتين : ابعدوا فى النار أذلاء (و لا تكلمون) فى رفع العذاب عنكم, لينقطع رجاؤهم .
ومن سورة التحريم :
الأية 6: يأيها الذين ءامنوا قوا أنفسكم و أهليكم نارا وقودها الناس و الحجارة عليها ملائكة غلاظ شداد لا يعصون الله ما أمرهم و يفعلون ما يؤمرون) أى احملوا أنفسكم و أهليكم على طاعة الله لتتقوا النار التي من فرط حرارتها أنها لا تتقد بالحطب بل بالناس و الحجارة كما أن خزنتها ملائكة غلاظ القلوب شداد البطش لا يعصون أمر الله .
ومن سورة فاطر :
الأية36: (و هم يصطرخون فيها ربنا أخرجنا نعمل صلحا غير الذى كنا نعمل أولم نعمركم ما يتذكر فيه من تذكر و جاءكم النذير فذوقوا فما للظالمين من نصير)
يقول الله تعالى أفحسبتم أنما خلقنكم عبثا و أنكم إلينا لا ترجعون) المؤمنون:115, ما ظنك برب العالمين أيخلق هذا الكون ويسخره من أجلك و يأمر و ينهى ثم لا يكون يوم الجزاء, من أطاعه نعمه ومن عصاه عذبه ؟!
هل تظنين أن النار مقتصرة على الكفار فقط ؟!
إنما بينك وبين هذا الوعيد كله ارتكاب المعصية , إن الله لا يحابى أحد , فهذا رسول الله صلى الله عليه و سلم يقول الله تعالى له قل إني أخاف إن عصيت ربى عذاب يوم عظيم) الأنعام:15
ثم اعلمي أن التزامك بهذا الفرض لست أنت أول من فكر به وعالجه إنما سبقك آلاف وآلاف ونجحوا , فإن هذه الملتزمة بالزي الإسلامي أو تلك لم تولد هكذا وإنما معظمهن مررن بنفس ما مررت به بل إن منهن من واجهن أضعاف ما تواجهي من عقبات و مغريات , وما عليك إلا التقدم بخطوات عملية , واعلمي أنك أدرى بنفسك من غيرك ولن يرتاح بالك وأنت تخدعي نفسك فتقدمي فى هذا الطريق بصدق ولن يخذلك الله فمن تقرب إلى الله شبراً تقرب الله إليه ذراعاً وهكذا , واعلمي أن الشيطان (سواء شيطان الإنس أو الجن) يخوفك من الإقدام على طاعة الله عموماً (إنما ذلكم الشيطان يخوف أولياءه فلا تخافوهم وخافون إن كنتم مؤمنين) 75 آل عمران فيضع كل الهموم والعقبات أمامك حتى يثقل عليك أمر الطاعة وفى نفس الوقت يزين المعصية ويهونها ويشكلها فى نظرك شئ تافه , ولكن نقول لك وعن تجربة كل من سلك هذا الطريق من قبلك أن هذه العقبات التي يضعها شياطين الإنس والجن ما هى إلا سراب لا أساس له وعند اتخاذك لهذه الخطوات العملية فى طريق الالتزام بمنهج الله والوقوف على أوامره ونواهيه ستجدين منح من الله لا تتخيليها منها إيمان فى القلب يمنحك قوة لمواجهة العقبات ونور فى الوجه هو من قبيل نور الإيمان وشعورك بالأمان لأنك قريبة من الله .
واعلمي أن أهل العلم ما أكثرهم وما عليك إلا أن تتوجهي إليهم ولكن بشرط أن تكوني صادقة مع نفسك معترفة بذنبك وتقصيرك عازمة على السير فى هذا الطريق , وسترشدك فطرتك السليمة ومنهج الله وسنة نبيه إلى كل الخير.
وإياك أن يكون مانع الرجوع إلى الصواب والحق هو الكبر والقناعة بصحة ما تقومين به أو أنه شئ بسيط وإن كان مخالفاً لما أمر الله به فما لعن الله إبليس إلا لأنه اقتنع برأيه ورضى بالمعصية وأصر عليها وتكبر على الله أن يرجع ويعترف ويندم و اعلمي أن الاعتراف والندم لا يكون فى ميدان عام أو لأي أحد , إنما هذا يكون بينك وبين الله من القلب من غير واسطة .
فأوصيك بارك الله فيك بالسرعة فى الرجوع إلى الله, الآن ...الآن وأنت صحيحة معافاة , فكم ممن قبلك عادوا وعدن إلى الله بسبب مصيبة أو موت عزيز أو مرض عضال أو غير ذلك , فبالله عليك لا تنتظري أن تكون أحد هذه المصائب- لا قدر الله- هى منبهتك وموقظتك , فالعاقل من اتعظ بغيره , فلا تتأخري فيتعظ بك غيرك .
ومع هذا استعيني بالله واسجدي له وقولي يا رب لقد خلقتني وأنت أعلم بما يصلحني و يفسدني فأينما توجهني سأتوجه وأسألك العون يا معين فأنا لا أقدر وأنت تقدر, لا حول ولا قوة لي إلا بك , يا رب عليك أتوكل فساعدني ولا تكلني إلى نفسي , وأنا يا رب سأكون على طاعتك وعبادتك والامتثال لأمرك ما استطعت إلى ذلك سبيلاً , وأعترف إليك بتقصيري وبذنوبي وأندم ولا أعود , وهذه هى الخطوة الأولى على الطريق أما الخطوة الثانية فهي اتخاذك أحد الطريقين العمليين للإلزام كما سنذكرهما :
34) هل هناك خطوات عملية أقوم بها لأسير فى هذا الطريق؟
وجواب هذا يمكن إن شاء الله إيجاد أفضل الطرق العملية للالتزام بمنهج الله فى كل الحالات والفرائض وعلى رأسها الالتزام بالزى الإسلامي:
أولاً: هناك فتاة تتميز بقوة الشخصية والذكاء الاجتماعي والقدرة العقلية والمنطقية لمواجهة البيئة الخارجية والظروف المحيطة بها فهذه يجب عليها دراسة وتعلم الفقه الذى تريد إتباعه كأن تحيط بالحجج المؤيدة للالتزام بالزى الإسلامي من كلام الله سبحانه وتعالى وأوامره الصريحة بهذا الأمر وكذلك أوامر النبي صلى الله عليه وسلم وسير الصالحات ودراسة الشبهات الموجهة لهذا الأمر الإلهي والرد عليها ثم بعد ذلك تأخذ القرار بالالتزام بالزى الإسلامي الصحيح على أتم وجه وسيعينها الله فى ذلك ثم قوة شخصيتها وقوة منطقها وما حصلته من معرفة الحجج الظاهرة لهذا الأمر فيمكنها هذا من الدوران 180 درجة , مهما كانت على باطل ومهما كان مظهرها الخارجي بعيداً عن الفطرة والإسلام ومهما كانت هى أصلاً بعيدةً عن منهج الله فهذه الشخصية يسهل عليها مواجهة البيئة الخارجية والظروف المحيطة بها دون أى ضرر فهي كانت قبل الالتزام إذا طلبت أى أمر حصلته ولو كان باطلاً ولها القدرة على الدفاع عن رأيها بأساليبها الخاصة حتى تقنع الجميع بوجهة نظرها ولها القدرة على احتواء الجميع وقد يصل الأمر بها أن تقنع من حولها برأيها وهذا الصنف من النساء و الفتيات من فصيلة عمر بن الخطاب رضى الله عنه فلما أراد الهجرة من مكة إلى المدينة أتباعاً لأمر الله ورسوله وكان المهاجرون يهاجرون سراً خوفاً من بطش رجالات قريش فماذا فعل عمر؟ لقد ذهب إليهم فى وضح النهار ونادى فيهم إني مهاجر إلى المدينة فمن كان يريد أن ييتم أطفاله ويثكل نسائه فليقابلني خلف الجبل فلم يقدر أن يعترضه أحد وهذا لقوته وجراءته , فكذلك أنت يمكنك أن تضعي الجراءة والإقدام والشجاعة موضعها فهذه الصفات ليست حكراً على الرجال وإنما للأسف أنت استخدمت الجراءة على الله بسهوله فلا يثقل عليك استخدامها للوصول إلى الله فهذا هو وقتها فأتى بها.
ثانياً: إذا كنت من اللاتي ينقصهن قوة الشخصية أو القوة الكافية لمواجهة الظروف أو أن الظروف أقوى من اللازم , كأن تكوني ابتليت بأهل يعارضون هذا الأمر بشكل مبالغ فيه ، فمثلاً الأم تري أن التزامك بالزي الإسلامي يمنعك عن الزواج كحال اكثر الأمهات زد إلي ذلك أن تكون الأم والأهل غير ملتزمين بأوامر الله ، فهنا تكون المواجهة صعبة فما العمل ؟ هل تعلنين مخالفة الأهل بشكل جاف وبأسلوب غير مهذب حتى تنفذي أوامر الله أم ترضي والديك بالاستمرار في معصية الله ؟ وحتى نفرق بين هذه الحالة والحالة السابقة ، فإننا ذكرنا في الفرض االسابق أنها لا تواجه ضغوط كبيرة وأنها عندما تغير نفسها تماما إلى طاعة الله سوف لا تقابل بمواجهات شديدة ، بل يستقر الوضع سريعاً من غير مضايقة من الأهل أو أن الأهل متفهمين ومؤمنين بأوامر الله ووجوب تنفيذها فيستقبلون التغير علي الرحب والسعة ، أما الفرض الثاني والذي نحن بصدده وهو الضغط الشديد من قبل المحيطين سواء ألوالدين أو الزوج أو ما إلى ذلك وصعوبة التغير والإصلاح من غير إغضابهم ففي هذا الوضع يجب إثبات أمرين يجب تحقيقهما معاً : بر الوالدين وطاعة الله ورسوله .
فعن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال : سألت النبي صلي الله عليه وسلم : أي العمل أحب إلى الله تعالي ؟ قال : "الصلاة علي وقتها "قلت ثم أي ؟قال:"بر لوالدين " ، قلت : ثم أي ؟قال" الجهاد في سبيل الله " (متفق عليه) .
ويقول صلي الله عليه وسلم : " لا طاعة لأحد في معصية الله تعالي إنما الطاعة في المعروف " (صحيح الجامع) ، فأنت الآن بصدد إشكال وهو كيف تنفذين هذين الأمرين والواقع العملي يخبرك بتعارضهما ؟ فإن أطعت الله والتزمت المظهر والزي الإسلامي الصحيح غضب الأهل ومنعوك وان اتبعت أمرهم كنت عاصية لأمر الله فما هو المخرج ؟ والجواب أن الشرع الحكيم المنزل من رب العالمين لا أشكال فيه أبدا ، وإنما نحن نفتقد إلى النظرة الشاملة لإسقاط منهج الله وشرعه علي ارض الواقع ويتضح هذا الأمر علي الوجه التالي فما بدا لك انه أشكال لتعارض أمرين هو فى الحقيقة اختبار من الله لك ( أحسب الناس أن يتركوا أن يقولوا آمنا وهم لا يفتنون ) (العنكبوت :2) ، فبعدما علمت أن الالتزام بالمظهر الإسلامي فرض من فروض الله عليك والتفريط فيه معصية عظيمة تصل إلى حد الكبيرة ، ثم أردت التنفيذ فلا بد أن يكون هناك اختبار من الله هل أنت حقاً راغبة وعازمة علي المضي في هذا الطريق أم لا ؟ هل تصبري علي هذا الأمر أم تنتكسي من أول شوكة ؟ ( ومن الناس من يعبد الله علي حرف فإن أصابه خير اطمأن به وان أصابته فتنة انقلب علي وجهه خسر الدنيا والآخرة ذلك هو الخسران المبين ) (الحج :11) ويقول تعالي : ( ومن الناس من يقول آمنا بالله فإذا أوذي في الله جعل فتنة الناس كعذاب الله ) (العنكبوت :1) .
هل أي ضغط مهما كان أو بلاء هل كعذاب الله ؟ كلا والله ، فيا من تعانين من مواجهة الأهل والظروف فبداية اعلمي وتيقني انه اختبار وامتحان لك من الله ،
فإن صبرت كافأك الله عليه في الدنيا قبل الآخرة ، وبأكثر بكثير من التي نشأت في بيئة صالحة أو لم تواجه ما تواجهينه فالله شكور ولن يبخس عملك (هل جزاء الإحسان إلا الإحسان ) (الرحمن : 60) ثم بعد ذلك يقول صلي الله عليه وسلم "ما من شيء يوضع في الميزان أثقل من حسن الخلق وأن صاحب حسن الخلق ليبلغ به درجة صاحب الصوم والصلاة "(صحيح الجامع).
ويقول الله تعالي : ( واخفض جناحك للمؤمنين) (الحجر:88) ، ويقول تعالي : ( ولو كنت فظاً غليظ القلب لانفضوا من حولك ) (آل عمران :159) ، فهذا هو الحل بين يديك المتمثل في أمر الله ورسوله بحسن الخلق , وللتطبيق العملي نقول هناك ثلاث خطوات للتوفيق بين بر الوالدين وطاعة الله .
أولاً : يجب أن تعلمي يقينا أن الالتزام بالمظهر الإسلامي وهو فرض كما تبين والتفريط فيه يستوجب غضب الله وعقابه ،وأنك حتما ولا بد ستقومين به وإن أغضبت الناس جميعاً ، وهذا في قرارة نفسك من غير أن تصرحي به .
ثانياً : بذل كل طاقتك في الحصول علي رضا الوالدين عن طريق حسن العرض والأدب واللين ، وهذه خطوة غاية في الأهمية .فكما ذكرنا أن النبي صلي الله عليه وسلم بين أن حسن الخلق يعطي صاحبه ثواب الصوم وصاحب الصلاة ، وهل هناك ثواب أعظم من هذا ؟ (وطبعا المقصود أنه يأخذ الثواب ولا يسقط الفرائض) فإذا كان هذا أجر ومنزلة صاحب حسن الخلق فبالتأكيد ليس الأمر سهلاً هيناً ، ولكن العلم بمنهج الله يهون الكثير ، فمثلاً يستكبر كثير من الأبناء أن يصل التعامل مع الوالدين إلى مرحلة قهر أو ذل من الوالدين إلى الأبناء ، ويري الأبناء أن هذا ظلماً يجب دفعه ، فلا يقبل الصبر علي هذا الأمر وتحمله ، ويأتي قول الله تعالي : (واخفض لهما جناحا من الذل والرحمة ) (الإسراء :24) ليضع أصلاً من أهم الأصول ، إن الذل هو أدني مراتب التعامل بين البشر ، فالله عز وجل لم يمنح هذا الحق ولا حتى الرسل والأنبياء في تعاملنا معهم ، إنما أمرنا أن نصل إلى مرحلة الذل في التعامل مع الوالدين ، فلماذا لا تتعبدي لله بالتذلل لوالديك والصبر عليهما ، وإن كان الحق معك والخطأ في صفهمٍ؟ فوالديك ليسوا من أقرانك فلا تخطئيهم صراحة ، بل تبسمي إليهم ولا تحدقي النظر إليهم ، أنصتي لحديثهم ولا ترفعي صوتك عليهم ، قدمي لهم المساعدة والهدايا ، بالغي في شكرهما وإن أعطوا القليل ، وبالغي في عذرهما ولو منعوا الكثير ، اشرحي لهما أمر الله وفرضه ، اعرضي أمر رسوله ونهيه بلباقة ولين وحب وهدوء ، استخدمي كل الوسائل المحببة إليهم ، ادفعي إليهم من يحبونهم ويثقون بهم ليشرحوا موقفك ، أكثري من الصلاة والدعاء لهم أن يألف الله قلوبهم ويهديهم ، ألحي عليهم بأدب وتذلل من غير ضجر ولا ملل ، واعلمي انك في كل هذا تنالين من الأجر ما هو افضل من الجهاد في سبيل الله كما ذكر نبينا صلي الله عليه وسلم وبأجر الصلاة والصيام ، عند ذلك حتماً ستحصلين علي رضا والديك وكل من عارضك ، بل سيباركون عملك إن شاء الله ، إذ كما قالوا : (من أدمن الطرق ولج ) ، فبهذا الأسلوب تستطيعين أن تحصلي علي رضا الله بتنفيذ أمره ورضا والديك بإقناعهم باللين والتذلل والتواضع ، وقبل أن أنهي هذه النقطة أوضح أن منهج الله السليم بريء تماماً من كل من يهمل هذه القضية (حسن الخلق ) ويدفع بأمر الله في مواجهة الوالدين من غير أدب وتقدير لحقوقهما .
ثالثاً : إذا كان من الولدين إصرار علي رفض التزامك بالمظهر الإسلامي الصحيح بعدما بذلت ما ذكرناه في الخطوة السابقة (وهي نسبة ضئيلة جداً من الأهل إن وجدت ) ففي هذه الحالة يسقط عنك تماماً طاعتها في هذه النقطة التي سبق من الله ورسوله فيها أمر أو نهي ( ووصينا الإنسان بوالديه حسنا وإن جاهداك لتشرك بى ما ليس لك به علم فلا تطعهما ) (العنكبوت:8) ويقول تعالي : ( وإن جاهداك علي أن تشرك بي ما ليس لك به علم فلا تطعهما وصاحبهما في لدنيا معروفا ) (لقمان : 15) وطبعاً لا تغفلي عن الشق الأخر من الأية فليس معني أنك لم تطيعي والديك في مخالفة أمر الله أن تعلني الحرب عليهما ، كلا بلا يجب أن تستمري في كل ما ذكرناه سابقاً من تذلل وطاعة وتواضع ومشاورة ولين واحترام.
والخلاصة : أن أمر الله بالتزام المظهر الخارجي والزي الإسلامي أمر واجب التنفيذ أيضاً ، فإذا طلب منك والدك مخالفة أمر الله يجب أن تقدمي أمر الله ورسله علي أمر والديك بشرط ، أن تقدمي الحجة والبيان بكل أدب ولين وذل وتواضع .
، وتذكرى أنه عند إسلام سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه يقول ( كنت باراً بأمي فلما أسلمت قالت يا سعد: ما هذا الدين الذي أحدثت؟. لتدعن دينك هذا أو لا آكل ولا أشرب حتى أموت فتعير بي، فيقال يا قاتل أمه. قلت لا تفعلي يا أمي إني لا أدع ديني هذا لشيء، فمكثت يوماً وليلة لا تأكل ولا تشرب وأصبحت وقد جهدت فلما رأيت ذلك قلت: يا أمة تعلمين والله لو كان لك مائة نفس فخرجت نفساً نفساً، ما تركت ديني، إن شئت كلي أولا تأكلي فلما رأت ذلك أكلت, فلما لم تجد منه تراجع تراجعت هى , وهكذا تكون العقيدة الناتجة عن العلم , ولكن مع ذلك عليك بالرفق فى كلا الحالتين واعلمي أنك تستحملي شعار الإسلام فيجب أن تكوني قدوة وذلك بحسن أخلاقك والرفق فى الأمور كلها يقول صلى الله عليه وسلمإن الله رفيق يحب الرفق فى الأمر كله)متفق عليه, ولكن لا يكون هذا على حساب مضيك فى هذا الطريق , وبهذا نكون أوضحنا لك طريقين يمكنك الاختيار أيها أنسب لك ولظروفك ولشخصيتك.
إلى كل مؤمن و مؤمنة يخشى من التقهقر بعد التزام طاعة أو ترك معصية
عوامل الثبات على طريق الالتزام بأي عبادة وعدم التقهقر مرة أخرى :
أولا : اخلص نيتك لله :
يقول الله تعالى عن الشيطان: ( إنما سلطانه على الذين يتولونه والذين هم به مشركون )النحل:100, أى أن الشيطان لا ولاية له ولا قهر إلا على الذين يتخذونه وليا مطاعا يخضعون لوسوسته والذين هم بالله مشركون فلا يكن الهدف من الالتزام بالعبادة ( الأوامر والنواهى ) أى شئ إلا طلب مرضاة الله طاعة لله فإن كان غير ذلك فصحح نيتك وإلا سرى فيك وتحقق ما يوسوس به الشيطان إليك فهو لا سلطان له على من قصد وجه الله أما إن كان القصد غير وجه الله سلط عليه , وقد روى أنه كانت شجرة تعبد من دون الله فلما هم رجل بقطعها غضبا لله تمثل له الشيطان فى صوره رجل فدعاه الشيطان للرجوع عن ذلك وسيجد كل يوم تحت وسادته دينارين فرجع الرجل ، فلما أخلف الشيطان وعده عاد الرجل مرة أخرى ليقطع الشجرة فأمسك به الشيطان وخنقه وضرب به الأرض ، فسأله الرجل من أنت ؟
فقال له : أنا الشيطان ولماَ خرجتَ فى المرة الأولى لله لم أُسلط عليك أما فى الثانية فخرجتَ للدنانير فسُلط عليك .
ثانيا:ادخل الالتزام و توكل على الله :
يقول الله تعالىقال رجلان من الذين يخافون أنعم الله عليهما ادخلوا عليهم الباب فإذا دخلتموه فإنكم غالبون و على الله فتوكلوا إن كنتم مؤمنين)المائدة:23,نعم ليكن يقينك فى الله أنك إذا دخلت طريق الالتزام أن الله سيثبتك و يمنع عنك التقهقر و يمنع عنك وساوس الشيطان و مكائده , (وعلى الله فتوكلوا) أيضا يجب الإيمان بأنه لا حول و لا قوة لك تعينك على الثبات على هذا الطريق إلا الله عز و جل فتوكل عليه و ادعوه أن يثبتك, و اعلم أن فائدة التوكل على الله هى سد باب الخوف الذى يقذفك به الشيطان ليثنى عزيمتك .
ثالثا:خذ الالتزام بقوة :
يقول الله تعالىخذوا ماء أتينكم بقوة)البقرة:63 ,و يقول الله تعالىييحي خذ الكتب بقوة)مريم:12,و معنى القوة فى هذه الآيات كما قال أهل العلم هو الجد و الاجتهاد, أى أن الله عز و جل يأمر المؤمنين و الأنبياء بأن يأخذوا أوامره و نواهيه بجد و اجتهاد من غير تراخى , و يقول تعالىيأيها الذين ءامنوا ادخلوا فى السلم كافة)البقرة:208,والسلم هنا بمعنى الإسلام , فالله يأمرنا بالتزام شرائع الإسلام كلها , و حتى لا يختلط الأمر نفرق بين أمرين هما : أخذ الدين بشرائعه بقوة و بين الغلو فى الدين :
فأخذ الدين بقوة : أى التزام ما شرعه الله و رسوله صلى الله عليه و سلم و ذلك بجد واجتهاد من غير تراخى و لا تفريط .
أما الغلو فى الدين : فهو التزام ما لم يشرعه الله ولا رسوله صلى الله عليه و سلم .
رابعا: إياك و الفرح بالعبادة :
يقول الله تعالىإذ قال له قومه لا تفرح إن الله لا يحب الفرحين)القصص:76, وقال صلى الله عليه و سلم ثلاث مهلكات شح مطاع و هوى متبع و إعجاب المرء بنفسه)صحيح: السلسلة الصحيحة , و قال مطرف رحمه الله : لأن أبيت نائما و أصبح نادما أحب إلى من أن أبيت قائما(يصلى) و أصبح معجبا . و أعلم أن الشيطان لم يهزم أحد أسهل من المعجب بعبادته و التزامه , فاتهم نفسك و أعمالك الصالحة دوما ودائما و متى رءايت أنك فى مأمن و أنك حققت ما يحميك من الرجوع و التقهقر فتيقن أنك منذ هذه اللحظة و قد بدأت العد التنازلي للانتكاس و التقهقر.
خامسا : استمسك بالاستغفار:
ليس الاستغفار مقصورا على من يقوم بمعصية فيستغفر فحسب بل إن الله سبحانه وتعالى يأمرنا أن نستغفره عقب القيام بالأعمال الصالحة لما فى ذلك من مصلحة و فائدة عظيمة فى مسألة الثبات , فما أعظم الصلاة و قد أمرنا الرسول صلى الله عليه و سلم بالاستغفار ثلاث مرات عقبها مباشرة و كذلك بعد أداء فريضة الحج مباشرة , يقول الله تعالثم أفيضوا من حيث أفاض الناس و استغفروا الله إن الله غفور رحيم)البقرة:199,و كذلك بعد ما أتم النبي صلى الله عليه و سلم الرسالة على أفضل وجه أمره الله سبحانه و تعالى بالاستغفار , يقول الله تعالفسبح بحمد ربك و استغفره إنه كان توابا)النصر:3, و على هذا فإن التزامك يجب أن يعقبه و يتخلله دائما الاستغفار, و إياك أن تغرك حلاوة الإيمان الناتجة عن الالتزام أن تقف عن الاستغفار أو تستهين به أو تظن أنه ليس لك حاجة به و اذكر أحب خلق الله إليه صلى الله عليه و سلم المعصوم إذ يقول و الله إني لأستغفر الله و أتوب إليه فى اليوم أكثر من سبعين مرة)صحيح البخاري
سادسا: التزم مقام الذل لله :
أى يكون الإنسان منكسرا لله فهو لا ينسى ذنوبه بل يستحضرها ويستحضر تقصيره فى حق الله و كيف أن الله حلم عليه و ستره و صبر عليه و كيف أنه أسبغ عليك نعمه ظاهرة و باطنة , قيل لسعيد بن جبير من أعبد الناس ؟ قال: رجل اجترح من الذنوب , فكلما ذكر ذنوبه احتقر عمله , واعلم أن ذنبا تذِل به لله خير من طاعة تدل بها على الله , ومن علامات تحقيق الإنسان لمقام الذل لله التعامل مع المؤمنين بتواضع و رحمة , يقول الله تعالىمحمد رسول الله والذين ءامنوا معه أشداء على الكفار رحماء بينهم..)الفتح:29.
سابعا: التزم مقام الخوف :
1- الخوف من عدم قبول الأعمال الصالحة :
يقول الله تعالىو الذين يؤتون ما أتوا و قلوبهم وجلة أنهم إلى ربهم راجعون)المؤمنون:60,قالت السيدة عائشة رضى الله عنها: يا رسول الله (الذين يؤتون ما أتوا و قلوبهم وجلة) هو الذى يسرق و يزنى و يشرب الخمر و هو يخاف الله عز و جل ؟ قال: لا يا بنت أبى بكر يا بنت الصديق, ولكنه الذى يصلى و يصوم و يتصدق و هو يخاف الله عز و جل ألا يتقبل منهم .رواه أحمد والترمذى
2- الخوف من الانتكاس مرة أخرى :
يقول الله تعالىو إذ قال إبراهيم رب اجعل هذا البلد ءامنا و اجنبنى و بنى أن نعبد الأصنام) إبراهيم:35, سبحان الله هذا إبراهيم عليه السلام الذى ألقي فى النار من أجل أنه حطم الأصنام , فما من أحد على الأرض يبغض الأصنام و يكفر بها مثله و لو قال:أجنب بنى أن يعبدوا الأصنام لكان أمرا عاديا أن يخشى على من يأتي من بعده عبادة الأصنام ولكنه قال و اجنبنى و بنى أن نعبد الأصنام) فهو يخاف على نفسه ولا يأمن من الانتكاس , و كذلك نبينا صلى الله عليه و سلم كان أكثر دعائه : اللهم يا مقلب القلوب ثبت قلبى على دينك , فهذا نبينا صلى الله عليه و سلم أيضا يخاف على دينه ويسأل الله الثبات , وكذلك الملائكة الذين لم يعصوا الله قط , يقول الله تعالى فى وصفهم يخافون ربهم من فوقهم و يفعلون ما يؤمرون)النحل:50, ونخلص من هذا أن الخوف ليس بكثرة الذنوب و لكن بصفاء القلوب , فاعلم أن درجة ثباتك على طريق الالتزام يبينها درجة خوفك من الله و عظمته و من عدم القبول و من الانتكاس فإن استمسكت بالخوف فلك من الله الأمان, يقول صلى الله عليه و سلم قال الله عز و جل: و عزتى و جلالى لا أجمع على عبدى خوفين ولا أجمع على عبدى أمنين , إن أمننى فى الدنيا أخفته يوم القيامة و إن خافنى فى الدنيا أمنته يوم القيامة)حسن:أخرجه بن حبان فى صحيحه .
ثامنا: التزم مقام الرجاء :
فحاشا لله أن يرد من قصده أو يهمل من اعتمد عليه , يقول صلى الله عليه و سلم قال الله عز و جل: أنا عند ظن عبدى بي و أنا معه حين يذكرني , والله لله أفرح بتوبة عبده من أحدكم يجد ضالته بالفلاة , و من تقرب إلى شبرا تقربت إليه ذراعا ومن تقرب إلى ذراعا تقربت إليه باعا وإذا أقبل إلى يمشى أقبلت إليه أهرول) متفق عليه , و معنى الحديث : أن الله يفرح بتوبة عبده أكثر من فرح من يجد دابته التي فرت منه و هو فى الصحراء , ومن تقرب إلى بطاعتي تقربت إليه برحمتي و إن زاد زدت فإن أتاني يمشى و أسرع فى طاعتي أتيته هرولة أى صببت عليه الرحمة وسبقته بها و لم أحوجه إلى المشي الكثير في الوصول إلى المقصود , فلا يحملنك الخوف من الله على اليأس من رحمته و لا يحملنك الرجاء على الأمن من غضبه و عقابه .
تاسعا: عظم حرمات الله :
يقول الله تعالى ذلك و من يعظم حرمت الله فهو خير له عند ربه)الحج:30, و كما قال أهل العلم أن تعظيم حرمات الله لا تعنى عدم شرب الخمر فحسب بل عدم السير فى طريق فيه خمر أى أن المقصود من تعظيم حرمات الله المبالغة فى البعد عنها , فأيما شئ تبت عنه و تركته لله فلا تتركه فحسب بل بالغ فى تركه و البعد عنه , بالغ فى البعد عن الطرق المؤدية إليه , بالغ فى البعد عن الموسوسين و المعينين لك عليه , فإن كانت لك علاقة حب و ألفة بين ما ترغب فى تركه طاعة لله فلا تكتفي بان تضعه فى مرتبه عدم الحب وعدم الطلب بل يجب عليك أن تضعه فى مرتبة البغض لله و إعلانك لهذا البغض لله هو من المبالغة المطلوبة لترك هذا الأمر و عدم العودة إليه مرة أخرى .
عاشرا: اصبر على هذا الطريق :
يقول الله تعالىأحسب الناس أن يتركوا أن يقولوا ءامنا و هم لا يفتنون0 و لقد فتنا الذين من قبلهم فليعلمن الله الذين صدقوا و ليعلمن الكاذبين)العنكبوت:2,3 , فالفتنة و الاختبار أمر لازم لمن هو على طريق الالتزام حتى يتبين من طلب هذا الطريق بصدق و من هو غير ذلك , و هذه الاختبارات من الله هى بحكمة قد تكون ظاهرة أو غير ظاهرة , يقول صلى الله عليه و سلميبتلى الرجل على حسب دينه, فإن كان فى دينه صلابة زيد فى بلائه و إن كان فى دينه رقه خفف عنه و ما يزال البلاء بالعبد حتى يمشى على الأرض و ليس عليه خطيئة) صحيح: الترمذي و يهون أمر البلاء إستحضارالعاقبة الدائمة فى جنات الله و نعيمه , يقول صلى الله عليه و سلميود أهل العافية يوم القيامة حين يعطى أهل البلاء الثواب لو أن جلودهم كانت تقرض فى الدنيا بالمقاريض) صحيح الجامع , وأيضا يهون أمر الصبر كرامة و فضل الأمر الذى تصبر عليه و هو الالتزام بالدين ففي مسند الإمام أحمد قال صلى الله عليه و سلمإن الله يعطى الدنيا من يحب و من لا يحب ولا يعطى الدين إلا لمن أحب) فالتزامك بمنهج الله هو دليل و علامة أن الله يحبك و فهل يضرك بعد هذا شئ ؟
بين الشاب والفتاه بين المرأة والرجل هل توجد علاقة بريئة وأخرى غير بريئة؟
أولاً: العلاقة الغير بريئة : وهى العلاقة التي تتصف بعدم وجود موانع وعوائق لرغبات كلا الطرفين , وقد تكون بدايتها بريئة كالصداقة والزمالة وتنتهي بهما إلى الفاحشة أو فى أفضل الحالات الزواج العرفي , فهذه العلاقة ليست محل نقاشنا لان أهل العقل فضلاً عن أهل الدين يجمعون على حرمة هذه العلاقة ودناءة أهلها ونسأل الله الهداية للجميع.
ثانياً: العلاقة البريئة: وهى محل النقاش , وتكون بين رجل وامرأة أو فتى وفتاة ولكنها يحدها حدود ويفترض أنها لا تتطور ويشملها الأدب العام والعرف ويصل الأمر إلى المصارحات والصدق والألفة والثقة بين الطرفين ولا بأس بمعرفة الأهل بهذه العلاقة إلى حد ما وقد تتعدى الصداقة إلى الأخوية وكلا الطرفين يحرص على مصلحة الأخر وذلك دون الوصول إلى ما حرمه الله , وقد يكون أحد الطرفين متزوج ولكن لا بأس فإنها علاقة بريئة ويكون الحديث فيها فى الأمور الحياتية العادية أو المشاكل الشخصية العادية ومناقشتها , ومن أكبر مميزات هذه العلاقة أن المجتمع يرعاها ويعترف بها والخلاصة أن أصحاب هذه العلاقة على قناعة بصحتها وبراءتها من الفحش وأنها علاقة طبيعية مادامت لا تصل إلى ما حرمه الله ومادامت هذه العلاقة فى العلن!!!
ولحل هذا الإشكال نوضح لب وأساس هذه العلاقة بكل صراحة من زاويتين:
أولاً: الواقعية.
ثانياً: الشرعية.
أولاً: من الناحية الواقعية والعملية:
1.إن المصارحة والصدق والثقة فى هذه العلاقة كالسم فى العسل , إذ أن هذا الصدق ما هو إلا قناع لعملية تمثيلية يصور كل واحد نفسه فى أحسن صورة ويزين مظهره ويتزين فى كلامه ولا يقبل أن يتعرف الطرف الأخر على عيوبه , فهلاً ذكر عيباً من نفسه حتى يكون صريحاً ولو حدث فإنه يمدح نفسه فى صورة الذم كأن تقول أو يقول أكبر عيب عندي أنى صريح ، وإني أعيب على نفسي قول الحق بدون مجاملة فأين الصدق والصراحة؟ بل على العكس أوضح ما فى هذه العلاقة الكذب والمخادعة سواء على نفسه أو على الآخر ،، ومن أوضح ما يبين مسألة التظاهر الكاذب طرح كلا الطرفين في بعض الأحيان موضوعات تبدو هامة ، كأن تكون قضية سياسية أو نفسية أو دينية ويتنافس كلا الطرفين بإبداء رأيه في هذه القضية ووجهة نظره لا لشيء إلا ليظهر أنه على دراية وإلمام بشتى لعلوم والثقافات ، وهذا أمر واضح جداً.
2.هذه العلاقة يفترض أنها لا تتعدى الصداقة والزمالة البريئة , ولكن ما يدرى كلا الطرفين أن الآخر طور أو يطور هذه العلاقة ولو من طرف واحد؟
3.يجد الرجل فى هذه العلاقة الراحة والتسلية , إذ أنه ينشرح صدره وينسى همومه ويأنس بهذه المحادثات والمناقشات , هو لا يبحث عن حل أو يريد أن يحقق غرض وإنما يريد أن يفرغ همه وهذا حاصل فى هذه العلاقة , فليس مهماً أن تكون الفتاة جميلة المنظر وإنما هى كفتاة تحمل مراده وتحقق غايته من تسلية النفس وانشراح الصدر أثناء المجالسة سواء عياناً أو هاتفياً وهذا الأنس مركب فى طبع الرجل تجاه المرأة لا ينكره عاقل , ويقابل ذلك عند المرأة زيادة على هذا تحقيق الشعور بالذات والأهمية وزيادة الثقة بالنفس نتيجة لطلب الفتى أو الرجل إياها والتظاهر باحترامها , وكما ذكرنا أنه لا يتورع عن مخادعة وتمثيل فهي تحكمه بدلالها وهو يحكمها بدهائه.
4.وإذا كانت هذه العلاقة لا تدعو إلى الفاحشة فهذا ليس دليلاً على صحتها وشرعيتها فقد كان أهل الجاهلية قبل الإسلام يقولون ( الحب يطيب بالنظر ويفسد بالغمز ) وكانوا لا يرون بالمحادثة والنظر للأجنبيات بأساً مادام فى حدود العفاف وهذا كان من دين الجاهلية وهو مخالف للشرع والعقل فإن فيه تعريضاً للطبع لما هو مجبول على الميل إليه ، والطبع يسرق ويغلب. والمقصود أن أصحاب هذه العلاقة رأوا عدم العفاف يفسد هذه العلاقة فغاروا عليها مما يفسدها فهم لم يبتعدوا عن الفاحشة تديناً!(1)
5.ومنذ متى واعتراف المجتمع يعد معياراً فهل اعترافه بعلانية بيع الخمور يبيح الخمر؟ إن معيار المجتمع معيار ناقص وكذلك معيار كثرة المترددين على الأمر لا يعد دليلاً على صحته. فيقول الله تعالى ( قل لا يستوي الخبيث والطيب ولو أعجبك كثرة الخبيث فاتقوا الله يا أولى الألباب لعلكم تفلحون)المائدة100
6.ومن أوضح ما يلاحظ في هذه العلاقة أن كلا الطرفين يرى الآخر في أحسن صورة حتى لو كان عكس ذلك بمعنى أنه قد يكون الشاب أو الرجل تافه وسمج وغير متزن والفتاة التي معه قد لا تقبله زوجاً ولكن مع ذلك فهي تراه في صورة محببة إلى نفسه بدليل استمرار هذه العلاقة بينهما وكذلك الفتاة أو المرأة قد تكون لها من التفاهة نصيب كبير و أفكارها ساذجة وليس لها همة في عمل شئ مفيد ومواضيعها المطروحة تنم عن فراغ في العقل ، بل زد على ذلك أنها قد تكون غير جميلة وأيضاً لا يقبلها الشاب زوجة ، ومع كل هذا يشعر تجاهها بارتياح وقبول وقد يتفقدها ويسأل عنها إذا غابت بل قد يغار عليها .. إذاً ما سر هذا الترابط واستمرار هذه العلاقة على الرغم من علم كلا الطرفين بنقائص الآخر ؟؟؟
وجواب هذا :أنه من تزيين الشيطان إذ يزين كل طرف للآخر ، فإذا رأى أحدهما من الآخر عيباً أو نقصاً يستحسنه ويقبله ، والدليل على ذلك أن صاحب هذه العلاقة لا يقيمها مع أخته أو زوجته إن كان متزوجاً ، بل قد تكون أخته أكثر اتزاناً وعقلاً من التي يبني معها هذه العلاقة ، بل إنه لا يقبل من أخته ما يقبله منها ، وكذلك الفتاة صاحبة هذه العلاقة قد يكون لها أخٌ شقيق هو أفضل من هذا الذي تبني معه هذه العلاقة ، ولكن مع هذا فهو لا يغنيها عن هذا الشاب أو الرجل ، فهكذا يتضح جلياً مدى تزيين الشيطان ، ويكثر في القرآن الكريم قوله تعالى ( وزَيَّن لهم الشيطان أعمالهم) ... والمقصود أن الشيطان لا يدعو إلى الشيء ويسميه باسمه أو بصفته بل يبسط الصعب ويهون العظيم ، حتى إذا دعا إلى الفاحشة يقول هذا أمر طبيعي وعادي ، إن فلان وفلان يفعلونه ، إن كثيراً من الناس يقومون به ، إنه ليس بالأمر الكبير ، قد يكون خطأ ولكنه ليس جريمة.......وهكذا ولا ينتبه إلى هذا إلا من أنار الله قلبه بالإيمان به ، والوقوف على أوامره ونواهيه.
7.هذه العلاقة تقوم على الاستغلال , وذلك من قبل الرجل أكثر منه من قبل المرأة , فالمرأة عاطفية أكثر من الرجل بكثير لذا فهي ترى أن أهم مكسب لها من هذه العلاقة هو الإشباع العاطفي المتمثل في وجود شخص يهتم بها ويحترمها , والمكسب الأخر الذى لا يقل أهمية عنه هو المشاركة الوجدانية وذلك متمثل فى وجود شخص ينصت إلى مشاكلها وآلامها ويبادلها الرأي باهتمام , هذه هى المرأة وهذه هى تركيبتها عموما ولا محل هنا للبيئة أو التربية أو الالتزام , فأي امرأة يكفيها أن تجد من يهتم بها وفى نفس الوقت ينصت إليها ويشاركها مشاكلها , ولا يشترط أن يجد لها حل , ثم يأتي دور الرجل أو الصديق فالرجل لا ينظر للأمور بنظرة عاطفية كالمرأة مما يؤهله أن يكون هو الطرف المستغل لهذه العلاقة فيأتي هنا دوره التمثيلي , فيتفنن فى إظهار الاحترام والتقدير لهذه الفتاة ويعطيها الثقة فى نفسها ثم ينفذ المرحلة الثانية باقتدار أيضا , فينصت إلى ما تطرحه من مشاكل أو أفكار ثم يشعرها بأنه كالطبيب المعالج وكالفقيه الحكيم , فإذا كان غرض الفتاة من هذه العلاقة كما ذكرنا هو الإشباع العاطفي والمشاركة الوجدانية فهل يمنحها هذا الشاب كل هذا من غير مقابل , لوجه الله مثلا ! أبدا , فكما ذكرت سابقا أن الرجل يكفيه من المرأة ولو حتى سماع صوتها أو رؤيتها والأنس بها والتسلي , هذا فى إطار العلاقة البريئة ! وغالبا ما ينفلت الزمام من أيديهما , هذه هى العلاقة بين الرجل والمرأة أو الفتى والفتاة وهذا هو وبكل صراحة ما يقوم به الرجل أو الشاب من استغلال واستغفال للفتاة أو المرأة فى هذه العلاقة ألمسماه بالبريئة .
ثانياً : من ناحية الشرع والدين:
1.إنه من المعلوم يقيناً أن أصحاب هذه العلاقة يتبادلان النظر ولو بعفوية أو حسن نية أليس كذلك؟ يقول الله تعالى ( قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم ويحفظوا فروجهم ذلك ازكى لهم إن الله خبير بما يصنعون (30) وقل للمؤمنات يغضضن من أبصارهن ) وهذا أمر من الله يقتضي الوجوب للمؤمنين والمؤمنات بغض البصر وهنا ليس لحسن النية أو سوء النية محل , وإنما استثنى نظرة الفجأة فقط فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم لعلى ( يا على لا تتبع النظرة النظرة فإنما لك الأولى وليست لك الآخرة ) ثم إن الأمر من الله بغض البصر ليس مقتصرا على الرجال فقط ,تقول أم سلمة: كنت عند رسول الله صلى الله عليه وسلم و عنده ميمونة فأقبل ابن أم مكتوم و ذلك بعد أن أُمرنا بالحجاب فقال النبي صلى الله عليه وسلم : احتجبا منه , فقلنا : أليس هم أعمى لا يبصرنا و لا يعرفنا ؟ فقال صلى الله عليه وسلم : أفعمياوان أنتما ؟! ألستما تبصرانه ؟! رواه أبو داود و الترمذي و قال حديث حسن صحيح .
2.يقول صلى الله عليه وسلم ( خير صفوف الرجال أولها وشرها اخرها وخير الصفوف النساء أخرها وشرها أولها ) هذا بشأن الصلاة فى المسجد فوصف المتأخرات بالخير لبعدهن عن رؤية الرجال وتعلق القلب بهم عند رؤية حركاتهم وسماع كلامهم. يا الله 000 هذا بشأن المسجد الذى هو مكان العبادة وبحضرة النبي فما بال من تتجرأ وتقول هذا زميلي في الجامعة أو العمل أو تقول أنها علاقة بريئة أو أن نيتها سليمة هل أنت نيتك سليمة ومن أمرهن النبي بتجنب مخالطة الرجال نيتهن سوء ؟! أم أنه أمر واجب التنفيذ على الفور.
3.قوله صلى الله عليه وسلم ( ما تركت بعدى فتنة هى أضر على الرجال من النساء ) رواه البخاري ومسلم , فقد وصف النبي النساء بأنهن فتنة على الرجال فكيف يجلس الفاتن مع المفتون؟ أم كيف تكون هناك صداقة بين الفاتن والمفتون.
4.قوله صلى الله عليه وسلم ( لأن يطعن فى رأس أحدكم بمخيط من حديد خير من أن يمس امرأة لا تحل له ). فأين الذين يتجرأون على المصافحة -وما شابه- من أمر النبي؟
ومن هذا كله يتضح أنه لا توجد علاقة بريئة أو صداقة بين الرجل والمرأة أو الفتى والفتاة سواء فى الجامعة أو العمل أو أى مكان , أما كلمة علاقة بريئة فقد أطلقها كل مخادع لنفسه وغيره على علاقة لا ترضى الله ورسوله , وبعيداً عن هذا كله نهمس فى أذن من كان مقتنع بهذه العلاقة ونسأله ونسألها إن الوقت والأعمال تسجل إما فى ديوان الحسنات أو ديوان السيئات ففي أي الديوانين يسجل الوقت الذى قضيته أو قضيتيه تحت عنوان العلاقة البريئة أفي الحسنات أم السيئات؟؟؟؟
إذاً البدار البدار إلى التوبة والرجوع وعدم الإصرار والمكابرة و التجرؤ على ما نهى الله عنه , فإنه من أعظم العقوبات في الدنيا على المعاصي ألا يشعر العاصي بها بل يصر عليها.
(وأخيراً لا تنخدعي بمن يدعى أن بناء علاقة بين الرجل والمرأة أو الفتى والفتاة خاصة فى الجامعات وغيرها هى الحضارة والمدنية. كذبوا والله بل إنه الشر كل الشر ولا ينهانا ربنا الا عن الشر وما يوصل إليه.
وما لنا وللغرب ليذهب الغرب بنسائه إلى الجحيم إنها ممتهنة فى عقر دارها تربح المال من لديها جمال فإن ذهب جمالها رموها كما ترمى ليمونة امتص ماؤها , لكننا قلدناهم تركنا الحسن وأخذنا القبيح , أما كفانا تفكيراً برؤوس غيرنا أما كفانا نظراً بعيون عدونا أما كفانا تقليداً كتقليد القردة , ليصنع بنات الغرب ما شئن وما شاء لهن رجالهن فما لنا ولهم وتكوني أنت كما يريد لك الله ربك فليس فى الدنيا أكرم منك وأطهر ما تمسكت بدينك وحافظت على حجابك وتخلقت بأخلاقك الحسنة ).(2)
وهذا ما قاله المستشرق شاتليه: ( إذا أردتم أن تغزو الإسلام وتخضدوا شوكته وتقضوا على هذه العقيدة التي قضت على كل العقائد السابقة واللاحقة لها ، والتي كانت السبب الأول والرئيسي لاعتزاز المسلمين بشموخهم وسبب سيادتهم وغزوهم للعالم ، عليكم أن توجهوا جهود هدمكم إلى نفوس الشباب المسلم بإماتة روح الاعتزاز بماضيهم وكتابهم القرآن ، وتحويلهم عن كل ذلك بواسطة نشر ثقافاتكم وتاريخكم ونشر روح الإباحية وتوفير عوامل الهدم المعنوي ، وحتى لو لم نجد إلا المغفلين منهم والسذج والبسطاء لكفانا ذلك لأن الشجرة يجب أن يتسبب لها في القطع أحد أغصانها).(3)
1)روضه المحبين ونزهة المشتاقين للعلامة ابن القيم
2)حكم الاختلاط للشيخ محمد إبراهيم آل الشيخ
3) هويتنا أو الهاوية للشيخ محمد إسماعيل المقدم
أسأل الله العلى القدير أن يوفقك و يهديني و إياك إلى ما يحب و يرضى , و اعلمي بأن النجاة النجاة فى أن تزنى الأمور كلها صغيرها وكبيرها على ميزان الشرع , والشرع هو أمر أو نهى من الله أو رسوله أو إجماع العلماء.