بسم الله نبدأ ب
1-المغرب
الحسن الثاني و محمد الخامس
-...المسالة في غاية التعقيد اعتقد انه يتعين قبل كل شيئ على الاب ان يكون مربيا من الدرجة الاولى وان تكون حياته مثالا و مراة...لقد كان والدي قدس الله وحه رجلا صبورا لا يرقى الى صبره و لم يكن مثلي متفائلا بل كان ذلك الرجل الواقعي حقا كان مؤمنا بالعدالة اللاهية...وفي رسالة تنصيبي وليا للعهد نوه بي احسن ما يكون تنويها و بذلك ايقنت انني نلت بطاقة تعريفي كمواطن صالح وولد بار ووسامي كمقاوم ايضا..لقد كنت اكن لابي حبا لا يمكن تصوره لقد وهبت نفسي حقا حين قلت له
"سيدي كل ما ثقل عليكم حمله سيكون خفيفا علي"..-
الحسن الثاني و ابن بركة
-...كان جيش التحرير و المقاومة يمثلان جناحين منفصلين كانت المقاومة المنتشرة في المدن على الخصوص حساسة للغاية تجاه خطاب الاحزاب السياسية. وقد اراد ابن بركة تسييس جيش التحرير ايضا.وتدخل المصريون في الامر فقد كانوا هم الذين يزودون بالسلاح سواء عندما كنا بالمنفى او بعد رجوعنا حيث لم يتوقفوا عن الامداد وكان هدف ابن بركة هو اخضاع التسعة او العشرة الاف رجل المكونين لجيش التحرير لسيطرة حزب كان سيصبح حزبا وحيدا..وكما قلت لكم فانه كان مشاغبا الا انه كان ذا ذكاء ثاقب اعتقد انه اذا كان كل شخص لا يقدم فكرة صائبة فان بن بركة كان قادرة على اعطاء عشرة الاف فكرة يوميا يمكن الاخذ منها بفكرة او فكرتين و كما قلت لكم في البداية امل ان تعطي هاته اللقاءات فكرة شفافة وواضحة عني واؤكد لكم انه لم يكن لي أي خلاف مع ابن بركة...اريدك ان تعلم شيئا وهو انني مسلم متمسك باداء واجباتي الدينية...وعلى كل فانا مستعد في كل وقت ان اقسم بالله اني وضعت امام الامر الواقع في حادث موت ابن بركة و لم تكن لي يد فيه سواء بإصدار الأوامر لتنفيذها او بغض النظر عنها.-
الحسن الثاني و الجنرال اوفقير
-بالنسبة لاوفقير كنت اعرف ان الامر يتعلق بإنسان طموح.لكن لم يخطر ببالي ابدا انه يمكن ان يدبر مخططا جهنميا يتمثل في اسقاط الطائرة التي كانت تقلني فوق البحر الابيض المتوسط.واستغلال الدستور فيما بعد للاعلان عن مجلس وصاية و تنصيب ابني البالغ من العمر تسع سنوات على العرش.فذاك كان مخططه انه يريد ان يصبح المغرب متوفرا على حكومة صورية يسيرها حجاب الملك مما كان سيؤدي بالبلاد الى كارثة.
انني اعرف اوفقير جيدا و الواقع ان لقطاع الطرق ايضا مفهوما معينا للشرف.فجميع الشهود سيؤكدون لكم انه عندما كنت على اهبة الاستعداد لمغادرة المغرب اتجاه فرنسا على متن الباخرة جاء اوفقير يودعني وهو يذرف الدموع.وكثير من الاس قالوا لي فيما بعد انه كان يبكي لاعتقاده انها آخر مرة يراني فيها.
لقد كنت اعرفه جيدا فالرجل الذي كان يقدم نفسه على انه أوفى الأوفياء و اخلص المخلصين لم يكن ليطيق أبدا أن يحاكم من قبل زملائه من الجنود وإمام محكمة عسكرية ليساق بعد تجريده من رتبته الى حبل المشنقة.فاوفقير لم يكن بالرجل الذي قد يتحمل ذلك لهذا انتحر.
2-الجزائر
الحسن الثاني و الرئيس ابن بلة
-كنت اول رئيس دولة يجري زيارة رسمية الى الجزائر و قد كان بن بلة قد اوفد لي وزير خارجيته السيد الخمسيتي الذي قتل بعد أسابيع من ذلك وكان سلمني دعوة من الرئيس قبلتها على الفور..اصبحت اذ ذاك اعرف بن بلة معرفة جيدة لقد كان شخصا دائم الغضب وسليط اللسان و مع اني لم اقل كلمة سوء في حقه فقد تهجم على اسرتي بدا بمولاي اسماعيل انتهاء بوالدي. في خطابه الشهير الذي القاه في منتدى العاصمة الجزائر عشية النداء الذي وجهه والدي للتعبئة العامة إلى حد انه اتهمني بتسهيل عملية الاختطاف التي تعرض لها من طرف الفرنسيين و قلت في نفسي ان إنسانا كهذا لا يمكن ان يجسد الجزائر...وامام تهجمه هذا ايقنت انه هو الذي يسبب لنا المشاكل و ليس بلده او حزبه...لكن كل واحد منا كان يتجاهل الاخر حتى ان عبد الناصر حاول اصلاح ذات البين بيننا...-
الحسن الثاني و الرئيس بومدين
-...لا اذكر تاريخ اللقاء بالضبط لكني وجدته رجلا صعب المراس نوعا ما و يعسر فهمه لقد كان متحفظا جدا حذرا منطويا على نفسه فليل الانشراح و مع مرور الأعوام قامت بيننا صداقة ومودة وتبادلنا النكت و اللعب بالكلمات كان شخصا تثير نوعية مزاجه الاهتمام و يفرض دوما على مخاطبه جهدا لفك الغاز كلامه و هذا امر متعب مع مرور الوقت.والى ان قام مشكل الصحراء لم اعتقد أنني كنت أتعامل مع رجل مزدوج الشخصية و استمر ذلك الى ان رأيت بومدين اخر يخرج من القمقم لقد بدا في صورة مغايرة و كان يسعى لبسط هيمنته على المنطقة...كان ينظر الى العلاقات المغربية الجزائرية نظرة واقعية تماما و كان يقول لي
"اريد مغربا مزدهرا مستقرا "لكنه كان يتجاهل قول
" شريطة الا يزاحم الجزائر"...كنا نتعارف كثيرا و تبارزنا و تسابقنا للتفوق على رقعة الشطرنج حتى اننا مع وجود الفارق كدنا نشبه الثنائي شارل كنت و فرنسوا الأول ...إنني أحسست بفارغ بعد موته لان كلينا اعتاد ان ينظر للآخر و يقول مجاملا
"مرحى لقد سجلت هدفا علي"...-
الحسن الثاني و الرئيس الشاذلي بن جديد
لقد كان اول لقاء بيننا بمحض الصدفة و كان ذلك بمكة المكرمة بمناسبة انعقاد القمة الإسلامية بالطائف.فجميع الرؤساء قد قرروا اداء مناسك العمرة و الطواف حول الكعبة المشرفة.و بما انني كنت اديت هذه المناسك فقد صعدت الى قلب الكعبة للتعبد.بينما كان الاخرون يطوفون حولها.و في الوقت الذي خرجت فيه من الكعبة المشرفة صادفت الشاذلي امام الباب.ووجدنا انفسنا مضطرين لتبادل الابتسامة ثم تصافحنا.والحقيقة ان القدرة الإلهية شاءت ان نلتقي..ثم التقينا بعد ذلك بعد بضع سنوات بمبادرة من الملك فهد وتم اللقاء على الحدود قرب وجدة وجاء لتناول الطعام معي تحت خيمتي وتباحثنا طويلا لكن دون جدوى.وترك لدي انطباعا بانه لا يؤذي وانه طيب و مستقيم وليس فظا و لا مغرور.وكنت على علم بانه سبق للشاذلي ان ذهب مرارا لمقابلة بومدين ليقول له
"انك لست على صواب في قضية الصحراء و انا ضد ما تفعله". غير ان للأسف ترك لدي انطباعا بانه جرفه تيار نظام الحزب الوحيد الذي كان الجيش ينتمي إليه آنذاك.
3-فرنسا
الحسن الثاني و الجنرال ديغول
-لقد كان الجنرال دوغول رجل اسرار اذا كان يحب كثيرا الدبلوماسية الموازية و المبعوثين غير المتوقعين و لقد التقيت بالعديد منهم ذلك هو نهج ديغول... وقد حافظت على علاقتي به طوال فترة غيابه عن الحياة العامة.لقد كان منشغلا بمصير بلده ايما انشغال مفصحا عن كل ذلك بتعبي فريد يمزج بين المرارة و السخرية وكان فيهما نسيج وحده. فكنت كلما لقيته المح في عينيه بريقا من العطف و الاعتزاز و تبدوا عليه السعادة وهو يرى نجل رفيقه في التحرير يحقق بدايات مشرفة في مسؤوليته لقد كانت نظرته نظرة ملؤها العطف و الحدب علي.الا انها لم تكن مزعجة فلم تكن تجعلني اشعر انني في حاجة الى حمايته وكان اهتمامه بي يبدوا من خلال التفاتات غير معتادة لديه لا تراعي البرتوكولات احيانا.
الحسن الثاني و الرئيس بومبيدو
-..اول لقائي به خلف لدي انطباعا سيئا للغاية و كان هذا اللقاء ايضا بطلب من الجنرال دوغول عندما كان بومبيدو مديرا لديوانه و تم اللقاء بمنزل كارمين تيسيي و الوالي دوبوا الكائن بزنقة اكاسيسا.وذلك في وقت كان فيه الاهتمام منصبا على السبل الكفيلة بوضع حد لحرب الجزائر.حين كان ديغول بدا يجمع اكبر عدد من المؤيدين لموقفه.و قد وجدت بومبيدو رجلا عنيدا انهى حديثه معي بقوله.
"ايها الأمير ان حرب الجزائر بالنسبة لنا يمكنا ان تستمر طويل افهي مفيدة جدا لصناعتنا فلم يسبق لنا ان صنعنا من المعدات الحربية ما صنعناه الان كما ان معامل النسيج تشتغل ليل نهار لتوفير الألبسة العسكرية.و المختبرات الصيدلية التي توفر الدواء للجرحى تعرف هي الأخرى ازدهارا ان هاته الوضعية يمكنها ان تستمر.ولقد صدمت كثيرا لهذه التصريحات و أحسست انه لا فائدة من مواصلة الحديث معه"...التقيت به مرة اخرى حين ذهبت للترحم على قبر الجنرال دوغول وفي هاته المناسبة اكتشفت وجهه الآخر لقد كان إنسانا مثقفا و لطيفا وذا حديث شيق كان زاخرا بالذكريات يفيض حكما و امثالا.حقا.ان الوظيفة تغير الإنسان.-
الحسن الثاني و الرئيس ميتران
لقد كان اول لقاء لي مع السيد فرنسوا ميتران خلال زيارة رسمية و كان لنا صديق مشترك هو السيد شابان دلماس وحينما كنت وليا للعهد كنا نخرج في غالب الأحيان نحن الثلاثة ونذهب لتناول العشاء في مطعم مكسيم او لاسير.وكنا نقضي لحظات ممتعة لقد كان ميتران جليسا حسن المعاشة حريصا على الاعتناء بشخصيته.
وحين اصبح رئيسا للجمهورية وجدته هو نفسه ذو النظرة الساخرة التي لا تفارقه الممزوجة بابتسامة لا تفارق الشفتين.لقد كان يعطي الانطباع بالخصوص بانه محنك وذو اطلاع واسع وبالأخص بالتاريخ.
و كان أول تدبير اتخذته الحكومة الاشتراكية بقيادته في صالح الجزائر خاصة في ما يخص ارتفاع أسعار البترول.
وينبغي إنصاف ميتران فهم لم يكن اول رئيس يقوم بذلك.فقد كان بومبيدو و جيسكار يشعران بنوع من الشعور بالذنب إزاء الجزائر.واؤكد من جديد أننا لم تكن لنا ابدا أي مشاكل مع ميتران و حكومته.بل أننا كنا نجددهم أحيانا أكثر استعدادا للاستجابة من خصومهم السياسيين.فقد تمكنا على صعيد المديونية مثلا من اقتناء الكثير من الأسلحة وتم قبول إعادة جدولة بعض الديون التي علينا.والواقع ان الجانب الفرنسي ابان عدة مرات عن حسن نيته.