حفظ السلام
حفظ السلام وسيلة لمساعدة البلدان التي يمزقها صراع على خلق ظروف لتحقيق السلام المستدام. فأفراد عمليات الأمم المتحدة لحفظ السلام، من جنود وضباط عسكريين وضباط شرطة مدنية وموظفين مدنيين من بلدان عديدة، يرصدون ويراقبون عمليات السلام التي تنشأ عن حالات ما بعد الصراع ويساعدون المحاربين السابقين على تنفيذ اتفاقيات السلام التي وقعوا عليها. وتتمثل هذه المساعدة بأشكال عديدة، لا سيما تدابير بناء الثقة وترتيبات تقاسم السلطة ودعم الانتخابات وتعزيز سيادة القانون وتحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية.
يمنح ميثاق الأمم المتحدة مجلس الأمن صلاحية اتخاذ تدابير جماعية والاضطلاع بها لحفظ السلام والأمن الدوليين. لهذا السبب، يتطلع المجتمع الدولي عادة إلى مجلس الأمن لكي يصدر تكليفا بإطلاق عمليات حفظ السلام. تشكل الأمم المتحدة نفسها معظم هذه العمليات وتنفذها بقوات تعمل تحت قيادة العمليات التابعة لها. وفي حالات أخرى، حيث لا يعتبر ضلوع الأمم المتحدة المباشر ملائما أو مجديا، يجيز مجلس الأمن المنظمات الإقليمية من قبيل منظمة حلف شمال الأطلسي، والجماعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا أو تحالفات البلدان الراغبة، تأدية وظائف محددة لحفظ السلام أو إحلاله.
2- كيف تطور حفظ السلام؟
بدءا بالمنحى التقليدي لحفظ السلام ...
تعود بدايات عمليات الأمم المتحدة لحفظ السلام إلى عصر الحرب الباردة يوم كانت وسيلة لحل النزاعات بين الدول عبر نشر أفراد عسكريين من عدد من البلدان، غير مسلحين أو يحملون أسلحة خفيفة ويعملون بقيادة الأمم المتحدة، بين القوات المسلحة التابعة للأطراف المتنازعة سابقا. يمكن دعوة قوات حفظ السلام عندما تكلف القوى الدولية الرئيسية الأمم المتحدة وضع حد للنزاعات التي تهدد الاستقرار الإقليمي والسلام والأمن الدوليين، لا سيما منها عدد من الحروب المعروفة ’’بالحروب بالوكالة‘‘ التي تشنها الدول العميلة لدى القوى العظمى.
لم يكن متوقعا أن يحارب أفراد حفظ السلام خصمهم باعتماد التكتيك نفسه. وقد كان يتم نشرهم عموما عندما ينفذ وقف إطلاق النار وتعطي أطراف النزاع موافقتها. فقوات الأمم المتحدة تراقب الحالة على أرض الواقع وترفع تقارير محايدة حول الالتزام بوقف إطلاق النار، وانسحاب القوات أو العناصر الأخرى في اتفاق السلام. وهذا يمنح الوقت ويفسح في المجال أمام الجهود الديبلوماسية لمعالجة الأسباب الكامنة وراء النزاع.
... وصولا إلى حفظ السلام المتعدد الأبعاد
سرع انتهاء الحرب الباردة في إحداث نقلة جذرية في عمليات الأمم المتحدة لحفظ السلام وعمليات حفظ السلام المتعددة الأطراف. وانطلاقا من روح التعاون الجديدة، أنشأ مجلس الأمن بعثات لحفظ السلام أكبر وأكثر تعقيدا، بهدف المساعدة في غالب الأحيان على تنفيذ اتفاقات السلام الشاملة بين أطراف النزاعات الداخلية. وما برحت عمليات حفظ السلام تضم عناصر غير عسكرية حرصا على تحقيق الاستدامة. فتأسست إدارة عمليات حفظ السلام عام 1992 لكي تدعم هذا الطلب المتزايد على عمليات حفظ السلام المعقدة.
لقد حققت العمليات الجديدة نجاحا. ففي السلفادور وموزامبيق مثلا وفرت عمليات الأمم المتحدة لحفظ السلام السبل الهادفة إلى إحلال سلام ذاتي البقاء. وقد باءت بعض الجهود بالفشل، ربما بنتيجة تقييم متفائل أكثر مما ينبغي لما تستطيع عمليات الأمم المتحدة لحفظ السلام إنجازه. ففي حين كانت البعثات المعقدة في كمبوديا وموزامبيق جارية، أرسل مجلس الأمن قوات حفظ سلام إلى مناطق نزاع مثل الصومال، حيث لم يتم وقف لإطلاق النار أو الحصول على رضى جميع أطراف النزاع. ولم تكن هذه العمليات تملك القوى العاملة، أو تحظى بدعم الإرادة السياسية لتنفيذ الولايات المناطة بها. وقد عاشت عمليات الأمم المتحدة لحفظ السلام جراء حالات الفشل، لا سيما مجزرة سريبرينيتشا عام 1995 (في البوسنة والهرسك) والإبادة الجماعية في رواندا عام 1994، فترة تخفيض في النفقات وفحص ذاتي.