الإرهاب الأعمى والأردن

FOX_85

عضو
إنضم
13 أغسطس 2008
المشاركات
1,394
التفاعل
721 2 0
الدولة
Jordan
الإرهاب الأعمى والأردن



يوسف ابو الشيح الزعبي

تحاول الجماعات الإرهابية اختراق امن واستقرار الأردن باستمرار، لكن تقف لها بالمرصاد الأجهزة الأمنية الأردنية بجدارة وثبات تام، حيث تتكلل جهود قوات النشامى بالنجاح دوماً من خلال إفشال هذه العمليات وتفكيك الخلايا والعناصر الإرهابية التي تكون عادةً على وشك تنفيذ مخططاتها الهدامة في مختلف أنحاء المملكة.
والإرهاب في بلادنا هو أعمى العيون ومشوّه الفؤاد، فعلى الرغم مما تزعم به الجماعات الإرهابية بأن عملياتها موجهة ضد دبلوماسيين ومواطنين يهود او غربيين أو أمريكيين إلا أن بوصلة الهدف تنحرف دائما لتسفر عن نتائج عكسية ومأساوية بحق المجتمع والأمة، كما حصل ذلك في حادثة تفجير الفنادق الثلاثة وعلى وجه الخصوص في صالة الأفراح بفندق ردسن ساس حيث كان الاستهداف واضحاً ومقصوداً بحق مواطنين أبرياء ليس لهم لا من قريب ولا من بعيد علاقة بالأهداف التي تزعم بها هذه التنظيمات، وقد استشهد في هذا العمل الإرهابي الذي تبناه تنظيم القاعدة اكثر من ستين مواطناً أردنياً أعزل . وكما هو شأن عملية تفجير عبوة ناسفة قبل نحو أسبوعين في منطقة العدسية على طريق البحر الميت التي استهدفت سيارتين دبلوماسيتين تابعتين للسفارة الإسرائيلية لكن في الواقع كاد التفجير ان يوقع ضحايا مواطنين أردنيين أبرياء نتيجة مرورهم بطريقة الصدفة من منطقة التفجير.
وتحاكم حالياً خلية إرهابية من عشرة عناصر تم ضبطها مؤخراً، كانت تنوي ضرب مرافق ومنشآت حيوية وأجنبية في المملكة، فضلاً عن استهدافها حياة ضباط المخابرات والأمن العام وأبنائهم واختطافهم ومقايضة بعض العمليات مقابل الإفراج عن الإرهابية ساجدة الريشاوي إحدى عناصر الخلية الإرهابية المنفذة لتفجيرات الفنادق الثلاثة والتابعة لتنظيم القاعدة، وآخرين من التنظيمات الإرهابية الأخرى، كل ذلك جاء في اعترافات عناصر الخلية الإرهابية المضبوطة مؤخراً.
ورغم الاختلاف الكبير بين الأهداف المعلنة والنتائج المحققة وغرابة ووحشية الوسائل المستخدمة، تخرج علينا هذه الجماعات والتنظيمات عبر وسائل الإعلام وتدعي بان هذا التفجير او تلك العملية هو انتصارٌ للإسلام وانتقامٌ من الأعداء وما ترتكبه القوات الأمريكية والإسرائيلية في العراق وفلسطين أو تعبيراً عن عدم الرضى بشأن تخاذل النظام الرسمي العربي تجاه قضايا الأمة.
ان ملاحظتنا الرئيسية على هذه العمليات العمياء بان نتائجها عادةً ما تلحق الضرر الأكبر بالمواطنين الأبرياء العزل « دمهم في الإسلام معصوم» ربما أكون أنا او أنت أو ربما يكون من أبناء الوطن من سواعدنا السمراء التي تسهر ليلاً ونهاراً على أمننا وسلامتنا وتمتثل لاداء الواجب الوطني المقدس في الدفاع عن البلاد والعباد.
والملاحظة الثانية أن هذه العمليات تستهدف امن واستقرار البلد وترويع المواطنين وبالمحصلة تشل عجلة التقدم والتنمية وتغيّر المسار والاتجاه نحو الخلف ولنا فيما يحدث في العراق وأفغانستان واليمن خير مثال على ذلك. وللأسف فانه نتيجة هذا الإرهاب الأعمى صورنا الإسلام على انه دين قتل وبطش بحجة ان ذلك غربي أو أمريكي او متعاون معهم او مجتمع أجنبي كافر او مجتمع مسلم كافر، ونحن أرفق الأمم وأحسنهم أخلاقاً، وديننا الإسلامي الحنيف يحتم علينا كما أوصى الرسول محمد صلى الله عليه وسلم، بان هناك أسس ومعايير أخلاقية لقتال الأعداء في ساحات المعارك وليس القتل الأعمى الذي لا يميز طفلاً أو امرأةً أو شجرةً أو شخصاً أعزل لا ذنب له سوى انه صدر بحقه فتوى وحكم غيابي من جهة غير مخولة لا يعلمها.
ان ضمائرنا وأفئدتنا وعقولنا لن تقبل بمثل هذا النوع من الجهاد إذا صح تسميته جهاداً، فالجهاد أولاً يكون بتغيير أخلاق المجتمع نحو الأفضل واقتداءً بأخلاق الرسول محمد- صلى الله عليه وسلم- وبها امتدح الخالق عز وجل نبيه المصطفى، بقوله تعالى :» وانك لعلى خلق عظيم» ، كذلك الاقتداء بأخلاق الصحابة والتابعين وحسن معاملتهم لبعضهم البعض وللآخرين وغيرهم من المجتمعات والأمم، ونحن نعلم بان هذا الدين العظيم قد انتشر في أجزاء واسعة من البلاد الإسلامية الحالية نتيجة أخلاق أبنائه المسلمين ورضاء وإعجاباً بتعاليمه السمحة العادلة البعيدة عن الإكراه والعنف. فالأجدر بهذه الجماعات والتنظيمات ان تعمل على هداية الناس وحثهم على التحلي بالأخلاق الحسنة ولا تؤجج المواطنين على بعضهم البعض وعلى الحكام. فالأصل إصلاح المواطنين العاديين «القاعدة» اذا صح التعبير ذلك انه من القاعدة نفسها يأتي المسؤول والحاكم، «فكل إناء ينضح بما فيه» ونحن هنا لا ندافع عن الحكومات ونقول بأنها نزيهة، فربما ان الفساد مستشرٍ ومتغللاً فيها، لكن كل ما نقوله بأنها ليست هي البداية الصحيحة.
والجدير بالذكر ان ملاحظاتنا السلبية هنا تقتصر فقط على الحركات الدينية والأصولية المتشنجة والتي تكفر الآخرين والمجتمعات المسلمة دون حق، وعلى العكس من ذلك فإننا نشجع كافة الحركات الدينية والإسلامية العقلانية التي تسير وفقاً للمنهج الرباني المستقيم بل إننا أيضا ندعو الى الجهاد معها وفقا للمرتكزات والمبادئ التي جاءت في شريعتنا الإسلامية السمحة، والتي لا تخرج عن منطق العقل والإنسانية والرحمة ومنطق الإيمان بهذا الدين العظيم الذي آمنا به جراء عدله ودعوته للخلافة والبناء لا الهدم.
ومن هنا لا بد من الحديث عن واقعنا وظروف معيشتنا ثم ننظر لواقع غيرنا من المجتمعات والأمم، وبذلك يجب أن نقر بواقعنا الاجتماعي المتردي، من خلال الصور المكثفة من الفساد والجشع وسوء الأمانة والتعامل السيء للقريب والبعيد، والانتهاك الصارخ لحقوق الإنسان فأصبحنا نرى الجرائم والانتحار واليأس والإحباط مستشر بين صفوفنا، فنحن وللأسف بعيدين كل البعد عن الأخلاق الإسلامية النبيلة.
ولنكن صادقين مع أنفسنا أولاً بهذا التساؤل المشروع، ماذا قدمنا منذ العصور الوسطى للبشرية من إنجازات واختراعات ومساهمات على كافة الأصعدة ونحن المستخلفون في الأرض؟! والمفروض أن نكون قدوة الأمم في كل شيء ! نريد كلمة حق يقولها كل منا في نفسه...
فالدعوة هنا لتغيير هذه القيم والسلوك الاجتماعي السيء بين صفوف الأمة، وهذا لا دخل فيه للسلطة والحكام، لانه يرتكز بالأساس على إصلاح النفس وتهذيبها « الجهاد بها» ثم من هم من حولنا من أقرباء وهكذا لننطلق من مجتمع قوي وليس من مجتمع ضعيف وفي النهاية حتى ننتصر لديننا وقضايانا العادلة. وعندها لن تقف إسرائيل ولن تقف أمريكا ولن تقف اعتى قوة معادية في الأرض أمام القوة والإرادة العربية الإسلامية المدعمة بالقوة والحق والبنيان المرصوص.
جهادنا يجب ان يبدأ بأنفسنا وبالنهج السلمي الأخلاقي» لأننا نعاني من أزمة أخلاق تنعكس على معاملة سيئة ومشاكل وقضايا في كل الاتجاهات ولا نعاني من أزمة دين فكلنا مسلمون ونؤدي العبادات بامتياز .
لقد سلكنا طريقاً ونهجاً غير سوي وأخطأنا أهدافنا فنحن الآن ضياعاً تائهين نكفر بعضنا البعض ولن تصلح حالنا بدون جهادنا في أنفسنا واصلاحها بدلا من جهادنا بالآخرين، فان بقينا على ما نحن عليه فلن نكون مجاهدين وسنكون ارهابين مجرمين بحق أبنائنا ومجتمعاتنا والآخرين لأننا ببساطة أخطأنا الوسيلة والهدف ورضينا بان نبقى مسلمين بالهوية.

 
رد: الإرهاب الأعمى والأردن

ربنا يحمى شبة الجزيرة العربية و مصر و السودان من الارهاب
 
عودة
أعلى