قادش واول معاهدة سلام في التاريخ
الموقع الجغرافي لقادش:
تقع "قادش" على بعد30 كم جنوب غربي "حمص" فوق تل اصطناعي جرت قربه معركة "قادش" الشهيرة بين "رمسيس الثاني" فرعون مصر وبين "الحثيين"، وفي المنطقة كثير من الآثار "الحثية والرومانية والفرعونية المصرية" تدل على ذلك.
"قادش" المطلة على ربوة عالية، الواقعة بين "نهر العاصي" وبين رافد آخر يجري من الغرب ويصب في "نهر العاصي" نفسه شمال غربي المدينة
كان أهالي المدينة في ذلك الزمن البعيد، قد شقوا قناة صناعية عرضية من ذلك الرافد لتصب في النهر جنوبي المدينة، ولتتحول "قادش" إلى جزيرة محمية يصعب اقتحامها، وكانت المدينة تستمد أهميتها السياسية والاستراتيجية أيضاً لكونها متاخمة لإقليم البقاع، لذلك كانت المعبر بين الشمال والجنوب.
هذا التل من أهم المواقع الأثرية القديمة في القطر العربي السوري، فهو يضم آثار عدة حضارات متعاقبة، يعود أقدم ما اكتشف منها حتى الآن إلى الألف الرابعة قبل الميلاد، حيث ورد ذكره في مراسلات "تل العمارنة" في زمن الإمبراطورية المصرية الحديثة في "عصر رمسيس الثاني" تحت اسم مدينة "قادش"، وكان لهذه المدينة أهميتها في العصر الآرامي، كما ازدهرت في العصر الروماني تحت اسم "لاوديسا".
من هم الحيثيون
الحيثيين :
هم شعب قديم بآسيا الصغرى وشمال سوريا ، ويرجع نسبه إلى قبيلة من قبائل الأناضول تعرف باسم ختى ..وكانوا يسمون بلادهم في أيام المملكة الثانية باسم بلاد خاطى أو حاطى أو خاتي وشملت مملكتهم الأناضول وجزءا كبيرا من شمال غرب الهلال الخصيب . امتزج الحيثيون قديما بالشعب الهندي - الأوروبي وازدهروا ( 2000-1200 ق.م ) و أنشأوا دولة قوية عاصمتها هاتوشا في مكان بوغار، كوى الحالية- بوغازكوي - ( على بعد 144 كم من أنقرة ) حيث كشف التنقيب عن أكبر مجموعة من الوثائق الحيثية ، تمثل محفوظات دولتهم ، وتتألف من أكثر من 10000 لوح فخاري جمعها ملوكهم ( حوالي 1300 ق.م ) مكتوبة بالمسمارية كما كتب بعضها بالهيروغليفية وتظهر مواهبهم الفنية في نقوشهم وأختامهم ، كما يظهر فيها التأثير البابلي والآشوري .
من المصادر البابلية والآشورية والمصرية عرفت بعض الحقائق الهامة عن تاريخ الحيثيين ففي حوالي 1800 ق.م حكم الحيثيون امبراطورية كان مركزها كابدوكية ، واستطاع ملكهم مرشلش الأول أن ينهب مدينة بابل ، فتغلب بذلك على أسرة حمورابي ومن 1400 ق.م كانت الأمبراطورية الحيثية هي مركز القوة في آسيا وفي 1290 ق.م اشتبك الحيثيون في معارك مع الحوري - ميتانيين مما أدى لسقوط دولة الميتانيين وبقاء الحثيين والمصريين في ساحة الصراع تلا ذلك اشتباك بين الحثيين والمصريين الذين كانوا بزعامة رمسيس الثاني عند قادش (معركة قادش)، انتهت بتوقيع اتفاقية بين الطرفين ،وتزوج رمسيس الثاني من أميرة حيثية بعد ذلك.
سقطت الامبراطورية الحيثية بعد موجة شعوب البحر التي زحفت باتجاه المنطقة في أواخر القرن الثاني عشر ق.م ثم قامت على أنقاضها ممالك صغيرة من مراكزها قرقنيش وحلب وحماة.
خلفيه المعركه التاريخيه
بدأ انحسار النفوذ المصري في غرب آسيا في عصر اواخر ملوك الاسره الثامنة عشر كنيجة مباشره للاضطرابات التي خلفتها ثورة إخناتون الدينيه في الداخل (مما جعل الحيثيون يستغلون هذه الاضطرابات لكي يقوموا بقيادة تحالف ضد مصر ،ونجاحهم في ذلك, وبالتالي فقدان مصر للكثير من مناطق نفوذها في اسيا الغربيه ،وذلك دون ان يتحرك الملك اخناتون لتلبية طلبات النجده التي كان يرسلها اليه امراء المدن الاسيويه الموالين لمصر فيما عرف برسائل تل العمارنة.
وبعد وفاة الملك اخناتون وفشل ثورته الدينيه والعودة الي عبادة الالهه التقليديه لمصر والاله امون مره اخري ،وتولي الملك حور محب عرش مصر في نهاية الامر(والذي يعتبر آخر فراعنة الاسره الثامنة عشرالذي قام بتنظيم الشؤون الداخليه لمصر,والذي توفي دون وريث بعد ان نجح في اعادة الامن الي البلاد)تولي عرش مصر أحد قادة الجيش وهو رمسيس الأول مؤسسا بذلك الاسرة التاسعة عشر. وقد أخذ ملوك هذه الاسره علي عاتقهم استعادة النفوذ المصري في آسيا مرة اخري ، فبعد وفاة الفرعون رمسيس الاول بعد سنتين من الحكم, بدأ ابنه وخليفته سيتي الاول حملاته العسكريه ضد الحيثيين ،حيث كان يرمي الي اعادة النفوذ المصري في آسيا إلى ما كان عليه في عهد الفرعون تحتمس الثالث
في عصر الاسره الثامنة عشر, وبالفعل نجح سيتي الاول بعد عدة حملات عسكريه ناجحه في اعادة بسط النفوذ المصري في غرب الهلال الخصيب وتقابل مع جيوش الحيثيين بالقرب من قادش وانتهت بالصلح (كما ذكر في نقوشه علي جدران معبد الكرنك),وقد فضل سيتي الاول الوقوف عند هذا الحد ، و ربما قام بتوقيع معاهدة مع الحيثيين ،ومات بعد 14 عاما من الحكم ،وتولي من بعده ابنه رمسيس الثاني.
حملة قادش
خرج رمسيس الثاني بجيوشه من قلعة ثارو الحدوديه وذلك في ربيع العام الخامس من حكمه.وبعد مرور شهر وصل بجيوشه الي مشارف مدينة قادش عند ملتقي نهر العاصي باحد فروعه. وكان الجيش المصري يتكون من اربع فيالق وهي فيالق آمون ورع وبتاح وست وهي أسماء آلهة مصر الكبرى, بينما كان الملك مواتللي ملك الحيثيين قد حشد جيشا قويا بالاضافة الي جيوش حلفائه (ومن بينهم ريميشارينا أمير حلب), واتخذ من قادش القديمه مركزا لجيوشه.
خريطة عامة للمنطقة
وقد شن الفرعون رمسيس الثاني حملته الاولي في العام الرابع من حكمه وعبر فيه فلسطين ووصل بجيوشه الي نهر ال*** (بالقرب من بيروت) حيث اقام لوحة تذكارية هناك ،واستعاد مقاطعة أمورو من الحيثيين. وبغرض السيطرة على سوريا تحرك الملك رمسيس الثاني بجيوشه في العام الخامس من حكمه ،وتابع تقدمه شمالا وتواجه مع جيوش الحيثيين عند مدينة قادش علي نهر العاصي قرب مدينة حمص.
المعركة
فيما كان رمسيس معسكرا بجيشه بالقرب من قادش (التي كانت علي مسيرة يوم واحد),اذ دخل معسكره اثنان من الشاسو (البدو) ادعيا انهما فارين من جيش الملك الحيثي ،واظهرا الولاء للفرعون الذي اسلمهما بدوره الي رجاله ليستجوبوهما عن مكان جيوش الحيثيين ، فاخبرا الفرعون بان ملك الحيثيين ما ان سمع بمقدم الفرعون حتي ارتعد وتقهقر بجيوشه الي حلب في الشمال .
وفي الواقع لم يكن هذين الشاسو غير جاسوسين ، وعلى اساس هذه الاخبار وبدون التأكد من صحتها
ما أدى على ما يبدو ,وبسذاجة من رمسيس العظيم الى الاعتقاد بأن جيش الحيثيين يبعد عنه عددا من الأميال إلى الشمال. لذلك
اسرع الملك رمسيس علي رأس فيلق امون وعبرنهر العاصي (Arnath) , ثم سار الي مرتفع شمال غربي قادش وأقام معسكره هناك في انتظار وصول باقي الجيش ليتابع السير في اثر جيش خيتا الذي كان يظن انه في الشمال حسب ما أخبره الجاسوسان,
خط تقدم القوات
وفي هذه الاثناء قبض جيشه علي اثنين من جنود العدو الكشافه اللذان استخلصوا منهما الحقيقه وهي ان الحيثيين كانوا كامنين في قادش وان العدو كان في طريقه لعبور نهر العاصي و مفاجئة الجيش المصري.وبالتالي حصاره
....
المهم هنا يوجد لدينا ثلاث روايات وسنكتفي برواية واحدة
في يوم ربيع دافئ في أواخر شهر أبريل من عام 1287 ق.م كان هناك هرج ومرج في مدينة بررعمسيس، فكتائب المشاة تتجمع وفرق العربات الحربية كانت تثير الغبار فيما قوادها يختبرون حماس خيولها المتحفزة، وفتحت مخازن المهمات الحربية لتأخذ كل سرية حاجتها من الدروع والسيوف والخناجر، وتجمع في الأرض الواسعة حول المدينة جيش كبير قوامه عشرون ألف مقاتل مقسمين إلى أربعة فيالق، كل منها باسم أحد الأرباب المصريين الكبار، وقد اختبر أفراد كل فيلق من مكان عبادة هذه الآلهة، فمن طيبة جاء فيلق آمون، ومن منف ومصر الوسطى جاء فيلق (بتاح) ومن عين شمس جنّد فيلق ( رع) ومن بررعمسيس اختير فيلق (ست) كذلك تخير رمسيس الثاني مجموعة من صفوة الشبان الشجعان وسماهم ( فريق الفتوة ) وأمرهم بالتزام خط الساحل واللحاق به عند قادش وحماية ظهر قواته عند الحاجة ويمكن تشبيههم بفرقة صاعقة.
وسار الجيش يقوده رمسيس الثاني بنفسه على رأس فيلق آمون تتبعه الفيالق الثلاث الأخرى، وكما هو مكتوب من وصف المعركة على المعابد:
(بدأ جلالته في السير في السنة الخامسة من حكمه الشهر الثاني من الصيف، اليوم التاسع، وعبر جلالته الحدود عند Sile سيلة، وبدأ قوياً مثل ( منتو) وكانت البلاد الأجنبية ترتجف أمامه، يأتي رؤساؤها بجزاهم، والعصاة خمدوا في أماكنهم خوفاً من قوة جلالته ومر الجيش بغزة وبسرعة عبر أرض كنعان ثم الجليل الأعلى فبحيرة الحولة حيث ينبع نهر الأردن، ثم تابع السير شمالاً في سهل البقاع بين جبال لبنان الشرقية والجبال الغربية وكما كتب عنها: وكانت الجيوش تسير بسهولة كأنها تسير في شوارع مصر ومر على إحدى الحاميات المصرية في وادي الأرز ببلدة كوميدى – المركز الإداري لمقاطعة أوبي (Upi) في جنوب سوريا – وكان قد مضى على خروجه من مصر شهر بالتمام، وسار مخترقاً غابة اللبوة حتى بلغ بلدة شابتوتا ( ربلة الحالية ) على نهر الأورنت (نهر العاصي ) وعسكر على ربوة تشرف على الوادي الفسيح التي تقع مدينة قادش في شماله على مسيرة يوم واحد.
وبعد وصوله هناك دخل معكسره اثنان من الشاسو ( البدو) وادّعيا أنهما يتكلمان باسم إخوانهم رؤساء قبائل البدو وأنهم يعرضون الولاء والتحالف مع مصر بدلاً من الاستعباد الحثي، وأسلمها لرجاله فاستجوبوهما عن مكان جيوش الحثيين فأخبراهم أن حاكم خاتى ما إن سمع بمقدم فرعون حتى ارتعد وتقهقر بجيوشه إلى ما حول حلب في الشمال.
وكان هذا النبأ مفرحاً للفرعون ولاعتقاده الشديد في قوة جيشه فقد صدّقه على الفور، ومع أن هذه الأخبار كانت مبهجة أكثر من اللازم بحيث تدعو إلى الارتياب في صحتها وكان الواجب التحقق منها بإرسال العيون وفرق الكشافة، إلا أن رمسيس الثاني وقد ملأه الزهو بنفسه فإنه صدقها، وأسرع على رأس فيلق أمون يعبر مخاضة نهر العاصي إلى السهل الذي تقع في شماله مدينة قادش.
قادش: تقع قادش على الضفة الغربية لنهر العاصي جنوب بحيرة حمص بعدة كيلومترات وهناك رافد لنهر العاصي يجر في الشمال الغربي منها، وكان هذا من أسباب منعتها إذ بشق قناة تصل بين النهرين تصبح قادش وكأنها جزيرة يصعب اقتحامها ومن ثم فإن من يستولي عليها يمكنه التحكم في كل شمال سوريا.
قلنا إن رمسيس الثاني عبر نهر العاصي ثم سار إلى مرتفع شمال غربي قادش وأقام معسكره هناك في انتظار وصول باقي فيالق الجيش ليتابع السير في أثر جيش خيتا الذي كان يظن أنه في الشمال حسب ما أخبره الجاسوسان وهنا نزلت عليه صاعقة من السماء الصافية التي كان يحلق فيها، فقد وقع في أيدي فرق استطلاعه جنديان من جيش العدو كانا في مهمة لاستكشاف موقع جيش المصريين وعدده، وبالضرب استخلصوا منهما الحقيقة وهو أن جيش الحثيين في مكان شرقي قادش وهو في طريقه ليعبر نهر العاصي وأن الجاسوسيين الأولين كانا خدعة من ملك خيتا،
وأدرك رمسيس الثاني هول الكارثة المتوقعة، وراح يوبخ ضباطه على إهمال فرق الاستطلاع وبسرعة أعاد ترتيب الفيلق الذي يرأسه استعداداً لهجوم العدو، كما أرسل الرسل على عجل إلى فيلق بتاح وسوتخ ليسرعا السير، وفي هذه الأثناء كان نصف الجيش الحيثي قد عبر مخاضة نهر العاصي وهاجم فيلق رع بينما الجنود يسيرون في استرخاء غير متوقعين القتال، وتشتت الفيلق ودمر تماماً، ثم تابع جيش خيتا تقدمه حتى أصبح في مواجهة فيلق آمون، وبدأ في مهاجمته ورأى جنود فيلق آمون
بقايا الجنود من فيلق رع يجرون مذعورين تتبعهم عاصفة التراب التي تثيرها عربات العدو وهي تلاحقهم فدب الذعر في قلوبهم ولم يدروا ماذا يفعلون حتى أحاط جنود العدو بهم، ثم اندفعت فرقة من جنود العدو تهاجم الجناح الغربي من الفيلق وهنا أظهر رمسيس الثاني شجاعة فائقة إذا اندفع على عربته وقاتل الفرقة المهاجمة بشراسة اليائس والغاضب من تخاذل قواته ويطوف بذهنه شبح الهزيمة فيعطيه قوة مضاعفة على القتال وبهت ضباط الفرقة المهاجمة من هذه الشجاعة وقدروا أن كل جنوده سيحاربون مثله فضعفت عزيمتهم وارتبكوا،
وفي نفس هذه اللحظة كان فريق الفتوة قد وصل من الغرب وبدأ في مهاجمة العدو من الخلف وظن الحثيين أن فريق الفتوة قد وصل من الغرب وبدأ في مهاجمة العدو من الخلف وظن الحيثيون أن فريق الفتوة هذا مقدمة جيش كبير فتخاذلوا في القتال كما أن الغبار الذي كان يثيره فيلق ( بتاح ) بدأ يظهر في الأفق من ناحية الجنوب، وشدد رمسيس الثاني عليهم القتال ففروا هاربين عبر النهر يلقون أنفسهم فيه طلباً للنجاة وكان من بين من ألقوا بأنفسهم فيه أمير حلب الذي لم يكن يحسن السباحة فابتلع كمية كبيرة من المياه وتم إنقاذه، وهناك رسم يصور جندوه وقد أمسكوه من رجليه مقلوباً لإفراغ ما في جوفه من مياه.
رمسيس الثاني يهزم الحيثيين، ويرى ملك حلب مقلوباً ( مشار إلهي بعلامة X ) ويحاول رجاله تفريغ ما ابتلعه من ماx
ووصل فيلق (بتاح ) أرض المعركة وبدأ يشترك في المطاردة وفي جمع الأسرى، وذهل ملك خيتا لما آلت إليه نتيجة المعركة مع أن جزءاً كبيراً من جيشه كان لا يزال في الشرق ولم يشترك في المعركة ولو تقدم واشترك فيها لكان النصر حليفه ولكن ملك خيتا ارتد بباقي جيشه لما رأى فرار جنوده وأرسل يطلب وقف القتال والصلح وكان التعب قد حل بجيش رمسيس أيضاً فقبل الصلح.
المهم أن رمسيس الثاني في هذه المعركة خدع خدعة كبيرة كلفته فيلق رع بأكمله، كما فقد فيلق آمون عدداً كبيراً من الجنود، ولم يتمكن رمسيس الثاني من النصر الذي كان يرجوه، وكل ما حصل عليه هو وقف القتال وبقاء الحال كما هو. إذ لم يتمكن من الاستياء على قادش ولا على أرض أمورو، ولعله في قرارة نفسه أضمر أن يحقق ذلك في معركة أخرى في المستقبل، وبدأت مسيرة العودة إلى أرض الوطن... وأخيراً وصل في عربته اللامعة يتبعه طابور طويل من الأسرى ليدخل السرور على شعبه !
رمسيس الثاني يقوم بقتل أحد الأسرى بالبلطة
بعد عودة رمسيس الثاني أحكم مواتاليس ملك خيتا القبضة على قادش، واتجه غرباً نحو أرض أمورو وعزل أمريها ونصل مكانه أميراً مواليا له، واتجه جنوباً نحو دمشق وجعل من هذه المنطقة أرضاً محايدة بينه وبين مصر وكانت من قبل في حوزة مصر، أي أن النتيجة النهائية كانت في صالح خيتا، ولكن فرحة ملك خيتا لم تدم، إذ انتهز ملك آشور الظروف واستولى على مملكة ميتاني في الفرات الأعلى والتي كانت موالية لملك خيتا وأمدته بجنود في معركته مع رمسيس الثاني.
قلنا إن رمسيس الثاني قَبِل الصلح مع ملك خيتا وعاد إلى مصر يسوق بعض الأسرى، وقد أكثر رمسيس الثاني من تسجيل وصف هذه المعركة في عدة أماكن على الآثار، لنلحظ أنه في كل الكتابات التي أمر بها عن المعركة أرجع الفضل في الانتصار في المعركة لشجاعته ورباطة جأشه وجاء في بعضها مبالغات تبعد كثيراً عن الحقيقة ولا يقبلها العقل ولعل هذه البطولة التي نسبها لنفسه جعلته يشعر أنه فعلاً فوق مستوى البشر وأنه يقرب من مستوى الآلهة، الأمر الذي أدى به فيما بعد إلى أن يدعي الألوهية.
وفيما يلي بعض الأماكن التي سجل عليها وصف هذه المعركة:
ورسم النقوش على معبد الأقصر تصور معركة قادش.
سجل أسفل يظهر رمسيس الثاني بمفرده يقاتل الاعداء
1- على الجدار الغربي الخارجي من ردهة أمنحتب الثالث في معبد الأقصر.
2- على الجدار الجنوبي الشرقي لردهة رمسيس الثاني في معبد الأقصر.
3- على بوابة معبد الأقصر.
4- على الجدار الغربي لمعبد العرابة المدفونة.
5- على البوابة الأولى لمعبد الرمسيوم.
6- على الجدار الشمالي للردهة الثانية في معبد الرمسيوم.
7- على الجدار الشمالي لمعبد أبو سميل سجّل ما يسمى بأنشودة معركة قادش.
8- برديتي ( ريفا ) و(سالييه).
في يوم ربيع دافئ في أواخر شهر أبريل من عام 1287 ق.م كان هناك هرج ومرج في مدينة بررعمسيس، فكتائب المشاة تتجمع وفرق العربات الحربية كانت تثير الغبار فيما قوادها يختبرون حماس خيولها المتحفزة، وفتحت مخازن المهمات الحربية لتأخذ كل سرية حاجتها من الدروع والسيوف والخناجر، وتجمع في الأرض الواسعة حول المدينة جيش كبير قوامه عشرون ألف مقاتل مقسمين إلى أربعة فيالق، كل منها باسم أحد الأرباب المصريين الكبار، وقد اختبر أفراد كل فيلق من مكان عبادة هذه الآلهة، فمن طيبة جاء فيلق آمون، ومن منف ومصر الوسطى جاء فيلق (بتاح) ومن عين شمس جنّد فيلق ( رع) ومن بررعمسيس اختير فيلق (ست) كذلك تخير رمسيس الثاني مجموعة من صفوة الشبان الشجعان وسماهم ( فريق الفتوة ) وأمرهم بالتزام خط الساحل واللحاق به عند قادش وحماية ظهر قواته عند الحاجة ويمكن تشبيههم بفرقة صاعقة.
وسار الجيش يقوده رمسيس الثاني بنفسه على رأس فيلق آمون تتبعه الفيالق الثلاث الأخرى، وكما هو مكتوب من وصف المعركة على المعابد:
(بدأ جلالته في السير في السنة الخامسة من حكمه الشهر الثاني من الصيف، اليوم التاسع، وعبر جلالته الحدود عند Sile سيلة، وبدأ قوياً مثل ( منتو) وكانت البلاد الأجنبية ترتجف أمامه، يأتي رؤساؤها بجزاهم، والعصاة خمدوا في أماكنهم خوفاً من قوة جلالته ومر الجيش بغزة وبسرعة عبر أرض كنعان ثم الجليل الأعلى فبحيرة الحولة حيث ينبع نهر الأردن، ثم تابع السير شمالاً في سهل البقاع بين جبال لبنان الشرقية والجبال الغربية وكما كتب عنها: وكانت الجيوش تسير بسهولة كأنها تسير في شوارع مصر ومر على إحدى الحاميات المصرية في وادي الأرز ببلدة كوميدى – المركز الإداري لمقاطعة أوبي (Upi) في جنوب سوريا – وكان قد مضى على خروجه من مصر شهر بالتمام، وسار مخترقاً غابة اللبوة حتى بلغ بلدة شابتوتا ( ربلة الحالية ) على نهر الأورنت (نهر العاصي ) وعسكر على ربوة تشرف على الوادي الفسيح التي تقع مدينة قادش في شماله على مسيرة يوم واحد.
وبعد وصوله هناك دخل معكسره اثنان من الشاسو ( البدو) وادّعيا أنهما يتكلمان باسم إخوانهم رؤساء قبائل البدو وأنهم يعرضون الولاء والتحالف مع مصر بدلاً من الاستعباد الحثي، وأسلمها لرجاله فاستجوبوهما عن مكان جيوش الحثيين فأخبراهم أن حاكم خاتى ما إن سمع بمقدم فرعون حتى ارتعد وتقهقر بجيوشه إلى ما حول حلب في الشمال.
وكان هذا النبأ مفرحاً للفرعون ولاعتقاده الشديد في قوة جيشه فقد صدّقه على الفور، ومع أن هذه الأخبار كانت مبهجة أكثر من اللازم بحيث تدعو إلى الارتياب في صحتها وكان الواجب التحقق منها بإرسال العيون وفرق الكشافة، إلا أن رمسيس الثاني وقد ملأه الزهو بنفسه فإنه صدقها، وأسرع على رأس فيلق أمون يعبر مخاضة نهر العاصي إلى السهل الذي تقع في شماله مدينة قادش.
قادش: تقع قادش على الضفة الغربية لنهر العاصي جنوب بحيرة حمص بعدة كيلومترات وهناك رافد لنهر العاصي يجر في الشمال الغربي منها، وكان هذا من أسباب منعتها إذ بشق قناة تصل بين النهرين تصبح قادش وكأنها جزيرة يصعب اقتحامها ومن ثم فإن من يستولي عليها يمكنه التحكم في كل شمال سوريا.
قلنا إن رمسيس الثاني عبر نهر العاصي ثم سار إلى مرتفع شمال غربي قادش وأقام معسكره هناك في انتظار وصول باقي فيالق الجيش ليتابع السير في أثر جيش خيتا الذي كان يظن أنه في الشمال حسب ما أخبره الجاسوسان وهنا نزلت عليه صاعقة من السماء الصافية التي كان يحلق فيها، فقد وقع في أيدي فرق استطلاعه جنديان من جيش العدو كانا في مهمة لاستكشاف موقع جيش المصريين وعدده، وبالضرب استخلصوا منهما الحقيقة وهو أن جيش الحثيين في مكان شرقي قادش وهو في طريقه ليعبر نهر العاصي وأن الجاسوسيين الأولين كانا خدعة من ملك خيتا،
وأدرك رمسيس الثاني هول الكارثة المتوقعة، وراح يوبخ ضباطه على إهمال فرق الاستطلاع وبسرعة أعاد ترتيب الفيلق الذي يرأسه استعداداً لهجوم العدو، كما أرسل الرسل على عجل إلى فيلق بتاح وسوتخ ليسرعا السير، وفي هذه الأثناء كان نصف الجيش الحيثي قد عبر مخاضة نهر العاصي وهاجم فيلق رع بينما الجنود يسيرون في استرخاء غير متوقعين القتال، وتشتت الفيلق ودمر تماماً، ثم تابع جيش خيتا تقدمه حتى أصبح في مواجهة فيلق آمون، وبدأ في مهاجمته ورأى جنود فيلق آمون
بقايا الجنود من فيلق رع يجرون مذعورين تتبعهم عاصفة التراب التي تثيرها عربات العدو وهي تلاحقهم فدب الذعر في قلوبهم ولم يدروا ماذا يفعلون حتى أحاط جنود العدو بهم، ثم اندفعت فرقة من جنود العدو تهاجم الجناح الغربي من الفيلق وهنا أظهر رمسيس الثاني شجاعة فائقة إذا اندفع على عربته وقاتل الفرقة المهاجمة بشراسة اليائس والغاضب من تخاذل قواته ويطوف بذهنه شبح الهزيمة فيعطيه قوة مضاعفة على القتال وبهت ضباط الفرقة المهاجمة من هذه الشجاعة وقدروا أن كل جنوده سيحاربون مثله فضعفت عزيمتهم وارتبكوا،
وفي نفس هذه اللحظة كان فريق الفتوة قد وصل من الغرب وبدأ في مهاجمة العدو من الخلف وظن الحثيين أن فريق الفتوة قد وصل من الغرب وبدأ في مهاجمة العدو من الخلف وظن الحيثيون أن فريق الفتوة هذا مقدمة جيش كبير فتخاذلوا في القتال كما أن الغبار الذي كان يثيره فيلق ( بتاح ) بدأ يظهر في الأفق من ناحية الجنوب، وشدد رمسيس الثاني عليهم القتال ففروا هاربين عبر النهر يلقون أنفسهم فيه طلباً للنجاة وكان من بين من ألقوا بأنفسهم فيه أمير حلب الذي لم يكن يحسن السباحة فابتلع كمية كبيرة من المياه وتم إنقاذه، وهناك رسم يصور جندوه وقد أمسكوه من رجليه مقلوباً لإفراغ ما في جوفه من مياه.
رمسيس الثاني يهزم الحيثيين، ويرى ملك حلب مقلوباً ( مشار إلهي بعلامة X ) ويحاول رجاله تفريغ ما ابتلعه من ماx
ووصل فيلق (بتاح ) أرض المعركة وبدأ يشترك في المطاردة وفي جمع الأسرى، وذهل ملك خيتا لما آلت إليه نتيجة المعركة مع أن جزءاً كبيراً من جيشه كان لا يزال في الشرق ولم يشترك في المعركة ولو تقدم واشترك فيها لكان النصر حليفه ولكن ملك خيتا ارتد بباقي جيشه لما رأى فرار جنوده وأرسل يطلب وقف القتال والصلح وكان التعب قد حل بجيش رمسيس أيضاً فقبل الصلح.
المهم أن رمسيس الثاني في هذه المعركة خدع خدعة كبيرة كلفته فيلق رع بأكمله، كما فقد فيلق آمون عدداً كبيراً من الجنود، ولم يتمكن رمسيس الثاني من النصر الذي كان يرجوه، وكل ما حصل عليه هو وقف القتال وبقاء الحال كما هو. إذ لم يتمكن من الاستياء على قادش ولا على أرض أمورو، ولعله في قرارة نفسه أضمر أن يحقق ذلك في معركة أخرى في المستقبل، وبدأت مسيرة العودة إلى أرض الوطن... وأخيراً وصل في عربته اللامعة يتبعه طابور طويل من الأسرى ليدخل السرور على شعبه !
رمسيس الثاني يقوم بقتل أحد الأسرى بالبلطة
بعد عودة رمسيس الثاني أحكم مواتاليس ملك خيتا القبضة على قادش، واتجه غرباً نحو أرض أمورو وعزل أمريها ونصل مكانه أميراً مواليا له، واتجه جنوباً نحو دمشق وجعل من هذه المنطقة أرضاً محايدة بينه وبين مصر وكانت من قبل في حوزة مصر، أي أن النتيجة النهائية كانت في صالح خيتا، ولكن فرحة ملك خيتا لم تدم، إذ انتهز ملك آشور الظروف واستولى على مملكة ميتاني في الفرات الأعلى والتي كانت موالية لملك خيتا وأمدته بجنود في معركته مع رمسيس الثاني.
قلنا إن رمسيس الثاني قَبِل الصلح مع ملك خيتا وعاد إلى مصر يسوق بعض الأسرى، وقد أكثر رمسيس الثاني من تسجيل وصف هذه المعركة في عدة أماكن على الآثار، لنلحظ أنه في كل الكتابات التي أمر بها عن المعركة أرجع الفضل في الانتصار في المعركة لشجاعته ورباطة جأشه وجاء في بعضها مبالغات تبعد كثيراً عن الحقيقة ولا يقبلها العقل ولعل هذه البطولة التي نسبها لنفسه جعلته يشعر أنه فعلاً فوق مستوى البشر وأنه يقرب من مستوى الآلهة، الأمر الذي أدى به فيما بعد إلى أن يدعي الألوهية.
وفيما يلي بعض الأماكن التي سجل عليها وصف هذه المعركة:
ورسم النقوش على معبد الأقصر تصور معركة قادش.
سجل أسفل يظهر رمسيس الثاني بمفرده يقاتل الاعداء
1- على الجدار الغربي الخارجي من ردهة أمنحتب الثالث في معبد الأقصر.
2- على الجدار الجنوبي الشرقي لردهة رمسيس الثاني في معبد الأقصر.
3- على بوابة معبد الأقصر.
4- على الجدار الغربي لمعبد العرابة المدفونة.
5- على البوابة الأولى لمعبد الرمسيوم.
6- على الجدار الشمالي للردهة الثانية في معبد الرمسيوم.
7- على الجدار الشمالي لمعبد أبو سميل سجّل ما يسمى بأنشودة معركة قادش.
8- برديتي ( ريفا ) و(سالييه).
نتائج المعركة
في أعقاب عودة رمسيس الثاني الي مصر احكم مواتللي قبضته علي قادش وجعل أمورو موالية له,وجعل من دمشق منطقة محايده بينه وبين مصر. وقد ذكر الملك مواتللي من ناحيته في وثائق بوغازكوي بان المعركة كانت انتصارا له وان أمورو قد وقعت في أيدي الحيثيين ،بينما ذكر الملك رمسيس الثاني انتصاره في المعركة كذلك, والتي قام بنقش تفاصيلها بالكامل علي جدران معبد الرمسيوم وكذلك معبد الاقصر, بالاضافة الي معبده في أبو سمبل
(علي جداره الشمالي فيما عرف بانشودة معركة قادش)لكن الحيثيين اكدوا انتصارهم في هذه المعركة .
وفي خلال السنوات العشر التي مرت بعد ذلك قام رمسيس بعدة حملات الي آسيا واستولي على دابور بعد حصارها واضطر الحيثيون في النهايه إلى التراجع تاركين أكبر جزء من سوريا دون حماية كافية. وفي أعقاب وفاة مواتللي تولي ابنه الذي كان صغيرا جدا وبعد عدة سنوات من الحكم حل محله عمه الملك خاتوسيل الثالث وانتهز رمسيس هذه الفرصة وتقدم نحو تونيب (في البقاع) واستولي عليها.
وهنا بدأت قوة الآشوريين في الظهور وتهديد مناطق النفوذ المصريه والحيثيه,مما حدا بالطرفين الي توقيع معاهدة سلام بينهما وذلك في العام الحادي والعشرون من حكم الملك رمسيس الثاني(حوالي 1258ق.م)والتي سجلت بالخطين المسماري(علي لوح من الفضه باسم الملك خاتوسيل) والهيروغليفي علي جدران معبدي الكرنك والرامسيوم في طيبه(الاقصر حاليا)في جنوب مصر .
وهنا طبعا لا يجب ان ننسى الاخطاء القاتلة للمصريين الذين اندفعوا بفيلق واحد من اصل اربعة معتمدين على الشائعات مما ادى لخسارة الكثيؤ من المقاتلين
وثانيا خطا الحثيين الذين ظنوا ان المعركة حسمت وارتباكهم وعدم استدعاء بقية قواتهم
وهنا نصل الى نهاية كلامنا
"أوّل معاهدة سلام في التاريخ"
وتعد معاهدة (قادش) اقدم اتفاقية سلام عرفها التاريخ وقد ابرمت بين امبراطوريتي الحثيين والفراعنة المتنازعتين حيث تضمنت بنودا قانونية وعسكرية ودبلوماسية نظمت العلاقات بينهما مع مباركة دينية ولمسة دبلوماسية ماكرة. وحول اهمية هذه المعاهدة التاريخية قال استاذ تاريخ (الحثيين ولغات العهد القديم) في جامعة انقرة البروفسور جيم كاراسو في حديث لوكالة الانباء الكويتية (كونا) انها تعتبر الاساس لجميع المعاهدات التي توالت بعدها على مر 33 عصرا من ابرامها " اذ انها جمعت بين تطبيق القوانين (التشريعات) وضمان حق الشعوب وتأكيد اقامة سلام عادل وشامل وتعزيز اواصر العلاقات العسكرية و الدبلوماسية".
واوضح كاراسو ان المعاهدة وقعت بين الحثيين والفراعنة الذين كانوا في حالة حرب دائمة في الجبهات الشمالية وتحديدا في مدينة قادش قرب محافظة حمص السورية في عام 1296 قبل الميلاد حيث تولى قيادة الحثيين فيها الملك (حاتسولي) فيما تولى قيادة المصريين الفرعون (رعمسيس الثاني).
واضاف ان الروايات اختلفت حول المنتصر في هذه المعركة "بيد ان (رعمسيس الثاني) قد اضطر في نهاية المطاف الى الانسحاب من سورية الشمالية والوسطى حيث توصل الطرفان في عام 1280 قبل الميلاد الى عقد الصلح و توقيع المعاهدة التي نسبت لهذه المعركة".
وقال الاكاديمي التركي ان هذه المعاهدة نقشت على لوائح من الفضة باللغتين الفرعونية الهيروغليفية والبابلية المسمارية و انه عثر عليها اثناء عمليات تنقيب اجريت في شمال الاناضول في مدينة (بوغازكالة) في محافظة تشورم. وذكر كاراسو ان بنود المعاهدة اكدت "اهمية اقامة علاقات جيدة بين الدولتين والسعي الى احلال سلام اساسه احترام سيادة اراضي الدولتين والتعهد بعدم تحضير الجيوش لمهاجمة الطرف الاخر واقامة تحالف وانشاء قوة دفاعية مشتركة واحترام الرسل والمبعوثين بين الدولتين لاهمية دورهم لتفعيل السياسة الخارجية واخيرا اللجوء الى لعنة الالهة كضمانة لهذه المعاهدة و معاقبة الناكث بها".
وأوضح كاراسو ان اهمية هذه المعاهدة تكمن في انها اول معاهدة مكتوبة في التاريخ وقد اتخذت مثالا للمعاهدات التي تلتها في العصور الوسطى لما تضمنه نصها من مقدمات وبنود وخاتمة.
وتعرض هذه المعاهدة حاليا في متحف الاثار في مدينة اسطنبول و توجد نسخة عنها في مقر الامم المتحدة
وهذا برنامج تصويري وشرح لهذه المعركة الهامة التي انتجت اول معاهدة سلام في تاريخ البشر[/CENTER]
http://www.youtube.com/watch?v=FnQ_J29wegU
http://www.youtube.com/watch?v=nK-R5Nz7o5k&feature=related
http://www.youtube.com/watch?v=Kz3DoCjmBMw&feature=related