أهمية الرجولة في حياة الأمة...

الفاروق

عضو مميز
صقور الدفاع
إنضم
10 سبتمبر 2008
المشاركات
1,616
التفاعل
125 0 0
عند الأزمات تشتد الحاجة لوجودالرجال الحقيقيين
في هذه الحالة التي تقع فيها الفتن بالمسلمين نحتاج إلى عناصرمثبته تثبت المسلمين على المنهج الرباني، مَن الذي يثبت؟ في حالة الأزمات تكتشف أنتمعادن الرجال، يفضي كل رجل إلى معدنه الخالص؛ ليستبين أمام الناس هل هو من أهلالعقيدة أم لا؟ هل هو رجل عقيدة أم لا؟ في حالة الأزمات يتبين الرجال الذين يقفونعلى منهج الله بأقدام راسخة.
يقول الله تعالى:
﴿قَالَ رَجُلانِمِنَ الَّذِينَ يَخَافُونَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيهِمَا ادْخُلُوا عَلَيْهِمُالْبَابَ فَإِذَا دَخَلْتُمُوهُ فَإِنَّكُمْ غَالِبُونَ وَعَلَى اللَّهِفَتَوَكَّلُوا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ﴾[1]
حاصر خالد بن الوليد ( الحيرة ) فطلب من أبي بكر مدداً، فما أمده إلا برجل واحد هو القعقاع بن عمرو التميمي وقال: لا يهزم جيش فيه مثله، وكان يقول: لصوت القعقاع في الجيش خير من ألف مقاتل!
ولما طلب عمرو بن العاص المدد من أمير المؤمنين عمر بن الخطاب في فتح مصر كتب إليه : (أما بعد : فإني أمددتك بأربعة آلاف رجل، على كل ألف : رجل منهم مقام الألف : الزبير بن العوام، والمقداد بن عمرو، وعبادة بن الصامت، ومسلمة بن مخلد).
إن خير ما تقوم به دولة لشعبها، وأعظم ما يقوم عليه منهج تعليمي، وأفضل ما تتعاون عليه أدوات التوجيه كلها من صحافة وإذاعة،ومسجد ومدرسة، هو صناعة هذه الرجولة، وتربية هذا الطراز من الرجال.
هذهالنوعية التي نحتاجها حقيقة اليوم في وسط الأزمات التي تعصف بالمسلمين، الأزماتوالفتن التي تجعل الحليم حيراناً، نحتاج إلى رجال يبصرون الناس بالدين، إلى رجاليكونون قدوة للناس، إلى رجال يثبتون الناس على شرعالله.
في دار من دور المدينة المباركة جلس عمر إلى جماعة من أصحابه فقال لهم: تمنوا ؛ فقال أحدهم: أتمنى لو أن هذه الدار مملوءةٌ ذهباً أنفقه في سبيل الله. ثم قال عمر: تمنوا، فقال رجل آخر: أتمنى لو أنها مملوءة لؤلؤاً وزبرجداً وجوهراً أنفقه في سبيل الله وأتصدق به. ثم قال: تمنوا، فقالوا: ما ندري ما نقول يا أمير المؤمنين؟ فقال عمر : ولكني أتمنى رجالاً مثلَ أبي عبيدة بنِ الجراح، ومعاذِ بنِ جبلٍ، وسالمٍ مولى أبي حذيفة، فأستعين بهم على إعلاء كلمة الله.
رحم الله عمر الملهم، لقد كان خبيراً بما تقوم به الحضارات الحقة، وتنهض به الرسالات الكبيرة، وتحيا به الأمم الهامدة.
إن الأمم والرسالات تحتاج إلى المعادن المذخورة، والثروات المنشورة، ولكنها تحتاج قبل ذلك إلى الرؤوس المفكرة التي تستغلها، والقلوب الكبيرة التي ترعاها والعزائم القوية التي تنفذها: إنها تحتاج إلى الرجال.
لرجل أعز من كل معدن نفيس، وأغلى من كل جوهر ثمين، ولذلك كان وجودُه عزيزاً في دنيا الناس، حتى قال رسول الله : ((إنما الناس كإبل مائة، لا تكاد تجد فيها راحلة)).[2]
الرجل الكفء الصالح هو عماد الرسالات، وروح النهضات،و ومحور الإصلاح. أعدَّ ما شئت من معامل السلاح والذخيرة، فلن تقتل الأسلحة إلا بالرجل المحارب، وضع ما شئت من مناهج للتعليم والتربية فلن يقوم المنهج إلا بالرجل الذي يقوم بتدريسه، وأنشئ ما شئت من لجان فلن تنجز مشروعاً إذا حُرمتَ الرجل الغيور!!
ذلك ما يقوله الواقع الذي لا ريب فيه.
إن القوة ليست بحد السلاح بقدر ما هي في قلب الجندي، والتربية ليست في صفحات الكتاب بقدر ما هي في روح المعلم، وإنجاز المشروعات ليس في تكوين اللجان بقدر ما هو في حماسة القائمين عليها.
فلله ما أحكم عمر حين لم يتمن فضة ولا ذهباً، ولا لؤلؤاً ولا جوهراً، ولكنه تمنى رجالاً من الطراز الممتاز الذين تتفتح على أيديهم كنوز الأرض، وأبواب السماء.
إن رجلاً واحداً قد يساوي مائة، ورجلاً قد يوازي ألفاً، ورجلاً قد يزن شعباً بأسره، وقد قيل: رجل ذو همة يحيي أمة.
يعد بألف من رجال زمانه …لكنه في الألمعية واحد
وعند الأزمات تشتد الحاجة لوجود الرجال الحقيقيين، الذين يثبتون الناس على شرع الله.
قد تمر بالإسلام أزمات، قد تمر بالمسلمين شدائد وضائقات، قد يمر بالمسلمين عسر شديد، تنقطع بهم السبل، فيتحير الناس ويضطربون، ويميدون ويحيدون عن شرع الله، فترى الناس متفرقين شذر مذر، لا يرى أحدهم الحق ولا يتبعه، حيَّرتهم فتن الحياة الدنيا، فاضطربوا اضطراباً شديداً، وتبعثروا وتفرقوا، فمَن الذي يثبِّت في هذه الحالة؟ ومَن الذي يقوم بواجب التثبيت؟ في هذه الحالة التي تقع فيها الفتن بالمسلمين نحتاج إلى عناصر مثبته تثبت المسلمين على المنهج الرباني، مَن الذي يثبت؟ في حالة الأزمات تكتشف أنت معادن الرجال، يفضي كل رجل إلى معدنه الخالص؛ ليستبين أمام الناس هل هو من أهل العقيدة أم لا؟ هل هو رجل عقيدة أم لا؟ في حالة الأزمات يتبين الرجال الذين يقفون على منهج الله بأقدام راسخة.
وكأني بهذا الدين في هذا الزمان يهتف بأبنائه: أليس منكم رجل رشيد يحملني ويقوم بأمري؟









الرجولة في الإسلام..

الرجولة صفة يمتن بها الله عز وجل بها على من يشاء من عبادة، كما قال ذلك الرجل المؤمن الذي يعلِّم صاحبَه الكافر، يقول له موبخاً ومقرعاً، ومذكراً له بنعم الله عز وجل عليه:
﴿ أَكَفَرْتَ بِالَّذِي خَلَقَكَ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ سَوَّاكَ رَجُلاً ﴾[3].
هذا الرجولة التي يمتن الله عز وجل وينعم بها، لها صفات ولها خصائص، لا تكتمل إلا بها، ولا تقوم إلا عليها، ولا تشتد إلا بهذه الأركان.
والرسل الذين بعثوا إلى أقوامهم ما كانوا إلا رجالاً، قال الله عز وجل: ﴿ وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ إِلَّا رِجَالاً نُوحِي إِلَيْهِمْ ﴾[4] فلم يرسل الله عز وجل إلى الناس إلا رجالاً.
ميزان الرجال في شريعة الإسلام من كانت أعماله فاضلة وأخلاقه حسنة. مرّ رجلٌ على رسول الله -r- فقال: ((ما تقولون في هذا؟ قالوا: هذا حريٌ إن خَطَب أن يُنْكح، وإن شَفَع أن يُشَفّع، وإن قال أن يُسْتمع له. قال: ثم سكت، فمر رجل من فقراء المسلمين فقال: ما تقولون في هذا؟ قالوا: هذا حريٌ إن خَطَب أن لا يُنْكح، وإن شَفَع أن لا يُشَفّع، وإن قال أن لا يُسْتمع له، فقال رسول الله -r-: هذا خيرٌ من ملء الأرض من مثل هذا)).[5].
لعل من أهم الفروق التي تميز المسلمين في أول أمرهم وفجر حياتهم عن المسلمين اليوم ((خلق الرجولة )) فقد غني العصر الأول بمن كانوا هامة الشرف وغرة المجد وعنوان الرجولة.
تتجلى هذه الرجولة في *محمد r * إذ يقول : ( والله لو وضعوا الشمس في يميني والقمر في يساري على أن اترك هذا الأمر حتى يظهره الله أو اهلك فيه ما تركته)).
كما تتجلى في أعماله وفي ادوار حياته فحياته كلها سلسله من مظاهر الرجولة الحقة ، والبطولة الفذة ، إيمان لا تزعزعه الشدائد وصبر على المكاره وعمل دائب في نصرة الحق ، وهيام بمعالي الأمور وترفع عن سفاسفها((حقيرها)) حتى إذا قبضه الله إليه لم يترك ثروة كما يفعل السلطان ولم يُخلّف إعراضا زائلة كما يخلف الملوك والأمراء وإنما خلف مبادئ خالدة على الدهر ، كما خلّف رجالاً يرعونها وينشرونها ويجاهدون بأموالهم وأنفسهم من اجلها.
وتاريخ الصحابة ومن بعدهم مملوء بأمثلة الرجولة ، فأقوى مميزات ((عمر بن الخطاب )) انه كان ((رجلاً)) لا يراعي في الحق كبيرا ولا يمالي عظيماً أو أميراً يقول في إحدى خطبه :
(( أيها الناس انه والله ما فيكم احد أقوى عندي من الضعيف حتى اخذ الحق له ولا اضعف عندي من القوي حتى اخذ الحق له.)).
وينطق بالجمل في وصف الرجولة فتجرى مجرى الأمثال كان يقول : ( يعجبني من الرجل إذا سيم خطة الضيم أن يقول (( لا بملء فيه)).
ويضع البرامج لتعليم الرجولة فيقول : ( علموا أولادكم العوم والرماية ومروهم فليثبوا على الخيل وثبا ورووهم ما يجمل من الشعر)).
ويضع الخطط لتمرين الولاة على الرجولة فيكتب إليهم (( اجعلوا الناس في الحق سواء قريبهم كبعيدهم وبعيدهم كقريبهم إياكم والرشا والحكم بالهوى وان تأخذوا الناس عند الغضب)).
من اجل هذا كله كان هذا العصر مظهراً للرجولة في جميع ميادين الحياة ، تقرا تاريخ المسلمين فيملئوك روعة ، وتعجب كيف كان هؤلاء البدو- وهم لم يتخرجوا في مدارس علميه ولم يتلقوا نظريات سياسيه حكاما وقادة لخرجي اللم بمقدار ما تقاس برجولتها.
إنما هي الرجولة التي بثها فيهم دينهم وعظماؤهم هي التي سمت بهم وجعلتهم يفتحون أرقى الأمم مدنيه وأعظمها حضارة ثم هم لا يفتحون فتحا حربيا يعتمد على القوة المدنية إنما يفتحون فتحا مدنيا إداريا منظما يعلمون به دارسي العدل كيف يكون العدل ، ويعلمون العلماء الإدارة ويلقون بعلمهم درسا على العالم ، أن قوة الخلق فوق مظاهر العلم وقوة الاعتقاد في الحق فوق النظريات الفلسفية والمذاهب العلمية وان الأمم لا تقاس بفلاسفتها بمقدار ما تقاس برجولتها.
هل رأيت حزما في الإدارة كالذي فعله في مسح سواد العراق وترتيب الخراج وتدوين الدواوين وفرض العطاء ؟
حقا لقد كان عمر بن الخطاب في كل ذلك رجلاً ولئن كان هناك رجال قد امتصوا رجولة غيرهم ولم يشاءوا أن يجعلوا رجالاً بجانبهم فلم يكن عمر من هذا الضرب إنما كان رجلاً يُحلِّق بجانبه رجالاً كأبو عبيدة الجراح وسعد بن أبي وقاص والمثنى بن حارثه وكثير غيرهم كانوا رجالاً نفخ فيهم عمر من روحه كما نفخ فيهم الإسلام من روحه وأفسح لهم في رجولته كما أفسح لنفسه في رجولته .
حقيقةً ولم تر الدنيا الرجولة في أجلى صورها وأكمل معانيها كما رأتها في تلك النماذج الكريمة التي صنعها الإسلام على يد رسوله العظيم ، من رجال يكثرون عند الفزع، ويقلون عند الطمع، لا يغريهم الوعد، ولا يلينهم الوعيد، لا يغرهم النصر، ولا تحطمهم الهزيمة.
أما اليوم، وقد أفسد الاستعمار جو المسلمين بغازاته السامة الخانقة من إلحاد وإباحية، فقلما ترى إلا أشباه الرجال، ولا رجال.
تعجبنا وتؤلمنا كلمة لرجل درس تعاليم الإسلام السمحة الشاملة فقال في إعجاب مرير: " يا له من دين لو كان له رجال "!!
وهذا الدين الذي يشكو قلة الرجال يضم ما يزيد على ألف مليار مسلم، ينتسبون إليه، ويحسبون عليه، ولكنهم كما قال رسول الله ((غثاء كغثاء السيل)) أو كما قال الشاعر:
يثقلون الأرض من كثرتهم…ثم لا يغنون في أمر جلل
فيجب علينا أن نفهم أن معانيها في زمن الغربة كما قال r "بدأ الإسلام غريبا وسيعود غريبا كما بدأ، فطوبى للغرباء"، و الغريب هنا معناه انه المتمسك بمبادئ الحق عند خوار البعض و الذي يبذل أقصى ما يستطيع في سبيل نصرة هذا الدين، وذلك حسب طاقته لأن الله لا يكلف نفساً إلا وسعها.
والنصرة لدين الله تكون بالنفس وبالمال، وبالكلمة، فكل من يأنس في نفسه نوعاً من أنواع النصرة يقوم بها وما دمت قد بذلت جهد طاقتك فالله لا يضيع أجر أحد من ذكر أو أنثى
، فيا أخي جاهد نفسك قدر ما تستطيع وأخلص النية و لك أجر ما صنعت وبذلك يكون قد وقع أجرك على الله
ومن معاني الرجولة نصرة هذا الدين، والثبوت عليه وهذا لا يحده زمان ولا مكان، ولا يمنعنك عن مواصلة هذه النصرة ما تراه من تخاذل المسلمين وضعفهم عند ضربات الأعداء ربما أشرف عليهم اليأس وظنوا أنهم كذبوا فالظاهرين على الحق لا يضرهم من خذلهم ولا من خالفهم فإذا تحقق النصر وأنت على ذلك فأنت على ثغرة ثغور الإسلام، ولا تستبطئ نصر الله، فإنه كما نطقت الآية آت لا محالة، ولكنه كما تعلم لن يأتي إلا بعد أن تتحد الأمة، وتنبذ ما لديها من فرقة، فواصل العمل، وليس المهم أن تجني أنت ثمار العمل، والله لا يضيع أجر من أحسن عملا.

[1]- [المائدة:313]

[2]- [ رواه البخاري].

[3]- [الكهف:37]

[4]- [النحل:43]

[5]-[أخرجه البخاري]
كيف تكون رجلاً
أمير بن محمد المدري
 
التعديل الأخير:
عودة
أعلى