حروبهم جهاد ذكرى الآباء المحاربين تعود مع أحداث الجنوب
جنود سعوديون أثناء حرب 73
اللي بالمدفع حدرها
واللي جاكم خبرها"
أهزوجة النصر التي صدحت بها حناجر مجموعة من أفراد الجيش السعودي وهم يلعبون "الدحة" بعد أن أسقطت مدافعهم طائرة إسرائيلية قبل أكثر من 36 سنة، كان يقف خلف المدفع العريف عبيد حماد العمراني والجندي نومان مسعد العطوي.
ما زالت جبال الكرك والشام ومرتفعات الجولان تردد ذات القصيدة، ولا تزال تحفظ ما قدمه أبطال الجيش السعودي من تضحيات خالدة، بعضهم يعيش بيننا ويذكر مآثرهم، وبعضهم الآخر مات هناك وانضم إلى ركب الشهداء.
أبي الذي غادرنا وأنا في الثانية من عمري، لم يغب عن ذاكرتي، وأنا أراه كل يوم يتجسد في صور أبناء الجيش السعودي الذين يدافعون اليوم عن الحدود الجنوبية، وحينما وقفت على قبر والدي في مقبرة الشهداء بدمشق (الوطن: 26 أكتوبر 2009) تفتحت عيناي على حقيقة مقلقة: قصص هؤلاء المحاربين لم تكتب بعد.
بدأت من جديد كمن يبحث عن والده الراحل في كل شهيد، بل في كل من شارك في تلك الحرب، وعدت إلى مقبرة الشهداء محصياً الأسماء على تلك الشواهد الشامخة اسماً اسماً، ورحت أربط بينها، وأتتبع الأسر والقبائل، وأسجل القصص والمعلومات وأوثقها، باحثاً عن أولئك الآباء الذين حاربوا شمالاً، ويحارب أبناؤهم اليوم في الجنوب.
ولأول مرة في الصحافة السعودية، تنشر "الوطن" اليوم قائمة بأسماء شهداء الجيش السعودي المشارك في حرب 73 والمدفونين في مقابر الشهداء بمنطقة نجها بدمشق.
دمهم لم يبرد بعد... هكذا تحدثنا أشجار الزيتون التي نمت وترعرعت بجوارهم، وأخذت العهد على البقاء رمزاً للسلام الذي يرتوي بدمائهم.
كانت الساعة تشير إلى الثانية ظهراً من يوم الخميس 14 رمضان عام 1973 عندما تلقى العميد (الملازم آنذاك) ناصر حماد الحويطي برقية من قيادته في تبوك تطالبه بقطع إجازته والعودة لتلبية نداء الواجب.
بكبرياء المحاربين القدامى يتحدث العميد المتقاعد ناصر حماد الحويطي، الذي قضى 35 سنة في العمل العسكري، عن تلك اللحظات، ويقول: كنت في طريقي إلى محافظة حقل لإتمام ترتيبات زواجي عندما وصلتني برقية تطالبني بالعودة واستكمال تجهيزات المغادرة إلى جبهة القتال في سوريا، حيث رجعت مباشرة حتى قبل أن أصل إلى بيت عائلتي.
تحرك الجيش السعودي إلى ساحات الكرامة بهمم عالية ومعنوية تناطح السحاب وكان الأهالي في الأردن وسوريا يستقبلونهم على الطريق بهتافات التشجيع و"زغاريت" الفرح ويلقون عليهم الورد وهم يدعون الله بأن ينصرهم.
ويكمل الحويطي حديثه: تحركت قواتنا التي يصل تعدادها إلى نحو 40 ألف مقاتل بكامل تجهيزاتهم وآلياتهم، وخلال يومين فقط أخذنا مواقعنا على خط المواجهة مع العدو الإسرائيلي في تل مرعي وجبل الشيخ والكسوة، حيث كانت المسافة بيننا وبينهم في بعض المواقع لا تتعدى 400م حتى أنهم كانوا يطلقون علينا النار حينما نجتمع لأداء الصلاة ونحو ذلك، وكنا نرد عليهم بوابل من القذائف والضربات الموجعة.
بطولات الجيش
كانت قصص بطولات الجيش السعودي في حرب 73 تؤكد بسالتهم، ولا تزال ذاكرة المقاتلين تحتفظ بالعديد من القصص البطولية ومنها قيام الجندي محمد علي بن معصر العسيري بأسر جنديين من جنود العدو الإسرائيلي، حيث يذكر خال أبنائه سعيد بن عيسى العسيري، أنه قام بالتسلل ليلاً إلى عقر دار العدو، وتجاوز الحواجز والأسلاك الشائكة والمناطق الملغمة، ثم راقب سيارة خاصة بالاتصالات العسكرية تقل اثنين من الجنود الإسرائيليين، فداهمهما ونزع أسلحتهما ثم اقتادهما إلى مقر وحدته وسلمهما لقيادته.
ويضيف سعيد العسيري أن محمداً رحمه الله بعد أن نفذ مهمته البطولية تلقى تكريماً من الملك فيصل طيب الله ثراه حيث أمر بترقيته من رتبة جندي إلى وكيل.
وإذ لا توجد وثائق ورقية لقصة العسيري، إلا أن ثلاثة مشاركين في حرب 73 أكدوها بتفاصيلها لـ"الوطن"، وهم: العميد ناصر الحويطي ورئيس الرقباء مرزوق البلوي ومسفر بن فهد صالح القحطاني، وأضاف الأخير قصة مشابهة بتفاصيل دقيقة لقيام بعض أفراد الجيش السعودي بالتسلل إلى المواقع المحتلة رغم شدة القصف لإنقاذ أجهزتهم من السيارات المعطوبة، ومنها تفكيك مدفع من سيارة معطوبة بعد أن شاهدوه عبر المناظير وتأكدوا من سلامته، إذ قاموا بتفكيكه وحمله إلى وحدتهم.
ويعلق العميد الحويطي: شجاعة الجندي السعودي وبسالته يصعب قياسها، وقد عاصرت هذا الأمر وشاهدت بأم عيني كيف كانوا يستبسلون في قتالهم، بل يجعلون من التردد في تنفيذ المهام أو التخاذل عاراً يلاحقهم ويلاحق قبائلهم وعائلاتهم، حتى أصبحوا يتفاخرون في حجم التضحيات ويتغنون بإنجازاتهم وإقدامهم.
الرئيس الرقباء المتقاعد مرزوق بن رشيد البلوي أحد المشاركين في حرب 73 يتحدث عن مشاعرهم أثناء تلك الحرب فيقول: كان الجميع بدون استثناء متشوقاً لقتال العدو، تدفعهم إلى ذلك عقيدتهم وما عاشوا عليه من أنفة وعزة، حتى أنني لا أتذكر أبداً أن أحداً من الزملاء قام بالاستئذان أو قدم الأعذار في أوقات المهام والواجبات، بل إنهم يقاتلون حتى أثناء إصابتهم، وأتذكر جيداً حال أحد الرفاق الذي كان مصاباً إصابة بليغة في قدمه ورفض إجلاءه واستمر ممسكاً بندقيته مواصلاً القتال.
ويعود الحويطي إلى القول: تمكن الجيش السعودي في معركة الخرافيش من تدمير نقطة مراقبة إسرائيلية وإجبار العدو على الانسحاب منها بعد أن ضربها بالمدفعية، وكذلك ما قام به الجيش في تل الفرس.
ويضيف: تخفي الجيوش عادة قتلاها خشية على معنويات الجنود، فيما يفاخر الجيش السعودي بقتلاه ويجعل من الشهداء دافعاً للاستمرار والعزيمة.
الكثير من القصص التي لا يمكن ضمان صحة تفاصيلها إلا بجهد مؤسسي مدعوم، تحكي قصة مقاتلين شجعان لا يختلفون كثيراً عن غيرهم، إلا في جزئية شديدة الحساسية: ففي حين تحارب الجيوش دفاعاً عن تراب أو مبدأ، فإن هؤلاء الآباء، حين دافعوا عن أرضهم، فقد دافعوا عن تراب مقدس، أما مبدؤهم فعبارة عن عقيدة حملوا لواءها طوال 14 قرناً.
كتب عليهم أن تكون كل حروبهم جهاداً، وكل تضحياتهم شهادة.
سارعي للمجد والعلياء
بدأ الجيش السعودي نشاطاته القتالية فور وصول طلائعه إلى أرض المعركة في سوريا، صباح يوم الأحد 14 أكتوبر 1973 (18 رمضان عام 1393) حيث أصدرت القيادة العامة السورية أمراً بإلحاق القوات السعودية على قيادة منطقة دمشق للدفاع عن منطقة دمشق، وذلك باحتلال المحاور الرئيسة المؤدية إلى العاصمة السورية.
إذ سرعان ما اشتبك المحاربون السعوديون مع العدو الإسرائيلي وصدوا هجوماً شنه على القطاع، وذلك بحسب موسوعة مقاتل من الصحراء في موقعها على الإنترنت.
ويذكر تقرير في مجلة الدفاع الصادرة عن إدارة الشؤون العامة بوزارة الدفاع والطيران السعودية بتاريخ (11 أكتوبر 2000م) أن فوج المدرعات (بانهارد) السعودي احتل الهيئات الأرضية المشرفة على المحاور الرئيسة، وفي نفس الوقت أرسلت سرايا مدرعة لحماية مقدمة بعض الألوية السورية أثناء إعادة تنظيمها في منطقة "غباغب" ( حوالي 40 كلم جنوب دمشق) كما أرسلت سرية مدرعة للعمل في منطقة "تل الشيخ" الواقع شرقي قرية "كناكر" السورية بالتعاون مع قطعات ووحدات الفرقة السابعة مشاة السورية.
ويضيف التقرير أن القوات السعودية تلقت أمراً من القيادة العامة السورية بإلحاقها على الفرقة السابعة مشاة السورية يوم الخميس (22 رمضان 1393) وتم تنفيذ احتلالها لمواقعها الدفاعية، داخل النطاق الدفاعي للفرقة المذكورة والتي قامت فيما بعد بالإغارة على العدو في "تل مرعي" كما عززت المصفحات السعودية طراز (بانهارد) ومدافع م-د عيار 106 ملم من السرية م-د السعودية التابعة للواء العشرين السعودي القوات السورية في معركة "تل مرعي" التي بدأت منتصف ليلة 20 أكتوبر 1973م.
ويسرد التقرير وقائع المعركة حين قام العدو الإسرائيلي بهجوم قوي ومركز لاحتلال التل المذكور بعد تمهيد ناري عنيف صمد له المقاتلون العرب ببسالة كبيرة وقدموا تضحيات عظيمة في سبيل الدفاع عنه ولكن نتيجة لتفوق القوة المعادية ووقوع خسائر مادية وبشرية في صفوفهم، بدأت وحدات الإغارة بالانسحاب بعد استئذان قيادة الفرقة بذلك، وعادت إلى قواعد انطلاقها بعد أداء هذه المهمة القتالية الجريئة، التي دللت على حسن تدريب الجنود والقادة السعوديين وتمتعهم بكفاءة قتالية عالية.
"كانوا متلهفين للقاء العدو، وقاتلوا جنباً إلى جنب مع أشقائهم الجنود السوريين، وكانوا مخلصين وأوفياء في أداء واجباتهم القتالية" كما يختتم التقرير.
خسر الجيش الإسرائيلي في حرب 73 التي يسميها حرب يوم الغفران 2569 جندياً وأصيب 3700 مقاتل و301 أسير، وذلك بحسب موقع "واي نت" نقلاً عن الموسوعة الإسرائيلية، الذي يضيف أن رئيس هيئة الأركان خلال الحرب، ديفيد أليعازر، قال في مقابلة صحفية: لقد شاركت في الحروب التي خاضتها إسرائيل، وأعتقد أن هذه أصعبها، وكانت أقصر بكثير من حرب الاستقلال ولكنها الأكثر صعوبة.
منقول من الاخ فكاك الانشاب
جنود سعوديون أثناء حرب 73
تبوك، دمشق: عبدالقادر عياد
"والله الجيش السعودياللي بالمدفع حدرها
واللي جاكم خبرها"
أهزوجة النصر التي صدحت بها حناجر مجموعة من أفراد الجيش السعودي وهم يلعبون "الدحة" بعد أن أسقطت مدافعهم طائرة إسرائيلية قبل أكثر من 36 سنة، كان يقف خلف المدفع العريف عبيد حماد العمراني والجندي نومان مسعد العطوي.
ما زالت جبال الكرك والشام ومرتفعات الجولان تردد ذات القصيدة، ولا تزال تحفظ ما قدمه أبطال الجيش السعودي من تضحيات خالدة، بعضهم يعيش بيننا ويذكر مآثرهم، وبعضهم الآخر مات هناك وانضم إلى ركب الشهداء.
أبي الذي غادرنا وأنا في الثانية من عمري، لم يغب عن ذاكرتي، وأنا أراه كل يوم يتجسد في صور أبناء الجيش السعودي الذين يدافعون اليوم عن الحدود الجنوبية، وحينما وقفت على قبر والدي في مقبرة الشهداء بدمشق (الوطن: 26 أكتوبر 2009) تفتحت عيناي على حقيقة مقلقة: قصص هؤلاء المحاربين لم تكتب بعد.
بدأت من جديد كمن يبحث عن والده الراحل في كل شهيد، بل في كل من شارك في تلك الحرب، وعدت إلى مقبرة الشهداء محصياً الأسماء على تلك الشواهد الشامخة اسماً اسماً، ورحت أربط بينها، وأتتبع الأسر والقبائل، وأسجل القصص والمعلومات وأوثقها، باحثاً عن أولئك الآباء الذين حاربوا شمالاً، ويحارب أبناؤهم اليوم في الجنوب.
ولأول مرة في الصحافة السعودية، تنشر "الوطن" اليوم قائمة بأسماء شهداء الجيش السعودي المشارك في حرب 73 والمدفونين في مقابر الشهداء بمنطقة نجها بدمشق.
دمهم لم يبرد بعد... هكذا تحدثنا أشجار الزيتون التي نمت وترعرعت بجوارهم، وأخذت العهد على البقاء رمزاً للسلام الذي يرتوي بدمائهم.
كانت الساعة تشير إلى الثانية ظهراً من يوم الخميس 14 رمضان عام 1973 عندما تلقى العميد (الملازم آنذاك) ناصر حماد الحويطي برقية من قيادته في تبوك تطالبه بقطع إجازته والعودة لتلبية نداء الواجب.
بكبرياء المحاربين القدامى يتحدث العميد المتقاعد ناصر حماد الحويطي، الذي قضى 35 سنة في العمل العسكري، عن تلك اللحظات، ويقول: كنت في طريقي إلى محافظة حقل لإتمام ترتيبات زواجي عندما وصلتني برقية تطالبني بالعودة واستكمال تجهيزات المغادرة إلى جبهة القتال في سوريا، حيث رجعت مباشرة حتى قبل أن أصل إلى بيت عائلتي.
تحرك الجيش السعودي إلى ساحات الكرامة بهمم عالية ومعنوية تناطح السحاب وكان الأهالي في الأردن وسوريا يستقبلونهم على الطريق بهتافات التشجيع و"زغاريت" الفرح ويلقون عليهم الورد وهم يدعون الله بأن ينصرهم.
ويكمل الحويطي حديثه: تحركت قواتنا التي يصل تعدادها إلى نحو 40 ألف مقاتل بكامل تجهيزاتهم وآلياتهم، وخلال يومين فقط أخذنا مواقعنا على خط المواجهة مع العدو الإسرائيلي في تل مرعي وجبل الشيخ والكسوة، حيث كانت المسافة بيننا وبينهم في بعض المواقع لا تتعدى 400م حتى أنهم كانوا يطلقون علينا النار حينما نجتمع لأداء الصلاة ونحو ذلك، وكنا نرد عليهم بوابل من القذائف والضربات الموجعة.
بطولات الجيش
كانت قصص بطولات الجيش السعودي في حرب 73 تؤكد بسالتهم، ولا تزال ذاكرة المقاتلين تحتفظ بالعديد من القصص البطولية ومنها قيام الجندي محمد علي بن معصر العسيري بأسر جنديين من جنود العدو الإسرائيلي، حيث يذكر خال أبنائه سعيد بن عيسى العسيري، أنه قام بالتسلل ليلاً إلى عقر دار العدو، وتجاوز الحواجز والأسلاك الشائكة والمناطق الملغمة، ثم راقب سيارة خاصة بالاتصالات العسكرية تقل اثنين من الجنود الإسرائيليين، فداهمهما ونزع أسلحتهما ثم اقتادهما إلى مقر وحدته وسلمهما لقيادته.
ويضيف سعيد العسيري أن محمداً رحمه الله بعد أن نفذ مهمته البطولية تلقى تكريماً من الملك فيصل طيب الله ثراه حيث أمر بترقيته من رتبة جندي إلى وكيل.
وإذ لا توجد وثائق ورقية لقصة العسيري، إلا أن ثلاثة مشاركين في حرب 73 أكدوها بتفاصيلها لـ"الوطن"، وهم: العميد ناصر الحويطي ورئيس الرقباء مرزوق البلوي ومسفر بن فهد صالح القحطاني، وأضاف الأخير قصة مشابهة بتفاصيل دقيقة لقيام بعض أفراد الجيش السعودي بالتسلل إلى المواقع المحتلة رغم شدة القصف لإنقاذ أجهزتهم من السيارات المعطوبة، ومنها تفكيك مدفع من سيارة معطوبة بعد أن شاهدوه عبر المناظير وتأكدوا من سلامته، إذ قاموا بتفكيكه وحمله إلى وحدتهم.
ويعلق العميد الحويطي: شجاعة الجندي السعودي وبسالته يصعب قياسها، وقد عاصرت هذا الأمر وشاهدت بأم عيني كيف كانوا يستبسلون في قتالهم، بل يجعلون من التردد في تنفيذ المهام أو التخاذل عاراً يلاحقهم ويلاحق قبائلهم وعائلاتهم، حتى أصبحوا يتفاخرون في حجم التضحيات ويتغنون بإنجازاتهم وإقدامهم.
الرئيس الرقباء المتقاعد مرزوق بن رشيد البلوي أحد المشاركين في حرب 73 يتحدث عن مشاعرهم أثناء تلك الحرب فيقول: كان الجميع بدون استثناء متشوقاً لقتال العدو، تدفعهم إلى ذلك عقيدتهم وما عاشوا عليه من أنفة وعزة، حتى أنني لا أتذكر أبداً أن أحداً من الزملاء قام بالاستئذان أو قدم الأعذار في أوقات المهام والواجبات، بل إنهم يقاتلون حتى أثناء إصابتهم، وأتذكر جيداً حال أحد الرفاق الذي كان مصاباً إصابة بليغة في قدمه ورفض إجلاءه واستمر ممسكاً بندقيته مواصلاً القتال.
ويعود الحويطي إلى القول: تمكن الجيش السعودي في معركة الخرافيش من تدمير نقطة مراقبة إسرائيلية وإجبار العدو على الانسحاب منها بعد أن ضربها بالمدفعية، وكذلك ما قام به الجيش في تل الفرس.
ويضيف: تخفي الجيوش عادة قتلاها خشية على معنويات الجنود، فيما يفاخر الجيش السعودي بقتلاه ويجعل من الشهداء دافعاً للاستمرار والعزيمة.
الكثير من القصص التي لا يمكن ضمان صحة تفاصيلها إلا بجهد مؤسسي مدعوم، تحكي قصة مقاتلين شجعان لا يختلفون كثيراً عن غيرهم، إلا في جزئية شديدة الحساسية: ففي حين تحارب الجيوش دفاعاً عن تراب أو مبدأ، فإن هؤلاء الآباء، حين دافعوا عن أرضهم، فقد دافعوا عن تراب مقدس، أما مبدؤهم فعبارة عن عقيدة حملوا لواءها طوال 14 قرناً.
كتب عليهم أن تكون كل حروبهم جهاداً، وكل تضحياتهم شهادة.
سارعي للمجد والعلياء
بدأ الجيش السعودي نشاطاته القتالية فور وصول طلائعه إلى أرض المعركة في سوريا، صباح يوم الأحد 14 أكتوبر 1973 (18 رمضان عام 1393) حيث أصدرت القيادة العامة السورية أمراً بإلحاق القوات السعودية على قيادة منطقة دمشق للدفاع عن منطقة دمشق، وذلك باحتلال المحاور الرئيسة المؤدية إلى العاصمة السورية.
إذ سرعان ما اشتبك المحاربون السعوديون مع العدو الإسرائيلي وصدوا هجوماً شنه على القطاع، وذلك بحسب موسوعة مقاتل من الصحراء في موقعها على الإنترنت.
ويذكر تقرير في مجلة الدفاع الصادرة عن إدارة الشؤون العامة بوزارة الدفاع والطيران السعودية بتاريخ (11 أكتوبر 2000م) أن فوج المدرعات (بانهارد) السعودي احتل الهيئات الأرضية المشرفة على المحاور الرئيسة، وفي نفس الوقت أرسلت سرايا مدرعة لحماية مقدمة بعض الألوية السورية أثناء إعادة تنظيمها في منطقة "غباغب" ( حوالي 40 كلم جنوب دمشق) كما أرسلت سرية مدرعة للعمل في منطقة "تل الشيخ" الواقع شرقي قرية "كناكر" السورية بالتعاون مع قطعات ووحدات الفرقة السابعة مشاة السورية.
ويضيف التقرير أن القوات السعودية تلقت أمراً من القيادة العامة السورية بإلحاقها على الفرقة السابعة مشاة السورية يوم الخميس (22 رمضان 1393) وتم تنفيذ احتلالها لمواقعها الدفاعية، داخل النطاق الدفاعي للفرقة المذكورة والتي قامت فيما بعد بالإغارة على العدو في "تل مرعي" كما عززت المصفحات السعودية طراز (بانهارد) ومدافع م-د عيار 106 ملم من السرية م-د السعودية التابعة للواء العشرين السعودي القوات السورية في معركة "تل مرعي" التي بدأت منتصف ليلة 20 أكتوبر 1973م.
ويسرد التقرير وقائع المعركة حين قام العدو الإسرائيلي بهجوم قوي ومركز لاحتلال التل المذكور بعد تمهيد ناري عنيف صمد له المقاتلون العرب ببسالة كبيرة وقدموا تضحيات عظيمة في سبيل الدفاع عنه ولكن نتيجة لتفوق القوة المعادية ووقوع خسائر مادية وبشرية في صفوفهم، بدأت وحدات الإغارة بالانسحاب بعد استئذان قيادة الفرقة بذلك، وعادت إلى قواعد انطلاقها بعد أداء هذه المهمة القتالية الجريئة، التي دللت على حسن تدريب الجنود والقادة السعوديين وتمتعهم بكفاءة قتالية عالية.
"كانوا متلهفين للقاء العدو، وقاتلوا جنباً إلى جنب مع أشقائهم الجنود السوريين، وكانوا مخلصين وأوفياء في أداء واجباتهم القتالية" كما يختتم التقرير.
خسر الجيش الإسرائيلي في حرب 73 التي يسميها حرب يوم الغفران 2569 جندياً وأصيب 3700 مقاتل و301 أسير، وذلك بحسب موقع "واي نت" نقلاً عن الموسوعة الإسرائيلية، الذي يضيف أن رئيس هيئة الأركان خلال الحرب، ديفيد أليعازر، قال في مقابلة صحفية: لقد شاركت في الحروب التي خاضتها إسرائيل، وأعتقد أن هذه أصعبها، وكانت أقصر بكثير من حرب الاستقلال ولكنها الأكثر صعوبة.
منقول من الاخ فكاك الانشاب