الوضــــع الدولــي قبل أحـداث حرب 1967 ردود فعل أمريكا وروسيا وزيارة سكرتير الأمم المتحدة للقاهرة
أولا : الولايات المتحدة ... واشنطن:.
1 - بدأ ـ "أفراييم أيفـرون" الوزير المفوض في السفارة الإسرائيلية في الولايات المتحدة،"والذي تم تعيينه مندوباً للمخابرات الإسرائيلية، ومختص بالتنسيق مع مجلس الأمن القومي الأمريكي – "نشاطه للتنسيق الأمريكي – الإسرائيلي في مجال الاستخبارات .. وكـان رأي إسرائيل كما نقله "أفراييم" أن الوضع الآن أصبح حساساً، وأن إغلاق خليج العقبة معناه الحرب من وجهة نظر إسرائيل وكانت الولايات المتحدة، تتابع الموقف لصالح إسرائيل تماماً.
في الصباح وقع "جونسون" رسالة موجهة إلى رئيس الحكومة السوفيتية تفيد بأن كلا: الحكومتين سوف تساند الطرف التابع لها. ومن ثم سوف ينشأ موقف متدهور في المنطقة ومن ثم يجب اتخاذ إجراء مشترك يمكنهما منه حل الأزمة – ونلاحظ أن المعالجة الأمريكية كانت تستهدف تحييد الاتحاد السوفيتي وتعد تمويهاً جيداً لأن الولايات المتحدة – كانت تعلم – بل ومتورطة – بأن إسرائيل تخطط للحرب منذ فترة.
2 - أعلن الرئيس "جونسون" فور سماع النبأ "أن إغلاق خليج العقبة في وجه الملاحة الإسرائيلية عمل غير شرعي وأن الولايات المتحدة ما زالت ملتزمة بالمحافظة على سلامة جميع دول منطقة الشرق الأوسط … لقد فزعنا بسبب الانسحاب المتسرع لقوات الطوارئ وعموماً كان موقفها ذا شقين متعارضين تماماً الأول دبلوماسي يتلخص في الرسالة الواردة من واشنطن إلى سفيرهم في القاهرة يوم 23 مايو تطلب تأكيد قرار إغلاق المضيق .. وتطلب إذا كان هذا حقيقة "فعلية أن ينقل للحكومة المصرية" قلق واشنطن الشديد من هذا الإجراء" .. كذلك من رسالة الرئيس "جونسون" إلى الرئيس "عبدالنـاصر" التي جاءت في عبارات رقيقة ويقول فيها "أدعوك إلى أن تجعل أولويتك الأولى لشعبك ولمنطقتك وللمجتمع العالمي هدف تجنب قيام أعمال عدوانية". وقد أعقب ذلك بيان رسمي صدر من البيت الأبيض يـوم 23 مايو يحدد النقاط التي أدت إلى التوتر من خرق اتفاقيات الهدنة إلى سحب قوة الطوارئ الدولية، إلى الحشود العسكرية، ثم يحدد الموقف في "أن ما قيل عن إغلاق خليج العقبة في وجه السفن الإسرائيلية قد أضاف بعداً جديداً وخطيراً للأزمة، إن الولايات المتحدة تعد هذا الخليج ممراً مائياً دولياً، وتشعر بأن فرض حصار على سفن إسرائيل أمر غير مشروع، وفيه احتمال لكارثة تحل بقضية السلام .. إن حق المرور الحر البريء في هذا الممر المائي الدولي له أهميته الحيوية للمجتمع الدولي". (الوثيقة الرقم 5).
أما الشق الثاني فقد تكشف يومي 25، 26 مايو من خلال ترحيل الأسر الأمريكية من مصر، ومن إجراءات الرئيس "جونسـون" لتكوين أسطول عالمي لفتح خليج العقبة بالقوة، ومن خلال تحركات بحرية كثيفة لتعزيز الأسطول السادس في البحر الأبيض، والسابع في المحيط الهندي، في نفس الوقت هناك ظواهر كثيرة للتنسيق بين الأسطولين الأمريكي والبريطاني.
الأتحاد السوفييتى ... مـــوســـــكو:.:.
1 - بعد أكثر من أسبوع بدأ أول رد فعل للاتحاد السوفيتي .. وكان الرد على هيئة رسالة من القادة السوفيت سلمت إلى الرئيس "عبدالناصر" مساء يوم 22 مايو (قبل علمهم بإغلاق مضيق العقبة) وتحوي الرسالة تأييداً للموقف المصري .. وقد طلب الرئيس "عبدالناصر" من السفير السوفيتي أن يكون موقفهم أكثر فعالية، لأن الموقف تغير، ولم يعد التهديد موجه إلى سورية، بل إلى مصر ولا بد أن يكون موقف الاتحاد السوفيتي – كقوة عظمى – على مستوى مواجهة القوة العظمى الأخرى – الولايات المتحدة – التي تؤيد إسرائيل وتدعمها تدعيماً مطلقاً .. وقد لبى الاتحاد السوفيتي فعلاً طلب الرئيس من خلال بيان قوي أعلنته القيادة السوفيتية يوم 23 مايو يذكر في أحد فقراته "إن كل من يغامر بشن عدوان في الشرق الأوسط لن يواجه فقط القوى المتحدة للدول العربية، بل سيواجه مقاومة صلبة من الاتحاد السوفيتي والدول المحبة للسلام".
وفي يوم 25 مايو 1967، سافر وفد عسكري مصري رفيع المستوى برئاسة وزير الحربية "شمس بدران" إلى موسكو بهدف التنسيق في مجالات الأمن المتبادل، واستعجال تنفيذ صفقات السلاح وتقديم مطالب جديدة تتناسب مع الموقف واستطلاع رأي موسكو فيما يجري حـالياً في منطقة الشرق الأوسط .. ووصل الوفد – بتوجيهات محددة من الرئيس "عبدالناصر والمشير" – إلى موسكو يوم 25 مايو، وكان أول اجتماع لهم مع الجنرال "جريتشكو" وزير الدفاع السوفيتي حيث كان رأيه الذي نقله إلى الوفد "أنه يرى أن الاستعماريين لن يجرءوا على شن حرب، فالشعوب العربية قوية ومتحدة ومستعدة للحرب بعنف، ومع ذلك فهو يرى من الأفضل عدم تطوير الموقف الحالي إلى اشتباك مسلح. ثم اجتمع الوفد مع وزير الخارجية السوفيتي "أندريه جروميكو" .. الذي تلخص موقفه في "أن لدى الاتحاد السوفيتي قوة بحرية ضخمة في المنطقة، وأنهم على أساس ما قدموه من معلومات للجمهورية العربية المتحدة، وعلى أساس البيانات التي أعلنوها يعتبرون موقفهم واضحاً في تأييد الجمهورية العربية المتحدة وسورية ..".
وفي صباح اليوم التالي قابل الوفد .. رئيس الوزراء السوفيتي "ألكسي كوسيجين" حيث نقل للوفد تـأييد الاتحاد السوفيتي، وشرح وجهة نظر القيادة السوفيتية "أنه من الناحية السياسية انتصرتم (يقصد مصر) .. ومن الناحية العسكرية انتصرتم أيضاً .. ماذا تريديون الآن .. رأيي أنه من الممكن الاكتفاء بما وصلتم إليه .. انسحاب قوات الطوارئ الدولية، ثم سيطرتكم على المضيق. ماذا تريدون أكثر؟؟" .. وواصل تقديره للموقف "يوثانت" قد لكم اقتراحـات، وأنتم قبلتموها، والمهم أن يكون الطرف الآخر على علم بذلك حتى لا تتطور الأمور بصورة مختلفة، عموماً أفضل النقاش على المائدة بدلاً من المعركة في الحرب" ثم جرت مباحثات بالنسبة لمطالب مصر من الأسلحة، رأى من خلالها رئيس الوفد المصري .. أنه لا بد من تدخل القاهرة لحث القيادة السوفيتية للاستجابة لهذه المطالب، وفعلاً تمت اتصالات، وافق بعدها السوفيت على إمداد مصر عاجلاً بالتعاقدات السابقة على أن ينظر في الطلبات الجديدة في خلال شهر …
وأثناء وداع الوفد المصري يوم 27 مايو صباحاً .. "ذكر السيد شمس بدران في مذكرة رفعها إلى المشير عامر" أنه "جريتشكو" وزير الدفاع السوفيتي قال له "اطمئنوا لكل طلباتكم سنعطيها لكم (يقصد الأسلحة) .. .. وأريد أن أوضح لك أنه إذا دخلت أمريكا الحرب فسوف ندخلها بجانبكم .. .. إن اسطولنا في البحر الأبيض قريب من شواطئكم الآن، وبه من المدمرات والغواصات المسلحة بصواريخ وأسلحة لا تعلموها .. هل فهمت تماماً ما أعنيه؟ … أريد أن أؤكد لكم أنه إذا حدث شيء واحتجتم لنا فمجرد إرسال إشارة نحضر لكم فوراً في بور سعيد أو أي مكان …".
زيارة "أوثانت" للقاهرة:. (الوثيقة الرقم 6)
وصل "أوثانت" بعد ظهر يوم 23 مايو إلى القاهرة، حيث أجرى اتصالات تمهيدية، وبدأت مباحثاته الرسمية اعتباراً من صباح يوم 24 مايو مع وزير الخارجية "محود رياض"، ثم كان اللقاء في الثامنة مساء مع الرئيس "عبدالناصر" … حيث دار حديث طويل، وكان الجانب المصري متفهماً لمهمة الأمين العام، الذي كان متفهماً أيضاً من جانبه للموقف المصري. وفي النهاية تم الاتفاق على أن يصدر "أوثانت" نداءاً لإيقاف الإجراءات التي اتخذتها مصر لتفتيش السفن المارة في الخليج على أن تمتنع إسرائيل عن المرور … وتحدد التوقيت بأسبوعين تتصاعد فيها المساعي من الأطراف المختلفة لحل المشكلة عن طريق الأمم المتحدة .. وغادر أوثانت القاهرة يوم 25 مايو ليلحق بجلسات مجلس الأمن التي بدأ انعقادها مساء يوم 24 مايو .. حيث عكف بعد وصوله إلى نيويورك على إعداد التقرير الذي سيقدمه عن الزيارة إلى مجلس الأمن.
وفي يوم 27 مايو 1967 … أصدر "أوثانت" "نداءه" الموجه إلى رئيس الجمهورية العربية المتحدة "طبقاً لاتفاق القاهرة" … ويشمل النداء مقدمة … ثم يدخل في صميم الموضوع حيث يشمل "إنني أطلب وقتاً، ولو فسحة محدودة من الوقت، لكي أستطيع أن أعطي فرصة للمشاورات وللجهود الدولية التي تحاول أن تبحث عن مخرج من الموقف الحرج الراهن. وأريد أن الفت انتباهكم بصفة خاصة … إلى ما قلته في تقريري إلى مجلس الأمن بتاريخ 26 مايو .. إنني أرى أن إيجاد مخرج سلمي من هذه الأزمة يتوقف على فسحة لالتقاط الأنفاس تسمح بتخفيف حدة التوتر من مستواه المتفجر الحالي … وبناء على ذلك فإنني هنا أدعو جميع الأطراف المعنية إلى ممارسة أقصى قدر من ضبط النفس، وإلى تجنب أي أعمال عدائية يكون من شأنها زيادة التوتر. وهدفي من ذلك أن أعطي مجلس الأمن فرصة لعلاج المشاكل التي تنطوي عليها الأزمة، والبحث عن حلولها.
وإنني أناشدك يا سيادة الرئيس كما أناشد رئيس الوزراء "أشكول"، وكل الأطراف المعنية إلى ممارسة أقصى درجات الحذر عند هذا المنعطف الخطير … وبالذات وبدون طلب أي تعهدات منكم .. أو حتى رد، فإني أريد أن أعرب عن الأمل في أن تمتنعوا خلال مدة أسبوعين من لحظة استلامكم لهذه الرسالة، عن أي تدخل في الملاحة غير الإسرائيلية التي تطلب المرور عبر مضايق "تيران".
وفي هذا الخصوص فهـل لي أن أخطركم، وفي كل الأحوال، أن لدي من الأسباب ما يجعلني أفهم أنه في الظروف العادية فإنه ليس متوقعاً أن تحاول أي باخرة تحمل العلم الإسرائيلي عبور مضيق "تيران" خلال مدة الأسبوعين المحددين، بل أني أستطيع أن أؤكد لكم حسب أدق المعلومات لدي، أنه خلال السنتين والنصف الأخيرة في واقع الأمر لم تقم أي باخرة ترفع العلم الإسرائيلي بالمرور في مضايق "تيران" … .
وأستطيع أن أكرر لكم يا سيادة الرئيس، أنني بصفة خاصة، وكذلك المجتمع الدولي كله بصفة عامة، سوف نقدر تقديراً كبيراً هذه المبادرة من جانبكم …".
(وكان تقدير القيادة المصرية – التي وافقت على النداء فوراً – أن وقف الإجراءات يتم في الفترة من 29 مايو "توقيت وصول الخطاب" – حتى 12 يونيه).
د. يحى الشاعر
تم تحرير المشاركة بواسطة يحى الشاعر: Feb 26 2007, 08:32 AM
أولا : الولايات المتحدة ... واشنطن:.
1 - بدأ ـ "أفراييم أيفـرون" الوزير المفوض في السفارة الإسرائيلية في الولايات المتحدة،"والذي تم تعيينه مندوباً للمخابرات الإسرائيلية، ومختص بالتنسيق مع مجلس الأمن القومي الأمريكي – "نشاطه للتنسيق الأمريكي – الإسرائيلي في مجال الاستخبارات .. وكـان رأي إسرائيل كما نقله "أفراييم" أن الوضع الآن أصبح حساساً، وأن إغلاق خليج العقبة معناه الحرب من وجهة نظر إسرائيل وكانت الولايات المتحدة، تتابع الموقف لصالح إسرائيل تماماً.
في الصباح وقع "جونسون" رسالة موجهة إلى رئيس الحكومة السوفيتية تفيد بأن كلا: الحكومتين سوف تساند الطرف التابع لها. ومن ثم سوف ينشأ موقف متدهور في المنطقة ومن ثم يجب اتخاذ إجراء مشترك يمكنهما منه حل الأزمة – ونلاحظ أن المعالجة الأمريكية كانت تستهدف تحييد الاتحاد السوفيتي وتعد تمويهاً جيداً لأن الولايات المتحدة – كانت تعلم – بل ومتورطة – بأن إسرائيل تخطط للحرب منذ فترة.
2 - أعلن الرئيس "جونسون" فور سماع النبأ "أن إغلاق خليج العقبة في وجه الملاحة الإسرائيلية عمل غير شرعي وأن الولايات المتحدة ما زالت ملتزمة بالمحافظة على سلامة جميع دول منطقة الشرق الأوسط … لقد فزعنا بسبب الانسحاب المتسرع لقوات الطوارئ وعموماً كان موقفها ذا شقين متعارضين تماماً الأول دبلوماسي يتلخص في الرسالة الواردة من واشنطن إلى سفيرهم في القاهرة يوم 23 مايو تطلب تأكيد قرار إغلاق المضيق .. وتطلب إذا كان هذا حقيقة "فعلية أن ينقل للحكومة المصرية" قلق واشنطن الشديد من هذا الإجراء" .. كذلك من رسالة الرئيس "جونسون" إلى الرئيس "عبدالنـاصر" التي جاءت في عبارات رقيقة ويقول فيها "أدعوك إلى أن تجعل أولويتك الأولى لشعبك ولمنطقتك وللمجتمع العالمي هدف تجنب قيام أعمال عدوانية". وقد أعقب ذلك بيان رسمي صدر من البيت الأبيض يـوم 23 مايو يحدد النقاط التي أدت إلى التوتر من خرق اتفاقيات الهدنة إلى سحب قوة الطوارئ الدولية، إلى الحشود العسكرية، ثم يحدد الموقف في "أن ما قيل عن إغلاق خليج العقبة في وجه السفن الإسرائيلية قد أضاف بعداً جديداً وخطيراً للأزمة، إن الولايات المتحدة تعد هذا الخليج ممراً مائياً دولياً، وتشعر بأن فرض حصار على سفن إسرائيل أمر غير مشروع، وفيه احتمال لكارثة تحل بقضية السلام .. إن حق المرور الحر البريء في هذا الممر المائي الدولي له أهميته الحيوية للمجتمع الدولي". (الوثيقة الرقم 5).
أما الشق الثاني فقد تكشف يومي 25، 26 مايو من خلال ترحيل الأسر الأمريكية من مصر، ومن إجراءات الرئيس "جونسـون" لتكوين أسطول عالمي لفتح خليج العقبة بالقوة، ومن خلال تحركات بحرية كثيفة لتعزيز الأسطول السادس في البحر الأبيض، والسابع في المحيط الهندي، في نفس الوقت هناك ظواهر كثيرة للتنسيق بين الأسطولين الأمريكي والبريطاني.
الأتحاد السوفييتى ... مـــوســـــكو:.:.
1 - بعد أكثر من أسبوع بدأ أول رد فعل للاتحاد السوفيتي .. وكان الرد على هيئة رسالة من القادة السوفيت سلمت إلى الرئيس "عبدالناصر" مساء يوم 22 مايو (قبل علمهم بإغلاق مضيق العقبة) وتحوي الرسالة تأييداً للموقف المصري .. وقد طلب الرئيس "عبدالناصر" من السفير السوفيتي أن يكون موقفهم أكثر فعالية، لأن الموقف تغير، ولم يعد التهديد موجه إلى سورية، بل إلى مصر ولا بد أن يكون موقف الاتحاد السوفيتي – كقوة عظمى – على مستوى مواجهة القوة العظمى الأخرى – الولايات المتحدة – التي تؤيد إسرائيل وتدعمها تدعيماً مطلقاً .. وقد لبى الاتحاد السوفيتي فعلاً طلب الرئيس من خلال بيان قوي أعلنته القيادة السوفيتية يوم 23 مايو يذكر في أحد فقراته "إن كل من يغامر بشن عدوان في الشرق الأوسط لن يواجه فقط القوى المتحدة للدول العربية، بل سيواجه مقاومة صلبة من الاتحاد السوفيتي والدول المحبة للسلام".
وفي يوم 25 مايو 1967، سافر وفد عسكري مصري رفيع المستوى برئاسة وزير الحربية "شمس بدران" إلى موسكو بهدف التنسيق في مجالات الأمن المتبادل، واستعجال تنفيذ صفقات السلاح وتقديم مطالب جديدة تتناسب مع الموقف واستطلاع رأي موسكو فيما يجري حـالياً في منطقة الشرق الأوسط .. ووصل الوفد – بتوجيهات محددة من الرئيس "عبدالناصر والمشير" – إلى موسكو يوم 25 مايو، وكان أول اجتماع لهم مع الجنرال "جريتشكو" وزير الدفاع السوفيتي حيث كان رأيه الذي نقله إلى الوفد "أنه يرى أن الاستعماريين لن يجرءوا على شن حرب، فالشعوب العربية قوية ومتحدة ومستعدة للحرب بعنف، ومع ذلك فهو يرى من الأفضل عدم تطوير الموقف الحالي إلى اشتباك مسلح. ثم اجتمع الوفد مع وزير الخارجية السوفيتي "أندريه جروميكو" .. الذي تلخص موقفه في "أن لدى الاتحاد السوفيتي قوة بحرية ضخمة في المنطقة، وأنهم على أساس ما قدموه من معلومات للجمهورية العربية المتحدة، وعلى أساس البيانات التي أعلنوها يعتبرون موقفهم واضحاً في تأييد الجمهورية العربية المتحدة وسورية ..".
وفي صباح اليوم التالي قابل الوفد .. رئيس الوزراء السوفيتي "ألكسي كوسيجين" حيث نقل للوفد تـأييد الاتحاد السوفيتي، وشرح وجهة نظر القيادة السوفيتية "أنه من الناحية السياسية انتصرتم (يقصد مصر) .. ومن الناحية العسكرية انتصرتم أيضاً .. ماذا تريديون الآن .. رأيي أنه من الممكن الاكتفاء بما وصلتم إليه .. انسحاب قوات الطوارئ الدولية، ثم سيطرتكم على المضيق. ماذا تريدون أكثر؟؟" .. وواصل تقديره للموقف "يوثانت" قد لكم اقتراحـات، وأنتم قبلتموها، والمهم أن يكون الطرف الآخر على علم بذلك حتى لا تتطور الأمور بصورة مختلفة، عموماً أفضل النقاش على المائدة بدلاً من المعركة في الحرب" ثم جرت مباحثات بالنسبة لمطالب مصر من الأسلحة، رأى من خلالها رئيس الوفد المصري .. أنه لا بد من تدخل القاهرة لحث القيادة السوفيتية للاستجابة لهذه المطالب، وفعلاً تمت اتصالات، وافق بعدها السوفيت على إمداد مصر عاجلاً بالتعاقدات السابقة على أن ينظر في الطلبات الجديدة في خلال شهر …
وأثناء وداع الوفد المصري يوم 27 مايو صباحاً .. "ذكر السيد شمس بدران في مذكرة رفعها إلى المشير عامر" أنه "جريتشكو" وزير الدفاع السوفيتي قال له "اطمئنوا لكل طلباتكم سنعطيها لكم (يقصد الأسلحة) .. .. وأريد أن أوضح لك أنه إذا دخلت أمريكا الحرب فسوف ندخلها بجانبكم .. .. إن اسطولنا في البحر الأبيض قريب من شواطئكم الآن، وبه من المدمرات والغواصات المسلحة بصواريخ وأسلحة لا تعلموها .. هل فهمت تماماً ما أعنيه؟ … أريد أن أؤكد لكم أنه إذا حدث شيء واحتجتم لنا فمجرد إرسال إشارة نحضر لكم فوراً في بور سعيد أو أي مكان …".
زيارة "أوثانت" للقاهرة:. (الوثيقة الرقم 6)
وصل "أوثانت" بعد ظهر يوم 23 مايو إلى القاهرة، حيث أجرى اتصالات تمهيدية، وبدأت مباحثاته الرسمية اعتباراً من صباح يوم 24 مايو مع وزير الخارجية "محود رياض"، ثم كان اللقاء في الثامنة مساء مع الرئيس "عبدالناصر" … حيث دار حديث طويل، وكان الجانب المصري متفهماً لمهمة الأمين العام، الذي كان متفهماً أيضاً من جانبه للموقف المصري. وفي النهاية تم الاتفاق على أن يصدر "أوثانت" نداءاً لإيقاف الإجراءات التي اتخذتها مصر لتفتيش السفن المارة في الخليج على أن تمتنع إسرائيل عن المرور … وتحدد التوقيت بأسبوعين تتصاعد فيها المساعي من الأطراف المختلفة لحل المشكلة عن طريق الأمم المتحدة .. وغادر أوثانت القاهرة يوم 25 مايو ليلحق بجلسات مجلس الأمن التي بدأ انعقادها مساء يوم 24 مايو .. حيث عكف بعد وصوله إلى نيويورك على إعداد التقرير الذي سيقدمه عن الزيارة إلى مجلس الأمن.
وفي يوم 27 مايو 1967 … أصدر "أوثانت" "نداءه" الموجه إلى رئيس الجمهورية العربية المتحدة "طبقاً لاتفاق القاهرة" … ويشمل النداء مقدمة … ثم يدخل في صميم الموضوع حيث يشمل "إنني أطلب وقتاً، ولو فسحة محدودة من الوقت، لكي أستطيع أن أعطي فرصة للمشاورات وللجهود الدولية التي تحاول أن تبحث عن مخرج من الموقف الحرج الراهن. وأريد أن الفت انتباهكم بصفة خاصة … إلى ما قلته في تقريري إلى مجلس الأمن بتاريخ 26 مايو .. إنني أرى أن إيجاد مخرج سلمي من هذه الأزمة يتوقف على فسحة لالتقاط الأنفاس تسمح بتخفيف حدة التوتر من مستواه المتفجر الحالي … وبناء على ذلك فإنني هنا أدعو جميع الأطراف المعنية إلى ممارسة أقصى قدر من ضبط النفس، وإلى تجنب أي أعمال عدائية يكون من شأنها زيادة التوتر. وهدفي من ذلك أن أعطي مجلس الأمن فرصة لعلاج المشاكل التي تنطوي عليها الأزمة، والبحث عن حلولها.
وإنني أناشدك يا سيادة الرئيس كما أناشد رئيس الوزراء "أشكول"، وكل الأطراف المعنية إلى ممارسة أقصى درجات الحذر عند هذا المنعطف الخطير … وبالذات وبدون طلب أي تعهدات منكم .. أو حتى رد، فإني أريد أن أعرب عن الأمل في أن تمتنعوا خلال مدة أسبوعين من لحظة استلامكم لهذه الرسالة، عن أي تدخل في الملاحة غير الإسرائيلية التي تطلب المرور عبر مضايق "تيران".
وفي هذا الخصوص فهـل لي أن أخطركم، وفي كل الأحوال، أن لدي من الأسباب ما يجعلني أفهم أنه في الظروف العادية فإنه ليس متوقعاً أن تحاول أي باخرة تحمل العلم الإسرائيلي عبور مضيق "تيران" خلال مدة الأسبوعين المحددين، بل أني أستطيع أن أؤكد لكم حسب أدق المعلومات لدي، أنه خلال السنتين والنصف الأخيرة في واقع الأمر لم تقم أي باخرة ترفع العلم الإسرائيلي بالمرور في مضايق "تيران" … .
وأستطيع أن أكرر لكم يا سيادة الرئيس، أنني بصفة خاصة، وكذلك المجتمع الدولي كله بصفة عامة، سوف نقدر تقديراً كبيراً هذه المبادرة من جانبكم …".
(وكان تقدير القيادة المصرية – التي وافقت على النداء فوراً – أن وقف الإجراءات يتم في الفترة من 29 مايو "توقيت وصول الخطاب" – حتى 12 يونيه).
د. يحى الشاعر
تم تحرير المشاركة بواسطة يحى الشاعر: Feb 26 2007, 08:32 AM