حكايتي مع الضربة المضمونة وكتاب خطة هجوم ..من كتاب سي.آي. إيه Cia

يحي الشاعر

كبير المؤرخين العسكريين
عضو مميز
إنضم
2 فبراير 2008
المشاركات
1,560
التفاعل
98 0 0
– الحلقة الخامسة عشر -
من كتاب " في قلب العاصفة : سنواتي في الـ "
سي.آي. إيه CIA
ألمؤلف
جورج تينيت المدير السابق
لوكالة المخابرات الأمريكية ..


هذه هي حكايتي مع "الضربة المضمونة" وكتاب "خطة هجوم"




أسرار تأتى ... بعد دهور ... ليعرف الشعب المصرى والعربى ، ماذا كان يدور خلف ظهره ...


يحى الشاعر

حكايتي مع "الضربة المضمونة" وكتاب "خطة هجوم" ..من كتاب سي.آي. إيه CIA


المصدر








هذه هي حكايتي مع "الضربة المضمونة" وكتاب "خطة هجوم"
3427plan_of_attack.jpg
الحلقة الخامسة عشرة من كتاب " في قلب العاصفة : سنواتي في الـ سي.آي. إيه "

المؤلف : جورج تينيت المدير السابق لوكالة المخابرات الأمريكية

عبارة دارجة في بلاد العم سام قلبت حياة مدير مخابرات أمريكا رأساً علي عقب ، وجعلته يبدو للرأي العام الأمريكي والعالمي كأحمق ، لا سيما بعد أن صوروه ينهض عن مجلسه ويقفز ملوحاً بيديه الهواء في حركة دراماتيكية.. " سلام دانك " أو " الضربة المضمونة " هي العبارة التي قالت إدارة بوش إن تفوه تينيت بها حسم الأمر ، ودفعها لجر البلاد لحرب العراق لأنه كان يؤكد بها امتلاك صدام لأسلحة دمار شامل.. تينيت هنا لا ينفي أنه قالها ، ولا ينفي اعتقاده بوجود اسلحة حتى (مجرد اعتقاد لم يؤكده أبداً في تقاريره) لكن يتهم إدارة بوش بسلخها من السياق ، لتشير لمعني آخر ، روجت له بين أوساط الأمريكيين والعالم ، ومررته بخبث للصحافة مما جعل صحفي كبير مثل بوب وودوارد يستخدمها في كتاب شهير له كدليل إدانة ضد تينيت ، في الوقت الذي يؤكد تينيت هنا أن المشهد الحقيقي في البيت الأبيض لم يجر مطلقاً علي هذا النحو !!
ترجمة الأستاذ/ مجدي كامل

يعتقد الكثيرون من الأمريكيين اليوم أن استخدامي لتعبير " الضربة المضمونة " – Slam Dunk - كان اللحظة الفارقة التي أشعلت إصرار وتصميم الرئيس بوش للإطاحة بصدام حسين وشن الحرب علي العراق.
** إيضاح من المترجم : " سلام دانك " تعبير مستعار من لعبة كرة السلة ، حيث يجري تغطيس الكرة بقوة في السلة ، ويعني باللغة الدارجة الضربة المضمونة والقوية والمحكمة التي لا تصد ولا ترد ).
ولكن وعلي الرغم من أن هذا التعبير قد خرج مني بالتأكيد ، إلا أنه قد نُزع من سياقه ، في افتئات علي الحقائق والملابسات ، التي صاحبت لحظة النطق به.
فهاتان الكلمتان وكذلك الاجتماع الذي نطقت فيه بهما في المكتب البيضاوي بالبيت الأبيض في ديسمبر عام 2002 ، لم يكن لا لهاتين الكلمتين ، ولا للاجتماع أي تأثير من أي نوع علي قرار الرئيس بإرسال القوات الأمريكية إلي العراق. فقد كان هذا القرار قد تم اتخاذه بالفعل من قبل هذا الاجتماع. وفي الحقيقة ، فإن هذا الاجتماع جاء :
• بعد 10 شهور من مطالعة الرئيس بوش لأول خطة حرب علي العراق قابلة لتنفيذها.
• بعد 4 شهور من خطاب ديك تشيني نائب الرئيس أمام المحاربين القدامى والذي قال فيه " لا يوجد شك " في أن صدام يمتلك أسلحة دمار شامل.
• بعد 3 شهور بعد إبلاغ الرئيس بوش الأمم المتحدة بأنه : " يتعين على النظام العراقي " فوراً ودون شرط أو قيد أن يعترف ويكشف ويزيل أو يدمر جميع أسلحة الدمار الشامل والصواريخ البعيدة المدى وكل ما يتعلق بها ".
• بعد عدة شهور من بدء وزارة الدفاع الأمريكية " البنتاجون " إعادة توجيه الموارد المستخدمة في الحرب لنشرها في أماكن في الشرق الأوسط.
• بعد شهرين من منح الكونجرس الرئيس بوش سلطة استخدام القوة ضد العراق وما يترتب علي ذلك.
• بعد اسبوعين من إصدار وزارة الدفاع الأمريكية " البنتاجون " لأول أمر عسكري بنشر قرار خاص بإرسال قوات أمريكية للعراق.
و كما يحدث في الغالب بالنسبة لهذه المسائل ، فقد اختفي سياق كلامي ولم تبق منه سوى هاتين الكلمتين ، لتذهبا – فيما بعد – لأبعد مدى يمكن تصوره عن سياقهما الحقيقي ، اللتين ذكرتهما فيه.. ودعوني أصف لكم المشهد الذي قلتهما فيه.
أرادوا تكرار " لحظة ستيفنسون " للكذب
علي الأمم المتحدة وطلبوا مني إخراجها!!
في يوم السبت 21 ديسمبر ، ذهبت إلي البيت الأبيض لتقديم الموجز الاستخباراتي اليومي المعتاد ، الذي كنت أقدمه للرئيس ستة أيام في الأسبوع. ولكن في ذلك اليوم كان هناك اجتماع إضافي تقرر عقده بعد هذا الاجتماع الصباحي. وكان مسئولو مجلس الأمن القومي الأمريكي قد طلبوا منا في " سي. آي. إيه " قبل أسبوعين ونصف أسبوع أن نبدأ "في صياغة قضية يتم تقديمها لـ العامة ضد صدام وتركز تحديداً علي امتلاكه أسلحة دمار شامل واحتمال استخدامه لها".
وعلى الرغم من أن هذا العرض أو القضية التي طلب منا تقديمها ضد صدام ، حدث وأن استخدمها وزير الخارجية كولين باول في خطابه الشهير الذي ألقاه أمام الأمم المتحدة فيما بعد ، إلا أنه لم يكن من الواضح في ذلك الاجتماع من هم "العامة" المستهدفين مما سنقدمه علي وجه الدقة. فقد بدا لنا في هذا الاجتماع أننا سنقدم موجزا يمكن – فيما بعد – الإعلان عنه. وقد أوضح فريق العاملين بالبيت الأبيض "ضباط أركان الرئيس" في ذلك الاجتماع أنهم يبحثون عن " لحظة آدلاي ستيفنسون " في إشارة منهم لعرض ستيفنسون الشهير أمام الأمم المتحدة إبان أزمة الصواريخ الكوبية.. وقد أبلغهم بوب وولبول في الاجتماع أن ما جمعناه من معلومات استخباراتية لا يلبي طلبهم.
** إيضاح من المترجم : آدلاي ستيفنسون منافس دواينت آيزنهاور في انتخابات الرئاسة في الخمسينيات ، والسفير الأمريكي في إدارة الرئيس الراحل جون كنيدي الذي وقف في نفس المنبر ، الذي وقف فيه باول ، قبل حوالي أربعين عاماً ، وبالتحديد في 25 اكتوبر 1962 خلال أزمة الصواريخ الكوبية ، ليدين ببراعة مواقع الصواريخ الجديدة الروسية في كوبا. ورغم أن الكوبيين والروس انكروا من جانبهم وجود أية صواريخ ، وان الأمر برمته لا يعدو كونه مجرد اكاذيب، إلا أن ستيفنسون كان بارعاً في عرضه ومقنعاً ومؤثراً للغاية ، وأصبح الأمريكيون يضربون به المثل ، وراحوا يطلقون علي " لحظة التجلي " التي ينجح فيها شخص ما في التأثير علي مستمعيه لصالح القضية التي يحاول استمالتهم إليها حتى ولو كانت غير حقيقية " لحظة ستيفنسون " )
وخلال اسابيع قليلة جمع فريق صغير من محللي الوكالة المواد المطلوبة. وجاء دوري لتوزيعها علي الرئيس ونائبه وأندي كارد وكوندوليزا رايس وعدد قليل من مسئولين آخرين. ووقع الاختيار علي جون ماجلوغلين نائبي لكي يقدم العرض المطلوب الذي قمنا بإعداده. وجون كان بطل الوكالة في العرض والمناقشة. ورجل لا يلتف حول الحقائق ، او من هواة الفرقعة أو التهويل ، وكان مشهوراً في وكالتنا بأنه كان دائماً يتحرى الدقة في تقديماته وعروضه.
و قد جلب جون معه بعض الخرائط لتوضيح النقاط التي سيتناولها ، ومساعد تنفيذي له ، لمساعدته فيما يستعرضه بالوسائل المرئية.
ومن المهم أن نتذكر ما كان جون يفعله ذلك الصباح ، والتهمة التي تم توجيهها إلينا.
مشهد سينمائي مع الرئيس بالبيت الأبيض
و البطل هو تزييف عريضة اتهام رسمية !!

فالحقيقة أن أحداً في هذا الاجتماع لم يكن ينتظر منا أن نبحث فيما إذا كان صدام يمتلك أسلحة دمار شامل أم لا.. فكل من حضر الاجتماع حتي رؤساء الأجهزة الاستخباراتية الرئيسية في الولايات المتحدة كان يعتقد بالفعل أن صدام لديه أسلحة كيماوية وبيولوجية ، في الوقت الذي يعمل فيه علي تطوير برنامج نووي.
وقد كانت المعلومات المنقوصة ، التي يقدمها صدام في بياناته للأمم المتحدة ، وفيض المعلومات التي يتم تلقيها من المصادر المخابراتية المتمركزة في أماكنها الصحيحة أدت إلي شيء واحد فقط هو تعزيز ثقتنا في معلوماتنا في حينه. ولم تكن مهمتنا ذلك اليوم – بالنسبة لنا – هي البرهنة علي امتلاك صدام لأسلحة دمار شامل ، وإنما كانت استخراج وكتابة المعلومات المتعلقة بأسلحة الدمار الشامل العراقية التي نعتقد أنها ( أ ) صحيحة ( ب ) يمكن الكشف عنها للرأي العام دون إلحاق الأذي بمصادر أو وسائل مخابراتنا.. وكنا لا نريد أن أن نضع فيما سنقدمه لعرضه علي الرأي العام أي شيء يعرض حياة عملائنا للخطر ، أو يعرقل استمرار تدفق المعلومات الثمينة من جانب مصادرنا. ولم يكن ما قاله جون جديداً بالنسبة لأي شخص كان يحضر ذلك الاجتماع.
وربما كان الأمر الذي لم يكن من الممكن تفاديه ، في ضوء سقف التوقعات العالي للحاضرين هو ان عرض جون لم يحظ في بداياته بترحيبهم.. هذه هي اللقطة الأولي " قطع " ، ومع مواصلة جون لعرضه بدأوا يتحولون إلي وجوه مكفهرة وعليها علامات الغيظ الشديد.. فقد كان ما قدمناه لا يناسب ذلك العرض المطلوب من جانبنا لتقدمه إدارة بوش للشعب الأمريكي لإقناعه بحتمية الحرب ، وكسب تأييد لها.. ذلك العرض الذي كان البيت الأبيض يبحث عنه ن وينتظر منا تقديمه !!
غضبوا لأننا لم نقدم لهم ما يكفي لإقناع الشعب بالحرب فطالب
بوش بإضافة بعض البهارات حتى يستسيغ الأمريكيون الطبخة !!

وقد شعرت بخيبة الأمل لأنه كان بإمكاننا تضمين بعض المعلومات التي وردت بتقديرات المخابرات القومية في عرضنا ، وأيضاً شعرت أننا أضعنا وقت الرئيس في تكرار ما قدمناه إليه من قبل بالفعل !
ومع ذلك ، فقد حيا الرئيس بوش جون علي عرضه ، قائلا : " حسناً.. بروفة جيدة ".. ولكنه أردف قائلاً : " ولكن ما سمعته لتوي لا يحتمل أن يستميل الرأي العام ويمكننا أن نضيف بعض التوابل للعرض بإحضار بعض المحامين المتمرسين في عرض القضايا بطرق ينجحون معها في استمالة المحلفين.
العجيب أن أحداً من الحاضرين لم يطلب منا في أي لحظة أثناء الاجتماع جمع المزيد من المعلومات للتأكد مما إذا كانت هناك فعلاً أسلحة دمار شامل لدي صدام من عدمه !!.. وكما قلت ، كان كل من بالاجتماع يعتقد بأن صدام يمتلك فعلاً هذه الأسلحة.
وقد ينتقدنا البعض لأننا شاركنا في هذا الاجتماع الهادف لصياغة قضية لتسويقها للأمريكيين ، ولكننا مع ذلك كنا حريصين علي أن تكون معلوماتنا في هذا العرض متفقة مع ما نعتقد في صحته ، ولا تتضمن الكشف عن معلومات أو مصادر حساسة.
أردت بعبارة Slam Dunk التأكيد علي إضافة معلومات تدعم ما نقوله..
و لكنهم روجوا له كتأكيد مني على امتلاك صدام لأسلحة دمار ومبررا لحربهم !!
ولهذا الهدف فقد قلت عندما سئلت عما إذا كانت لدينا معلومات إضافية أخرى لم نضمنها عرضنا ، وكنت واثقاً من أن لدينا بالفعل ، فقلت أن بإمكاننا الكشف عن معلومات واتصالات وإشارات اعترضناها وصور التقتطها أقمارنا الاصطناعية وتقارير من مصادر لمساعدة الرأي العام لفهم ما نعتقد في صحته.
وببساطة ، فإنني لو كنت قد قلت " أنا متأكد أننا نستطيع تقديم عرض أفضل " لما كتبت هذا الفصل من كتابي ، وربما ما كتبت الكتاب بأكمله. ولكن وبدلاً من ذلك أبلغت الرئيس بوش أن تعزيز العرض ببعض المعلومات في نفس الإطار الذي يرتكز عليه عرضنا هو Slam Dunk" " أي مسألة مضمونة بمعني سنفعل ذلك فعلاً. ولكن هذه العبارة سلخت – فيما بعد – من سياقها هذا بالكامل ، وأصبحت لعنة تطاردني - علي الدوام - منذ أول مرة ظهرت فيها بكتاب بوب وودوارد "خطة هجوم" !
bob_wood.jpg

ولكن من روي هذا المشهد – فيما بعد – لبوب وودوارد ليضمنه كتابه رسم صورة كاريكاتيرية تثير السخرية لشخصي في الاجتماع ، كأحمق ينهض ، ويلوح بيديه في الهواء ، ويقول تلك الكلمتين ، تأكيداً منه علي امتلاك صدام اسلحة دمار وأن إدانته بهذه التهمة " ضربة مضمونة ، أو مسألة منتهية" ، وأن إدارة بوش تبنت " خيار" الذهاب إلى الحرب اتكاء على عبارة "سلام دانك" التي تشير إلي معلومات استخباراتية قدمها تينيت مدير " سي. آي. إيه " ، وهي المعلومات التي تبين لاحقاً بأنها خاطئة ، عندما لم يعثر الأمريكيون علي أية أسلحة دمار عراقية.
كذبوا وصورونـي لـ وودوارد كأحمق يخبط بيديه الهواء اسألوا ماجلوغلين !!
الكل يعرف أنني لم أمثل " بانتومايم الباسكتبول " هذا الذي مرروه لوودوارد !!
وبغض النظر عن المصدر الذي استقى منه وودوارد معلوماته التي جعلتني أبدو أحمق ، وبغض النظر عما إذا كان هذا المصدر رجلاً أم إمرأة ، إلا أن ما تفوها له به ليست له أية مصداقية ، كما أنه لا يلتزم الحقيقة.
وعلى الرغم من أنني غالباً ما أحتد أو انهض من مكاني أثناء حديثي ملوحاً بيدي ، إلا أنني وكذلك جون ماجلوغلين نعرف يقيناً أن بانتومايم الباسكتبول هذا لم يحدث.
وأنا هنا لا أنفي أنني تفوهت بعبارة " الضربة المضمونة " أو أنني كان لدي اعتقاد قوي بوجود أسلحة دمار لدى صدام ، ولكن العبارة من وجهة نظري قد أسيء استخدامها دولياً ، ومن هنا أسيء فهمي بالكامل من جانب الرأي العام وعلى أوسع نطاق !
وراجعت أنا وجون ما جرى ، وسألنا ضابط آخر في " سي. آي. إيه " كان يجلس بجواري بالمكتب البيضاوى أثناء الاجتماع في ذاك الصباح ، والذي كان يرافقني إلي اجتماعي الصباحي مع الرئيس لتقديم الموجز الاستخباراتي علي مدى ما يقرب من ثلاث سنوات. قال هذا الضابط : أتذكر أنك قلت " سلام دانك " ولم تفعل أي شيء آخر ، وكان تعقيبا سريعا مر مرور الكرام ".
و قال الضابط: عندما نقارن بين ما جرى بالضبط وما تم تصويره سنجد أن الأمر برمته لا علاقة له بما صوروه ، وما قالوه من أنك ما إن نطقت بالعبارة حتى شعروا جميعاً بالارتياح إزاء ما قدمناه ، وقالوا إذن دعونا نذهب للحرب ، ليس بصحيح علي الإطلاق ".
أنصح أي مدير مخابرات جديد بتحري الدقة في لغته مع الرئيس
و أن يتوقع تسريب وتحريف ما يقوله في الاجتماعات المغلقة !!
وأريد هنا أن أنصح أي مدير مخابرات يشغل مكاني في المستقبل ويطمح في أن يشارك في اجتماع للإدارة ، علي مستو عال كهذا ، وأقول له : أولاً لا تبتعد أبداً عن الأضواء لأن ما ستقوله في الاجتماعات المغلقة سيتم تسريبه وتحويره وتحريفه ليُستخدم ضدك وعندما تحاول تصحيح الصورة يكون الوقت قد فات والصورة المسيئة قد ترسخت في الأذهان. وهذا ما جرت عليه الأمور وما زالت تجري في واشنطون !
ثانياً: في منصب كالذي شغلته ، أنت تدين للرئيس بتحري الدقة في لغتك معه ، وأنا لم أفعل هذا معه ، لأن تعبيرا عفويا كالذي قلته تم تحريفه وسلخه من سياقه لتحويل اللوم علي حرب العراق من إدارة بوش إلي سي. آي. إيه بصفة عامة ، وشخصي علي وجه الخصوص.
ثالثاً: أنصح مدراء الوكالة في المستقبل بتوخي الحيطة والحذر من الأفخاخ التي قد ينصبها لهم صانعي السياسة فيما يتعلق بما يقدموه من معلومات استخباراتية تتعلق بسياساتهم.
وأستطيع أن أقول – وبأمانة – أننا كنا نسعي علي الدوام لتقديم أفضل استنتاجاتنا وأحكامنا للرئيس ، ولم نتجاوز أبداً استنتاجاتنا وأحكامنا ، لتبرير سياسة معينة ، وأن كل من يحاول القول أو الترويج لما مفاده أننا كنا نبلغ الرئيس بما يريد أن يسمعه هو علي خطأ.
paul-tenet.jpg

هذا ما أريد قوله في هذا الصدد ، وأضيف بأنني وكذلك الرئيس نشترك في تفوهنا أحياناً بكلمات عفوية مثل تعبيره " أحضروهم إلي هنا " في إشارته لمدبري هجمات سبتمبر ، أو تعبيري " الضربة المضمونة " واعتقد أن الرئيس يعرف أنني كذلك ، بالضبط كما أعرف أنه كذلك !
وبعد أن تدهور الموقف الأمني في العراق منذ نهاية عام 2003 ، ومع ازدياد حدته ، وبدلا من اعترافهم بمسئوليتهم عما يجري ، راح أعضاء إدارة بوش يرددون علي الدوام هذه العبارة : " لا تلومونا.. صبوا لومكم علي جورج تينيت ووكالته الذين جرونا إلي هذا المستنقع " ، ولا يزال أعضاء بعينهم في إدارة بوش حتى يومنا هذا يرددون عبارة " سلام دانك "
ففي برنامج " واجه الصحافة "في العاشر من سبتمبر عام 2006 ، رد ديك تشيني نائب الرئيس علي سؤال لمقدم الحلقة تيم روسيرت عن سبب الحرب بالإشارة إلي عبارتي " سلام دانك " ولم يقلها مرة واحدة ، وإنما مرتين. وتخيل أنك كنت في حاجة لمجرد عبارة كي تتخذ قرارك بالذهاب للحرب !!
وعودة إلي بوب وودوارد أقول إن البيت الأبيض كان قد طلب من " سي. أي. آيه " في بداية حرب العراق التعاون مع وودوارد لإعداد كتابه هذا الذي أساء إلي فيه بسبب معلومات خاطئة تم تسريبها عمداً إليه !!
وكنا قد قدمنا بعض المعلومات لوودوارد أثناء إعداده كتابه السابق" بوش في حالة حرب " ، وبناء علي طلب البيت الأبيض أيضاً.
ولكن نظراً لانشغالنا في تلك الفترة بالحرب في أفغانستان وحرب العراق مستمرة ومعها البحث عن أسلحة دمار صدام ، فقد اعتذرنا عن مساعدة وودوارد ، ولكن البيت الأبيض كتب لنا : نحن نتعاون تعاوناً مع وودوارد ونود أن تحذو " سي. آي. إيه " حذونا ".
وقد نقل وودوارد فيما بعد قول الرئيس بوش له : " لقد كان تعليقك في كتابك علي " سلام دانك " لحظة مهمة للغاية ". وإنني لأشك فعلاً في أن يكون الرئيس بوش قد أعلن الحرب بسبب تعبيري ، او أن يكون هذا التعبير قد أضفى شرعية على قرار الحرب وتوقيتها !
والاحتمال الأكبر هو أن يكون مساعدو بوش الذين سربوا التعبير المحرف إلي وودوارد هم الذين أعدوا المقابلة الصحفية التي أجراها وودوارد مع بوش !
و قد تحدثت مع وودوارد عدة مرات منذ صدور كتابه ، وهو بالطبع لا يعتقد في أنه قد استغل الأمر ضدي ، أو أنه لم يكن منصفاً معي.. ولكنه قال إن تعبيري " سلام دانك " لم يكن بالأهمية القصوى التي صوره البعض بها.
ولكن عندما ظهر وودوارد علي شاشة التليفزيون في عام 2005 ليدافع عن نفسه ضد اتهامه بأنه لم يعترف بحقيقة الدور الذي لعبه في قضية تسريب اسم عميلة المخابرات المركزية ، قال إنه كان منشغلاً جداً في عام 2003 بالعمل في إعداد كتابه " خطة هجوم " ويحاول استكشاف " مادة مهمة عن سلام دانك " !
و قال إن سلام دانك كانت الأساس الذي بنى عليه بوش وبطريقة لا تصدق قراره الحاسم هو ووزارة حربه وبناء عليه قمنا بغزو العراق !
ولدي تعقيب من كلمتين علي كلام وودوارد هذ.. الكلمة الأولي هي " Bull….. " – كلام...... " !!
انتظرونا غدا مع الحلقة القادمة.
 
عودة
أعلى