مصـعب حسن يـروي قصـة عمالـتـه(الـجـزء الأول)

wade3

عضو
إنضم
2 فبراير 2009
المشاركات
139
التفاعل
5 0 0
( نقلاً عن صحيفة هآرتس): "ليتني كنت الان في غزة"، يقول مصعب حسن يوسف في مكالمة هاتفية من كاليفورنيا. "في الماضي أتيت بمعلومات عن مكان سائق سيارة أجرة اختطف في رام الله وحررته الوحدة الخاصة في هيئة القيادة العامة". انه يعلم اسم الوحدة بل اشترى قميصا مع شعار "الوحدة الخاصة لهيئة القيادة العامة" بالانجليزية. "كنت ألبس بزة عسكرية وأنضم الى القوات الاسرائيلية الخاصة لاطلاق غلعاد شاليط. لو كنت هناك لكنت أستطيع المساعدة. أضعنا سنين كثيرة في التحقيقات والاعتقالات كي نمسك بأولئك "الارهابيين" الذين يريدون الان اطلاقهم عوض شاليط. لا يحل فعل ذلك".

لا يقول هذا الكلام احد سوى ابن الشيخ حسن يوسف، من كبار رجال حماس في الضفة. مصعب، في الثانية والثلاثين، يصدر هذا الاسبوع في الولايات المتحدة كتابه "ابن حماس" باصدار سولتريفر. وهو يقص فيه لأول مرة قصة حياته الكاملة ويكشف فوق كل شيء هنا في صحيفة "هآرتس" وفي الكتاب السر الكبير الذي صحبه منذ 14 سنة.


التقيت مصعب يوسف آخر مرة في تموز 2008 في كاليفورنيا. قص علي آنذاك التحول الذي جرى على حياته: في 1999 بدأ يقارب المسيحية وبعد مضي بضع سنين غير دينه وأصبح مسيحيا من جميع جوانبه. نشر ملحق صحيفة "هآرتس" آنذاك هذا الشيء وحظي على الفور برد غاضب من حماس التي أنكرت الأمر. لكن المنظمة الاسلامية لم تتخيل آنذاك ان هذا طرف قصة أكثر دراماتية.


بعد مضي سنة ونصف السنة استقر رأي مصعب يوسف على كشف الصورة الكاملة: فمدة أكثر من عشر سنين عمل ابن رئيس حماس في الضفة عميلا للشاباك ? لا لبواعث اقتصادية او مصلحية بل عن عقيدة خالصة.


نجح يوسف هذه المدة في "احباط عشرات العمليات الانتحارية، وكشف عن خلايا منتحرين ومخربين" تشتمل على اولئك الذين خططوا لاغتيال مسؤولين كبار في اسرائيل مثل شمعون بيريس الذي كان وزير الخارجية آنذاك، والحاخام عوفاديا يوسف. اعتبر يوسف في الشاباك المصدر الأكثر ثقة وعظما الذي نجح جهاز الأمن العام في استعماله في قيادة حماس وحظي بلقب "الأمير الأخضر": "الأمير" ? لكونه ابن رئيس حماس في الضفة. و "الأخضر" ? بسبب لون راية المنظمة الاسلامية.


في أشد فترات الانتفاضة الثانية، قاد مصعب يوسف الى اعتقال كبار المطلوبين الذين تتوج اسماؤهم كل يوم عناوين الصحف، مثل ابراهيم حامد ومروان البرغوثي، بل سبب اعتقال أبيه كي لا يغتاله الجيش الاسرائيلي. قصته التي لا تصدق يكشف عنها شخص شاب ذكي يثور بشجاعة على الحركة التي نشأ فيها في قصد الى انقاذ حياة الناس، بل يقنع الشاباك باعتقال مطلوبين بدل اغتيالهم.


اراد انقاذ حياة الناس
يصعب على "الكابتن لؤي"، كما سمي لحينه مستعمل مصعب يوسف في الشاباك ان يخفي تقديره لـ "مصدره". "يدين الكثير من الأشخاص بحياتهم له بل انهم لا يعلمون بذلك"، يقول. "ان اشخاصا فعلوا اقل منه كثيرا حظوا بجائزة أمن اسرائيل. من المحقق انه يستحق ذلك. عرفته مدة ست سنين، كمركز ومسؤول عن المنطقة. واقول لك، اذا كان عندنا (س) مركزي استخبارات في المنطقة، فبفضله اصبح عندنا في واقع الأمر (س + 1). كان هو المركز الآخر. اتعلم، كان افضل من اكثرنا من غير ان نهين احدا".


ترك الكابتن لؤي جهاز الامن العام. وهو اليوم ضابط أمن في وسط البلاد وطالب جامعي. لكن يلحظ عليه انه يشتاق الى تلك الايام والليالي من مطاردة المطلوبين و "المخربين المنتحرين". "الشيء المدهش ان كل نشاطه لم يكن من أجل المال"، يقول عن يوسف. "قام بأشياء آمن بها. اراد ان ينقذ حياة الناس. لم يكن فهمه الاستخباري أسوأ مما عندنا. الأفكار والادراكات. كان ادراك واحد عنده يساوي عندي ألف ساعة تفكير لأفضل الخبراء.
"سأقص عليك قصة. ذات يوم تلقينا معلومة عن أن مخربا منتحرا يفترض أن يصل ميدان المنارة في مركز رام الله، كي يحملوه وينقلوا اليه حزاما ناسفا. لم نعرف كيف صورته بالضبط او اسمه، لكن عرفنا فقط انه في العشرينيات من عمره، يلبس قميصا أحمر. أقمنا (الامير الاخضر) في الميدان وحدد هو بأحاسيسه الذكية الهدف في غضون دقائق. أدرك من الذي حمله، وتابع السيارة وقادنا الى اعتقال المنتحر والشخص الذي كان يجب ان يعطيه الحزام. وهنا احباط عملية آخر لا يكادون يذكرونه. لا يفتح أحد زجاجات شمبانيا او يندفع الى الرقص والغناء. كان ذلك على نحو يومي بالنسبة للامير". لقد أظهر شجاعة، وحواس ذكية، وقدرة على مجابهة الخطر. علمنا أنه يعطي أقصى ما عنده في كل وضع، في المطر او الثلج او الصيف.
التعذيب والتجنيد
يتذكر مصعب يوسف جيدا اليوم الذي دخل فيه رجل شاباك زنزانته في المعتقل في المسكوبية، واقترح عليه ان يعمل من اجل اسرائيل، او بعبارة اخرى ان يصبح متعاونا. كان الى ذلك الاعتقال عضوا في خلية طلاب حماس في جامعة بيرزيت وكان مشاركا في رمي حجارة. زج به في السجن بعد ان اشترى سلاحا فقط في 1996. في حاجز قرب رام الله وقف جنود سيارة السوبارو التي قادها وأمروه باطفاء المحرك.


"أخرجوني من السيارة وقبل ان استطيع الدفاع عن نفسي رموني ارضا وضربوني بشدة". يتحدث في حديث مع صحيفة "هآرتس" عن انه لم يخطط لان يصبح متعاونا بل ولا قرر ذلك فجأة. "نقلت الى المعتقل، المسكوبية، وجرى لي تعذيب غير سهل وضربوني مرة بعد اخرى في التحقيق، وقيدوا يدي بقوة. آنذاك أتى رجل الشاباك وعرض علي ان اعمل معه. لم اطلب مالا لان وضعي المالي كان جيدا. فكرت في أن أقول له انني موافق كي اصبح عميلا مزدوجا ولأنتقم من الشاباك ومن اسرائيل لاعتقالي وللامور التي فعلوها بأبي. كانت خطتي أن أجمع معلومات عن الشاباك من الداخل وأن استعمل ذلك في مواجهة اسرائيل. علمت أن الحديث عن جهة ظلامية سيئة وعن أشخاص سيئين يقومون بأشياء فظيعة كإرغامهم شخصا على ان يصبح متعاونا. لم أعلم آنذاك ما الذي يتحدث عنه وما هو الشاباك حقا. بعد ان وافقت تركوني في السجن مدة 16 شهرا كي لا أسرح مبكرا جدا. كان ذلك قد يثير ارتيابا بأنني عميل للشاباك".


يقول انه شهد في فترة سجنه اشياء فظيعة. "مكثت في السجن مع أناس حماس، ومع مسؤولين كبار في المنظمة استعملوا جهازا يسمى مجد ? وهو شبه جسم أمني داخلي في حماس يرمي الى الكشف عن عملاء لاسرائيل. كانوا يعذبون السجناء، وأكثرهم من حماس، لأنهم شكوا في تعاونهم. كان عملي أن اسجل الاعترافات وشهادات المحقق معهم واعتمدوا علي لأنني كنت ابن الشيخ. هناك فقدت ثقتي بحماس. لقد قتلوا اشخاصا بلا سبب. في حين كان الجميع يحذرونني من الشاباك، رأيت لأول مرة في حياتي أناس حماس يعذبون رفاقهم وأبناء شعبهم بقسوة لا مثيل لها. لم تهمهم الحقيقة قط. كان يكفي أن يرتابوا بشخص ما حتى تنتهي قصته. لقد عذبوا بقسوة، وأحرقوا أجساد المحقق معهم، ووخزوهم بالابر واطفأوا فيهم السجائر".


"أقسمت لنفسي أنني عندما أتحرر لن أظل في حماس ولن أعمل مع اسرائيل ايضا. اطلقت من السجن في 1997 وأنشأ الشاباك صلة بي. استقر رأيي على قطع الصلة بيني وبينهم، وأردت ان اجابههم كي افعل ذلك كما يجب. فاجأني ان اللقاء الأول كان وديا جدا ولذيذا. كنت في فضول لأعلم أكثر، لم تكن عندي خطط لقتل أحد أو للتجسس، كنت فضوليا ببساطة. وهكذا وافقت على لقاء مستعملي، الكابتن لؤي، مرة ثانية وبعدها مرة بعد أخرى".
يقول ان رجل الشاباك نجح في المرة الثانية في مفاجأته. "بين لي انني اذا كنت أريد العمل مع الشاباك فعلي ان احترم عددا من القواعد. لا يحل لك مصادقة نساء فاسدات وأن تسلك سلوكا غير اخلاقي، هذا ما قاله لي. لا تجامع نساء وتسلك سلوكا أزعر، أنت خاصة، ابن شيخ، يجب عليك ان تجد عملا وأن تسوي أمورك. ذات مرة، في منتصف لقاء مع الكابتن لؤي في القدس، وقف اللقاء وسألني: أصليت الظهر؟ كنت متفاجئا وقلت لا. فطلب مني أن اذهب لأتوضأ وأصلي الظهر ثم نكمل".


"كان من المهم لهم ان استمر على البقاء كما أنا، وألا أتغير، وأن أكون جديا. فهم يريدون أشخاصا محترمين يقدرهم مجتمعهم لا اولئك الذين لهم صيت سيئ. أصبحت أكثر فضولا وأردت ان أتعلم عنهم أكثر. عاد مستعمليّ وقالوا لي كل مرة من جديد: عليك ان تحترم أباك وأمك وألا تصنع سوءا بأحد. لم يطلبوا حتى ذلك الحين معلومات عن شخص ما وأصبحت أكثر جدية في الصلة بهم. احترمني مستعمليّ من جهتهم وعاملوني معاملة حسنة جدا بل ساعدوني في الدراسة. كنت دهشا لسلوكهم. لم يريدوا العمل على الفلسطينيين البتة بل على المتطرفين. نظرت الى هؤلاء الناس الذين أردت في الماضي كثيرا أن اقتلهم وتبين لي ان كل ما علمته عنهم لم يكن صحيحا".


كانت تلك ايضا الفترة التي بدأ فيها يقترب من المسيحية وقرأ في الانجيل. "أذكر انني صادفت جملة "أحب اعداءك". جعلني أفكر ? هؤلاء أعدائي، الشاباك، والجنود الذين يحاولون فقط أداء عملهم. فكرت بيني وبين نفسي كيف تسلك حماس في وضع عكسي، هل كانوا يظهرون الرحمة لليهود؟ وفكرت في نفسي من الذي تهزأ به، أكانت حماس وفتح تسلكان أكثر انسانية؟ ما عدت أستطيع تعريف من هو عدوي. صحيح، فعل الشاباك اخطاء وقتل أناسا غافلين لكن هدفه الرئيس وهدف اسرائيل كان الحفاظ على مبادئ دولة ديمقراطية. يوجد 1.2 مليون فلسطيني يعيشون في اسرائيل، داخل الخط الاخضر، ويتمتعون بحقوق وبنماء ورفاهة في اسرائيل اكثر مما في كل دولة عربية أخرى. ومع ذلك كله أخذ هؤلاء الجنود أبي ازاء ناظري، واطلقوا النار على اشخاص ازاء ناظري وصدقني ان هذا لم يكن سهلا عندي ان اعمل من اجل هؤلاء الاشخاص، كان هذا تحولا حقيقيا".
- ماذا كانت اهدافك عندما وافقت على العمل من اجلهم؟


"رأيت تعذيبا وقتلا وحربا على الأرض. أرى ان حياة الانسان وانقاذه هو الشيء الأهم، أكثر من كل قطعة أرض او عقار. أردت أن أنقذ وأنقذت حياة أناس اسرائيليين وفلسطينيين. لم يكن ذلك لان الشاباك استعمل ضغطا علي او من اجل المال. فعلت ذلك لأنني فهمت ما هي حماس حقا وكان علي أن اقول بتغيير. من اجلي ومن اجل الآخرين. فكرت في نفسي انهم حتى لو زعموا انني خائن فليقولوا. لن يصدقني الناس وسيعتقدون انني فعلت ذلك من اجل المال لكنهم لا يعلمون. كنت سعيدا، سعيدا (؟؟؟) عندما وقفت مخربا منتحرا".


الانتفاضة خطط لها


في اثناء المقابلة الصحفية كلها يبرز استعمال مصعب يوسف لضمير المتكلم الجمعي. "نحن"، و "اعتقلنا"، في حين يتناول عمل الشاباك. يشهد بأن له في كاليفورنيا قميصا كتب عليه بالانجليزية "أنا أعمل عملا سريا لا أعلم ما هو ? جهاز الأمن". يقول ويضحك: "يوجد ليس قميص للجيش الاسرائيلي ايضا، بلون زيتي مع الشعار الذي أحبه جدا".


في 1999 كان في لب لباب قيادة حماس في الضفة، وصحب أباه في كل مكان. كما ينشر لاول مرة في الكتاب، فكر الشيخ حسن يوسف باقامة حماس في الضفة قبل ان تقام رسميا بسنة. في عام 1986، يحكي ابنه في الكتاب، التقى أبوه في الخليل الشيخ احمد ياسين ومحمد جمال النتشة، ومحمد مصلح وآخرين، وخططوا لاقامة المنظمة. في كانون الاول 1987 فقط اعلنت حماس اقامتها رسميا.
في ايلول 2000، عندما كان ارئيل شارون يوشك ان يزور جبل "الهيكل"، كان من الطبيعي ان يصحب مصعب يوسف أباه الى اللقاءات. في 27 ايلول، قبل زيارة شارون بليلة، التقى الشيخ يوسف مروان البرغوثي، قائد التنظيم في الضفة وعددا من رؤوس الفصائل الاخرى. "حملته الى اللقاء وعندما عدنا قال لي انهم اتفقوا على ان يخرجوا من الغد بعد زيارة شارون للحرم تظاهرات وانتفاضة آخر الأمر. كانت خططهم اثارة احداث شغب تستمر اسبوعين او ثلاثة".
خططوا للانتفاضة ولا يقولن لك غير ذلك. لم تشأ قيادة حماس في الخليل وفي غزة المشاركة في احداث الشغب، لأنها زعمت ان عرفات لا يستحق ان يساعدوه بعد ان طارد المنظمة على نحو شديد جدا. وفي الحقيقة لم تشارك حماس في غزة في التظاهرات في بدء الانتفاضة. لكن ابي كان مؤيدا لذلك".
- ماذا يعني خططوا؟ أطلب اليهم عرفات فعل ذلك؟
"لا استطيع ان اقول لك بيقين انه اعطى أمرا. لكنه بارك النهج. أيها المرء، ما الذي تعتقد ? كان البرغوثي وحسين الشيخ، وكل اولئك الذين نظموا التظاهرات، يلتقون عرفات كل يوم. فما الذي تحدثوا فيه هناك آنذاك؟ لكن ليس هذا اسوأ شيء تبينته آنذاك عن عرفات. كنت أنا الذي كشفت عن أن الخلية الأولى من كتائب شهداء الأقصى كانت في واقع الأمر جماعة من أناس الحرس الرئاسي لعرفات، القوة 17، حصلت على أموال من مروان البرغوثي، حصل عليها من عرفات".


- كيف نجحت في الكشف عنهم؟
"في تلك الفترة بدأت العمليات الأولى على المحاور في انحاء الضفة، في مواجهة المستوطنين وجنود الجيش الاسرائيلي. تلقيت مكاملة هاتفية من الكابتن لؤي قال لي ان لهم معلومات عن أن عددا من الاشخاص غير المعروفة هوياتهم زاروا ماهر عودة، وهو مسؤول كبير في الذراع العسكري لحماس، ويجب أن أفحص من هم. كنت قد عرفت عودة في السجن عندما كان مسؤولا عن "مجد"، وهي الجهة الامنية المسؤولة عن التعذيب. لقد سلك بسرية كبيرة. سافرت في ذلك المساء في سيارة واقمت ازاء بيته. بعد نحو نصف ساعة خرج عدد من المسلحين من مبناه ودخلوا سيارة شيفروليه خضراء ذات ألواح بالعبرية. بدأت أتابعهم وفقدتهم. غضبت على نفسي لأنني فقدتهم. في الغد، وبسبب توتر الأعصاب، خرجت بسيارتي وسافرت في المدينة كلها لأبحث عنهم. قنطت آخر الأمر ودخلت مرآبا لغسل السيارة.


فجأة رأيت الشيفروليه الخضراء تمر. قال صاحب المكان الذي علم انني ابن الشيخ، انهم من افراد القوة 17 وانهم يسكنون بيتونيا. لم يكن ذلك منطقيا. لماذا يسكن أناس القوة 17 خارج المقاطعة ويكونون مشاركين في العمليات؟ سافرت الى العنوان الذي اعطاني اياه وعثرت على سيارة الشيفروليه الخضراء. ومن ثم أسرعت الى ابلاغ لؤي. لم يصدق قائده. فما الذي يجعل حرس عرفات الشخصي يفعل ذلك؟ يجب ان نتذكر انهم اعتقدوا حتى ذلك الحين ان كتائب شهداء الاقصى ربما يكونون جماعة من حماس، ولم يعلموا عنهم شيئا. قالوا لي لا يمكن ان أكون رأيت ذلك..

"اغضبني ذلك جدا". سألني لؤي أأنا واثق من أنها شيفروليه لا بي أم في. سافرت مرة أخرى الى البيت ورأيت في الموقف في المقابل سيارة مغطاة بغطاء أبيض. تقدمت بهدوء الى السيارة ورفعت الغطاء قليلا. تبينت بي أم في طراز 82. اتصلت بلؤي وأخبرته بالسيارة. "مرحى! وجدناهم"، صرخ. بين ان السيارة التي وجدتها قد استعملوها في جميع العمليات الاخيرة التي قتل فيها 12 شخصا.
"بعد مضي زمن قصير حاصرت قوات الجيش الاسرائيلي المبنى في بيتونيا لكن الجماعة لم تكن هناك. لقد ادركوا انهم كشفوا وسارعوا الى الاختباء في المقاطعة. كان هناك اثنان مركزيان: احمد غندور ومهند ابو حلاوة. قتل غندور بعد شهور كثيرة باطلاقه رصاصة من سلاحه. وأرسل أبو حلاوة اشخاصا آخرين بعد ذلك لتنفيذ عمليات. كان نموذجا مريبا، اعتاد ان يجول حاملا رشاشا ثقيلا في وسط الشارع وان يطلق النار في كل فرصة. اراد الشاباك اغتياله وأبلغت لؤي أنني موافق على المهمة حتى لو كان معنى ذلك ان يقتل. شعرت بأنه لا مناص وإلا فسيستمر مهند على قتل أبرياء.


"في الرابع من آب 2001 انتظرت خارج مكتب مروان البرغوثي الى ان شاهدت أبا حلاوة يدخل عليه. بعد مضي بضع ساعات خرج ودخل سيارته الغولف المذهبة. أبلغت الشاباك أنه في السيارة وحده، كان من المهم لهم ألا يصاب مروان البرغوثي. انتظر الاسرائيليون قليلا حتى أصبح في السيارة في منطقة مفتوحة ثم أطلقوا عليها صاروخا. يبدو انه رأى الصاروخ يقترب وحاول ان يقفز خارجا، لكن الصاروخ اصاب الغولف وطار من السيارة. اصاب صاروخ ثان أطلق الرصيف. أنا، وكنت أجلس في سيارة على بعد 100 متر من هناك، شعرت بقوة الارتداد. اشتعلت السيارة وكذلك مهند لكنه لم يقتل.


في ذلك المساء سافرت مع أبي لزيارة مهند في المشفى كان وجهه محروقا وصعب علي أن أنظر اليه. لكنه شفي وواصل رحلة قتله. تم اغتياله بعد مضي بضعة أشهر فقط، فقد اطلقت مروحيتان عليه النار عندما خرج من مطعم في بيتونيا". يتبع الجزء الثاني
 
عودة
أعلى