تصاعد الاستنزاف من الجانبين ..... ألأسرائيلى والمصرى .... !!!!
تصاعد الاستنزاف من الجانبين ..... ألأسرائيلى والمصرى .... !!!!
خلال شهري يونيه ويوليه، تصاعدت الإغارات من الجانبين. فقد نفّذ الجانب الإسرائيلي خمس إغارات، استهدفت مواقع منعزلة على ساحل خليج السويس والبحر الأحمر، كان أهمها الإغارة على الجزيرة الخضراء، شمالي الخليج، يوم 19 يوليه 1969، التي قادها "الجنرال رفائيل إيتان"، واستهدفت، في الأساس، موقع الرادار في الجزيرة. وقد أبدت القوات المدافعة جسارة نادرة، شهد لها الأعداء قبل الأصدقاء، لدرجة أن قائد الموقع ـ لما شاهد نجاح القوات الإسرائيلية في الوصول إلى الجزيرة ـ طلب من المدفعية قصف الجزيرة بالكامل، بما فيها من إسرائيليين ومصريين وكان من نتيجة ذلك أن فشلت الإغارة وتكبد الإسرائيليون خسائر كبيرة، أجبرت الجنرال إيتان على الانسحاب.
وفي المقابل، شنت القوات المصرية غارات ناجحة، على نقط العدو القوية، أحدثت تدميراً وخسائر في نقطتي شمال البلاح والشط. أما الإغارة على نقطة لسان التمساح (شرق مدينة الإسماعيلية)، وهي النقطة التي أصابت الشهيد الفريق عبدالمنعم رياض، فكانت هي الثأر المدبر من القوات الخاصة المصرية، بقيادة الشهيد المقدم إبراهيم الرفاعي. فقد أغارت هذه القوات، المدربة على أعلى مستوى، ليلة 7/ 8 يوليه 1969، وقتلت وأصابت حوالي 30 فرداً للعدو، ودمرت دبابتين، ونسفت أربع دشم، وخسرت هذه القوات تسعة شهداء.
أما الإغارة الأخرى، التي أصابت القيادة الإسرائيلية في مقتل فكانت هي الإغارة على نقطة لسان بور توفيق، ليلة 10/ 11 يوليه، وفي التوقيت نفسه، إغارة أخرى على النقطة القوية في منطقة القرش (شمال الإسماعيلية). وقد نتج عن إغارة لسان بور توفيق قتل وجرح 40 فرداً، وتدمير خمس دبابات وأربع دشم، وأسير واحد، دون أن تتكبد القوات المصرية أي خسائر. وقد أدت نتائج هذه الإغارات الأليمة على العدو، إلى تغيير جذري في خطط إسرائيل، لمجابهة الاستنزاف المصري، والتصعيد بالاستنزاف المضاد، إلى مرحلة أكثر شمولاً، بإدخال الطيران الإسرائيلي (ذراع إسرائيل الطويلة) في المعركة. ويقول "زيفي شيف" المحلل الإسرائيلي، في كتابه عن حرب الاستنزاف، "الفانتوم فوق النيل". أن عملية لسان بور توفيق هي، التي أنهت الجدل داخل أروقة القيادة الإسرائيلية، حول حتمية تدخل الطيران في المعركة.
ويستطرد، "لقد كان هذا النجاح هو أبرز ما حققه المصريون، ومن الواضح أنه كان سيحفزهم إلى نشاط أكبر، لا مناص عن إيقافهم عنه بسرعة". كما ذكرت صحيفة معاريف، نقلاً عن المتحدث العسكري الإسرائيلي: "أمام الضغط الهائل الذي مارسه المصريون في الجبهة، والحياة التي أصبحت لا تطاق على الضفة الشرقية للقناة، أقدمت القيادة الإسرائيلية على استخدام سلاح الطيران، الذي كانت كل الآراء تصر على الاحتفاظ به للمستقبل..". وقد مهدت القوات الإسرائيلية لدفع الطيران، بمحاولة التخلص من بعض الرادارات المصرية، ونقط المراقبة الجوية. لذلك، كان القصف الجوي ضد وحدة الرادار المصرية في الأردن يوم 22 إبريل 1969، وكذلك إغارة الجزيرة الخضراء، وإغارة الأدبية، ضد نقطة مراقبة جوية منعزلة.
المرحلة الثانية من حرب الاستنزاف (20 يوليه ـ نهاية عام 1969)
اعتباراً من 20 يوليه 1969، بدأت المرحلة الثانية من حرب الاستنزاف، بإدخال إسرائيل لعامل رئيسي جديد في هذه الحرب، اتسعت من خلاله مجالات المواجهة، ليشمل مسارح العمليات بالكامل، بعد أن كانت مقتصرة على المسرح البري، خلال الفترة السابقة. وقد افتتحت إسرائيل هذه المرحلة ـ التي امتدت حتى نهاية عام 1969 ـ بتنفيذ الخطة "بوكسير"، التي تتلخص في تنفيذ 500 طلعة طائرة تقصف 2500 قنبلة، بإجمالي 500 طن، على أهداف منتخبة، خلال عشرة أيام، وهي مواقع الدفاع الجوي والرادارات، ومواقع المدفعيات، والقوات في الجبهة. وكان من الطبيعي أن تتعدل الخطط المصرية، بناءً على هذا التغيير. وقد أتى هذا التعديل، بهدف إفشال الاستنزاف المضاد الإسرائيلي، والرد على العمق بالعمق، والغارات الجوية بغارات مثلها. وفي كل الأحوال، كانت التعليمات المشددة بأن تكون الأهداف، التي تهاجمها القوات المصرية أهدافاً عسكرية فقط.
وقد شهدت هذه المرحلة مباريات في السرعة، بين وحدات المدفعية المصرية، التي لم تتوقف عن تنفيذ مهامها القتالية المخططة، وبين الطيران الإسرائيلي، الذي عمل "كمدفعية طائرة".
وقد تأكد السبق للمدفعية المصرية، حيث نفذت مهامها من مواقع حصينة، وإخفاء جيد، وبتكتيكات متطورة.
كذلك، كانت هناك مباريات مهمة بين الطـيران الإسرائيلي، والعمال الذين يبنون مواقع الصواريخ، استخدم فيها الفكر المصري جميع وسائل الابتكار والخداع، وتأمين الأفراد، حتى تتم هذه الإنشاءات دون تأخير.
وصدرت التعليمات إلى التشكيلات والوحدات في الجبهة، بإنشاء مواقع صواريخ ميدانية. ووصل الأمر حداً بأن تُكلف الوحدة بالإنشاء "كمهمة قتالية"، حتى يُضمن التنفيذ الدقيق في الوقت المحدد.
ويفخر رئيس الأركان الإسرائيلي، "الجنرال حاييم بارليف"، بأنه خلال الفترة من 20 يوليه حتى 7 سبتمبر 1969، نفذت الطائرات الإسرائيلية 1000 غارة، لإجبار مصر على نشر قواتها، وتخفيف الحشد في جبهة القناة. ولكنه لم يذكر النتيجة في أن مصر استوعبت هذه الغارات، ولم تتأثر بها، بل صعّدت أعمالها القتالية. ففي ليلة 10/ 11 أغسطس 1969 نُفذت غارتان شديدتان على نقطتي الدفرسوار والفردان في وقت واحد تكبد العدو خلالها خسائر جسيمة.
واكتشفت القوات المصرية أن أفراد العدو، تخلي بعض النقط القوية ليلاً. فما كان منها إلى أن سارعت إلى نسف هذه النقط من جذورها، حتى لا يعيد العدو إنشاءها. ونفذ ذلك فعلاً في شمال الشط، وجنوب التمساح، والقرش، وجنوب البلاح، وغيرها.
ونجحت القوات المصرية في إصابة وإسقاط العديد من طائرات العدو. وأسرت طيار ميراج، سقط بطائرته في منطقة شمال القنطرة. وقد رد العدو على هذه العمليات بإغارة بالنيران ليلة 27/ 28 أغسطس، على معسكر منقباد في أسيوط، وذلك من خلال نقل بعض هاونات بطائرات الهليوكوبتر، دون أن تحدث أية خسائر. أما العملية التليفزيونية التي نفذها العدو، وصور دقائقها ووزعها على معظم المحطات العالمية، فهي إنزال سرية دبابات (ت ـ 55 من مخلفات حرب يونيه 67) في منطقة أبو الدرج، على ساحل البحر الأحمر، اتجهت جنوباً إلى الزعفرانة، مدمرة كل الأهداف والسيارات المدنية التي اعترضت طريقها، مستغلة خلوّ المنطقة تماماً من أية قوات عسكرية، سوى بعض نقاط المراقـبة، ونقطة تمركز بحرية، بها لنشي طوربيد مصريين، حرصت على تدميرهما قبل بداية الإنزال، بواسطة الضفادع البشرية.
وقد خططت إسرائيل جيدا لهذه الإغارة، وسترت أعمالها بعدد 159 طلعة جوية، ونظّمت خطة خداع كاملة قبل تنفيذها بيومين كاملين وأمنّت لها نقاط الإبرار، سواء النزول أو العودة، بواسطة مظليين، وقاد العملية الجنرال إبراهام أدان، المشهود له بالكفاءة. وقد نجحت الإغارة دعائياً. على الرغم من أنها لم يكن لها مردود عسكري، مؤثر، إلا أن تأثيرها المعنوي كان شديدا على الشعب المصري والعربي. كما كان رد فعل الإغارة عميقاً في القيادة العامة، لتحديد مسئولية عدم اكتشاف قوة الإغارة، أثناء وجودها على الشاطئ الشرقي للخليج، قبل تنفيذ العملية.
وكذا، مسئولية عدم اتخاذ إجراء إيجابي قوي، لمواجهة القوة بعد نزولها على الشاطئ الغربي وبقائها ستة ساعات. وقد استغلت إسرائيل هذه الإغارة إعلاميا بطريقة مثيرة، بعد أن سجلت لها فيلما عرضته على الشعب الإسرائيلي.
الرد المصري على العملية الإسرائيلية، في أبو الدرج
وكان الرد المصري على هذه العملية حاسماً، حيث نُفذت أول هجمة جوية منظمة، منذ حرب يونيه 67، بقوة ستين طائرة، اختيرت لها أهدافا في العمق البعيد، حتى تفاجأ القوات الإسرائيلية في تلك المناطق.
ونفذت الطائرات ضربتها بقوة وحسم، ظهر يوم 11 سبتمبر 1969، وعادت جميعها سالمة. ثم أغارت وحدة خاصة على موقع منعزل بمنطقة مصفق (85 كم شرق القناة على الطريق الساحلي). ودمرته وقتلت كل من فيه.
وبمرور الأيام، وتصاعد أعمال الاستنزاف، كان عود المقاتل المصري يشتد، والحاجز النفسي يتحطم. وقد انعكس ذلك على أعمال قتال الربع الأخـير من عام 1969، حيث كان ساحلي البحر الأحمر وخليج السويس (الشرقي والغربي) هما مسرح العملـيات، لمعظم الأعمال القتالية. وقد افتتحت القوات الخاصة المصرية أول أيام شهر أكتوبر 1969، بعملية كبري للرد على إنزال العدو في الزعفرانة، في الشهر السابق. فقد أبرت قوة من المجموعة 39 عمليات خاصة، بحراً وجواً، في منطقة رأس ملعب.
وتقدمت على الطريق الساحلي في هذه المنطقة، حتى رأس مطارمة، ونسفت جميع الأهداف العسكرية، ثم نسفت الطريق نفسه. ووضعت ألغاماً وشراكاً خداعية في بعض المناطق، وعادت سالمة.
وقد انفجرت هذه الألغام في القوات الإسرائيلية، التي هرعت للنجدة، بعد انسحاب القوة. وفي ليلة 3/4 أكتوبر، وقع هجوم على النقطة القوية في "الدفرسوار"، وفيها تكبد العدو خسائر كبيرة، من خلال قتال متلاحم، يصفه "زيف تشيف" في كتابه، بأنه "كان قتالاً يداً بيد". ولم يكن العدو صامتاً خلال هذا الشهر، ولكن كرر محاولاته في البحر الأحمر، من خلال عمليات محدودة على هيئة إغارات وكمائن، في أبو الدرج ورأس شقير، لم يكن لها تأثير يذكر.
تنفيذ الكمائن النهارية
في شهري نوفمبر وديسمبر، تملكت القوات المصرية زمام المبادرة، وتوسعت في أعمال الكمائن النهارية، بعد أن أوقف العدو التحركات الليلية، تفادياً للكمائن. التي دمرت الكثير من قواته المتحركة. وقد خطط عمل الكمائن بحيث تعبر في الربع الأخير من الليل، وتختفي تماماً في منطقة عملها، وتزيل آثار تحركاتها. ذلك أن داوريات العدو كانت تمسح الشاطيء الشرقي للقناة في أول ضوء، بحثاً عن آثار عبور القوات المصرية. وكان الكمين، يعود، بعد تنفيذ مهمته مباشرة، تحت ستر نيران المدفعية، التي تكون جاهزة باستمرار لمعاونته. وفي حالة عدم مرور عناصر العدو في منطقة الكمين، فإنه يعود تحت ستار الليل، ويُستبدل بكمين آخر، وهكذا. وقد نجحت ثلاثة كمائن من تنفيذ مهامها، خلال شهر نوفمبر، في منطقة الشط والجباسات وجسر الحرش.
الاغارات المشتركة
خلال ليلة 27، 28 نوفمبر 1969: نسفت القوات الخاصة طريق شرم الشيخ ـ الطور في منطقة جنوب سيناء، من خلال عملية إبرار بحري وجوي، كما أغارت على بعض الأهداف، في المنطقة.
خلال ليلة 29/30 نوفمبر 1969: أغارت مجموعة من القوات الخاصة على موقع شمالي الشط، أدى إلى قتل وإصابة 70 فرداً، وتدمير ثلاث دبابات، وعدد من الدشم.
يوم 6 ديسمبر 1969: احتلت قوة، تقدر بحوالي مجموعه كتيبة مشاة، الضفة الشرقية للقناة، بعد تدمير جميع الأهداف المعادية، والإحتياطيات المحلية، ومنطقة شؤونه الإدارية، مع التمسك بالأرض. وطلب قائد الجيش الثاني، استمرار هذه القوة في مواقعها شرقاً، على أن يتولى الجيش تأمين أعمال قتالها، ولكن وزير الحربية أمر بعودة القوة، حتى لا يتم الخروج عن الأهداف المخططة لحرب الاستنزاف. وبالفعل، عادت القوة بعد آخر ضوء يوم 7 ديسمبر، بعد أن ثبتت العلم المصري على الضفة الشرقية، وظل مرفوعاً تحميه نيران القوات المصرية من الشاطيء الآخر، حتى إيقاف إطلاق النيران.
يوم 14 ديسمبر 1969: تمكن كمين نهاري من اللواء 117 مشاة، من تدمير عربة جيب متقدمة على الطريق، وقتل أربعة أفراد، وأسر أول ضابط إسرائيلي في حرب الاستنزاف (النقيب دان أفيدان)، وقد حمله الجنود وعادوا به إلى الضفة الغربية نظـراً لإصابته.
رد الجانب الإسرائيلي على عمليات الإغارة، خلال شهري نوفمبر وديسمبر
جاء رد الجانب الإسرائيلي على نشاط القوات المصرية، في اتجاه رأس غارب ليلة 26/ 27 ديسمبر 1969، من خلال عملية مدبرة، أحسن الإسرائيليون خلالها اختيار الهدف. ونفذت المهمة بكفاءة، لخطف محطة رادار "ب ـ 12". وكان لهذا الرادار موقع رئيسي وموقع هيكلي، والمسافة بينهم كبيرة، وحتى يمكن الخداع عن مكان محطة الرادار الحقيقية، تركت بأقل عدد من أفراد الحراسة، حتى تظهر على أنها هي المحطة الرئيسية. وقد اكتشف العدو هذه الخدعة، سواء من خلال تصويره الجوي، أو الاستطلاع الإلكتروني، أو من خلال عملاء. واستغل العدو هذه الخدعة جيداً، ونفذ عمليته بتركيز القصف الجوي على المحطة الخداعية، وضد قوات الحراسة والاحتياطيات.
ولكن كانت هناك عملية أخرى تنفذ في الوقت نفسه، وهي دفع طائرتين هيليكوبتر ثقيلة لحمل جهاز الرادار الحقيقي، إلى الشاطئ الآخر من الخليج. ولم يتوقف القصف ضد الرادار الهيكلي، أو قوات الحراسة والاحتياطيات، إلاّ بعد وصول الرادار إلى الشاطئ الآخر.
وكان رد القوات المصرية على هذه العملية، في اليوم التالي مباشرة، بوساطة المجموعة 39 قوات خاصة، في منطقة رأس سدر ـ دهب، حيث دمرت بعض الأهداف المعادية.
يحى الشاعر
الجداول المفصلة عن حــرب الأستنزاف منذ يونيو 1967 حتى آخر 1970 ....!!!!
نظرا لأسباب تقنية بحتة ، تسبب صعوبة نشر الجداول التفصيلية ، عن تدرج أنشطة القتال البرية المصرية في الشدة شهريا ومعدلاتها اليومية و\ الأعمال الإيجابية الناجحة (بالقوات) في الفترة من يونيه 1967 حتى 8 أغسطس 1970 علاوة على أنواع أنشطة القتال البرية المصرية ونسبتهم المئوية إلى المجموع الكلي بالأضافة الى أنشطة جبهات الطوق خلال مرحلة الاستنزاف في الفترة من يونيه 1967 حتى 8 أغسطس 1970 ، فقد أددت الجــداول التالية ، التى يمكن مشاهدتهم على الرابطة التى أبينها أدناه
الجداول
(الجدول الرقم 1)
الأعمال الإيجابية الناجحة (بالقوات) في الفترة من يونيه 1967 حتى 8 أغسطس 1970
(الجدول الرقم 2)
تدرج أنشطة القتال البرية المصرية في الشدة شهريا ومعدلاتها اليومية
خلال عام 1969 (مرحلة حرب الاستنزاف)
(الجدول الرقم 3)
أنواع أنشطة القتال البرية المصرية ونسبتها المئوية إلى المجموع الكلي
في الفترة من يونيه 1967 حتى 8 أغسطس 1970
(الجدول الرقم 4)
أنشطة جبهات الطوق خلال مرحلة الاستنزاف
في الفترة من يونيه 1967 حتى 8 أغسطس 1970
يحى الشاعر
يحى الشاعر
يحى الشاعر
تصاعد الاستنزاف من الجانبين ..... ألأسرائيلى والمصرى .... !!!!
خلال شهري يونيه ويوليه، تصاعدت الإغارات من الجانبين. فقد نفّذ الجانب الإسرائيلي خمس إغارات، استهدفت مواقع منعزلة على ساحل خليج السويس والبحر الأحمر، كان أهمها الإغارة على الجزيرة الخضراء، شمالي الخليج، يوم 19 يوليه 1969، التي قادها "الجنرال رفائيل إيتان"، واستهدفت، في الأساس، موقع الرادار في الجزيرة. وقد أبدت القوات المدافعة جسارة نادرة، شهد لها الأعداء قبل الأصدقاء، لدرجة أن قائد الموقع ـ لما شاهد نجاح القوات الإسرائيلية في الوصول إلى الجزيرة ـ طلب من المدفعية قصف الجزيرة بالكامل، بما فيها من إسرائيليين ومصريين وكان من نتيجة ذلك أن فشلت الإغارة وتكبد الإسرائيليون خسائر كبيرة، أجبرت الجنرال إيتان على الانسحاب.
وفي المقابل، شنت القوات المصرية غارات ناجحة، على نقط العدو القوية، أحدثت تدميراً وخسائر في نقطتي شمال البلاح والشط. أما الإغارة على نقطة لسان التمساح (شرق مدينة الإسماعيلية)، وهي النقطة التي أصابت الشهيد الفريق عبدالمنعم رياض، فكانت هي الثأر المدبر من القوات الخاصة المصرية، بقيادة الشهيد المقدم إبراهيم الرفاعي. فقد أغارت هذه القوات، المدربة على أعلى مستوى، ليلة 7/ 8 يوليه 1969، وقتلت وأصابت حوالي 30 فرداً للعدو، ودمرت دبابتين، ونسفت أربع دشم، وخسرت هذه القوات تسعة شهداء.
أما الإغارة الأخرى، التي أصابت القيادة الإسرائيلية في مقتل فكانت هي الإغارة على نقطة لسان بور توفيق، ليلة 10/ 11 يوليه، وفي التوقيت نفسه، إغارة أخرى على النقطة القوية في منطقة القرش (شمال الإسماعيلية). وقد نتج عن إغارة لسان بور توفيق قتل وجرح 40 فرداً، وتدمير خمس دبابات وأربع دشم، وأسير واحد، دون أن تتكبد القوات المصرية أي خسائر. وقد أدت نتائج هذه الإغارات الأليمة على العدو، إلى تغيير جذري في خطط إسرائيل، لمجابهة الاستنزاف المصري، والتصعيد بالاستنزاف المضاد، إلى مرحلة أكثر شمولاً، بإدخال الطيران الإسرائيلي (ذراع إسرائيل الطويلة) في المعركة. ويقول "زيفي شيف" المحلل الإسرائيلي، في كتابه عن حرب الاستنزاف، "الفانتوم فوق النيل". أن عملية لسان بور توفيق هي، التي أنهت الجدل داخل أروقة القيادة الإسرائيلية، حول حتمية تدخل الطيران في المعركة.
ويستطرد، "لقد كان هذا النجاح هو أبرز ما حققه المصريون، ومن الواضح أنه كان سيحفزهم إلى نشاط أكبر، لا مناص عن إيقافهم عنه بسرعة". كما ذكرت صحيفة معاريف، نقلاً عن المتحدث العسكري الإسرائيلي: "أمام الضغط الهائل الذي مارسه المصريون في الجبهة، والحياة التي أصبحت لا تطاق على الضفة الشرقية للقناة، أقدمت القيادة الإسرائيلية على استخدام سلاح الطيران، الذي كانت كل الآراء تصر على الاحتفاظ به للمستقبل..". وقد مهدت القوات الإسرائيلية لدفع الطيران، بمحاولة التخلص من بعض الرادارات المصرية، ونقط المراقبة الجوية. لذلك، كان القصف الجوي ضد وحدة الرادار المصرية في الأردن يوم 22 إبريل 1969، وكذلك إغارة الجزيرة الخضراء، وإغارة الأدبية، ضد نقطة مراقبة جوية منعزلة.
المرحلة الثانية من حرب الاستنزاف (20 يوليه ـ نهاية عام 1969)
اعتباراً من 20 يوليه 1969، بدأت المرحلة الثانية من حرب الاستنزاف، بإدخال إسرائيل لعامل رئيسي جديد في هذه الحرب، اتسعت من خلاله مجالات المواجهة، ليشمل مسارح العمليات بالكامل، بعد أن كانت مقتصرة على المسرح البري، خلال الفترة السابقة. وقد افتتحت إسرائيل هذه المرحلة ـ التي امتدت حتى نهاية عام 1969 ـ بتنفيذ الخطة "بوكسير"، التي تتلخص في تنفيذ 500 طلعة طائرة تقصف 2500 قنبلة، بإجمالي 500 طن، على أهداف منتخبة، خلال عشرة أيام، وهي مواقع الدفاع الجوي والرادارات، ومواقع المدفعيات، والقوات في الجبهة. وكان من الطبيعي أن تتعدل الخطط المصرية، بناءً على هذا التغيير. وقد أتى هذا التعديل، بهدف إفشال الاستنزاف المضاد الإسرائيلي، والرد على العمق بالعمق، والغارات الجوية بغارات مثلها. وفي كل الأحوال، كانت التعليمات المشددة بأن تكون الأهداف، التي تهاجمها القوات المصرية أهدافاً عسكرية فقط.
وقد شهدت هذه المرحلة مباريات في السرعة، بين وحدات المدفعية المصرية، التي لم تتوقف عن تنفيذ مهامها القتالية المخططة، وبين الطيران الإسرائيلي، الذي عمل "كمدفعية طائرة".
وقد تأكد السبق للمدفعية المصرية، حيث نفذت مهامها من مواقع حصينة، وإخفاء جيد، وبتكتيكات متطورة.
كذلك، كانت هناك مباريات مهمة بين الطـيران الإسرائيلي، والعمال الذين يبنون مواقع الصواريخ، استخدم فيها الفكر المصري جميع وسائل الابتكار والخداع، وتأمين الأفراد، حتى تتم هذه الإنشاءات دون تأخير.
وصدرت التعليمات إلى التشكيلات والوحدات في الجبهة، بإنشاء مواقع صواريخ ميدانية. ووصل الأمر حداً بأن تُكلف الوحدة بالإنشاء "كمهمة قتالية"، حتى يُضمن التنفيذ الدقيق في الوقت المحدد.
ويفخر رئيس الأركان الإسرائيلي، "الجنرال حاييم بارليف"، بأنه خلال الفترة من 20 يوليه حتى 7 سبتمبر 1969، نفذت الطائرات الإسرائيلية 1000 غارة، لإجبار مصر على نشر قواتها، وتخفيف الحشد في جبهة القناة. ولكنه لم يذكر النتيجة في أن مصر استوعبت هذه الغارات، ولم تتأثر بها، بل صعّدت أعمالها القتالية. ففي ليلة 10/ 11 أغسطس 1969 نُفذت غارتان شديدتان على نقطتي الدفرسوار والفردان في وقت واحد تكبد العدو خلالها خسائر جسيمة.
واكتشفت القوات المصرية أن أفراد العدو، تخلي بعض النقط القوية ليلاً. فما كان منها إلى أن سارعت إلى نسف هذه النقط من جذورها، حتى لا يعيد العدو إنشاءها. ونفذ ذلك فعلاً في شمال الشط، وجنوب التمساح، والقرش، وجنوب البلاح، وغيرها.
ونجحت القوات المصرية في إصابة وإسقاط العديد من طائرات العدو. وأسرت طيار ميراج، سقط بطائرته في منطقة شمال القنطرة. وقد رد العدو على هذه العمليات بإغارة بالنيران ليلة 27/ 28 أغسطس، على معسكر منقباد في أسيوط، وذلك من خلال نقل بعض هاونات بطائرات الهليوكوبتر، دون أن تحدث أية خسائر. أما العملية التليفزيونية التي نفذها العدو، وصور دقائقها ووزعها على معظم المحطات العالمية، فهي إنزال سرية دبابات (ت ـ 55 من مخلفات حرب يونيه 67) في منطقة أبو الدرج، على ساحل البحر الأحمر، اتجهت جنوباً إلى الزعفرانة، مدمرة كل الأهداف والسيارات المدنية التي اعترضت طريقها، مستغلة خلوّ المنطقة تماماً من أية قوات عسكرية، سوى بعض نقاط المراقـبة، ونقطة تمركز بحرية، بها لنشي طوربيد مصريين، حرصت على تدميرهما قبل بداية الإنزال، بواسطة الضفادع البشرية.
وقد خططت إسرائيل جيدا لهذه الإغارة، وسترت أعمالها بعدد 159 طلعة جوية، ونظّمت خطة خداع كاملة قبل تنفيذها بيومين كاملين وأمنّت لها نقاط الإبرار، سواء النزول أو العودة، بواسطة مظليين، وقاد العملية الجنرال إبراهام أدان، المشهود له بالكفاءة. وقد نجحت الإغارة دعائياً. على الرغم من أنها لم يكن لها مردود عسكري، مؤثر، إلا أن تأثيرها المعنوي كان شديدا على الشعب المصري والعربي. كما كان رد فعل الإغارة عميقاً في القيادة العامة، لتحديد مسئولية عدم اكتشاف قوة الإغارة، أثناء وجودها على الشاطئ الشرقي للخليج، قبل تنفيذ العملية.
وكذا، مسئولية عدم اتخاذ إجراء إيجابي قوي، لمواجهة القوة بعد نزولها على الشاطئ الغربي وبقائها ستة ساعات. وقد استغلت إسرائيل هذه الإغارة إعلاميا بطريقة مثيرة، بعد أن سجلت لها فيلما عرضته على الشعب الإسرائيلي.
الرد المصري على العملية الإسرائيلية، في أبو الدرج
وكان الرد المصري على هذه العملية حاسماً، حيث نُفذت أول هجمة جوية منظمة، منذ حرب يونيه 67، بقوة ستين طائرة، اختيرت لها أهدافا في العمق البعيد، حتى تفاجأ القوات الإسرائيلية في تلك المناطق.
ونفذت الطائرات ضربتها بقوة وحسم، ظهر يوم 11 سبتمبر 1969، وعادت جميعها سالمة. ثم أغارت وحدة خاصة على موقع منعزل بمنطقة مصفق (85 كم شرق القناة على الطريق الساحلي). ودمرته وقتلت كل من فيه.
وبمرور الأيام، وتصاعد أعمال الاستنزاف، كان عود المقاتل المصري يشتد، والحاجز النفسي يتحطم. وقد انعكس ذلك على أعمال قتال الربع الأخـير من عام 1969، حيث كان ساحلي البحر الأحمر وخليج السويس (الشرقي والغربي) هما مسرح العملـيات، لمعظم الأعمال القتالية. وقد افتتحت القوات الخاصة المصرية أول أيام شهر أكتوبر 1969، بعملية كبري للرد على إنزال العدو في الزعفرانة، في الشهر السابق. فقد أبرت قوة من المجموعة 39 عمليات خاصة، بحراً وجواً، في منطقة رأس ملعب.
وتقدمت على الطريق الساحلي في هذه المنطقة، حتى رأس مطارمة، ونسفت جميع الأهداف العسكرية، ثم نسفت الطريق نفسه. ووضعت ألغاماً وشراكاً خداعية في بعض المناطق، وعادت سالمة.
وقد انفجرت هذه الألغام في القوات الإسرائيلية، التي هرعت للنجدة، بعد انسحاب القوة. وفي ليلة 3/4 أكتوبر، وقع هجوم على النقطة القوية في "الدفرسوار"، وفيها تكبد العدو خسائر كبيرة، من خلال قتال متلاحم، يصفه "زيف تشيف" في كتابه، بأنه "كان قتالاً يداً بيد". ولم يكن العدو صامتاً خلال هذا الشهر، ولكن كرر محاولاته في البحر الأحمر، من خلال عمليات محدودة على هيئة إغارات وكمائن، في أبو الدرج ورأس شقير، لم يكن لها تأثير يذكر.
تنفيذ الكمائن النهارية
في شهري نوفمبر وديسمبر، تملكت القوات المصرية زمام المبادرة، وتوسعت في أعمال الكمائن النهارية، بعد أن أوقف العدو التحركات الليلية، تفادياً للكمائن. التي دمرت الكثير من قواته المتحركة. وقد خطط عمل الكمائن بحيث تعبر في الربع الأخير من الليل، وتختفي تماماً في منطقة عملها، وتزيل آثار تحركاتها. ذلك أن داوريات العدو كانت تمسح الشاطيء الشرقي للقناة في أول ضوء، بحثاً عن آثار عبور القوات المصرية. وكان الكمين، يعود، بعد تنفيذ مهمته مباشرة، تحت ستر نيران المدفعية، التي تكون جاهزة باستمرار لمعاونته. وفي حالة عدم مرور عناصر العدو في منطقة الكمين، فإنه يعود تحت ستار الليل، ويُستبدل بكمين آخر، وهكذا. وقد نجحت ثلاثة كمائن من تنفيذ مهامها، خلال شهر نوفمبر، في منطقة الشط والجباسات وجسر الحرش.
الاغارات المشتركة
خلال ليلة 27، 28 نوفمبر 1969: نسفت القوات الخاصة طريق شرم الشيخ ـ الطور في منطقة جنوب سيناء، من خلال عملية إبرار بحري وجوي، كما أغارت على بعض الأهداف، في المنطقة.
خلال ليلة 29/30 نوفمبر 1969: أغارت مجموعة من القوات الخاصة على موقع شمالي الشط، أدى إلى قتل وإصابة 70 فرداً، وتدمير ثلاث دبابات، وعدد من الدشم.
يوم 6 ديسمبر 1969: احتلت قوة، تقدر بحوالي مجموعه كتيبة مشاة، الضفة الشرقية للقناة، بعد تدمير جميع الأهداف المعادية، والإحتياطيات المحلية، ومنطقة شؤونه الإدارية، مع التمسك بالأرض. وطلب قائد الجيش الثاني، استمرار هذه القوة في مواقعها شرقاً، على أن يتولى الجيش تأمين أعمال قتالها، ولكن وزير الحربية أمر بعودة القوة، حتى لا يتم الخروج عن الأهداف المخططة لحرب الاستنزاف. وبالفعل، عادت القوة بعد آخر ضوء يوم 7 ديسمبر، بعد أن ثبتت العلم المصري على الضفة الشرقية، وظل مرفوعاً تحميه نيران القوات المصرية من الشاطيء الآخر، حتى إيقاف إطلاق النيران.
يوم 14 ديسمبر 1969: تمكن كمين نهاري من اللواء 117 مشاة، من تدمير عربة جيب متقدمة على الطريق، وقتل أربعة أفراد، وأسر أول ضابط إسرائيلي في حرب الاستنزاف (النقيب دان أفيدان)، وقد حمله الجنود وعادوا به إلى الضفة الغربية نظـراً لإصابته.
رد الجانب الإسرائيلي على عمليات الإغارة، خلال شهري نوفمبر وديسمبر
جاء رد الجانب الإسرائيلي على نشاط القوات المصرية، في اتجاه رأس غارب ليلة 26/ 27 ديسمبر 1969، من خلال عملية مدبرة، أحسن الإسرائيليون خلالها اختيار الهدف. ونفذت المهمة بكفاءة، لخطف محطة رادار "ب ـ 12". وكان لهذا الرادار موقع رئيسي وموقع هيكلي، والمسافة بينهم كبيرة، وحتى يمكن الخداع عن مكان محطة الرادار الحقيقية، تركت بأقل عدد من أفراد الحراسة، حتى تظهر على أنها هي المحطة الرئيسية. وقد اكتشف العدو هذه الخدعة، سواء من خلال تصويره الجوي، أو الاستطلاع الإلكتروني، أو من خلال عملاء. واستغل العدو هذه الخدعة جيداً، ونفذ عمليته بتركيز القصف الجوي على المحطة الخداعية، وضد قوات الحراسة والاحتياطيات.
ولكن كانت هناك عملية أخرى تنفذ في الوقت نفسه، وهي دفع طائرتين هيليكوبتر ثقيلة لحمل جهاز الرادار الحقيقي، إلى الشاطئ الآخر من الخليج. ولم يتوقف القصف ضد الرادار الهيكلي، أو قوات الحراسة والاحتياطيات، إلاّ بعد وصول الرادار إلى الشاطئ الآخر.
وكان رد القوات المصرية على هذه العملية، في اليوم التالي مباشرة، بوساطة المجموعة 39 قوات خاصة، في منطقة رأس سدر ـ دهب، حيث دمرت بعض الأهداف المعادية.
يحى الشاعر
الجداول المفصلة عن حــرب الأستنزاف منذ يونيو 1967 حتى آخر 1970 ....!!!!
نظرا لأسباب تقنية بحتة ، تسبب صعوبة نشر الجداول التفصيلية ، عن تدرج أنشطة القتال البرية المصرية في الشدة شهريا ومعدلاتها اليومية و\ الأعمال الإيجابية الناجحة (بالقوات) في الفترة من يونيه 1967 حتى 8 أغسطس 1970 علاوة على أنواع أنشطة القتال البرية المصرية ونسبتهم المئوية إلى المجموع الكلي بالأضافة الى أنشطة جبهات الطوق خلال مرحلة الاستنزاف في الفترة من يونيه 1967 حتى 8 أغسطس 1970 ، فقد أددت الجــداول التالية ، التى يمكن مشاهدتهم على الرابطة التى أبينها أدناه
الجداول
(الجدول الرقم 1)
الأعمال الإيجابية الناجحة (بالقوات) في الفترة من يونيه 1967 حتى 8 أغسطس 1970
(الجدول الرقم 2)
تدرج أنشطة القتال البرية المصرية في الشدة شهريا ومعدلاتها اليومية
خلال عام 1969 (مرحلة حرب الاستنزاف)
(الجدول الرقم 3)
أنواع أنشطة القتال البرية المصرية ونسبتها المئوية إلى المجموع الكلي
في الفترة من يونيه 1967 حتى 8 أغسطس 1970
(الجدول الرقم 4)
أنشطة جبهات الطوق خلال مرحلة الاستنزاف
في الفترة من يونيه 1967 حتى 8 أغسطس 1970
يحى الشاعر
يحى الشاعر
يحى الشاعر