فكرة الحرب الدفاعية لدى الجانب العربي فى حــرب الأستنزاف منذ يونيو 1967 حتى آخر 1970

يحي الشاعر

كبير المؤرخين العسكريين
عضو مميز
إنضم
2 فبراير 2008
المشاركات
1,560
التفاعل
98 0 0
فكرة الحرب الدفاعية لدى الجانب العربي فى حــرب الأستنزاف منذ يونيو 1967 حتى آخر 1970


أولاً: ملامح الفكر الإستراتيجي العربي

لم تخفِ الدول العربيـة رغبتها في تحرير فلسطين، على الرغم من أن هذه الرغبة لم تتجسد في إرادة قومية جامعة، تخطط وتبني القوة المسلحة وتوظف الإمكانات والقدرات العربية لهدف التحرير. ولقد عبّرت الدول العربية عن رغبتها هذه في مناسبات عدة. ونكتفي بالإشارة، كأمثلة، إلى بعض وثائق مؤتمرات القمة العربية:

رأى مؤتمر القمة العربي الأول (القاهرة، 13-17/1/1964)، "أن قيام إسرائيل هو الخطر الأساسي الذي أجمعت الأمة العربية بأسرها على دفعه. وبما أن وجود إسرائيل يعتبر خطراً يهدد الأمة العربية، فإن تحويلها لمياه الأردن سيضاعف من أخطارها على الوجود العربي. لذلك، فإن على الدول العربية أن تضع الخطط اللازمة لمعالجـة الجوانب السياسية والاقتصادية والإعلامية، حتى إذا لم تُحقِّق النتائج المطلوبة، كان الاستعداد العسكري العربي الجماعي القائم، بعد استكماله، هو الوسيلة الأخيرة العملية للقضاء على إسرائيل نهائياً" .

أنشأ المؤتمر "قيادة عربية موحدة لجيوش الدول العربية"، ودعا إلى الاستمرار في الجهود "لإقامة القواعد السليمة لتنظيم الشعب الفلسطيني وتمكينه من القيام بدوره في تحرير وطنه وتقرير مصيره".
تابع الملوك والرؤساء العرب، في قمتهم الثانية (الإسكندرية، 5-11/9/1964)، توضيح مفهومهم الإستراتيجي وترسيخه، حين قالوا: "إن الهدف العربي في المجال العسكري ذو مرحلتين: 1- هدف قومي نهائي، وهو تحرير فلسطين من الاستعمار الصهيوني. 2- هدف أولي عاجل، وهو تعزيز الدفاع العربي على وجه يؤمن للدول، التي يجري فيها روافد نهر الأردن، حرية العمل العربية في الأرض العربية". وحدّدوا مستلزمات "تحقيق الهدف القومي النهائي في تحرير فلسطين" بما يأتي.

أ- استكمال القوة العربية لتحقيق هذا الهدف، وحشد جميع الطاقات العربية العسكرية والاقتصادية والسياسية.


ب- أن تضع القيادة العامة الموحدة خطة تفصيلية لتنفيذ هذا الهدف، وما يستلزمه من قوات ومعدات وأموال ووقت.


ج- أن تبين كل دولة، في تفصيل، مقدرتها على تقديم العون البشري والمالي لاستكمال قوات الدول العربية المحيطة بإسرائيل والتي تحتاج إلى هذا العون، وأن تحدد مساهمتها في حمل مسؤولياتها تجاه هذا الهدف القومي.


د- أن يضع القائد العام، خلال عام، خطة تفصيلية لتحرير فلسطين من الاستعمار الصهيوني، على أساس القوات المتوافرة حالياً. وتعرض على المجلس في دورته المقبلة" .

4. في مؤتمر القمة العربي الثالث (الدار البيضاء، 13-17/9/1965)، قال الملوك والرؤساء العرب، في البيان الختامي، إنهم "عالجوا الجوانب المختلفة لقضية فلسطين. واتفقوا على الخطط العربية في سبيل تحريرها". وخصصوا الاعتمادات المالية اللازمة لإنشاء جيش التحرير الفلسطيني.

وهكذا، يمكن القول إن مؤتمر القمة العربي ـ وهو أعلى مستوى قيادي عربي ـ كان واضحاً في تكوين مفهومه الإستراتيجي في الصراع العربي ـ الإسرائيلي، من حيث تحديد الهدف القومي النهائي، ومن حيث توفير الوسائل اللازمة والكفيلة ببلوغه.

يضاف إلى ذلك مواقف مصر ما بين حربَي 1956 و 1967، باعتبارها كانت، في ذلك الحين، موئل الإستراتيجية العليا العربية، سياسياً وعسكرياً. ويمكن العودة إلى البيان الذي وجهه الرئيس جمال عبدالناصر إلى الشعب المصري مساء 9/6/1967، أي بعد انتهاء القتال في سيناء، للتعرف إلى بعض الأسس التي بنيت عليها الإستراتيجية العسكرية المصرية ـ العربية، وهذه هي:

(1) "كنا ندرك أن احتمال الصراع بالقوة المسلحة قائم، وقبِلنا المخاطرة".

(2) عدم المبادأة بالهجوم، تجنباً للإنذار الأمريكي "بأن مصر ستواجه نتائج خطيرة ما لم تتحلّ بضبط النفس فلا تكون البادئة بإطلاق النار"، واستجابة للرجاء السوفيتي "ألاّ تكون مصر هي البادئة".

(3) الوقوف إلى جانب سورية في مواجهة التهديدات الإسرائيلية، أداءً لواجب الأخوّة العربية، إضافة إلى أنه "واجب الأمن الوطني المصري، فإن البادئ بسورية سوف يثنِّي بمصر" .

ويمكن إكمال ملامح الفكر الإستراتيجي المصـري ـ العـربي من خطب الرئيس عبدالناصر، قبيل الحرب وبعدها. ويمكن تلخيص تلك الملامح في النقاط التالية:
(1) وقوف الأمة العربية كلها مستعدة لمواجهة العدوان الإسرائيلي والولايات المتحدة الأمريكية، التي تدعمه.

(2) الولايات المتحدة الأمريكية مناصرة لإسرائيل مئة بالمئة، وتسلّحها بالدبابات والطائرات والصواريخ ومعدات الحرب الإلكترونية.

(3) عدوّنا ليس إسرائيل وحدها، وإنما معها الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا.

(4) "إن الاتحاد السوفيتي يقف معنا في هذه المعركة، ولن يسمح لأي دولة أن تتدخل، إلى أن تعود الأمور إلى ما كانت عليه عام 1956".

(5) "تسعى الولايات المتحدة الأمريكية إلى وراثة الاستعمار البريطاني في منطقتنا".

(6) "نترك المبادأة والضربة الأولى لإسرائيل" .

ولقد رافق الأزمة التي سبقت الحرب، والتدابير العسكرية الخاصة بالتعبئة والحشد، أضواء إعلامية لم تنسَ أن تعظّم القوة العربية، وتهوّن شأن القوة الإسرائيلية، وتبرز مظاهر القوة واستعراض السلاح. من ذلك، أن القوات المسلحة المصرية سلكت بسياراتها وأسلحتها ومدافعها ودباباتها شوارع القاهرة، جهاراً نهاراً، بقصد استقطاب الدعاية، وحتى "لا يظن الإسرائيليون وغيرهم أن الجيش المصري كان متورطاً في اليمن إلى حد أنه لم يكن قادراً على أن يهبّ لنجدة سورية" .

وفي حين كانت أجهزة الإعلام العربية وتصريحات المسؤولين تركز على إعلانات البلدان العربية ـ كل منها على حدة ـ أنها تضع جميع إمكاناتها وقواتها في مصلحة المعركة ضد إسرائيل، كانت هذه الأخيرة تخفي تعبئة قواتها الاحتياطية وتموِّه تدابير الحرب، وتنادي بالويل للعرب الذين يستعدون ـ جميعهم ـ للانقضاض عليها، وهي دولة صغيرة مسالمة في محيط كبير معادٍ. ولم تقصّر أجهزة الإعلام الصهيونية والأمريكية والأوروبية وغيرها، في التعاطف مع هذه المقولة، وفي استغلالها للتأثير في الرأي العام العالمي وكسب تأييده لأهدافها.

ثانياً - تحويل نهر الأردن
كان مشروع إسرائيل لتحويل مياه نهر الأردن عاملاً رئيسياً في تصعيد التوتر بين البلدان العربية وإسرائيل، وفي لجوء الطرفين إلى استخدام السلاح في فترات متقطعة. وقد كانت تلك الصدامات تقف في خلفية تراكم الأحداث وتصعيد الأزمة حتى بلغ الأمر حد الحرب.
باشرت إسرائيل مشروعها، الذي خططت لتنفيذه كاملاً في سبعة أعوام (1959-1966)، حينما كانت أجهزة معاهدة الدفاع العربي المشترك في حالة عطالة. وهذا ما دعا مجلس جامعة الدول العربية إلى معالجة الأمر، فعهد في 28/8/1960 إلى اللجنة العسكرية الدائمة، أحد أجهزة المعاهدة، بوضع مخطط شامل لمواجهة جميع الاحتمالات. ثم عرض المخطط على الهيئة الاستشارية ( رؤساء أركان الجيوش العربية )، التي اجتمعت في 22/4/1961، وخلصت إلى نتائج أهمها:
(أ) ينتظر أن تكمل إسرائيل مشروع تحويل مياه نهر الأردن في نهاية عام 1963. وسيخلق هذا الوضع موقفاً أمام البلدان العربية يقتضيها القيام بعمل دفاعي موحد.

(ب) يتطلب هذا العمل إعداداً مبكراً يجب إنجازه قبل عام 1963.

(ج) يتطلب الإعداد للعمل الموحد جهازاً مشتركاً ذا فاعلية.

عُرضـت توصيات الهيئـة الاستشاريـة على مجلس الدفاع في دورتـه الثالثـة (10 /6 /1961)، وقـرر تأليف "قيادة عامة مشتركة لقوات الدول العربية"، ودعوة الأقطار العربية إلى إعداد قواتها.
وفيما كانت الجامعة تعمل على تنفيذ هذه القرارات، جرت أحداث شغلت الحكومات العربية والجامعة عن العدوان الإسرائيلي على مياه نهر الأردن، كان في مقدمتها الخلاف العراقي - الكويتي (19/6/1961) وتشكيل قوات أمن عربية هي "قوات أمن الجامعة العربية". وتلا ذلك انفصال سورية عن الجمهورية العربية المتحدة (28 /9 / 1961).
وبعد انقضاء أكثر من عامين على قرارات مجلس الدفاع، وبعد أن تقدمت أعمال التحويل الإسرائيلي لمياه نهر الأردن نحو إنجاز المرحلة الأخيرة من المشروع، رأى مجلس الجامعة في اجتماع عقده في 19/9/1963، دعوة مجلس الدفاع المشترك إلى الانعقاد من جديد "بأسرع ما يمكن، لمواجهة المرحلة الخطيرة الحالية".
لم يجتمع مجلس الدفاع المشترك، وإنما اجتمع رؤساء الدول العربية في أول مؤتمر قمة، بناء على دعوة مصر "لوضع خطة العمل العربي الجماعي في مواجهة العدوان الصهيوني في صورته الأخيرة، الممثلة في تحويل إسرائيل لمجرى نهر الأردن" .

عالج مؤتمر القمة العربي الأول (القاهرة، 13 - 17/1/1964) موضوع سرقة إسرائيل مياه نهر الأردن، وحدد أسلوب مواجهتها في ثلاث نواحٍ :
(أ) الناحية العسكرية: أنشأ قيادة عربية موحدة لجيوش البلدان العربية، وفق الصلاحيات التي صدق عليها مجلس الدفاع المشترك في دورته الثالثة (يونيه 1961).

(ب) الناحية الفنية: أنشأ "هيئة استغلال مياه نهر الأردن وروافده"، في إطار الجامعة، "مهمتها تخطيط وتنسيق وملاحظة تنفيذ المشروعات العربية الخاصة باستغلال مياه نهر الأردن وروافده، التي تقوم بتنفيذها الدول المعنية".

(ج) الناحية المالية: خصص اعتمادات مالية للتعزيزات العسكرية اللازمة للقوات المسلحة العربية المكلفة حماية المشروع العربي، واعتمادات مالية لتنفيذ مشروعات الاستثمار.

وفي مؤتمر القمة العربي الثاني (الإسكندرية 5-11/9/1964)، قرر الملوك والرؤساء أن يبدأ تنفيذ مشروعات استغلال مياه نهر الأردن وروافده فوراً، وأن "يتم حشد القوى المخصصة من العراق وسورية والمملكة العربية السعودية لنجدة الأردن ولبنان، لتنطلق إلى أهدافها في حالة حصول أي اعتداء من إسرائيل، أو احتمال حصول هذا الاعتداء. كما تلتزم سائر الدول العربية بأن تكون قواتها متأهبة لرد العدوان فوراً". ومنح المؤتمر القائد العام "حق التصريح المطلق بالتحركات العسكرية"، من بلد إلى آخر .

وفي مؤتمر القمة العربي الثالث (الدار البيضاء، 13-17/9/1965) قرر الملوك والرؤساء الاستمرار "في أعمال المشروع العربي الموحد لاستثمار مياه نهر الأردن وروافده، وفقاً للخطة المرسومة، وطبقاً لما تقرر في شأن الحماية العسكرية المطلوبة" .

لم يجتمع مؤتمر القمة العربي، بعد ذلك، إلاّ في إثر حرب 1967. وكانت العلاقات العربية، في خلال الفترة بين المؤتمر الأول (1964) واندلاع حرب 1967، تعاني أزمات واختناقات متتالية، فلم يكتب للمشروع العربي الخاص باستثمار مياه نهر الأردن وروافده، وللخطة العسكرية الخاصة بتكوين قيادة عامة فاعلة تملك قوات مسلحة تحت تصرفها وتوفر للمشروع الحماية - لم يكتب للمشروع والخطة النجاح، بسبب فقدان المناخ السياسي الملائم وارتباطهما بهذا المناخ.

وكانت إسرائيل قامت بغارات جوية وضربات بالمدفعية، منذ نوفمبر 1964 حتى يوليه 1966، على مواقع المشروع العربي في سورية، خاصة مشروع القناة التي كانت ستربط بين الأنهار الثلاثة: بانياس والحاصباني واليرموك، واستطاعت أن تنزل بالمشروع بعض الأضرار، وخاصة أن قرارات حماية المشروع العربي عسكرياً لم تخرج إلى حيز التنفيذ.

وقد اغتنمت إسرائيل مناسبة تجديد الرئيس الأمريكي، ليندون جونسون (Lyndon Baines Johnson) ، ولايته الثانية في عام 1964 (إذ تولى الرئاسة، للمرة الأولى، بعد اغتيال الرئيس جون كيندي، عام 1963)، فجددت سعيها إلى تنفيذ مشروع تحويل نهر الأردن إلى النقب، معتمدة على دعم الرئيس الأمريكي الذي وُصف بأنه "أفضل صديق لإسرائيل من بين رؤساء الولايات المتحدة الأمريكية" .

ثالثاً - المقاومة الفلسطينية المسلحة
كان أبرز المستجدات في ساحة الصراع العربي ـ الإسرائيلي، تأسيس منظمة وطنية تتولى شؤون الشعب الفلسطيني، وانطلاقـة ثورتـه المسلحـة. فقـد اتجـه مؤتمر القمة العربي الأول (القاهرة، 13-17/1/1964) إلى "إقامة القواعد السليمة لتنظيم الشعب الفلسطيني وتمكينه من القيام بدوره في تحرير وطنه وتقرير مصيره". وفي المؤتمر الثاني (الإسكندرية، 5-11 /9 /1964)، رحَّبت القمة بقيام "منظمة التحرير الفلسطينية" ممثلة الشعب الفلسطيني "في تحمّل مسؤولية العمل لقضية فلسطين، والنهوض بواجبها على الصعيدين العربي والدولي".

وكان "المؤتمر الوطني الفلسطيني" الأول انعقد في القدس (28 /5 - 2 /6 /1964)، وأقر "الميثاق الوطني الفلسطيني". وشرعت المنظمة في إنشاء أجهزتها العسكرية والسياسية والتنظيمية وغيرها، وفي مقدمها "جيش التحرير الفلسطيني".

ولأن منظمة التحرير الفلسطينية كانت مؤسسة "رسمية" انبثقت من مؤتمر القمة العربي، فقد كان النضال الفلسطيني يحتاج إلى عمل مسلح لا يرتبط بإرادات الحكومات العربية، وإن كان يطلب عونها في إطار العمل القومي المشترك وفي إطار المسؤولية القومية للبلدان العربية في قضية فلسطين.

واستجابة لهذه الحاجة، انطلقت الثورة المسلحة الفلسطينية في اليوم الأول من عام 1965، على شكل عمليات عسكرية قامت بها "حركة التحرير الوطني الفلسطيني ـ فتح" في الأرض المحتلة. وتتابعت بعد ذلك العمليات العسكرية والفدائية لحركة "فتح" وغيرها من منظمات الثورة الفلسطينية. وقد أنجزت منظمات المقاومة 35 عملية في عام 1965، و 41 عملية في عام 1966، و 37 عملية في الأشهر الخمسة الأولى من عام 1967.

خلفت هذه العمليات التي جرى معظمها في الجليل وسهل الحولة وطبرية في الأرض المحتلة عام 1948، على الرغم من صغرها وعدم تواترها، شعوراً لدى إسرائيل بحالة انعدام الأمن، اتخذتها ذريعة ـ من بين ذرائع أخرى ـ لشن حرب 1967.


رابعاً - القيادة العربية الموحدة

قرر مجلس الدفاع المشترك (18 /6 /1961) تكوين "القيادة العامة المشتركة لقوات الدول العربية". وهي أول قيادة عسكرية عامة في إطار الجامعة العربية، قوامها 60 ضابطاً كنواة، وتصبح كاملة عندما يصبح قوامها حوالي 90 ضابطاً. وتباشر القيادة العامة بقوامها النواة عملها في خلال شهرين (أي في موعد أقصاه 18/8/1961)، على أن يكتمل ملاكها في مدة أربعة أشهر (أي في موعد أقصاه 18/10/1961) .

وحينما عقـد الملوك والرؤسـاء العـرب مؤتمرهـم الأول صادقـوا على قيام القـيادة العـامة المشـتركة، وسمَّوها "القيادة العربيـة الموحـدة لجـيوش الدول العربيـة"، وعينـوا الفريق المصري، علي علي عامر، قائداً عاماً، على أن "تلتزم الدول العربية جمعاء بتشكيل وتخصيص القوات التي تقترحها القيادة العامة، ويصدّق مجلس الدفاع المشترك على تشـكيلها وتخصيصـها، وتلتـزم الدول بتسهـيل مهمـة القائـد العام وتنفيـذ كافـة الوصايا والطلبات التي تصدر عنـه" .

استناداً إلى قرار مؤتمر القمة العربي هذا، أصدر مجلس الدفاع المشترك في 30 /1 /1965 قراراً حدد فيه اختصاصات القيادة الموحدة، وبخاصة واجباتها في مجالات التخطيط للعمليات وإداراتها، وإعداد القوات للقتال، وتنسيق التعاون العسكري بين البلدان الأعضاء، وتوحيد النظُم العسكرية فيها.

وضعت القيادة الموحدة خطة لحماية المشروعات العربية لاستغلال مياه نهر الأردن وروافده، صادق عليها مجلس الدفاع المشترك في دورته الخامسة (9 -10 /1 /1965)، وأنشأ مجموعة عمليات جوية تتولى قيادة المجهود الجوي للدول الأعضاء وتنسيقه، وفوض القائد العام "حق تعديل الخطة العسكرية التي أقرها المجلس في دورته الحاليـة، إذا اقتضى الأمر ذلك، بالتشاور مع أركان حربـه ودون الرجـوع إلى هـذا المجلس" . وفي دورة لاحقة، صادق مجلس الدفاع على قرار ينظم "إقامة القـوات العربيـة في البلد الذي تقتضـي الضرورات العسكريـة انتقالها إليـه".

بدأت القيادة الموحدة وضع الدراسات والخطط بناءً على توجيهات مؤتمرات القمة وتعليمات القائد العام. وكانت المهمة الملحّـة الملقاة على عاتق هذه القيادة حمايـة مشروعات تحويل مياه نهر الأردن وروافـده في الأراضي العربية، رداً على المشروع الإسرائيلي بتحويل مياه النهر من شمالي بحيرة طبرية، وجرها إلى الجنوب. وكانت الاستجابة لمطالب القيادة وتوصياتها جيدة بصورة عامة، حتى إذا عادت الخلافات العربية البينية إلى الظهور في أوائل عام 1966، انعكست آثارها على تنفيذ قرارات مؤتمرات القمة، وبالتالي على القيادة الموحدة وخططها التي أخذت تُطوى الواحدة تلو الأخرى. وحينما نشبت حرب 1967 كانت القيادة الموحدة معطلة عن العمل، فاقدة القدرة على الحركة.
وبسبب هذه العطالة التي أصابت القيادة الموحدة على مستوى الجامعة، ظهر بديلها، وهو القيادات الثنائية والثلاثية. فبعد اتفاقية الدفاع المشترك بين مصر وسورية (4/11/1966)، عقدت سورية والعراق اتفاقية مماثلة (13/5/1967)، وفعلت مثلهما مصر والأردن (30/5/1967)، ثم انضم العراق إليهما (4/6/1967). غير أن هذا النوع من التعاون العسكري العربي جاء متأخراً، " فلم يتم أي تحضير، ولم توضع أي خطة عسكرية موحدة على مسرح عمليات الدول الأربع " .


د. يحى الشاعر
 
مشكوووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووور
 
عودة
أعلى