ميخائيل كوتوزوف منقذ روسيا وقاهر نابليون

hasfar87

عضو
إنضم
17 فبراير 2009
المشاركات
456
التفاعل
37 0 0
480.jpg

لمارشال ميخائيل إيلاريونوفيتش كوتوزوف (1745 – 1813) هو القائد العسكري الروسي البارز والدبلوماسي ونصير ألكسندر سوفوروف وبطل الحرب الوطنية مع نابليون عام 1812 .
ولد ميخائيل كوتوزوف في 5 سبتمبر/ايلول عام 1745 في مدينة بطرسبورغ. واتصفت اسرته بقدم انحدارها الذي يعود الى النبلاء الروس. وكان والده إيلاريون كوتوزوف جنرالا وعضوا في مجلس الشيوخ. وتلقى ميخائيل كوتوزوف تعليمه الاول في منزل ابيه. ثم التحق في عام 1759 بمدرسة المدفعية والهندسة للنبلاء، حيث كان والده يدرس مادة المدفعية. وتخرج ميخائيل كوتوزوف من المدرسة في عام 1761 برتبة ملازم مهندس، وتم تعيينه مرافقا للمحافظ العسكري لمقاطعة ريفيل (مدينة تالين المعاصرة). وفي عام 1762 تم تعيينه قائدا لسرية في فوج المشاة الذي كان يقوده الكسندر سوفوروف القائد العسكري العظيم مستقبلا.

شارك ميخائيل كوتوزوف عام 1767 في وضع مجموعة القوانين التي كان من شأنها ان تثبت اسس الحكم القيصري المنور. ويبدو ان مشاركته في هذا العمل تعود الى اتقانه لعدة لغات اجنبية، بما فيها اللغات الالمانية والفرنسية واللاتينية.

وشارك ميخائيل كوتوزوف في عامي 1764 – 1765 في العمليات الحربية التي خاضها الجيش الروسي ضد الكونفيدرالية البولندية، ثم في الحرب الروسية التركية (1768 – 1774) حيث تم التقارب بينه وبين معلمه ونصيره المارشال الكسندر سوفوروف.
481.jpg


الحرب الروسية التركية
في يوليو/تموز عام 1774 تم ايفاد كوتوزوف الى شبه جزيرة القرم ليقود كتيبة. فاصيب في احدى المعارك مع الاتراك بجرح خطير بالعين اليمنى ومنحته الامبراطورة كاترينا الثانية لقاء بطولاته وسام القديس جورجيوس من الدرجة الرابعة وأرسلته الى خارج البلاد للعلاج، حيث امضى كوتوزف سنتين منتهزا فرصة متاحة له لاتمام تعليمه. وفي عام 1776 عاد كوتوزوف الى الخدمة العسكرية وتمت ترقيته عام 1784 الى رتبة لواء، بعد قمعه الناجح لانتفاضة التتار في القرم.

شارك كوتوزوف عام 1790 في اقتحام قلعة اسماعيل الذي كان يشرف عليها المارشال سوفوروف. ويقال ان كوتوزوف كان يقود احد الارتال المهاجمة على القلعة. وبمجرد صعود جنوده الى احد ابراج القلعة ابلغ كوتوزوف قائده سوفوروف ان الاتراك يغلبون عليه. لكن سوفوروف بعث اليه برسالة تفيد بانه قد ارسل ضابطا الى بطرسبورغ ليحيط الامبراطورة علما بان القلعة قد سقطت. فحث كوتوزوف جنوده على الانتقال الى الهجوم على العدو المتفوق عليه فسقطت القلعة علي ايدي الروس بالفعل. وترقى كوتوزوف بعد انتصاره على الاتراك والاستيلاء على قلعة اسماعيل الى رتبة فريق ومنح وسام القديس جورجيوس من الدرجة الثالثة.

في عام 1792 تم ايفاد كوتوزوف الى القسطنطينية عاصمة الامبراطورية العثمانية سفيرا فوق العادة، حيث حل بعض المسائل الهامة لمصلة روسيا وساعد في تحسين علاقاتها مع تركيا. ويقال انه دخل يوما بستان حريم السلطان الممنوع زيارته بالنسبة للرجال، ففضل السلطان سليم الا يبالي بتصرف خاطئ لمبعوث كاترينا القديرة.

في عام 1795 تم تعيين كوتوزوف قائدا عاما للقوات البرية والاساطيل والحصون في فنلندا ومديرا للكلية الحربية في آن واحد. وبذل كوتوزوف جهودا لا تستهان بها من اجل اتقان التدريب القتالي للضباط. وكان يقوم بتدريس الطلبة في التاريخ العسكري والتكتيك، وغيرها من المواد العسكرية. وكانت الامبراطورة كثيرا ما تدعوه ليشاركها في تناول وجبة العشاء والحديث معها. ويقال ان كوتوزوف حضر في غرفتها بالقصر وامضى معها آخر لحظاتها قبل الوفاة.

الخدمة الحكومية في عهد الامبراطورين بول الاول والكسندر الاول
وتمكن كوتوزوف من البقاء في الخدمة الحكومية بعد وفاة كاترينا الثانية خلافا عن بقية المقربين. وتمت ترقيته الى رتبة فريق اول وإيفاده الى بروسيا ليترأس البعثة الدبلوماسية الروسية فيها. ونجح كوتوزوف في جذب بروسيا الى جانب التحالف ضد نابليون.

تم تعيين كوتوزوف في عهد الامبراطور الكسندر الاول محافظا عسكريا لمدينة بطرسبورغ. لكن فيما بعد لم يحظ كوتوزوف برضا الامبراطور فتم اعفاؤه من منصب المحافظ، رغم انه ما زال قيد الخدمة العسكرية ويشغل منصب المشرف على فوج الرماة.
482.jpg

دخلت روسيا عام 1804 التحالف المعادي لنابليون .وقام الامبراطور الكسندر الاول بارسال جيش الى النمسا، وترأسه كوتوزوف . لكن الجيش النمساي الذي لم يلحق الانضمام الى الجيش الروسي مني بهزيمة على ايدي نابليون في اكتوبر/تشرين الاول عام 1805. واضطر كوتوزوف الى ان يواجه بمفرده قوات نابليون المتفوقة على القوات الروسية في عدد الجنود. وقام كوتوزوف بمناورة ماهرة وسحب قواته من الحصار المحكم عليها، ثم اوصل قواته الى مؤخرة قوات المارشال مراد الفرنسي والحق هزيمة به. وتعتبر هذه العملية مثالا للمناورة الاستراتيجية دون في تاريخ الفن الحربي. واقترح كوتوزوف على ألكسندر بان ينسحب الى الحدود الروسية ليزود الجيش بامدادات وينتظر قدوم الجيش النمساوي من إيطاليا الشمالية. لكن الامبراطوران الروسي والنمساوي اصرا على الانتقال الى الهجوم على نابليون مستندين الى تفوق ضئيل على القوات الفرنسية . في 20 نوفمبر/تشرين الثاني وقعت معركة أوستيرليتس حيث مني الجيشان الروسي والنمساوي بهزيمة تامة. واصيب كوتوزوف بجرح بسيط في الوجه. لم يتهم الامبراطور كوتوزوف بالفشل، اذ انه كان يدرك ذنبه ومنحه وسام القديس فلاديمير. لكنه لم يغفر لكوتوزوف هزيمته.

في عام 1811 ترأس كوتوزوف قوات روسيا في حربها مع تركيا. وكانت تركيا حينذاك حليفة لنابليون وعلق نابليون آماله عليها. اذ عول على ان القوات التركية تقيّد قوات روسيا الرئيسية، مما يمنحه فرصة للانتصار عليها. لكن كوتوزوف الذي تألفت قواته من 15 الف جندي فقط الحق هزية ساحقة بقوات الوزير العثماني احمد اغا البالغ تعدادها 60 الف جندي، واضطره الى الاستسلام وعقد اتفاقية بوخارست للسلام في 4 مايو/آيار عام 1812، اي عشية نشوب الحرب الفرنسية الروسية. ومنح القيصر كوتوزوف لقب كونت الامبراطورية الروسية لقاء انتصاره على الاتراك.
الحرب مع نابليون عامي 1812-1813
ل
م يشارك كوتوزوف في المرحلة الاولى للحرب مع نابليون التي بدأت في يونيو/حزيران عام 1812. واضطر الجيش الروسي الى الانسحاب تحت ضغط من القوات الفرنسية المتفوقة عليه . وحث الفشل في المعارك مع نابليون النبلاء الروس على مطالبة القيصر بتعيين كوتوزوف قائدا عاما للقوات الروسية. واضطر الكسندر الاول بالضغط من رعاياه الى جعل كوتوزوف الذي كان يحظى بشعبية لدى كافة فئات المجتمع الروسي والجنود يتولى قيادة الجيش.

أخذ كوتوزوف بالحسبان التفوق الفرنسي في عدد الجنود والمدفعية فواصل اتباع تكتيك الانسحاب الى عمق روسيا. واستمر الحال كذلك حتى اقتراب القوات الروسية من موسكو، حيث قرر كوتوزوف الانخراط الى معركة عامة وقعت بالقرب من بلدة بورودينو في 26 اغسطس/آب عام 1812 . والحق الجيش الروسي خسائر فادحة بقوات نابليون . غير انه خسر هو ايضا نصف تعداده. وابدى الجنود والضباط والجنرالات الروس امثلة للبطولة والشجاعة، ولم يسمحوا للفرنسين بالتقدم نحو موسكو. لكن كوتوزوف قام ليلة 27 اغسطس/آب بتقييم الوضع تقييما موضوعيا واتخذ قرارا بالانسحاب الى منطقة ما وراء موسكو. ثم قام بمناورة واسعة ليصل الى مؤخرة القوات الفرنسية ويقطع عليها الطريق الى المناطق الجنوبية للبلاد. بعد دخول القوات الفرنسية موسكو حاول نابليون عقد اتفاقية سلام مع روسيا. لكن الامبراطور ألكسندر رفض ذلك. ومكث نابليون في موسكو حتى 7 اكتوبر/تشرين الاول عام 1812 ، ثم بدأ في سحب قواته منها، اذ انه كان يواجه حاجة ماسة في الامدادات التي عول على استكمالها في مدينة كالوغا في جنوب غرب روسيا. لكن كوتوزوف اوقفه في مدينة مالوياروسلافيتس والحق به الهزيمة، الامر الذي حمل نابليون على الانسحاب مرورا بطرق ومدن غربية لا تتوفر فيها اية امدادات. خسر نابليون قسما اكبر من قواته اثناء الانسحاب من روسيا متعرضا لهجمات دائمة من قبل القوات الروسية من الجوانب، واضطر الى ترك قواته والفرار بمفرده الى فرنسا بعد فشلها في عبور نهر بيريزينا وغرق عدد كبير من الجنود الفرنسيين. منح القيصر قائده العام وسام القديس جورجيوس من الدرجة الاولى، علما ان كوتوزوف اصبح اول من حاز على هذا الوسام بكامل درجاته.
555.jpg

وصلت القوات الروسية في يناير/كانون الثاني عام 1813 الى حدود روسيا، ثم الى نهر ألبا الالماني، حيث اصيب كوتوزوف ببرد، مما ادى الى وفاته في 16 ابريل/نيسان عام 1813. ووصل الامبراطور الكسندر قبل وفاة كوتوزوف ليودعه. ويقال انه طلب من كوتوزوف ليغفر له فقال كوتوزوف" انا اغفر لجلالتك، لكن روسيا لن تغفر لك ابدا ". تم دفن كوتوزوف في كاتدرائية قازان في بطرسبورغ. ويقال ان فلاحين روس كانوا يقومون هم انفسهم بجر عربة وضع فيها جثمان الراحل من حدود روسيا حتى بطرسبورغ.

يعتبر وسام كوتوزوف من أعلى اوسمة روسيا، ويمنح لقادة عسكريين حققوا انتصارات بارزة في ميادين المعركة.
 
عودة
أعلى